مشاهدة النسخة كاملة : التسبيح في حياة النبي صلى الله عليه وسلم


حكاية ناي ♔
12-02-2023, 02:44 PM
لقد كان الأنبياء عليهم السلام من أحرص الناس على عبادة التسبيح؛ فهم يسبحون ربهم كثيرًا، ليلًا ونهارًا، صباحًا ومساءً، بل ويوصون بذلك، وما كان ذلك إلا لعظيم فضل التسبيح وأهميته، وقد ذكر لنا كتاب ربنا شيئًا من ذلك عن بعض الأنبياء، وذكر لنا أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم شيئًا من ذلك عنه صلى الله عليه وسلم.

1- نوح عليه السلام:
كان في وصية نوح لابنه الحرص على "سبحان الله وبحمده"؛ فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن نبيَّ الله نوحًا صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاةُ قال لابنه: إني قاصٌّ عليك الوصية: آمرُكَ باثنتين، وأنهاك عن اثنتين: آمرك بلا إله إلا الله؛ فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وُضعت في كِفَّة، ووُضعت لا إله إلا الله في كِفَّة، رجحت بهنَّ لا إله إلا الله، ولو أن السماوات السبع والأرضين السبع كنَّ حلقةً مبهمةً، قصمتهن لا إله إلا الله - وسبحان الله وبحمده؛ فإنها صلاة كل شيء، وبها يُرزق الخلق، وأنهاك عن الشرك والكبر...))[1].

2- موسى عليه السلام:
قال موسى عليه السلام مخاطبًا ربه تبارك وتعالى: ﴿ وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا ﴾ [طه: 29 - 34].

3- داود عليه السلام:
قال سبحانه: ﴿ إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: 18، 19].

4- زكريا عليه السلام:
قال الله تعالى في شأن زكريا عليه السلام: ﴿ قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَار ﴾ [آل عمران: 41]، وقال سبحانه: ﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ﴾ [مريم: 11].

5- نبينا محمد صلى الله عليه وسلم:
لقد أمر الله سبحانه نبينا صلى الله عليه وسلم بكثرة التسبيح؛ فقال سبحانه وتعالى: ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ﴾ [غافر: 55]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ﴾ [ق: 39]، وقال سبحانه: ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى ﴾ [طه: 130]، وقال الله سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 97 - 99].

لقد امتثل النبي صلى الله عليه وسلم أمر ربه، فكان صلى الله عليه وسلم يُكثر من التسبيح، صباحًا ومساءً، وفي صلاته يقول: ((سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي العظيم))، ويسبح عند نومه صلى الله عليه وسلم، لقد كان حريصًا على تلك العبادة العظيمة.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكثِر أن يقول قبل أن يموت: سبحانك وبحمدك، أستغفرك وأتوب إليك، قالت: قلتُ: يا رسول الله، ما هذه الكلمات التي أراك أحدثْتَها تقولُها؟ قال: جُعلت لي علامةٌ في أمتي إذا رأيتُها قلتُها: ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴾ [النصر: 1] إلى آخر السورة))[2].

وعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بأخَرَة إذا أراد أن يقوم من المجلس: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، فقال رجل: يا رسول الله، إنك لتقول قولًا ما كنت تقوله فيما مضى، فقال: كفارة لِما يكون في المجلس))[3].

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة قال: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدٌّك، ولا إله غيرك))[4].

وقال ربيعة بن كعب رضي الله عنه: ((كنتُ أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقوم له في حوائجه نهاري أجمع حتى يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة، فأجلس ببابه إذا دخل بيته؛ أقول: لعلها أن تحدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم حاجةٌ، فما أزال أسمعه يقول صلى الله عليه وسلم: سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله وبحمده، حتى أملَّ فأرجع، أو تغلبني عيني فأرقد، قال: فقال لي يومًا لِما يرى من خِفَّتي له وخدمتي إياه: سلْني يا ربيعةُ، أُعْطِكَ، قال: فقلت: أنظر في أمري يا رسول الله، ثم أعلِمك ذلك، قال: ففكَّرتُ في نفسي فعرفتُ أن الدنيا منقطعة زائلة، وأن لي فيها رزقًا سيكفيني ويأتيني، قال: فقلت: أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لآخرتي؛ فإنه من الله عز وجل بالمنزل الذي هو به، قال: فجئت، فقال: ما فعلتَ يا ربيعة؟ قال: فقلت: نعم يا رسول الله، أسألك أن تشفع لي إلى ربك، فيعتقني من النار، وفي رواية: أسألك مرافقتَك في الجنة، قال: فقال: من أمرك بهذا يا ربيعة؟ قال: فقلت: لا والله الذي بعثك بالحق، ما أمرني به أحد، ولكنك لما قلت: سلني أُعْطِكَ، وكنتَ من الله بالمنزل الذي أنت به، نظرت في أمري، وعرفت أن الدنيا منقطعة وزائلة، وأن لي فيها رزقًا سيأتيني، فقلت: أسأل رسول صلى الله عليه وسلم لآخرتي، قال: فَصَمَتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلًا ثم قال لي: إني فاعل، فأعنِّي على نفسك بكثرة السجود))[5].

مجنون بحبك
12-02-2023, 02:48 PM
جزاك الله خيـر
وبارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما