عازف الناي
01-22-2023, 02:10 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين....أما بعد: فمن مصنفات العلامة ابن القيم رحمه الله الرسالة المسماة بـ " رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه " وهي رسالة أرسلها إلى أخ له يدعى " علاء الدين " حثّ فيها على تعليم الناس الخير حيث حلّ, والنصح لكل من اجتمع به, وأن ذلك من بركة الرجل, وأن من خلا من ذلك فقد خلا من البركة, ومُحقت بركة لقائه والاجتماع به.
وقد زخرت الرسالة بنفائس من الفوائد المتنوعة, وقد انتقيتُ منها ما يلي:
الفرح والسرور, وطيب العيش, والنعيم, إنما هو في معرفة الله وتوحيده:
اللذة التامة والفرح والسرور, وطيب العيش, والنعيم, إنما هو في معرفة الله, وتوحيده والأُنس به, والشوق إلى لقائه, واجتماع القلب والهمِّ عليه, فإن أنكد العيش عيش من قلبه مُشتت, وهمه مفرق....
فاحرص أن يكون همك واحداً, وأن يكون هو الله وحده, فهذا غاية سعادة العبد, وصاحب هذه الحال في جنة معجلة قبل جنة الآخرة وفي نعيم عاجل.
الحذر من مخالطة من تُضيع مخالطته الوقت, وتفسد القلب:
كل آفة تدخل على العبد فسببها ضياع الوقت, وفساد القلب, وتعود بضياع حظه من الله, ونقصان درجته ومنزلته عنده, ولهذا وصى بعض الشيوخ فقال: احذروا مخالطة من تُضيع مخالطته الوقت, وتفسد القلب, فإنه متى ضاع الوقت وفسد القلب انفرطت على العبد أموره كلها, وكان ممن قال الله فيه: ] ولا تُطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمرُهُ فرطاً [ [الكهف:28]
العبد مفتقر إلى الهداية في كل لحظةٍ ونفسٍ:
العبد مفتقر إلى الهداية في كل لحظة ونفس, في جميع ما يأتيه ويذره, فإنه بين أمور لا ينفك عنها:
أحدها أمور قد أتاها على غير وجه الهداية جهلاً, فهو محتاج إلى أن يطلب الهداية إلى الحق فيها.
أو يكون عارفاً بالهداية فيها, فأتاها على غير وجهها عمداً, فهو محتاج إلى التوبة منها.
أو أمور لم يعرف وجه الهداية فيها علماً ولا عملاً, ففاتته الهداية إلى علمها ومعرفتها, وإلى قصدها وإرادتها وعملها.
أو أمور قد هُدي إليها من وجه دون وجه, فهو محتاج إلى تمام الهداية فيها.
أو أمور قد هُدي إلى أصلها دون تفاصيلها, فهو محتاج إلى هداية التفصيل.
وكذلك أيضاً ثمَّ أمور هو محتاج إلى أن يحصل له فيها من الهداية في المستقبل مثل ما حصل له في الماضي.
وأمور هو خال عن اعتقاد حق أو باطل فيها, فهو محتاج إلى هداية الصواب فيها.
وأمور يعتقد أنه فيها على هُدى وهو على ضلالة ولا يشعر, فهو محتاج إلى انتقاله عن ذلك الاعتقاد بهداية من الله.
وأمور قد فعلها على وجه الهداية, وهو محتاج إلى أن يهدي غيره إليها ويرشده وينصحه,...فهدايته للغير وتعليمه ونصحه يفتح له باب الهداية, فإن الجزاء من جنس العمل, فكلما هدى غيره وعلمه هداه الله وعلمه فيصير هادياً مهدياً.
مقايسة العاقل بين اللذة المنغصة المنكدة وبين اللذة التي لا تزول ولا تنقطع:
أين عقل من آثر لذة عاجلة منغصة منكدة – إنما هي كأضعاث أحلام, أو كطيف تمتع به زائره في المنام – على لذة هي من أعظم اللذات, وفرحة ومسرة هي من أعظم المسرات, دائمة لا تزول ولا تفنى ولا تنقطع, فباعها بهذه اللذة الفانية المضمحلة التي حُشيت بالآلام, وإنما حصلت بالآلام, وعاقبتها الآلام ؟ فلو قايس العاقل بين لذتها وألمها, ومضرتها ومنفعتها, لا ستحيا من نفسه وعقله, كيف يسعى في طلبها ! ويُضيع زمانه في اشتغاله بها! فضلاً عن إيثارها على ( ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر )
وقد اشترى سبحانه من المؤمنين أنفسهم وجعل ثمنها جنته, وأجرى هذا العقد على يد رسوله وخليله وخيرته من خلقه. فسلعة ربُّ السموات الأرض مشتريها, والتمتع بالنظر إلى وجهه الكريم وسماع كلامه منه في دار ثمنها, ومن جرى على يده العقد رسوله, كيف يليق بالعاقل أن يضيعها ويهملها ويبيعها بثمن بخس, في دار زائلة مضمحلة فانية ! وهل هذا إلا من أعظم الغبن ؟ وإنما يظهر له هذا الغبن الفاحش يوم التغابن, إذا ثقلت موازين المتقين وخفت موازين المبطلين.
أكثر الخلق ممن غفلت قلوبهم عن ذكر الله:
ومن تأمل حال هذا الخلق, وجدهم كلهم – إلا أقل القليل – ممن غفلت قلوبهم عن ذكر الله تعالى, واتبعوا أهواءهم, وصارت أمورهم ومصالحهم ] فرطاً [ أي: فرَّطوا فيما ينفعهم ويعود بصلاحهم, واشتغلوا بما لا ينفعهم, بل يعود بضررهم عاجلاً وآجلاً.
ستة أمور لا تتم لذة العبد وسروره وفرحه وصلاح حاله إلا باستكمالها:
مما ينبغي الاعتناء به علماً ومعرفة وقصداً وإرادةً: العلم بأن كل إنسان, بل كل حيوان, إنما يسعى فيما يُحصلُ له اللذة والنعيم وطيب العيش, ويندفع به عنه أضداد ذلك, وهذا مطلوب صحيح يتضمن ستة أمورٍ:
أحدها: معرفة الشيء النافع للعبد, الملائم له, الذي بحصوله لذته وفرحه وسروره وطيب عيشه.
الثاني: معرفة الطريق الموصلة إلى ذلك.
الثالث: سلوك تلك الطريق.
الرابع: معرفة الضار المؤذي المنافر الذي ينكد عليه حياته.
الخامس: معرفة الطريق التي إذا سلكها أفضت به إلى ذلك.
السادس: تجنب سلوكها.
فهذه ستة أمور لا تتم لذة العبد وسروره وفرحه وصلاح حاله إلا باستكمالها, وما نقص منها عاد بسوء حاله, وتنكيد حياته.
من ائتم بأهل السنة قبله ائتم به من بعده ومن معه:
أثنى الله سبحانه على عباده المؤمنين الذين يسألونه ن يجعلهم أئمة يُهتدي بهم, فقال تعالى في صفات عباده: ] والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قُرة أعينٍ واجعلنا للمتقين إماماً [ بالفرقان:74] قال مجاهد: اجعلنا مؤتمين بالمتقين, مقتدين بهم,...وهذا من تمام فهم مجاهد رحمه الله, فإنه لا يكون الرجل إماماً للمتقين حتى يأتم بالمتقين...فمن ائتم بأهل السنة قبله, ائتم به من بعده ومن معه.
الصلاة التي تقرُّ بها العين ويستريح بها القلب:
الصلاة التي تقرُّ بها العين ويستريح بها القلب هي التي تجمع ستة مشاهد:
المشهد الأول: الإخلاص وهو أن يكون الحامل عليها والداعي إليها رغبة العبد في الله, ومحبته له, وطلب مرضاته, والقرب منه, والتودد إليه, وامتثال أمره...وخوفاً من عقابه, ورجاء لمغفرته وثوابه.
المشهد الثاني: مشهد الصدق والنصح, وهو أن يفرغ قلبه لله فيها, ويستفرغ جهده في إقباله فيها على الله, وجمع قلبه عليها, وإيقاعها على أحسن الوجوه ظاهراً وباطناً.
المشهد الثالث: مشهد المتابعة والإقتداء, وهو أن يحرص كل الحرص على الاقتداء في صلاته بالنبي صلى الله عليه وسلم, ويصلي كما كان يصلي.
المشهد الرابع: مشهد الإحسان, أن يعبد الله كأنه يراه...وهو أصل أعمال القلب كلها, فإنه يوجب الحياء, والإجلال , والتعظيم, والخشية, والمحبة, والإنابة, والتوكل, والخضوع لله سبحانه, والذل له, ويقطع الوساوس وحديث النفس, ويجمع القلب والهم على الله
المشهد الخامس: مشهد المنة وهو أن يشهد أن المنة لله سبحانه, كونه أقامه في هذا المقام وأهله له ووفقه لقيام قلبه وبدنه في خدمته فلولا الله سبحانه لم يكن شيء من ذلك..وهذا المشهد من أعظم المشاهد وأنفعها للعبد, وكلما كان العبد أعظم توحيداً كان حظه من هذا المشهد أتم, وفيه من الفوائد أنه يحول بين القلب وبين العُجب بالعمل ورؤيته..ومن فوائد أنه يضيف الحمد إلى وليه ومستحقه فلا يشهد لنفسه حمداً بل يشهده كله لله.
المشهد السادس: مشهد التقصير وهو أن العبد لو اجتهد في القيام بالأمر غاية الاجتهاد وبذل وسعه فهو مقصر, وحق الله سبحانه عليه أعظم...
وإذا شهد العبد من نفسه أنه لم يوفَّ ربه في عبوديته حقه, ولا قريباً من حقه, علم تقصيره, ولم يسعه مع ذلك غير الاستغفار والاعتذار من تقصيره وتفريطه وعدم القيام بما ينبغي له من حقه.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
صيد الفوائد
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين....أما بعد: فمن مصنفات العلامة ابن القيم رحمه الله الرسالة المسماة بـ " رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه " وهي رسالة أرسلها إلى أخ له يدعى " علاء الدين " حثّ فيها على تعليم الناس الخير حيث حلّ, والنصح لكل من اجتمع به, وأن ذلك من بركة الرجل, وأن من خلا من ذلك فقد خلا من البركة, ومُحقت بركة لقائه والاجتماع به.
وقد زخرت الرسالة بنفائس من الفوائد المتنوعة, وقد انتقيتُ منها ما يلي:
الفرح والسرور, وطيب العيش, والنعيم, إنما هو في معرفة الله وتوحيده:
اللذة التامة والفرح والسرور, وطيب العيش, والنعيم, إنما هو في معرفة الله, وتوحيده والأُنس به, والشوق إلى لقائه, واجتماع القلب والهمِّ عليه, فإن أنكد العيش عيش من قلبه مُشتت, وهمه مفرق....
فاحرص أن يكون همك واحداً, وأن يكون هو الله وحده, فهذا غاية سعادة العبد, وصاحب هذه الحال في جنة معجلة قبل جنة الآخرة وفي نعيم عاجل.
الحذر من مخالطة من تُضيع مخالطته الوقت, وتفسد القلب:
كل آفة تدخل على العبد فسببها ضياع الوقت, وفساد القلب, وتعود بضياع حظه من الله, ونقصان درجته ومنزلته عنده, ولهذا وصى بعض الشيوخ فقال: احذروا مخالطة من تُضيع مخالطته الوقت, وتفسد القلب, فإنه متى ضاع الوقت وفسد القلب انفرطت على العبد أموره كلها, وكان ممن قال الله فيه: ] ولا تُطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمرُهُ فرطاً [ [الكهف:28]
العبد مفتقر إلى الهداية في كل لحظةٍ ونفسٍ:
العبد مفتقر إلى الهداية في كل لحظة ونفس, في جميع ما يأتيه ويذره, فإنه بين أمور لا ينفك عنها:
أحدها أمور قد أتاها على غير وجه الهداية جهلاً, فهو محتاج إلى أن يطلب الهداية إلى الحق فيها.
أو يكون عارفاً بالهداية فيها, فأتاها على غير وجهها عمداً, فهو محتاج إلى التوبة منها.
أو أمور لم يعرف وجه الهداية فيها علماً ولا عملاً, ففاتته الهداية إلى علمها ومعرفتها, وإلى قصدها وإرادتها وعملها.
أو أمور قد هُدي إليها من وجه دون وجه, فهو محتاج إلى تمام الهداية فيها.
أو أمور قد هُدي إلى أصلها دون تفاصيلها, فهو محتاج إلى هداية التفصيل.
وكذلك أيضاً ثمَّ أمور هو محتاج إلى أن يحصل له فيها من الهداية في المستقبل مثل ما حصل له في الماضي.
وأمور هو خال عن اعتقاد حق أو باطل فيها, فهو محتاج إلى هداية الصواب فيها.
وأمور يعتقد أنه فيها على هُدى وهو على ضلالة ولا يشعر, فهو محتاج إلى انتقاله عن ذلك الاعتقاد بهداية من الله.
وأمور قد فعلها على وجه الهداية, وهو محتاج إلى أن يهدي غيره إليها ويرشده وينصحه,...فهدايته للغير وتعليمه ونصحه يفتح له باب الهداية, فإن الجزاء من جنس العمل, فكلما هدى غيره وعلمه هداه الله وعلمه فيصير هادياً مهدياً.
مقايسة العاقل بين اللذة المنغصة المنكدة وبين اللذة التي لا تزول ولا تنقطع:
أين عقل من آثر لذة عاجلة منغصة منكدة – إنما هي كأضعاث أحلام, أو كطيف تمتع به زائره في المنام – على لذة هي من أعظم اللذات, وفرحة ومسرة هي من أعظم المسرات, دائمة لا تزول ولا تفنى ولا تنقطع, فباعها بهذه اللذة الفانية المضمحلة التي حُشيت بالآلام, وإنما حصلت بالآلام, وعاقبتها الآلام ؟ فلو قايس العاقل بين لذتها وألمها, ومضرتها ومنفعتها, لا ستحيا من نفسه وعقله, كيف يسعى في طلبها ! ويُضيع زمانه في اشتغاله بها! فضلاً عن إيثارها على ( ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر )
وقد اشترى سبحانه من المؤمنين أنفسهم وجعل ثمنها جنته, وأجرى هذا العقد على يد رسوله وخليله وخيرته من خلقه. فسلعة ربُّ السموات الأرض مشتريها, والتمتع بالنظر إلى وجهه الكريم وسماع كلامه منه في دار ثمنها, ومن جرى على يده العقد رسوله, كيف يليق بالعاقل أن يضيعها ويهملها ويبيعها بثمن بخس, في دار زائلة مضمحلة فانية ! وهل هذا إلا من أعظم الغبن ؟ وإنما يظهر له هذا الغبن الفاحش يوم التغابن, إذا ثقلت موازين المتقين وخفت موازين المبطلين.
أكثر الخلق ممن غفلت قلوبهم عن ذكر الله:
ومن تأمل حال هذا الخلق, وجدهم كلهم – إلا أقل القليل – ممن غفلت قلوبهم عن ذكر الله تعالى, واتبعوا أهواءهم, وصارت أمورهم ومصالحهم ] فرطاً [ أي: فرَّطوا فيما ينفعهم ويعود بصلاحهم, واشتغلوا بما لا ينفعهم, بل يعود بضررهم عاجلاً وآجلاً.
ستة أمور لا تتم لذة العبد وسروره وفرحه وصلاح حاله إلا باستكمالها:
مما ينبغي الاعتناء به علماً ومعرفة وقصداً وإرادةً: العلم بأن كل إنسان, بل كل حيوان, إنما يسعى فيما يُحصلُ له اللذة والنعيم وطيب العيش, ويندفع به عنه أضداد ذلك, وهذا مطلوب صحيح يتضمن ستة أمورٍ:
أحدها: معرفة الشيء النافع للعبد, الملائم له, الذي بحصوله لذته وفرحه وسروره وطيب عيشه.
الثاني: معرفة الطريق الموصلة إلى ذلك.
الثالث: سلوك تلك الطريق.
الرابع: معرفة الضار المؤذي المنافر الذي ينكد عليه حياته.
الخامس: معرفة الطريق التي إذا سلكها أفضت به إلى ذلك.
السادس: تجنب سلوكها.
فهذه ستة أمور لا تتم لذة العبد وسروره وفرحه وصلاح حاله إلا باستكمالها, وما نقص منها عاد بسوء حاله, وتنكيد حياته.
من ائتم بأهل السنة قبله ائتم به من بعده ومن معه:
أثنى الله سبحانه على عباده المؤمنين الذين يسألونه ن يجعلهم أئمة يُهتدي بهم, فقال تعالى في صفات عباده: ] والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قُرة أعينٍ واجعلنا للمتقين إماماً [ بالفرقان:74] قال مجاهد: اجعلنا مؤتمين بالمتقين, مقتدين بهم,...وهذا من تمام فهم مجاهد رحمه الله, فإنه لا يكون الرجل إماماً للمتقين حتى يأتم بالمتقين...فمن ائتم بأهل السنة قبله, ائتم به من بعده ومن معه.
الصلاة التي تقرُّ بها العين ويستريح بها القلب:
الصلاة التي تقرُّ بها العين ويستريح بها القلب هي التي تجمع ستة مشاهد:
المشهد الأول: الإخلاص وهو أن يكون الحامل عليها والداعي إليها رغبة العبد في الله, ومحبته له, وطلب مرضاته, والقرب منه, والتودد إليه, وامتثال أمره...وخوفاً من عقابه, ورجاء لمغفرته وثوابه.
المشهد الثاني: مشهد الصدق والنصح, وهو أن يفرغ قلبه لله فيها, ويستفرغ جهده في إقباله فيها على الله, وجمع قلبه عليها, وإيقاعها على أحسن الوجوه ظاهراً وباطناً.
المشهد الثالث: مشهد المتابعة والإقتداء, وهو أن يحرص كل الحرص على الاقتداء في صلاته بالنبي صلى الله عليه وسلم, ويصلي كما كان يصلي.
المشهد الرابع: مشهد الإحسان, أن يعبد الله كأنه يراه...وهو أصل أعمال القلب كلها, فإنه يوجب الحياء, والإجلال , والتعظيم, والخشية, والمحبة, والإنابة, والتوكل, والخضوع لله سبحانه, والذل له, ويقطع الوساوس وحديث النفس, ويجمع القلب والهم على الله
المشهد الخامس: مشهد المنة وهو أن يشهد أن المنة لله سبحانه, كونه أقامه في هذا المقام وأهله له ووفقه لقيام قلبه وبدنه في خدمته فلولا الله سبحانه لم يكن شيء من ذلك..وهذا المشهد من أعظم المشاهد وأنفعها للعبد, وكلما كان العبد أعظم توحيداً كان حظه من هذا المشهد أتم, وفيه من الفوائد أنه يحول بين القلب وبين العُجب بالعمل ورؤيته..ومن فوائد أنه يضيف الحمد إلى وليه ومستحقه فلا يشهد لنفسه حمداً بل يشهده كله لله.
المشهد السادس: مشهد التقصير وهو أن العبد لو اجتهد في القيام بالأمر غاية الاجتهاد وبذل وسعه فهو مقصر, وحق الله سبحانه عليه أعظم...
وإذا شهد العبد من نفسه أنه لم يوفَّ ربه في عبوديته حقه, ولا قريباً من حقه, علم تقصيره, ولم يسعه مع ذلك غير الاستغفار والاعتذار من تقصيره وتفريطه وعدم القيام بما ينبغي له من حقه.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
صيد الفوائد