حكاية ناي ♔
01-10-2023, 08:46 AM
الحمد لله على نعمه الظاهرة والباطنة، أحمده حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وأصلي وأسلم على من لا نبي بعده، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
وبعد:
أخي القارئ أختي القارئة، اعلموا رحمكم الله تعالى، أنه تقدم الحديث عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الكلام، وبمشيئة الله تعالى نتابع الحديث عن ذات الموضوع، سائلا الله تعالى لكم التوفيق والسداد، وأن يلهمكم البِّر والرشاد، ويزيدكم من كرمه فضله، وأن يرزقكم طريق الأخيار الأبرار.
كلامه -صلى الله عليه وسلم- مع أهله مؤانسة وملاطفة ومحبة:
قَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ[1] لِأُمِّ زَرْعٍ»[2].
وهذا جزء من حديث طويل مشهور (حديث أم زرع)، وفيه: جلس إحدى عشرة امرأة، فتعاهدن وتعاقدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئًا... إلى آخر الحديث.
وقوله - عليه الصلاة والسلام -: " كنت لك كأبي زرع لأم زرع ": تطييبًا لنفسها، ومبالغة في حسن عشرتها [3].
قال القاضي عياض: وبالجملة، فكلام هؤلاء النسوة من الكلام الفصيح الألفاظ، الصحيح الأغراض البليغ العبارة... فأنت إذا تأملت كلام أم زرع وجدته مع كثرة فصوله وقلة فضوله مختار الكلمات واضح السمات نير النسمات قد قدرت ألفاظه قدر معانيه[4].
وقد اعتنى العلماء بحديث أم زرع، وأفرده بعضهم بالتأليف، منهم القاضي عياض رحمه الله، كتاب سَمَّاهُ: (بغيةُ الرَّائد فيما في حديث أمِّ زرع من الفوائد) وهو مخطوط ومطبوع.
كان كلامه صلى الله عليه وسلم يسمع المنتبه ولا يزعج النَّائم:
عن المقداد رضي الله عنه في حديثه الطويل، أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان: « يَجِي مِنَ اللَّيْلِ فَيُسَلِّمُ تَسْلِيمًا لَا يُوقِظُ نَائِمًا، وَيُسْمِعُ الْيَقْظَانَ»[5].
عن ابن عمر: إذا سلمت فأسمع فإنها تحية من عند الله؛ لكن يستثنى من رفع الصوت ما إذا كان بحضرة نيام فقد كان صلى الله عليه وسلم من الليل فيسلم تسليمًا لا يوقظ نائمًا ويسمع اليقظان[6].
من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الكلام، المبالغة في الترتيل والتفهيم:
عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان «يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ عَدَّهُ العَادُّ لَأَحْصَاهُ»[7].
قال الصنعاني: كان يحدث حديثًا، أي: لا يسرع فيه ولا يخلله السكتات فيقطعه بل يبالغ في إفصاحه وبيانه بحيث لو عده العاد لأحصاه، أي: لو عد كلماته أو حروفه لأدرك ذلك لوضوح ألفاظه وفصاحتها وبيانها، ومنه يؤخذ أنه يحسن الإبانة للحديث والإبلاغ في إفصاحه والأناة في التحدث[8].
كان يتكلم صلى الله عليه وسلم بكلام واضح مفهوم:
وعن عائشة رضي الله عنها أيضًا، قَالتْ: « إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الحَدِيثَ كَسَرْدِكُمْ»[9].
قال ابن حجر: لم يكن يسرد الحديث كسردكم أي يتابع الحديث استعجالا بعضه إثر بعض لئلا يلتبس على المستمع[10].
كان كلام النبي الله صلى الله عليه وسلم، يحفظه كل من يسمعه:
للترمذي من حديث عائشة أيضًا، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كَانَ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمٍ يُبَيِّنُهُ، فَصْلٌ، يَحْفَظُهُ مَنْ جَلَسَ إِلَيْهِ »[11].
والمقصود بكلام بين فصل: أي فاصلا بين الحق والباطل وآثره عليه لأنه أبلغ أو مفصولا عن الباطل أو مصونا عنه فليس في كلامه باطل أصلا أو مختصا أو متميزا في الدلالة على معناه وحاصله أنه بين المعنى لا يلتبس على أحد بل يفهمه كل من سمعه من العرب وغيرهم لظهوره وتفاصيل حروفه وكلماته واقتداره لكمال فصاحته على إيضاح الكلام وتبيينه[12].
التكنية عما يستقبح ذكرُه:
عن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام بعد أن رجم الأسلمي فقال: «اجْتَنِبُوا هَذِهِ الْقَاذُورَةَ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا فَمَنْ أَلَمَّ فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ وَلْيُتُبْ إِلَى اللَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِلْنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»[13].
قال المناوي: فقوله: " اجتنبوا هذه القاذورات" جمع قاذورة وهي كل قول أو فعل يستفحش ويستقبح لكن المراد هنا الفاحشة يعني الزنا، " التي نهى الله تعالى عنها" أي حرمها، "فمن ألم" بالتشديد "بشيء منها" أي قارب مواقعته " فليستتر بستر الله وليتب إلى الله" بالندم والرجوع والعزم على عدم العود "فإنه" أي الشأن "من يبدلنا صفحته" أي من يظهر لنا فعله الذي حقه الستر والإخفاء والمراد من يظهر لنا ما ستره أفضل مما يوجب حد الله والصفحة الجنب والمصافح من يزني بكل امرأة حرة أو أمة "نقم عليه" معشر الحكام "كتاب الله" أي الحد الذي شرعه الله في كتابه والسنة من الكتاب [14].
وجملة القول في كلام النبي صلى الله عليه وسلم:
وصفته أُمُّ مَعْبَد رضي الله عنها: إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سَماهُ وعَلاهُ الْبَهاءُ، أجمل الناس وأبهاهمُ من بعيد، وأحْلاهُ وَأَحْسنهُ من قريب، حُلْوُ المنْطقِ، فصلٌ لَا هذرٌ ولا تَزرٌ، كأن منْطقهُ خرزاتٌ نظْمٌ يَتحدَّرْنَ[15].
ختامًا:
اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وأسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك قلبا سليما، ولسانا صادقا، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم؛ إنك أنت علام الغيوب[16].
وبعد:
أخي القارئ أختي القارئة، اعلموا رحمكم الله تعالى، أنه تقدم الحديث عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الكلام، وبمشيئة الله تعالى نتابع الحديث عن ذات الموضوع، سائلا الله تعالى لكم التوفيق والسداد، وأن يلهمكم البِّر والرشاد، ويزيدكم من كرمه فضله، وأن يرزقكم طريق الأخيار الأبرار.
كلامه -صلى الله عليه وسلم- مع أهله مؤانسة وملاطفة ومحبة:
قَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ[1] لِأُمِّ زَرْعٍ»[2].
وهذا جزء من حديث طويل مشهور (حديث أم زرع)، وفيه: جلس إحدى عشرة امرأة، فتعاهدن وتعاقدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئًا... إلى آخر الحديث.
وقوله - عليه الصلاة والسلام -: " كنت لك كأبي زرع لأم زرع ": تطييبًا لنفسها، ومبالغة في حسن عشرتها [3].
قال القاضي عياض: وبالجملة، فكلام هؤلاء النسوة من الكلام الفصيح الألفاظ، الصحيح الأغراض البليغ العبارة... فأنت إذا تأملت كلام أم زرع وجدته مع كثرة فصوله وقلة فضوله مختار الكلمات واضح السمات نير النسمات قد قدرت ألفاظه قدر معانيه[4].
وقد اعتنى العلماء بحديث أم زرع، وأفرده بعضهم بالتأليف، منهم القاضي عياض رحمه الله، كتاب سَمَّاهُ: (بغيةُ الرَّائد فيما في حديث أمِّ زرع من الفوائد) وهو مخطوط ومطبوع.
كان كلامه صلى الله عليه وسلم يسمع المنتبه ولا يزعج النَّائم:
عن المقداد رضي الله عنه في حديثه الطويل، أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان: « يَجِي مِنَ اللَّيْلِ فَيُسَلِّمُ تَسْلِيمًا لَا يُوقِظُ نَائِمًا، وَيُسْمِعُ الْيَقْظَانَ»[5].
عن ابن عمر: إذا سلمت فأسمع فإنها تحية من عند الله؛ لكن يستثنى من رفع الصوت ما إذا كان بحضرة نيام فقد كان صلى الله عليه وسلم من الليل فيسلم تسليمًا لا يوقظ نائمًا ويسمع اليقظان[6].
من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الكلام، المبالغة في الترتيل والتفهيم:
عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان «يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ عَدَّهُ العَادُّ لَأَحْصَاهُ»[7].
قال الصنعاني: كان يحدث حديثًا، أي: لا يسرع فيه ولا يخلله السكتات فيقطعه بل يبالغ في إفصاحه وبيانه بحيث لو عده العاد لأحصاه، أي: لو عد كلماته أو حروفه لأدرك ذلك لوضوح ألفاظه وفصاحتها وبيانها، ومنه يؤخذ أنه يحسن الإبانة للحديث والإبلاغ في إفصاحه والأناة في التحدث[8].
كان يتكلم صلى الله عليه وسلم بكلام واضح مفهوم:
وعن عائشة رضي الله عنها أيضًا، قَالتْ: « إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الحَدِيثَ كَسَرْدِكُمْ»[9].
قال ابن حجر: لم يكن يسرد الحديث كسردكم أي يتابع الحديث استعجالا بعضه إثر بعض لئلا يلتبس على المستمع[10].
كان كلام النبي الله صلى الله عليه وسلم، يحفظه كل من يسمعه:
للترمذي من حديث عائشة أيضًا، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كَانَ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمٍ يُبَيِّنُهُ، فَصْلٌ، يَحْفَظُهُ مَنْ جَلَسَ إِلَيْهِ »[11].
والمقصود بكلام بين فصل: أي فاصلا بين الحق والباطل وآثره عليه لأنه أبلغ أو مفصولا عن الباطل أو مصونا عنه فليس في كلامه باطل أصلا أو مختصا أو متميزا في الدلالة على معناه وحاصله أنه بين المعنى لا يلتبس على أحد بل يفهمه كل من سمعه من العرب وغيرهم لظهوره وتفاصيل حروفه وكلماته واقتداره لكمال فصاحته على إيضاح الكلام وتبيينه[12].
التكنية عما يستقبح ذكرُه:
عن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام بعد أن رجم الأسلمي فقال: «اجْتَنِبُوا هَذِهِ الْقَاذُورَةَ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا فَمَنْ أَلَمَّ فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ وَلْيُتُبْ إِلَى اللَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِلْنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»[13].
قال المناوي: فقوله: " اجتنبوا هذه القاذورات" جمع قاذورة وهي كل قول أو فعل يستفحش ويستقبح لكن المراد هنا الفاحشة يعني الزنا، " التي نهى الله تعالى عنها" أي حرمها، "فمن ألم" بالتشديد "بشيء منها" أي قارب مواقعته " فليستتر بستر الله وليتب إلى الله" بالندم والرجوع والعزم على عدم العود "فإنه" أي الشأن "من يبدلنا صفحته" أي من يظهر لنا فعله الذي حقه الستر والإخفاء والمراد من يظهر لنا ما ستره أفضل مما يوجب حد الله والصفحة الجنب والمصافح من يزني بكل امرأة حرة أو أمة "نقم عليه" معشر الحكام "كتاب الله" أي الحد الذي شرعه الله في كتابه والسنة من الكتاب [14].
وجملة القول في كلام النبي صلى الله عليه وسلم:
وصفته أُمُّ مَعْبَد رضي الله عنها: إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سَماهُ وعَلاهُ الْبَهاءُ، أجمل الناس وأبهاهمُ من بعيد، وأحْلاهُ وَأَحْسنهُ من قريب، حُلْوُ المنْطقِ، فصلٌ لَا هذرٌ ولا تَزرٌ، كأن منْطقهُ خرزاتٌ نظْمٌ يَتحدَّرْنَ[15].
ختامًا:
اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وأسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك قلبا سليما، ولسانا صادقا، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم؛ إنك أنت علام الغيوب[16].