حكاية ناي ♔
11-04-2023, 01:58 PM
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء رجل من بني فزارة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن امرأتي ولدت غلامًا أسود، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هل لك إبل؟"، قال: نعم، قال: "فما ألوانها؟"، قال: حمر، قال: "فهل يكون فيها من أورق؟"، قال: إن فيها لورقًا، قال: "فأنى أتاها ذلك؟"، قال: عسى أن يكون نزعه عرق، قال: "وهذا عسى أن يكون نزعه عرق".
قوله: (إن امرأتي ولدت غلامًا أسود)، في رواية لمسلم: وهو حينئذ يعرض بأن ينفيه.
قال الحافظ: ويؤخذ منه أن التعريض بالقذف ليس قذفًا وبه قال الجمهور.
قال الشافعي في "الأم": ظاهر قول الأعرابي أنه اتهم امرأته، لكن لما كان لقوله وجه غير القذف، لم يحكم النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه بحكم القذف، فدلَّ ذلك على أنه لا حد في التعريض، ومما يدل على أن التعريض لا يعطي حكم التصريح الإذن بخطبة المعتدة بالتعريض لا بالتصريح فلا يجوز.
قوله: (فما ألوانها؟)، قال: حمر وعند الدارقطني قال: رُمْك، والأرمك الأبيض إلى حمرة.
قوله: (فهل يكون فيها من أورق؟)، قال أن فيها لورقًا والأورق الذي فيه سواد ليل بحالك، بل يميل إلى الغبرة، ومنه قيل للحمامة: ورقاء.
قوله: (فأنى أتاها ذلك؟)، أي من أين أتاها اللون الذي خالفها هل هو بسبب فحل من غير لونها، طرأ عليها أو لأمر آخر، وفي رواية لعله قال: عسى أن يكون نزعه عرق، قال: (وهذا عسى أن يكون نزعه عرق".
قال الحافظ: يحتمل أن يكون في أصولها ما هو باللون المذكور، فاجتذبه إليه، فجاء على لونه.
قوله: (وهذا عسى أن يكون نزعه عرق).
قال الحافظ: والمراد بالعرق الأصل من النَّسب، شبَّهه بعرق الشجرة، ومنه قولهم: فلان عريق في الأصالة؛ أي: إن أصله متناسب، وكذا معرق في الكرم أو اللؤم، وأصل النزع الجذب، وقد يطلق على الميل، ومنه ما وقع في قصة عبدالله بن سلام حين سئل عن شبة الولد بأبيه أو بأمه، نزع إلى أبيه أو إلى أمه، وفي الحديث: ضرب المثل وتشبيه المجهول بالمعلوم تقريبًا لفَهْم السائل، وفيه أن الزوج لا يجوز له الانتفاء من ولده بمجرد الظن، وأن الولد يلحق به ولو خالف لونه لون أمه، وقال القرطبي تبعًا لابن رشد: لا خلاف في أنه لا يحل نفي الولد باختلاف الألوان المتقاربة؛ كالأدمة والسمرة، ولا في البياض والسواد إذا كان قد أقرَّ بالوطء ولم تمض مدة الاستبراء، وكأنه أراد في مذهبه، وإلا فالخلاف ثابت عند الشافعية بتفصيل، فقالوا: إن لم ينضم إليه قرينة زنا لم يجز النفي، فإن اتَّهمها فأتت بولد على لون الرجل الذي اتَّهمها به جاز النفي على الصحيح، وفي حديث ابن عباس في اللعان ما يقوِّيه، وعند الحنابلة يجوز النفي مع القرينة مطلقًا، والخلاف إنما هو عند عدمها، وهو عكس ترتيب الخلاف عند الشافعية، وفيه تقديم حكم الفراش على ما يشعر به مخالفة الشبه، وفيه الاحتياط للأنساب وإبقائها مع الإمكان، والزجر عن تحقيق ظن السوء، وفيه أن التعريض بالقذف لا يثبت حكم القذف؛ حتى يقع التصريح خلافًا للمالكية، وأجاب بعض المالكية أن التعريض الذي يجب به القذف عندهم هو ما يفهم منه القذف، كما يفهم من التصريح، وهذا الحديث لا حجة فيه لدفع ذلك، فإن الرجل لم يرد قذفًا، بل جاء سائلًا مستفتيًا عن الحكم لما وقع له من الريبة، فلما ضرب له المثل أذعن، وقال المهلب: التعريض إذا كان على سبيل السؤال لا حد فيه، وإنما يجب الحد في التعريض إذا كان على سبيل المواجهة والمشاتمة، وقال ابن المنير: الفرق بين الزوج والأجنبي في التعريض أن الأجنبي يقصد الأذية المحضة، والزوج قد يُعذَر بالنسبة إلى صيانة النسب[1]، والله أعلم.
قوله: (إن امرأتي ولدت غلامًا أسود)، في رواية لمسلم: وهو حينئذ يعرض بأن ينفيه.
قال الحافظ: ويؤخذ منه أن التعريض بالقذف ليس قذفًا وبه قال الجمهور.
قال الشافعي في "الأم": ظاهر قول الأعرابي أنه اتهم امرأته، لكن لما كان لقوله وجه غير القذف، لم يحكم النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه بحكم القذف، فدلَّ ذلك على أنه لا حد في التعريض، ومما يدل على أن التعريض لا يعطي حكم التصريح الإذن بخطبة المعتدة بالتعريض لا بالتصريح فلا يجوز.
قوله: (فما ألوانها؟)، قال: حمر وعند الدارقطني قال: رُمْك، والأرمك الأبيض إلى حمرة.
قوله: (فهل يكون فيها من أورق؟)، قال أن فيها لورقًا والأورق الذي فيه سواد ليل بحالك، بل يميل إلى الغبرة، ومنه قيل للحمامة: ورقاء.
قوله: (فأنى أتاها ذلك؟)، أي من أين أتاها اللون الذي خالفها هل هو بسبب فحل من غير لونها، طرأ عليها أو لأمر آخر، وفي رواية لعله قال: عسى أن يكون نزعه عرق، قال: (وهذا عسى أن يكون نزعه عرق".
قال الحافظ: يحتمل أن يكون في أصولها ما هو باللون المذكور، فاجتذبه إليه، فجاء على لونه.
قوله: (وهذا عسى أن يكون نزعه عرق).
قال الحافظ: والمراد بالعرق الأصل من النَّسب، شبَّهه بعرق الشجرة، ومنه قولهم: فلان عريق في الأصالة؛ أي: إن أصله متناسب، وكذا معرق في الكرم أو اللؤم، وأصل النزع الجذب، وقد يطلق على الميل، ومنه ما وقع في قصة عبدالله بن سلام حين سئل عن شبة الولد بأبيه أو بأمه، نزع إلى أبيه أو إلى أمه، وفي الحديث: ضرب المثل وتشبيه المجهول بالمعلوم تقريبًا لفَهْم السائل، وفيه أن الزوج لا يجوز له الانتفاء من ولده بمجرد الظن، وأن الولد يلحق به ولو خالف لونه لون أمه، وقال القرطبي تبعًا لابن رشد: لا خلاف في أنه لا يحل نفي الولد باختلاف الألوان المتقاربة؛ كالأدمة والسمرة، ولا في البياض والسواد إذا كان قد أقرَّ بالوطء ولم تمض مدة الاستبراء، وكأنه أراد في مذهبه، وإلا فالخلاف ثابت عند الشافعية بتفصيل، فقالوا: إن لم ينضم إليه قرينة زنا لم يجز النفي، فإن اتَّهمها فأتت بولد على لون الرجل الذي اتَّهمها به جاز النفي على الصحيح، وفي حديث ابن عباس في اللعان ما يقوِّيه، وعند الحنابلة يجوز النفي مع القرينة مطلقًا، والخلاف إنما هو عند عدمها، وهو عكس ترتيب الخلاف عند الشافعية، وفيه تقديم حكم الفراش على ما يشعر به مخالفة الشبه، وفيه الاحتياط للأنساب وإبقائها مع الإمكان، والزجر عن تحقيق ظن السوء، وفيه أن التعريض بالقذف لا يثبت حكم القذف؛ حتى يقع التصريح خلافًا للمالكية، وأجاب بعض المالكية أن التعريض الذي يجب به القذف عندهم هو ما يفهم منه القذف، كما يفهم من التصريح، وهذا الحديث لا حجة فيه لدفع ذلك، فإن الرجل لم يرد قذفًا، بل جاء سائلًا مستفتيًا عن الحكم لما وقع له من الريبة، فلما ضرب له المثل أذعن، وقال المهلب: التعريض إذا كان على سبيل السؤال لا حد فيه، وإنما يجب الحد في التعريض إذا كان على سبيل المواجهة والمشاتمة، وقال ابن المنير: الفرق بين الزوج والأجنبي في التعريض أن الأجنبي يقصد الأذية المحضة، والزوج قد يُعذَر بالنسبة إلى صيانة النسب[1]، والله أعلم.