مشاهدة النسخة كاملة : خطبة النبي محمد ﷺ من الميلاد الي البعثة . الشيخ ثروت سويف


عازف الناي
09-26-2022, 12:45 AM
خطبة الجمعة ٤ ربيع الأول ١٤٤٤هـ٣٠ /٩/ ٢٠٢٢م
( النبي محمد ﷺ من الميلاد الي البعثة)
اقرأ في هذه الخطبة
اولا : مولد محمد ﷺ نور يتجدد
ثانيا : نشأت النبي ﷺ ورعايته
ثالثا : النبي ﷺ في شبابه قبل البعثة
الخطبة الاولي
الحمد لله الذي أرسل إلينا رسوله خير الأنام ورسول الملك العلام فجاءنا بشريعة كالشمس في ضحاها وبسنة كالقمر اذا تلاها فأبان لنا الحق جليا كالنهار إذا جلاها وطمس الكفر كالليل اذا يغشاها
واشهد أن لا إله إلا الله رفع السماء وبناها وبسط الأرض وطحاها وخلق النفس فسواها فألهما فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها
واشهد أن محمداً عبده ورسوله أخبره ربه عن ثمود وطغواه وأبان له أنه انبعث منهم أشقاها وان صالحا حذرهم من ناقة الله وسقياها فلما كذبوه وعقروها دمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها فلم يرد عذابه عنهم أحدا لانه جبار السماوات والأرض منتقم لا يخاف عقباها
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين الي يوم أن تؤتي النفوس كتبها بيمناها أو يسراها
أما بعد
فاننا اليوم مع المصطفى والنبي المجتبى نبي الرحمة والهدي انها ذكرى تعطرت بها الدنيا انه سيد السادات محمد
سيدى أبا القاسم يا رسول الله ﷺ
ياسيد العقلاء يا خير الوري. يا من اتيت الي الحياة مبشرا
وبعثت بالقرآن فينا هاديا. وطلعت في الأكوان بدراً نيرا
والله ما خلق الاله ولا بري بشرا يرى كمحمد بين الورى ﷺ
اولا : مولد محمد ﷺ نور يتجدد
يقول ربنا جل وعلا ( يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) المائدة
يقول الطبرى في تفسيره لهذه الاية
يقول جل ثناؤه لهؤلاء الذين خاطبهم من أهل الكتاب:"قد جاءكم"، يا أهل التوراة والإنجيل "من الله نور"، يعني بالنور، محمدًا ﷺ الذي أنار الله به الحقَّ، وأظهر به الإسلام، ومحق به الشرك، فهو نور لمن استنار به يبيِّن الحق. ومن إنارته الحق، تبيينُه لليهود كثيرًا مما كانوا يخفون من الكتاب.
تـجلى مـولد الهادي وعمت بـشائره الـبوادي والـقصابا
وأسـدت لـلبرية بنت وهب يـدا بـيضاء طـوقت الرقابا
لـقد وضـعته وهـاجا مـنيرا كـما تـلد الـسماوات الشهابا
فـقام عـلى سماء البيت نورا يـضيء جـبال مـكة و النقابا
وضـاعت يثرب الفيحاء مسكا وفـاح الـقاع أرجـاء وطابا
أبـا الزهراء قد جاوزتُ قدري بـمدحك بـيد أن لـي انتسابا
فـما عـرف الـبلاغة ذو بيان إذا لــم يـتخذك لـه كـتابا
مـدحت الـمالكين فزدت قدرا فـحين مـدحتك اقتدت السحابا
من ارهاصات مولده ﷺ
رُوِيَ أن إرهاصات البعثة المحمدية وقعت عند الميلاد، فسقطت أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى، وخمدت النار التي يعبدها المجوس، وانهدمت الكنائس حول بحيرة ساوة بعد أن غاضت، ورأى الموبذان إبلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت فى بلادهم، فلما أصبح كسرى أفزعه ذلك، فتصبر عليه تشجعا، ثم رأى أنه لا يدخر ذلك عن مرازبته، فجمعهم ولبس تاجه وجلس على سريره، ثم بعث إليهم، فلما اجتمعوا عنده قال: أتدرون فيم بعثت إليكم؟ قالوا: لا، إلا أن يخبرنا الملك ذلك.
فبينما هم كذلك إذ ورد عليهم كتاب خمود النيران، فازداد غما إلى غمه، ثم أخبرهم بما رأى وما هاله، فقال الموبذان - وأنا أصلح الله الملك - قد رأيت فى هذه الليلة رؤيا، ثم قصَّ عليه رؤياه فى الإبل. فقال: أى شىء يكون هذا يا موبذان؟.
قال: حدث يكون فى ناحية العرب.
فعلم بعد ذلك أنه ميلاد النبي ﷺ روى ذلك الطبري والبيهقي وغيرهم
وولد عند الفجر آذانا بطلوع فجر جديد للبشرية ونزل جاثيا علي ركبته قابضة علي الارض ناظرا للسماء ولد في شهر ربيع ليكون ربيع الدنيا والآخرة وفاحت منه رائحة المسك والكافور مختونا معذورا إنه اكمل الخلق سيدنا محمد ﷺ
ولقد اختار الله له الاسماء فهو محمد المحمود في الأرض والسماء
وضم الإله اسم النبي إلي اسمه إذا قال في الخمس المؤذن اشهد
وشق له من اسمه اسما ليجله فذو العرش محمود وهذا محمد
وأبوه عبد الله وأمه آمنة من الأمن والسلامة وقابلته الشفاء ام عبدالرحمن بن عوف وحاضنته ام ايمن من اليمن والبركة ومرضعته حليمة السعدية من الحلم والسعادة فهذا درس لأمته لكى يحسنوا اختيار اسماء أبناءهم
ولله در شوقي في بردته حين قال
سَــرَتْ بشــائِرُ بالهـادي ومولِـده في الشرق والغرب مَسْرى النورفي الظلمِ
تخـطَّفتْ مُهَـجَ الطـاغين مـن عربٍ وطــيَّرت أَنفُسَ البـاغين مـن عجـمِ
رِيعـت لهـا شُرَفُ الإِيوان، فانصدعت مـن صدمـة الحق، لا من صدمة القُدمِ
أَتيـتَ والنـاسُ فَـوْضَى لا تمـرُّ بهم إِلاّ عـلى صَنـم، قـد هـام فـي صنمِ
والأَرض مملــوءَةٌ جـورً، مُسَـخَّرَةٌ لكــلّ طاغيـةٍ فـي الخَـلْق مُحـتكِمِ
مُسَـيْطِرُ الفـرْسِ يبغـى فـي رعيّتـهِ وقيصـرُ الـروم مـن كِـبْرٍ أَصمُّ عَمِ
يُعذِّبــان عبــادَ اللــهِ فـي شُـبهٍ ويذبَحــان كمــا ضحَّــيتَ بـالغَنَمِ
والخــلقُ يَفْتِــك أَقـواهم بـأَضعفِهم كــاللَّيث بـالبَهْم، أَو كـالحوتِ بـالبَلَمِ
فهو خير خلق الله طه كمثل شمس فى ضحاها هذه الدنيا نراها في ضياء من محمد قال الصحابي الجليل أبا هريرة ما رأيت شيئًا أحسن من رسول الله ﷺ كأن الشمس تجري في وجهه "
وقال عمه العباس عن مولده ﷺ :
وَأَنْتَ لَمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَتِ الأَرْضُ وَضَاءَتْ بِنُورِكَ الأُفُقُ
فَنَحْنُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ فِي الضِّيَاءِ وسُبْلِ الرَّشَادِ نَخْتَرِقُ
عن جابر بن سمرة قال رأيتُ رسول الله ﷺ في ليلة أضحيان (مضيئة مقمرة) وعليه حُلَّة حمراء، فجعلت أنظر إليه وإلي القمر، فلهو عندي أحسن من القمر) رواه الترمذي وصححه الألباني.
وذكر ابن القيم في كتابه زاد المعاد وصف أم مِعْبَد لرسول الله ﷺ حين مرَّ بخيمتها مهاجراً فقالت: "ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه". الوضاءة: الحُسْن والنّظافة والبَهجَة، أَبْلَج الْوَجْه: قال البغوي: "تريد مُشْرِقَ الْوَجْه مضيئه".
وأي قمر منير يضاهي محمداً في نوره، أو يحاكيه في هدايته؟ جعلنا الله تعالى ممن يستضيء بنوره، ويستنير بضوئه، ويسير على سنته، ويهتدي بهديه؛ وينضوي تحت لوائه، ويحشر في زمرته، ويرتوي من حوضه
هكذا رسول الله ﷺ الذي يأخذ القلوب وكل من ينظر إليه أحبهُ، وهكذا حسان بن ثابت الذي أراد أن يهجوه ولكن عندما رآهُ أحبّه ومدحه
ان ذكرى المولد كانت وستبقى إخبارا وإنذارا، فهي اليوم إنذار من الله تعالى لكل من تسول له نفسه بان يعتدي على رسول الله ﷺ أو انه يحكم بغير شرع الله فذكرى المولد تحذره وتنبهه بشرع الله الذي جاء به رسول الله ﷺ وتنبه إيمانه بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل لقاء الله تعالى. قال تعالي {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} [الأحزاب: 46]
(وَسِرَاجًا مُنِيرًا) يقول: وضياء لخلقه يستضيء بالنور الذي أتيتهم به من عند الله عباده (مُنِيرًا) يقول: ضياء ينير لمن استضاء بضوئه، وعمل بما أمره، وإنما يعني بذلك: أنه يهدي به من اتبعه من أمته..
ولله در القائل
يا أكرم الخلق جئنا صوب ذكراك والقلب بالحب والإخلاص ناجاك
نهوى مدينتك الزهراء يدفعنا وجد وشوق وتحنان لرؤياك
كان اسمها يثرب من قبل هجرتكم فأصبحت طيبة من بعد رؤياك
قد أصبحت طيبة لما سكنت بها وروضة من جنان الخلد تهواك
تعطرت أرضها لما خطوت بها وصار مسكاً ثراها عند مثواك
من أرض طيبة نور عمّ عالمنا يا عالم الإسلام بشراك
فما تجمل رسل الله من خُلق ومن فضائل بعضٌ من سجاياك
إنا نحبك عن بعد وعن كثب وما نسيناك يوماً أو سلوناك
تعال أيها الأخ الحبيب لنقرب وعد رسول الله ﷺ بالإتباع والإقتداء والتمسك بشرع الله تعالى الذي جاء به لنتذكر فى يوم مولده سننه وأقواله وتوجيهاته ونعرضها على أنفسنا ولنسأل أنفسنا بعد ذلك :قال تعالي (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21) الاحزاب
قال الله تعالى { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } يونس
أي: بهذا الذي جاءهم من الله من الهدى ودين الحق فليفرحوا، فإنه أولى ما يفرحون به، { هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } أي: من حطام الدنيا وما فيها من الزهرة الفانية الذاهبة لا محالة، كما قال ابن أبي حاتم، في تفسير هذه الآية: "وذُكِر عن بَقيَّة -يعني ابن الوليد -عن صفوان بن عمرو، سمعت أيفع بن عبد الكلاعي يقول: لما قُدم خراجُ العراق إلى عمر، رضي الله عنه، خرج عُمَرُ ومولى له فجعل عمر يعد الإبل، فإذا هي أكثر من ذلك، فجعل عمر يقول: الحمد لله تعالى، ويقول مولاه: هذا والله من فضل الله ورحمته. فقال عمر: كذبت. ليس هذا، هو الذي يقول الله تعالى: { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } وهذا مما يجمعون. وقد أسنده الحافظ أبو القاسم الطبراني، فرواه عن أبي زُرْعَة الدمشقي، عن حَيوة بن شُرَيح، عن بقية، فذكره
لقد جمع الله سبحانه وتعالى في نبيّه محمد ﷺ صفات الجمال والكمال البشري ، وتألّقت روحـه الطاهرة بعظيم الشمائـل والخِصال ، وكريم الصفات والأفعال ، حتى أبهرت سيرته القريب والبعيد ، وتملكت هيبتهُ العدوّ والصديق ، وقد صوّر لنا هذه المشاعر الصحابي الجليل حسان بن ثابت رضي الله عنه أبلغ تصوير حينما قال:
ولدت مبرأً منْ كلّ عيبٍ ** كأنكَ قدْ خلقتَ كما تشاءُ
وأجمل منك لم ترَ قط عيني وأكمل منك لم تلد النساء
خُلقت مبرّأً من كل عيب كأنك قد خُلقت كما تشاء .
ثانيا : نشأت النبي ﷺ ورعايته
في مكة أطهر بقاع الأرض أضاء الكون لـميلاد النبي خاتم النبيين
ولد سيدنا محمد ﷺ في 12 ربيع الأول من عام الفيل (ما يوافق حوالي عام 571 من السنة الميلادية) في في شعب أبي طالب. إنه النبي الكريم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن عبد مناف، أمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف من أشراف مكة. وينتهي نسب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم إلى إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام
وفي ليلة مولده ﷺ رأت أمُّه الكريمة حدثًا عجيبًا، كما صاحبها هذا الشعور طيلةَ حملِها بأفضل الخلق محمد عليه الصلاة والسلام، فإنها رأت نورًا خرجَ منها أضاءَ هذا النور قصورُ الشام؛ فهو دعوة أبا الانبياء والمرسلين سيدنا ابراهيم حيث قال كما حكاه القرآن الكريم ( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) البقرة
وبشارة سيدنا عيسى بن مريم حيث قال كما حكاه القرآن الكريم ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ (6) الصف
كما جاء عند ابن كثير وأسنده بسنده رحمه الله، وأورده ابن إسحاق وابن هشام في السيرة عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: " إِنِّي عِنْدَ اللهِ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ، وَسَأُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ، دَعْوَةِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ وَبِشَارَةِ عِيسَى قَوْمَهُ، وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ، وَكَذَلِكَ تَرَى أُمَّهَاتُ النَّبِيِّينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ "
هذا محمد ﷺ الذي اصطفاه الله، اصطفاه من بني هاشم، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفى قريشًا من سائر العرب؛ حيث يقول ﷺ : (إنَّ الله خلقَ الخلق، فجعلني في خير خلقه، وجعلهم فرقتين، فجعلني في خير فرقة، وخلق القبائل فجعلني في خير قبيلة، وجعلهم بيوتًا، فجعلني في خيرهم بيتًا، فأنا خيركم بيتًا وخيركم نفسًا)؛ رواه أحمد وغيره.
ونسبُه ﷺ أطهرُ الأنساب؛ حيث لم يختلط بشيءٍ من سفاح الجاهلية، وتمتد أصوله عليه الصلاة والسلام حتى تصل إلى آدم عليه السلام، يقول ﷺ : (خرجت من نكاح، ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي، لم يصبني من سفاح الجاهلية شيء)؛ رواه الطبراني.
مات أبوه وهو في بطن أمه ثم رعته أمه فماتت وهو في السادسة من عمره ليتولي رعايته جده عبد المطلب
قال ابن إسحاق : فكان رسول الله ﷺ مع جده عبد المطلب بن هاشم ، وكان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة ، فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه ، لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالا له ؟ قال : فكان رسول الله ﷺ يأتي وهو غلام جفر ، حتى يجلس عليه ، فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه ، فيقولعبد المطلب ، إذا رأى ذلك منهم : دعوا ابني ، فوالله إن له لشأنا ، ثم يجلسه معه على الفراش ، ويمسح ظهره بيده ، ويسره ما يراه يصنع .
ثم توفي جده فرعاه عمه أبا طالب
وبقي رسول الله ﷺ بعد مهلك جده عبد المطلب مع عمه أبي طالب ، وكان عبد المطلب يوصيه به فيما
يزعمون، وذلك أن عبد الله أبا رسول الله ﷺ وأبا طالب أخوان لأب وأم، فكان أبو طالب هو الذي يلي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد جده فكان إليه ومعه.
حلول بركته على أبي طالب وبنيه
وذكر الواقدي: أن أبا طالب كان مقلًاّ من المال، وكانت له قطعة من الإبل تكون بوادي عرنة، فيبدو إليها فيكون فيها، ويؤتى بلبنها إذا كان حاضرًا بـ [مكة]، فكان عيال أبي طالب إذا أكلوا جميعاً وفرادى لم يشبعوا، وإذا أكل معهم رسول الله ﷺ شبعوا، فكان أبو طالب إذا أراد أن يغديهم أو يعشيهم يقول: كما أنتم حتى يأتي ابني، فيأتي رسول الله ﷺ فيأكل معهم، فيفْضلون من طعامهم، وإن كان لبناً شرب رسول الله ﷺ أولهم، ثم تناول القعب فيشربون منه، فيروَوْن من عند آخرهم من القعب الواحد، وإن كان أحدهم ليشرب قعباً وحده، فيقول أبو، طالب: إنك لمبارك. وكان الصبيان يصبحون شعثاً رمْصًا، ويصبح رسول الله ﷺ دهيناً كحيلاً وقالت أم أيمن وكانت تحضنه: ما رأيت رسول الله ﷺ شكا جوعاً قط ولا عطشًا، وكان يغدو إذا أصبح، فيشرب من ماء زمزم شربة، فربما عرضنا عليه الغداء فيقول: أنا شبعان. وفي هذا درس لنا وقدوة فيمن عاش يتيما ومات كريما أن كفالة اليتيم بركة ويمن واي يتيم هذا أنه يتيم بني هاشم سيد المكونين والثقلين
وكيف لا يحبه ويجعله أبا طالب فاسدة حبه له وحمايته قال له
وَاللَهِ لَن يَصِلوا إِلَيكَ بِجَمعِهِم
حَتّى أُوَسَّدَ في التُرابِ دَفينا
فَاِصدَع بِأَمرِكَ ما عَلَيكَ غَضاضَةٌ
وَاِبشِر بِذاكَ وَقَرَّ مِنهُ عُيونا
وَدَعَوتَني وَزَعَمتَ أَنَّكَ ناصِحٌ
وَلَقَد صَدَقتَ وَكُنتَ ثَمَّ أَمينا
وَعَرَضتَ ديناً قَد عَلِمتُ بِأَنَّهُ
مِن خَيرِ أَديانِ البَرِيَّةِ دينا
لَولا المَلامَةُ أَو حِذاري سُبَّةً
لَوَجَدتَني سَمحاً بِذاكَ مُبينا
ثالثا : النبي ﷺ في شبابه قبل البعثة
لقد كان النبي مباركا اينما حل وأنه لقدوة حتي قبل البعثة لشباب الدنيا كلها فكرا وعملا فقد حضر ﷺ مشاهدَ قريش، ومن ذلك ما يتعلق بحروبها، ومن ذلك ما كان من الدفاع عن مكة وهو ابن أربع عشرة سنة عندما أرادت هوازن الهجومَ على الحرم، واستباحت مقدساته لقتال قريش، واقتصرت مشاركته ﷺ لصِغر عمره على جمع السهام ومناولتها لأعمامه، وكان عليه الصلاة والسلام يحضر ندوات واجتماعات قريش فيما يتعلق بالأمور الخيرية، ومن ذلك ما سُمِّيَ بحلف الفضول، وهو عقد تمَّ بين مجموعةٍ من قبائل مكة، كان منها بنو هاشم وبنو عبدالمطلب، وبنو أسد وغيرهم، واتفقوا على حماية المظلوم ونصرته، ومواجهة الظالم مهما كانت مكانته وسلطته، وفي هذا يتمدَّح النبي ﷺ لمشهده هذا الحلف العظيم، فيقول: (شهدت في دار عبدالله بن جدعان حلفًا ما أحب لي به حُمر النَّعم، ولو دُعيت إليه في الإسلام لأجبتُ)؛ رواه أحمد وغيره.
وإنما كان النبي ﷺ يخبر عنه؛ لما فيه من الخير الذي فيه نصرة المظلوم ومنع الظالم، ولما بلغ النبي ﷺ عامه الخامس والثلاثين، كان له دورٌ مهم في إعادة بناء الكعبة وتجديدها، بعد أن تشققت جدرانها بفعل السيول والأمطار، شارك قومَه البناء، وفي هذا ثبت عن جابر بن عبدالله أنه قال: لما بنيت الكعبة، ذهب رسول الله ﷺ والعباس ينقلان الحجارة، فقال العباس للنبي ﷺ : اجعل إزارك على رقبتك يقيك الحجارة، وذلك قبل أن يبعث؛ يقول عمه رأفة به: ارفع إزارك واجعله على كتفك؛ حتى لا تؤثر فيك الحجارة، فلما أراد النبي ﷺ أن يفعل ذلك ورفع إزاره، قال جابر: فخرَّ إلى الأرض، فطمحت عيناه إلى السماء، فقال: (إزاري إزاري، فشدَّ عليه إزاره) رواه البخاري
وذلك أنه أوشكت أن تظهر عورته وهو في هذه السن الصغيرة، فكان ما كان من سقوطه وطموح عينيه ﷺ ثم قال: (إزاري إزاري).
ثم إنه ﷺ لما بلغ قومُه موضع وضع الحجر الأسود، كادوا يقتتلون؛ لأن كل قبيلة تريد أن تنال شرف وضع الحجر الأسود في مكانه، وكادوا يقتتلون فيما بينهم، حتى جاء أبو أمية بن المغيرة المخزومي، فاقترح عليهم بعد أن اختلفوا أن يحكِّموا فيما اختلفوا فيه أول من يدخل عليهم من باب المسجد الحرام، فوافقوا على ذلك، فكان أول قادم هو محمد، ففرحوا بذلك واستبشروا، حتى قالوا: هذا الأمين رضينا، هذا محمد، وما إن انتهى إليهم، حتى أخبروه الخبر، فقال: هَلُمَّ إليَّ ثوبًا، فأتوه به، فوضع الحجر في وسطه، ثم قال: لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب، ثم ارفعوه جميعًا، ففعلوا، فلما بلغوا به موضعه، أخذه بيده الشريفة ووضعه في مكانه، فحاز النبي ﷺ الشرف الذي كادوا يقتتلون عليه جميعًا، وهذا من أول مقدمات التكريم، واعتراف قريش له بالفضل ﷺ
عمله بالتجارة كانت خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- ذات مالٍ كثيرٍ ونسبٍ رفيعٍ، وكانت تعمل في التجارة، وحين بلغها أن محمداً رجلٌ صادقٌ في قوله أمينٌ في عمله كريمٌ في أخلاقه استأمنته على الخروج تاجراً بأموالها مع غلامٍ لها يُدعى ميسرة مقابل الأجر، فخرج ﷺ تاجراً إلى بلاد الشام، وجلس في الطريق تحت ظلّ شجرةٍ قريبةٍ من راهبٍ، فأخبر الراهب ميسرة أنّ مَن نزل تحت تلك الشجرة لم يكن إلّا نبياً، وأخبر ميسرة خديجة بقول الراهب، ممّا كان سبباً في طلبها الزواج من الرسول، فخطبها له عمّه حمزة، وتزوّجا.[
فكان يلقب بالصادق الأمين كان كريم النفس خلقه عظيم وهذا ما دعي ام المؤمنين خديجه بنت خويلد للزواج منه وانجب منها جميع أولاده غير ابراهيم فهو من السيدة مارية رضي الله عنها وان الحديث مع رسول الله ﷺ ذو شجون ولا يمل منه السمع أو القائل فهو حبيب القلوب وطبها ودواءها وعافيتها فاللهم احشرنا في زمرته وارزقنا اتباعه و محبته واجبنا وأمتنا على ملته واسكنا الجنة بجوار حضرته وعمنا بشفاعته
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى عَبْدِك وَرَسُولُكَ محمَّدٍ ﷺ وَآلِهِ واصحبه وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا
إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُم لَعَلَّكُم تَذْكُرُون [النحل : 90] .
فَاذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيم الْجَلِيل يَذْكُرْكُم ، واشكروه عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُم ، وَلِذِكْر اللَّهِ أَكْبَرُ ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
جَمْع وَتَرْتِيب - ثَرْوَت سُوَيْف - إمَام وَخَطِيب وَمُدَرِّس بِالْأَوْقَاف الْمِصْرِيَّة

حكاية ناي ♔
09-29-2022, 06:58 PM
جزاك الله خير
لكـ خالص احترامي

أمير المحبه
11-17-2022, 09:24 PM
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب
اناار الله قلبكك بالايمــــــــان
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ
لكـ شكري وتقديري

همس الورد
11-19-2022, 05:00 PM
جزاك الله خير الجزاء ونفع بك
وألبسك لباس التقوى والغفران وجعلك ممن يظلهم اللَّه
في يوم لا ظل إلاظله وعمر الله قلبك بالايمان