مشاهدة النسخة كاملة : حديث: نعم النساء نساء الأنصار


حكاية ناي ♔
11-30-2023, 11:38 AM
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: سَأَلَتِ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ تَغْتَسِلُ مِنْ حَيْضَتِهَا؟ قَالَ: فَذَكَرَتْ أَنَّهُ عَلَّمَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ. ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّرُ بِهَا. قَالَتْ: كَيْفَ أَتَطَهَّرُ بِهَا؟ قَالَ: "تَطَهَّرِي بِهَا، سُبْحَانَ اللّهِ" وَاسْتَتَرَ. قَالَ قَالَتْ عَائِشَة رضي الله عنها: وَاجْتَذَبْتُهَا إِلَيَّ وَعَرَفْتُ مَا أَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. فَقُلْتُ تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرُ الدَّمِ.

وفي رواية لمسلم أن أسماء رضي الله عنها هي التي سألت النبي صلى الله عليه وسلم وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا فَتَطَهَّرُ، فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ عَلى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكاً شَدِيداً، حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرُ بِهَا"
فَقَالَتْ عَائِشَة رضي الله عنها: نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ.
وقول عائشة رضي الله عنها رواه البخاري تعليقاً ومسلم موصولاً.

ألفاظ الأحاديث:
• (فِرْصَةً): بكسر الفاء وإسكان الراء، وهي القطعة.
• (مِنْ مِسْكٍ): المسك بكسر الميم وهو الطيب المعروف، وقيل بفتح الميم فيكون المراد بالمسك قطعة جلد فيها شعر وكسر الميم هو الصحيح يدل على ذلك الرواية الأخرى حيث قال (فِرْصَة مُمَسَّكَة) بضم الميم الأولى وفتح الثانية وفتح السين المشددة أي: قطعة من قطن أو صوف أو خرقة قماش مطيبة بالمسك فتتبع بها أثر الدم.
• (شُؤُونَ رَأْسِهَا): أي أصول شعر رأسها.

من فوائد الأحاديث:
الفائدة الأولى: في حديثي الباب بيان أن من السنة لمن تغتسل من المحيض أن تطيِّب مواضع الدم وأفضل الطيب.
ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو المسك ومما يدل على استحباب تطييب مواضع الدم أن النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أسماء بنت شكل أرشدها إلى المسك بعدما حثها على الاغتسال وإحسانه ودلك شعر الرأس وصب الماء على سائر الجسد أرشدها إلى استعمال المسك ليذهب الرائحة، وهذا يدل على استحباب استعمال ما يذهب الرائحة عند الاغتسال من الحيض ويشهد لذلك ما جاء في الصحيحين من حديث أم عطية رضي الله عنها قالت: " كنا نُنْهَى أن نُحَِّد على الميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا، ولا نكتحل ولا نتطيب ولا نلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عصب،وقد رخص لنا عند الطهرإذا اغتسلت إحدانا من محيضها في نبذة من كست أظفار، وكنا نُنْهَى عن اتباع الجنائز " ووجه الشاهد من الحديث أن المحادة مع أنها ممنوعة من التطيب إلا أنها أُذِن لها إذا طهرت (في نبذة من كست أظفار) وهذا يدل على استحباب ذلك استحباباً شديداً.
[والنبذة: هي القطعة، والكست: هو القسط وهو بخور معروف بالبخور البحري، والأظفار نوع من العطر يوضع في البخور].

الفائدة الثانية: في حديثي الباب دلالة على كيفية الغسل من المحيض وهذه الصفة هي الأفضل، ويجوز لها أن تغتسل الغسل المجزئ فتنوي وتعمم بالماء جميع بدنها - وسبق أنه لا يلزمها نقض ضفائرها عند الغسل لأنه سيصلها الماء إلا إذا كان هناك ما يمنع وصول الماء إلى منابت الشعر فحينئذ تنقضه - فإذا عممت المرأة على جميع بدنها مع المضمضة والاستنشاق أجزأها هذا الغسل إلا أن الأفضل والأكمل أن تفعل ما أرشد به النبي صلى الله عليه وسلم أسماء بنت شكل في حديث الباب، فتأتي المرأة بالماء والسدر (أو ما يقوم مقامه كالصابون) فتتطهر وتحسن الطهور به ومن كمال الطهور أن تتوضأ ثم تصب الماء على رأسها ثم تدلكه دلكاً شديداً حتى يصل الماء إلى منابت الشعر.
وسبق أنه لايلزمها نقض ضفائرها إلا إذاكان هناك ما يمنع وصول الماء - ثم تصب الماء على سائر جسدها ثم تأتي بقطنة أو قطعة قماش ممسكة أو معطرة فتطهر بها الفرج وما أصابه من دم وأيضا تطيب كل موضع أصابه دم من بدنها لعموم " تتبعي بها أثر الدم ".

الفائدة الثالثة: استعمال الكنايات وعدم التصريح في الألفاظ المتعلقة بالعورات والاكتفاء بالتعريض كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع السائلة عن غسل الحيض (تطهري بها) ولم يُفَصِّل واجتذبتها عائشة رضي الله عنها وقالت لها (تتبعي بها أثر الدم) وفي هذا حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وحيائه.

الفائدة الرابعة: في الحديث سؤال المرأة العالم عما يشكل عليها سواء كان مما يستحيا منه كما في حديث الباب أو غيره. وكيف أن عائشة رضي الله عنها امتدحت نساء الأنصار بأنه لايمنعهن الحياء من التفقه في الدين. وهكذا يجب أن تكون المرأة فإن هذا خير لها من ظلمات الجهل وسبق معنا أكثر من حديث في أن النساء يسألن النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور كثيرة وفيها ما يستحيا من ذكره منها حديث الباب وغيرها من الأحاديث سبق، وسبق أن ذكرنا أن هذا سمي حياء لأن فيه الإنكسار فهو من حيث اللغة يُعدُّ حياءً لكنه حقيقة يعتبر حياءً مذموماً لأن الحياء لا يأت إلا بخير كما سبق في الحديث المتفق عليه في كتاب الإيمان وأي خير يأت من أن يستحي طالب العلم ذكراً أو أنثى من التفقه في الدين ورفع الجهل عن النفس وعبادة الله على بصيرة وحق مما يدلك على أن هذا ليس هو الحياء الذى يريده الله - عزّ وجل - ولهذا امتدحت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها نساء الأنصار بذلك وروى البخاري تعليقاً قول مجاهد رحمه الله: " لا يتعلم العلم مستح ولا مستكبر".
مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الطهارة)

ساكن الروح
11-30-2023, 11:48 AM
جزاك الله خيـر
وبارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما