حكاية ناي ♔
01-10-2023, 08:48 AM
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
الإخوة والأخوات الأكارم حياكم الله وبياكم وجعل الجنة مثواي ومثواكم، أحيطكم علمًا أن هذا هو اللقاء الخامس في الحديث عن/ هدي النبي صلى الله عليه وسلم في السلام، سائلًا اللهَ أن ينفع بهذا العمل ويبارك فيه، وأن يجعله عملًا خالصًا لوجهه تعالى، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أُمِرَ صلى الله عليه وسلَّم بِالتَّسْلِيمِ على الأنبياء الذين لقيهم في السموات:
في السنَّة الصحيحة روايات ثابته ومطولة، أن النبي صلى الله عليه وسلَّمالتقى بإخوانه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وسلّم عليهم، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَدَّثَهُمْ عَنْ «لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ: حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الخَامِسَةَ، فَإِذَا هَارُونُ، قَالَ: هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ»[1].
قال الطيبي، قال التُّورِبِشْتِيُّ: أُمِرَ صلى الله عليه وسلَّمبالتسليم عليهم لأنه كان عابرا عليهم، وكان في حكم القيام وكانوا في حكم القعود، والقائم يسلم على القاعد، وإن كان أفضل منه، وكيف لا؟ والحديث دل على أنه أعلى رتبة وأقوى حالا وأتم رؤية وعروجا[2].
وقد اقتصر الأنبياء على قولهم: (مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح)؛ لأن الصلاح صفة تشمل جميع خصائل الخير وشمائل الكرم، ولذا قيل: الصالح من يقوم بما يلزمه من حقوق الله وحقوق عباده، ولذا ورد في الدعاء على ألسنة الأنبياء: توفني مسلما وألحقني بالصالحين، ويمكن أن يكون المراد به الصالح لهذا المقام العالي، والصعود المتعالي[3].
كان صلى الله عليه وسلم - يُسَلِّمُ على الموتى، ويدعوا لهم بالمغفرة والرحمة:
ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم سلّم على أهل المقابر بألفاظ متشابهة، وفي ذلك أحاديث كثيرة منها: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى الْمَقْبُرَةِ فَقَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ»[4].
قال القاضي عياض: وخروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى القبور وسلامه عليهم، فيه جواز زيارة القبور للاعتبار والدعاء لهم، وجواز الترحم على أهل القبور والاستغفار لهم[5].
كان من هديه صلى الله عليه وسلم أن لا يبدء أهل الذمة [6]بالسلام:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلَامِ، فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ، فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ»[7].
قال ابن القيم: اختلف السلف والخلف في ذلك، فقال أكثرهم: لا يبدءون بالسلام، وذهب آخرون إلى جواز ابتدائهم كما يرد عليهم...، واختلفوا في وجوب الرد عليهم، فالجمهور على وجوبه، وهو الصواب، وقالت طائفة: لا يجب الرد عليهم، كما لا يجب على أهل البدع وأولى، والصواب الأول[8].
هديه صلى الله عليه وسلم في رَدِّ السلام على أهل الذمة:
عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ اليَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ: عَلَيْكُمُ السَّامُ[9] وَاللَّعْنَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَقَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ»[10].
قال الخطابي: في الحديث من الفقه: أن من دعا على رجل بالهلاك وبما أشبه ذلك من المكروه لم يكن/ حكمه حكم المفتري فيما يلزمه من حدّ، أو تعزير، وذلك أن السَّاب إنما يريد شينه وعيبه بسبه أو عارًا يلصقه به وإنما هذا شيء دعا الله به عليه والله عز وجل لا يستجب دعاء الظالم فيه، فلم يجد الدعاء بالهلاك ونحوه منه محلًا، كما يجد الشتم من عرض المشتوم موقعًا؛ إذا أضاف الأمر القبيح إليه[11].
وجملة القول:
• إثبات الاستئذان والسلام على القادم لا على صاحب البيت.
• مشروعية زيارة القبور للاعتبار ونفع الأموات بالتسليم عليهم، والدعاء والاستغفار لهم، وفي هذا دلالة على طهارة النفس وكرم العَهدِ.
• جواز رد السلام بغير لفظ السلام.
• يقدم الدعاء على الاسم في الدعاء بالخير، ويقدم اسم المدعو عليه في الشر.
• رد السلام على أهل الذمة لا يمنع، ويكره ابتداؤهم بالسلام، يجوز ابتداؤهم للضرورة والحاجة.
ختامًا:
أسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعًا لما يحبه ويرضاه، ويرزقنا حسن الختام، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.
أما بعد:
الإخوة والأخوات الأكارم حياكم الله وبياكم وجعل الجنة مثواي ومثواكم، أحيطكم علمًا أن هذا هو اللقاء الخامس في الحديث عن/ هدي النبي صلى الله عليه وسلم في السلام، سائلًا اللهَ أن ينفع بهذا العمل ويبارك فيه، وأن يجعله عملًا خالصًا لوجهه تعالى، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أُمِرَ صلى الله عليه وسلَّم بِالتَّسْلِيمِ على الأنبياء الذين لقيهم في السموات:
في السنَّة الصحيحة روايات ثابته ومطولة، أن النبي صلى الله عليه وسلَّمالتقى بإخوانه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وسلّم عليهم، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَدَّثَهُمْ عَنْ «لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ: حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الخَامِسَةَ، فَإِذَا هَارُونُ، قَالَ: هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ»[1].
قال الطيبي، قال التُّورِبِشْتِيُّ: أُمِرَ صلى الله عليه وسلَّمبالتسليم عليهم لأنه كان عابرا عليهم، وكان في حكم القيام وكانوا في حكم القعود، والقائم يسلم على القاعد، وإن كان أفضل منه، وكيف لا؟ والحديث دل على أنه أعلى رتبة وأقوى حالا وأتم رؤية وعروجا[2].
وقد اقتصر الأنبياء على قولهم: (مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح)؛ لأن الصلاح صفة تشمل جميع خصائل الخير وشمائل الكرم، ولذا قيل: الصالح من يقوم بما يلزمه من حقوق الله وحقوق عباده، ولذا ورد في الدعاء على ألسنة الأنبياء: توفني مسلما وألحقني بالصالحين، ويمكن أن يكون المراد به الصالح لهذا المقام العالي، والصعود المتعالي[3].
كان صلى الله عليه وسلم - يُسَلِّمُ على الموتى، ويدعوا لهم بالمغفرة والرحمة:
ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم سلّم على أهل المقابر بألفاظ متشابهة، وفي ذلك أحاديث كثيرة منها: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى الْمَقْبُرَةِ فَقَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ»[4].
قال القاضي عياض: وخروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى القبور وسلامه عليهم، فيه جواز زيارة القبور للاعتبار والدعاء لهم، وجواز الترحم على أهل القبور والاستغفار لهم[5].
كان من هديه صلى الله عليه وسلم أن لا يبدء أهل الذمة [6]بالسلام:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلَامِ، فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ، فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ»[7].
قال ابن القيم: اختلف السلف والخلف في ذلك، فقال أكثرهم: لا يبدءون بالسلام، وذهب آخرون إلى جواز ابتدائهم كما يرد عليهم...، واختلفوا في وجوب الرد عليهم، فالجمهور على وجوبه، وهو الصواب، وقالت طائفة: لا يجب الرد عليهم، كما لا يجب على أهل البدع وأولى، والصواب الأول[8].
هديه صلى الله عليه وسلم في رَدِّ السلام على أهل الذمة:
عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ اليَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ: عَلَيْكُمُ السَّامُ[9] وَاللَّعْنَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْلًا يَا عَائِشَةُ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَقَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ»[10].
قال الخطابي: في الحديث من الفقه: أن من دعا على رجل بالهلاك وبما أشبه ذلك من المكروه لم يكن/ حكمه حكم المفتري فيما يلزمه من حدّ، أو تعزير، وذلك أن السَّاب إنما يريد شينه وعيبه بسبه أو عارًا يلصقه به وإنما هذا شيء دعا الله به عليه والله عز وجل لا يستجب دعاء الظالم فيه، فلم يجد الدعاء بالهلاك ونحوه منه محلًا، كما يجد الشتم من عرض المشتوم موقعًا؛ إذا أضاف الأمر القبيح إليه[11].
وجملة القول:
• إثبات الاستئذان والسلام على القادم لا على صاحب البيت.
• مشروعية زيارة القبور للاعتبار ونفع الأموات بالتسليم عليهم، والدعاء والاستغفار لهم، وفي هذا دلالة على طهارة النفس وكرم العَهدِ.
• جواز رد السلام بغير لفظ السلام.
• يقدم الدعاء على الاسم في الدعاء بالخير، ويقدم اسم المدعو عليه في الشر.
• رد السلام على أهل الذمة لا يمنع، ويكره ابتداؤهم بالسلام، يجوز ابتداؤهم للضرورة والحاجة.
ختامًا:
أسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعًا لما يحبه ويرضاه، ويرزقنا حسن الختام، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.