عازف الناي
10-05-2022, 07:58 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عبوديةٌ عظيم شأنها، جليلٌ أمرها، كبيرٌ خطبها، جديرٌ بكل مسلم أن تعظم عنايته بها، ففيها بَرُّ الأمان، وسبيل النجاة، وتحقق السعادة في الدنيا والآخرة؛ إنها عبودية الفرار إلى الله -جل في علاه-، كما قال الله -تبارك وتعالى- في سورة الذاريات: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50)}، ما أعظم شأن هذه العبودية، وما أعظم عوائدها وفوائدها على الفارين إلى الله!
والناس في هذا الباب على قسمين: سعداء وأشقياء؛ فأما السعداء فهم الفارون إلى الله، طالبون بفرارهم إليه سعادتهم وفوزهم وفلاحهم في الدنيا والآخرة. وأما الأشقياء فهم الفارون من الله لا إلى الله، وهذا سبيل شقاء وهلاك في الدنيا والآخرة.
الفرار إلى الله -جل وعلا- يحتاج إلى مهروب منه وإلى مهروب إليه، وفي الآية ذكر للمهروب إليه -جل في علاه- {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ}، ولم يُذكر فيها المهروب منه؛ وذلك ليتناول كل قاطعٍ وعائق وحائلٍ بين العبد وبين الفرار إلى الله والوصول إلى رضاه -جل في علاه.
متطلبات الفرار إلى الله.
الفرار إلى الله -عز وجل- يتطلب من الفار إلى الله أمورًا ثلاثة؛ يحققها علما وعملا:
معرفة من يفر إليه.
- الأمر الأول: معرفة من يفر إليه؛ وهو الله العظيم -جل في علاه- معرفةً بأسمائه وصفاته، وعظمته، وجلاله، وكماله، وعظيم اقتداره -جل في علاه-، وشدة بطشه وانتقامه -سبحانه وتعالى-، وكلما عظُمت معرفة العبد بالله ازداد فراره إليه -جل في علاه-، قال الله -تعالى-: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (فاطر:28)؛ فمن كان بالله أعرف كان منه أخوف ولعبادته أطلب وعن معصيته أبعد.
معرفة الطريق التي يسلكها.
- والأمر الثاني: معرفة الطريق التي يسلكها الفار إلى الله -جل وعلا-؛ وهي لزوم طاعته -سبحانه-؛ ولهذا جاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في معنى قوله -تعالى- {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} قال: «فروا من الله إلى الله بلزوم طاعته»، فالطريق التي يسلكها الفار إلى الله أن يلزم صراط الله المستقيم، وألا يحيد عنه ولا ينحرف بل يمضي على استقامة الصراط والطريق الموصل إلى الله -جل وعلا- بفعل الأوامر واجتناب المناهي طلبًا لرضا الله -عز وجل- وحرصًا على الظفر بعظيم موعوده جل في علاه.
معرفة مآل الطريق.
- والأمر الثالث: معرفة مآل هذه الطريق وما توصل إليه، وهو الفوز بجنة الله ورضوانه -جل في علاه-؛ فالفرار إلى الله -عز وجل- نجاةٌ من السخط وفوزٌ بالرضوان. الفارون إلى الله -عز وجل- هم الذين يُزحزحون يوم القيامة عن النار ويُدخلون الجنة دار الأبرار {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} (آل عمران:185).
وقد جُمعت هذه الأمور الثلاثة في قول الله جل وعلا: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} (الإسراء:19).
طاعة الله -عز وجل.
وجاء الأمر في هذه الآية بطاعة الله -عز وجل- ولزوم عبادته بهذه الصيغة{فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ}؛ تنبيهًا للعباد إلى أن الأمر إذا لم يكن فيه فرار إلى الله فإن المرء على خطر عظيم وهلاك متحتِّم، وهو مقامٌ يتطلب من العبد عدم التواني والتقاعس والتكاسل والتباطؤ، بل هو يتطلب مسارعةً، {فَفِرُّوا} أي مسرعين إلى الله -عز وجل-، وقد قال الله: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} (آل عمران:133)، وقال: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} (الحديد:21)؛ فالمقام لا يحتمل التواني والتباطؤ والتسويف وإنما يتطلب مسارعةً كما هو واضح في قوله: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ}.
ما يعين على الفرار.
ومن أعظم ما يعين على هذا الفرار إلى الله -عز وجل-: أن تتأمل الآيات التي تسبق هذه الآية في سورة الذاريات؛ حيث ذكر -جل وعلا- قبلها ما أحلَّه بالفارين من الله من أنواع المثلات وصنوف العقوبات، وما ذكره قبلها أيضا من آياته العظيمة ومخلوقاته الجسيمة الدالة على عظمته وكمال اقتداره؛ فختمها بقوله {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ}.
أمٌر يتجدد.
إنَّ الفرار إلى الله -عز وجل- أمٌر يتجدد مع المؤمن بتجدد الليالي والأيام؛ فإن الفتن تلاحقه، والصوارف والصواد تطارده، والشيطان من جهته قاعد له بالمرصاد، وهناك نفس أمارة بالسوء، وهناك أبوابٌ على كل باب منها شيطان يدعو إليه؛ فالمقام مقامٌ عظيم جدا يحتاج من العبد المؤمن صادق الإيمان أن يحسن الفرار إلى الله الرحمن، طالبًا بفراره إلى الله -عز وجل- أن يخرج من هذه الحياة الدنيا وقد نجا من سخط الله -عز وجل-، وفاز برضوانه -جل في علاه.
تجددٌ في الإيمان.
هذا التجدد في الفرار إلى الله -عز وجل- هو تجددٌ في الإيمان وحسن الصلة بالله -جل في علاه-، وتأملوا في هذا المقام «مقام الفرار إلى الله -عز وجل-» هذا الحديث العظيم العجيب وهو في الصحيحين؛ عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : (إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وَضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ وَقُلِ: ((اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ)) وَاجْعَلْهُنَّ مِنْ آخِرِ كَلاَمِكَ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ مُتَّ وَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ)).
وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الدعاء العظيم ((لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ))؛ لتعلم يقينًا يتكرر معك هذا العلم كل ليلة عندما تؤوي إلى فراشك مجدِّدًا بذلك إيمانك ألا مفرَّ لك من الله إلا إلى الله، فإن كل شيء تخافه تفر منه إلا الله -عز شأنه وجلَّ أمره سبحانه-؛ فإن من عظُم خوفه من الله فر إلى الله -عز وجل-، لأنه لا ملجأ من الله إلا إليه.
عبوديةٌ عظيم شأنها، جليلٌ أمرها، كبيرٌ خطبها، جديرٌ بكل مسلم أن تعظم عنايته بها، ففيها بَرُّ الأمان، وسبيل النجاة، وتحقق السعادة في الدنيا والآخرة؛ إنها عبودية الفرار إلى الله -جل في علاه-، كما قال الله -تبارك وتعالى- في سورة الذاريات: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50)}، ما أعظم شأن هذه العبودية، وما أعظم عوائدها وفوائدها على الفارين إلى الله!
والناس في هذا الباب على قسمين: سعداء وأشقياء؛ فأما السعداء فهم الفارون إلى الله، طالبون بفرارهم إليه سعادتهم وفوزهم وفلاحهم في الدنيا والآخرة. وأما الأشقياء فهم الفارون من الله لا إلى الله، وهذا سبيل شقاء وهلاك في الدنيا والآخرة.
الفرار إلى الله -جل وعلا- يحتاج إلى مهروب منه وإلى مهروب إليه، وفي الآية ذكر للمهروب إليه -جل في علاه- {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ}، ولم يُذكر فيها المهروب منه؛ وذلك ليتناول كل قاطعٍ وعائق وحائلٍ بين العبد وبين الفرار إلى الله والوصول إلى رضاه -جل في علاه.
متطلبات الفرار إلى الله.
الفرار إلى الله -عز وجل- يتطلب من الفار إلى الله أمورًا ثلاثة؛ يحققها علما وعملا:
معرفة من يفر إليه.
- الأمر الأول: معرفة من يفر إليه؛ وهو الله العظيم -جل في علاه- معرفةً بأسمائه وصفاته، وعظمته، وجلاله، وكماله، وعظيم اقتداره -جل في علاه-، وشدة بطشه وانتقامه -سبحانه وتعالى-، وكلما عظُمت معرفة العبد بالله ازداد فراره إليه -جل في علاه-، قال الله -تعالى-: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (فاطر:28)؛ فمن كان بالله أعرف كان منه أخوف ولعبادته أطلب وعن معصيته أبعد.
معرفة الطريق التي يسلكها.
- والأمر الثاني: معرفة الطريق التي يسلكها الفار إلى الله -جل وعلا-؛ وهي لزوم طاعته -سبحانه-؛ ولهذا جاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في معنى قوله -تعالى- {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} قال: «فروا من الله إلى الله بلزوم طاعته»، فالطريق التي يسلكها الفار إلى الله أن يلزم صراط الله المستقيم، وألا يحيد عنه ولا ينحرف بل يمضي على استقامة الصراط والطريق الموصل إلى الله -جل وعلا- بفعل الأوامر واجتناب المناهي طلبًا لرضا الله -عز وجل- وحرصًا على الظفر بعظيم موعوده جل في علاه.
معرفة مآل الطريق.
- والأمر الثالث: معرفة مآل هذه الطريق وما توصل إليه، وهو الفوز بجنة الله ورضوانه -جل في علاه-؛ فالفرار إلى الله -عز وجل- نجاةٌ من السخط وفوزٌ بالرضوان. الفارون إلى الله -عز وجل- هم الذين يُزحزحون يوم القيامة عن النار ويُدخلون الجنة دار الأبرار {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} (آل عمران:185).
وقد جُمعت هذه الأمور الثلاثة في قول الله جل وعلا: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} (الإسراء:19).
طاعة الله -عز وجل.
وجاء الأمر في هذه الآية بطاعة الله -عز وجل- ولزوم عبادته بهذه الصيغة{فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ}؛ تنبيهًا للعباد إلى أن الأمر إذا لم يكن فيه فرار إلى الله فإن المرء على خطر عظيم وهلاك متحتِّم، وهو مقامٌ يتطلب من العبد عدم التواني والتقاعس والتكاسل والتباطؤ، بل هو يتطلب مسارعةً، {فَفِرُّوا} أي مسرعين إلى الله -عز وجل-، وقد قال الله: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} (آل عمران:133)، وقال: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} (الحديد:21)؛ فالمقام لا يحتمل التواني والتباطؤ والتسويف وإنما يتطلب مسارعةً كما هو واضح في قوله: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ}.
ما يعين على الفرار.
ومن أعظم ما يعين على هذا الفرار إلى الله -عز وجل-: أن تتأمل الآيات التي تسبق هذه الآية في سورة الذاريات؛ حيث ذكر -جل وعلا- قبلها ما أحلَّه بالفارين من الله من أنواع المثلات وصنوف العقوبات، وما ذكره قبلها أيضا من آياته العظيمة ومخلوقاته الجسيمة الدالة على عظمته وكمال اقتداره؛ فختمها بقوله {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ}.
أمٌر يتجدد.
إنَّ الفرار إلى الله -عز وجل- أمٌر يتجدد مع المؤمن بتجدد الليالي والأيام؛ فإن الفتن تلاحقه، والصوارف والصواد تطارده، والشيطان من جهته قاعد له بالمرصاد، وهناك نفس أمارة بالسوء، وهناك أبوابٌ على كل باب منها شيطان يدعو إليه؛ فالمقام مقامٌ عظيم جدا يحتاج من العبد المؤمن صادق الإيمان أن يحسن الفرار إلى الله الرحمن، طالبًا بفراره إلى الله -عز وجل- أن يخرج من هذه الحياة الدنيا وقد نجا من سخط الله -عز وجل-، وفاز برضوانه -جل في علاه.
تجددٌ في الإيمان.
هذا التجدد في الفرار إلى الله -عز وجل- هو تجددٌ في الإيمان وحسن الصلة بالله -جل في علاه-، وتأملوا في هذا المقام «مقام الفرار إلى الله -عز وجل-» هذا الحديث العظيم العجيب وهو في الصحيحين؛ عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : (إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وَضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ وَقُلِ: ((اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ)) وَاجْعَلْهُنَّ مِنْ آخِرِ كَلاَمِكَ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ مُتَّ وَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ)).
وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الدعاء العظيم ((لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ))؛ لتعلم يقينًا يتكرر معك هذا العلم كل ليلة عندما تؤوي إلى فراشك مجدِّدًا بذلك إيمانك ألا مفرَّ لك من الله إلا إلى الله، فإن كل شيء تخافه تفر منه إلا الله -عز شأنه وجلَّ أمره سبحانه-؛ فإن من عظُم خوفه من الله فر إلى الله -عز وجل-، لأنه لا ملجأ من الله إلا إليه.