حكاية ناي ♔
11-22-2023, 12:16 PM
هو اضطراب في النمو العصبي تتميز بصعوبات كبيرة في التفاعل الاجتماعي والتواصل غير اللفظي بالإضافة إلى أنماط مقيدة ومتكررة من السلوك والاهتمامات. تجدر الإشارة إلى أن متلازمة أسبرجر قد تم دمجها مع حالات أخرى ذات صلة في ما يعرف الآن باسم اضطراب طيف التوحد ولم تعد تعتبر تشخيصًا مستقلاً. في السابق، كان متلازمة أسبرجر تعتبر حالة مختلفة عن باقي الحالات التي تم دمجها في اضطراب طيف التوحد بسبب سماتها المميزة المتمثلة في مهارات اللغة اللفظية السليمة نسبيًا والذكاء.سُميت هذه المتلازمة على اسم طبيب الأطفال النمساوي هانز أسبرجر، الذي وصف في عام 1944 الأطفال الذين كانوا رعايته، إذ لاحظ أنهم يكافحون من أجل تكوين صداقات، ولديهم صعوبة في فهم إيماءات أو مشاعر الآخرين، وينخرطون في محادثات أحادية الجانب حول اهتماماتهم المفضلة وأظهروا الحماقة. في عام 1994، تم إدراج تشخيص مرض أسبرجر في الطبعة الرابعة (DSM-IV) من الدليل التشخيصي والإحصائي الأمريكي للاضطرابات العقلية؛ ومع ذلك، حين نشر الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5) في عام 2013، أزيلت المتلازمة، ودمجت أعراضها في اضطراب طيف التوحد، إلى جانب التوحد الكلاسيكي والاضطرابات النمائية الشاملة غير المحددة (PDD-NOS). وبالمثل، في عام 2021، تم إدراج متلازمة أسبرجر ضمن اضطراب طيف التوحد في التصنيف الدولي للأمراض (ICD-11).
يتم استخدام كلمة اسبرجر بشكل غير رسمي للتفريق ما بين الأشخاص الذين يقعون في قطب التوحد الكلاسيكي و يعانون تأخرا في اللغه والذكاء والأشخاص الذين يقعون بعيدا من القطب ولا يعانون من تأخر في اللغه والذكاء.
تلعب الجينات دورا أساسيا في تكوين الدماغ لدي الأسبرجريين. أدمغتهم تستقبل وتتعامل مع المعلومات بشكل مختلف. بالتالي تتكون لديهم صعوبات في العلاقات الاجتماعية وقد يؤثر هذا على تطورهم المهني واستقرارهم الأسري.
الخصائص
الأسبرجر هو اضطراب عصبي، ويتميز بنمط من الأعراض بدلًا من عرض واحد محدد. يتميز بضعف في التفاعل الاجتماعي (كعدم الذهاب إلى المناسبات أو عدم زيارة قريب مريض في المستشفى) واتباع أنماط محدودة ومقولبة من السلوك والأنشطة والرغبات، ولا يميزه أي تأخر ملحوظ في الإدراك أو تأخر في الناحية اللغوية. بعض الأعراض الأخرى هي الانشغال المكثف بموضوع واحد ضيق، الإسهاب من جانب واحد، والتصرف الأخرق جسديا، لكن تلك الأعراض ليست بالضرورة مطلوبة ليتم تشخيص المرض.
الأعراض
صعوبات في العلاقات الاجتماعية
دائما ما تتكون لدي الشخص الاسبرجري صعوبات في العلاقات الاجتماعية تتمثل في سوء فهم الأشخاص، عدم القدرة على تكوين الصداقات، عدم القدرة على الاستمرارية في الصداقات أو فهم وتقدير المعني الحقيقي للاجراءات الاجتماعية. لدي الشخص الاسبرجري صعوبة في الانضمام الى الحفلات او الاجتماعات، صعوبة في التعامل مع المواقف الاجتماعية وصعوبة في العلاقة مع شريك الحياة أو الأشخاص المحيطين به.
دائما ما يكون لدي الاسبرجري صعوبة (او على عقله غمامة) في فهم وجهات النظر الأخرى، مثل احاسيس الناس، مشاعرهم، ردات فعلهم المحتملة، وفهم ماذا يفكر فيه الآخرين او مقاصدهم التي في الايماءات او في حركات الجسد و تعابير الوجه وتتكون لديه صعوبه في قراءة ما بين السطور.
مع تقدم العمر والخبرة في الحياة، قد يتعلم الأسبرجري كيفية التعامل الاجتماعي لكن يقوم بتحليل المعلومات في مكان آخر من الدماغ. عند الاجهاد او الانفعال العاطفي يفشل في التعامل الاجتماعي. الأشخاص ذوي الدماغ النيوروتيبيكل (الأشخاص العاديين ان جاز التعبير) لديهم قدرات فعالة وكبيرة في التعامل الاجتماعي لأنهم مولودين بالفطرة على ذلك. لكن الاسبرجريين يقومون باكتساب هذي القدرات مع الزمن وحتى مع اكتسابها قد لا يستطيعون تطبيقها بشكل فعال كما الأشخاص العاديين.
ربما يكون نقص تعاطف الأسبرجريين مع الآخرين هو الجانب الأكثر اختلالًا. ويعاني الاسبرجريين من صعوبة التفاعل الاجتماعي الأساسية، مما قد يؤدي إلى فشل في تكوين صداقات جديدة أو السعي للحصول على المتعة أو عمل إنجازات مع آخرين (على سبيل المثال، يصعب عليه التعبير عن الأشياء التي يحبها للآخرين)، كذلك فهو يعاني من نقص في تقديم المعاملة بالمثل اجتماعياً وعاطفياً، ويعاني من ضعف في السلوكيات اللالفظية مثل التواصل بالعين، التعبيرات عن طريق الوجه، أوضاع الجلوس، والإيماءات.
وعلى عكس أولئك المصابين بالتوحد، لا ينسحب الأسبرجريين من حول الآخرين، بل إنهم يقتربون من الآخرين، حتى ولو على نحو أخرق. وعلى سبيل المثال، قد يشارك الاسبرجري في حوار من جانب واحد مع شخص آخر، ويبدأ في الحديث المطول عن موضوع مفضل، دون أن ينتبه إلى مشاعر المستمع أو إلى ردود فعله، مثل حاجة الآخر إلى الخصوصية أو إلى تعجله للرحيل من المكان. هذا الارتباك الاجتماعي يطلق عليه اسم «نشط لكن غريب». هذا الفشل في الرد بشكل مناسب مع التفاعلات الاجتماعية، قد يظهر على أنه عدم احترام لمشاعر الآخرين، ويمكن أن يفهمها الأخرون على أنه «تبلد شعور» من قبل المريض.
وتتيح القدرة الإدراكية للأطفال الاسبرجريين أن يعبروا عن المعايير الاجتماعية في بيئة اختبارية، حيث يمكن أن يكونوا قادرين على توضيح فهمهم النظري لمشاعر الآخرين، وعلى الرغم من ذلك، فإنهم عادة ما يواجهون صعوبات في تطبيق تلك المعرفة أثناء مواقف الحياة الفعلية. وقد يحلل ويستخلص الأشخاص الاسبرجريين ملاحظاتهم حول التفاعل الاجتماعي إلى توجيهات سلوكية جامدة، ثم يقومون بتطبيق تلك «التوجيهات» بشكل مرتبك، وعلى سبيل المثال: إجبار المريض على استخدام تواصل بصري، يؤدي إلى تصرفات قد تبدو جامدة أو ساذجة اجتماعياً. ويمكن أن تتحول الرغبة الطفولية في الرفقة، إلى شيء فاقد الإحساس، عبر مجموعة متعاقبة من اللقاءات الاجتماعية.
أما الفرضية القائلة بأن الاسبرجريين هم أكثر ميلًا إلى السلوك العنيف، فقد تم البحث فيها لكنها غير مدعومة ببيانات يمكن الاعتماد عليها بل أن العديد من الشواهد تشير إلى أن الأشخاص الاسبرجريين يكونون غالباً ضحايا أكثر منهم كمؤذيين للآخرين. وقد وجد تقريرٌ نُشر عام 2008 أنّ عدداً كبيراً جداً من الاسبرجريين يعانون من اضطرابات نفسية تمنعهم من التعايش مع الآخرين مثل اضطراب الفصام العاطفي.
صعوبة في تسجيل المعلومات الاجتماعية في الدماغ
الأسبرجريين لا يستطيعون السماع والنظر الى الشخص وتسجيل الايماءات وحركات الجسد كلها في نفس الوقت كالأشخاص العاديين. يصعب عليهم تسجيل كل المعلومات، لذلك قد لا يفهمون بعض الأمور كما يفهمها الأشخاص ذوي العقل النيوروتيبيكل. قد لا ينظر الاسبرجريين للأشخاص عندما يتكلمون، اذ قد يكونون منغمسين في الشرح. بالتالي قد لا ينتبهون الى لغة الجسد والمعلومات ما بين السطور.
صعوبة قراءة المعاني التي بين السطور
يفهم الشخص الاسبرجري الآخرين فهما لفظيا. مثلا: يهاتف زوج زوجته الأسبرجرية وهو في طريقة للمنزل ويسألها: هل تحتاجين لشيء ما؟ ترد الزوجة: لا أريد شي. لكن عندما يصل الزوج الى البيت يكتشف أنهم يحتاجون لبعض المستلزمات المنزلية. يستغرب الزوج من اللامبالاه ويحدث الخلاف. يحصل سوء الفهم هذا لأن الزوجة لم تفهم المعنى الغير لفظي لسؤال زوجها هو أن إذا ما كانت تحتاج لشي للمنزل، لكن الزوجة فهمت السؤال فهما لفظيا بحيث أنها اعتقدت أنه سؤال شخصي، ما إذا كانت تحتاج الى شي يخصها.
التعلق باهتمامات خاصة او محدوده
يتعلق الأسبرجريين بمواضيع او اهتمامات تستحوذ عليهم الى حد الهوس أحيانا. معظم حديثهم يكون عن تلك الاهتمامات، ومعظم وقتهم يقضونه في تلك الاهتمامات، وقد ينفقون أكثر من اللازم من مدخراتهم على تلك الاهتمامات. قد تتغير الاهتمامات. لكن يبقي الهوس والاهتمام الذي يستحوذ على وقتهم وجهدهم.
الرغبات والسلوك المتقيد والمتكرر
غالباً ما يبدي الاسبرجريين سلوكيات، رغبات وأنشطة تتميز بالتقيد والتكرار، وأحياناً قد يكون اهتمامهم بتلك المجالات مكثفا أو مركزا بشكل غير طبيعي. وقد يستمرون في القيام بأنشطة روتينية معينة، يتحركون في أشكال متكررة، أو قد يشغلوا أنفسهم بأجزاء من بعض المجالات.
ويعد السعي نحو مجالات معينة، هو واحد من أبرز سمات الأسبرجر. وقد يجمع الأشخاص المصابون بالمرض مجلدات من المعلومات التفصيلية عن موضوع واحد ضيق محدد، مثل «الديناصورات» أو «أعضاء الكونجرس» أو «القطارات»، بدون أن يكون لديهم فهم حقيقي حول الطبيعة الأشمل للموضوع. وعلى سبيل المثال، يمكن لطفل أن يختزن أرقام طراز كاميرات فوتوغرافية مختلفة في ذاكرته، دون أن يكون لديه أي اهتمام بالتصوير الفوتوغرافي. ويظهر هذا السلوك بشكل واضح عادة قبل سن المدرسة الابتدائية، أي: سن الخامسة أو السادسة. وعلى الرغم من أن أوجه الاهتمام هذه قد تتغير من وقت للآخر، فإنها غالباً ما تتطور لتصبح أكثر غرابة وأضيق أُفقاً من ذي قبل، وغالبا ما تهيمن على تفاعل الطفل الاجتماعي بدرجة كبيرة، لدرجة أن الأسرة بأكملها قد تصبح خارج دائرة اهتمامه. ولأن الموضوعات الضيقة غالباً ما تستحوذ على اهتمام الأطفال -بشكل عام-، فإن ذلك العرض يمكن ألا يلاحظ عند التشخيص.
وتعتبر التصرفات النمطية والتكرارات الحركية جزئين أساسيين في تشخيص الأسبرجر والأنواع المختلفة من اضطراب طيف التوحد. تتضمن تلك الحركات بعض الحركات باليد مثل لوي اليدين أو خفقهما، بجانب حركات معقدة تشمل الجسم كله. وعادة ما تتكرر هذه الحركات في اندفاعات سريعة وتبدو أكثر عفوية منها كتشنجات، التي عادة ما تكون أسرع، وبإيقاع أقل، وبتناظر أقل.
النطق واللغة
وعلى الرغم من الأفراد المصابين بالأسبرجر يستطيعون اكتساب المهارت اللغوية بدون تأخير كبير وعادة لا يعيب كلامهم أي تشوهات، إلا أن اكتساب اللغة واستخدامها يكون «غير نمطي» في كثير من الأحيان. وتشمل حالات الشذوذ كلا من: الإسهاب، التحولات المفاجئة، التفسيرات الحرفية، عدم الشمولية (بشكل بسيط)، استخدام المجازات فقط لمن يخاطبه، عجز عن إدراك المستمعين، رصانة غير عادية، الكلام بشكل رسمي، رتابة في مستوى الصوت والحدة والترنيم والإيقاع.
وهناك ثلاث أوجه من أنماط الاتصال تهم البحث الإكلينيكي: الحديث بشكل بالغ الإيجاز، عرضية وظرفية الخطاب، ومدى أهمية الحديث المسهب. وعلى الرغم من أن تنغيم الصوت ومقام الصوت يكون أقل حدة أو أقل رتابة مما هو عليه الحال عند المصابين «بالتوحد»، إلا أن الاسبرجريين غالباً ما يكون لديهم نطاق محدد من تنغيم الصوت: لذلك قد تجد الكلام سريعاً على نحو غير عادي، أو متشنج أو يخرج بصوت عالي. وقد ينقل الكلام شعورا بالنفور، وغالباً ما يحتوي الكلام -ذو الطبيعة الحوارية- مونولجات عن مواضيع تثير ضجر المستمع، مع فشل في خلق جوا للتعليق -لسماع تعليقات المستمع-، أو فشل في التحكم بالأفكار الداخلية ومنعها من التحول إلى كلام مستمر. وقد يفشل الاسبرجريين في تحديد ما إذا كان المستمع مهتم فعلاً بالمحادثة ومشاركاً فيها. وقد يفشل المتكلم في توضيح هدفه من الحديث، وغالباً ما تفشل محاولات المستمع للتعليق على محتوى أو منطق الحديث، أو للتحول لموضوعات أخرى.
ويمكن ان يتمتع الأطفال الاسبرجريين بثروة لغوية معقدة على نحو غير عادي وفي سن مبكرة، وغالباً ما يطلق عليهم «الأساتذة صغيرو السن»، لكنهم غالباً ما يجدوا صعوبة في فهم اللغة التصويرية، ويميلوا إلى استخدام اللغة الحرفية. وكذلك فإن أطفال مرضى الأسبرجر لديهم نقاط ضعف في مجالات اللغة غير اللفظية، تشمل هذه النقاط: الدعابة/الفكاهة، السخرية، وإثارة ضيق الغير. وعلى الرغم من أن غالبية الأفراد المصابين بالأسبرجر يستطيعون فهم مسألة «الفكاهة» إلا أنه ينقصهم فهم «مغزى» الفكاهة، مما يمنعهم من مشاركة الاستمتاع بها مع الآخرين. ورغم وجود أدلة قوية توضح على ضعف تقدير «الفكاهة» لدى المصابين، فإن تقارير نادرة تتحدث عن أفراد مصابين بالمتلازمة ولديهم الحس الفكاهي، مما دفع بعض أصحاب النظريات في مجال الأسبرجر والتوحد لمحاولة فك هذا اللغز.
مشاكل تتعلق بالاحساس في محيط الجسد في الفضاء
حركة الجسد لدي الأسبرجريين غير منضبط. قد يصطدم الاسبرجري بالأشياء. يكون الاسبرجري غير واعي بمحيط جسده في الفضاء. قد تقل مشكلة الاصطدامات مع الزمن. من المشاكل التي لها علاقة بنقص الاحساس بالجسد هو أن الاسبرجري قد يقف قريبا جدا من الناس، اذ أنه قد يفشل في تقدير المسافة المناسبة التي يجب عليه ان يتركها كحيز اجتماعي بينه وبين الشخص الآخر، مما قد يتسبب في ظنون في غير محلها.
التعلق بالروتين وصعوبة في المرونة
يكره الأسبرجريين التغيير. يضعون لأنفسهم روتين أو خطط من الصعب عليهم تغييرها. وكأن هناك أشياء يجب أن تحدث قبل أشياء والا لن يتم الأمر. لديهم صعوبة في أن يكونوا مرنين، حتى في التفكير. عندما يضعون خطه يجب أن تطبق الخطة حرفيا. يصعب عليهم أن ينظروا للأمور من منظور آخر أو يغيرون انتباههم الى شي آخر.
ردات فعل أكبر تجاه المؤثرات
لدي الأسبرجريين ردات فعل أكبر من الأشخاص العاديين لبعض المؤثرات مثل البرودة، الحرارة، الإضاءة، الأصوات، الروائح، أو الطعم.
تقييم الذات والتقييم الاجتماعي
يمكن تلقين الأشخاص التوحديين بعض المهارات الاجتماعية والتخاطبية ولكن هذان الجانبان ليسا وحدهما هما الوسيلتان المطلوبتان للتوافق مع الآخرين في الأوضاع الاجتماعية المختلفة إذ أن من المهم أيضاً أن يكون هناك فهم دقيق إلى حد كبير لمشاعر الشخص الآخر وكيفية تفكيره لتقدير كيف نستطيع أن نقدم أنفسنا: كأن نخادع أو نفتن أو نطري ونتملق أو نفوي أو نتعاطف.. إلخ. كما أننا نوظف المعرفة حول كيفية تقديم الذات للحكم على دوافع الآخرين، مثلاً معرفة متى نثق بهم. ولا يتمتع التوحديون بهذه القدرات ويعانون من زيادة مفرطة في الصدق والأمانة والثقة مما يعرضهم للاستغلال.
ويقدم الناس صورة عن ذواتهم أيضاً من خلال مظهرهم الشخصي والمجال الحيوي الذي يعيشون فيه. والمجال الذي يعيش فيه الشخص التوحدي غالباً ما يكون خالياً من الصفة الشخصية أو يضم مجموعة من الأشياء المختلطة غير المنظمة التي تراكمت إما عشوائياً وإما كجزء من مجموعة أكبر. ولا توجد أي محاولة لترك انطباع لدى الآخرين. وبالمثل تكون الملابس غريبة يتعذر وصفها وتصنيفها. والواقع أنه يندر على الشخص التوحدي أن يقوم بشرائها حتى وأن كان قادراً تماماً على شراء أشياء أخرى كالاسطوانات الموسيقية على سبيل المثال. والتوحديون بصفة عامة لا يكوِّنون مفاهيم حول الأزياء وخطوط الموضة.
القسوة وانعدام التقمص العاطفي
كما أشرنا سابقاً، يواجه التوحديون صعوبة في فهم مشاعر وأفكار الآخرين وبالتالي فأنهم يفتقرون إلى التقمص العاطفي أي القدرة على استشعار ما يحس به الغير. وهذا يجعل من السهل على التوحدي أن يصبح انفعالياً. وما لم يتم وضع ضوابط خارجية على ميله لفرض سلوكياته على أسرته فإن الطفل التوحدي قد يتحول إلى طاغية. وعلى سبيل المثال فإن مراهقاً مصاباً بالتوحد تحكم في حياة أبويه إلى أنهما كانا يخشيان الخروج من المنزل وكان يتسوقان أغراضهما المنزلية خلسة وخفية، ويقضيان وقتاً طويلاً في التنظيف لأن أبنهما تغتابه نوبات غضب عارم تجاه الأقذار والأوساخ ويعانيان في كل وجبة من كابوس إقناعه بتناول المزيد من الطعام المنوع. ويكيف التوحديون، مثلهم في ذلك مثل الأشخاص غير التوحديين، سلوكهم وفقاً للنتائج المتوقعة منهم. ويتعلم معظم المصابين بالمتلازمة باكراً أن إيذاء الآخرين يتبعه أكثر النتائج خطورة ولذلك فأنهم عادة ما يتصرفون وفقاً لهذه القاعدة. ولذلك فإن قلة من المصابين بمتلازمة أسبرجر يكونون عنيفين تجاه الآخرين. غير أن العنف لدى الطفل التوحدي قد يكون شديدا أحيانا إذ أن التوحدي لا يرى علامات الألم لدى الشخص الآخر.[1]
وقد تنتج نوبة الغضب عند التعرض لنوع خاص من المقت والبغض كحالة رجل كان يهاجم النساء والفتيات اللواتي يغنّين بدرجة صوت معينة، أو عن إحباط ناجم عن تغيير في روتين ما، أو عن رد فعل عاطفي مطابق لرد الفعل المسبب للغضب لدى الأطفال غير التوحديين. وخير مثال على الحالة الأخيرة أولئك الأطفال الأكبر سناً الذين يدفعون إخوانهم الأصغر سناً على الدرج أو يؤذونهم بصورة أخرى، أو الأبناء الذين يعتدون على أمهاتهم لأنهن لم يلبين لهم مطلباً من مطالبهم.
الاهتمام بالآخرين
كان كانر أول من وصف الأطفال المنعزلين عن الآخرين ولبعض الوقت كان يفترض أن الأطفال التوحديين منقطعين تماماً عن الأشخاص الآخرين. والواقع أن العديد من المحللين النفسانيين أخذوا هذا الافتراض كنقطة انطلاق لفهم التوحد. غير أن ملاحظة الأطفال التوحديين معاً في جماعة أوضحت أنهم يبذلون نفس القدر من التقاربات إلى بعضهم تماماً كما يفعل الأطفال العاديين في جماعة. وتتميز هذه التقاربات بالقصر ولا تتطور إلى تفاعل وسرعان ما يتبعها الانسحاب ولكن حقيقة أن العديد من الأطفال التوحديين يبدأون هذه التقاربات تشير إلى وجود مستوى طبيعي من الاهتمام بالآخرين. غير أن ذلك لا يعني أن الأطفال التوحديين لديهم اهتمام بالأشياء لدى الآخرين بنفس اهتمام الأطفال غير التوحديين.
ويبدو أن ما يميز الأشخاص التوحديين عن غيرهم من غير التوحديين هو أن التفاعل فيما يبدو يكون غير سار بالنسبة للشخص التوحدي وتبعاً لذلك فأن تقديم عرض بالتفاعل قد ينفر الطفل التوحدي أكثر مما ينفر الطفل غير التوحدي. ونحن كأشخاص غير توحديين نادراً ما نضع في بالنا إمكانية الفشل في تفاعل اجتماعي ما لم تكن هناك ظروفاً استثنائية مثل إجراء مكالمة دولية على خط هاتفي سيئ أو التحدث إلى شخص بلغته الأجنبية. غير أن الفشل في التفاعل الاجتماعي أمر عادي بالنسبة للشخص التوحدي ولعل هذا واحد من التفسيرات الممكنة لماذا يمكن أن يكون التفاعل الاجتماعي منفراً. ويتلاءم هذا التفسير مع بعض الحقائق المعروفة حول علاقات الأشخاص التوحديين. ومن الملاحظات المثبتة أن الانعزال أكثر شيوعاً لدى الأطفال التوحديين الأصغر سناً والأكثر إعاقة وعدم قدرة. ويشكل هؤلاء كل المجموعات التي لها فرصة قليلة في تعلم المهارات الاجتماعية ومن ثم يواجهون صعوبات جهة في تحقيق نجاح في التفاعل الاجتماعي. وعليه فإن الانعزالية قد تكون وسيلة لتفادي الأوضاع التي تثير القلق والحصار النفسي.
ومن بين العديد من المسائل الخلافية ذات العلاقة بعلاج الأطفال التوحديين تلك المسألة التي تتعلق بالآتي: إلى أي مدى يمكن تعمد التدخل لإخراجهم من عزلتهم وسليتهم؟ وسوف يثير أي تقارب اجتماعي للطفل المنعزل المصاب بالتوحد سلوكاً يبدو ناجماً عن القلق مثل أرجحة الجسم أو تفادي النظر المباشر إلى الشخص موضوع التفاعل. غير أنه في ظل ظروف معينة مثل مواصلة نوع من العلاج سيرد ذكره لاحقاً فإن التدخل المتواصل يزيد من احتمالات التفاعل الاجتماعي لدى الطفل التوحدي وتحد من سلوكيات اجتماعية مثل الأرجحة. وقد نفسر الفرضية السلوكية بأن الشخص التوحدي يعيش في صراع بين الرغبة في التفاعل وبين القلق من الفشل في التفاعل مثل هذه النتائج. وفي البداية يزيد التدخل الاجتماعي من مشاعر القلق لدى الطفل التوحدي مما يؤدي إلى المزيد من السلوك اللاجتماعي. ولكن إذا ما أدى التدخل إلى نوع من التفاعل الذي يمكن الإبقاء عليه فإن مشاعر القلق لدى الطفل تنحسر. وعندما ينتهي التفاعل يكون الطفل قد اكتسب قدراً من الأهلية الاجتماعية وفقد بعض القلق التوقعي خلال الحدث التفاعلي الاجتماعي التالي.
وبمساعدة من الأبوين والمعلمين يمكن للطفل التوحدي الأكثر قدرة تحقيق قدر كاف من الأهلية الاجتماعية في بدايه مراحل طفولته إلى الحد الذي يمكنه من الكف عن تفادي التفاعل الاجتماعي. غير أن نفس العوامل التي تؤثر في الثقة بالذات والطبيعة الودية المنبسطة للطفل غير التوحدي فيما يبدو تؤثر أيضاً على الطفل التوحدي. ويظل بعض الأطفال التوحديين يعانون من الخجل ويبقون متخفظين وحذرين ونادراً ما يبادرون إلى تفاعل اجتماعي بينما قد يصبح آخرون «نشطين وغير مألوفين»، ويندرج العديد من التوحديين من الأطفال والبالغين الأكثر قدرة تحت هذه الفئة الأخيرة. وبما أنهم لا يميزون بين الغرباء والأصدقاء فإن من المفارقات أن هؤلاء الأطفال قد يكونون في غاية الاستعداد لتجاذب أطراف الحديث مع الغرباء أو الزوار عند الضرورة.
أخرى
قد تكون لدى الأشخاص الذين يعانون من الأسبرجر علامات أو أعراض تكون غير معتمدة على التشخيص، لكنها قد تؤثر على الفرد أو على أسرته. تشمل تلك الأعراض: اختلافات في الإدراك ومشكلات مع المهارات الحركية، النوع، والعواطف.
وغالباً ما يتمتع الأفراد المصابون بالأسبرجر بإدراك سمعي وبصري ممتازين. وكذلك يبدي الأطفال المصابون إدراكاً متميزا للتغيرات البسيطة التي تحدث لأنماط مثل ترتيب بعض الأغراض، أو ترتيب صور معلومة جيداً لديهم، عادة ما يكون ذلك في نطاق محدد ويتضمن معالجة لأجزاء دقيقة للغاية. وعلى العكس، فإن بالمقارنة مع الأفراد المصابين بالتوحد عالي الأداء، يعجز الأفراد المصابون بالأسبرجر عن أداء بعض المهام والتي تطلب إداركاً بصرياً ومكانياً وسمعياً، أو ذاكرة بصرية. وقد أخبر العديد ممن تعاملوا مع أفراد مصابين بالأسبرجر والتوحد عن مهارات حسية غير عادية، ومهارات إدراكية وخبرات غير عادية لدى هؤلاء الأفراد. قد يكونون حساسين أو غير حساسين للصوت، الضوء، اللمس، الملمس، الطعم، الرائحة، الألم، درجة الحرارة، وغيرها من المحفزات، وقد يقومون بإبداء حساً متزامناً، وتوجد هذه الاستجابات الحسية في أنواع أخرى من اضطرابات النمو، وليست فقط مقصورة على مرض الأسبرجر أو اضطراب الطيف التوحدي. وهناك دعم بسيط لرد الفعل الخاص بنظرية الكر والفر الزائد، أو فشل في الترويض لدى التوحد، وهناك أدلة أكثر لقلة الاستجابة لمحفز حسي، على الرغم من أن العديد من الدراسات تبين عدم وجود اختلافات.
وتشير ملاحظات هانز أسبرجر الأولية وكذلك مخططات التشخيص الأخرى إلى وصف الارتباك الجسدي. وقد يتأخر الأطفال المصابون بالأسبرجر في اكتساب المهارت الحركية التي تتطلب مهارة، مثل ركوب دراجة أو فتح مرطبان، وقد تبدو حركتهم ذات شكل «أخرق» وقد يبدون كمن يشعر بأنه غير مرتاح داخل ملابسه. ويمكن أن يتصرفوا بطريقة ضعيفة تنظيمياً، أو يقومون بالجلوس أو العدو بشكل غريب أو قلق الحركة، ويمكن أن يكون خط يدهم غير واضح، ويمكن أن يكون لديهم مشاكل في التكامل بين الحركة والرؤية. وقد تظهر لهم مشاكل مع الإحساس بوضع الأجسام، -كنوع من أنواع العمه الحركي Apraxia، حيث يفقد المريض القدرة على القيام بحركات معقدة بشكل متناسق-، ومشاكل مع: التوازن، المشي جنباً إلى جنب، وتوجيه إصبع الإبهام.ولا يوجد أي دليل على أن المشكلات المصاحبة لهذه المهارات الحركية تعتبر فارقاً بين الأسبرجر والأنواع الأخر من اضطراب الطيف التوحدي عالي الأداء.
وغالبا ما يواجه الأطفال والأشخاص المصابون بالمرض مشكلات مع النوم، بما في ذلك صعوبة في الخلود للنوم، كثرة الاستيقاظ الليلي، والاستيقاظ في وقت مبكر من صباح اليوم. كما يرتبط الأسبرجر بمستويات عالية من الـلامفرداتية، وهو صعوبة في تحديد ووصف عواطف الشخص الداخلية.
على الرغم من اقتران الأسبرجر مع قلة جودة النوم، ومع الـ لامفرداتية، فإن علاقتهم السببية غير واضحة.
ومثلما هو الحال مع الأشكال الأخرى لإضطراب طيف التوحد فإن آباء الأطفال المصابين بالأسبرجر يعانون من مستويات عالية من الإجهاد.
التشخيص
غالبا ما لايعير الشخص الأسبرجري الاهتمام للتشخيص، وقد لا يبذل جهدا في علاج المشاكل الأسرية اوالاجتماعية المترتبة على كونه أسبرجري. ومع ذلك ، قد يعاني الشخص الاسبرجري من الإكتاب والقلق في بيئات العمل او في التعامل مع شريك الحياة. وغالبا ما يعاني الأشخاص الذين من حوله سواء كانوا شركاء الحياة او أبناء أو زملاء من نمط تعامله أو تفكيره.
ليس هناك دواء او استشفاء من متلازمة اسبرجر أو من أطياف التوحد. لكن التشخيص يساعدهم ويساعد الأشخاص من حولهم في إيجاد فرص لفهم وجهات النظر لتحقيق الاستقرار.
يكون الأشخاص الذين من حول الاسبرجري أكثر تفهما عندما يعرفون أن ما يقوم به الاسبرجري غير مقصود او أنه بسبب اختلاف في الدماغ. يفهم الاسبرجري نفسه بعد التشخيص ويكون أكثر تفهما لعدم قدرته على بعض المهام الاجتماعية وقد يقوم باستشارة القريبين له من الأشخاص ذوي العقل النيوروتيبيكل حتى لا يقدم على الأخطاء. قد تتغير شخصية الاسبرجري بعد التشخيص، قد يكون أكثر تفهما. عندما يتقبل الشخص الاسبرجري نفسه ويتقبل نقاط ضعفه يصبح على أول عتبة من عتبات المساعدة. لا يوجد علاج أو دواء للتشافي لكن تتوفر المساعدة. قد يتولى شريك الحياة، ذا العقل النيوروتيبيكل، بعض المهام الاجتماعية، او قد يكون مستشارا للشخص الاسبرجري. تتكفل بعض الدول الشخص الاسبرجري حيث تصنف المتلازمة على أنها اعاقة وبالتالي يتوفر الدعم في التعليم، في التوظيف، في التقاعد المبكر وغيرها في مؤسسات الدول. لن يضطر الشخص الاسبرجري أن يخوض حرب فهم الحياة الاجتماعية بمفرده.
في بعض الأحيان قد يحتاج الأسبرجري الى الدعم والمساندة، مثل العلاج السلوكي بحيث يتم التركيز على معالجة العجز في خصائص محددة مثل فقر مهارات التواصل، الهوس أو الأفعال الروتينية المتكررة، والمهارات الجسدية. ومعظم الأشخاص يتحسنون بمرور الوقت.
جدل حول المتلازمة
زعم الباحث البريطاني سايمون بارون كوهن أن متلازمة اسبرجر هي نوع من الاختلاف البشري وأن الاعاقة تنطبق فقط على اطياف التوحد التي تعاني من الصعوبات.
قد تكون لهذى المزاعم انعكاسات على التشريعات اذا ما تم الأخذ بها اذ قد لا يتم توفير المسانده الرسمية للأشخاص الاسبرجريين بزعم أنهم مختلفين فقط وأنهم لا يعانون من اعاقة.
الأسباب
وصف هانز أسبرجر مجموعة أعراض منتشرة بين أفراد أسر مرضاه، وخصوصاً الآباء، وقد قامت البحوث بدعم ملاحظة هانز أسبرجر، واستدلت أنه هناك أسباب وراثية مرتبطة بمرض الأسبرجر. وعلى الرغم أنه لم يتم تحديد جينات بعينها مسؤولة عن المرض، فإنه من المعتقد أن هناك مجموعة عوامل تلعب دورا في التعبير عن مرض التوحد، بالنظر إلى التباين المظهري الملاحظ على هذه الفئة من الأطفال. الدليل على وجود علاقة جينية، هو ما يرجع انتشار متلازمة أسبرجر في بعض العائلات، ويلاحظ ارتفاع عدد حالات أفراد الأسرة الذين لديهم أعراض سلوكية مشابهة لأسبرجر ولكن في شكل محدود (على سبيل المثال، صعوبات طفيفة في التفاعل الاجتماعي، أو اللغوي، أو القراءة). وتشير معظم الأبحاث إلى أن جميع اضطرابات طيف التوحد تمتلك آليات جينية مشتركة، ولكن قد يكون لدى الأسبرجر مكون وراثي أقوى من مرض التوحد. وربما تكون هناك مجموعة معينة من الجينات حيث تقوم الجينات أليل بالعمل على الأشخاص ذوي القابلية للإصابة بالأسبرجر، وفي هذه الحالة، تقوم مجموعة مشتركة من الجينات بتحديد مدى جسامة المرض وشكل أعراضه لكل شخص مصاب بالأسبرجر.
وقد تم ربط حالات عدة مرضى مصابين بالأسبرجر وبين تعرضهم للماسخات (عوامل مسببة في عيوب خلقية) خلال الأسابيع الثمانية الأولى من الحمل. وعلى الرغم من أن ذلك لا يستبعد احتمال الإصابة بمرض الأسبرجر في وقت لاحق، فإنه دليل قوي على أن المرض ينشأ في وقت مبكر جداً من مرحلة النمو. وهناك العديد من العوامل البيئية التي افترض أن تؤثر في الطفل المريض بعد الولادة، ولكن أياً من تلك العوامل لم تأكده الأبحاث العلمية بعد.
الآلية
يتم استخدام كلمة اسبرجر بشكل غير رسمي للتفريق ما بين الأشخاص الذين يقعون في قطب التوحد الكلاسيكي و يعانون تأخرا في اللغه والذكاء والأشخاص الذين يقعون بعيدا من القطب ولا يعانون من تأخر في اللغه والذكاء.
تلعب الجينات دورا أساسيا في تكوين الدماغ لدي الأسبرجريين. أدمغتهم تستقبل وتتعامل مع المعلومات بشكل مختلف. بالتالي تتكون لديهم صعوبات في العلاقات الاجتماعية وقد يؤثر هذا على تطورهم المهني واستقرارهم الأسري.
الخصائص
الأسبرجر هو اضطراب عصبي، ويتميز بنمط من الأعراض بدلًا من عرض واحد محدد. يتميز بضعف في التفاعل الاجتماعي (كعدم الذهاب إلى المناسبات أو عدم زيارة قريب مريض في المستشفى) واتباع أنماط محدودة ومقولبة من السلوك والأنشطة والرغبات، ولا يميزه أي تأخر ملحوظ في الإدراك أو تأخر في الناحية اللغوية. بعض الأعراض الأخرى هي الانشغال المكثف بموضوع واحد ضيق، الإسهاب من جانب واحد، والتصرف الأخرق جسديا، لكن تلك الأعراض ليست بالضرورة مطلوبة ليتم تشخيص المرض.
الأعراض
صعوبات في العلاقات الاجتماعية
دائما ما تتكون لدي الشخص الاسبرجري صعوبات في العلاقات الاجتماعية تتمثل في سوء فهم الأشخاص، عدم القدرة على تكوين الصداقات، عدم القدرة على الاستمرارية في الصداقات أو فهم وتقدير المعني الحقيقي للاجراءات الاجتماعية. لدي الشخص الاسبرجري صعوبة في الانضمام الى الحفلات او الاجتماعات، صعوبة في التعامل مع المواقف الاجتماعية وصعوبة في العلاقة مع شريك الحياة أو الأشخاص المحيطين به.
دائما ما يكون لدي الاسبرجري صعوبة (او على عقله غمامة) في فهم وجهات النظر الأخرى، مثل احاسيس الناس، مشاعرهم، ردات فعلهم المحتملة، وفهم ماذا يفكر فيه الآخرين او مقاصدهم التي في الايماءات او في حركات الجسد و تعابير الوجه وتتكون لديه صعوبه في قراءة ما بين السطور.
مع تقدم العمر والخبرة في الحياة، قد يتعلم الأسبرجري كيفية التعامل الاجتماعي لكن يقوم بتحليل المعلومات في مكان آخر من الدماغ. عند الاجهاد او الانفعال العاطفي يفشل في التعامل الاجتماعي. الأشخاص ذوي الدماغ النيوروتيبيكل (الأشخاص العاديين ان جاز التعبير) لديهم قدرات فعالة وكبيرة في التعامل الاجتماعي لأنهم مولودين بالفطرة على ذلك. لكن الاسبرجريين يقومون باكتساب هذي القدرات مع الزمن وحتى مع اكتسابها قد لا يستطيعون تطبيقها بشكل فعال كما الأشخاص العاديين.
ربما يكون نقص تعاطف الأسبرجريين مع الآخرين هو الجانب الأكثر اختلالًا. ويعاني الاسبرجريين من صعوبة التفاعل الاجتماعي الأساسية، مما قد يؤدي إلى فشل في تكوين صداقات جديدة أو السعي للحصول على المتعة أو عمل إنجازات مع آخرين (على سبيل المثال، يصعب عليه التعبير عن الأشياء التي يحبها للآخرين)، كذلك فهو يعاني من نقص في تقديم المعاملة بالمثل اجتماعياً وعاطفياً، ويعاني من ضعف في السلوكيات اللالفظية مثل التواصل بالعين، التعبيرات عن طريق الوجه، أوضاع الجلوس، والإيماءات.
وعلى عكس أولئك المصابين بالتوحد، لا ينسحب الأسبرجريين من حول الآخرين، بل إنهم يقتربون من الآخرين، حتى ولو على نحو أخرق. وعلى سبيل المثال، قد يشارك الاسبرجري في حوار من جانب واحد مع شخص آخر، ويبدأ في الحديث المطول عن موضوع مفضل، دون أن ينتبه إلى مشاعر المستمع أو إلى ردود فعله، مثل حاجة الآخر إلى الخصوصية أو إلى تعجله للرحيل من المكان. هذا الارتباك الاجتماعي يطلق عليه اسم «نشط لكن غريب». هذا الفشل في الرد بشكل مناسب مع التفاعلات الاجتماعية، قد يظهر على أنه عدم احترام لمشاعر الآخرين، ويمكن أن يفهمها الأخرون على أنه «تبلد شعور» من قبل المريض.
وتتيح القدرة الإدراكية للأطفال الاسبرجريين أن يعبروا عن المعايير الاجتماعية في بيئة اختبارية، حيث يمكن أن يكونوا قادرين على توضيح فهمهم النظري لمشاعر الآخرين، وعلى الرغم من ذلك، فإنهم عادة ما يواجهون صعوبات في تطبيق تلك المعرفة أثناء مواقف الحياة الفعلية. وقد يحلل ويستخلص الأشخاص الاسبرجريين ملاحظاتهم حول التفاعل الاجتماعي إلى توجيهات سلوكية جامدة، ثم يقومون بتطبيق تلك «التوجيهات» بشكل مرتبك، وعلى سبيل المثال: إجبار المريض على استخدام تواصل بصري، يؤدي إلى تصرفات قد تبدو جامدة أو ساذجة اجتماعياً. ويمكن أن تتحول الرغبة الطفولية في الرفقة، إلى شيء فاقد الإحساس، عبر مجموعة متعاقبة من اللقاءات الاجتماعية.
أما الفرضية القائلة بأن الاسبرجريين هم أكثر ميلًا إلى السلوك العنيف، فقد تم البحث فيها لكنها غير مدعومة ببيانات يمكن الاعتماد عليها بل أن العديد من الشواهد تشير إلى أن الأشخاص الاسبرجريين يكونون غالباً ضحايا أكثر منهم كمؤذيين للآخرين. وقد وجد تقريرٌ نُشر عام 2008 أنّ عدداً كبيراً جداً من الاسبرجريين يعانون من اضطرابات نفسية تمنعهم من التعايش مع الآخرين مثل اضطراب الفصام العاطفي.
صعوبة في تسجيل المعلومات الاجتماعية في الدماغ
الأسبرجريين لا يستطيعون السماع والنظر الى الشخص وتسجيل الايماءات وحركات الجسد كلها في نفس الوقت كالأشخاص العاديين. يصعب عليهم تسجيل كل المعلومات، لذلك قد لا يفهمون بعض الأمور كما يفهمها الأشخاص ذوي العقل النيوروتيبيكل. قد لا ينظر الاسبرجريين للأشخاص عندما يتكلمون، اذ قد يكونون منغمسين في الشرح. بالتالي قد لا ينتبهون الى لغة الجسد والمعلومات ما بين السطور.
صعوبة قراءة المعاني التي بين السطور
يفهم الشخص الاسبرجري الآخرين فهما لفظيا. مثلا: يهاتف زوج زوجته الأسبرجرية وهو في طريقة للمنزل ويسألها: هل تحتاجين لشيء ما؟ ترد الزوجة: لا أريد شي. لكن عندما يصل الزوج الى البيت يكتشف أنهم يحتاجون لبعض المستلزمات المنزلية. يستغرب الزوج من اللامبالاه ويحدث الخلاف. يحصل سوء الفهم هذا لأن الزوجة لم تفهم المعنى الغير لفظي لسؤال زوجها هو أن إذا ما كانت تحتاج لشي للمنزل، لكن الزوجة فهمت السؤال فهما لفظيا بحيث أنها اعتقدت أنه سؤال شخصي، ما إذا كانت تحتاج الى شي يخصها.
التعلق باهتمامات خاصة او محدوده
يتعلق الأسبرجريين بمواضيع او اهتمامات تستحوذ عليهم الى حد الهوس أحيانا. معظم حديثهم يكون عن تلك الاهتمامات، ومعظم وقتهم يقضونه في تلك الاهتمامات، وقد ينفقون أكثر من اللازم من مدخراتهم على تلك الاهتمامات. قد تتغير الاهتمامات. لكن يبقي الهوس والاهتمام الذي يستحوذ على وقتهم وجهدهم.
الرغبات والسلوك المتقيد والمتكرر
غالباً ما يبدي الاسبرجريين سلوكيات، رغبات وأنشطة تتميز بالتقيد والتكرار، وأحياناً قد يكون اهتمامهم بتلك المجالات مكثفا أو مركزا بشكل غير طبيعي. وقد يستمرون في القيام بأنشطة روتينية معينة، يتحركون في أشكال متكررة، أو قد يشغلوا أنفسهم بأجزاء من بعض المجالات.
ويعد السعي نحو مجالات معينة، هو واحد من أبرز سمات الأسبرجر. وقد يجمع الأشخاص المصابون بالمرض مجلدات من المعلومات التفصيلية عن موضوع واحد ضيق محدد، مثل «الديناصورات» أو «أعضاء الكونجرس» أو «القطارات»، بدون أن يكون لديهم فهم حقيقي حول الطبيعة الأشمل للموضوع. وعلى سبيل المثال، يمكن لطفل أن يختزن أرقام طراز كاميرات فوتوغرافية مختلفة في ذاكرته، دون أن يكون لديه أي اهتمام بالتصوير الفوتوغرافي. ويظهر هذا السلوك بشكل واضح عادة قبل سن المدرسة الابتدائية، أي: سن الخامسة أو السادسة. وعلى الرغم من أن أوجه الاهتمام هذه قد تتغير من وقت للآخر، فإنها غالباً ما تتطور لتصبح أكثر غرابة وأضيق أُفقاً من ذي قبل، وغالبا ما تهيمن على تفاعل الطفل الاجتماعي بدرجة كبيرة، لدرجة أن الأسرة بأكملها قد تصبح خارج دائرة اهتمامه. ولأن الموضوعات الضيقة غالباً ما تستحوذ على اهتمام الأطفال -بشكل عام-، فإن ذلك العرض يمكن ألا يلاحظ عند التشخيص.
وتعتبر التصرفات النمطية والتكرارات الحركية جزئين أساسيين في تشخيص الأسبرجر والأنواع المختلفة من اضطراب طيف التوحد. تتضمن تلك الحركات بعض الحركات باليد مثل لوي اليدين أو خفقهما، بجانب حركات معقدة تشمل الجسم كله. وعادة ما تتكرر هذه الحركات في اندفاعات سريعة وتبدو أكثر عفوية منها كتشنجات، التي عادة ما تكون أسرع، وبإيقاع أقل، وبتناظر أقل.
النطق واللغة
وعلى الرغم من الأفراد المصابين بالأسبرجر يستطيعون اكتساب المهارت اللغوية بدون تأخير كبير وعادة لا يعيب كلامهم أي تشوهات، إلا أن اكتساب اللغة واستخدامها يكون «غير نمطي» في كثير من الأحيان. وتشمل حالات الشذوذ كلا من: الإسهاب، التحولات المفاجئة، التفسيرات الحرفية، عدم الشمولية (بشكل بسيط)، استخدام المجازات فقط لمن يخاطبه، عجز عن إدراك المستمعين، رصانة غير عادية، الكلام بشكل رسمي، رتابة في مستوى الصوت والحدة والترنيم والإيقاع.
وهناك ثلاث أوجه من أنماط الاتصال تهم البحث الإكلينيكي: الحديث بشكل بالغ الإيجاز، عرضية وظرفية الخطاب، ومدى أهمية الحديث المسهب. وعلى الرغم من أن تنغيم الصوت ومقام الصوت يكون أقل حدة أو أقل رتابة مما هو عليه الحال عند المصابين «بالتوحد»، إلا أن الاسبرجريين غالباً ما يكون لديهم نطاق محدد من تنغيم الصوت: لذلك قد تجد الكلام سريعاً على نحو غير عادي، أو متشنج أو يخرج بصوت عالي. وقد ينقل الكلام شعورا بالنفور، وغالباً ما يحتوي الكلام -ذو الطبيعة الحوارية- مونولجات عن مواضيع تثير ضجر المستمع، مع فشل في خلق جوا للتعليق -لسماع تعليقات المستمع-، أو فشل في التحكم بالأفكار الداخلية ومنعها من التحول إلى كلام مستمر. وقد يفشل الاسبرجريين في تحديد ما إذا كان المستمع مهتم فعلاً بالمحادثة ومشاركاً فيها. وقد يفشل المتكلم في توضيح هدفه من الحديث، وغالباً ما تفشل محاولات المستمع للتعليق على محتوى أو منطق الحديث، أو للتحول لموضوعات أخرى.
ويمكن ان يتمتع الأطفال الاسبرجريين بثروة لغوية معقدة على نحو غير عادي وفي سن مبكرة، وغالباً ما يطلق عليهم «الأساتذة صغيرو السن»، لكنهم غالباً ما يجدوا صعوبة في فهم اللغة التصويرية، ويميلوا إلى استخدام اللغة الحرفية. وكذلك فإن أطفال مرضى الأسبرجر لديهم نقاط ضعف في مجالات اللغة غير اللفظية، تشمل هذه النقاط: الدعابة/الفكاهة، السخرية، وإثارة ضيق الغير. وعلى الرغم من أن غالبية الأفراد المصابين بالأسبرجر يستطيعون فهم مسألة «الفكاهة» إلا أنه ينقصهم فهم «مغزى» الفكاهة، مما يمنعهم من مشاركة الاستمتاع بها مع الآخرين. ورغم وجود أدلة قوية توضح على ضعف تقدير «الفكاهة» لدى المصابين، فإن تقارير نادرة تتحدث عن أفراد مصابين بالمتلازمة ولديهم الحس الفكاهي، مما دفع بعض أصحاب النظريات في مجال الأسبرجر والتوحد لمحاولة فك هذا اللغز.
مشاكل تتعلق بالاحساس في محيط الجسد في الفضاء
حركة الجسد لدي الأسبرجريين غير منضبط. قد يصطدم الاسبرجري بالأشياء. يكون الاسبرجري غير واعي بمحيط جسده في الفضاء. قد تقل مشكلة الاصطدامات مع الزمن. من المشاكل التي لها علاقة بنقص الاحساس بالجسد هو أن الاسبرجري قد يقف قريبا جدا من الناس، اذ أنه قد يفشل في تقدير المسافة المناسبة التي يجب عليه ان يتركها كحيز اجتماعي بينه وبين الشخص الآخر، مما قد يتسبب في ظنون في غير محلها.
التعلق بالروتين وصعوبة في المرونة
يكره الأسبرجريين التغيير. يضعون لأنفسهم روتين أو خطط من الصعب عليهم تغييرها. وكأن هناك أشياء يجب أن تحدث قبل أشياء والا لن يتم الأمر. لديهم صعوبة في أن يكونوا مرنين، حتى في التفكير. عندما يضعون خطه يجب أن تطبق الخطة حرفيا. يصعب عليهم أن ينظروا للأمور من منظور آخر أو يغيرون انتباههم الى شي آخر.
ردات فعل أكبر تجاه المؤثرات
لدي الأسبرجريين ردات فعل أكبر من الأشخاص العاديين لبعض المؤثرات مثل البرودة، الحرارة، الإضاءة، الأصوات، الروائح، أو الطعم.
تقييم الذات والتقييم الاجتماعي
يمكن تلقين الأشخاص التوحديين بعض المهارات الاجتماعية والتخاطبية ولكن هذان الجانبان ليسا وحدهما هما الوسيلتان المطلوبتان للتوافق مع الآخرين في الأوضاع الاجتماعية المختلفة إذ أن من المهم أيضاً أن يكون هناك فهم دقيق إلى حد كبير لمشاعر الشخص الآخر وكيفية تفكيره لتقدير كيف نستطيع أن نقدم أنفسنا: كأن نخادع أو نفتن أو نطري ونتملق أو نفوي أو نتعاطف.. إلخ. كما أننا نوظف المعرفة حول كيفية تقديم الذات للحكم على دوافع الآخرين، مثلاً معرفة متى نثق بهم. ولا يتمتع التوحديون بهذه القدرات ويعانون من زيادة مفرطة في الصدق والأمانة والثقة مما يعرضهم للاستغلال.
ويقدم الناس صورة عن ذواتهم أيضاً من خلال مظهرهم الشخصي والمجال الحيوي الذي يعيشون فيه. والمجال الذي يعيش فيه الشخص التوحدي غالباً ما يكون خالياً من الصفة الشخصية أو يضم مجموعة من الأشياء المختلطة غير المنظمة التي تراكمت إما عشوائياً وإما كجزء من مجموعة أكبر. ولا توجد أي محاولة لترك انطباع لدى الآخرين. وبالمثل تكون الملابس غريبة يتعذر وصفها وتصنيفها. والواقع أنه يندر على الشخص التوحدي أن يقوم بشرائها حتى وأن كان قادراً تماماً على شراء أشياء أخرى كالاسطوانات الموسيقية على سبيل المثال. والتوحديون بصفة عامة لا يكوِّنون مفاهيم حول الأزياء وخطوط الموضة.
القسوة وانعدام التقمص العاطفي
كما أشرنا سابقاً، يواجه التوحديون صعوبة في فهم مشاعر وأفكار الآخرين وبالتالي فأنهم يفتقرون إلى التقمص العاطفي أي القدرة على استشعار ما يحس به الغير. وهذا يجعل من السهل على التوحدي أن يصبح انفعالياً. وما لم يتم وضع ضوابط خارجية على ميله لفرض سلوكياته على أسرته فإن الطفل التوحدي قد يتحول إلى طاغية. وعلى سبيل المثال فإن مراهقاً مصاباً بالتوحد تحكم في حياة أبويه إلى أنهما كانا يخشيان الخروج من المنزل وكان يتسوقان أغراضهما المنزلية خلسة وخفية، ويقضيان وقتاً طويلاً في التنظيف لأن أبنهما تغتابه نوبات غضب عارم تجاه الأقذار والأوساخ ويعانيان في كل وجبة من كابوس إقناعه بتناول المزيد من الطعام المنوع. ويكيف التوحديون، مثلهم في ذلك مثل الأشخاص غير التوحديين، سلوكهم وفقاً للنتائج المتوقعة منهم. ويتعلم معظم المصابين بالمتلازمة باكراً أن إيذاء الآخرين يتبعه أكثر النتائج خطورة ولذلك فأنهم عادة ما يتصرفون وفقاً لهذه القاعدة. ولذلك فإن قلة من المصابين بمتلازمة أسبرجر يكونون عنيفين تجاه الآخرين. غير أن العنف لدى الطفل التوحدي قد يكون شديدا أحيانا إذ أن التوحدي لا يرى علامات الألم لدى الشخص الآخر.[1]
وقد تنتج نوبة الغضب عند التعرض لنوع خاص من المقت والبغض كحالة رجل كان يهاجم النساء والفتيات اللواتي يغنّين بدرجة صوت معينة، أو عن إحباط ناجم عن تغيير في روتين ما، أو عن رد فعل عاطفي مطابق لرد الفعل المسبب للغضب لدى الأطفال غير التوحديين. وخير مثال على الحالة الأخيرة أولئك الأطفال الأكبر سناً الذين يدفعون إخوانهم الأصغر سناً على الدرج أو يؤذونهم بصورة أخرى، أو الأبناء الذين يعتدون على أمهاتهم لأنهن لم يلبين لهم مطلباً من مطالبهم.
الاهتمام بالآخرين
كان كانر أول من وصف الأطفال المنعزلين عن الآخرين ولبعض الوقت كان يفترض أن الأطفال التوحديين منقطعين تماماً عن الأشخاص الآخرين. والواقع أن العديد من المحللين النفسانيين أخذوا هذا الافتراض كنقطة انطلاق لفهم التوحد. غير أن ملاحظة الأطفال التوحديين معاً في جماعة أوضحت أنهم يبذلون نفس القدر من التقاربات إلى بعضهم تماماً كما يفعل الأطفال العاديين في جماعة. وتتميز هذه التقاربات بالقصر ولا تتطور إلى تفاعل وسرعان ما يتبعها الانسحاب ولكن حقيقة أن العديد من الأطفال التوحديين يبدأون هذه التقاربات تشير إلى وجود مستوى طبيعي من الاهتمام بالآخرين. غير أن ذلك لا يعني أن الأطفال التوحديين لديهم اهتمام بالأشياء لدى الآخرين بنفس اهتمام الأطفال غير التوحديين.
ويبدو أن ما يميز الأشخاص التوحديين عن غيرهم من غير التوحديين هو أن التفاعل فيما يبدو يكون غير سار بالنسبة للشخص التوحدي وتبعاً لذلك فأن تقديم عرض بالتفاعل قد ينفر الطفل التوحدي أكثر مما ينفر الطفل غير التوحدي. ونحن كأشخاص غير توحديين نادراً ما نضع في بالنا إمكانية الفشل في تفاعل اجتماعي ما لم تكن هناك ظروفاً استثنائية مثل إجراء مكالمة دولية على خط هاتفي سيئ أو التحدث إلى شخص بلغته الأجنبية. غير أن الفشل في التفاعل الاجتماعي أمر عادي بالنسبة للشخص التوحدي ولعل هذا واحد من التفسيرات الممكنة لماذا يمكن أن يكون التفاعل الاجتماعي منفراً. ويتلاءم هذا التفسير مع بعض الحقائق المعروفة حول علاقات الأشخاص التوحديين. ومن الملاحظات المثبتة أن الانعزال أكثر شيوعاً لدى الأطفال التوحديين الأصغر سناً والأكثر إعاقة وعدم قدرة. ويشكل هؤلاء كل المجموعات التي لها فرصة قليلة في تعلم المهارات الاجتماعية ومن ثم يواجهون صعوبات جهة في تحقيق نجاح في التفاعل الاجتماعي. وعليه فإن الانعزالية قد تكون وسيلة لتفادي الأوضاع التي تثير القلق والحصار النفسي.
ومن بين العديد من المسائل الخلافية ذات العلاقة بعلاج الأطفال التوحديين تلك المسألة التي تتعلق بالآتي: إلى أي مدى يمكن تعمد التدخل لإخراجهم من عزلتهم وسليتهم؟ وسوف يثير أي تقارب اجتماعي للطفل المنعزل المصاب بالتوحد سلوكاً يبدو ناجماً عن القلق مثل أرجحة الجسم أو تفادي النظر المباشر إلى الشخص موضوع التفاعل. غير أنه في ظل ظروف معينة مثل مواصلة نوع من العلاج سيرد ذكره لاحقاً فإن التدخل المتواصل يزيد من احتمالات التفاعل الاجتماعي لدى الطفل التوحدي وتحد من سلوكيات اجتماعية مثل الأرجحة. وقد نفسر الفرضية السلوكية بأن الشخص التوحدي يعيش في صراع بين الرغبة في التفاعل وبين القلق من الفشل في التفاعل مثل هذه النتائج. وفي البداية يزيد التدخل الاجتماعي من مشاعر القلق لدى الطفل التوحدي مما يؤدي إلى المزيد من السلوك اللاجتماعي. ولكن إذا ما أدى التدخل إلى نوع من التفاعل الذي يمكن الإبقاء عليه فإن مشاعر القلق لدى الطفل تنحسر. وعندما ينتهي التفاعل يكون الطفل قد اكتسب قدراً من الأهلية الاجتماعية وفقد بعض القلق التوقعي خلال الحدث التفاعلي الاجتماعي التالي.
وبمساعدة من الأبوين والمعلمين يمكن للطفل التوحدي الأكثر قدرة تحقيق قدر كاف من الأهلية الاجتماعية في بدايه مراحل طفولته إلى الحد الذي يمكنه من الكف عن تفادي التفاعل الاجتماعي. غير أن نفس العوامل التي تؤثر في الثقة بالذات والطبيعة الودية المنبسطة للطفل غير التوحدي فيما يبدو تؤثر أيضاً على الطفل التوحدي. ويظل بعض الأطفال التوحديين يعانون من الخجل ويبقون متخفظين وحذرين ونادراً ما يبادرون إلى تفاعل اجتماعي بينما قد يصبح آخرون «نشطين وغير مألوفين»، ويندرج العديد من التوحديين من الأطفال والبالغين الأكثر قدرة تحت هذه الفئة الأخيرة. وبما أنهم لا يميزون بين الغرباء والأصدقاء فإن من المفارقات أن هؤلاء الأطفال قد يكونون في غاية الاستعداد لتجاذب أطراف الحديث مع الغرباء أو الزوار عند الضرورة.
أخرى
قد تكون لدى الأشخاص الذين يعانون من الأسبرجر علامات أو أعراض تكون غير معتمدة على التشخيص، لكنها قد تؤثر على الفرد أو على أسرته. تشمل تلك الأعراض: اختلافات في الإدراك ومشكلات مع المهارات الحركية، النوع، والعواطف.
وغالباً ما يتمتع الأفراد المصابون بالأسبرجر بإدراك سمعي وبصري ممتازين. وكذلك يبدي الأطفال المصابون إدراكاً متميزا للتغيرات البسيطة التي تحدث لأنماط مثل ترتيب بعض الأغراض، أو ترتيب صور معلومة جيداً لديهم، عادة ما يكون ذلك في نطاق محدد ويتضمن معالجة لأجزاء دقيقة للغاية. وعلى العكس، فإن بالمقارنة مع الأفراد المصابين بالتوحد عالي الأداء، يعجز الأفراد المصابون بالأسبرجر عن أداء بعض المهام والتي تطلب إداركاً بصرياً ومكانياً وسمعياً، أو ذاكرة بصرية. وقد أخبر العديد ممن تعاملوا مع أفراد مصابين بالأسبرجر والتوحد عن مهارات حسية غير عادية، ومهارات إدراكية وخبرات غير عادية لدى هؤلاء الأفراد. قد يكونون حساسين أو غير حساسين للصوت، الضوء، اللمس، الملمس، الطعم، الرائحة، الألم، درجة الحرارة، وغيرها من المحفزات، وقد يقومون بإبداء حساً متزامناً، وتوجد هذه الاستجابات الحسية في أنواع أخرى من اضطرابات النمو، وليست فقط مقصورة على مرض الأسبرجر أو اضطراب الطيف التوحدي. وهناك دعم بسيط لرد الفعل الخاص بنظرية الكر والفر الزائد، أو فشل في الترويض لدى التوحد، وهناك أدلة أكثر لقلة الاستجابة لمحفز حسي، على الرغم من أن العديد من الدراسات تبين عدم وجود اختلافات.
وتشير ملاحظات هانز أسبرجر الأولية وكذلك مخططات التشخيص الأخرى إلى وصف الارتباك الجسدي. وقد يتأخر الأطفال المصابون بالأسبرجر في اكتساب المهارت الحركية التي تتطلب مهارة، مثل ركوب دراجة أو فتح مرطبان، وقد تبدو حركتهم ذات شكل «أخرق» وقد يبدون كمن يشعر بأنه غير مرتاح داخل ملابسه. ويمكن أن يتصرفوا بطريقة ضعيفة تنظيمياً، أو يقومون بالجلوس أو العدو بشكل غريب أو قلق الحركة، ويمكن أن يكون خط يدهم غير واضح، ويمكن أن يكون لديهم مشاكل في التكامل بين الحركة والرؤية. وقد تظهر لهم مشاكل مع الإحساس بوضع الأجسام، -كنوع من أنواع العمه الحركي Apraxia، حيث يفقد المريض القدرة على القيام بحركات معقدة بشكل متناسق-، ومشاكل مع: التوازن، المشي جنباً إلى جنب، وتوجيه إصبع الإبهام.ولا يوجد أي دليل على أن المشكلات المصاحبة لهذه المهارات الحركية تعتبر فارقاً بين الأسبرجر والأنواع الأخر من اضطراب الطيف التوحدي عالي الأداء.
وغالبا ما يواجه الأطفال والأشخاص المصابون بالمرض مشكلات مع النوم، بما في ذلك صعوبة في الخلود للنوم، كثرة الاستيقاظ الليلي، والاستيقاظ في وقت مبكر من صباح اليوم. كما يرتبط الأسبرجر بمستويات عالية من الـلامفرداتية، وهو صعوبة في تحديد ووصف عواطف الشخص الداخلية.
على الرغم من اقتران الأسبرجر مع قلة جودة النوم، ومع الـ لامفرداتية، فإن علاقتهم السببية غير واضحة.
ومثلما هو الحال مع الأشكال الأخرى لإضطراب طيف التوحد فإن آباء الأطفال المصابين بالأسبرجر يعانون من مستويات عالية من الإجهاد.
التشخيص
غالبا ما لايعير الشخص الأسبرجري الاهتمام للتشخيص، وقد لا يبذل جهدا في علاج المشاكل الأسرية اوالاجتماعية المترتبة على كونه أسبرجري. ومع ذلك ، قد يعاني الشخص الاسبرجري من الإكتاب والقلق في بيئات العمل او في التعامل مع شريك الحياة. وغالبا ما يعاني الأشخاص الذين من حوله سواء كانوا شركاء الحياة او أبناء أو زملاء من نمط تعامله أو تفكيره.
ليس هناك دواء او استشفاء من متلازمة اسبرجر أو من أطياف التوحد. لكن التشخيص يساعدهم ويساعد الأشخاص من حولهم في إيجاد فرص لفهم وجهات النظر لتحقيق الاستقرار.
يكون الأشخاص الذين من حول الاسبرجري أكثر تفهما عندما يعرفون أن ما يقوم به الاسبرجري غير مقصود او أنه بسبب اختلاف في الدماغ. يفهم الاسبرجري نفسه بعد التشخيص ويكون أكثر تفهما لعدم قدرته على بعض المهام الاجتماعية وقد يقوم باستشارة القريبين له من الأشخاص ذوي العقل النيوروتيبيكل حتى لا يقدم على الأخطاء. قد تتغير شخصية الاسبرجري بعد التشخيص، قد يكون أكثر تفهما. عندما يتقبل الشخص الاسبرجري نفسه ويتقبل نقاط ضعفه يصبح على أول عتبة من عتبات المساعدة. لا يوجد علاج أو دواء للتشافي لكن تتوفر المساعدة. قد يتولى شريك الحياة، ذا العقل النيوروتيبيكل، بعض المهام الاجتماعية، او قد يكون مستشارا للشخص الاسبرجري. تتكفل بعض الدول الشخص الاسبرجري حيث تصنف المتلازمة على أنها اعاقة وبالتالي يتوفر الدعم في التعليم، في التوظيف، في التقاعد المبكر وغيرها في مؤسسات الدول. لن يضطر الشخص الاسبرجري أن يخوض حرب فهم الحياة الاجتماعية بمفرده.
في بعض الأحيان قد يحتاج الأسبرجري الى الدعم والمساندة، مثل العلاج السلوكي بحيث يتم التركيز على معالجة العجز في خصائص محددة مثل فقر مهارات التواصل، الهوس أو الأفعال الروتينية المتكررة، والمهارات الجسدية. ومعظم الأشخاص يتحسنون بمرور الوقت.
جدل حول المتلازمة
زعم الباحث البريطاني سايمون بارون كوهن أن متلازمة اسبرجر هي نوع من الاختلاف البشري وأن الاعاقة تنطبق فقط على اطياف التوحد التي تعاني من الصعوبات.
قد تكون لهذى المزاعم انعكاسات على التشريعات اذا ما تم الأخذ بها اذ قد لا يتم توفير المسانده الرسمية للأشخاص الاسبرجريين بزعم أنهم مختلفين فقط وأنهم لا يعانون من اعاقة.
الأسباب
وصف هانز أسبرجر مجموعة أعراض منتشرة بين أفراد أسر مرضاه، وخصوصاً الآباء، وقد قامت البحوث بدعم ملاحظة هانز أسبرجر، واستدلت أنه هناك أسباب وراثية مرتبطة بمرض الأسبرجر. وعلى الرغم أنه لم يتم تحديد جينات بعينها مسؤولة عن المرض، فإنه من المعتقد أن هناك مجموعة عوامل تلعب دورا في التعبير عن مرض التوحد، بالنظر إلى التباين المظهري الملاحظ على هذه الفئة من الأطفال. الدليل على وجود علاقة جينية، هو ما يرجع انتشار متلازمة أسبرجر في بعض العائلات، ويلاحظ ارتفاع عدد حالات أفراد الأسرة الذين لديهم أعراض سلوكية مشابهة لأسبرجر ولكن في شكل محدود (على سبيل المثال، صعوبات طفيفة في التفاعل الاجتماعي، أو اللغوي، أو القراءة). وتشير معظم الأبحاث إلى أن جميع اضطرابات طيف التوحد تمتلك آليات جينية مشتركة، ولكن قد يكون لدى الأسبرجر مكون وراثي أقوى من مرض التوحد. وربما تكون هناك مجموعة معينة من الجينات حيث تقوم الجينات أليل بالعمل على الأشخاص ذوي القابلية للإصابة بالأسبرجر، وفي هذه الحالة، تقوم مجموعة مشتركة من الجينات بتحديد مدى جسامة المرض وشكل أعراضه لكل شخص مصاب بالأسبرجر.
وقد تم ربط حالات عدة مرضى مصابين بالأسبرجر وبين تعرضهم للماسخات (عوامل مسببة في عيوب خلقية) خلال الأسابيع الثمانية الأولى من الحمل. وعلى الرغم من أن ذلك لا يستبعد احتمال الإصابة بمرض الأسبرجر في وقت لاحق، فإنه دليل قوي على أن المرض ينشأ في وقت مبكر جداً من مرحلة النمو. وهناك العديد من العوامل البيئية التي افترض أن تؤثر في الطفل المريض بعد الولادة، ولكن أياً من تلك العوامل لم تأكده الأبحاث العلمية بعد.
الآلية