حكاية ناي ♔
12-05-2023, 03:44 PM
تمهيد:
إن وصف الجسم وأعضائه ليس كافيًا في إعطاء الصورة القريبة من الواقع، ذلك أن الملاحة والجمال إنما يظهران عندما يقوم التكامل والتناسق بين أعضاء الجسم ومهماتها وعملها.
ولذلك لما أرادت عائشة رضي الله عنها وصف مشية فاطمة رضي الله عنها قالت: "فأقبلت فاطمة عليها السلام تمشي، والله ما تخفى مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم"[1].
فالذين يعرفون مشيته صلى الله عليه وسلم يستطيعون بعد هذا الوصف تخيل مشية فاطمة رضي الله عنها، في دلِّها وحيوتها.
ولذا فإننا في هذا الفصل نستكمل هذا الجانب من بيان سمته وهيئته صلى الله عليه وسلم من خلال الأمور الآتية:
الهيبة
الهيبة: لها معنيان في اللغة: الإجلال، والمخافة.
وهي بالمعنى الأول، عندما يكون مبعثها الحب والتقدير والاحترام.
وهي بالمعنى الثاني، عندما يكون مبعثها الخوف، من جراء هالة مصطنعة يحيط بعض الظلمة أنفسهم بها.
ولقد كان صلى الله عليه وسلم مهيبًا بالمعنى الأول الذي وصفه به عمرو بن العاص رضي الله عنه، كما مر في الفصل السابق.
وقد جاء أحاديث كثيرة تؤكد هذا المعنى.
• فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء يومًا بالصدقة، فجاءت زينب امرأة عبدالله بن مسعود تسأله: هل يجزئ عنها أن تتصدق على زوجها؟ ووقفت بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلبت من بلال أن يكفيها هذه المهمة، وقالت: "وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ألقيت عليه المهابة.."[2].
• وهذا أبو مسعود البدري يضرب غلامًا له بالسوط، قال: فسمعت صوتًا من خلفي: "اعلم أبا مسعود، للَّهُ أقدر عليك، منك عليه" فلم أفهم الصوت من الغضب، قال: فلما دنا مني وهو يقول: "اعلم أبا مسعود.." فالتفت فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فسقط من يدي السوط، من هيبته، وقلت: هو حر لوجه الله، فقال: "أما لو لم تفعل للفحتك النار"[3].
• وفي حديث "ذو اليدين" بشأن السهو في الصلاة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر أو العصر، فسلم عن ركعتين، وخرج فقام على خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها، وخرج الناس فقالوا: قصرت الصلاة، وفي القوم أبو بكر وعمر، فهابا أن يكلماه... ثم كلمه ذو اليدين[4].
وهكذا كان أقرب الناس إليه - أبو بكر وعمر - أعظمهم هيبة له.
على أن هذه الهيبة، الناتجة عن الحب والتقدير والاحترام، لم تكن مانعة الناس من الحديث معه والقرب منه، وبخاصة أزواجه أمهات المؤمنين رضي الله عنهن.
• ويحدثنا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، عن ذلك فيقول: "استأذن عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم - وعنده نساء من قريش، يكلمنه، ويستكثرنه، عالية أصواتهن[5] - فلما استأذن عمر، قمن يبتدرن الحجاب، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك، فقال عمر: أضحك الله سنك يا رسول الله، قال: "عجبت من هؤلاء اللاتي كنَّ عندي، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب" فقال عمر: فأنت يا رسول الله، كنت أحق أن يهبن، ثم قال: أي عدوات أنفسهن، أتهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلن: نعم، أنت أفظ وأغلظ[6] من رسول الله صلى الله عليه وسلم[7].
وواضح من قولهن: "أنت أفظ وأغلظ" أن هيبتهن لعمر فيها بعض المعنى الثاني للهيبة بينما تظل هيبته صلى الله عليه وسلم في دائرة المعنى الأول.
إن وصف الجسم وأعضائه ليس كافيًا في إعطاء الصورة القريبة من الواقع، ذلك أن الملاحة والجمال إنما يظهران عندما يقوم التكامل والتناسق بين أعضاء الجسم ومهماتها وعملها.
ولذلك لما أرادت عائشة رضي الله عنها وصف مشية فاطمة رضي الله عنها قالت: "فأقبلت فاطمة عليها السلام تمشي، والله ما تخفى مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم"[1].
فالذين يعرفون مشيته صلى الله عليه وسلم يستطيعون بعد هذا الوصف تخيل مشية فاطمة رضي الله عنها، في دلِّها وحيوتها.
ولذا فإننا في هذا الفصل نستكمل هذا الجانب من بيان سمته وهيئته صلى الله عليه وسلم من خلال الأمور الآتية:
الهيبة
الهيبة: لها معنيان في اللغة: الإجلال، والمخافة.
وهي بالمعنى الأول، عندما يكون مبعثها الحب والتقدير والاحترام.
وهي بالمعنى الثاني، عندما يكون مبعثها الخوف، من جراء هالة مصطنعة يحيط بعض الظلمة أنفسهم بها.
ولقد كان صلى الله عليه وسلم مهيبًا بالمعنى الأول الذي وصفه به عمرو بن العاص رضي الله عنه، كما مر في الفصل السابق.
وقد جاء أحاديث كثيرة تؤكد هذا المعنى.
• فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء يومًا بالصدقة، فجاءت زينب امرأة عبدالله بن مسعود تسأله: هل يجزئ عنها أن تتصدق على زوجها؟ ووقفت بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلبت من بلال أن يكفيها هذه المهمة، وقالت: "وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ألقيت عليه المهابة.."[2].
• وهذا أبو مسعود البدري يضرب غلامًا له بالسوط، قال: فسمعت صوتًا من خلفي: "اعلم أبا مسعود، للَّهُ أقدر عليك، منك عليه" فلم أفهم الصوت من الغضب، قال: فلما دنا مني وهو يقول: "اعلم أبا مسعود.." فالتفت فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فسقط من يدي السوط، من هيبته، وقلت: هو حر لوجه الله، فقال: "أما لو لم تفعل للفحتك النار"[3].
• وفي حديث "ذو اليدين" بشأن السهو في الصلاة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر أو العصر، فسلم عن ركعتين، وخرج فقام على خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها، وخرج الناس فقالوا: قصرت الصلاة، وفي القوم أبو بكر وعمر، فهابا أن يكلماه... ثم كلمه ذو اليدين[4].
وهكذا كان أقرب الناس إليه - أبو بكر وعمر - أعظمهم هيبة له.
على أن هذه الهيبة، الناتجة عن الحب والتقدير والاحترام، لم تكن مانعة الناس من الحديث معه والقرب منه، وبخاصة أزواجه أمهات المؤمنين رضي الله عنهن.
• ويحدثنا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، عن ذلك فيقول: "استأذن عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم - وعنده نساء من قريش، يكلمنه، ويستكثرنه، عالية أصواتهن[5] - فلما استأذن عمر، قمن يبتدرن الحجاب، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك، فقال عمر: أضحك الله سنك يا رسول الله، قال: "عجبت من هؤلاء اللاتي كنَّ عندي، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب" فقال عمر: فأنت يا رسول الله، كنت أحق أن يهبن، ثم قال: أي عدوات أنفسهن، أتهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلن: نعم، أنت أفظ وأغلظ[6] من رسول الله صلى الله عليه وسلم[7].
وواضح من قولهن: "أنت أفظ وأغلظ" أن هيبتهن لعمر فيها بعض المعنى الثاني للهيبة بينما تظل هيبته صلى الله عليه وسلم في دائرة المعنى الأول.