كاتم احساسي
12-12-2022, 09:04 AM
محبة النبي للصحابة ومكانتهم عنده
محبة النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة رضي الله عنهم
ومكانتهم عنده
كان النبي صلى الله عليه وسلم يتفقد أصحابه في الحضر والسفر، ويسأل عنهم، وإذا أُخبر بمرض أحدهم سارعَ إلى زيارته.
وكثيرة هي الأحاديث التي سجلت عيادته لمن مرض من أصحابه.
وكثيرًا ما يكون في سفر فيغيب عنه واحد من أصحابه، فيسأل عنه.
ففي غزوة تبوك التي تغيب عنها كعب بن مالك، وعدد المسلمين يومئذٍ كثير، وما من رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أنه سيخفى عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك، لما وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى تبوك وجلس فيها قال: «ما فعل كعب؟» كما سأل عن غيره، فلم تكن كثرة العدد لتنسيه واحدًا منهم.
ويومها قال للذي جاء متأخرًا ولا يعلم من هو: «كن أبا خيثمة» فإذا هو أبو خيثمة.
وعن أبي برزة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في مغزى له، فأفاء الله عليه. فقال لأصحابه: «هل تفقدون من أحد؟» قالوا: نعم، فلانًا وفلانًا وفلانًا، ثم قال: «هل تفقدون من أحد؟» قالوا: نعم، فلانًا وفلانًا وفلانًا، ثم قال: «هل تفقدون من أحد؟» قالوا: لا، قال: «لكني أفقد جليبيبًا، فاطلبوه» فطلب من القتلى، فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم، ثم قتلوه[1].
وعن أبي هريرة: أن أسود - رجلًا أو امرأة - كان يقم[2] المسجد، فمات ولم يعلم النبي صلى الله عليه وسلم بموته، فذكره ذات يوم فقال: «ما فعل ذلك الإنسان؟» قالوا: مات يا رسول الله، قال: «أفلا آذنتموني[3]».
وهكذا كان لكل فرد من المسلمين مكانته في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عنهم جميعًا، ويتتبع أخبارهم، بغية الاطمئنان على أحوالهم وأمورهم.
ومن سيرته صلى الله عليه وسلم في السفر والجهاد: أنه كان يتخلف في المسير، فيزجي[4] الضعيف، ويردف، ويدعو لهم[5].
وهكذا لم تمنع هيبته صلى الله عليه وسلم، أن يكون قريبًا من أصحابه، وأن يكونوا قريبين منه، بل إنه كان يمازحهم، ويمزحون أمامه وهو ما نتحدث عنه في الفقرة الآتية:
مزاحه صلى الله عليه وسلم:
حينما ظن حنظلة أن الحياة ينبغي أن تكون باستمرار في حال من الجد، بعيدًا عن اللهو، وظن نفسه أن نافق بمداعبته زوجته وأولاده، وجاء يشكو ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم قال له النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه: «ولكن يا حنظلة ساعة وساعة»[6].
وهكذا أعلمه صلى الله عليه وسلم، أنه لا بد من ترويح النفوس بين الفينة والفينة حتى تستعيد نشاطها.
والمزاح من اللهو المباح، وقد كان صلى الله عليه وسلم يمازح أصحابه.
عن أبي هريرة قال: قالوا: يا رسول الله، إنك تداعبنا، قال: «إني لا أقول إلا حقًّا»[7].
وهكذا كان مزحه صلى الله عليه وسلم لا يخرجه عن قول الحق والصدق.
عن أنس رضي الله عنه، أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، احملني، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنا حاملوك على ولد ناقة» قال: وما أصنع بولد ناقة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وهل تلد الإبل إلا النوق؟»[8].
وعن أنس رضي الله عنه. قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا ذا الأذنين» قال أبو أسامة: يعني يمازحه[9].
وفي تفسير ابن كثير عن الحسن قال: أتت عجوز فقالت: يا رسول الله، ادع الله تعالى أن يدخلني الجنة، فقال: «يا أم فلان، إن الجنة لا تدخلها عجوز»، قال: فولت تبكي، قال: «أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله تعالى يقول: ï´؟ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا ï´¾[10]»[11].
ومج رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجه محمود بن الربيع مجة، وهو ابن خمس سنين، يمازحه[12].
وعن أنس رضي الله عنه: أن رجلًا من أهل البادية كان اسمه زاهرًا، كان يهدي للنبي صلى الله عليه وسلم من البادية، فيجهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن زاهرًا باديتنا، ونحن حاضروه» وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه، وكان رجلًا دميمًا، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم، يومًا وهو يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره، فقال الرجل: أرسلني، من هذا؟ فالتفت فعرف النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي صلى الله عليه وسلم حين عرفه، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من يشتري العبد؟» فقال: يا رسول الله، إذًا والله تجدني كاسدًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لكن عند الله لست بكاسد»[13].
وهكذا كان صلى الله عليه وسلم يداعب أصحابه ويمازحهم، حينما تكون مناسبة، أو تسنح فرصة.
وإذا كان المزح مطلوبًا في بعض الأوقات، فقد سنَّ له رسول الله صلى الله عليه وسلم آدابًا ينبغي مراعاتها، منها:
أنه ينبغي ألا يكون فيه ما يسيء إلى مسلم أو يروعه، ففي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لمسلم أن يروع مسلمًا»[14] وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يأخذنَّ أحدكم متاع أخيه لاعبًا ولا جادًّا»[15].
كما ينبغي أن لا يخرج عن دائرة الصدق، كما كان شأنه صلى الله عليه وسلم، وقد حذر صلى الله عليه وسلم من الكذب لإضحاك الناس فقال: «ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم، ويل له، ويل له»[16].
[1] أخرجه مسلم (2472).
[2]يقمّ: أي يكنس، القمامة: الكناسة.
[3]متفق عليه (خ 1337، م 956).
[4] يزجي: أي يسوق.
[5] أخرجه أبو داود (2639).
[6] أخرجه مسلم برقم (2750).
[7] أخرجه الترمذي برقم (1990).
[8] أخرجه أبو داود برقم (4998) والترمذي (1991).
[9] أخرجه أبو داود برقم (5002) والترمذي (1992).
[10] سورة الواقعة، الآية (35، 36).
[11] تفسير ابن كثير عند الآية المذكورة.
[12] أخرجه البخاري برقم (189).
[13] أخرجه أحمد في المسند 3/ 161.
[14] أخرجه أبو داود برقم (5004).
[15] أخرجه أبو داود برقم (5003) والترمذي (2160).
[16] أخرجه أبو داود برقم (4990) والترمذي (2315) والدارمي (2702).
أ. صالح بن أحمد الشامي
محبة النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة رضي الله عنهم
ومكانتهم عنده
كان النبي صلى الله عليه وسلم يتفقد أصحابه في الحضر والسفر، ويسأل عنهم، وإذا أُخبر بمرض أحدهم سارعَ إلى زيارته.
وكثيرة هي الأحاديث التي سجلت عيادته لمن مرض من أصحابه.
وكثيرًا ما يكون في سفر فيغيب عنه واحد من أصحابه، فيسأل عنه.
ففي غزوة تبوك التي تغيب عنها كعب بن مالك، وعدد المسلمين يومئذٍ كثير، وما من رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أنه سيخفى عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك، لما وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى تبوك وجلس فيها قال: «ما فعل كعب؟» كما سأل عن غيره، فلم تكن كثرة العدد لتنسيه واحدًا منهم.
ويومها قال للذي جاء متأخرًا ولا يعلم من هو: «كن أبا خيثمة» فإذا هو أبو خيثمة.
وعن أبي برزة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في مغزى له، فأفاء الله عليه. فقال لأصحابه: «هل تفقدون من أحد؟» قالوا: نعم، فلانًا وفلانًا وفلانًا، ثم قال: «هل تفقدون من أحد؟» قالوا: نعم، فلانًا وفلانًا وفلانًا، ثم قال: «هل تفقدون من أحد؟» قالوا: لا، قال: «لكني أفقد جليبيبًا، فاطلبوه» فطلب من القتلى، فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم، ثم قتلوه[1].
وعن أبي هريرة: أن أسود - رجلًا أو امرأة - كان يقم[2] المسجد، فمات ولم يعلم النبي صلى الله عليه وسلم بموته، فذكره ذات يوم فقال: «ما فعل ذلك الإنسان؟» قالوا: مات يا رسول الله، قال: «أفلا آذنتموني[3]».
وهكذا كان لكل فرد من المسلمين مكانته في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عنهم جميعًا، ويتتبع أخبارهم، بغية الاطمئنان على أحوالهم وأمورهم.
ومن سيرته صلى الله عليه وسلم في السفر والجهاد: أنه كان يتخلف في المسير، فيزجي[4] الضعيف، ويردف، ويدعو لهم[5].
وهكذا لم تمنع هيبته صلى الله عليه وسلم، أن يكون قريبًا من أصحابه، وأن يكونوا قريبين منه، بل إنه كان يمازحهم، ويمزحون أمامه وهو ما نتحدث عنه في الفقرة الآتية:
مزاحه صلى الله عليه وسلم:
حينما ظن حنظلة أن الحياة ينبغي أن تكون باستمرار في حال من الجد، بعيدًا عن اللهو، وظن نفسه أن نافق بمداعبته زوجته وأولاده، وجاء يشكو ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم قال له النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه: «ولكن يا حنظلة ساعة وساعة»[6].
وهكذا أعلمه صلى الله عليه وسلم، أنه لا بد من ترويح النفوس بين الفينة والفينة حتى تستعيد نشاطها.
والمزاح من اللهو المباح، وقد كان صلى الله عليه وسلم يمازح أصحابه.
عن أبي هريرة قال: قالوا: يا رسول الله، إنك تداعبنا، قال: «إني لا أقول إلا حقًّا»[7].
وهكذا كان مزحه صلى الله عليه وسلم لا يخرجه عن قول الحق والصدق.
عن أنس رضي الله عنه، أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، احملني، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنا حاملوك على ولد ناقة» قال: وما أصنع بولد ناقة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وهل تلد الإبل إلا النوق؟»[8].
وعن أنس رضي الله عنه. قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا ذا الأذنين» قال أبو أسامة: يعني يمازحه[9].
وفي تفسير ابن كثير عن الحسن قال: أتت عجوز فقالت: يا رسول الله، ادع الله تعالى أن يدخلني الجنة، فقال: «يا أم فلان، إن الجنة لا تدخلها عجوز»، قال: فولت تبكي، قال: «أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله تعالى يقول: ï´؟ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا ï´¾[10]»[11].
ومج رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجه محمود بن الربيع مجة، وهو ابن خمس سنين، يمازحه[12].
وعن أنس رضي الله عنه: أن رجلًا من أهل البادية كان اسمه زاهرًا، كان يهدي للنبي صلى الله عليه وسلم من البادية، فيجهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن زاهرًا باديتنا، ونحن حاضروه» وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه، وكان رجلًا دميمًا، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم، يومًا وهو يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره، فقال الرجل: أرسلني، من هذا؟ فالتفت فعرف النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي صلى الله عليه وسلم حين عرفه، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من يشتري العبد؟» فقال: يا رسول الله، إذًا والله تجدني كاسدًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لكن عند الله لست بكاسد»[13].
وهكذا كان صلى الله عليه وسلم يداعب أصحابه ويمازحهم، حينما تكون مناسبة، أو تسنح فرصة.
وإذا كان المزح مطلوبًا في بعض الأوقات، فقد سنَّ له رسول الله صلى الله عليه وسلم آدابًا ينبغي مراعاتها، منها:
أنه ينبغي ألا يكون فيه ما يسيء إلى مسلم أو يروعه، ففي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لمسلم أن يروع مسلمًا»[14] وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يأخذنَّ أحدكم متاع أخيه لاعبًا ولا جادًّا»[15].
كما ينبغي أن لا يخرج عن دائرة الصدق، كما كان شأنه صلى الله عليه وسلم، وقد حذر صلى الله عليه وسلم من الكذب لإضحاك الناس فقال: «ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم، ويل له، ويل له»[16].
[1] أخرجه مسلم (2472).
[2]يقمّ: أي يكنس، القمامة: الكناسة.
[3]متفق عليه (خ 1337، م 956).
[4] يزجي: أي يسوق.
[5] أخرجه أبو داود (2639).
[6] أخرجه مسلم برقم (2750).
[7] أخرجه الترمذي برقم (1990).
[8] أخرجه أبو داود برقم (4998) والترمذي (1991).
[9] أخرجه أبو داود برقم (5002) والترمذي (1992).
[10] سورة الواقعة، الآية (35، 36).
[11] تفسير ابن كثير عند الآية المذكورة.
[12] أخرجه البخاري برقم (189).
[13] أخرجه أحمد في المسند 3/ 161.
[14] أخرجه أبو داود برقم (5004).
[15] أخرجه أبو داود برقم (5003) والترمذي (2160).
[16] أخرجه أبو داود برقم (4990) والترمذي (2315) والدارمي (2702).
أ. صالح بن أحمد الشامي