حكاية ناي ♔
01-01-2024, 05:11 PM
ورد في السِّيَر أن المواخاة كانتْ مرتين:
الأولى: بين المهاجرين بعضهم وبعض قبل الهجرة على الحق والمواساة، آخى بينهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم ، فآخى بين أبي بكر وعمر، وبين حمزة وزيد بن حارثة، وبين عثمان وعبد الرحمن بن عوف، وبين الزُّبير وابن مسعود، وبين عُبيدة بن الحارث وبلال، وبين مصعب بن عمير وسعد بن أبي وقَّاص، وبين أبي عُبيدة وسالم مولى أبي حذيفة، وبين سعيد بن زيد وطَلْحَة بن عبيد الله، وبين علي ونفسه صلى الله عليه وسلم [1].
ومن العلماء مَن يُنكر مواخاة المهاجرين لبعضهم، قال الحافظ ابن كثير: (أما مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم وعلي، فإن مِن العلماء مَن يُنكر ذلك، ويَمنع من صحته، ومستنده في ذلك أن هذه المُؤاخاة إنما شُرعتْ لأجل ارتفاق بعضهم من بعض، وليتألف قلوب بعضهم على بعض، فلا معنى لمؤاخاة النبي لأحد منهم، ولا مهاجري لمهاجري، كما ذكره من مؤاخاة حمزة وزيد بن حارثة، اللهم إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجعلْ مصلحة عليٍّ إلى غيره، فإنه كان ممن ينفق عليه من صغره في حياة أبيه، وكذلك أن يكونَ حمزة التزم بمصالح مولاه زيد، وكذلك ذِكْره مؤاخاة جعفر ومعاذ فيه نظَرٌ، لأن جعفرَ كان مهاجرًا بالحبشة)[2].
وقد مدح الله الأنصار في إيثارهم لإخوانهم المهاجرين، وأثنى عليهم بقرآنٍ يُتلى بسبب إيثارهم لإخوانهم المهاجرين ومواخاتهم لهم، فقال: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9][3]، وروى البخاريُّ في صحيحه عن أبي هُرَيْرَة قال: «قالت الأنصار: اقسمْ بيننا وبين إخواننا النخيلَ؟ قال: لا؛ قالوا: أفتكفوننا المؤونة ونشرككم في الثمرة؟ قالوا: سمعنا وأطعنا»[4]، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: «قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم للأنصار: إن إخوانكم قد تركوا الأموال والأولاد وخرجوا إليكم، فقالوا: أموالنا بيننا قطائع، قال رسول الله: أوَغير ذلك؟ قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: هم قوم لا يعرفون العلم، فتكفونهم وتقاسمونهم التمر، قالوا: نعم»[5].
وذكر ابن عبد البَرِّ في قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [6] أنَّ بدرًا قطعت المواخاة بين الصحابة رضي الله عنهم، فتكون هذه الآية ناسخة آية (بعضهم أولياء بعض)، وتكون تلك حينئذٍ مُبينة أمر ما كان قبل غزوة بدر[7]، وكما هو معلومٌ أن نموذج المواخاة نموذجٌ اقتصاديٌّ لغرض إعادة توزيع الثروة، وأغراض التكافل الاجتماعي، اقتضتْه مرحلة ما بعد الهجرة، فكان الأنصاري يقسم شطر ماله لأخيه من المهاجرين، ويتضح بذلك أن هذا النموذج كان فعَّالاً في القضاء على الفقر في تلك المرحلة.
الأولى: بين المهاجرين بعضهم وبعض قبل الهجرة على الحق والمواساة، آخى بينهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم ، فآخى بين أبي بكر وعمر، وبين حمزة وزيد بن حارثة، وبين عثمان وعبد الرحمن بن عوف، وبين الزُّبير وابن مسعود، وبين عُبيدة بن الحارث وبلال، وبين مصعب بن عمير وسعد بن أبي وقَّاص، وبين أبي عُبيدة وسالم مولى أبي حذيفة، وبين سعيد بن زيد وطَلْحَة بن عبيد الله، وبين علي ونفسه صلى الله عليه وسلم [1].
ومن العلماء مَن يُنكر مواخاة المهاجرين لبعضهم، قال الحافظ ابن كثير: (أما مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم وعلي، فإن مِن العلماء مَن يُنكر ذلك، ويَمنع من صحته، ومستنده في ذلك أن هذه المُؤاخاة إنما شُرعتْ لأجل ارتفاق بعضهم من بعض، وليتألف قلوب بعضهم على بعض، فلا معنى لمؤاخاة النبي لأحد منهم، ولا مهاجري لمهاجري، كما ذكره من مؤاخاة حمزة وزيد بن حارثة، اللهم إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجعلْ مصلحة عليٍّ إلى غيره، فإنه كان ممن ينفق عليه من صغره في حياة أبيه، وكذلك أن يكونَ حمزة التزم بمصالح مولاه زيد، وكذلك ذِكْره مؤاخاة جعفر ومعاذ فيه نظَرٌ، لأن جعفرَ كان مهاجرًا بالحبشة)[2].
وقد مدح الله الأنصار في إيثارهم لإخوانهم المهاجرين، وأثنى عليهم بقرآنٍ يُتلى بسبب إيثارهم لإخوانهم المهاجرين ومواخاتهم لهم، فقال: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9][3]، وروى البخاريُّ في صحيحه عن أبي هُرَيْرَة قال: «قالت الأنصار: اقسمْ بيننا وبين إخواننا النخيلَ؟ قال: لا؛ قالوا: أفتكفوننا المؤونة ونشرككم في الثمرة؟ قالوا: سمعنا وأطعنا»[4]، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: «قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم للأنصار: إن إخوانكم قد تركوا الأموال والأولاد وخرجوا إليكم، فقالوا: أموالنا بيننا قطائع، قال رسول الله: أوَغير ذلك؟ قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: هم قوم لا يعرفون العلم، فتكفونهم وتقاسمونهم التمر، قالوا: نعم»[5].
وذكر ابن عبد البَرِّ في قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [6] أنَّ بدرًا قطعت المواخاة بين الصحابة رضي الله عنهم، فتكون هذه الآية ناسخة آية (بعضهم أولياء بعض)، وتكون تلك حينئذٍ مُبينة أمر ما كان قبل غزوة بدر[7]، وكما هو معلومٌ أن نموذج المواخاة نموذجٌ اقتصاديٌّ لغرض إعادة توزيع الثروة، وأغراض التكافل الاجتماعي، اقتضتْه مرحلة ما بعد الهجرة، فكان الأنصاري يقسم شطر ماله لأخيه من المهاجرين، ويتضح بذلك أن هذا النموذج كان فعَّالاً في القضاء على الفقر في تلك المرحلة.