عازف الناي
11-09-2022, 10:14 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فالإنسان في هذه الحياة الدنيا لا بدّ أن تمرّ به ابتلاءات, يتعامل معها بأربع مقامات: إما الجزع, أو الصبر, أو الرضى, أو الشكر.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله ما يلقى العبد ما لا صنع لآدمي فيه فله أربع مقامات
أحدها: مقام العجز والشكوى والتسخط, وهذا لا يفعله إلا أقل الناس عقلاً وديناً
المقام الثاني: مقام الصبر. المقام الثالث: مقام الرضي. المقام الرابع: مقام الشكر.
والمقام الثاني وهو الصبر, له فضائل كثيرة, وردت في كتاب الله, وفي سنة رسول الله علية الصلاة والسلام.
للسلف أقوال كثيرة جداً في الصبر, يسّر الله الكريم فجمعت بعضاً منها, الله أسأل أن ينفع بها الجميع.
• الصبر مع انتظار الفرج من أعظم العبادات:
قال العلامة العثيمين رحمه الله: الصبر مع انتظار الفرج يُعتبرُ من أعظم العبادات, لأنك إذا كنت تنتظر الفرج, فأنت تنتظرُ الفرج من الله عز وجل, وهذه عبادة, وقد قال النبي علية الصلاة والسلام: (واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب) فكلما اكتربت الأمور فإن الفرج أقرب إليك, ( وإن مع العسر يُسراً )
• الصبر كنز من كنوز الجنة:
قال الحسن: الصبر كنز من كنوز الجنة, لا يعطيه الله إلا لمن كرم عليه.
• خير العيش: الصبر
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: وجدنا خير عيشنا الصبر.
• الصبر مطية لا تكبو:
قال على بن أبي طالب رضي الله عنه: الصبر مطية لا تكبو.
• كل عمل يعرف ثوابه إلا الصبر:
قال سليمان بن القاسم رحمه الله: " كل عمل يُعرف ثوابه إلا الصبر " قال الله تعالى: ﴿إنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر:10] قال: كالماء المنهمر.
• الصبر الجميل:
** قال الإمام الغزالي رحمه الله: قد قيل إن الصبر الجميل: أن لا يعرف صاحب المصيبة من غيره, ولا يخرجه عن حمد الصابرين, توجع القلب, ولا فيضان العين بالدمع, فإن ذلك مقتضى البشرية, ولذلك لما مات إبراهيم ولد النبي صلى الله عليه وسلم فاضت عيناه, فقيل له: أما نهيتنا عن هذا ؟ فقال: ( إن هذه رحمة, وإنما يرحم الله من عباده الرحماء.) بل ذلك لا يخرج عن مقام الرضا.
** قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: الصبر الجميل هو أن يكتم العبد المصيبة ولا يخبر بها, قال طائفة من السلف في قوله تعالى: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ [يوسف:83] قالوا: لا شكوى معه.
** قال العلامة السعدي رحمه الله: الصبر الجميل الذي لا يصحبه تسخط ولا جزع ولا شكوى للخلق.
** قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: عاقبة الصبر الجميل جميلة.
• الحلم: الصبر على ما تكره قليلاً:
قيل للأحنف بن قيس رحمه الله: ما الحلم ؟
قال: أن تصبر على ما تكره قليلاً.
ــــــــــــــــــــ
• معنى الصبر:
قال ابن القيم الصبر حبس النفس عن الجزع واللسان عن التشكي والتسخط, والجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب.فالصبر مصارعة باعث العقل والدين لباعث الهوى والنفسوحقيقته: خلق فاضل من أخلاق النفس, تمتنع به من فعل لا يحسن أقسام الصبر:
** قال الإمام الماوردي رحمه الله: أول أقسامه: الصبر على ما فات إدراكه من نيل الرغائب, أو نقصت أوقاته من نزول المصائب, وبالصبر في هذا تستفاد راحة القلوب, وهدوء الحواس, وفقدُ الصبر فيه منسوب إلى شدة الأسى, وإفراط الحزن, فإن صبر طائعاً, وإلا احتمل كارهاً همّاً لازماً, وصار إثمه لعمله راغماً.
وثاني أقسامه: الصبر على ما نزل من مكروه أو حلّ من أمر مخوف...وفي مثله قال الله سبحانه وتعالى ﴿ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ﴾ [لقمان:17]
وثالث أقسامه: الصبر في ما ينتظر وروده من رغبة يرجوها, أو يخشى حدوثة من رهبة يخافها, وبالصبر والتلطف في هذا يدفع عادية ما يخافه من الشر, وينال نفع ما يرجوه من الخير. وفي مثله قالت الحكماء: من استعان بالصبر نال جسيمات الأمور.
** قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الصبر...ثلاثة أقسام:
صبر على الأوامر والطاعات حتى يؤديها. وصبر عن المناهي والمخالفات حتى لا يقع فيها. وصبر على الأقدار والأقضية حتى لا يتسخطها.
وهذه الثلاثة هي التي وصى بها لقمان لابنه في قوله: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ﴾ [لقمان:17] فأمرُه بالمعروف يتناول فعله في نفسه وأمرَ غيره به, وكذاك نهيه عن المنكر.
ــــــــــــــــــ
• أنواع: الصبر
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الصبر نوعان: اختياري, واضطراري.
والاختياري أكمل من الاضطراري, فإن الاضطراري يشترك فيه الناس ويتأتى ممن لا يتأتى منه الصبر اختياراً. ولذلك كان صبر يوسف الصديق صلى الله عليه وسلم عن مطاوعة امرأة العزيز, وصبره على ما ناله من ذلك من الحبس والمكروه, أعظم من صبره على ما ناله من إخوته لما ألقوه في الجُبِّ وفرقوا بينه وبين أبيه وباعوه بيع العبيد. وكلُّ أحد لا بد أن يصبر على بعض ما يكره إما اختياراً وإما اضطراراً, فالكريم يصبر اختياراً لعلمه بحسن عاقبة الصبر, وأنه يحمد عليه ويُذم على الجزع, وأنه إن لم يصبر لم يرُدّ الجزعُ عليه فائتاً, ولم ينزع عنه مكروهاً, وأن المقدور لا حيلة في دفعه, وما لم يقدر لا حيلة في تحصيله, فالجزع خوف محض ضرُّه أقرب من نفعه.
• الإنسان لا يستغني عن الصبر في حال من الأحوال
** قال الإمام الغزالي رحمه الله: اعلم أن جميع ما يلقى العبد في هذه الحياة لا يخلو من نوعين: إحداهما هو الذي يوافق هواه والآخر الذي لا يوافقه, وهو محتاج إلى الصبر في كل واحد منهما: فما يوافق هواه, وهو الصحة والسلامة والمال والجاه وكثرة العشيرة وجميع ملاذ الدنيا, وما أحوج العبد إلى الصبر على هذه الأمور, فإنه إن لم يضبط نفسه عن الاسترسال والركون إليها والانهماك في ملاذها المباحة منها, أخرجه ذلك إلى البطر والطغيان....ولما فتحت أبواب الدنيا على الصحابة رضي الله عنهم, قالوا: ابتلينا بفتنة الضراء فصبرنا, وابتلينا بفتنة السراء فلم نصبر.
فالرجل كل الرجل من يصبر على العافية, ومعنى الصبر عليها أن لا يركن إليها...ولا ينهمك في التنعم واللذة واللهو واللعب.
ـــــــــــــــ
وما لا يرتبط هجومه باختياره, وله اختيار في دفعه, كما لو أذى بفعل, أو قول, وجُني عليه في نفسه, أو ماله, فالصبر على ذلك بترك المكافأة, قال بعض الصحابة رضوان الله عليهم: ما كنا نعد إيمان الرجل إيماناً إذا لم يصبر على الأذى, قال تعالى ﴿ ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون﴾ [إبراهيم:12]
** قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ما دام قلم التكليف جاريً عليه لا يستغني عن الصبر...فإنه بين أمر يجب امتثاله وتنفيذه ونهي يجب عليه اجتنابه وتركه وقدر يجب عليه الصبر عليه اتفاقاً ونعمة يجب عليه شكر المنعم عليها وإذا كانت هذه الأحوال لا تفارقه فالصبر لازم له إلى الممات.
• الصبر عن المعصية:
** قال الإمام الغزالي رخمه الله:
& المعاصي فما أحوج العبد إلى الصبر عنها, وأشد أنواع الصبر: الصبر عن المعاصي التي صارت مألوفة, فإذا انضافت العادة إلى الشهوة, تظاهر جندان من جنود الشيطان فلا يقوى باعث الدين على قمعها, ثم إن كان ذلك الفعل مما تيسر فعله, كان الصبر عنه أثقل على النفس. كالصبر عن معاصي اللسان من الغيبة والكذب والمراء والثناء على النفس تعريضاً وتصريحاً.
& اعلم أن الذي أنزل الداء أنزل الدواء, ووعد الشفاء, فالصبر وإن كان شاقاً أو ممتنعاً فتحصيله ممكن بمعجون العلم والعمل. فالعلم والعمل هما الأخلاط التي منها تركب الأدوية لأمراض القلوب كلها.
والعبد إذا افتقر إلى الصبر عن شهوة الوقاع, وقد غلبت عليه الشهوة...فباعث الشهوة سبيل تضعيفه ثلاثة أمور:
أحدها: أن ينظر إلى مادة قوتها, وهي الأغذية الطيبة المحركة للشهوة, فلا بد من قطعها بالصوم, مع الاقتصاد عند الإفطار على طعام قليل.
الثاني: قطع أسبابه المهيجة فإنه إنما يهيج بالنظر إلى مظان الشهوة, إذا النظر يحرك القلب, والقلب يحرك الشهوة. وهذا يحصل بالاحتراز عن مظان وقوع البصر على الصورة المشتهاة والفرار منها.
الثالث: تسلية النفس بالمباح من الجنس الذي تشتهيه وذلك بالنكاح, فإن كل ما يشتهيه الطبع ففي المباحات من جنسه ما يغني عن المحظورات منه.
وهذا هو العلاج الأنفع في حق الأكثر
وأما تقوية باعث الدين فإنما يكون بطريقين:
أحدهما: أن يكثر فكره في الأخبار...في فضل الصبر, وفي حسن عواقبه في الدنيا والآخرة.
الثاني: أن يعود مصارعة باعث الهوى تدريجاً, قليلاً, قليلاً.
فهذا منهاج العلاج في جميع أنواع الصبر.
** قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الصبر على الفاحشة مع قوة الداعي لها من أعظم الصبر.
** قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
& للصبر عن المعصية سببين وفائدتين: أما السببان: فالخوف من لحوق الوعيد المترتب عليها, والثاني: الحياء من الرب تعالى أن يستعان على معاصيه بنعمه, وأن يبارز بالعظائم. وأما الفائدتان: فالإبقاء على الإيمان, والحذر من الحرام.
& الصبر عن المعاصي أعظم ما يعين عليه قطع المألوفات.
ــــــــــــــ
• الصبر على الطاعة:
** قال الإمام الغزالي رحمه الله: الطاعة, والعبد يحتاج إلى الصبر عليها, فالصبر على الطاعة شديد.
ويحتاج المطيع إلى الصبر على طاعته في ثلاث أحوال:
الأولى: قبل الطاعة, وذلك في تصحيح النية, والإخلاص والصبر عن شوائب الرياء, ودواعي الآفات, وعقد العزم على الإخلاص والوفاء. الحالة الثانية: حالة العمل, كي لا يغفل عن الله في أثناء عمله, ولا يتكاسل عن تحقيق آدابه وسننه, ويدوم على شرط الأدب إلى آخر العمل الأخير. الحالة الثالثة: بعد الفراغ من العمل, إذ يحتاج إلى الصبر عن إفشائه والتظاهر به للسمعة والرياء.
** قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
& الطاعة العبد محتاج إلى الصبر عليها...قبل الشروع فيها بتصحيح النية والإخلاص وتجنب دواعي الرياء والسمعة, وإلى الصبر حال العمل فيلازم الصبر عن دواعي التقصير فيه والتفريط, وإلى الصبر بعد الفراغ من العمل بأن يصبر نفسه عن الإتيان بما يبطله, وأن يصبر عن رؤيتها والعجب بها والتكبر والتعاظم بها, وأن يصبر عن نقلها عن نقلها من ديوان السر إلى ديوان العلانية.
& الصبر بثلاثة أشياء: دوام الطاعة, والإخلاص فيها, ووقوعها على مقتضى العلم.
فإن الطاعة تتخلف من فوات واحدٍ من هذه الثلاثة, فإنه إن لم يحافظ عليها دواماً عطَّلها, وإن حافظ عليها دواماً عرض لها آفتان.
إحداهما: ترك الإخلاص فيها, بأن يكون الباعث عليها غير وجه الله وإرادته والتقرب إليه. فحفظها من هذه الآفة برعاية الإخلاص.
ــــــــــــــ
الثانية: أن لا تكون مطابقة للعلم, بحيث لا تكون على اتباع السنة, فحفظها من هذه الآفة بتجريد المتابعة, كما أن حفظها من تلك بتجريد القصد والإرادة.
• الصبر على البلاء:
** كان محمد بن شبرمة رحمه الله, إذا نزل به بلاء قال: سحابة ثم تنقشع.
** قال ابن أبي الدنيا: حدثني الحس بن عبدلعزيز الجروي, قال: مات ابن لي نفيس, فقلت لأمه: اتقي الله واحتسبيه, فقالت: مصيبتي أعظم من أن أفسدها بالجزع.
**فال الإمام الغزالي رحمه الله الصبر على بلاء الله بضاعة الصديقين فإن ذلك شديد على النفس ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أسألك من اليقين ما تهون علي به مصائب الدنيا)وقال داود لسليمان عليهما السلام يستدل على تقوى المؤمن بثلاث حسن التوكل فيما لم ينل وحسن الرضى فيما قد نال وحسن الصبر فيما فات
** قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الإنسان إذا ابتلي فعليه أن يصبر, ويثبت, ولا ينكل حتى يكون من الرجال الموقنين القائمين بالواجبات, ولا بد في جميع ذلك من الصبر, ولهذا كان الصبر واجباً باتفاق المسلمين على أداء الواجبات, وترك المحظورات, ويدخل في ذلك الصبر على المصائب أن يجزع فيها, والصبر عن اتباع أهواء النفوس فيما نهى الله عنه.
** قال الإمام ابن حبان رحمه الله: الواجب على العاقل أن يُوقن أن الأشياء كلها قد فرغ منها، فمنها ما هو كائن لا محالة، وما لا يكون فلا حيلة للخلق في تكوينه، فإن دفعه الوقت إلى شدة، فيجب أن يتَّزر بإزار له طرفان: أحدهما: الصبر، والآخر: الرضا؛ ليستوفي كمال الأجر لفعله ذلك، فكم من شدة قد صعبت وتعذر زوالها على العالم بأسره، ثم فرج عنها السهل في أقل من لحظة.
ـــــــــــــ
** قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
& الكريم ينظر إلى المصيبة, فإن رأى الجزع يردُّها ويدفعها فهذا قد ينفعه الجزع, وإن كان الجزع لا ينفعه فإنه يجعل المصيبة مصيبتين.
& أشياء تبعث على الصبر على البلاء:
أحدها: ملاحظة حسن الجزاء, وعلى حسب ملاحظته والوثوق به ومطالعته يخفُّ حملُ البلاء لشهود العوض.
الثاني: انتظار روح الفرج, يعني راحته ونسيمه ولذته, فإن انتظاره ومطالعته وترقُّبه يخفف حمل المشقة.
وتهوين البلية أن يعدَّ نعم الله عليه وأياديه عنده فإن عجز عن عدِّها...هان عليه ما هو فيه من البلاء ورآه بالنسبة إلى أيادي الله ونعمه كقطرةٍ من بحر وأن يذكر سوالف النِّعم التي أنعم الله بها عليه فهذا يتعلق بالماضي وتعداد أيادي المنن يتعلق بالحال.
• أمور تعين على الصبر:
** قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الصبر وإن كان شاقاً كريهاً على النفوس فتحصيله ممكن, وهو يتكون من مفردين: العلم والعمل, فمنهما تُركب جميع الأدوية التي تُداوى بها القلوب والأبدان, فلا بدَّ من جزء علمي وجزء عملي, فمنهما يركب هذا الدواء الذي هو أنفع الأدوية.
الجزء العلمي فهو إدراك ما في المأمور من الخير والنفع واللذة والكمال, وإدراك ما في المحظور من الشرِّ والضرِّ والنقص, فإذا أدرك هذين العلمين كما ينبغي أضاف إليهما العزيمة الصادقة والهمة العالية والنخوة والمروءة الإنسانية, وضم هذا الجزء إلى هذا الجزء, ومتى فعل ذلك حصل له الصبر وهانت عليه المشقة وحَلَت له مرارته.
ــــــــــــــ
** قال العلامة السعدي رحمه الله:
& لما كان الصبر يستمد من القيام بطاعة الله, والإكثار من ذكره, أمره الله بذلك فقال: ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الإنسان:25] أي: أول النهار وآخره, فدخل في ذلك الصلوات المكتوبة, وما يتبعها من النوافل والذكر والتسبيح والهليل والتكبير في هذه الأوقات.
& مما يعين على الصبر, إن العبد إذا علم أن عمله غير ضائع, بل سيجده كاملاً, هان عليه ما يلقاه من المكاره, وتيسر عليه كل عسير, واستقل من عمله كل كثير.
& قوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [هود:115] في هذا ترغيب عظيم للزوم الصبر بتشويق النفس الضعيفة إلى ثواب الله, كلما ونت وفترت.
** قال العلامة محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي رحمه الله: قال تعالى: ﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾[ق: 40]ما تضمنته هذه الآية الكريمة من أمره تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بالصبر على ما يقوله الكفار والتسبيح بحمده جلا وعلا أطراف النهار، قد ذكره الله في غير هذا الموضع، كقوله تعالى ﴿ فَاصبِر عَلى ما يَقولونَ وَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ قَبلَ طُلوعِ الشَّمسِ وَقَبلَ غُروبِها وَمِن آناءِ اللَّيلِ فَسَبِّح وَأَطرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرضى ﴾ [طه: 130] وأمره له بالتسبيح بعد أمره له بالصبر على أذى الكفار فيه دليل على أن التسبيح يعينه الله به على الصبر المأمور به، والصلاة داخلة في التسبيح.
• إلزام النفس الصبر على طاعة الله, وعن معصيته:
قال العلامة السعدي رحمه الله: احبس نفسك على طاعة الله, وعن معصيته, وإلزامها بذلك, واستمر ولا تضجر.
ـــــــــــــــــــــ
• أفضل الصبر: الصبر على الأوامر والنواهي:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الصبر المتعلق بالتكليف – وهو الأمر والنهي – أفضل من الصبر على مجرد القدر فإن هذا الصبر يأتي به البرّ والفاجر, والمؤمن والكافر, فلا بد لكل واحد من الصبر على القدر اختياراً أو اضطراراً, وأما الصبر على الأوامر والنواهي فصبر اتباع الرسل.
• صبر يعقوب عليه السلام على التفريق بينه وبين ابنيه:
قال العلامة السعدي رحمه الله: هذه المحنة العظيمة التي امتحن الله بها نبيه وصفيه يعقوب عليه السلام, حيث قضى بالتفريق بينه وبين ابنه يوسف الذي لا يقدر على فراقه ساعة واحدة, ويحزنه ذلك أشدّ الحزن, فحصل التفريق بينه وبينه مدة طويلة لا تقصر عن ثلاثين سنة. ويعقوب لم يفارق الحزن قلبه هذه المدة ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ [يوسف:84]ثم ازداد به الأمر شدة حين صار الفراق بينه وبين ابنه الثاني, شقيق يوسف, هذا وهو صابر لأمر الله, محتسب الأجر من الله.
• صبر أيوب عليه السلام على البلاء:
قال العلامة السعدي رحمه الله: قوله تعالى: ﴿وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ﴾ [الأنبياء:84] أي: جعلناه عبرة للعابدين, الذين ينتفعون بالصبر, فإذا رأوا ما أصاب أيوب عليه السلام من البلاء, ثم ما أثابه الله بعد زواله, ونظروا السب وجدوه الصبر.
• الشكوى إلى الله عز جل لا تنافي الصبر:
** قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الشكوى إلى الله عز وجل لا تنافي الصبر....وإنما ينافي الصبر شكوى الله, لا الشكوى إليه. كما رأى بعضهم رجلاً يشكو إلى آخر فاقة وضرورة, فقال: يا هذا, تشكو يرحمك إلى من لا يرحمك ؟
ــــــــــــــــ
• أشق الصبر على النفوس
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
& مشقة الصبر بحسب قوة الداعي إلى الفعل وسهولته على العبد, فإذا اجتمع في الفعل هذان الأمران كأن الصبر عنه أشق شيء على الصابر, وإن فُقدا معاً سهُل الصبر عنه, وإن وجد أحدهما وفُقد الآخر سهُل الصبر من وجه وصعُب من وجه.
& من اشتد عليه داعية إلى ذلك وسهل عليه فعله, فصبره عنه أشق شيء عليه, ولهذا كان صبر السلطان على الظلم, وصبر الشاب على الفاحشة, وصبر الغني عن تناول اللذات والشهوات عند الله بمكان.
& الصبر عن معاصي اللسان والفرج من أصعب أنواع الصبر لشدة الداعي إليهما وسهولتهما, فإن معاصي اللسان فاكهة الإنسان, كالنميمة, والغيبة, والكذب, والمراء, والثناء على النفس تعريضاً وتصريحاً, وحكاية كلام الناس, والطعن على من يبغضه, ومدح من يحبه ونحو ذلك.
• المُحبّ صبور, وأعظم الناس محبة أشدّهم صبراً:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الصبر من اكد المنازل في طريق المحبة, وألزمها للمحبين,...وبه يعلم صحيح المحبة من معلولها, وصادقها من كاذبها, فإن بقوة الصبر على المكاره في مراد المحبوب يُعلم صحّة محبته.
& محبة أكثر الناس كاذبة, لأنهم كلهم ادعوا محبة الله, فحين امتحنهم بالمكاره انخلعوا عن حقيقة المحبة, ولم يثبت معه إلا الصابرون, فلولا تحمل المشاق وتجشُّم المكاره بالصبر لما ثبت صحة محبته...وتبين بذلك أن أعظمهم محبة أشدُّهم صبراً.
& الصبر والمحبة لا يتناقضان, بل يتواخيان ويتصاحبان, والمحبُّ صبور.
ـــــــــــــ
• أمور مضادة للصبر ومنافية له وقادحة فيه
** قال الإمام الغزالي رحمه الله: اعلم أنه إنما يخرج عن مقام الصابرين بالجزع وشق الجيوب وضرب الخدود والمبالغة في الشكوى وإظهار الكآبة وتغير العادة في الملبس والمطعم, وهذه الأمور داخله تحت اختياره, فينبغي أن يجتنب جميعها, ويظهر الرضا بقضاء الله تعالى, ويبقى مستمراً على عادته, ويعتقد أن ذلك كان وديعة فاسترجعت.
** قال العلامة ابن القيم رحمه الله: لما كان الصبر حبس اللسان عن الشكوى إلى غير الله, والقلب عن التسخط, والجوارح عن اللطم وشق الثياب ونحوها, كان ما يضاده واقعاً على هذه الجملة.
فمنه الشكوى إلى المخلوق, فإذا شكا العبد ربه إلى مخلوق مثله, فقد شكا من يرحمه إلى من لا يرحمه. وأما إخبار المخلوق بالحال, فإن كان للاستعانة بإرشاده أو معاونته والتوصل إلى زوال ضرره لم يقدح ذلك في الصبر, كإخبار المريض بشكاته, وإخبار المظلوم لمن ينتصر به بحاله, وإخبار المبتلى ببلائه لمن يرجو أن يكون فرجه على يديه.
ومما ينافي الصبر: شق الثياب عند المصيبة, ولطم الوجه, والضرب بإحدى اليدين على الأخرى, وحلق الشعر, والدعاء بالويل, ولهذا برئ رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن سلق وحلق وخرق. ولا ينافيه البكاء والحزن, قال تعالى عن يعقوب: ﴿وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ﴾ [يوسف:84]
ومما يقدح في الصبر: إظهار المصيبة والتحدث بها, وكتمانها رأس الصبر.
ويضاد الصبر: الهلع, وهو: الجزع عند ورود المصيبة, والمنع عند ورود النعمة, قال تعالى: ﴿ إن الإنسان خُلق هلوعاً * إذا مسه الشرُّ جزوعاً * وإذا مسه الخيرُ منوعا ً﴾ [المعارج:19-20]وهذا تفسير الهلوع قال الجوهري: الهلع: أفحش الجزع
ــــــــــــــــ
• من صبر على مجاهدة النفس والشيطان حصل له النصر:
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: من صبر على مجاهدة نفسه وهواه وشيطانه, غلَبَ وحصل له النصر, ومن جزع ولم يصبر على مجاهدة ذلك, غُلِبَ وقُهِرَ وأُسِرَ, وصار ذليلاً أسيراً في يدي شيطانه وهواه.
• أكثر أسقام القلب والبدن تنشأ من عدم الصبر:
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: أكثر أسقام البدن والقلب, إنما تنشأ من عدم الصبر, فما حفظت صحة القلوب والأبدان والأرواح بمثل الصبر, فهو الفاروق الأكبر, والترياق الأعظم, ولو لم يكن فيه إلا معية الله مع أهله, ومحبته لهم, فإن الله مع الصابرين...ويحب الصابرين.
• الإمامة في الدين لا تتم إلا بالصبر:
قال العلامة عبدالرحمن السعدي رحمه الله: درجة الإمامة في الدين لا تتم إلا بالصبر واليقين, كما قال تعالى ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾[السجدة:24]
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
صيد الفوائد
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فالإنسان في هذه الحياة الدنيا لا بدّ أن تمرّ به ابتلاءات, يتعامل معها بأربع مقامات: إما الجزع, أو الصبر, أو الرضى, أو الشكر.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله ما يلقى العبد ما لا صنع لآدمي فيه فله أربع مقامات
أحدها: مقام العجز والشكوى والتسخط, وهذا لا يفعله إلا أقل الناس عقلاً وديناً
المقام الثاني: مقام الصبر. المقام الثالث: مقام الرضي. المقام الرابع: مقام الشكر.
والمقام الثاني وهو الصبر, له فضائل كثيرة, وردت في كتاب الله, وفي سنة رسول الله علية الصلاة والسلام.
للسلف أقوال كثيرة جداً في الصبر, يسّر الله الكريم فجمعت بعضاً منها, الله أسأل أن ينفع بها الجميع.
• الصبر مع انتظار الفرج من أعظم العبادات:
قال العلامة العثيمين رحمه الله: الصبر مع انتظار الفرج يُعتبرُ من أعظم العبادات, لأنك إذا كنت تنتظر الفرج, فأنت تنتظرُ الفرج من الله عز وجل, وهذه عبادة, وقد قال النبي علية الصلاة والسلام: (واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب) فكلما اكتربت الأمور فإن الفرج أقرب إليك, ( وإن مع العسر يُسراً )
• الصبر كنز من كنوز الجنة:
قال الحسن: الصبر كنز من كنوز الجنة, لا يعطيه الله إلا لمن كرم عليه.
• خير العيش: الصبر
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: وجدنا خير عيشنا الصبر.
• الصبر مطية لا تكبو:
قال على بن أبي طالب رضي الله عنه: الصبر مطية لا تكبو.
• كل عمل يعرف ثوابه إلا الصبر:
قال سليمان بن القاسم رحمه الله: " كل عمل يُعرف ثوابه إلا الصبر " قال الله تعالى: ﴿إنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر:10] قال: كالماء المنهمر.
• الصبر الجميل:
** قال الإمام الغزالي رحمه الله: قد قيل إن الصبر الجميل: أن لا يعرف صاحب المصيبة من غيره, ولا يخرجه عن حمد الصابرين, توجع القلب, ولا فيضان العين بالدمع, فإن ذلك مقتضى البشرية, ولذلك لما مات إبراهيم ولد النبي صلى الله عليه وسلم فاضت عيناه, فقيل له: أما نهيتنا عن هذا ؟ فقال: ( إن هذه رحمة, وإنما يرحم الله من عباده الرحماء.) بل ذلك لا يخرج عن مقام الرضا.
** قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: الصبر الجميل هو أن يكتم العبد المصيبة ولا يخبر بها, قال طائفة من السلف في قوله تعالى: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ [يوسف:83] قالوا: لا شكوى معه.
** قال العلامة السعدي رحمه الله: الصبر الجميل الذي لا يصحبه تسخط ولا جزع ولا شكوى للخلق.
** قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: عاقبة الصبر الجميل جميلة.
• الحلم: الصبر على ما تكره قليلاً:
قيل للأحنف بن قيس رحمه الله: ما الحلم ؟
قال: أن تصبر على ما تكره قليلاً.
ــــــــــــــــــــ
• معنى الصبر:
قال ابن القيم الصبر حبس النفس عن الجزع واللسان عن التشكي والتسخط, والجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب.فالصبر مصارعة باعث العقل والدين لباعث الهوى والنفسوحقيقته: خلق فاضل من أخلاق النفس, تمتنع به من فعل لا يحسن أقسام الصبر:
** قال الإمام الماوردي رحمه الله: أول أقسامه: الصبر على ما فات إدراكه من نيل الرغائب, أو نقصت أوقاته من نزول المصائب, وبالصبر في هذا تستفاد راحة القلوب, وهدوء الحواس, وفقدُ الصبر فيه منسوب إلى شدة الأسى, وإفراط الحزن, فإن صبر طائعاً, وإلا احتمل كارهاً همّاً لازماً, وصار إثمه لعمله راغماً.
وثاني أقسامه: الصبر على ما نزل من مكروه أو حلّ من أمر مخوف...وفي مثله قال الله سبحانه وتعالى ﴿ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ﴾ [لقمان:17]
وثالث أقسامه: الصبر في ما ينتظر وروده من رغبة يرجوها, أو يخشى حدوثة من رهبة يخافها, وبالصبر والتلطف في هذا يدفع عادية ما يخافه من الشر, وينال نفع ما يرجوه من الخير. وفي مثله قالت الحكماء: من استعان بالصبر نال جسيمات الأمور.
** قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الصبر...ثلاثة أقسام:
صبر على الأوامر والطاعات حتى يؤديها. وصبر عن المناهي والمخالفات حتى لا يقع فيها. وصبر على الأقدار والأقضية حتى لا يتسخطها.
وهذه الثلاثة هي التي وصى بها لقمان لابنه في قوله: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ﴾ [لقمان:17] فأمرُه بالمعروف يتناول فعله في نفسه وأمرَ غيره به, وكذاك نهيه عن المنكر.
ــــــــــــــــــ
• أنواع: الصبر
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الصبر نوعان: اختياري, واضطراري.
والاختياري أكمل من الاضطراري, فإن الاضطراري يشترك فيه الناس ويتأتى ممن لا يتأتى منه الصبر اختياراً. ولذلك كان صبر يوسف الصديق صلى الله عليه وسلم عن مطاوعة امرأة العزيز, وصبره على ما ناله من ذلك من الحبس والمكروه, أعظم من صبره على ما ناله من إخوته لما ألقوه في الجُبِّ وفرقوا بينه وبين أبيه وباعوه بيع العبيد. وكلُّ أحد لا بد أن يصبر على بعض ما يكره إما اختياراً وإما اضطراراً, فالكريم يصبر اختياراً لعلمه بحسن عاقبة الصبر, وأنه يحمد عليه ويُذم على الجزع, وأنه إن لم يصبر لم يرُدّ الجزعُ عليه فائتاً, ولم ينزع عنه مكروهاً, وأن المقدور لا حيلة في دفعه, وما لم يقدر لا حيلة في تحصيله, فالجزع خوف محض ضرُّه أقرب من نفعه.
• الإنسان لا يستغني عن الصبر في حال من الأحوال
** قال الإمام الغزالي رحمه الله: اعلم أن جميع ما يلقى العبد في هذه الحياة لا يخلو من نوعين: إحداهما هو الذي يوافق هواه والآخر الذي لا يوافقه, وهو محتاج إلى الصبر في كل واحد منهما: فما يوافق هواه, وهو الصحة والسلامة والمال والجاه وكثرة العشيرة وجميع ملاذ الدنيا, وما أحوج العبد إلى الصبر على هذه الأمور, فإنه إن لم يضبط نفسه عن الاسترسال والركون إليها والانهماك في ملاذها المباحة منها, أخرجه ذلك إلى البطر والطغيان....ولما فتحت أبواب الدنيا على الصحابة رضي الله عنهم, قالوا: ابتلينا بفتنة الضراء فصبرنا, وابتلينا بفتنة السراء فلم نصبر.
فالرجل كل الرجل من يصبر على العافية, ومعنى الصبر عليها أن لا يركن إليها...ولا ينهمك في التنعم واللذة واللهو واللعب.
ـــــــــــــــ
وما لا يرتبط هجومه باختياره, وله اختيار في دفعه, كما لو أذى بفعل, أو قول, وجُني عليه في نفسه, أو ماله, فالصبر على ذلك بترك المكافأة, قال بعض الصحابة رضوان الله عليهم: ما كنا نعد إيمان الرجل إيماناً إذا لم يصبر على الأذى, قال تعالى ﴿ ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون﴾ [إبراهيم:12]
** قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ما دام قلم التكليف جاريً عليه لا يستغني عن الصبر...فإنه بين أمر يجب امتثاله وتنفيذه ونهي يجب عليه اجتنابه وتركه وقدر يجب عليه الصبر عليه اتفاقاً ونعمة يجب عليه شكر المنعم عليها وإذا كانت هذه الأحوال لا تفارقه فالصبر لازم له إلى الممات.
• الصبر عن المعصية:
** قال الإمام الغزالي رخمه الله:
& المعاصي فما أحوج العبد إلى الصبر عنها, وأشد أنواع الصبر: الصبر عن المعاصي التي صارت مألوفة, فإذا انضافت العادة إلى الشهوة, تظاهر جندان من جنود الشيطان فلا يقوى باعث الدين على قمعها, ثم إن كان ذلك الفعل مما تيسر فعله, كان الصبر عنه أثقل على النفس. كالصبر عن معاصي اللسان من الغيبة والكذب والمراء والثناء على النفس تعريضاً وتصريحاً.
& اعلم أن الذي أنزل الداء أنزل الدواء, ووعد الشفاء, فالصبر وإن كان شاقاً أو ممتنعاً فتحصيله ممكن بمعجون العلم والعمل. فالعلم والعمل هما الأخلاط التي منها تركب الأدوية لأمراض القلوب كلها.
والعبد إذا افتقر إلى الصبر عن شهوة الوقاع, وقد غلبت عليه الشهوة...فباعث الشهوة سبيل تضعيفه ثلاثة أمور:
أحدها: أن ينظر إلى مادة قوتها, وهي الأغذية الطيبة المحركة للشهوة, فلا بد من قطعها بالصوم, مع الاقتصاد عند الإفطار على طعام قليل.
الثاني: قطع أسبابه المهيجة فإنه إنما يهيج بالنظر إلى مظان الشهوة, إذا النظر يحرك القلب, والقلب يحرك الشهوة. وهذا يحصل بالاحتراز عن مظان وقوع البصر على الصورة المشتهاة والفرار منها.
الثالث: تسلية النفس بالمباح من الجنس الذي تشتهيه وذلك بالنكاح, فإن كل ما يشتهيه الطبع ففي المباحات من جنسه ما يغني عن المحظورات منه.
وهذا هو العلاج الأنفع في حق الأكثر
وأما تقوية باعث الدين فإنما يكون بطريقين:
أحدهما: أن يكثر فكره في الأخبار...في فضل الصبر, وفي حسن عواقبه في الدنيا والآخرة.
الثاني: أن يعود مصارعة باعث الهوى تدريجاً, قليلاً, قليلاً.
فهذا منهاج العلاج في جميع أنواع الصبر.
** قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الصبر على الفاحشة مع قوة الداعي لها من أعظم الصبر.
** قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
& للصبر عن المعصية سببين وفائدتين: أما السببان: فالخوف من لحوق الوعيد المترتب عليها, والثاني: الحياء من الرب تعالى أن يستعان على معاصيه بنعمه, وأن يبارز بالعظائم. وأما الفائدتان: فالإبقاء على الإيمان, والحذر من الحرام.
& الصبر عن المعاصي أعظم ما يعين عليه قطع المألوفات.
ــــــــــــــ
• الصبر على الطاعة:
** قال الإمام الغزالي رحمه الله: الطاعة, والعبد يحتاج إلى الصبر عليها, فالصبر على الطاعة شديد.
ويحتاج المطيع إلى الصبر على طاعته في ثلاث أحوال:
الأولى: قبل الطاعة, وذلك في تصحيح النية, والإخلاص والصبر عن شوائب الرياء, ودواعي الآفات, وعقد العزم على الإخلاص والوفاء. الحالة الثانية: حالة العمل, كي لا يغفل عن الله في أثناء عمله, ولا يتكاسل عن تحقيق آدابه وسننه, ويدوم على شرط الأدب إلى آخر العمل الأخير. الحالة الثالثة: بعد الفراغ من العمل, إذ يحتاج إلى الصبر عن إفشائه والتظاهر به للسمعة والرياء.
** قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
& الطاعة العبد محتاج إلى الصبر عليها...قبل الشروع فيها بتصحيح النية والإخلاص وتجنب دواعي الرياء والسمعة, وإلى الصبر حال العمل فيلازم الصبر عن دواعي التقصير فيه والتفريط, وإلى الصبر بعد الفراغ من العمل بأن يصبر نفسه عن الإتيان بما يبطله, وأن يصبر عن رؤيتها والعجب بها والتكبر والتعاظم بها, وأن يصبر عن نقلها عن نقلها من ديوان السر إلى ديوان العلانية.
& الصبر بثلاثة أشياء: دوام الطاعة, والإخلاص فيها, ووقوعها على مقتضى العلم.
فإن الطاعة تتخلف من فوات واحدٍ من هذه الثلاثة, فإنه إن لم يحافظ عليها دواماً عطَّلها, وإن حافظ عليها دواماً عرض لها آفتان.
إحداهما: ترك الإخلاص فيها, بأن يكون الباعث عليها غير وجه الله وإرادته والتقرب إليه. فحفظها من هذه الآفة برعاية الإخلاص.
ــــــــــــــ
الثانية: أن لا تكون مطابقة للعلم, بحيث لا تكون على اتباع السنة, فحفظها من هذه الآفة بتجريد المتابعة, كما أن حفظها من تلك بتجريد القصد والإرادة.
• الصبر على البلاء:
** كان محمد بن شبرمة رحمه الله, إذا نزل به بلاء قال: سحابة ثم تنقشع.
** قال ابن أبي الدنيا: حدثني الحس بن عبدلعزيز الجروي, قال: مات ابن لي نفيس, فقلت لأمه: اتقي الله واحتسبيه, فقالت: مصيبتي أعظم من أن أفسدها بالجزع.
**فال الإمام الغزالي رحمه الله الصبر على بلاء الله بضاعة الصديقين فإن ذلك شديد على النفس ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أسألك من اليقين ما تهون علي به مصائب الدنيا)وقال داود لسليمان عليهما السلام يستدل على تقوى المؤمن بثلاث حسن التوكل فيما لم ينل وحسن الرضى فيما قد نال وحسن الصبر فيما فات
** قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الإنسان إذا ابتلي فعليه أن يصبر, ويثبت, ولا ينكل حتى يكون من الرجال الموقنين القائمين بالواجبات, ولا بد في جميع ذلك من الصبر, ولهذا كان الصبر واجباً باتفاق المسلمين على أداء الواجبات, وترك المحظورات, ويدخل في ذلك الصبر على المصائب أن يجزع فيها, والصبر عن اتباع أهواء النفوس فيما نهى الله عنه.
** قال الإمام ابن حبان رحمه الله: الواجب على العاقل أن يُوقن أن الأشياء كلها قد فرغ منها، فمنها ما هو كائن لا محالة، وما لا يكون فلا حيلة للخلق في تكوينه، فإن دفعه الوقت إلى شدة، فيجب أن يتَّزر بإزار له طرفان: أحدهما: الصبر، والآخر: الرضا؛ ليستوفي كمال الأجر لفعله ذلك، فكم من شدة قد صعبت وتعذر زوالها على العالم بأسره، ثم فرج عنها السهل في أقل من لحظة.
ـــــــــــــ
** قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
& الكريم ينظر إلى المصيبة, فإن رأى الجزع يردُّها ويدفعها فهذا قد ينفعه الجزع, وإن كان الجزع لا ينفعه فإنه يجعل المصيبة مصيبتين.
& أشياء تبعث على الصبر على البلاء:
أحدها: ملاحظة حسن الجزاء, وعلى حسب ملاحظته والوثوق به ومطالعته يخفُّ حملُ البلاء لشهود العوض.
الثاني: انتظار روح الفرج, يعني راحته ونسيمه ولذته, فإن انتظاره ومطالعته وترقُّبه يخفف حمل المشقة.
وتهوين البلية أن يعدَّ نعم الله عليه وأياديه عنده فإن عجز عن عدِّها...هان عليه ما هو فيه من البلاء ورآه بالنسبة إلى أيادي الله ونعمه كقطرةٍ من بحر وأن يذكر سوالف النِّعم التي أنعم الله بها عليه فهذا يتعلق بالماضي وتعداد أيادي المنن يتعلق بالحال.
• أمور تعين على الصبر:
** قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الصبر وإن كان شاقاً كريهاً على النفوس فتحصيله ممكن, وهو يتكون من مفردين: العلم والعمل, فمنهما تُركب جميع الأدوية التي تُداوى بها القلوب والأبدان, فلا بدَّ من جزء علمي وجزء عملي, فمنهما يركب هذا الدواء الذي هو أنفع الأدوية.
الجزء العلمي فهو إدراك ما في المأمور من الخير والنفع واللذة والكمال, وإدراك ما في المحظور من الشرِّ والضرِّ والنقص, فإذا أدرك هذين العلمين كما ينبغي أضاف إليهما العزيمة الصادقة والهمة العالية والنخوة والمروءة الإنسانية, وضم هذا الجزء إلى هذا الجزء, ومتى فعل ذلك حصل له الصبر وهانت عليه المشقة وحَلَت له مرارته.
ــــــــــــــ
** قال العلامة السعدي رحمه الله:
& لما كان الصبر يستمد من القيام بطاعة الله, والإكثار من ذكره, أمره الله بذلك فقال: ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الإنسان:25] أي: أول النهار وآخره, فدخل في ذلك الصلوات المكتوبة, وما يتبعها من النوافل والذكر والتسبيح والهليل والتكبير في هذه الأوقات.
& مما يعين على الصبر, إن العبد إذا علم أن عمله غير ضائع, بل سيجده كاملاً, هان عليه ما يلقاه من المكاره, وتيسر عليه كل عسير, واستقل من عمله كل كثير.
& قوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [هود:115] في هذا ترغيب عظيم للزوم الصبر بتشويق النفس الضعيفة إلى ثواب الله, كلما ونت وفترت.
** قال العلامة محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي رحمه الله: قال تعالى: ﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾[ق: 40]ما تضمنته هذه الآية الكريمة من أمره تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بالصبر على ما يقوله الكفار والتسبيح بحمده جلا وعلا أطراف النهار، قد ذكره الله في غير هذا الموضع، كقوله تعالى ﴿ فَاصبِر عَلى ما يَقولونَ وَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ قَبلَ طُلوعِ الشَّمسِ وَقَبلَ غُروبِها وَمِن آناءِ اللَّيلِ فَسَبِّح وَأَطرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرضى ﴾ [طه: 130] وأمره له بالتسبيح بعد أمره له بالصبر على أذى الكفار فيه دليل على أن التسبيح يعينه الله به على الصبر المأمور به، والصلاة داخلة في التسبيح.
• إلزام النفس الصبر على طاعة الله, وعن معصيته:
قال العلامة السعدي رحمه الله: احبس نفسك على طاعة الله, وعن معصيته, وإلزامها بذلك, واستمر ولا تضجر.
ـــــــــــــــــــــ
• أفضل الصبر: الصبر على الأوامر والنواهي:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الصبر المتعلق بالتكليف – وهو الأمر والنهي – أفضل من الصبر على مجرد القدر فإن هذا الصبر يأتي به البرّ والفاجر, والمؤمن والكافر, فلا بد لكل واحد من الصبر على القدر اختياراً أو اضطراراً, وأما الصبر على الأوامر والنواهي فصبر اتباع الرسل.
• صبر يعقوب عليه السلام على التفريق بينه وبين ابنيه:
قال العلامة السعدي رحمه الله: هذه المحنة العظيمة التي امتحن الله بها نبيه وصفيه يعقوب عليه السلام, حيث قضى بالتفريق بينه وبين ابنه يوسف الذي لا يقدر على فراقه ساعة واحدة, ويحزنه ذلك أشدّ الحزن, فحصل التفريق بينه وبينه مدة طويلة لا تقصر عن ثلاثين سنة. ويعقوب لم يفارق الحزن قلبه هذه المدة ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾ [يوسف:84]ثم ازداد به الأمر شدة حين صار الفراق بينه وبين ابنه الثاني, شقيق يوسف, هذا وهو صابر لأمر الله, محتسب الأجر من الله.
• صبر أيوب عليه السلام على البلاء:
قال العلامة السعدي رحمه الله: قوله تعالى: ﴿وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ﴾ [الأنبياء:84] أي: جعلناه عبرة للعابدين, الذين ينتفعون بالصبر, فإذا رأوا ما أصاب أيوب عليه السلام من البلاء, ثم ما أثابه الله بعد زواله, ونظروا السب وجدوه الصبر.
• الشكوى إلى الله عز جل لا تنافي الصبر:
** قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الشكوى إلى الله عز وجل لا تنافي الصبر....وإنما ينافي الصبر شكوى الله, لا الشكوى إليه. كما رأى بعضهم رجلاً يشكو إلى آخر فاقة وضرورة, فقال: يا هذا, تشكو يرحمك إلى من لا يرحمك ؟
ــــــــــــــــ
• أشق الصبر على النفوس
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
& مشقة الصبر بحسب قوة الداعي إلى الفعل وسهولته على العبد, فإذا اجتمع في الفعل هذان الأمران كأن الصبر عنه أشق شيء على الصابر, وإن فُقدا معاً سهُل الصبر عنه, وإن وجد أحدهما وفُقد الآخر سهُل الصبر من وجه وصعُب من وجه.
& من اشتد عليه داعية إلى ذلك وسهل عليه فعله, فصبره عنه أشق شيء عليه, ولهذا كان صبر السلطان على الظلم, وصبر الشاب على الفاحشة, وصبر الغني عن تناول اللذات والشهوات عند الله بمكان.
& الصبر عن معاصي اللسان والفرج من أصعب أنواع الصبر لشدة الداعي إليهما وسهولتهما, فإن معاصي اللسان فاكهة الإنسان, كالنميمة, والغيبة, والكذب, والمراء, والثناء على النفس تعريضاً وتصريحاً, وحكاية كلام الناس, والطعن على من يبغضه, ومدح من يحبه ونحو ذلك.
• المُحبّ صبور, وأعظم الناس محبة أشدّهم صبراً:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الصبر من اكد المنازل في طريق المحبة, وألزمها للمحبين,...وبه يعلم صحيح المحبة من معلولها, وصادقها من كاذبها, فإن بقوة الصبر على المكاره في مراد المحبوب يُعلم صحّة محبته.
& محبة أكثر الناس كاذبة, لأنهم كلهم ادعوا محبة الله, فحين امتحنهم بالمكاره انخلعوا عن حقيقة المحبة, ولم يثبت معه إلا الصابرون, فلولا تحمل المشاق وتجشُّم المكاره بالصبر لما ثبت صحة محبته...وتبين بذلك أن أعظمهم محبة أشدُّهم صبراً.
& الصبر والمحبة لا يتناقضان, بل يتواخيان ويتصاحبان, والمحبُّ صبور.
ـــــــــــــ
• أمور مضادة للصبر ومنافية له وقادحة فيه
** قال الإمام الغزالي رحمه الله: اعلم أنه إنما يخرج عن مقام الصابرين بالجزع وشق الجيوب وضرب الخدود والمبالغة في الشكوى وإظهار الكآبة وتغير العادة في الملبس والمطعم, وهذه الأمور داخله تحت اختياره, فينبغي أن يجتنب جميعها, ويظهر الرضا بقضاء الله تعالى, ويبقى مستمراً على عادته, ويعتقد أن ذلك كان وديعة فاسترجعت.
** قال العلامة ابن القيم رحمه الله: لما كان الصبر حبس اللسان عن الشكوى إلى غير الله, والقلب عن التسخط, والجوارح عن اللطم وشق الثياب ونحوها, كان ما يضاده واقعاً على هذه الجملة.
فمنه الشكوى إلى المخلوق, فإذا شكا العبد ربه إلى مخلوق مثله, فقد شكا من يرحمه إلى من لا يرحمه. وأما إخبار المخلوق بالحال, فإن كان للاستعانة بإرشاده أو معاونته والتوصل إلى زوال ضرره لم يقدح ذلك في الصبر, كإخبار المريض بشكاته, وإخبار المظلوم لمن ينتصر به بحاله, وإخبار المبتلى ببلائه لمن يرجو أن يكون فرجه على يديه.
ومما ينافي الصبر: شق الثياب عند المصيبة, ولطم الوجه, والضرب بإحدى اليدين على الأخرى, وحلق الشعر, والدعاء بالويل, ولهذا برئ رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن سلق وحلق وخرق. ولا ينافيه البكاء والحزن, قال تعالى عن يعقوب: ﴿وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ﴾ [يوسف:84]
ومما يقدح في الصبر: إظهار المصيبة والتحدث بها, وكتمانها رأس الصبر.
ويضاد الصبر: الهلع, وهو: الجزع عند ورود المصيبة, والمنع عند ورود النعمة, قال تعالى: ﴿ إن الإنسان خُلق هلوعاً * إذا مسه الشرُّ جزوعاً * وإذا مسه الخيرُ منوعا ً﴾ [المعارج:19-20]وهذا تفسير الهلوع قال الجوهري: الهلع: أفحش الجزع
ــــــــــــــــ
• من صبر على مجاهدة النفس والشيطان حصل له النصر:
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: من صبر على مجاهدة نفسه وهواه وشيطانه, غلَبَ وحصل له النصر, ومن جزع ولم يصبر على مجاهدة ذلك, غُلِبَ وقُهِرَ وأُسِرَ, وصار ذليلاً أسيراً في يدي شيطانه وهواه.
• أكثر أسقام القلب والبدن تنشأ من عدم الصبر:
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: أكثر أسقام البدن والقلب, إنما تنشأ من عدم الصبر, فما حفظت صحة القلوب والأبدان والأرواح بمثل الصبر, فهو الفاروق الأكبر, والترياق الأعظم, ولو لم يكن فيه إلا معية الله مع أهله, ومحبته لهم, فإن الله مع الصابرين...ويحب الصابرين.
• الإمامة في الدين لا تتم إلا بالصبر:
قال العلامة عبدالرحمن السعدي رحمه الله: درجة الإمامة في الدين لا تتم إلا بالصبر واليقين, كما قال تعالى ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾[السجدة:24]
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
صيد الفوائد