مشاهدة النسخة كاملة : بحيرة الحبانية العراقية من وجهة سياحية إلى «بركة راكدة»


حكاية ناي ♔
08-31-2023, 06:29 PM
عمل محمد في متجره الصغير في المدينة السياحية القريبة من بحيرة الحبانية في وسط العراق لأعوام، لكنه لم يشهد عاما مثل 2023، إذ طال الجفاف الذي يضرب العراق البحيرة وأثر سلبا على جذب السياح.
في أكثر أيام أغسطس حرا، لم يكن المكان الذي يضم شققا سياحية وفندقا، يهدأ في الماضي خصوصا في أيام عطلة نهاية الأسبوع.
لكن يوم الجمعة هذا لم يأت سوى عدد قليل من الزبائن إلى متجر محمد. أما الشاطئ الذي ازدادت مساحته مع تراجع منسوب المياه، فبدا خاليا. ولم يعد المكان سوى ظل لما كان عليه في الماضي، حينما كان واحدا من أفضل المنتجعات السياحية في الشرق الأوسط بعد تأسيسه في 1979.
يروي محمد من أمام دكانه الذي يبيع فيه المرطبات والمياه وملابس ومعدات السباحة لسياح لم يأتوا هذا العام لفرانس برس أنه "خلال العامين الماضيين، كان هناك عمل وحركة"، لكن "الآن لا يوجد مياه، هذا عام جفاف".
ويضيف الشاب البالغ من العمر 35 عاما الذي فضل عدم إعطاء اسمه كاملا أنه "بسبب قلة المياه، توقف العمل وتوقفت الحركة، لا يأتي أحد... إذا عادت المياه، يعود الناس".
وبالفعل، فإن مياه البحيرة التي تبعد نحو ساعة ونصف في السيارة عن بغداد، تراجعت عشرات الأمتار.
يوضح جمال عودة سمير، مدير الموارد المائية في محافظة الأنبار لـ"الفرنسية"، أن "البحيرة تحتوى الآن على 500 مليون متر مكعب من المياه" فقط، مقابل "قدرة استيعابية قصوى هي 3.3 مليار متر مكعب"، مضيفا أنه في 2020، كانت البحيرة ممتلئة إلى حدها الأقصى.
بعد الظهر، خلت المدينة السياحية في الحبانية تماما إلا بضعة كلاب شاردة ونوارس حلقت فوق ما تبقى منها. ووضعت مظلات متفرقة على الشاطئ بينما بدت الشقق السياحية المحيطة خالية.
قبيل غروب الشمس ومع تراجع درجات الحرارة قليلا، افترشت عائلات قليلة الأرض الموحلة، منهم من جاء من مدينة الفلوجة المجاورة، وآخرون من بغداد. استمع البعض إلى الموسيقى، فيما طها آخرون اللحم والدجاج على الفحم، ودخنوا النرجيلة.
لعب الأطفال في بقعة واحدة لا تزال المياه جارية فيها. أما في مواقع أخرى، فالمياه ضحلة وموحلة، ولا تصلح للسباحة.
جاء قاسم لفتة من مدينة الفلوجة المجاورة إلى البحيرة لقضاء وقت مع عائلته وأولاده.
يقول الرجل البالغ من العمر 45 عاما الذي يعمل تاجرا إننا في السابق "كنا نأتي إلى هنا وكان الوضع أفضل، كانت المياه أعلى، ووضع المكان أفضل"، لكن هذه السنة "هي الأسوأ، بسبب قلة المياه وانخفاض مستوى البحيرة".
وناشد الدولة "أن تهتم بالمكان، لأنه المتنفس الوحيد ليس فقط لأهل الأنبار، بل للمحافظات الجنوبية وبغداد أيضا".
ويعود هذا الوضع المأساوي لواقع أن العراق يعيش سنته الرابعة من الجفاف، ويعد من الدول الخمس الأكثر تأثرا ببعض تداعيات التغير المناخي وفق الأمم المتحدة.
وفي زيارة إلى العراق الأسبوع الماضي، حذر فولكر تورك المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، من أن ما يشهده العراق من جفاف وارتفاع في درجات الحرارة هو بمنزلة "إنذار" للعالم أجمع.
أما المخزون المائي في العراق، فهو "الأدنى في تاريخ الدولة العراقية الحديثة منذ مطلع عشرينيات القرن الماضي"، كما قال خالد شمال، المتحدث باسم وزارة الموارد المائية في وقت سابق.
في الحبانية، أسهم تراجع الأمطار وارتفاع درجات الحرارة في انخفاض المنسوب المتأثر أيضا بتراجع نهر الفرات الذي ينبع من تركيا ويعبر في سورية ويغذي البحيرة.
وبحسب مدير الموارد المائية في الأنبار، فإن تراجع منسوب البحيرة ونهر الفرات يعود إلى "قلة الإطلاقات المائية من دول المنبع مثل تركيا وسوريا"، ولذلك اضطرت الوزارة "إلى سحب المياه من بحيرة الحبانية لتعزيز الحصص المائية في محافظات الوسط والجنوب".
وتقول السلطات العراقية إن السدود التي تبنيها الجارتان تركيا وإيران تعد سببا رئيسا في تراجع منسوب نهري دجلة والفرات على الأراضي العراقية.
يعمل صداع صالح محمد في إدارة المنتجع منذ 25 عاما. ولحظ أنه "منذ أكثر من عام، بدأت البحيرة بالانخفاض".
وأضاف صالح، مدير قسم التدقيق والرقابة الداخلية في المدينة السياحية أنه "لا يمكن المقارنة" مع الأعوام السابقة، "ففي مثل هذه الأوقات، تكون الحبانية ممتلئة، سواء السكن أو الشاطئ".
لكن "حاليا، أصبح ارتياد السياح للحبانية ضعيفا جدا جدا"، كما قال. وفي 2020، وعلى الرغم من الحجر الصحي المرتبط بجائحة كورونا، سجلت الشقق السياحية تسعة آلاف حجز، لكنها حاليا لم تتجاوز ثلاثة آلاف منذ مطلع العام، وفق المسؤول.
وتابع بحسرة: "البحيرة أصبحت عبارة عن بركة ماء راكدة لا تصلح لا للشرب ولا للسباحة".

بلسم الروح
08-31-2023, 06:30 PM
يعطيكـ ربي العآفيهـ
بـ إنتظارجديدك بكل شوق
ودي ووردي