حكاية ناي ♔
11-04-2023, 01:46 PM
عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءتني بريرة فقالت: إني كاتبت أهلي على تسع أواق، في كل عام أُوقية، فأعينيني، فقلت: إنْ أحب أهلك أن أُعدها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت، فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم، فأبوا عليها، فجاءت من عندهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فقالت: إني قد عرضتُ ذلك عليهم، فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق، ففعلت عائشة، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس خطيبًا، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال أما بعد فما بال رجال يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله عز وجل، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق؛ متفق عليه واللفظ للبخاري، وعند مسلم فقال: اشتريها وأعتقيها، واشترطي لهم الولاء.
المفردات:
«بريرة» بفتح الباء هي مولاة عائشة رضي الله عنها كانت قبل أن تعتقها عائشة رضي الله عنها زوجة لمغيث وهو عبد أسود كان مملوكًا لبني المغيرة، فلما أعتقتها عائشة خيَّرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تقرَّ عنده أو تفارقه، فاختارت فراقه، قال ابن عباس رضي الله عنهما: قضى النبي صلى الله عليه وسلم في بريرة أربع قضيات: إن مواليها اشترطوا الولاء فقضى أن الولاء لمن أعتق، وخُيرت فاختارت نفسها، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد قال: فكنت أراه - يعني زوجها - يتبعها في سكك المدينة يُعصر عينيه عليها، قال: وتصدق عليها بصدقة، فأهدت منها إلى عائشة، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: هو عليها صدقة ولنا هدية.
«كاتبت» من المكاتبة، وهي العقد بين السيد والعبد على مال يؤديه إليه منجمًا إذا أداه صار حرًّا.
«أهلي»: هم ناس من الأنصار.
«على تسع أواق»؛ أي منجمة على تسع سنوات.
«فأعينيني»؛ أي ساعديني.
«إنْ أحب أهلك»؛ أي إن رضي ورغب سادتك.
«أن أعدها لهم» بفتح الهمزة وضم العين؛ أي أدفعها لهم معدودة دفعة واحدة الآن.
«ولاؤك»: المراد بالولاء هنا ولاء العتق، وهو أن يرث المعتق أو ورثته العتيق؛ يعني إن لم يكن له وارث من عصبته.
«فأبوا عليها»؛ أي رفضوا بيعها إلا بشرط أن يكون الولاء لهم.
«فسمع النبي صلى الله عليه وسلم»؛ أي المحادثة بين عائشة وبريرة رضي الله عنهما.
«خذيها»؛ أي اشتريها.
«واشترطي لهم الولاء»؛ أي: وافقيهم على ما اشترطوا في البيع أن يكون الولاء لهم.
«فإنما الولاء لمن أعتق»؛ أي: وهذا الشرط لا قيمة له ولا نفاذ؛ لأن الولاء لمن أعتق لا لمن باع.
«يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله»؛ أي ليست في شرع الله وقضائه، قال الحافظ في الفتح: ما ليس في كتاب الله؛ أي ما خالف كتاب الله، ثم قال: وقال ابن خزيمة ليس في كتاب الله؛ أي ليس في حكم الله جوازه أو وجوبه، ثم قال: وقال النووي: قال العلماء: الشرط في البيع أقسام: أحدها يقتضيه إطلاق العقد كشرط تسليمه، الثاني: شرط فيه مصلحة كالرهن، وهما جائزان اتفاقًا، الثالث: اشتراط العتق في العبد وهو جائز عند الجمهور لحديث عائشة وقصة بريرة، الرابع: ما يزيد على مقتضى العقد ولا مصلحة فيه للمشتري كاستثناء منفعته، فهو باطل.
ثم قال: وقال القرطبي: قوله ليس في كتاب الله؛ أي ليس مشروعًا في كتاب الله تأصيلًا ولا تفصيلًا، ومعنى هذا أن من الأحكام ما يؤخذ تفصيله من كتاب الله كالوضوء، ومنها يؤخذ تأصيله دون تفصيله كالصلاة، ومنها ما أصل أصله كدلالة الكتاب على أصلية السنة والإجماع، وكذلك القياس الصحيح، فكل ما يقتبس من هذه الأصول تفصيلًا، فهو مأخوذ من كتاب الله تأصيلًا؛ اهـ.
«فهو باطل»؛ أي لاغ لا ينفذ.
«قضاء الله أحق»؛ أي شرع الله وحكمه أولى بالاتباع بخلاف الشروط المخالفة لحكم الله، فإنها لا تتبع.
«وشرط الله أوثق»؛ أي: وما يشترطه الله عز وجل هو الشرط المؤكد الذي يجب الوفاء به، فهو أحكم الشروط وأضبطها وأعدلها.
البحث:
زعم بعض أهل العلم أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة: خذيها واشترطي لهم الولاء، خرج مخرج الزجر والتوبيخ لهم؛ لأنه كان قد سبق أن بيَّن لهم حكم الولاء، وأن هذا الشرط لا يحل فلما ظهرت منهم المخالفة؛ قال لعائشة ذلك، وليس مراده أن يبيح لعائشة هذا الاشتراط؛ لأنه ظاهر أنه خداع، وهذا الزعم كله يحتاج إلى دليل، ولم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم كان قد بيَّن قبل ذلك أنه لا يحل اشتراط الولاء، ومقام النبوة أسمى وأجل من أن يخطر على بال مسلم أن يأتي منه الخداع، بل هذا السلوك في التربية، ومنع وقوع مثله مستقبلًا، والحرص على التقيد بأحكام الشرع، وسؤال أهل العلم عند الجهل قبل إبرام العقود من أعظم مسالك التربية والتعليم التي اختص بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتشرت في ثنايا الكتاب والسنة، وظاهر هذا الحديث يدل على بطلان الشرط المخالف لقواعد الشريعة مع صحة العقد للانفصال بين العقد والشرط، وسيأتي مزيد بحث لهذا عند الكلام على الحديث العشرين والخامس والعشرين من أحاديث هذا الباب إن شاء الله تعالى.
ما يفيده الحديث:
1– أن البيع إذا اقترن بشرط فاسد منفصل، فإنه يصح البيع ويبطل الشرط.
2– أن الولاء لمن أعتق الرقيق لا لمن باعه.
المفردات:
«بريرة» بفتح الباء هي مولاة عائشة رضي الله عنها كانت قبل أن تعتقها عائشة رضي الله عنها زوجة لمغيث وهو عبد أسود كان مملوكًا لبني المغيرة، فلما أعتقتها عائشة خيَّرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تقرَّ عنده أو تفارقه، فاختارت فراقه، قال ابن عباس رضي الله عنهما: قضى النبي صلى الله عليه وسلم في بريرة أربع قضيات: إن مواليها اشترطوا الولاء فقضى أن الولاء لمن أعتق، وخُيرت فاختارت نفسها، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد قال: فكنت أراه - يعني زوجها - يتبعها في سكك المدينة يُعصر عينيه عليها، قال: وتصدق عليها بصدقة، فأهدت منها إلى عائشة، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: هو عليها صدقة ولنا هدية.
«كاتبت» من المكاتبة، وهي العقد بين السيد والعبد على مال يؤديه إليه منجمًا إذا أداه صار حرًّا.
«أهلي»: هم ناس من الأنصار.
«على تسع أواق»؛ أي منجمة على تسع سنوات.
«فأعينيني»؛ أي ساعديني.
«إنْ أحب أهلك»؛ أي إن رضي ورغب سادتك.
«أن أعدها لهم» بفتح الهمزة وضم العين؛ أي أدفعها لهم معدودة دفعة واحدة الآن.
«ولاؤك»: المراد بالولاء هنا ولاء العتق، وهو أن يرث المعتق أو ورثته العتيق؛ يعني إن لم يكن له وارث من عصبته.
«فأبوا عليها»؛ أي رفضوا بيعها إلا بشرط أن يكون الولاء لهم.
«فسمع النبي صلى الله عليه وسلم»؛ أي المحادثة بين عائشة وبريرة رضي الله عنهما.
«خذيها»؛ أي اشتريها.
«واشترطي لهم الولاء»؛ أي: وافقيهم على ما اشترطوا في البيع أن يكون الولاء لهم.
«فإنما الولاء لمن أعتق»؛ أي: وهذا الشرط لا قيمة له ولا نفاذ؛ لأن الولاء لمن أعتق لا لمن باع.
«يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله»؛ أي ليست في شرع الله وقضائه، قال الحافظ في الفتح: ما ليس في كتاب الله؛ أي ما خالف كتاب الله، ثم قال: وقال ابن خزيمة ليس في كتاب الله؛ أي ليس في حكم الله جوازه أو وجوبه، ثم قال: وقال النووي: قال العلماء: الشرط في البيع أقسام: أحدها يقتضيه إطلاق العقد كشرط تسليمه، الثاني: شرط فيه مصلحة كالرهن، وهما جائزان اتفاقًا، الثالث: اشتراط العتق في العبد وهو جائز عند الجمهور لحديث عائشة وقصة بريرة، الرابع: ما يزيد على مقتضى العقد ولا مصلحة فيه للمشتري كاستثناء منفعته، فهو باطل.
ثم قال: وقال القرطبي: قوله ليس في كتاب الله؛ أي ليس مشروعًا في كتاب الله تأصيلًا ولا تفصيلًا، ومعنى هذا أن من الأحكام ما يؤخذ تفصيله من كتاب الله كالوضوء، ومنها يؤخذ تأصيله دون تفصيله كالصلاة، ومنها ما أصل أصله كدلالة الكتاب على أصلية السنة والإجماع، وكذلك القياس الصحيح، فكل ما يقتبس من هذه الأصول تفصيلًا، فهو مأخوذ من كتاب الله تأصيلًا؛ اهـ.
«فهو باطل»؛ أي لاغ لا ينفذ.
«قضاء الله أحق»؛ أي شرع الله وحكمه أولى بالاتباع بخلاف الشروط المخالفة لحكم الله، فإنها لا تتبع.
«وشرط الله أوثق»؛ أي: وما يشترطه الله عز وجل هو الشرط المؤكد الذي يجب الوفاء به، فهو أحكم الشروط وأضبطها وأعدلها.
البحث:
زعم بعض أهل العلم أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة: خذيها واشترطي لهم الولاء، خرج مخرج الزجر والتوبيخ لهم؛ لأنه كان قد سبق أن بيَّن لهم حكم الولاء، وأن هذا الشرط لا يحل فلما ظهرت منهم المخالفة؛ قال لعائشة ذلك، وليس مراده أن يبيح لعائشة هذا الاشتراط؛ لأنه ظاهر أنه خداع، وهذا الزعم كله يحتاج إلى دليل، ولم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم كان قد بيَّن قبل ذلك أنه لا يحل اشتراط الولاء، ومقام النبوة أسمى وأجل من أن يخطر على بال مسلم أن يأتي منه الخداع، بل هذا السلوك في التربية، ومنع وقوع مثله مستقبلًا، والحرص على التقيد بأحكام الشرع، وسؤال أهل العلم عند الجهل قبل إبرام العقود من أعظم مسالك التربية والتعليم التي اختص بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتشرت في ثنايا الكتاب والسنة، وظاهر هذا الحديث يدل على بطلان الشرط المخالف لقواعد الشريعة مع صحة العقد للانفصال بين العقد والشرط، وسيأتي مزيد بحث لهذا عند الكلام على الحديث العشرين والخامس والعشرين من أحاديث هذا الباب إن شاء الله تعالى.
ما يفيده الحديث:
1– أن البيع إذا اقترن بشرط فاسد منفصل، فإنه يصح البيع ويبطل الشرط.
2– أن الولاء لمن أعتق الرقيق لا لمن باعه.