عطيه الدماطى
07-15-2023, 01:23 PM
هل التماثيل حرام وحلال أم حرام؟
كلمة التماثيل فى كتاب الله جاءت فى موضعين:
الأول :قوله سبحانه :
"لَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ"
الثانى قوله سبحانه :
"يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ"
تفسير التماثيل فى القول الأول تفسير سهل لأن القصة ذكرت ثلاث مرات وفى كل مرة تتغير كلمة التماثيل إلى الأصنام إلى الأوثان وهى :
"اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ"
"وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا"
"إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ "
فالمقصود بها المعنى المعروف وهو الصورة أى الهيئة المصنوعة من مادة ما على شكل إنسان أو حيوان أو غير ذلك
وأما القول الثانى :
"يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ"
فالمفسرون القدامى وحتى المحدثون نتيجة تمسكهم بوجود معنى واحد للكلمة أحدثوا إشكالية كبرى وهى :
أنهم قالوا :
أن الله أباح صناعة التماثيل فى الوحى المنزل على سليمان (ص) فمثلا قى تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبى:
"الثانية- قوله تعالى : { وَتَمَاثِيلَ } جمع تمثال. وهو كل ما صور على مثل صورة من حيوان أو غير حيوان. وقيل : كانت من زجاج ونحاس ورخام تماثيل أشياه. ليست بحيوان. وذكر أنها صور الأنبياء والعلماء ، وكانت تصور في المساجد ليراها الناس فيزدادوا عبادة واجتهادا ، قال صلى الله عليه وسلم : "إن أولئك كان إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور" . أي ليتذكروا عبادتهم فيجتهدوا في العبادة. وهذا يدل على أن التصوير كان مباحا في ذلك الزمان ، ونسخ ذلك بشرع محمد صلى الله عليه وسلم"
وتفسير الحاوى فى القرآن الكريم قال:
" وأما اتخاذ التماثيل فيجوز أن تختلف فيه الشرائع ، ألا ترى إلى قوله : {مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ}.. وأما السجود للصورة فلا يُظن ينبى الله أن يأذن فيه ، وإذا كان بغير علمه فلا عليه"
وفى تفسير الكشاف عن غوامض التنزيل :
"التماثيل : صور الملائكة والنبيين والصالحين ، كانت تعمل في المساجد من نحاس وصفر وزجاج ورخام ليراها الناس فيعبدوا نحو عبادتهم . فإن قلت : كيف استجاز سليمان عليه السلام عمل التصاوير ؟ قلت : هذا مما يجوز أن تختلف في الشرائع لأنه ليس من مقبحات العقل كالظلم والكذب ، وعن أبي العالية : لم يكن اتخاذ الصور إذ ذاك محرّماً . ويجوز أن يكون غير صور الحيوان كصور الأشجار وغيرها ؛ لأنّ التمثال كل ما صوّر على مثل صورة غيره من حيوان وغير حيوان . أو تصوّر محذوفة الرؤوس . وروي أنهم عملوا له أسدين في أسفل كرسيه ، ونسرين فوقه ، فإذا أراد أن يصعد بسط الأسدان له ذراعيهما ، وإذا قعد أظله النسران بأجنحتهما"
وفى تفسير ابن كثير:
"وأما التماثيل, فقال عطية العوفي والضحاك والسدي: التماثيل الصور. قال مجاهد: وكانت من نحاس. وقال قتادة: من طين وزجاج."
وفى تفسير الألوسى:
"{ وتماثيل } قال الضحاك : كانت صور حيوانات ، وقال الزمخشري : صور الملائكة والأنبياء والصلحاء كانت تعمل في المساجد من نحاس وصفر وزجاج ورخام ليراها الناس فيعبدوا نحو عبادتهم وكان اتخاذ الصور في ذلك الشرع جائزاً كما قال الضحاك وأبو العالية .
...وقيل : التماثيل طلسمات ...وقيل كانت التماثيل صور شجر أو حيوانات محذوفة الرؤوس مما جوز في شرعتنا "
وفى تفسير التنوير والتحرير للطاهر بن عاشور:
"والتمثال هو الصورة الممثلة، أي المجسمة مثل شيء من الأجسام فكان النحاتون يعملون لسليمان صورا مختلفة كصور موهومة للملائكة وللحيوان مثل الأسود "
وبالطبع الله لا يحلل ما هو محرم فى شرعه خاصة عندما يتعلق الأمر بالذات الإلهية وما يضادها
الغريب فى أمر المفسرين أنهم استنتجوا جميعا بلا دليل من كتاب الله ولا حتى من رواية أن فى شرع سليمان(ص) أبيحت صناعة التماثيل المجسمة المجسدة المنحوتة
ولو راجعنا كل التفاسير الموجودة لن نجد رواية واحدة عن النبى(ص) تقول أن التماثيل كانت مباحة فى شريعة سليمان(ص)والرواية التى استند إليها القرطبى تقول:
" إن أولئك كان إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور"
الأسئلة التى يجب أن نسألها هى:
أين اسم سليمان(ص) فى الرواية ؟
لا يوجد
أين اسم أى نبى فى الرواية؟
لا يوجد
الرواية معروف أنها تتحدث عن كنيسة رأوها فى الحبشة شاهدوا فيها صور ولا تتحدث عن أى رسول وإنما تتحدث عن ناس دون تحديد من هم
الغريب العجيب أن فى كتاب الله قصة ترينا أن سليمان (ص) كان ضد الصور وهى التماثيل وهى قصة تنكير عرش ملكة سبأ فقد أزيلت صورة أى تمثال الشمس من على الكرسى وفيها قال سبحانه :
"قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ"
إذا كيف يفترى القوم على نبى(ص) من أنبياء الله أنه أمر بصناعة تماثيل مصورة مجسدة مع أنها أفسد أحد التماثيل لهداية ملكة سبأ؟
الغريب أيضا فى الأمر هو أن سليمان (ص) لم تكن له شريعة خاصة لأن المفسرين قالوا أن أصحاب الشرائع خمسة نوح (ص) وإبراهيم(ص) وموسى(ص) وعيسى(ص) ومحمد(ص) وذلك تصديق لقوله سبحانه :
"شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ"
ففى تفسير الخازن لباب التأويل فى معانى التنزيل:
"قوله عز وجل: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ أي ما بين وسن لكم طريقا واضحا من الدين، أي دينا تطابقت على صحته الأنبياء وهو قوله تعالى: ما وَصَّى بِهِ نُوحاً أي أنه أول الأنبياء أصحاب الشرائع والمعنى قد وصيناه وإياك يا محمد دينا واحدا وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أي من القرآن وشرائع الإسلام وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى إنما خص هؤلاء الأنبياء الخمسة بالذكر لأنهم أكابر الأنبياء وأصحاب الشرائع المعظمة والأتباع الكثيرة وأولو العزم."
وفى تفسير القرطبى :
" وَخَصَّ نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمْ أَرْبَابُ الشَّرَائِعِ."
إذا المفسرون عارضوا كلامهم ونسفوه فى وجود شريعة لسليمان(ص)ومن ثم بطل تفسيرهم لتحليل صناعة التماثيل المجسدة وبقى أن نبحث عن تفسير أخر لكلمة التماثيل فى الآية :
التماثيل كلمة من الجذر مثل والمثل هو الشىء الموضح ومن ثم فمعنى التماثيل هى الموضحات المبينات أى الكواشف وهى المنارات أو بلغة زماننا أعمدة الإنارة التى تنير ظلمات الطرق
عندما نقول أنك مثال أى أسوة يقتدى بها فمعنى ذلك أنك شخص يسير الناس خلفه فى الطريق السليم وبلفظ أخر ينير للناس طريق الحق ومن هنا جاء قوله" نور على نور"
والمقصود القرآن نزل على أسوة يسير الناس خلفها وهو محمد(ص) ومن ثم فالتماثيل هى الإنارات او المنارات التى تكشف الطريق
بالطبع هذا تفسير أفضل من تفسيرها بالأصنام ومن عنده علم أفضل من هذا فى تفسيرها فيا ليته يبين لنا تفسيره حتى نكون على بينة
كلمة التماثيل فى كتاب الله جاءت فى موضعين:
الأول :قوله سبحانه :
"لَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ"
الثانى قوله سبحانه :
"يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ"
تفسير التماثيل فى القول الأول تفسير سهل لأن القصة ذكرت ثلاث مرات وفى كل مرة تتغير كلمة التماثيل إلى الأصنام إلى الأوثان وهى :
"اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ"
"وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا"
"إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ "
فالمقصود بها المعنى المعروف وهو الصورة أى الهيئة المصنوعة من مادة ما على شكل إنسان أو حيوان أو غير ذلك
وأما القول الثانى :
"يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ"
فالمفسرون القدامى وحتى المحدثون نتيجة تمسكهم بوجود معنى واحد للكلمة أحدثوا إشكالية كبرى وهى :
أنهم قالوا :
أن الله أباح صناعة التماثيل فى الوحى المنزل على سليمان (ص) فمثلا قى تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبى:
"الثانية- قوله تعالى : { وَتَمَاثِيلَ } جمع تمثال. وهو كل ما صور على مثل صورة من حيوان أو غير حيوان. وقيل : كانت من زجاج ونحاس ورخام تماثيل أشياه. ليست بحيوان. وذكر أنها صور الأنبياء والعلماء ، وكانت تصور في المساجد ليراها الناس فيزدادوا عبادة واجتهادا ، قال صلى الله عليه وسلم : "إن أولئك كان إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور" . أي ليتذكروا عبادتهم فيجتهدوا في العبادة. وهذا يدل على أن التصوير كان مباحا في ذلك الزمان ، ونسخ ذلك بشرع محمد صلى الله عليه وسلم"
وتفسير الحاوى فى القرآن الكريم قال:
" وأما اتخاذ التماثيل فيجوز أن تختلف فيه الشرائع ، ألا ترى إلى قوله : {مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ}.. وأما السجود للصورة فلا يُظن ينبى الله أن يأذن فيه ، وإذا كان بغير علمه فلا عليه"
وفى تفسير الكشاف عن غوامض التنزيل :
"التماثيل : صور الملائكة والنبيين والصالحين ، كانت تعمل في المساجد من نحاس وصفر وزجاج ورخام ليراها الناس فيعبدوا نحو عبادتهم . فإن قلت : كيف استجاز سليمان عليه السلام عمل التصاوير ؟ قلت : هذا مما يجوز أن تختلف في الشرائع لأنه ليس من مقبحات العقل كالظلم والكذب ، وعن أبي العالية : لم يكن اتخاذ الصور إذ ذاك محرّماً . ويجوز أن يكون غير صور الحيوان كصور الأشجار وغيرها ؛ لأنّ التمثال كل ما صوّر على مثل صورة غيره من حيوان وغير حيوان . أو تصوّر محذوفة الرؤوس . وروي أنهم عملوا له أسدين في أسفل كرسيه ، ونسرين فوقه ، فإذا أراد أن يصعد بسط الأسدان له ذراعيهما ، وإذا قعد أظله النسران بأجنحتهما"
وفى تفسير ابن كثير:
"وأما التماثيل, فقال عطية العوفي والضحاك والسدي: التماثيل الصور. قال مجاهد: وكانت من نحاس. وقال قتادة: من طين وزجاج."
وفى تفسير الألوسى:
"{ وتماثيل } قال الضحاك : كانت صور حيوانات ، وقال الزمخشري : صور الملائكة والأنبياء والصلحاء كانت تعمل في المساجد من نحاس وصفر وزجاج ورخام ليراها الناس فيعبدوا نحو عبادتهم وكان اتخاذ الصور في ذلك الشرع جائزاً كما قال الضحاك وأبو العالية .
...وقيل : التماثيل طلسمات ...وقيل كانت التماثيل صور شجر أو حيوانات محذوفة الرؤوس مما جوز في شرعتنا "
وفى تفسير التنوير والتحرير للطاهر بن عاشور:
"والتمثال هو الصورة الممثلة، أي المجسمة مثل شيء من الأجسام فكان النحاتون يعملون لسليمان صورا مختلفة كصور موهومة للملائكة وللحيوان مثل الأسود "
وبالطبع الله لا يحلل ما هو محرم فى شرعه خاصة عندما يتعلق الأمر بالذات الإلهية وما يضادها
الغريب فى أمر المفسرين أنهم استنتجوا جميعا بلا دليل من كتاب الله ولا حتى من رواية أن فى شرع سليمان(ص) أبيحت صناعة التماثيل المجسمة المجسدة المنحوتة
ولو راجعنا كل التفاسير الموجودة لن نجد رواية واحدة عن النبى(ص) تقول أن التماثيل كانت مباحة فى شريعة سليمان(ص)والرواية التى استند إليها القرطبى تقول:
" إن أولئك كان إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور"
الأسئلة التى يجب أن نسألها هى:
أين اسم سليمان(ص) فى الرواية ؟
لا يوجد
أين اسم أى نبى فى الرواية؟
لا يوجد
الرواية معروف أنها تتحدث عن كنيسة رأوها فى الحبشة شاهدوا فيها صور ولا تتحدث عن أى رسول وإنما تتحدث عن ناس دون تحديد من هم
الغريب العجيب أن فى كتاب الله قصة ترينا أن سليمان (ص) كان ضد الصور وهى التماثيل وهى قصة تنكير عرش ملكة سبأ فقد أزيلت صورة أى تمثال الشمس من على الكرسى وفيها قال سبحانه :
"قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ"
إذا كيف يفترى القوم على نبى(ص) من أنبياء الله أنه أمر بصناعة تماثيل مصورة مجسدة مع أنها أفسد أحد التماثيل لهداية ملكة سبأ؟
الغريب أيضا فى الأمر هو أن سليمان (ص) لم تكن له شريعة خاصة لأن المفسرين قالوا أن أصحاب الشرائع خمسة نوح (ص) وإبراهيم(ص) وموسى(ص) وعيسى(ص) ومحمد(ص) وذلك تصديق لقوله سبحانه :
"شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ"
ففى تفسير الخازن لباب التأويل فى معانى التنزيل:
"قوله عز وجل: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ أي ما بين وسن لكم طريقا واضحا من الدين، أي دينا تطابقت على صحته الأنبياء وهو قوله تعالى: ما وَصَّى بِهِ نُوحاً أي أنه أول الأنبياء أصحاب الشرائع والمعنى قد وصيناه وإياك يا محمد دينا واحدا وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أي من القرآن وشرائع الإسلام وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى إنما خص هؤلاء الأنبياء الخمسة بالذكر لأنهم أكابر الأنبياء وأصحاب الشرائع المعظمة والأتباع الكثيرة وأولو العزم."
وفى تفسير القرطبى :
" وَخَصَّ نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمْ أَرْبَابُ الشَّرَائِعِ."
إذا المفسرون عارضوا كلامهم ونسفوه فى وجود شريعة لسليمان(ص)ومن ثم بطل تفسيرهم لتحليل صناعة التماثيل المجسدة وبقى أن نبحث عن تفسير أخر لكلمة التماثيل فى الآية :
التماثيل كلمة من الجذر مثل والمثل هو الشىء الموضح ومن ثم فمعنى التماثيل هى الموضحات المبينات أى الكواشف وهى المنارات أو بلغة زماننا أعمدة الإنارة التى تنير ظلمات الطرق
عندما نقول أنك مثال أى أسوة يقتدى بها فمعنى ذلك أنك شخص يسير الناس خلفه فى الطريق السليم وبلفظ أخر ينير للناس طريق الحق ومن هنا جاء قوله" نور على نور"
والمقصود القرآن نزل على أسوة يسير الناس خلفها وهو محمد(ص) ومن ثم فالتماثيل هى الإنارات او المنارات التى تكشف الطريق
بالطبع هذا تفسير أفضل من تفسيرها بالأصنام ومن عنده علم أفضل من هذا فى تفسيرها فيا ليته يبين لنا تفسيره حتى نكون على بينة