حكاية ناي ♔
11-18-2023, 10:24 AM
عن أنس رضي الله عنه قال: كانت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العَضْبَاءُ لا تُسبَقُ، أو لا تكاد تُسبق، فجاء أعرابيٌّ على قَعودٍ له، فسبَقَها، فشقَّ ذلك على المسلمين حتى عرَفَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال: ((حقٌّ على الله ألا يرتفع شيءٌ من الدنيا إلا وضَعَه))؛ رواه البخاري.
قَالَ سَماحةُ العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
ثم ذكر المؤلِّف حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في قصة الأعرابيِّ الذي جاء بقَعودٍ له، ناقة ليست كبيرة، أو جمَل ليس بكبير، وكانت ناقة النبي صلى الله عليه وسلم العَضْباء، وهي غير القَصْواء التي حج عليها، هذه ناقة أخرى، وكان من هدي الرسول عليه الصلاة والسلام أنه يسمِّي دوابَّه وسلاحه وما أشبه ذلك.
فالعَضْباء هذه كان الصحابة رضي الله عنهم يرَون أنها لا تُسبَق أو لا تكاد تُسبق، فجاء هذا الأعرابيُّ بقعوده فسبَقَ العضباء، فكأنَّ ذلك شقَّ على الصحابة رضي الله عنهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لما عرَف ما في نفوسهم: ((حقٌّ على الله ألا يرتفع شيءٌ من الدنيا إلا وضَعَه)).
فكلُّ ارتفاع يكون في الدنيا فإنه لا بد أن يؤول إلى انخفاض، فإنْ صَحِبَ هذا الارتفاعَ ارتفاعٌ في النفوس وعلوٌّ في النفوس، فإن الوضع إليه أسرع؛ لأن الوضع يكون عقوبة، وأما إذا لم يصحبه شيءٌ، فإنه لا بد أن يرجع ويوضع؛ كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ ﴾ [يونس: 24]؛ أي: ظهر فيه من كل نوع، ﴿ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ﴾ [يونس: 24] ذهبت كلُّها.
كل هذه الزينة، وكل هذا النبات الذي اختلَط من كلِّ صنف، كله يزول كأنْ لم يكن، وهكذا الدنيا كلُّها تزول كأن لم تكن، حتى الإنسان نفسه يبدو صغيرًا ضعيفًا، ثم يقوى، فإذا انتهت قوتُه عاد إلى الضعف والهَرَم، ثم إلى الفناء والعدم، فما من شيء ارتفع من الدنيا إلا وضَعَه الله عز وجل.
وفي قوله عليه الصلاة والسلام: ((من الدنيا)) دليلٌ على أن ما ارتفع من أمور الآخرة فإنه لا يضعه الله، فقوله تعالى: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المجادلة: 11]، هؤلاء لا يضعهم الله عز وجل ما داموا على وصف العلم والإيمان، فإنه لا يمكن أن يضَعَهم الله؛ بل يرفع لهم الذِّكرُ، ويرفع درجاتهم في الآخرة، والله الموفق.
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 533- 534)
قَالَ سَماحةُ العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
ثم ذكر المؤلِّف حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في قصة الأعرابيِّ الذي جاء بقَعودٍ له، ناقة ليست كبيرة، أو جمَل ليس بكبير، وكانت ناقة النبي صلى الله عليه وسلم العَضْباء، وهي غير القَصْواء التي حج عليها، هذه ناقة أخرى، وكان من هدي الرسول عليه الصلاة والسلام أنه يسمِّي دوابَّه وسلاحه وما أشبه ذلك.
فالعَضْباء هذه كان الصحابة رضي الله عنهم يرَون أنها لا تُسبَق أو لا تكاد تُسبق، فجاء هذا الأعرابيُّ بقعوده فسبَقَ العضباء، فكأنَّ ذلك شقَّ على الصحابة رضي الله عنهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لما عرَف ما في نفوسهم: ((حقٌّ على الله ألا يرتفع شيءٌ من الدنيا إلا وضَعَه)).
فكلُّ ارتفاع يكون في الدنيا فإنه لا بد أن يؤول إلى انخفاض، فإنْ صَحِبَ هذا الارتفاعَ ارتفاعٌ في النفوس وعلوٌّ في النفوس، فإن الوضع إليه أسرع؛ لأن الوضع يكون عقوبة، وأما إذا لم يصحبه شيءٌ، فإنه لا بد أن يرجع ويوضع؛ كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ ﴾ [يونس: 24]؛ أي: ظهر فيه من كل نوع، ﴿ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ﴾ [يونس: 24] ذهبت كلُّها.
كل هذه الزينة، وكل هذا النبات الذي اختلَط من كلِّ صنف، كله يزول كأنْ لم يكن، وهكذا الدنيا كلُّها تزول كأن لم تكن، حتى الإنسان نفسه يبدو صغيرًا ضعيفًا، ثم يقوى، فإذا انتهت قوتُه عاد إلى الضعف والهَرَم، ثم إلى الفناء والعدم، فما من شيء ارتفع من الدنيا إلا وضَعَه الله عز وجل.
وفي قوله عليه الصلاة والسلام: ((من الدنيا)) دليلٌ على أن ما ارتفع من أمور الآخرة فإنه لا يضعه الله، فقوله تعالى: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المجادلة: 11]، هؤلاء لا يضعهم الله عز وجل ما داموا على وصف العلم والإيمان، فإنه لا يمكن أن يضَعَهم الله؛ بل يرفع لهم الذِّكرُ، ويرفع درجاتهم في الآخرة، والله الموفق.
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 533- 534)