مشاهدة النسخة كاملة : أحاديث الوضوء (2)


حكاية ناي ♔
11-20-2023, 11:02 AM
• عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ الله الْمُجْمِرِ - رضي الله عنه - قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، يَتَوَضَّأُ. فَغَسَلَ وَجْهَهُ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ. ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ. ثُمَّ يَدَهُ الْيُسْرَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ. ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ. ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي السَّاقِ. ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي السَّاقِ. ثُمَّ قَالَ: هكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ. (رواه مسلم).

وفي رواية في الصحيحين قال أبو هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إِنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرّاً مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ. فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ".

وفي رواية لمسلم: "لَكُمْ سِيمَاً لَيْستْ لأحَدٍ غَيْرِكُمْ. تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرَّاً مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوَضُوءِ".

• عَنْ أَبِي حَازِمٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - وَهُوَ يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ. فَكَانَ يَمُدُّ يَدَهُ حَتَّى تَبْلُغَ إِبْطَهُ. فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! مَا هذَا الْوُضُوءُ؟ فَقَالَ: يَا بَنِي فَرُّوخَ! أَنْتُمْ هٰهُنَا؟ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ هٰهُنَا مَا تَوَضَّأْتُ هٰذَا الْوُضُوءَ. سَمِعْتُ خَلِيلِي - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنَ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوَضُوءُ". رواه مسلم.



ألفاظ الأحاديث:
• (أشرع في العضد): العضد من المرفق إلى الكتف ومعنى أشرع في العضد أي أدخل الغسل في أوله فيكون المرفق داخل في الغسل وهذا دليل على دخوله في غسل اليدين، وكذلك (أشرع في الساق) دليل على دخول الكعبين في غسل القدمين عند الوضوء.

• (إنَّ أُمَّتِي): الأمة في العموم تنقسم إلى قسمين: أمة إجابة، وأمة دعوة.
وأمة الإجابة هم الذين استجابوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمة الدعوة هم كل أمة سوى أمة الإجابة فمن وجِّهت لهم الدعوة سواء كانوا من المشركين أو الوثنيين أو اليهود والنصارى.
والمقصود بالأمة في الحديث أمة الإجابة لأنهم هم الذين يظهر عليهم أثر الوضوء في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - " يأتون يوم القيامة غراً محجلين من أثر الوضوء ".

• (يَأْتُونَ): وفي لفظ البخاري ( يُدعون) وهذا اللفظ مرتب على الذي قبله فيكون المعنى:ي دعون يوم القيامة فيأتون غراً محجلين.

• (يَوْمَ الْقِيَامَةِ): أي يوم يقوم الناس من قبورهم للحساب والجزاء، ولهذا اليوم أسماء عديدة، وعند العرب كل ما عظم شأنه تعددت أسماؤه.

• (غُرّاً): الغرة: بياض في جبهة الفرس، و (غراً) حال من فاعل " يأتون " والمعنى: أن أمة محمد- صلى الله عليه وسلم - يأتون يوم القيامة ووجوههم تلمع بياضاً ونوراً من آثار الوضوء.

• (مُحَجَّلِينَ): حال ثانية، والتحجيل: هو بياض في قوائم الفرس كلها وقيل في ثلاثة منها اليدين ورجل واحدة والمعنى أن هذه الأمة أيضاً في أيديهم وأرجلهم بياضاً ونوراً من آثار الوضوء وبهذا تكون جميع أعضاء الوضوء دخلت في الغرة والتحجيل والرأس دخل في مسمى الغرة، فطوبى لمن جاء ذلك اليوم والبياض والنور في وجهه ويديه وقدميه نسأل الله من فضله.

• (مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ): وعند البخاري (من آثار الوضوء) والمعنى واحد والأثر هو ما يبقى بعد الاستعمال والوضوء بضم الواو أراد به الفعل هنا.

• (فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَل): أي من استطاع أن يزيد غرته فليفعل، وهذه العبارة الصحيح أنها ليست من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - بل هي من قول أبي هريرة - رضي الله عنه - فتكون مدرجة في آخر الحديث، وسيأتي بيان ذلك، و الإدراج لغة الإدخال, تقول أدرج الميت في قبره أي أدخل في قبره, والإدراج في الاصطلاح: هو إدخال بعض الرواة لألفاظ متصلة بالمتن يظن السامع أنها من صلب الحديث، وهذا إدراج المتن لأن الإدراج ينقسم إلى قسمين: إدراج في السند وإدراج في المتن، والإدراج في المتن على ثلاثة أنواع: إدراج في آخر الحديث كحديث الباب، وإدراج في أوله، وإدراج في أوسطه.
وحديث الباب من الإدراج في آخر الحديث، ويدل على أن هذه العبارة من الراوي وليست من صلب حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وسيأتي بيان الدليل على أن قوله " فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل " من كلام أبي هريرة - رضي الله عنه -.

• (لَكُمْ سِيمَا): السيما هي العلامة.

• (بَنِي فَرُّوخَ): بفتح الفاء وتشديد الراء يقال: أنه من ولد إبراهيم عليه السلام من ولد كان بعد إسماعيل وإسحاق كَثُر نسله ونما عدده، فولد العجم الذين هم في وسط البلاد، وأراد أبو هريرة هنا الموالي انظر: [التاريخ الكبير (4/ 76)].

• (الْحِلْيَةُ): المراد بها الحلية التي يلبسها المؤمن في الجنة من الذهب وغيره.

من فوائد الأحاديث:
• الفائدة الأولى: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في صفة الوضوء فيه دلالة على أن المتوضئ إذا غسل يديه فإنه يُدخل مرفقيه لقوله عند غسل اليدين " حتى أشرع في العضد " وأنه إذا غسل قدميه يدخل الكعبين في الغسل لقوله عند غسل القدمين " حتى أشرع في الساق " وسبق بيان ذلك وسبق الكلام بالتفصيل عن أعضاء الوضوء قريباً في حديثي عثمان وعبد الله بن زيد - رضي الله عنهما -، والمتأمل في أحاديث صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنها حديث الباب ليس فيها التسمية قبل الوضوء فما حكم التسمية عند الوضوء؟

اختلف في ذلك على قولين:
القول الأول: وجوب التسمية في الوضوء، وهو قول الظاهرية ورواية عن الإمام أحمد.
واستدلوا: بحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً: " لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه " وهذا الحديث رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه من طريق يعقوب بن سلمة الليثي عن أبيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً، والحديث ضعيف لسببين:
الأول: جهالة يعقوب بن سلمة الليثي ووالده كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر [انظر في " نتائج الأفكار "( 1/ 225 )].

والثاني: أن في اتصال سنده نظر، قال البخاري: " لا يعرف لسلمة سماع من أبي هريرة - رضي الله عنه - ولا ليعقوب من أبيه ".
ولهذا الحديث طرق أخرى وشواهد كلها ضعيفة ولكن يقوِّي بعضها بعضًا.
قال ابن المنذر: " ولا شك أن الأحاديث التي وردت في التسمية وإن كان لا يسلم شيء منها من مقال، فإنها تتعاضد بكثرة طرقها وتكتسب قوة والله أعلم. انظر:" شرح النووي" ( 3 / 133 ).
وقال الحافظ ابن حجر: " والظاهر أن مجموع الأحاديث يحدث منها قوة، تدل على أن له أصلاً" انظر "التلخيص " (1/ 86).
وقال ابن القيم: " أحاديث التسمية عند الوضوء أحاديث حسان " انظر " المنار" ص (120 ).

والقول الثاني: أن التسمية سنة وهو الأظهر والله أعلم وبه قال جمهور العلماء منهم الأئمة الثلاثة ورواية عن الإمام أحمد بل ذكر بعض الحنابلة أن هذا هو المذهب الذي استقر عليه قول أحمد.
ويدل على ذلك:
1- آية المائدة، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ... ﴾ الآية.
ووجه الدلالة: أن الله تعالى بدأ في أمره بغسل الوجه ولم يأمر بالتسمية.

2- قصة المسيء في صلاته جاء في حديث رفاعة بن رافع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره فقال:" فتوضأ كما أمرك الله - عزّ وجل -".
ووجه الدلالة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره بامتثال ما جاء في الآية عند الوضوء ولم تذكر التسمية في الآية كما سبق.

3- أن الواصفين لصفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصحابة وصفوها بالتفصيل كما سبق ولم يذكروا التسمية في أول الوضوء ولو كانت واجبة لذكروها.
وأما حديث:" لا ضوء لمن لم يذكر اسم الله " فيحمل على الاستحباب والنفي فيه يحمل على نفي كمال الوضوء لا على نفي صحة الوضوء كما قال أصحاب القول الأول والله أعلم.

• الفائدة الثانية: أحاديث الباب فيها دلالة على أفضلية الوضوء تضاف لما سبق من الفضائل وفي حديثي أبي هريرة - رضي الله عنه - في الباب فضيلتان:
أولاهما: أنه بسبب الوضوء يكون لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ميزة تنفرد بها عن الأمم الأخرى وهي أنهم يأتون وقد سطعت وجوههم وأيديهم وأرجلهم نوراً وبياضاً نسأل الله من فضله.

ثانيهما: أنهم يُكسون حلة في مواضع الوضوء، وهذه الحلة جاء في القرآن ما يَّبين أنواع الحلل في الجنة: الذهب والفضة واللؤلؤ قال تعالى: ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ﴾ [فاطر: 33]، وقال تعالى: ﴿ عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً ﴾ [الإنسان: 21]، وكل حُلَّة في الجنة يحلَّون بها لعموم اللفظ.

• الفائدة الثالثة: استدل بعض أهل العلم بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إن أمتي يأتون يوم القيامة غراً محجلين من أثر الوضوء " على أن الوضوء من خصائص أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -.
والقول الثاني وهو الأظهر والله أعلم: أن الوضوء ليس من خصائص الأمة بل كان موجوداً في الأمم السابقة وأن الذي اختصت به هذه الأمة الغرة والتحجيل أي أنهم من بين الأمم يأتون يوم القيامة وقد سطعت وجوههم وأيديهم وأرجلهم بياضاً ونوراً ومما يؤيد أن الوضوء ليس من خصائص الأمة:
1- حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في قصة سارة زوجة إبراهيم - عليه السَّلام - ففي الحديث أن سارة لما طلبها الجبار قام إليها فقامت تتوضأ وتصلي، والحديث رواه البخاري بطوله.

2- حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أيضاً في قصة جريج الراهب وفي الحديث: " فتوضأ وصلى " والحديث متفق عليه.
وأما الغرة والتحجيل فهما من خصائص أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - يدل على ذلك الرواية الأخرى عند مسلم في الباب حيث بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لأمته علامة ليست لأحد من الأمم فقال: " لكم سيما ليست لأحد من الأمم تردون عليَّ غراً محجلين من آثار الوضوء ".

• الفائدة الرابعة: قوله " فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل " وفي لفظ مسلم الآخر " فليطل غرته وتحجيله " استدل به الشافعية وبعض الحنفية وهو رواية عن الإمام أحمد بأنه يستحب الزيادة في الوضوء على محل الفرض فيزيد في غسله لوجهه وليديه ولقدميه مع اختلاف في قدر هذا الزائد.
قال النووي" اختلفوا في قدر المستحب على أوجه: احدهما أنه يستحب الزيادة فوق المرفقين والكعبين من غير توقيت، والثاني يستحب إلى نصف العضد والساق، والثالث يستحب إلى المنكبين والركبتين " [انظر: "شرح مسلم" (3/ 128 )].
وهذا في اليدين والقدمين وأما الزيادة في الوجه بأن يغسل شيئاً من مُقِّدم رأسه.
واستدل أصحاب هذا القول: بحديث الباب " فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ".
والقول الثاني وهو الأظهر والله أعلم: أنها لا تُشرع الزيادة على محل الفرض، وهذا قول المالكية والظاهرية وبعض الحنفية ورواية عن الإمام أحمد واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم.
ويدل على ذلك:
1- من الكتاب: قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ..... ﴾ الآية.
ووجه الدلالة: أن الله تعالى حدَّ لعباده في الآية محل الفرض من أعضاء الوضوء والتحديد يقتضى عدم الزيادة والآية آخر ما نزل من القرآن.

2- من السنة: أن جميع الواصفين لوضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - كعثمان وعلي وعبد الله بن زيد وغيرهم لم ينقل واحد منهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتعدى المحل الذي أُمر بغسله أو مسحه بل كان يغسل يديه حتى يشرع في العضد ليدخل يديه ويغسل قدميه حتى يشرع في الساق ليدخل الكعبين وكل هذا محلاً للفرض كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في الباب ولو كانت الزيادة على محل الفرض مشروعة لبينها عليه الصلاة والسلام.

3- ومن حيث النظر: أن الزيادة على محل الفرض تجعل الممسوح مغسولاً فمن أراد أن يطيل غرته مثلاً فإنه لا بد أن يغسل مع الوجه شيئاً من مقدمة شعر الرأس وهذا خلاف المأمور به إذ أن الرأس الواجب فيه المسح لا الغسل، وكذلك تؤدي إلى غسل العضدين مع اليدين والساقين مع الرجلين والعضدان والساقان غير مأمور بغسلها، فيتبِّين مما سبق أنه ليس من السنة الزيادة على محل الفرض.

وأما ما استدل به القائلون بمشروعية الزيادة على محل الفرض حيث استدلوا بحديث الباب وفيه " فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل " فنوقش هذا الاستدلال بأن هذه العبارة مدرجة من كلام أبي هريرة - رضي الله عنه -وليس من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا حجة فيها لأن هذا رأي لأبي هريرة - رضي الله عنه - واجتهاد منه , ولا حجة فيه لمخالفته للنصوص التي تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يفعل ذلك فهذه العبارة مدرجة من كلام أبي هريرة - رضي الله عنه - رواها عنه نُعيم المُجمر دون غيره ممن روى عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، ويدل على أنها مدرجة ما يلي:
أ- جاء في مسند الإمام أحمد من طريق فليح بن سليمان عن نُعيم المجُمر قال: " لا أدري قوله: " فمن استطاع أن يطيل غرته فليفعل " من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو من قول أبي هريرة - رضي الله عنه -".
قال الحافظ ابن حجر: " ولم أر هذه الجملة في رواية أحد ممن روى هذا الحديث من الصحابة وهم عشرة، ولا ممن رواه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - غير رواية نُعيم هذه، والله أعلم " انظر في" الفتح "( 1/ 236) .

ب- أن الحديث رواه عدد من الصحابة كما ذكر ابن حجر كابن مسعود وجابر وأبي سعيد وأبي أمامة وحذيفة وغيرهم ولم يذكروا هذه الزيادة.

ج- أن إطالة الغرة غير ممكن إذ بإطالته للغرة لا بد أن يغسل شيئاً من الرأس وهذا يجعل الممسوح مغسولاً.

د- أنه لم ينُقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا في حديث أنه كان يطيل الغرة والتحجيل في الوضوء.

هـ- قول أبي هريرة - رضي الله عنه - حينما أنكر عليه أبو حازم غسله يديه في الوضوء حتى بلغ إبطيه فقال أبو هريرة - رضي الله عنه -: لو علمت أنكم ها هنا ما توضأت هذا الوضوء سمعت خليلي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء " مما يبين أنه اجتهد - رضي الله عنه - ولو كان ذلك مشروعاً لاستدل بقول: فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل " مما يدل على أن هذا مدرج من قوله - رضي الله عنه - كما أن هذا اجتهاد من فعله - رضي الله عنه -. وبهذا يتبين أن هذه اللفظة مدرجة من كلام أبي هريرة - رضي الله عنه - لا تصلح للاستدلال على مشروعية مجاوزة محل الفرض.

الفائدة الخامسة: قول أبي هريرة - رضي الله عنه -: " لو علمت أنكم هاهنا ما توضأت هذا الوضوء " فيه دلالة على أن القدوة إذا اجتهد في أمر لا يظهر دليله وفي هذا الأمر غرابة، أو لأمر ابْتُلي فيه بالوسوسة أو الأمر ترخص فيه لضرورة أن لا يفعله أمام عامة الناس لئلا يقعوا في أمر ليس لهم فيه حجة ودليل.

مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الطهارة)

صمتي شموخي
11-20-2023, 11:04 AM
جزاك الله خير الجزاء
دمت برضى الله وحفظه ورعايته