حكاية ناي ♔
11-18-2023, 10:20 AM
♦ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة لا يكلِّمهم الله يوم القيامة، ولا يزكِّيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم: شيخٌ زانٍ، ومَلِكٌ كذابٌ، وعائلٌ مستكبرٌ))؛ رواه مسلم.
قَالَ سَماحةُ العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
هذه الأحاديث ساقها النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين في باب تحريم الكبر والإعجاب، فذكر عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثة لا يكلِّمهم الله يوم القيامة، ولا يزكِّيهم، ولا ينظر إليهم))؛ ثلاثة: يعني ثلاثة أصناف، وليس المراد ثلاثة رجال، بل قد يكون آلاف الناس، لكن المراد ثلاثة أصناف، وهكذا كلما جاءت كلمة ثلاثة أو سبعة أو ما أشبه ذلك، فالمراد أصنافًا لا أفرادًا.
فهؤلاء الثلاثة لا يكلِّمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكِّيهم، ولهم عذاب أليم.
الأول: شيخ زانٍ: شيخ يعني رجلًا كبيرًا مسنًّا، زانٍ يعني أنه زنى، فهذا لا يكلِّمه الله يوم القيامة، ولا ينظر إليه، ولا يزكيه، وله عذاب أليم؛ وذلك لأن الشيخ إذا زنى فليس هناك شهوة تجبره على أن يفعل هذا الفعل.
فالشاب قد يكون عنده شهوة ويَعجِزُ أن يملِك نفسه، لكن الشيخ قد برَدتْ شهوته وزالت أو نقَصتْ كثيرًا، فكونه يزني هذا يدل على أنه - والعياذ بالله - سيئٌ للغاية؛ لأنه فعل الفاحشة من غير سبب قويٍّ يدفعه إليها.
والزنا كلُّه فاحشة، سواء من الشاب أو من الشيخ، لكنه من الشيخ أشدُّ وأعظم والعياذ بالله، إلا أن هذا الحديث مقيَّدٌ بما ثبت في الصحيحين أن من أتى شيئًا من هذه القاذورات، وأقيمَ عليه الحدُّ في الدنيا، فإن الله تعالى لا يجمع عليه عقوبتين، بل يزول عنه ذلك، ويكون الحدُّ تطهيرًا له.
الثاني: مَلِكٌ كذَّاب: وكذَّاب هذه صيغة مبالغة؛ أي: كثير الكذب؛ وذلك لأن الملك لا يحتاج أن يكذب، كلِمتُه هي العليا بين الناس، فلا حاجة إلى أن يكذب، فإذا كذب صار يَعِدُ الناسَ ولكن لا يوفي، يقول: سأفعل كذا، ولكن لا يفعل، سأترك كذا، ولكن لا يترك، ويحدِّث الناس يلعب بعقولهم ويكذب عليهم، فهذا والعياذ بالله داخلٌ في هذا الوعيد، لا يكلِّمه الله يوم القيامة، ولا ينظر إليه، ولا يزكيه، وله عذاب أليم.
والكذب حرامٌ من الملِك وغير الملِك، لكنه من الملِك أعظمُ وأشد؛ لأنه لا حاجة إلى أن يكذب، كلمتُه بين الناس هي العليا، فيجب عليه أن يكون صريحًا، إذا كان يريد الشيء، يقول: نعم، يوافق عليه ويفعل، وإذا كان لا يريده، يقول: لا، يرفضه ولا يفعل، الواحد من الرعية قد يحتاج إلى الكذب فيكذب، ولكن الملك لا يحتاج.
والكذب حرام، ومن صفات المنافقين والعياذ بالله، فإن المنافق إذا حدَّث كذَب، ولا يجوز لأحد أن يكذب مطلقًا، وقول بعض العامة: إن الكذب إذا كان لا يقطع محلًّا من حلاله فلا بأس به، هذه قاعدة شيطانية، ليس لها أساس من الصحة ولا من الدين، والصواب أن الكذب حرامٌ بكل حال.
الثالث: عائل مستكبر: وهذا هو الشاهد من الحديث، عائل يعني فقيرًا، مستكبر يعني يتكبر على الناس والعياذ بالله، فإن هذا العائل الفقير ليس عنده ما يوجب الكِبرَ، والغني ربما يخدعه غناه ويغُرُّه؛ فيتكبر على عباد الله، أو يتكبر عن الحق، لكن الفقير حَشَفٌ وسوء كِيلةٍ، ما دام فقيرًا فكيف يستكبر؟! فالعائل المستكبر هذا لا يكلمه الله يوم القيامة، ولا ينظر إليه، ولا يزكِّيه، وله عذاب أليم.
والكبر حرامٌ من الغنيِّ ومن الفقير، لكنه من الفقير أشدُّ؛ ولهذا تجد الناس إذا رأوا غنيًّا متواضعًا استغرَبوا ذلك منه، واستعظَموا ذلك منه، ورأوا أن هذا الغنيَّ في غاية ما يكون من الخلُق النبيل، لكن لو يجدون فقيرًا متواضعًا لكان من سائر الناس؛ لأن الفقر يوجب للإنسان أن يتواضع؛ لأنه لأي شيء يستكبر؟!
فإذا جاء إنسان - والعياذ بالله - عائلٌ فقير يستكبر على الخلق، أو يستكبر عن الحق، فليس هناك ما يوجب الكبرياء في حقِّه، فيكون والعياذ بالله داخلًا في الحديث.
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 549- 552)
قَالَ سَماحةُ العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
هذه الأحاديث ساقها النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين في باب تحريم الكبر والإعجاب، فذكر عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثة لا يكلِّمهم الله يوم القيامة، ولا يزكِّيهم، ولا ينظر إليهم))؛ ثلاثة: يعني ثلاثة أصناف، وليس المراد ثلاثة رجال، بل قد يكون آلاف الناس، لكن المراد ثلاثة أصناف، وهكذا كلما جاءت كلمة ثلاثة أو سبعة أو ما أشبه ذلك، فالمراد أصنافًا لا أفرادًا.
فهؤلاء الثلاثة لا يكلِّمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكِّيهم، ولهم عذاب أليم.
الأول: شيخ زانٍ: شيخ يعني رجلًا كبيرًا مسنًّا، زانٍ يعني أنه زنى، فهذا لا يكلِّمه الله يوم القيامة، ولا ينظر إليه، ولا يزكيه، وله عذاب أليم؛ وذلك لأن الشيخ إذا زنى فليس هناك شهوة تجبره على أن يفعل هذا الفعل.
فالشاب قد يكون عنده شهوة ويَعجِزُ أن يملِك نفسه، لكن الشيخ قد برَدتْ شهوته وزالت أو نقَصتْ كثيرًا، فكونه يزني هذا يدل على أنه - والعياذ بالله - سيئٌ للغاية؛ لأنه فعل الفاحشة من غير سبب قويٍّ يدفعه إليها.
والزنا كلُّه فاحشة، سواء من الشاب أو من الشيخ، لكنه من الشيخ أشدُّ وأعظم والعياذ بالله، إلا أن هذا الحديث مقيَّدٌ بما ثبت في الصحيحين أن من أتى شيئًا من هذه القاذورات، وأقيمَ عليه الحدُّ في الدنيا، فإن الله تعالى لا يجمع عليه عقوبتين، بل يزول عنه ذلك، ويكون الحدُّ تطهيرًا له.
الثاني: مَلِكٌ كذَّاب: وكذَّاب هذه صيغة مبالغة؛ أي: كثير الكذب؛ وذلك لأن الملك لا يحتاج أن يكذب، كلِمتُه هي العليا بين الناس، فلا حاجة إلى أن يكذب، فإذا كذب صار يَعِدُ الناسَ ولكن لا يوفي، يقول: سأفعل كذا، ولكن لا يفعل، سأترك كذا، ولكن لا يترك، ويحدِّث الناس يلعب بعقولهم ويكذب عليهم، فهذا والعياذ بالله داخلٌ في هذا الوعيد، لا يكلِّمه الله يوم القيامة، ولا ينظر إليه، ولا يزكيه، وله عذاب أليم.
والكذب حرامٌ من الملِك وغير الملِك، لكنه من الملِك أعظمُ وأشد؛ لأنه لا حاجة إلى أن يكذب، كلمتُه بين الناس هي العليا، فيجب عليه أن يكون صريحًا، إذا كان يريد الشيء، يقول: نعم، يوافق عليه ويفعل، وإذا كان لا يريده، يقول: لا، يرفضه ولا يفعل، الواحد من الرعية قد يحتاج إلى الكذب فيكذب، ولكن الملك لا يحتاج.
والكذب حرام، ومن صفات المنافقين والعياذ بالله، فإن المنافق إذا حدَّث كذَب، ولا يجوز لأحد أن يكذب مطلقًا، وقول بعض العامة: إن الكذب إذا كان لا يقطع محلًّا من حلاله فلا بأس به، هذه قاعدة شيطانية، ليس لها أساس من الصحة ولا من الدين، والصواب أن الكذب حرامٌ بكل حال.
الثالث: عائل مستكبر: وهذا هو الشاهد من الحديث، عائل يعني فقيرًا، مستكبر يعني يتكبر على الناس والعياذ بالله، فإن هذا العائل الفقير ليس عنده ما يوجب الكِبرَ، والغني ربما يخدعه غناه ويغُرُّه؛ فيتكبر على عباد الله، أو يتكبر عن الحق، لكن الفقير حَشَفٌ وسوء كِيلةٍ، ما دام فقيرًا فكيف يستكبر؟! فالعائل المستكبر هذا لا يكلمه الله يوم القيامة، ولا ينظر إليه، ولا يزكِّيه، وله عذاب أليم.
والكبر حرامٌ من الغنيِّ ومن الفقير، لكنه من الفقير أشدُّ؛ ولهذا تجد الناس إذا رأوا غنيًّا متواضعًا استغرَبوا ذلك منه، واستعظَموا ذلك منه، ورأوا أن هذا الغنيَّ في غاية ما يكون من الخلُق النبيل، لكن لو يجدون فقيرًا متواضعًا لكان من سائر الناس؛ لأن الفقر يوجب للإنسان أن يتواضع؛ لأنه لأي شيء يستكبر؟!
فإذا جاء إنسان - والعياذ بالله - عائلٌ فقير يستكبر على الخلق، أو يستكبر عن الحق، فليس هناك ما يوجب الكبرياء في حقِّه، فيكون والعياذ بالله داخلًا في الحديث.
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 549- 552)