مشاهدة النسخة كاملة : معرفة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم (2)


حكاية ناي ♔
01-12-2023, 07:55 PM
قال المصنف -رحمه الله تعالى-: (الأَصْلُ الثَّالِثُ: مَعْرِفَةُ نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم).
♦♦♦♦♦


(الأصل الثالث) من أصول الدين الثلاثة التي يجب على العبد معرفتها: (معرفة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم )؛ فإنه عليه الصلاة والسلام هو الواسطة بيننا وبين الله تعالى، فلا يمكن معرفة الأصل الأول الذي هو معرفة الرب جل جلاله، ولا الأصل الثاني الذي هو معرفة دين الإسلام، إلا بالواسطة بيننا وبين الله، وهو الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فتحتمت معرفته صلى الله عليه وسلم وصارت أصلا ثالثاً.
♦♦♦♦♦


تقدم ذكر المرسِل: وهو الله جل وعلا، وذكر الرسالة: وهي دين الإسلام، وهنا يتحدث المصنف عن الُمرْسَل أو الرسول، وهو محمد صلى الله عليه وسلم، فمعرفته واجبة[1]؛ فالأصل الأول: معرفة العبد ربه، يعني: معبوده؛ والأصل الثاني: معرفة دين الإسلام بالأدلة؛ وذكر هنا الأصل الثالث: معرفة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والمراد بالمعرفة هنا: العلم به على ما سبق في الكلام على الأصل الأول، فقوله: (معرفة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم ) معناه: العلم به وبحاله؛ أي: العلم بنسبه، وأنه نبئ وأُرسل وقام داعياً يدعو إلى التوحيد، ويُنْذر عن الشرك، وما يتصل بذلك من المباحث مما سيذكره المصنف، فحقيقة هذا الأصل العلم ببعض سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا العلم متعين لتكون الشهادة بأن محمداً رسول الله على علم ومعرفة [2].
♦♦♦♦♦


قال المصنف -رحمه الله تعالى-: (وَهُوَ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، وَهَاشِمٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَقُرَيْشٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَالْعَرَبُ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَالسَّلامِ).


(و) نبينا صلى الله عليه وسلم له عدة أسماء أشهرها: (هو: محمد)، ومعناه: الذي يحمد أكثر مما يحمد غيره، ولقبه أبو القاسم، ووالده: (عبد الله)، وهو الذبيح الثاني المفدى بمائة من الإبل، وجده: (عبد المطلب)، واسمه شيبة، ويقال له: شيبة الحمد؛ لجوده، وجماع أمر قريش إليه، وإنما سمي بعبد المطلب؛ لأن عمه المطلب قدم به مكة وهو رديفه، وقد تغير لونه بالسفر فحسبوه عبداً له، فقالوا: هذا عبدُ المطلب، أي: عبدٌ للمطلب، فعلق به الاسم، ووالد عبد المطلب هو: (هاشم)، واسمه عمرو؛ وإنما سمي هاشماً لهشمه الثريد مع اللحم لقومه في سني الجوع، (وهاشم من) قبيلة (قريش)، وهي أشهر وأشرف قبائل العرب، (وقريش) أصلها (من العرب)، فهي قبيلة عربية، (والعرب من ذرية)، أي: من سلالة (إسماعيل بن إبراهيم الخليل) أبي الأنبياء، وإمام الحنفاء (عليه وعلى نبينا) محمد (أفضل الصلاة والسلام)، فإبراهيم عليه السلام بعد كبر سنه وهَبَه الله بولدٍ سماه إسماعيل، وإسماعيل عليه السلام خرج من نسله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي جاء مجدداً لدعوة أبيه إبراهيم عليه السلام، وباعثاً لرسالته، فهو موصول به نسباً ودعوةً، فنسبه ينتهي إلى إبراهيم الخليل، ودعوته موافقة لما جاء به إبراهيم عليه الصلاة والسلام[3].
♦♦♦♦♦


قال المصنف -رحمه الله تعالى- في بيان معرفة هذا الأصل: (وهو: محمد ابن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم)، وهذا فيه بيان نسب النبي صلى الله عليه وسلم، ونسبُهُ صلى الله عليه وسلم في الذروة من قومه، وقومه في الذروة من العرب، فهو أشرف العرب نسباً صلى الله عليه وسلم؛ وهو خير أهل الأرض نسباً على الإطلاق، فلنسبه من الشرف أعلى ذروة، وأعداؤه كانوا يشهدون له بذلك، ولهذا شهد له به عدوه إذ ذاك أبو سفيان بين يدي ملك الروم، فأشرف القوم قومه، وأشرف القبائل قبيلته، وأشرف الأفخاذ فخذه، فهو: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وإلى هاهنا معلوم الصحة متفق عليه بين النسابين، ولا خلاف فيه البتة، ولا خلاف بينهم أيضاً أن (عدنان) من ولد إسماعيل، وما فوق (عدنان) مختلف فيه، والنسَّابون يصلون بالنسب تارات بأنساب القبائل إلى إسماعيل، ولكن المعروف عند العرب في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقبله، أنهم يمكنهم وصل أنسابهم إلى عدنان، وأما بعد ذلك إلى إسماعيل فإنه لا يثبت ولا يمكن التصديق به [4].

والنبي صلى الله عليه وسلم له عدة أسماء، وقد ورد عن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنا محمد، وأحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب)[5]، وهو نبي التوبة، ونبي الرحمة، ونبي الملحمة، فهذه كلها أسماؤه عليه الصلاة والسلام، لكن أشهرها وأفضلها وأعظمها محمد الذي سماه به أهله، وجاء في القرآن.

وتسميته عليه الصلاة والسلام بمحمد: قال طائفة من أهل العلم: إنه لم يُسمَّ قبله عليه الصلاة والسلام في العرب أحدٌ بهذا الاسم، وإنما كانت العرب تُسمي أحمد، وتسمي حمد، وكل ذلك مشتق من الحمد رغبة في أن يكون هذا الولد من ذوي الحمد، وممن يحمده الناس على خصاله؛ وقال آخرون: بل العرب تَسَمَّت بمحمد، لكنه قليل، إمّا اثنان أو ثلاثة، وهذا الثاني صحيح، إن صح النقل عن أهل التاريخ بتسمية أولئك النفر بمحمد، ممن هم في عصره عليه الصلاة والسلام، أو قبل ذلك بقليل [6].

قال المصنف: (وهاشم من قريش، وقريش من العرب): أنهى المصنف جر نسبه عليه الصلاة والسلام في سرد أجداده إلى هاشم؛ لأنه كان من أشهرهم، ولهذا يُقال له عليه الصلاة والسلام هو وقبيلته: بنو هاشم؛ ثم ذكر المصنف أن هاشماً من القبيلة المعروفة من قبائل العرب، وهي قريش؛ ثم بين أن قريشاً من العرب[7]؛ وسُمي العرب عرباً لإعرابهم الكلام ولفصاحتهم وبلاغتهم، فهو عليه الصلاة والسلام هاشمي قرشي عربي.

قال: (والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام)، يعني: أن قبائل العرب المعروفة قريش، وهذيل، وبنو تميم، وبنو دوس إلى آخره، هؤلاء جميعاً من ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام، قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم)[8]؛ فإذاً النبي عليه الصلاة والسلام ابنٌ لعبد الله، وهو والده الأدنى، وابن لإسماعيل بن إبراهيم، وهو والده الأعلى، وقول المصنف: (والعرب من ذرية إسماعيل): يقتضي أن العرب جميعاً كُلُّها من ذرية إسماعيل، فيدخل في ذلك القبائل العدنانية والقبائل القحطانية، وهذا أصح القولين عند علماء النسب، وهو اختيار جماعة منهم محمد بن إسحاق، والزبير بن بكار، وقد بوَّب البخاري: "باب نسبة أهل اليمن إلى إسماعيل"، فالعرب قاطبة كلهم أبوهم إسماعيل [9].

رحيق الورد
01-12-2023, 08:00 PM
جزاك الله خيـر
وبارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما

حكاية ناي ♔
01-14-2023, 04:05 PM
اسعدني حضوركم