حكاية ناي ♔
08-26-2023, 12:20 PM
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيْنَ أَبِي؟ قَالَ: "فِي النَّارِ"، فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ فَقَالَ: "إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ". رواه مسلم.
ترجمة راوي الحديث:
أنس بن مالك رضي الله عنه، تقدمت ترجمته في الحديث الثالث من كتاب الإيمان.
تخريج الحديث:
الحديث أخرجه مسلم حديث " 203"، وانفرد به عن البخاري، وأخرجه أبو داود " كتاب السنة " " باب في ذراري المشركين " حديث " 4718".
شرح ألفاظ الحديث:
• "أَيْنَ أَبِي؟ ": أي أين سيصير أفي الجنة أو في النار؟
• " فَلَمَّا قَفَّى ": أي ولى منصرفاً.
من فوائد الحديث:
• الفائدة الأولى: الحديث دليل على أن من مات على الكفر فهو في النار، ولا ينفعه شفاعة المقربين.
• الفائدة الثانية: الحديث دليل على أن والد النبي صلى الله عليه وسلم في النار.
فإن قيل: أليس أبو النبي صلى الله عليه وسلم ومن مات قبل البعثة من أهل الفترة الذين لم تبلغهم الرسالة؟
فالجواب: معلوم أن لأهل العلم أقوال في حكم أهل الفترة في الآخرة.
فقيل: هم في النار، لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّـهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 48].
وقيل: هم معذورون، لقوله تعالى: ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾ [الإسراء:15].
وقيل: إنهم يمتحنون يوم القيامة، فإن أجابوا ففي الجنة، وإن لم يجيبوا فهم في النار، لحديث الأسود بن سريع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" أربعة يمتحنون يوم القيامة... (وذكر منهم) رجل مات في فترة... فيقول ربي ما أتاني لك رسول، فيأخذ مواثيقهم ليطعُنَّه، فيرسل إليهم أن ادخلوا النار، فوالذي نفس محمد صلى الله عليه وسلم لو دخلوها لكانت عيهم برداً وسلاماً"
وهذا القول هو الراجح والله أعلم واختاره الشيخ ابن باز رحمه الله قال:" الصحيح من أقوال العلماء أن أهل الفترة يمتحنون يوم القيامة، ويؤمرون فإن أجابوا وأطاعوا دخلوا الجنة، وإن عصوا دخلوا النار وجاء في هذا عدة أحاديث عن أبي هريرة رضي الله عنه وعن الأسود بن سريع التميمي، وعن جماعة كلها تدل على أنهم يمتحنون يوم القيامة، ويخرج لهم عنق من النار، ويؤمرون بالدخول فيه، فمن أجاب صار عليه برداً وسلاماً، ومن أبى التف عليه وأخذه وصار إلى النار، نعوذ بالله من ذلك" [فتاوى نور على الدرب الجزء الأول].
وأما أبو النبي صلى الله عليه وسلم فقد دل حديث الباب أنه في النار مع أنه من أهل الفترة، وأجاب العلماء على هذا الإشكال بعدة أجوبة:
قيل: لأن الله تعالى علم أن والد النبي صلى الله عليه وسلم ممن لن يجيب في امتحان يوم القيامة فأوحى ذلك لنبيه صلى الله عليه وسلم واختار هذا القول ابن كثير رحمه الله حيث قال:" وإخباره صلى الله عليه وسلم عن أبويه وجده عبد المطلب بأنهم من أهل النار لا ينافي الحديث الوارد عنه من طرق متعددة أن أهل الفترة والأطفال والمجانين، والصم يمتحنون في العرصات يوم القيامة، كما بسطناه سنداً ومتناً في تفسيرنا عند قوله تعالى: ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾ [الإسراء:15] فيكون منهم من يجيب، ومنهم من لا يجيب، فيكون هؤلاء من جملة من لا يجيب فلا منافاة ولله الحمد والمنة" [البداية والنهاية (2 /281)].
وقيل: المراد بالأب في حديث الباب عمه أبو طالب، وقد أدرك البعثة ومات على الكفر، والعرب تطلق الأب على العم، وهذا القول ضعيف وبعيد لأن فيه صرف المعنى عن ظاهره.
وقيل: لأن والد النبي صلى الله عليه وسلم ممن بلغهم بقايا دين إبراهيم عليه السلام، ومع ذلك مات على غير التوحيد فلا يعذر حينئذ فكان من أهل النار، واختاره النووي رحمه الله وابن باز رحمهما الله تعالى.
قال النووي رحمه الله:" وفيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار، وليس هذا مؤاخذة قبول بلوغ الدعوة، فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم " [شرح النووي لمسلم (3 /74)].
قال ابن باز رحمه الله:" واجتمع العلماء بهذا على أن أبا النبي صلى الله عليه وسلم كان ممن بلغته الدعوة وقامت عليه الحجة فلهذا قال صلى الله عليه وسلم" في النار" ولو أنه كان من أهل الفترة لم يقل له النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلام في حقه، وهكذا لما استأذن ربه أن يستغفر لأمه نهي عن ذلك، لكنه أذن له أن يزورها، ولم يؤذن له في الاستغفار لها، فهذا يدل على أنهما بلغتهما الدعوة، وأنهما ماتا على دين الجاهلية، وعلى دين الكفر، وهذا هو الأصل في الكفار أنهم في النار" [انظر المرجع السابق فتاوى نور على الدرب].
• الفائدة الثالثة: الحديث دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه، ولا لأحد ولو كان قريبا فهو لا يملك له من الله شيئاً، وإذ لو قدر على نفع أحد مات على الكفر لنفع أباه"
• الفائدة الرابعة: الحديث دليل على أنه لا محاباة لأحد عند الله تعالى مهما ارتفعت منزلته.
• الفائدة الخامسة: في الحديث دلالة على أن الله تعالى يطلع نبيه صلى الله عليه وسلم على بعض الغيب.
• الفائدة السادسة: في الحديث حسن مراعاة النبي صلى الله عليه وسلم لمشاعر المتعلم إذا كان التعليم أو الجواب مما يفجعه وتسلية لمصابه بالاشتراك في المصيبة حتى تهون مصيبته بأبيه.
قال النووي رحمه الله:" قول النبي صلى الله عليه وسلم " إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ" هو من حسن العشرة للتسلية بالاشتراك في المصيبة" [المرجع السابق (3 /74)].
مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الإيمان)
ترجمة راوي الحديث:
أنس بن مالك رضي الله عنه، تقدمت ترجمته في الحديث الثالث من كتاب الإيمان.
تخريج الحديث:
الحديث أخرجه مسلم حديث " 203"، وانفرد به عن البخاري، وأخرجه أبو داود " كتاب السنة " " باب في ذراري المشركين " حديث " 4718".
شرح ألفاظ الحديث:
• "أَيْنَ أَبِي؟ ": أي أين سيصير أفي الجنة أو في النار؟
• " فَلَمَّا قَفَّى ": أي ولى منصرفاً.
من فوائد الحديث:
• الفائدة الأولى: الحديث دليل على أن من مات على الكفر فهو في النار، ولا ينفعه شفاعة المقربين.
• الفائدة الثانية: الحديث دليل على أن والد النبي صلى الله عليه وسلم في النار.
فإن قيل: أليس أبو النبي صلى الله عليه وسلم ومن مات قبل البعثة من أهل الفترة الذين لم تبلغهم الرسالة؟
فالجواب: معلوم أن لأهل العلم أقوال في حكم أهل الفترة في الآخرة.
فقيل: هم في النار، لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّـهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 48].
وقيل: هم معذورون، لقوله تعالى: ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾ [الإسراء:15].
وقيل: إنهم يمتحنون يوم القيامة، فإن أجابوا ففي الجنة، وإن لم يجيبوا فهم في النار، لحديث الأسود بن سريع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" أربعة يمتحنون يوم القيامة... (وذكر منهم) رجل مات في فترة... فيقول ربي ما أتاني لك رسول، فيأخذ مواثيقهم ليطعُنَّه، فيرسل إليهم أن ادخلوا النار، فوالذي نفس محمد صلى الله عليه وسلم لو دخلوها لكانت عيهم برداً وسلاماً"
وهذا القول هو الراجح والله أعلم واختاره الشيخ ابن باز رحمه الله قال:" الصحيح من أقوال العلماء أن أهل الفترة يمتحنون يوم القيامة، ويؤمرون فإن أجابوا وأطاعوا دخلوا الجنة، وإن عصوا دخلوا النار وجاء في هذا عدة أحاديث عن أبي هريرة رضي الله عنه وعن الأسود بن سريع التميمي، وعن جماعة كلها تدل على أنهم يمتحنون يوم القيامة، ويخرج لهم عنق من النار، ويؤمرون بالدخول فيه، فمن أجاب صار عليه برداً وسلاماً، ومن أبى التف عليه وأخذه وصار إلى النار، نعوذ بالله من ذلك" [فتاوى نور على الدرب الجزء الأول].
وأما أبو النبي صلى الله عليه وسلم فقد دل حديث الباب أنه في النار مع أنه من أهل الفترة، وأجاب العلماء على هذا الإشكال بعدة أجوبة:
قيل: لأن الله تعالى علم أن والد النبي صلى الله عليه وسلم ممن لن يجيب في امتحان يوم القيامة فأوحى ذلك لنبيه صلى الله عليه وسلم واختار هذا القول ابن كثير رحمه الله حيث قال:" وإخباره صلى الله عليه وسلم عن أبويه وجده عبد المطلب بأنهم من أهل النار لا ينافي الحديث الوارد عنه من طرق متعددة أن أهل الفترة والأطفال والمجانين، والصم يمتحنون في العرصات يوم القيامة، كما بسطناه سنداً ومتناً في تفسيرنا عند قوله تعالى: ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾ [الإسراء:15] فيكون منهم من يجيب، ومنهم من لا يجيب، فيكون هؤلاء من جملة من لا يجيب فلا منافاة ولله الحمد والمنة" [البداية والنهاية (2 /281)].
وقيل: المراد بالأب في حديث الباب عمه أبو طالب، وقد أدرك البعثة ومات على الكفر، والعرب تطلق الأب على العم، وهذا القول ضعيف وبعيد لأن فيه صرف المعنى عن ظاهره.
وقيل: لأن والد النبي صلى الله عليه وسلم ممن بلغهم بقايا دين إبراهيم عليه السلام، ومع ذلك مات على غير التوحيد فلا يعذر حينئذ فكان من أهل النار، واختاره النووي رحمه الله وابن باز رحمهما الله تعالى.
قال النووي رحمه الله:" وفيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار، وليس هذا مؤاخذة قبول بلوغ الدعوة، فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم " [شرح النووي لمسلم (3 /74)].
قال ابن باز رحمه الله:" واجتمع العلماء بهذا على أن أبا النبي صلى الله عليه وسلم كان ممن بلغته الدعوة وقامت عليه الحجة فلهذا قال صلى الله عليه وسلم" في النار" ولو أنه كان من أهل الفترة لم يقل له النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلام في حقه، وهكذا لما استأذن ربه أن يستغفر لأمه نهي عن ذلك، لكنه أذن له أن يزورها، ولم يؤذن له في الاستغفار لها، فهذا يدل على أنهما بلغتهما الدعوة، وأنهما ماتا على دين الجاهلية، وعلى دين الكفر، وهذا هو الأصل في الكفار أنهم في النار" [انظر المرجع السابق فتاوى نور على الدرب].
• الفائدة الثالثة: الحديث دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه، ولا لأحد ولو كان قريبا فهو لا يملك له من الله شيئاً، وإذ لو قدر على نفع أحد مات على الكفر لنفع أباه"
• الفائدة الرابعة: الحديث دليل على أنه لا محاباة لأحد عند الله تعالى مهما ارتفعت منزلته.
• الفائدة الخامسة: في الحديث دلالة على أن الله تعالى يطلع نبيه صلى الله عليه وسلم على بعض الغيب.
• الفائدة السادسة: في الحديث حسن مراعاة النبي صلى الله عليه وسلم لمشاعر المتعلم إذا كان التعليم أو الجواب مما يفجعه وتسلية لمصابه بالاشتراك في المصيبة حتى تهون مصيبته بأبيه.
قال النووي رحمه الله:" قول النبي صلى الله عليه وسلم " إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ" هو من حسن العشرة للتسلية بالاشتراك في المصيبة" [المرجع السابق (3 /74)].
مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الإيمان)