مشاهدة النسخة كاملة : الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (1)


حكاية ناي ♔
11-30-2023, 11:34 AM
اسمه ونسبه:
هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن لؤي بن غالب بن كعب، القرشي، العدوي، رضي الله عنه.


كنيته:
كناه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي حفص.


لقبه:
والفاروق لقبه؛ لأن الله فرق به بين الحق والباطل.


مولده:
بعد الفيل بثلاث عشرة سنة كما قيل، وكان من أشراف قريش.


إسلامه:
أسلم بعد أربعين رجلاً وإحدى عشرة امرأة بعد دخول دار الأرقم، وهو من العشرة المشهود لهم بالجنة، ومن المهاجرين الأولين، ومن أهل بيعة الشجرة (بيعة الرضوان).
لازم رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلم، وشهد المشاهد كلها، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنه راضٍ، وكان لأبي بكر وزيراً، ونعم الوزير.
ولي الخلافة بعهد من أبي بكر، وهو أول خليفة دعي بأمير المؤمنين، ولم يتخلف عن مبايعته أحد من الصحابة ممن كان بالمدينة ومن كان غائباً عنها.



صفاته الخلقية:
أخرج ابن أبي الدنيا بسند صحيح عن أبي رجاء العطاردي، قال: ((كان عمر رضي الله عنه طويلاً، جسيماً، أصلع الشعر، شديد الحمرة؛ ولطوله يبدو من بين الناس كأنه راكب)).


صفاته الخلقية:
فقد تعلم من سيرته، كان رضي الله عنه شديداً في الحق، ذكياً، ثاقب الرأي، متحمساً لدينه، وفياً لنبيه، قوي الهيبة، عظيم الورع والخوف، وافر العدل، دقيق المحاسبة لنفسه.
فتح الله به الفتوحات، ومصر الله به الأمصار، واتسعت به الممالك الإسلامية، ودون الدواوين، ورتب الأعطيات حسب السوابق، وأرخ التاريخ من الهجرة النبوية، وكان نقش خاتمه: ((كفى بالموت واعظاً يا عمر)).


ذكر شيء من خبر إسلام عمر
واستبشار رسول الله بإسلامه والمسلمين
وهذه قصة إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه نسوقها باختصار:
ذكر أهل السير :((أنه رضي الله عنه خرج يوماً متحاملاً غضباً على رسول الله صلى الله عليه وسلم متقلداً سيفه، فلقيه رجل من بني زهرة، فقال له: أين تريد يا عمر؟ قال: أريد أن أقتل محمداً. فقال له الزهري: تقتله؟! وكيف تأمن من بني هاشم وأخواله بني زهرة؟ فقال له عمر: ما أراك إلا قد صبئت وتركت دينك الذي أنت عليه. قال له الزهري: أفلا أدلك على العجب، هذه أختك وختنك (يعني: زوجها) قد أسلما وتركا دينك الذي أنت عليه.
فعند ذلك استشاط غضباً ومضى إلى بيت أخته فاطمة وزوجها سعيد بن زيد، فدخل عليهما متحاملاً من الغضب؛ فإذا عندهما خباب بن الأرت يعلمها آيات من القرآن الكريم من سورة طه، فلما أحس به خباب داخلاً؛ اختفى في زاوية من البيت، وسمع عمر وهو داخل هينمة (يعني: صوت قراءة)، فقال: ما هذه الهينمة بينكم؟ فقالا: حديث نتحدث به بيننا. قال: فلعلكما قد صبأتما؟ قال له سعيد زوج أخته: أرأيت يا عمر إن كان الحق في غير دينك! فعند ذلك قام عمر عليه، فضربه ضرباً شديداً، فجاءت زوجته لتحجزه عنه، فضربها في وجهها حتى أدماها، فقالت: إن كان الحق في غير دينك يا عمر، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

فلما رأى عمر الدم في وجه أخته، تراجع وندم على ما جرى منه، وظهر على وجهه بشائر الهدى، فقال: أعطوني شيئاً من هذا الكتاب أنظر إليه، وكان عمر يقرأ، قالت له أخته: أنت نجس وهذا الكتاب لا يمسه إلا طاهر، فقم فتطهر، فقام فتطهر، ثم أخذ ما معهما من القرآن، ثم قرأ ((طه)) وعدد آيات من السورة، فقال: ما أحلى هذا الكلام! فلما سمعه خباب، خرج إليه، فقال له: أبشر يا عمر، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخميس قال: ((اللهم! أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك، بعمر بن الخطاب، أو بعمرو بن هشام)).
فانطلق عمر من ساعته يتساءل عن رسول اللهصلى الله عليه وسلم: أين هو؟ فلما علم به في دار الأرقم ابن أبي الأرقم، استأذن عليه، فدخل عليه ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، وأعلن إسلامه، واستبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه، حتى قال رضي الله عنه: يا رسول الله! ففيم الاختفاء؟ قال ابن مسعود رضي الله عنه: فخرج المسلمون إلى المسجد في صفين، عمر في صف، وحمزة في صف، فلما نظرت قريش إلى المسلمين ومعهما عمر وحمزة أصابتهم كآبة لم يصبهم كآبة مثلها، وسقط في أيديهم)). فالحمد لله رب العالمين.


ذكر شيء من فضائل عمر بن الخطاب رضي الله عنه
فضائل أمير المؤمنين عمر هي أشهر من أن تذكر، لكن نذكر منها على سبيل الإيجاز ما أطلعنا عليه منها.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((بينا أنا نائم رأيت الناس يُعرضون علي وعليهم قُمص؛ منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما يبلغ دون ذلك، ومرَّ عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره)). قالوا: يا رسول الله! ماذا أولته؟ قال: ((الدين)). متفق عليه.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((بينا أنا؛ إذ أتيت بقدح فيه لبن، فشربت منه، حتى إني لأرى الري يجري في أظفاري، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب)). قالوا: فما أولت ذلك يا رسول الله؟ قال: ((العلم)). متفق عليه.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: ((بينما أن نائم رأيتني دخلت، فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر، فقلت: لمن هذا القصر؟ قالوا: لعمر، فذكرت غيرته؛ فوليت مدبراً)). فبكى عمر، وقال: أعليك أغار يا رسول الله؟!)). رواه البخاري في صحيحه.
وروى البخاري في صحيحه عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أريت في المنام أني أنزع بدلو بكرة على قليب، فجاء أبو بكر، فنزع ذنوباً أو ذنوبين نزعاً ضعيفاً، والله يغفر له، ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غرباً؛ فلم أر عبقرياً يفري فريه حتى روي الناس وضربوا بعطن)).
وعن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه كان يقول: ((كان فيمن كان قبلكم من الأمم محدثون، فإن يكون في أمتي محدثون، فإنه عمر بن الخطاب)). متفق عليه.

وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يا ابن الخطاب! والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً قط، إلا سلك فجاً غير فجك)) رواه البخاري في صحيحه.
وروى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أنه قال: ((ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه)).
وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: ((ما كان نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر وقلبه)).
وقد تواتر عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، أنه قال: ((خير هذا الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر، رضي الله عنهما)).
وكان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كثير الإعجاب بما منح الله عمر من الفكر، وسداد الرأي، ورجاحة العقل، والفقه، والقوة في دين الله.
وقد قال بعض سلف صالح هذه الأمة: ((حب أبي بكر وعمر إيمان، وبغضهما نفاق وزندقة، فيا ويح من أبغضهما أو سبهما، كيف ظنه بربه حين يلقاه؟!)).

وعن أبي مليكة، أنه سمع ابن عباس يقول: ((وقد وضع عمر على سريره، فتكنفه الناس يدعون ويترحمون قبل أن يرفع وأنا فيهم، فلم يرعني إلا رجل آخذ بمنكبي، فإذا هو علي بن أبي طالب، فترحم على عمر، وقال: ما خلفت أحداً أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك، وايم الله، إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، فإني كثير ما أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر)). رواه البخاري في صحيحه.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لو لم أبعث فيكم؛ لبُعثَ عمر)). رواه الترمذي وغيره.
ففضائل أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه تستوعب أسفاراً ومجلدات، لكن الغرض الإشارة إلى بعضها.



ذكر شيء من آي القرآن الكريم نزل بموافقة رأي عمر
1- لما كانت وقعة بدر الكبرى، وقُتل من المشركين سبعون، وأسر منهم سبعون؛ استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر وبعض الصحابة في الأسارى، أما أبو بكر، فأشار بأخذ الفدية منهم، وأما عمر، فأشار بأن تضرب أعناقهم دون أخذ الفدية، فهوي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أشار به أبو بكر على ما أشار به عمر، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم الفدية، لكن نزل القرآن بموافقة رأي عمر رضي الله عنه، قال تعالى: ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ... ﴾ [الأنفال: 67][1]. رواه أحمد والترمذي وابن أبي حاتم.

2- ورأى في نساء النبي صلى الله عليه وسلم أن يحتجبن، فنزل القرآن بموافقته.
روى البخاري عن أنس بن مالك، أن عمر قال: ((يا رسول الله! لو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب! فأنزل الله آية الحجاب)).

3- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال عمر رضي الله عنه: ((بلغني شيء كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أمهات المؤمنين، فاستقريتهن أقول: لتكفن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ليبدلنه الله أزواجاً خيراً منكن. فأنزل الله تباك وتعالى: ﴿ عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ.... ﴾ [التحريم: 5][2].

4- ورأى أن يتخذ من مقام إبراهيم مصلى، فنزل: ﴿ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً ﴾ [البقرة: 125][3].
5- ولما مات رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول قام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي عليه، فقال عمر: يا رسول الله! تصلي عليه وهو منافق! فأنزل الله تعالى قرآناً يتلى بموافقته: ﴿ وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ ﴾ [التوبة: 84][4].
وأما آية الحجاب التي نزلت، فهي قول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ... ﴾ [الأحزاب: 59][5].

ذكر شيء من غيرة عمر وقوته وهيبته وشجاعته
وعن سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: ((أستأذن عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نساؤه يكلمنه ويستكثرنه، عالية عليه أصواتهن، فلما استأذن عمر قمن يبتدرن الحجاب، فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم له، فدخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك، قال عمر: أضحك الله سنك يا رسول الله! قال: ((عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي، فلما سمعن صوتك، ابتدرن الحجاب خوفاً منك)). ثم قال عمر: يا عدوات أنفسهن! تهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قلن: نعم، أنت أفظ وأغلظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم)).
ولما أسلم ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، قال: ((يا رسول الله! ففيم الاختفاء؟)). فظهر في أندية قريش معلناً إسلامه، ثم قال: ((يا رسول الله! والذي بعثك بالحق، لا يبقى مجلس جلست فيه بالكفر إلا أظهرت فيه إعلاني بالإسلام)). ثم خرج فطاف بالبيت جهاراً.
وثبت أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن حاطب بن أبي بلتعة: ((دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق...)). الحديث بطوله.
وثبت فيما ساقه البخاري في صحيحه من خبر حديث الحديبية وما جرى فيها من الصلح بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش، وما فيه من الهضم في جانب المسلمين، فثار عمر غضباً، ولم يملك نفسه، فقال: ((يا رسول الله! لِم نعطي الدنية في ديننا ونحن على الحق وهم على الباطل؟!)). حتى أقنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، فظل متغيظاً رضي الله عنه.
وثبت أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن رأس المنافقين عبد الله بن سلول: ((دعني أضرب عنقه)). حتى نهاه الرسول عن ذلك.

وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوم بدر: ((من لقي منكم العباس بن عبد المطلب، فلا يقتله، فإنه إنما خرج مكرهاً)). فقال أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة: ((والله؛ لئن لقيته لأقتلنه، نقتل آباءنا وإخواننا ونترك عباساً؟!)). فسمع بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لعمر: ((يا أبا حفص! أيضرب عنق عم رسول الله؟!)). فقال عمر: ((دعني أضرب عنق هذا القائل؛ فإنه منافق)). لكن أبا حذيفة ندم وخاف من كلمته هذه، فلا يزال خائفاً طيلة حياته منها حتى كتب الله له الشهادة، فقُتل يوم اليمامة شهيداً رضي الله عنه.

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: ((ما علمت أحداً من المهاجرين هاجر إلا سراً إلا عمر بن الخطاب، فإنه لما أراد الهجرة، تقلد سيفه وقوسه، ومضى قبل الكعبة، فطاف بها سبعاً متمكناً مطمئناً، ثم وقف على أندية كفار قريش، فقال لهم: شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن يثكل أمه، أو يوتم ولده، أو يرمل زوجته، فليحلقني وراء هذا الوادي)).
وقد ورد: أن عمر رضي الله عنه أحرق حانوتاً يُباع فيه الخمر ويُضع فيه لرجل يقال له: رويشد الثقفي، فقال: ((أنت لست رويشد، بل أنت فويسق)).
وقد أرسل عمر رضي الله عنه محمد بن مسلمة وأمره أن يحرق بيت سعد بن أبي وقاص لما سمع أنه بناه ليحتجب فيه عن الرعية.
وله أخبار في قوته يطول ذكرها.

وفي غزوة أحد لما انتهت بقتل من قُتل من المسلمين ورئيس المشركين هو أبو سفيان بن حرب، قال: ((أفي القوم محمد؟)). -قالها ثلاثاً- ((أفي القوم ابن أبي قحافة؟)). ((أفي القوم ابن الخطاب؟)). يكرره ثلاثاً والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تجيبوه)). لكن عمر لقوته لم يملك نفسه حينما قال أبو سفيان: ((إن هؤلاء لو كانوا أحياء لأجابوا)). قال عمر: ((كذبت يا عدو الله! لقد أبقى الله لك ما يسؤك فرضي الله عنه)).

ولما دخل عمر رضي الله عنه المسجد النبوي وسمع صوت رجلين قد ارتفعت أصواتهما، دعا بهما، فقال: ((أتدريان أين أنتما؟)). ثم قال: ((من أين أنتما؟)). قالا: من أهل الطائف. فقال: ((لو كنتما من أهل المدينة لأوجعتكما ضرباً)).

وروى الأوزاعي قال فيما رواه عن عمر رضي الله عنه: ((أنه سمع صوت بكاء داخل بيت، فإذا هي نائحة على ميت، فضربها حتى سقط خمارها، فقال: إنها نائحة ولا حرمة لها، إنها تؤذي موتاكم في قبورهم وأحياءكم في دورهم، وتنهى عن الصبر، وتأمر بالجزع)). رضي الله عنك يا عمر.



ذكر شيء من غزارة معلومات عمر رضي الله عنه
روي أن عمر رضي الله عنه لما أفتتح بيت المقدس وأراد أن يصلي فيه، قال لكعب الأحبار: ((أين تريد أن أصلي؟)). قال كعب: إن أخذت عني، فصل خلف الصخرة، فكانت القدس كلها بين يديك. قال عمر رضي الله عنه: ((أضاهيت اليهودية؟! لا، ولكن أصلي حيث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم)). فتقدم إلى القبلة، فصلى. فلذا روي أنه قال: ((لست بخب ولا يخدعني الخب)).
وقد روى سعيد بن منصور في سننه: ((إن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه لما رجع من حجة رأى الناس ابتدروا مكاناً يصلون فيه، فقال: ما هذا؟ قالوا: مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: هكذا هلك أهل الكتاب قبلكم، اتخذوا آثار أنبيائهم بيعاً، إذا عرضت لأحدكم صلاة، فليصل حيث كان)).
وقد روي: ((أن عمر رضي الله عنه قطع الشجرة التي بويع تحتها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حسماً لوسائل الشرك وذرائعه)).
قال النخعي: ((أول من ولي شيئاً من أمور المسلمين عمر، ولاه أبو بكر قضاء المدينة، فكان أول قاضٍ في الإسلام)).
يروي أن أمير المؤمنين عمر يقول: ((عليك بالصدق، وإن توهمت أنه يضرك، فإنه ينفعك، وإياك والكذب، وإن توهمت أنه ينفعك، فإنه يضرك)).
روي أنه رضي الله عنه كتب إلى أبي موسى الأشعري، قال: ((لا تستقضي إلا ذا حسب أو مال، فإنّ ذا الحسب يخاف العواقب، وذا المال لا يرغب في مال غيره)).
رأى عمر رضي الله عنه رجلاً عزباً يقال له أبو الزوائد، فقال له: ((يا أبا الزوائد! أنت ما منعك من الزواج إلا عجزاً أو فجوراً)).

وروي أن أمير المؤمنين عمر لما قيل له: ((ألا تستخلف ابنك عبد الله، فإنه خليق بالإمارة؟ فقال: معاذ الله أن استخلفه، استخلف رجلاً لا يحسن أن يطلق امرأته)).
وروي أنه رضي الله عنه قال: ((ما كانت نعمة الله على عبد إلا ولها حساد)).
وقال عبد الحميد: ((لم أسمع أعجب من قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: لو كان الصبر والشكر بعيرين ما باليت أيهما ركبت)).
ويروى أنه رضي الله عنه قال: ((إني لا أحمل همّ الإجابة، وإنما أحمل همّ الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء، فإن الإجابة معه)).
وروي أن عمر رضي الله عنه قال: ((ما ابتليت ببلاءٍ إلا كان لله تعالى علي فيها أربع نعم، أولا أنها لم تكن في ديني ولم تكن أعظم منها، وأني أنظر ثوابها والرضى بها)).

كتب لعمر كاتب، فقال: ((هذا ما أرى الله عمر فقال: امحه، فقل: هذا ما رأى عمر)).
وقد روي عنه رضي الله عنه أنه قال: ((اتهموا الرأي على الدين، فلقد رأيتني يوم أبي جندل في الحديبية ولو أستطيع أن أرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره لرددته)).
وثبت أنه رضي الله عنه اجتاز مع طريق، فصب عليه ماء من ميزاب، فقال صاحبه الذي يسير معه: ((يا صاحب الميزاب! ماؤك طاهر أم نجس؟ فقال عمر: لا تخبرنا يا صاحب الميزاب)).
وصلى رضي الله عنه حين طُعن وجرحه يثعب دماً.
وفي الموطأ عن عمر أنه قال: ((اتجروا في أموال اليتامى، لئلا تفنيها الصدقة)).
وروي أن عمر رضي الله عنه كان في أحد أسفاره ومعه أصحابه، فوردوا ماءً كان في حوض، فقال عمرو بن العاص: ((يا صاحب الحوض! هل ماؤك طاهر أم نجس؟ وهل ترد عليه السباع؟ فقال عمر: يا صاحب الحوض! لا تخبرنا، فإن السباع ترد علينا ونرد عليها)).

وعن أبي الطفيل عامر بن واثلة: ((أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بطريق مكة، وكان عمر قد استعمله على مكة، فقال له عمر: من استخلفت على أهل الوادي (يعني: مكة)؟ قال: استخلفت عليهم ابن أبزى، رجلاً من موالينا. قال عمر: استخلفت عليهم مولى. قال: يا أمير المؤمنين! إنه قارئ لكتاب الله، عالم بالفرائض. فقال عمر رضي الله عنه: أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين)).
وعن سعيد بن جبير رحمه الله عن ابن عباس، قال: ((سألت عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقلت: يا أمير المؤمنين من اللتان تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: عائشة وحفصة بنت عمر)).
وروي: ((أن عمر رضي الله عنه لما سمع عن غيلان الثقفي أنه طلق زوجاته وقسم ماله بين بنيه، قال عمر: يا غيلان! إني لأظن أن الشيطان فيما يسترق من السمع سمع بموتك، فقذفه في نفسك، وايم الله، لتراجعن نساءك، ولترجعن مالك أو لأورثهن منك، ثم لأمرن بقبرك فيرجم كما رجم قبر ابن رغال)).
وروي أن ابن مسعود رضي الله عنه يقول: ((إني لأحسب أن عمر ذهب بتسعة أعشار العلم)).

وعن ابن عباس رضي الله عنه، قال: سمعت عمر وهو على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم، فقرأناها ووعيناها، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمن أن يقولوا: ما نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله في كتابه، فإن الرجم من كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو الحبَل أو الاعتراف...)). الحديث بطوله متفق عليه.
وروي أن عمر رضي الله عنه قال: ((لو أن الدنيا من أولها إلى آخرها أوتيها رجل، ثم جاءه الموت لكان بمنزلة من رأى في منامه ما يسره ثم استيقظ، فإذا ليس في يده شيء)).
يروى عن سعيد بن المسيب أنه قال: ((ما أعلم أحداً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم من عمر بن الخطاب)).
وقال مجاهد: ((إذا اختلف الناس في شيء، فانظروا ما صنع عمر، فخذوا به)).
وقال الشعبي: ((من سره أن يأخذ بالوثيقة في القضاء، فيأخذ بقول عمر)).

بلسم الروح
11-30-2023, 11:36 AM
اسأل الله العظيم
أن يرزقك الفردوس الأعلى من الجنان.
وأن يثيبك البارئ خير الثواب .
دمت برضى الرحمن