مشاهدة النسخة كاملة : نسب النبي ومولده وأعمامه


حكاية ناي ♔
01-01-2024, 05:06 PM
هو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر- وهو الملقب بقريش وإليه تنتسب القبيلة - بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أدد بن هميسع بن سلامان بن عوص بن بوز بن قموال بن أبيّ بن عوام بن ناشد بن حزا بن بلداس بن يدلاف بن طابخ بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربى بن يحزن بن يلحن بن أرعوى بن عيض بن ديشان بن عيصر بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن سمي بن مزي بن عوضة بن عرام بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام[1].

أعمامه:
كان لجده (عبدالمطلب) عشرة بنين، وهم: الحارث والزبير وأبو طالب، وعبدالله[2] وحمزة، وأبو لهب، والغيداق، والمقوم، وصفار، والعباس.

وأما البنات، فست، وهن: أم الحكيم، وبرة، وعاتكة، وصفية، وأروى، وأميمة[3].

مولده:
ولد محمد صلى الله عليه وسلم في عشيرة بني هاشم، واحدة من أوسط عائلات قريش في صبيحة يوم الاثنين التاسع من شهر ربيع الأول، لأول عام من حادثة الفيل[4]، ولأربعين سنة خلت من مُلك كسرى أنوشروان، ويوافق ذلك العشرين أو الثاني والعشرين من شهر أبريل سنة 571 م، ولَمَّا ولدته أمه، أرسلت إلى جده (عبدالمطلب) تبشره بحفيده، فجاء مستبشرًا ودخل الكعبة، ودعا الله وشكر له، واختار له اسم محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا الاسم لم يكن معروفًا في العرب، ويقول (ول ديورانت) في هذا الاسم: "ولفظ (محمد صلى الله عليه وسلم) مشتق من الحمد وهو مبالغة فيه، كأنه حمد مرة بعد مرة، ويمكن أن تنطبق عليه بعض فقرات في التوراة تبشِّر به[5]، وختنه يوم سابعه كما كان العرب يفعلون[6].

وكانت العادة عند الحاضرين من العرب أن يلتمسوا المراضع لأولادهم، إبعادًا لهم عن أمراض الحواضر، ولتقوى أجسامهم، وتشتد أعصابهم، ويُتقنوا اللسان العربي في مهدهم، فالتمس جده عبدالمطلب مرضعة تُدعى (حليمة السعدية) [7].

وكان جده الأكبر (عبدالمطلب) شيخًا معظمًا في قريش، يصدرون عن رأيه في مشكلاتهم، ويقدمونه في مهماتهم[8]، وكان أول من تاجَر لحسابه مع الشام واليمن، وكان لبني هاشم شرف سقاية الحجاج، ولكن أصابت هاشمًا ضائقة مالية، وكذلك مات أبوه (عبدالله) قبل ولادته، وكانت أمه (أمنة) في شدة، حتى إن المرضعة التي أخذت محمدًا صلى الله عليه وسلم كانت من أفقر قبائل الجزيرة العربية، وعاش محمدٌ صلى الله عليه وسلم عند (حليمة السعدية) ست سنوات[9] من الحياة البدوية في أخشن صورها، وكانت من أول ما ظهر له من البركات، أن صارت غنيمات حليمة - بعد ما صار هو بينهم - تؤوب من مرعاها وإن أضراعها لتسيل لبنًا، بعد أن كانت مجدبة جافة لا لبن فيها، وبعد عودته إلى مكة بسنة، ماتت أمه؛ مما ترك فيه حزنًا مضاعفًا واهتمامًا كبيرًا باليتامى لَمَّا كَبُرَ.

وقد عاش محمد صلى الله عليه وسلم مع جده (عبدالمطلب) الذي أحبه وقرَّبه إليه، وكان يأخذه معه إلى الكعبة وسط أعمامه، ويجلسه بجواره، ويربت على ظهره بحب، وقد مات عبدالمطلب ومحمد صلى الله عليه وسلم ما يزال في الثامنة ولم يرث شيئًا، فأخذه عمه (أبو طالب) - كبير بني هاشم، وصاحب المكانة الرفيعة في مكة - برغم أن أعماله التجارية كانت في هبوط، وأحب أبو طالب محمدًا صلى الله عليه وسلم حبًّا كبيرًا، وكذلك أحبه أعمامه[10].

ونهض (أبو طالب) بحق ابن أخيه على أكمل وجه، وضمه إلى ولده، وقدمه عليهم، واختصه بفضل احترام وتقدير، وظل فوق أربعين سنة يعز جانبه، ويبسط عليه حمايته، ويصادق ويخاصم من أجله[11].

ولَمَّا بلغت سن محمد صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة سنة، أراد عمه وكفيله السفر بتجارة إلى الشام، فاستعظم محمدٌ صلى الله عليه وسلم فِراقه، فرَقَّ له، وأخذه معه، وهذه هي الرحلة الأولى، ولم يمكثوا فيها إلا قليلًا، وقد أشرف على رجال القافلة - وهم بقرب بصرى - بحيرا الراهب، فسألهم عما رآه في الكتاب المقدس من بعثة نبي من العرب في هذا الزمن، فقالوا: إنه لم يظهر إلى الآن، وهذه العبارة كثيرًا ما كان يلهج بها أهل الكتاب من اليهود والنصارى قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم [12]، ولذلك ورد في القرآن قول الله تعالى: ﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 89].

ولقد شهِد محمد صلى الله عليه وسلم عند بلوغه الخامسة عشرة حلفًا إستراتيجيًّا، يُطلق عليه حلف الفضول، تداعت إليه قبائل من قريش، فتعاقدوا وتعاهدوا على ألا يجدوا بمكة مظلومًا من أهلها وغيرهم من سائر الناس، إلا قاموا معه، وكانوا على مَن ظلَمه حتى تُردَّ عليه مظلمته، رغم أن هذا الحلف روحه تُنافي الحميَّة الجاهلية التي كانت العصبية تُثيرها، وقد قال محمدٌ صلى الله عليه وسلم بعد أن أكرمه الله بالرسالة: ((لقد شَهِدتُ حلفًا ما أحب أن لي به حُمُر النَّعم، ولو أُدْعَىَ إليه في الإسلام، لأَجَبت))[13].

ولأن محمدًا صلى الله عليه وسلم لم يرث من والده شيئًا، وقد وُلِد يتيمًا فقيرًا، فعندما بلغ مبلغًا يمكنه أن يعمل عملًا ما، اشتغل برعي الأغنام لأهل مكة، حتى أثَّرت تلك الحرفة في شخصيته، فسكن قلبه الرأفة واللطف تعطفًا بأضعف البهائم، حتى أصبحت تلك السمات هي نفس سمات تعامله مع البشر[14].

فلما بلغ الخامسة والعشرين من عمره، وكانت أخباره وصفاته الحميدة قد زاعت بين الناس، حتى سمعت بها (خديجة بنت خويلد) - وهي امرأة تاجرة ذات شرف ومال، كانت تستأجر الرجال في مالها، وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم - فعرضت عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجرًا، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار، وأرسلت معه غلامًا لها، فلما أنهى الرحلة إلى الشام - كانت هذه رحلته الثانية - وعاد إلى مكة، رأت خديجة في مالها من الأمانة والبركة ما لم ترَ قبل هذا، وأخبرها غلامها بما رأى من خلال محمد صلى الله عليه وسلم العذبة، وشمائله الكريمة، وفكره الراجح، ومنطقه الصادق، ونهجه الأمين، وبهذا النجاح الذي حققه محمد صلى الله عليه وسلم في تجارته، وهذه الخصال الكريمة التي عرفتها عنه، وجدت فيه ضالَّتها المنشودة -مع أن السادات والرؤساء كانوا يحرصون على الزواج منها، فتأبى عليهم - فتحدثت بذلك إلى صديقة لها، فلم تلبث تلك الصديقة أن حدَّثت محمدًا صلى الله عليه وسلم بما في نفس خديجة، فرضي محمد صلى الله عليه وسلم بالزواج من خديجة، وكانت خديجة تبلغ الأربعين من عمرها وقد سبق لها الزواج، لكنها كانت أفضل نساء قومها نسبًا وثروةً وعقلًا، وتزوَّجها محمد صلى الله عليه وسلم ولم يتزوج غيرها، إلى أن ماتت وهو في الخمسين من عمره، ويقول (ديورانت) في هذا الشأن ما نصه: "ولم يتزوج غيرها حتى توفِّيت بعد ذلك بستة وعشرين عامًا، ولم يكن الاقتصار على زوجة واحدة أمرًا مألوفًا عند أغنياء العرب في ذلك الوقت"[15]، وقد أنجب محمد صلى الله عليه وسلم من خديجة كل أولاده عدا (إبراهيم) الذي كان من (مارية القبطية)[16]، فكان له منها القاسم وزينب ورقية، وأم كلثوم وفاطمة وعبدالله، وقد مات بنوه كلهم في صغرهم، أما البنات فكلهنَّ أدركنَ الإسلام، فأسلمنَ وهاجرنَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أنهن أدركتهنَّ الوفاة أيضًا في حياته، إلا فاطمة فقد ماتت بعده بستة أشهر[17].

ولما بلغت سن محمد صلى الله عليه وسلم خمسًا وثلاثين سنة، جاء سيل جارف، فصدع جدران الكعبة بعد وهنها من حريق كان أصابها من قبل، فأرادت قريش هدمها ليرفعوها ويسقفوها، فاجتمعت قبائلهم لذلك، فهدموها، ثم ابتدؤوا في البناء، وأعدُّوا لذلك نفقة، واتفقوا على ألا يدخل في تلك النفقة مهر بغي، ولا بيع ربا، وذلك تعظيمًا لبيت الله وتقديسًا له، فلما تم البناء وأرادوا وضع الحجر الأسود في موضعه، اختلف أشرافهم فيمن يشرف برفع الحجر، وتنافسوا على ذلك، حتى كادت تشب بينهم نار الحرب، ودام بينهم الخصام أربع ليال، حتى اتفقوا على أن يحكِّموا بينهم أول قادم عليهم، فكان أول قادم عليهم هو محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، فاطمأنَّ الجميع له وقالوا: هذا الأمين رضيناه، هذا محمد صلى الله عليه وسلم - وكانوا يتحاكمون إليه، ويعهدون فيه الأمانة وصدق الحديث - فلما أخبروه الخبر بسط رداءه، وقال: ((لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب))، ثم وضع فيه الحجر، وأمرهم برفعه حتى انتهوا إلى موضعه، فأخذه ووضعه فيه، وبهذا القضاء الحكيم انتهت المشكلة وخمدت الحرب بين القبائل قبل أن تشتعل، ولا يُستغرب من قريش تنافسهم هذا؛ لأن الكعبة هي قبلة العرب، وكعبتهم التي يحجون إليها، فكان لزامًا أن يكون كل عمل بها عظيم وفيه الفخر والتشريف[18].

عاشق السهر
01-01-2024, 06:16 PM
اسأل الله العظيم
أن يرزقك الفردوس الأعلى من الجنان.
وأن يثيبك البارئ خير الثواب .
دمت برضى الرحمن