حكاية ناي ♔
12-12-2023, 11:50 AM
♦ الآية: ﴿ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾.
♦ السورة ورقم الآية: النور (61).
♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ ﴾ الآية كان المسلمون يخرجون للغزو ويدفعون مفاتيح بيوتهنَّ إلى الزَّمنى الذين لا يخرجون ويقولون لهم: قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما فيها، فكانوا يتوقون ذلك حتى نزلت هذه الآية وقوله: ﴿ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ﴾ أراد: ولا عليكم أنفسكم ﴿ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ ﴾ أَيْ: بيوت أولادكم فجعل بيوت أولادهم بيوتهم؛ لأنَّ ولد الرَّجل من كسبه وماله كمالِه وقوله: ﴿ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ ﴾ يريد: الزَّمنى الذين كانوا يخزنون للغزاة ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا ﴾ من منازل هؤلاءٍ إذا دخلتموها وإن لم يحضروا ولم يعلموا من غير أن يحملوا، وهذه رخصةٌ من الله تعالى لطفاً بعباده ورغبة بهم عن دناءة الأخلاق وضيق النَّظر وقوله: ﴿ أَوْ صَدِيقِكُمْ ﴾ يجوز للرَّجل أن يدخل بيت صديقه فيتحرَّم بطعامه من غير استئذانٍ بهذه الآية وقوله: ﴿ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا ﴾ يقول: لا جناح عليكم إن اجتمعتم في الأكل أو أكلتم فرادى وإن اختلفتم فكان فيكم الزَّهيد والرغيب والعليل والصَّحيح وذلك أنَّ المسلمين تركوا مؤاكلة المرضى والزَّمنى بعد نزول قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾ [البقرة: 188] فقالوا: إنَّهم لا يستوفون من الأكل فلا تحلُّ لنا مؤاكلتهم فنزلت الرُّخصة في هذه الآية ﴿ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ﴾ فليسلِّم بعضكم على بعض وقيل: إذا دخلتم بيوتاً خالية فليقل الدَّاخل: السَّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ﴾ الْآيَة، اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وجلّ قوله: ﴿ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ ﴾ [البقرة: 188] تحرّج المسلمون على مُؤَاكَلَةِ الْمَرْضَى وَالزَّمْنَى وَالْعُمْيِ وَالْعُرْجِ، وَقَالُوا الطَّعَامَ أَفْضَلُ الْأَمْوَالِ، وَقَدْ نَهَانَا اللَّهُ عَنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ. وَالْأَعْمَى لَا يُبْصِرُ مَوْضِعَ الطَّعَامِ الطَّيِّبَ. وَالْأَعْرَجُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الْجُلُوسِ وَلَا يَسْتَطِيعُ الْمُزَاحَمَةَ عَلَى الطَّعَامِ، وَالْمَرِيضُ يَضْعُفُ عَنِ التَّنَاوُلِ فَلَا يَسْتَوْفِي الطَّعَامَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ، وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يَكُونُ «عَلَى» بِمَعْنَى فِي أَيْ لَيْسَ فِي الْأَعْمَى يَعْنِي لَيْسَ عَلَيْكُمْ فِي مُؤَاكَلَةِ الْأَعْمَى والأعرج والمريض حرج. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ وَغَيْرُهُمَا كَانَ الْعُرْجَانُ وَالْعُمْيَانُ وَالْمَرْضَى يَتَنَزَّهُونَ عَنْ مُؤَاكَلَةِ الْأَصِحَّاءِ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَقَذَّرُونَ مِنْهُمْ وَيَكْرَهُونَ مُؤَاكَلَتَهُمْ، وَيَقُولُ الْأَعْمَى رُبَّمَا أَكَلَ أَكْثَرَ، وَيَقُولُ الْأَعْرَجُ رُبَّمَا أَخَذَ مَكَانَ الِاثْنَيْنِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ نَزَلَتِ الْآيَةُ تَرْخِيصًا لِهَؤُلَاءِ فِي الْأَكْلِ مِنْ بُيُوتِ مَنْ سَمَّى اللَّهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا يَدْخُلُونَ عَلَى الرَّجُلِ لِطَلَبِ الطَّعَامِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُطْعِمُهُمْ ذَهَبَ بِهِمْ إِلَى بُيُوتِ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ أَوْ بَعْضِ مَنْ سَمَّى الله في هذه الآية، كان أَهْلُ الزَّمَانَةِ يَتَحَرَّجُونَ مِنْ ذَلِكَ الطعام ويقولون اذهب بِنَا إِلَى بَيْتِ غَيْرِهِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا غزوا خلفوا زمانهم وَيَدْفَعُونَ إِلَيْهِمْ مَفَاتِيحَ أَبْوَابِهِمْ وَيَقُولُونَ قَدْ أَحْلَلْنَا لَكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِمَّا فِي بُيُوتِنَا، فَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ مِنْ ذَلِكَ وَيَقُولُونَ لَا نَدْخُلُهَا وَهُمْ غُيَّبٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ رُخْصَةً لَهُمْ. قَالَ الْحَسَنُ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ رُخْصَةً لِهَؤُلَاءِ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجِهَادِ. قَالَ تَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ ﴾كَلَامٌ مُنْقَطِعٌ عَمَّا قَبْلَهُ. وَقِيلَ: لَمَّا نَزَلَ قوله: ﴿ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ ﴾، قَالُوا لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مِنَّا أَنْ يَأْكُلَ عِنْدَ أَحَدٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ ﴾، أَيْ لَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ. قِيلَ: أَرَادَ مِنْ أَمْوَالِ عِيَالِكُمْ وَأَزْوَاجِكُمُ، وَبَيْتُ الْمَرْأَةِ كَبَيْتِ الزَّوْجِ. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أَرَادَ مِنْ بُيُوتِ أَوْلَادِكُمْ نَسَبُ بُيُوتِ الْأَوْلَادِ إِلَى الْآبَاءِ. كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ»، ﴿ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ ﴾. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: عَنَيَ بِذَلِكَ وَكِيلَ الرَّجُلِ وقيّمه في ضيعته وماشيته، ولا بَأْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ثَمَرِ ضَيْعَتِهِ وَيَشْرَبَ مِنْ لَبَنِ مَاشِيَتِهِ، وَلَا يَحْمِلُ وَلَا يَدَّخِرُ. وقال الضحاك: يعني من بُيُوتِ عَبِيدِكُمْ وَمَمَالِيكِكُمْ، وَذَلِكَ أَنَّ السَّيِّدَ يَمْلِكُ مَنْزِلَ عَبْدِهِ وَالْمَفَاتِيحُ الْخَزَائِنُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 59] وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الذي يفتح به وقال عِكْرِمَةُ: إِذَا مَلَكَ الرَّجُلُ الْمِفْتَاحَ فَهُوَ خَازِنٌ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَطْعَمَ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: الرَّجُلُ يُوَلِّي طَعَامَهُ غَيْرَهُ يَقُومُ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْكُلَ منه. وقال قوم أو مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ مَا خَزَنْتُمُوهُ عِنْدَكُمْ. قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: مِنْ بُيُوتِ أَنْفُسِكُمْ مِمَّا أَحْرَزْتُمْ وَمَلَكْتُمْ، ﴿ أَوْ صَدِيقِكُمْ ﴾، الصَّدِيقُ الَّذِي صَدَقَكَ فِي الْمَوَدَّةِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَرَجَ غَازِيًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَلَّفَ مَالِكَ بْنَ زَيْدٍ عَلَى أَهْلِهِ. فَلَمَّا رَجَعَ وَجَدَهُ مَجْهُودًا فَسَأَلَهُ عَنْ حَالِهِ فَقَالَ تَحَرَّجْتُ أَنْ آكُلَ طَعَامَكَ بِغَيْرِ إِذْنِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ. وَكَانَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ يَرَيَانِ دُخُولَ الرَّجُلِ بَيْتَ صَدِيقِهِ وَالتَّحَرُّمَ بِطَعَامِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانِ مِنْهُ فِي الْأَكْلِ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَالْمَعْنَى ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا ﴾، مِنْ مَنَازِلَ هَؤُلَاءِ إِذَا دَخَلْتُمُوهَا وَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا، مِنْ غَيْرِ أَنْ تَتَزَوَّدُوا وَتَحْمِلُوا. قَوْلُهُ: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً ﴾. نَزَلَتْ فِي بَنِي لَيْثِ بْنِ عَمْرٍو، وَهُمْ حَيٌّ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ لَا يَأْكُلُ وَحْدَهُ حَتَّى يَجِدَ ضَيْفًا يَأْكُلُ مَعَهُ، فَرُبَّمَا قَعَدَ الرَّجُلُ وَالطَّعَامُ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى الرَّوَاحِ، وَرُبَّمَا كَانَتْ مَعَهُ الْإِبِلُ الْحُفَّلُ فَلَا يَشْرَبُ مِنْ أَلْبَانِهَا حَتَّى يَجِدَ مَنْ يُشَارِبُهُ، فَإِذَا أَمْسَى وَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا أَكَلَ، هَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ وَالضَّحَاكِ وَابْنِ جُرَيْجٍ. وَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَ الْغَنِيُّ يَدْخُلُ عَلَى الْفَقِيرِ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ وَصَدَاقَتِهِ فَيَدْعُوهُ إِلَى طَعَامِهِ، فَيَقُولُ: وَاللَّهِ إِنِّي لِأَجَّنَّحُ أَيْ أَتَحَرَّجُ أَنْ آكُلَ مَعَكَ وَأَنَا غَنِيٌّ وَأَنْتَ فَقِيرٌ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَأَبُو صَالِحٍ: نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنَ الْأَنْصَارِ كانوا لا يأكلون إذا نزلت بهم ضيف إلا مع ضَيْفِهِمْ، فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا كيف شاؤوا «جميعا» مجتمعين «أَوْ أَشْتَاتًا» مُتَفَرِّقِينَ، ﴿ فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ ﴾، أَيْ ليسلم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، هَذَا فِي دُخُولِ الرَّجُلِ بَيْتَ نَفْسِهِ يُسَلِّمُ عَلَى أَهْلِهِ وَمَنْ فِي بَيْتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ جَابِرٍ وَطَاوُوسٍ وَالزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَالضَّحَاكِ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قال قَتَادَةُ: إِذَا دَخَلْتَ بَيْتَكَ فَسَلِّمْ عَلَى أَهْلِكَ فَهُوَ أَحَقُّ مَنْ سَلَّمْتَ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَخَلَتْ بَيْتًا لَا أَحَدَ فِيهِ فَقُلْ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. حُدِّثْنَا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَرُدُّ عَلَيْهِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ فَلْيَقُلْ السَّلَامُ علينا من ربنا السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. وَرَوَى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ ﴾ قَالَ: إِذَا دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ فَقُلْ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. ﴿ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾. نُصْبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ تُحَيُّونَ أَنْفُسَكُمْ تَحِيَّةً، ﴿ مُبارَكَةً طَيِّبَةً ﴾، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ. وَقِيلَ: ذَكَرَ الْبَرَكَةَ وَالطِّيبَةَ هَاهُنَا لِمَا فِيهِ مِنَ الثَّوَابِ وَالْأَجْرِ. ﴿ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾.
♦ السورة ورقم الآية: النور (61).
♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ ﴾ الآية كان المسلمون يخرجون للغزو ويدفعون مفاتيح بيوتهنَّ إلى الزَّمنى الذين لا يخرجون ويقولون لهم: قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما فيها، فكانوا يتوقون ذلك حتى نزلت هذه الآية وقوله: ﴿ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ﴾ أراد: ولا عليكم أنفسكم ﴿ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ ﴾ أَيْ: بيوت أولادكم فجعل بيوت أولادهم بيوتهم؛ لأنَّ ولد الرَّجل من كسبه وماله كمالِه وقوله: ﴿ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ ﴾ يريد: الزَّمنى الذين كانوا يخزنون للغزاة ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا ﴾ من منازل هؤلاءٍ إذا دخلتموها وإن لم يحضروا ولم يعلموا من غير أن يحملوا، وهذه رخصةٌ من الله تعالى لطفاً بعباده ورغبة بهم عن دناءة الأخلاق وضيق النَّظر وقوله: ﴿ أَوْ صَدِيقِكُمْ ﴾ يجوز للرَّجل أن يدخل بيت صديقه فيتحرَّم بطعامه من غير استئذانٍ بهذه الآية وقوله: ﴿ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا ﴾ يقول: لا جناح عليكم إن اجتمعتم في الأكل أو أكلتم فرادى وإن اختلفتم فكان فيكم الزَّهيد والرغيب والعليل والصَّحيح وذلك أنَّ المسلمين تركوا مؤاكلة المرضى والزَّمنى بعد نزول قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾ [البقرة: 188] فقالوا: إنَّهم لا يستوفون من الأكل فلا تحلُّ لنا مؤاكلتهم فنزلت الرُّخصة في هذه الآية ﴿ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ﴾ فليسلِّم بعضكم على بعض وقيل: إذا دخلتم بيوتاً خالية فليقل الدَّاخل: السَّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ﴾ الْآيَة، اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وجلّ قوله: ﴿ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ ﴾ [البقرة: 188] تحرّج المسلمون على مُؤَاكَلَةِ الْمَرْضَى وَالزَّمْنَى وَالْعُمْيِ وَالْعُرْجِ، وَقَالُوا الطَّعَامَ أَفْضَلُ الْأَمْوَالِ، وَقَدْ نَهَانَا اللَّهُ عَنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ. وَالْأَعْمَى لَا يُبْصِرُ مَوْضِعَ الطَّعَامِ الطَّيِّبَ. وَالْأَعْرَجُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الْجُلُوسِ وَلَا يَسْتَطِيعُ الْمُزَاحَمَةَ عَلَى الطَّعَامِ، وَالْمَرِيضُ يَضْعُفُ عَنِ التَّنَاوُلِ فَلَا يَسْتَوْفِي الطَّعَامَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ، وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يَكُونُ «عَلَى» بِمَعْنَى فِي أَيْ لَيْسَ فِي الْأَعْمَى يَعْنِي لَيْسَ عَلَيْكُمْ فِي مُؤَاكَلَةِ الْأَعْمَى والأعرج والمريض حرج. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ وَغَيْرُهُمَا كَانَ الْعُرْجَانُ وَالْعُمْيَانُ وَالْمَرْضَى يَتَنَزَّهُونَ عَنْ مُؤَاكَلَةِ الْأَصِحَّاءِ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَقَذَّرُونَ مِنْهُمْ وَيَكْرَهُونَ مُؤَاكَلَتَهُمْ، وَيَقُولُ الْأَعْمَى رُبَّمَا أَكَلَ أَكْثَرَ، وَيَقُولُ الْأَعْرَجُ رُبَّمَا أَخَذَ مَكَانَ الِاثْنَيْنِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ نَزَلَتِ الْآيَةُ تَرْخِيصًا لِهَؤُلَاءِ فِي الْأَكْلِ مِنْ بُيُوتِ مَنْ سَمَّى اللَّهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا يَدْخُلُونَ عَلَى الرَّجُلِ لِطَلَبِ الطَّعَامِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُطْعِمُهُمْ ذَهَبَ بِهِمْ إِلَى بُيُوتِ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ أَوْ بَعْضِ مَنْ سَمَّى الله في هذه الآية، كان أَهْلُ الزَّمَانَةِ يَتَحَرَّجُونَ مِنْ ذَلِكَ الطعام ويقولون اذهب بِنَا إِلَى بَيْتِ غَيْرِهِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا غزوا خلفوا زمانهم وَيَدْفَعُونَ إِلَيْهِمْ مَفَاتِيحَ أَبْوَابِهِمْ وَيَقُولُونَ قَدْ أَحْلَلْنَا لَكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِمَّا فِي بُيُوتِنَا، فَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ مِنْ ذَلِكَ وَيَقُولُونَ لَا نَدْخُلُهَا وَهُمْ غُيَّبٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ رُخْصَةً لَهُمْ. قَالَ الْحَسَنُ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ رُخْصَةً لِهَؤُلَاءِ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجِهَادِ. قَالَ تَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ ﴾كَلَامٌ مُنْقَطِعٌ عَمَّا قَبْلَهُ. وَقِيلَ: لَمَّا نَزَلَ قوله: ﴿ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ ﴾، قَالُوا لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مِنَّا أَنْ يَأْكُلَ عِنْدَ أَحَدٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ ﴾، أَيْ لَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ. قِيلَ: أَرَادَ مِنْ أَمْوَالِ عِيَالِكُمْ وَأَزْوَاجِكُمُ، وَبَيْتُ الْمَرْأَةِ كَبَيْتِ الزَّوْجِ. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أَرَادَ مِنْ بُيُوتِ أَوْلَادِكُمْ نَسَبُ بُيُوتِ الْأَوْلَادِ إِلَى الْآبَاءِ. كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ»، ﴿ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ ﴾. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: عَنَيَ بِذَلِكَ وَكِيلَ الرَّجُلِ وقيّمه في ضيعته وماشيته، ولا بَأْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ثَمَرِ ضَيْعَتِهِ وَيَشْرَبَ مِنْ لَبَنِ مَاشِيَتِهِ، وَلَا يَحْمِلُ وَلَا يَدَّخِرُ. وقال الضحاك: يعني من بُيُوتِ عَبِيدِكُمْ وَمَمَالِيكِكُمْ، وَذَلِكَ أَنَّ السَّيِّدَ يَمْلِكُ مَنْزِلَ عَبْدِهِ وَالْمَفَاتِيحُ الْخَزَائِنُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 59] وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الذي يفتح به وقال عِكْرِمَةُ: إِذَا مَلَكَ الرَّجُلُ الْمِفْتَاحَ فَهُوَ خَازِنٌ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَطْعَمَ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: الرَّجُلُ يُوَلِّي طَعَامَهُ غَيْرَهُ يَقُومُ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْكُلَ منه. وقال قوم أو مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ مَا خَزَنْتُمُوهُ عِنْدَكُمْ. قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: مِنْ بُيُوتِ أَنْفُسِكُمْ مِمَّا أَحْرَزْتُمْ وَمَلَكْتُمْ، ﴿ أَوْ صَدِيقِكُمْ ﴾، الصَّدِيقُ الَّذِي صَدَقَكَ فِي الْمَوَدَّةِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَرَجَ غَازِيًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَلَّفَ مَالِكَ بْنَ زَيْدٍ عَلَى أَهْلِهِ. فَلَمَّا رَجَعَ وَجَدَهُ مَجْهُودًا فَسَأَلَهُ عَنْ حَالِهِ فَقَالَ تَحَرَّجْتُ أَنْ آكُلَ طَعَامَكَ بِغَيْرِ إِذْنِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ. وَكَانَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ يَرَيَانِ دُخُولَ الرَّجُلِ بَيْتَ صَدِيقِهِ وَالتَّحَرُّمَ بِطَعَامِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانِ مِنْهُ فِي الْأَكْلِ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَالْمَعْنَى ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا ﴾، مِنْ مَنَازِلَ هَؤُلَاءِ إِذَا دَخَلْتُمُوهَا وَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا، مِنْ غَيْرِ أَنْ تَتَزَوَّدُوا وَتَحْمِلُوا. قَوْلُهُ: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً ﴾. نَزَلَتْ فِي بَنِي لَيْثِ بْنِ عَمْرٍو، وَهُمْ حَيٌّ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ لَا يَأْكُلُ وَحْدَهُ حَتَّى يَجِدَ ضَيْفًا يَأْكُلُ مَعَهُ، فَرُبَّمَا قَعَدَ الرَّجُلُ وَالطَّعَامُ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى الرَّوَاحِ، وَرُبَّمَا كَانَتْ مَعَهُ الْإِبِلُ الْحُفَّلُ فَلَا يَشْرَبُ مِنْ أَلْبَانِهَا حَتَّى يَجِدَ مَنْ يُشَارِبُهُ، فَإِذَا أَمْسَى وَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا أَكَلَ، هَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ وَالضَّحَاكِ وَابْنِ جُرَيْجٍ. وَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَ الْغَنِيُّ يَدْخُلُ عَلَى الْفَقِيرِ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ وَصَدَاقَتِهِ فَيَدْعُوهُ إِلَى طَعَامِهِ، فَيَقُولُ: وَاللَّهِ إِنِّي لِأَجَّنَّحُ أَيْ أَتَحَرَّجُ أَنْ آكُلَ مَعَكَ وَأَنَا غَنِيٌّ وَأَنْتَ فَقِيرٌ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَأَبُو صَالِحٍ: نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنَ الْأَنْصَارِ كانوا لا يأكلون إذا نزلت بهم ضيف إلا مع ضَيْفِهِمْ، فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا كيف شاؤوا «جميعا» مجتمعين «أَوْ أَشْتَاتًا» مُتَفَرِّقِينَ، ﴿ فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ ﴾، أَيْ ليسلم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، هَذَا فِي دُخُولِ الرَّجُلِ بَيْتَ نَفْسِهِ يُسَلِّمُ عَلَى أَهْلِهِ وَمَنْ فِي بَيْتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ جَابِرٍ وَطَاوُوسٍ وَالزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَالضَّحَاكِ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قال قَتَادَةُ: إِذَا دَخَلْتَ بَيْتَكَ فَسَلِّمْ عَلَى أَهْلِكَ فَهُوَ أَحَقُّ مَنْ سَلَّمْتَ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَخَلَتْ بَيْتًا لَا أَحَدَ فِيهِ فَقُلْ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. حُدِّثْنَا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَرُدُّ عَلَيْهِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ فَلْيَقُلْ السَّلَامُ علينا من ربنا السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. وَرَوَى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ ﴾ قَالَ: إِذَا دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ فَقُلْ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. ﴿ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾. نُصْبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ تُحَيُّونَ أَنْفُسَكُمْ تَحِيَّةً، ﴿ مُبارَكَةً طَيِّبَةً ﴾، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ. وَقِيلَ: ذَكَرَ الْبَرَكَةَ وَالطِّيبَةَ هَاهُنَا لِمَا فِيهِ مِنَ الثَّوَابِ وَالْأَجْرِ. ﴿ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾.