حكاية ناي ♔
08-19-2023, 06:27 PM
عن عُروة، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن عمَّر أرضًا ليست لأحدٍ فهو أحقُّ بها))؛ قال عروة: وقضى به عُمَر في خلافته؛ رواه البخاري.
المفردات:
إحياء الموات؛ أي: عِمارة الأرض الخَرِبة، وبعث الخصب فيها بالحرث والسقي والزرع، أو الغرس في الأراضي الزراعية، أو البناء فوقها في الأراضي السكنية، قال الحافظ في الفتح: قال القزاز: الموات: الأرض التي لم تُعمر، شبهت العمارة بالحياة وتعطيلها بفقد الحياة؛ اهـ.
قال الجوهري: المُوات: بالضم الموت، وبالفتح ما لا روح فيه، والأرض التي لا مالكَ لها من الآدميين، ولا ينتفع بها أحدٌ.
عروة: هو عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبدالعُزَّى بن قُصَي الأسدي، أبو عبدالله، قيل: ولد سنة 23 هجرية في آخر خلافة عمر رضي الله عنه، وقيل: ولد سنة عشرين من الهجرة، فيكون بينه وبين أخيه عبدالله رضي الله عنه عشرون سنة، وقيل: ولد في أوائل خلافة عثمان رضي الله عنه، وقال مسلم بن الحجاج في كتاب التمييز: حج عروة مع عثمان، وقد روى عروة عن أبيه، وأخيه عبدالله، وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق، وخالته عائشة، وعلي بن أبي طالب، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيل، وحكيم بن حِزام، وزيد بن ثابت، وعبدالله بن جعفر، وعبدالله بن عباس، وعبدالله بن عمر، وعبدالله بن عمرو بن العاص، وأسامة بن زيد، وأبي أيوب، وأبي هريرة، وحجاج الأسلمي، وسفيان بن عبدالله الثقفي، وعمرو بن العاص، ومحمد بن مَسْلَمة، والمِسْوَر بن مَخْرَمة، والمُغيرة بن شعبة، وناجية الأسلمي، وأبي حُميد الساعدي، وأم سَلَمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأم هانئ بنت أبي طالب، وأم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وجابر بن عبدالله الأنصاري، والنعمان بن بشير، وعبيدالله بن عدي بن الخيار، وغيرهم رضي الله عنهم.
وروى عنه: أولادُه: عبدالله، وعثمان، وهشام، ومحمد، ويحيى، وغيرهم، قال ابن سعد: كان ثقةً كثير الحديث، فقيهًا عالِمًا ثبتًا مأمونًا، وقال ابن شهاب: كان إذا حدَّثني عروة، ثم حدثني عمرة، صدق عندي حديث عمرة حديث عروة، فلما بحرتهما إذا عروة بحر لا ينزف، وعدَّه أبو الزناد في فقهاء المدينة السبعة، قال ابن عُيَينة عن هشام: خرج عروة إلى الوليد، وخرجت برجله أكلة فقطعها وسقط ابنٌ له عن ظهر بيت له، فوقع تحت أرجل الدواب فوطِئته، فقال: لقد لقينا من سفرنا هذا نصبًا، اللهم إن كنت أخذت لقد أعطيت، وإن كنت ابتليت لقد عافيت، ومِن معنى كلامه رحمه الله: أن الحسنة تجلِب الحسنة، وأن السيئة تجلِب السيئة، وقد اختلف في وفاته رحمه الله، فقيل: سنة 91، وقيل: 92، وقيل: 93، وقيل: 94، وقيل: 95، وقيل: 99، وقيل: 100، وقيل: 101 هـ، رحمه الله ورضي عنه.
عَمَر؛ أي: أحيا، وفي بعض نسخ البخاري: أَعمَر.
قال الحافظ في الفتح: بفتح الهمزة والميم من الرباعي، قال عِياض: كذا، والصواب عَمَر ثلاثيًّا، قال الله تعالى: ﴿ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا ﴾ [الروم: 9]، إلا أن يريد أنه جعل فيها عمارًا، قال ابن بطال: ويمكن أن يكون أصله مِن اعتمر أرضًا؛ أي: اتخذها، وسقطت التاء من الأصل، وقال غيره: قد سُمِع فيها الرباعي، يقال: أَعمَر الله بك منزلك، فالمراد من أعمر أرضًا بالإحياء فهو أحقُّ بها من غيره، وحذف متعلق أحق للعلم به، ووقع في رواية أبي ذر: مَن أُعمر بضم الهمزة؛ أي: أعمر غيره، وكأن المراد بالغير: الإمام، وذكره الحميدي في جمعه بلفظ: من عمر من الثلاثي، وكذا هو عند الإسماعيلي من وجه آخر عن يحيى بن بكير شيخ البخاري فيه؛ اهـ.
ليست لأحد؛ أي: ليس لأحد ملك، ولا حقَّ فيها.
فهو أحق بها؛ أي: فهو مُقدَّم في استحقاق تملُّكها دون غيره.
وقضى به عمر في خلافته؛ أي: وحكم عمر رضي الله عنه في وقت خلافته أن مَن أحيا مواتًا من الأرض فهو أحقُّ به.
البحث:
لفظ هذا الحديث في صحيح البخاري من طريق محمد بن عبدالرحمن، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن أعمر أرضًا ليست لأحد فهو أحق))، قال عروة: قضى به عمر رضي الله عنه في خلافته؛ اهـ.
وقد ذكرتُ في شرح مفردات هذا الحديث ما ذكره الحافظ من البحث: في لفظ أعمر، كما أن لفظة: ((بها)) ليست في الحديث، ولذلك قال الحافظ في الفتح - كما ذكرت -: وحذف متعلق أحقُّ للعلم به؛ اهـ.
على أن الإسماعيلي قد صرَّح بها في روايته، أما الأثر الذي علَّقه البخاري وهو قوله: قال عروة: قضى به عمر إلخ - فقد قال الحافظ في الفتح: هو موصولٌ بالإسناد المذكور إلى عروة، ولكن عروة عن عمر مرسلًا؛ لأنه وُلد في آخر خلافة عمر؛ اهـ.
وقد أخرج مالك في الموطأ عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب قال: مَن أحيا أرضًا ميتةً فهي له، قال الحافظ في الفتح: وروينا في الخراج ليحيى بن آدم سبب ذلك، فقال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، قال: كان الناس يتحجَّرون - يعني الأرض - على عهد عمر، فقال: مَن أحيا أرضًا فهي له، قال يحيى: كأنه لم يجعلْها له بمجرد التحجير حتى يحييها.
وقال الحافظ في الفتح أيضًا: وروينا في كتاب الخراج ليحيى بن آدم من طريق محمد بن عبيدالله الثقفي، قال: كتب عمر بن الخطاب: مَن أحيا مواتًا من الأرض فهو أحقُّ به، روي من وجه آخر.
وروي من وجه آخر عن عمرو بن شعيب أو غيره أن عمر قال: مَن عطَّل أرضًا ثلاث سنين لم يُعمِّرها، فجاء غيره فعمَّرها فهي له؛ وكأن مرادَه بالتعطيل أن يتحجرها ولا يحوطها ببناء ولا غيره.
وأخرج الطحاوي الطريق الأولى أتم منه بالسند إلى الثقفي المذكور، قال: خرج رجلٌ من أهل البصرة يقال له أبو عبدالله إلى عمر، فقال: إن بأرض البصرة أرضًا لا تضرُّ بأحد من المسلمين، وليست بأرض خَراجٍ، فإن شئت أن تقطعنيها أتخذها قضبًا وزيتونًا؛ فكتب عمر إلى أبي موسى: إن كانت كذلك فأقطعها إياه؛ اهـ.
ما يستفاد من ذلك:
1- أن مَن أحيا أرضًا مواتًا ليست لأحد كان أحقَّ بها.
2- أن مَن تحجر أرضًا مواتًا لا يملكها بالتحجير.
3- أن مَن تحجر أرضًا مواتًا ولم يُحيِها في حدود ثلاث سنوات، ثم جاء غيره فأحياها، كانت للذي أحياها.
4- ينبغي استئذان السلطان قبل إحياء الأرض الموات.
5- أن إقطاع السلطان لا يعتبر تمليكًا إلا بعد الإحياء.
6- أن إحياء الأراضي الزراعية يختلف عن إحياء الأراضي السكنية.
7- لا يحل لمسلم أن يعتدي على أرض موات مملوكة ليحييها ويتملَّكها.
8- أن مَن أحيا الأرض الموات المتعلقة بحقِّ المسلمين أو مصالحهم لا يَملِكها بالإحياء.
المفردات:
إحياء الموات؛ أي: عِمارة الأرض الخَرِبة، وبعث الخصب فيها بالحرث والسقي والزرع، أو الغرس في الأراضي الزراعية، أو البناء فوقها في الأراضي السكنية، قال الحافظ في الفتح: قال القزاز: الموات: الأرض التي لم تُعمر، شبهت العمارة بالحياة وتعطيلها بفقد الحياة؛ اهـ.
قال الجوهري: المُوات: بالضم الموت، وبالفتح ما لا روح فيه، والأرض التي لا مالكَ لها من الآدميين، ولا ينتفع بها أحدٌ.
عروة: هو عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبدالعُزَّى بن قُصَي الأسدي، أبو عبدالله، قيل: ولد سنة 23 هجرية في آخر خلافة عمر رضي الله عنه، وقيل: ولد سنة عشرين من الهجرة، فيكون بينه وبين أخيه عبدالله رضي الله عنه عشرون سنة، وقيل: ولد في أوائل خلافة عثمان رضي الله عنه، وقال مسلم بن الحجاج في كتاب التمييز: حج عروة مع عثمان، وقد روى عروة عن أبيه، وأخيه عبدالله، وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق، وخالته عائشة، وعلي بن أبي طالب، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيل، وحكيم بن حِزام، وزيد بن ثابت، وعبدالله بن جعفر، وعبدالله بن عباس، وعبدالله بن عمر، وعبدالله بن عمرو بن العاص، وأسامة بن زيد، وأبي أيوب، وأبي هريرة، وحجاج الأسلمي، وسفيان بن عبدالله الثقفي، وعمرو بن العاص، ومحمد بن مَسْلَمة، والمِسْوَر بن مَخْرَمة، والمُغيرة بن شعبة، وناجية الأسلمي، وأبي حُميد الساعدي، وأم سَلَمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأم هانئ بنت أبي طالب، وأم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وجابر بن عبدالله الأنصاري، والنعمان بن بشير، وعبيدالله بن عدي بن الخيار، وغيرهم رضي الله عنهم.
وروى عنه: أولادُه: عبدالله، وعثمان، وهشام، ومحمد، ويحيى، وغيرهم، قال ابن سعد: كان ثقةً كثير الحديث، فقيهًا عالِمًا ثبتًا مأمونًا، وقال ابن شهاب: كان إذا حدَّثني عروة، ثم حدثني عمرة، صدق عندي حديث عمرة حديث عروة، فلما بحرتهما إذا عروة بحر لا ينزف، وعدَّه أبو الزناد في فقهاء المدينة السبعة، قال ابن عُيَينة عن هشام: خرج عروة إلى الوليد، وخرجت برجله أكلة فقطعها وسقط ابنٌ له عن ظهر بيت له، فوقع تحت أرجل الدواب فوطِئته، فقال: لقد لقينا من سفرنا هذا نصبًا، اللهم إن كنت أخذت لقد أعطيت، وإن كنت ابتليت لقد عافيت، ومِن معنى كلامه رحمه الله: أن الحسنة تجلِب الحسنة، وأن السيئة تجلِب السيئة، وقد اختلف في وفاته رحمه الله، فقيل: سنة 91، وقيل: 92، وقيل: 93، وقيل: 94، وقيل: 95، وقيل: 99، وقيل: 100، وقيل: 101 هـ، رحمه الله ورضي عنه.
عَمَر؛ أي: أحيا، وفي بعض نسخ البخاري: أَعمَر.
قال الحافظ في الفتح: بفتح الهمزة والميم من الرباعي، قال عِياض: كذا، والصواب عَمَر ثلاثيًّا، قال الله تعالى: ﴿ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا ﴾ [الروم: 9]، إلا أن يريد أنه جعل فيها عمارًا، قال ابن بطال: ويمكن أن يكون أصله مِن اعتمر أرضًا؛ أي: اتخذها، وسقطت التاء من الأصل، وقال غيره: قد سُمِع فيها الرباعي، يقال: أَعمَر الله بك منزلك، فالمراد من أعمر أرضًا بالإحياء فهو أحقُّ بها من غيره، وحذف متعلق أحق للعلم به، ووقع في رواية أبي ذر: مَن أُعمر بضم الهمزة؛ أي: أعمر غيره، وكأن المراد بالغير: الإمام، وذكره الحميدي في جمعه بلفظ: من عمر من الثلاثي، وكذا هو عند الإسماعيلي من وجه آخر عن يحيى بن بكير شيخ البخاري فيه؛ اهـ.
ليست لأحد؛ أي: ليس لأحد ملك، ولا حقَّ فيها.
فهو أحق بها؛ أي: فهو مُقدَّم في استحقاق تملُّكها دون غيره.
وقضى به عمر في خلافته؛ أي: وحكم عمر رضي الله عنه في وقت خلافته أن مَن أحيا مواتًا من الأرض فهو أحقُّ به.
البحث:
لفظ هذا الحديث في صحيح البخاري من طريق محمد بن عبدالرحمن، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن أعمر أرضًا ليست لأحد فهو أحق))، قال عروة: قضى به عمر رضي الله عنه في خلافته؛ اهـ.
وقد ذكرتُ في شرح مفردات هذا الحديث ما ذكره الحافظ من البحث: في لفظ أعمر، كما أن لفظة: ((بها)) ليست في الحديث، ولذلك قال الحافظ في الفتح - كما ذكرت -: وحذف متعلق أحقُّ للعلم به؛ اهـ.
على أن الإسماعيلي قد صرَّح بها في روايته، أما الأثر الذي علَّقه البخاري وهو قوله: قال عروة: قضى به عمر إلخ - فقد قال الحافظ في الفتح: هو موصولٌ بالإسناد المذكور إلى عروة، ولكن عروة عن عمر مرسلًا؛ لأنه وُلد في آخر خلافة عمر؛ اهـ.
وقد أخرج مالك في الموطأ عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب قال: مَن أحيا أرضًا ميتةً فهي له، قال الحافظ في الفتح: وروينا في الخراج ليحيى بن آدم سبب ذلك، فقال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، قال: كان الناس يتحجَّرون - يعني الأرض - على عهد عمر، فقال: مَن أحيا أرضًا فهي له، قال يحيى: كأنه لم يجعلْها له بمجرد التحجير حتى يحييها.
وقال الحافظ في الفتح أيضًا: وروينا في كتاب الخراج ليحيى بن آدم من طريق محمد بن عبيدالله الثقفي، قال: كتب عمر بن الخطاب: مَن أحيا مواتًا من الأرض فهو أحقُّ به، روي من وجه آخر.
وروي من وجه آخر عن عمرو بن شعيب أو غيره أن عمر قال: مَن عطَّل أرضًا ثلاث سنين لم يُعمِّرها، فجاء غيره فعمَّرها فهي له؛ وكأن مرادَه بالتعطيل أن يتحجرها ولا يحوطها ببناء ولا غيره.
وأخرج الطحاوي الطريق الأولى أتم منه بالسند إلى الثقفي المذكور، قال: خرج رجلٌ من أهل البصرة يقال له أبو عبدالله إلى عمر، فقال: إن بأرض البصرة أرضًا لا تضرُّ بأحد من المسلمين، وليست بأرض خَراجٍ، فإن شئت أن تقطعنيها أتخذها قضبًا وزيتونًا؛ فكتب عمر إلى أبي موسى: إن كانت كذلك فأقطعها إياه؛ اهـ.
ما يستفاد من ذلك:
1- أن مَن أحيا أرضًا مواتًا ليست لأحد كان أحقَّ بها.
2- أن مَن تحجر أرضًا مواتًا لا يملكها بالتحجير.
3- أن مَن تحجر أرضًا مواتًا ولم يُحيِها في حدود ثلاث سنوات، ثم جاء غيره فأحياها، كانت للذي أحياها.
4- ينبغي استئذان السلطان قبل إحياء الأرض الموات.
5- أن إقطاع السلطان لا يعتبر تمليكًا إلا بعد الإحياء.
6- أن إحياء الأراضي الزراعية يختلف عن إحياء الأراضي السكنية.
7- لا يحل لمسلم أن يعتدي على أرض موات مملوكة ليحييها ويتملَّكها.
8- أن مَن أحيا الأرض الموات المتعلقة بحقِّ المسلمين أو مصالحهم لا يَملِكها بالإحياء.