مشاهدة النسخة كاملة : ما جاء في خلق الرسول صلى الله عليه وسلم


حكاية ناي ♔
11-13-2023, 11:53 AM
• وفي بعض النسخ: [باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم].

• ‏وصفته صلى الله عليه وسلم نوعان: صفة خَلْقِيَّة، وصفة خُلُقِيَّة.

• ‏والمراد هنا الصفة الخَلْقِيَّة؛ كما في عنوان الباب: باب ما جاء في خَلْقِ رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ من حيث الطول واللون والشعر، وأما صفاته الخُلُقية سيأتي ذكرها في الكتاب.

• والنبي صلى الله عليه وسلم قد أكرمه الله تعالى بأفضل الصفات الخلقية؛ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو يتحدث عن صفات النبوة، وذكر منها: أن الله تعالى جمع له كمال الأوصاف من حيث الهيئة الظاهرة، ومن حيث الأخلاق الباطنة التي في القلب، والآداب؛ يقول: "وكان خَلْقُهُ صلى الله عليه وسلم من أحسن الصور وأتمِّها، وأجمعها للمحاسن الدالة على كماله صلى الله عليه وسلم".

• ‏والمعنى: أن الله عز وجل أكرمه بصورة جميلة، اكتملت فيها محاسن الصفات.

ونبدأ بإذن الله تعالى مع أحاديث الباب:
1- في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير، ولا بالأبيض الأمْهَقِ، ولا بالآدَمِ، ولا بالجَعْدِ القَطَط، ولا بالسَّبَط، بعثه الله تعالى على رأس أربعين سنةً، فأقام بمكة عشر سنين، وبالمدينة عشر سنين، وتوفاه الله على رأس ستين سنةً، وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرةً بيضاءَ)).

• ليس بالطويل البائن: ليس ظاهر الطول.

• ‏الأبيض الأمهق: الشديد البياض.

• ‏ولا بالآدم: الأسمر، مع أن في بعض الأحاديث وُصِفَ بالسُّمرة، ولكن المراد بذلك الحمرة، فالمعنى: أن بياضه لم يكن خالصًا، بل كان فيه حمرة، فبعض من أراد أن يصف الحمرة، وصفها بالسواد.

• ‏وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك: ((كان أزْهَرَ اللون))، والأزهر هو: الأبيض المستنير.

• ‏ولا بالجعد القطط: وصف للشعر وأنه ليس فيه التواء وانقباض.

• ‏ولا بالسِّبَط: الشعر الناعم المترسِّل.

• ‏يقول الزمخشري رحمه الله: "الغالب على العرب جعودة الشعر، والغالب على العجم سبطته، وقد أحْسَنَ الله لرسوله الشمائل، وجمع فيه ما فُرِّق في غيره من الفضائل".

• ‏بعثه الله تعالى على رأس أربعين سنةً، فأقام بمكة عشر سنين، وبالمدينة عشر سنين، وتوفاه الله على رأس ستين سنةً: كانوا لا يذكرون الكسور؛ من باب الاختصار والتقريب.

• ‏وفي رواية: ((أقام بها ثلاثة عشر))، فتُحمل رواية العشر على أن الراوي حذف الكسر الزائد على العشرة.

• ‏وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرةً بيضاءَ: رغم أنه مات على رأس ستين سنةً، وفيه حرص الصحابة، وكيف كانوا يتأملون النبي صلى الله عليه وسلم.

• ‏لماذا كان الشيب قليلًا؟ قيل: لأن النساء يكرهن ذلك غالبًا.

• ‏قالوا: ليس الشيب بذمٍّ على الإطلاق، وليس بمدح على الإطلاق.

• ‏وسيأتي مزيد كلام على صفة شَيْبِهِ صلى الله عليه وسلم في باب خاص: (باب ما جاء في شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم).

2- وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رَبْعَةً ليس بالطويل ولا بالقصير، حسن الجسم، وكان شعره ليس بجعد ولا سَبَطٍ، أسمر اللون، إذا مشى يتكفَّأ)).

• ربعةً: تفسيرها: ليس بالطويل ولا بالقصير؛ أي: كان متوسطًا بين الطول والقصر.

• ‏حسن الجسم: جسمه متناسب.

• ‏وكان شعره ليس بجعد ولا سَبَط: وصف للشعر وأنه ليس فيه التواء وانقباض.

• ‏أسمر اللون: يقصد الأبيض الْمُشْرَب بالحُمْرَة.

• ‏إذا مشى يتكفَّأ: أي: يتمايل إلى قُدَّام، كالسفينة في جريها، وصفٌ للقوة والنشاط والسرعة في المشي.

• ‏وفي رواية: ((كأنما ينحطُّ من صَبَبٍ))؛ يعني: كان نشِطًا في مِشْيَتِهِ.

3- وفي الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا مربوعًا، بعيدَ ما بين الْمَنْكِبَين، عظيمَ الجمة إلى شحمة أذنيه، عليه حُلَّةٌ حمراءُ، ما رأيت شيئًا قطُّ أحسنَ منه)).

4- وفي رواية عنه قال: ((ما رأيت من ذي لِمَّةٍ في حُلَّة حمراء أحسنَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، له شعر يضرب منكبيه، بعيد ما بين المنكبين، لم يكن بالقصير ولا بالطويل)).

• رجلًا مربوعًا: أي: متوسطًا.

• ‏بعيد ما بين المنكبين: عريض الظهر واسِعَ الصدر.

• ‏عظيم الجُمَّة إلى شحمة أذنيه: وهو وصف للشعر، والجُمَّة: ما بلغ المنكبين.

• ‏وأما اللِّمَّة: ما جاوز شحمة الأذن؛ وهي الوفرة.

• ‏وسيأتي مزيد من التفصيل في الباب الثالث: (باب ما جاء في شَعْرِ رسول الله صلى الله عليه وسلم).

• ‏عليه حلة حمراء: الحلة هي الثوب من قطعتين، والمنهي عنه: الأحمر الخالص.

• ‏ما رأيت شيئًا قط أحسن منه: يقول العلماء: "من كمال الإيمان اعتقاد أن الله لم يجمع في بدن إنسان من المحاسن الظاهرة ما اجتمع في بدنه صلى الله عليه وسلم".

5- وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: ((لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم بالطويل ولا بالقصير، شَثْن الكفَّين والقدمين، ضخم الرأس، ضخم الكَرَادِيسِ، طويل الْمَسْرَبَةِ، إذا مشى تكفَّأ تكفُّؤًا كأنما ينحطُّ من صَبَبٍ، لم أرَ قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم))؛ [رواه الترمذي في سننه: كتاب المناقب، والجملة الأخيرة عند البخاري].

• لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم بالطويل ولا بالقصير: أي: كان متوسطًا بين الطول والقصر.

• ‏شثْن الكفين والقدمين: أي: غليظ الأصابع من الكفين والقدمين وراحة الكف، ويقول ابن بطال: "كانت كفه صلى الله عليه وسلم ممتلئةً لحمًا، غير أنها مع غاية ضخامتها كانت لينةً"؛ كما قال أنس: "ما مَسِسْتُ خزًّا ولا حريرًا ألينَ من كفِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم".

• ‏ضخم الرأس: قالوا: عِظَمُ الرأس دليل على كمال القوى الدماغية، والفِطْنَة، والذكاء.

• ‏ضخم الكراديس: عظيم رؤوس العظام؛ كالركبة، والكتف، والْمَنْكِب.

• ‏والمراد: أن بِنيته صلى الله عليه وسلم كانت قوية شديدة.

• ‏طويل الْمَسْرُبة: الشعر الدقيق الذي يبدأ من الصدر، وينتهي إلى السُّرة، كأنه قضيب.

• ‏إذا مشى تكفَّأ تكفُّؤًا كأنما ينحطُّ من صَبَبٍ: أي كأنما ينزل من موضع منحدر؛ والمعنى: كان يمشي مِشْيَةً فيها نشاط وسرعة وقوة.

• ‏لم أرَ قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم: أتى بالخلاصة في حُسْنِهِ وجماله صلى الله عليه وسلم، وفي حديث آخر: ((فخمًا مُفخَّمًا)).

6- عن إبراهيم بن محمد الحنفية بن علي بن أبي طالب، قال: كان علي رضي الله عنه إذا وصف النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لم يكن بالطويل الْمُمَّغِط (الممغط)، ولا بالقصير المتردد، وكان ربعةً من القوم، ولم يكن بالجعد القَطَط ولا بالسَّبَط، ‏كان جعدًا رجِلًا، ولم يكن بالْمُطَهَّم ولا بالْمُكَلْثَم، وكان في الوجه تدوير، أبيض مشرب، أدعج العينين، أهدب ‏الأشفار، جليل الْمُشاش والكَتَد، أجرد، ذو مسربة، شثْن الكفين والقدمين، إذا مشى تقلَّع كأنما يمشي في صبب، وإذا التفت التفت معًا، بين كتفيه خاتم النبوة وهو خاتم النبيين، أجود الناس كفًّا، وأشرحهم صدرًا، وأصدق الناس لهجةً، وألينهم عريكةً، ‏وأكرمهم عشرةً، من رآه بديهةً هابه، ومن خالطه معرفةً أحبه، يقول ناعته: لم أرَ قبله ولا بعده مثله))؛ [قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وضعَّفه الألباني].

• إذا وُصِف النبي صلى الله عليه وسلم: أي: ذُكر صفته من جهة خَلْقِهِ.
• ‏ليس بالطويل الممَّغِط: الذاهب طولًا.
• ‏ولا بالقصير المتردد: الداخل بعضه في بعض قصرًا، ولا المتناهي في القصر.
• ‏وكان ربعةً من القوم: أي: متوسطًا بين أفرادهم.

• ‏ولم يكن بالجعد القطط ولا بالسَّبَط، كان جعدًا رجِلًا: أي: لم يكن شعره شديد الجعودة، ولا شديد السُّبُوطة، بل بينهما. ‏

• ‏ولم يكن بالمطهَّم: البادن الكثير اللحم.
• ‏ولا بالمكلثم: المدور الوجه؛ أي: لم يكن مستديرًا كاملًا، بل كان فيه تدوير ما.

• ‏وكان في الوجه تدوير: أي: نوع تدوير.
• ‏أبيض مشرب: أي: مخلوط بحمرة.
• ‏أدعج العينين: الشديد سواد العين.
• ‏أهدب الأشفار: أي: طويل شعر الأجفان.

• ‏جليل المشاش: أي: عظيم رؤوس العظام؛ كالمرفقين الكتفين والركبتين.

• ‏والكَتَد: مجتمع الكتفين، وهو الكاهل، وهو مقدِّم أعلى الظهر مما يلي العنق، وهو الثُّلُث الأعلى مما يلي الظهر، وفيه ست فقرات.

• ‏أجرد: أي: غير كثير شعر البدن.

• ‏ذو مسربة: الشعر الدقيق الذي يبدأ من الصدر وينتهي إلى السرة، كأنه قضيب.

• ‏شثن الكفين والقدمين: الغليظ الأصابع من الكفين والقدمين.

• ‏إذا مشى تقلع كأنما يمشي في صبب: أراد قوة مشيه، كأنه يرفع رجليه من الأرض رفعًا قويًّا، وهي مشية أهل الجلادة والهمَّة، لا كمن يمشي اختيالًا ويُقارب خُطاه؛ فإن ذلك من مشي النساء ويُوصَفْنَ به، والصَّبَبُ الحُدُور.

• ‏وإذا التفت التفت معًا: أي: بكليته.

• ‏بين كتفيه خاتم النبوة وهو خاتم النبيين: وسيأتي الكلام عنه في: (باب ما جاء في خاتم النبوة).

• ‏ثم ذكر بعض الصفات الخُلُقِيَّة: ((أجود الناس كفًّا، وأشرحهم صدرًا، وأصدق الناس لهجةً، وألينهم عريكةً، وأكرمهم عشرةً، من رآه بديهةً هابه، ومن خالطه معرفةً أحبه، يقول ناعته: لم أرَ قبله ولا بعده مثله)).

7- وفي صحيح مسلم، عن جابر بن سمرة رضي الله عنه، قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضليعَ الفم، أشْكَلَ العين، مَنْهُوس العَقِب، قال شعبة: قلت لسمَّاك: ما ضليع الفم؟ قال: عظيم الفم، قلت: ما أشكل العين؟ قال: طويل شَقِّ العين، قلت: ما منهوس العقب؟ قال: قليل لحم العقب)).

8- وعنه قال: ((رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة إضْحِيَانٍ، وعليه حُلَّة حمراءُ فجعلت أنظر إليه وإلى القمر، فَلَهُوَ عندي أحسن من القمر))؛ [الترمذي في سننه].

• في ليلة إضحيان: أي: مضيئة مقمرة.

9- في صحيح البخاري عن أبي إسحاق، قال: ((سأل رجلٌ البراءَ بن عازب رضي الله عنه: أكان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل السيف؟ قال: لا، بل مثل القمر)).

• مثل السيف: أي: في لمعانه وبريقه.

10- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيضَ كأنما صِيغ من فِضَّةٍ، رَجِلَ الشَّعر))؛ [رواه الترمذي].

11- في صحيح مسلم عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((عُرِض عليَّ الأنبياء، فإذا موسى عليه السلام ضَرْبٌ من الرجال، كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى بن مريم عليه السلام فإذا أقرب من رأيتُ به شبهًا عُروة بن مسعود، ورأيت إبراهيم عليه السلام، فإذا أقرب من رأيت به شبهًا صاحبكم - يعني نفسه - ورأيت جبريل عليه السلام فإذا أقرب من رأيت به شبهًا دِحْيَة)).

• عُرِض عليَّ الأنبياء: ليلة الإسراء والمعراج.

• ‏كأنه من رجال شنوءة: ورجال هذه القبيلة متوسطون بين الخِفَّة والسِّمَن، والشنوءة: في الأصل التباعد.

• ‏عروة بن مسعود: وهو أحد الرجلين اللذين قالت قريش فيهما: ﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾ [الزخرف: 31]، وأسلم في العام التاسع من الهجرة.

• ‏دحية: دحية الكلبي الصحابي، وكان من أجمل الصحابة وجهًا، وشهِد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد بعد بدر، وبايع تحت الشجرة، وكان جبريل عليه السلام يأتي للنبي صلى الله عليه وسلم غالبًا على صورته.

12- في صحيح مسلم عن أبي الطفيل قال: ((رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، وما بقِيَ على وجه الأرض أحد رآه غيري، قلت: صِفْهُ لي، قال: كان أبيض مليحًا مُقَصَّدًا)).

• وما بقِيَ على وجه الأرض أحد رآه غيري: كان آخر الصحابة وفاة سنة 110.

• ‏مليحًا: أي: حسن فهو مليح.
• ‏مقصدًا: والمقصد هو الذي ليس بجسيم ولا نحيف، ولا طويل ولا قصير.

وإلى لقاء آخر مع الباب الثاني من أبواب كتاب الشمائل المحمدية للترمذي رحمه الله.

نسأل الله العظيم أن يرزقنا حب النبي صلى الله عليه وسلم، ويجمعنا به في أعلى درجات الجنة.

عاشق السهر
11-13-2023, 12:05 PM
جزاك الله خيـر
وبارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما