عطيه الدماطى
01-04-2024, 08:51 AM
إضاءات حول طقوس كناوة احتفالية ملوك الجن
الكاتب هو كمال غزال وموضوع البحث هو أن إحدى القبائل المغربية وهى كناوة تعتبر قبيلة غامضة حيث يشتهرون بممارسة السحر وممارسة عادات طقسية معينة مرتبطة بالجن وهو قوله حيث قال :
"تعتبر (كناوة) طائفة لها أهميتها الخاصة في المغرب من حيث ارتباطها بالمعتقدات السحرية ولممارسة أتباعها طقوس روحية احتفالية خلال مناسبات سنوية، و رغم أن المغرب يضم طوائف أخرى مثل عيساوة، وحمادشة، إلا أن تلك الطائفة تبقى الأهم من حيث عدد أتباعها المنتشرون بالآلاف عبر مدن وقرى المغرب، وتتميز طائفة كناوة بطقوس يمتزج فيها الإرث المحلي الصوفي مع ثقافة الزنوج لها علاقة وطيدة مع عالم الغيبيات والأرواح والجن وتأخذ طابعاً يمزج بين التراتيل الدينية التي تمتدح الله والرسول وبين الطقوس والتراتيل الخفية، والبعض يعتقد أنها طائفة ستظل رغم كل ما قيل وكتب عنها على مستوى كبير من الغموض."
وتناول تاريخ القبيلة المعروف حيث قال :
"نبذة تاريخية
ينحدر أتباع (كناوة) الحقيقيون في المغرب من سلالة العبيد الذين تم جلبهم خلال العصر الذهبي للإمبراطورية المغربية في أواخر القرن 16 الميلادي من (السوداء الغربية) التي كانت تسمى آنذاك السودان الغربي وتسمى حالياً دولة مالي على وجه خاص.
ويقول عالم الاجتماع الفرنسي (إميل درمنغن): " إن الوضعية القاسية لزنوج الشمال هي التي شجعت على ظهور زوايا خاصة بهم للحفاظ على طقوسهم السودانية الأصول (السودان الغربي الذي يعني دول الساحل الإفريقي الحالية)، واستمرار الأنشطة الطقوسية لتلك الزوايا هو الذي شجع على الحفاظ على الوعي العرقي بين الزنوج والتعاضد المتبادل بينهم ".لقد حمل العبيد الذين سيقوا إلى الشمال الإفريقي (إلى المغرب والجزائر خصوصاً) معتقداتهم الوثنية في آلهتهم وفي الأرواح البدائية التي لم تلبث أن امتزجت بغيرها من المعتقدات المحلية العربية الإسلامية والبربرية في مفهوم الجن بغية إبعاد كل شبهة قد تحوم بمعتقداتهم والتي قد تحسبهم خارج الملة الإسلامية لذلك انتسب كناوة (روحياً على الأقل) إلى واحد من أوائل معتنقي الدين الإسلامي وهو بلال الذي كان زنجياً مثلهم.
ورغم ممارستهم لطقوس غريبة فإن أتباع الطائفة الكناوية لا يعتبرون أنفسهم خارجين عن تعاليم الدين الحنيف بل إنهم على العكس من ذلك تماماً يبدأون طقوسهم ويختمونها بالصلاة على النبي وذكر الله في كل تراتيلهم. مع أن رجال الدين يعتبرونها "طائفة الشيطان"."
ومن الفقرة السابقة نجد أن الطائفة تنتمى للإسلام فى الظاهر ولكن الفقهاء يعتبرونهم كفرة بسبب طقوسهم المخالفة للإسلام
وتناول مرجه اسمهم وأنه غينيا أو كينيا حيث قال :
" ينطق حرف الكاف في كلمة (كناوة) في المغرب كما ينطق حرف الجيم في اللهجة المصرية المصري أي Gnawa و تسمية كناوة هي تحريف لحق بالاسم الأصلي الذي كان وهو (كينيا) أو (غينيا) التي تقع على الحدود الجنوبية لدولة مالي، أو عبيد غينيا كما كانوا دائماً يسمون قبل اندماجهم التام في المجتمع المغربي"
وتناول أنهم صنعوا طريقة صوفية تسمى الكناوية منتشرة فى نواحى مختلفة من المغرب حيث قال :
"وما تزال " الطريقة الكناوية " متواجدة في العديد من المدن والقرى المغربية، حتى اليوم خصوصاً في مدن مراكش و الصويرة و الرباط و مكناس وهي طقوس تمارس في إطار مغلق وترجع أصولها إلى بقايا من المعتقدات الوثنية الإفريقية التي تعبد الأرواح والبربرية التي امتزجت فيما بعد مع المعتقدات الإسلامية التي قدمت مع الفتوحات العربية لشمال إفريقيا."
وتناول مركزهم الرئيسى وهو بلدة الصويرة بالمغرب حيث يتواجد ضريح بلال وبلال ليس بن رباح ولكنه رجل مجهول يعتبرونه الأب الروحى للقبيلة
يقول الكاتب :
"وتحظى مدينة (الصويرة) بمقام المدينة الروحية للطائفة داخل المغرب، فقد كانت الميناء البحري منذ القرن 17 ومركزاً تجارياً مهما يطل على المحيط الأطلسي ونقطة تبادل تجاري مع (تمبكوتو) عاصمة السوداء المسلمة آنذاك وعاصمة مملكة قديمة في أرض (مالي)، ومنها كان يفد العبيد مع الذهب إلى المغرب.
ضريح بلال
يعتبر ضريح "سيدي بلال" الموجود غرب مدينة الصويرة المرجع الأعلى، ومقام (الأب الروحي) لـ كناوة، وداخل ضريح ذلك الولي الذي يحسب في عداد الأولياء مجهولي النسب والسيرة في المغرب، توجد زاوية تحتضن في 20 من شهر شعبان الهجري موسماً سنوياً للطائفة الكناوية وسط طقوس غريبة يتخللها الرقص الهائج المحموم لزمرة الأتباع القادمين من كل مكان داخل وخارج المغرب، وفي الجزائر أيضاً هناك ديوان (سيدي بلال) الذي يعد قبلة الطائفة هناك، وعلى إيقاع الموسيقى القوية والحارة للمجموعات المنتسبة إلي الطائفة، تخرج نخبة من الإتباع في جولات بين المدن لجمع الهبات والصدقات للزاوية بلباسها الفلكلوري المميز ذي الألوان الحية، خصوصاً الحمراء والزرقاء."
وتناول الكاتب طقس خاص بشهر شعبان له علاقة بالجن حيث قال :
"ليلة النصف من شعبان
إن اختيار شهر شعبان له علاقة بالاعتقاد في الجن الذي يشكل أساس طقوس ومعتقدات كناوة، فحسب المعتقد تتحدد مصائر الناس للعام الذي يلي ليلة منتصف شهر شعبان من كل عام إذ يلعب الجن دوراً مهماً (بحسب المعتقد) في تحديد مصائر البشر، ولذلك ينبغي التوسل من ملوكهم (ملوك الجن) لأجل تحقيق أمنيات العلاج وزوال الفأل السيء والنجاح في الأعمال وغيرها من الأغراض قبل أن يسجن الجن جميعهم طيلة النصف الثاني من شعبان، فكائنات الخفاء محكوم عليها (بحسب المعتقد) أن تقضي الفترة التي تسبق شهر الصيام محبوسة في معازلها الأسطورية ولن تعانق حريتها من جديد إلا في ليلة القدر."
والخرافات فى الكلام السابقة ههى :
ألأول أن الجن يتحكمون فى مصائر البشر وهو ما يخالف أن البشر والجن مخيرون كل منهم متحكم فى مصيرة كما قال سبحانه :
" فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر "
الثانى تصفيد الجن فى نصف شعبان الثانى ورمضان حتى ليلة القدر وهو كلام يتعارض مع ارتكاب المنتمين للإسلام الذنوب فى تلك المدة بدليل مثل :
أن المسلمين فى عهد الرسول كانوا يحسبون أنهم يخونون أنفسهم بجماع زوجاتهم فى الليل كما قال سبحانه :
"أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم"
وتناول الكاتب اشتهار القبيلة بموسيقاها حتى أن الدولة المغربية أقامت لهم مهرجان امعانا فى مخالفة الكل لحكم الله حيث قال:
"الحفل الطقسي
إن شهرة أتباع (كناوة) كموسيقيين تجاوزت الحدود المغربية، لتعانق العالمية منذ شرع في تنظيم مهرجان سنوي لـ (كناوة وموسيقى العالم) في مدينة الصويرة في شهر يونيو والسر يكمن في أنها ليست مجرد موسيقى عادية، بل هي موسيقى ذات إيقاعات قوية محملة بثقل الأساطير والمعتقدات الموغلة في القدم، ومشحونة بالإرث الحضاري الإفريقي والبربري والعربي. إنها تراث موسيقي يناجي الأرواح الخفية ويغازلها، سليل عذابات الزنوج العبيد في دهور القهر البائدة، ويُتوسل بالإيقاعات والألوان والقرابين وإحراق البخور وكل الوسائط الخفية الأخرى لكي تعالج الممسوسين بالجن وتعرف بأدوات خاصة، وهي الكنبري أو السنتير وهي عبارة عن آلة وترية من ثلاثة حبال تصنع من معي المعاز، والكنكة (الطبل)، والغيطة (المزمار) ثم القراقش أو القراقب (صنوج حديدية).
- والعزف الكناوي له هندامه الخاص، كما طقوسه المرافقة التي من دون توافرها لا يكون الحفل الطقوسي مكتمل الشروط والمقاصد، ومن أهم الشروط التي تتم مراعاتها احترام الألوان الخاصة بـ (الملوك)، أي ملوك الجان الذين يؤمن بهم كناوة وخصوصاً اللونين الأحمر والأزرق حتى لا يغضبوا ملوك الخفاء فيتحول الحفل الطقوسي مدعاة لانتقامهم الرهيب، فإغضاب (لالة ميرة) مثلاً التي تحسب في عداد (ملوكهم) المقدسين، يكون مدعاة للإصابة بالارتعاش والشحوب والجنون بحسب معتقداتهم."
بالطبع الموسيقى هى مجرد أصوات لا معنى لها ولكنها تكتسب المعانى من الكلمات التى تغنى معها أو من خلال ما يجرى معها من طقوس ومن ثم تظل الحرمة فى الصوت الموسيقى مرتبطة أولا فى كونه مزعج أو لا فالمزعج محرم وأما فى المرتبط به من كلمات فالكلام الحلال حلال والكلام الحرام حرام وأما الطقوس فغالبها محرم إن لم يكن كلها محرمة لأنها عبادة للجن
وتناول الكاتب الدردبة وهى طقوس الليلة الكناوية حيث قال :
الدردبة:
الليلة الكناويةالدردبة (الليلة بشكل مختصر) هي أهم طقوس كناوة على الإطلاق وهو الحفل الذي يقام على شرف بعض ملوك وملكات الجن حيث يحظى بعضاً منهم بالتقديس من قبل أتباع طائفة كناوة مثل سيدي شمهاروش، لالة ملكية، لالة ميرة، لالة جميلة، سيدس حمو، سيدي ميمون وتمثل الدردبة أيضاً قمة الاحتفال بجلالة ملوك الجن البيض أو كما يحلو للمغاربة أن يسميهم " مّالين لمكان "، وبحسب علماء الانثربولوجيا فان للدردبة شبها بـ حفلات الزار في مصر وببعض الاحتفالات الطقوسية لدى الفودو في البرازيل وجزر الانتيل بأميركا اللاتينية، ويجري تنظيم (الدردبة) داخل الدور السكنية الخاصة لبعض أعضاء الطائفة في مواعيد سنوية محددة غالباً ما تكون خلال النصف الثاني من شهر شعبان أو في أوقات أخرى من الأشهر القمرية، وتستخدم الليلة الكناوية عادة لأغراض استشفائية (أعراض المس مثلاً) أو احتفالاً بمناسبة دينية كـ "شهر شعبان المقدس".
مراحل الدردبة
تمر (الليلة) بـ 3 مراحل:
1 - مرحلة الطواف بالأضحية (القربان)
تنطلق ليلة الدردبة بعد منتصف الليل بتنسيق بين معلم كناوي يكون مصحوباً بفرقته و (شوافة كناوية) ومساعدتها، تسمى لدى الشوافة لدى كناوة الجزائريين (التي تأتي الكلام)، وغالباً ما تكون الأضحية عبارة عن تيس أسود وتسمى هذه المرحلة (العدة) وخلال الطواف بالقربان تنطلق الليلة على إيقاع دقات الطبول وأنغام المزامير والقراقب، ويبدو دور المعلم ضابطاً لإيقاع الحفل حيث يأتمر العازفون بتوجيهاته ويقومون خلال المرحلة الأولى باستعراض مهارتهم في الرقص الإيقاعي والحركات البهلوانية، فيبدون وكأن قوى خفية تحركهم. وتكون هذه المرحلة مفتوحة أي يسمح خلالها بالحضور لغير المنتسبين إلى الطريقة الكناوية.
وتبدأ هذه المرحلة كإعلان عام عن الشروع في إقامة الليلة حيث يطوف خلاله كناوة، في فترة بعد الزوال بمختلف الأزقة و الشوارع والساحات مرتدين "طاقيات" و"فوقيات" مختلفة الألوان مزدانة بالأصداف، مغتنمين الفرصة للرقص على إيقاعات دقات الطبول و"القراقب" حتى تحل فترة "الكويو" (أولاد بامبارا) وهي تعني في العرف الكناوي البدء في الحفل الرسمي لليلة الكناوية، حيث يستغنى فيها عن آلة الطبل لتعوض بـ "الكنبري أو الهجهوج"، ليشرع "المعلم" الذي عليه أن يكون ملما بجميع مراحل الليلة، بالعزف عليه يقوم أثناءه كناوة برقصات انفرادية باستثناء "وجبتين" يقوم فيها 4 كناويين برقص جماعي.
2 - مرحلة التصعيد الإيقاعي
في هذه المرحلة يأخذ الإيقاع في التصاعد تدريجياً، ويغادر الغرباء الفضوليون الحفل الطقسي ليتركوه لأهله فالمرحلة التالية سوف تشهد دخول كناوة في علاقة حميمة مع «ملوكهم» وقد يكون حضورهم خطراً عليهم بحسب ما يقولون، تكون هذه المرحلة تمهيداً للهياج الجماعي لحضور (الملوك) وهي مغلقة إذ لا يسمح خلالها بالحضور إلا لأتباع الطائفة.
وتسمى الطقس في هذه المرحلة بـ "النقشة" وتوظف فيه آلة "القراقب" إلى جانب الهجهوج ويكون فيه الرقص جماعياً، بعد (الكويو) وبعد استراحة لبضع دقائق تدخل الليلة الكناوية مرحلة (فتوح الرحبة) يعمل فيها كناوة على توضيب المكان الذي ستجري فيه المرحلة الأخيرة من الليلة لإضفاء طابع القدسية عليه، حيث يتم وضع (طبق) أمام المعلم تحتوي على مختلف أنواع البخور والأقمشة ذات الألوان المختلفة كل لون منها يرمز إلى "ملك" من (الملوك) وتصحب عملية التحضير أذكار وانشادات ذات دلالة ومعاني متعددة، ليتم الدخول مباشرة إلى القسم الأخير والأساسي من الاحتفال الكناوي والمسمى بـ "الملوك"، وهم في معجم كناوة (رجال الله) أي رجال ربانيون مؤمنون.
3 - حضور الملوك هي المرحلة الحاسمة في الليلة، يكون خلالها الهياج الجماعي قد بلغ أوجه، وتكون خلالها الملوك قد نزلت بين المحتفلين بها، يحدث ذلك عندما يصل إيقاع الحفل أوجه، وتعزف فرقة كناوة موسيقى الملوك، يبدأ الرقص الطقوسي طريق الصعود نحو مرحلة الهياج التي ستتوج، والحفل بـ «نزول الملوك» بين الراقصين، تكون البخور السبعة أطلقت سحائب شفافة من دخان له رائحة نفاذة وزكية ويشرع بعض أتباع (المعلم) في الطواف بين الراقصين برايات تحمل الألوان السبعة لـ (الملوك) من اجل دعوتها النزول بين المحتفلين بها وأثناء ذلك، يأتي الدور على العرافة التي يفترض أنها اقرب الحضور القوى الخفية المدعوة النزول.
ويرتدي المريدون في هذا الطقس لباساً ذا لون خاص يرمز إلى "ملك" خاص كاللون الأبيض الذي يرمز إلى "ملك" عبد القادر الجيلالي، والأحمر إلى سيدي حمو، والأسود إلى ميمونة، والأصفر إلى الأميرة، والأزرق إلى سيدي موسى كل ذلك استعدادا لدخول مرحلة الجذبة التي تكون مصحوبة بإيقاع صاخب ناتج عن آلات "القراقب" و "الهجهوج" و "الرش" (أي التصفيق بالأيدي).
تصل الأمور ببعض المريدين أثناءها إلى حد فقدان الوعي أو ضرب ذواتهم بأدوات حادة أو المشي فوق شظايا الزجاج .. وهو ما يعني أن (الجذاب) أو (الجذابة) وصل إلى أقصى درجات الانسجام والاندماج مع الإيقاع ومع الألوان وبالتالي دخل في عالم هو غير عالمه الحقيقي.
ويخضع المريد والتابع لشروط ولوج المحفل الكناوي منها:
- قبل الدخول إلى الفضاء الكناوي يشترط في المريد إزالة الحذاء ووضعه في مكان بعيد عن مكان "الزريبة"، التي قد تكون زاوية أو فيلا أو دار شعبية وذلك تفاديا لتلويث المكان مما علق بالحذاء.
- أن يجهر المريد بالتسليم لرجال الله وهو يقول: (التسليم لرجال الله، التسليم ليكم، التسليم، التسليم).
- يلزم على المريد تحية جميع الحاضرين في "الزريبة" فرداً فرداً أو جماعة بالتلويح بيده ومقامات الجذبة متعددة تبلغ أقصاها في مقام "عيشة قنديشة" والتي يجب تخليص الروح والجسد من شرها الأسود تحضر المرأة إلى جانب الرجل والجسد في الليلة الكناوية في الانجذاب الأقصى للروح الإنسانية اتجاه مجاهلها، تنجذب الروح للتخلص من الشرور والألم يحضر الجسد عبر رقصات تموجات، انفجار لكل الطاقات الجسدية والروحية يرفع المقام صوته بأغاني تذكر بالماضي البعيد.
- إن الليلة الكناوية بإيقاعاتها ومقاماتها الموسيقية وجذبتها تفريغ للطاقات الجنسية وتحريرها في نفس الوقت من اللعنة النفسية والخمول، إنها رياضة الجسد، حيث تتخذ الليلة الكناوية صيغة نزول أو هبوط متفاوت الإيقاع ومختلف الحركة ومتباين السرعة، نزول أو "درديبة" كما تسمى عند العارفين بأحوالها.
- يبدأ الطقس السحري باختلاج حاد يمتلك أطرافها كما لو كانت مصابة بالصرع فيفهم الحاضرون أن إحدى الملكات بدأت في الحلول في جسد الساحرة، فتزيد مساعدتها من البخور في المجامر كي لا ينقطع الدخان المحبب الرائحة لدى الملوك، في ملء الفضاء المسكون بروح الأسطورة ثم يقمن بتغطيتها بأثواب من مختلف الألوان: ثوب أسود، أصفر، أزرق إلى أن تهدأ الساحرة فيعرفن من خلال اللون الأخير هوية الملكة التي حلت في جسد الساحرة.
- وتبدأ العرافة الكناوية في «النطق» بنبؤاتها، فتنصح هذه بأن تلبس اللون الأحمر، لأن الملك الأحمر هو الذي يعاكس سعادتها وتنصح تلك الأخرى بأن تقيم حفل الحضرة على شرف الملكة «عيشة» أو «جميلة» إن هي أرادت أن تزوج ابنتها العانس أو أن تلد مولودا ذكراً ... الخ، ثم تنتهي عملية التنبؤ التي يعتقد في أن الملكة هي التي كانت توزعها بين الحاضرات على لسان العرافة.
وينتهي الحفل بذبح التيس أسود اللون قرباناً في ليلة الملوك، التيس الأسود وليس غيره من قرابين الدم الأخرى هو الذي ترضى بقبوله الملوك عن طائفة كناوة وقبل أن يُذبح يقوم المعاونون بتقديم الحليب للحيوان كي يشرب منه، ويرش بماء الورد قبل أن يقطع الجزار الكناوي حنجرته فتشرب العرافة من الدم الحار المنساب من القربان ومن ثم يغمس شيخ الطريقة الكناوية أصابع يده اليمنى ويطلي بالدم جبهتها ويحمل التيس المذبوح إلى بيت شيخ الطريقة الكناوية كي يطبخ في الصباح مع كسكس «مسوس» (بدون ملح)، وسيقدم فقط لحلقة ضيقة من المحظوظين والمحظوظات الذين سيناولون بركة الدردبة وطبعاً يطبخ القربان من غير ملح لأن الجن سيأكلون منه، إذ المعروف أن الجن لا تحب الملح في معتقد المغاربة وشعوب أخرى.
- وفي الساعات الأولى من الصباح تنسحب الملوك لمخابئها الأسطورية، وينسحب أتباع الطائفة طلباً للراحة بعد ليلة متعبة وينتظر الأوفر حظاً من بينهم أن يقاسموا ملوك الخفاء أكلة الكسكس، وفي ظنهم أنهم نالوا ما يكفي من الحماية من أذى عامة الجن بعد أن نالوا مباركة ملوكها السبعة."
كل هذه الطقوس مخالفة لكتاب الله ومنها :
الأول شرب الساحرة دم التيس وهو ما حرمه الله بقوله سبحانه:
" حرم عليكم الميتة والدم"
الثانى أكل أموال الناس بالباطل ممثل فى التيوس التى يتبرع بها المخدوعون والتى لا يأكلها إلا المخطوطون وهم دوما رئيس الطائفة والساحرة ومن يعملون فى الفرقة الموسيقية وأسرهم وفى هذا قال سبحانه :
" ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل "
وممثل فى الأموال التى يحصلون عليها لمعالجة المس الذى لا وجود له والأمراض
الثالث اختلاط الرجال بالنساء واكثار اطلاق البخور لتتم عمليات الجماع المحرمة بين المختلطين وهو زنى صريح
الرابع الإسراف الممثل فى شراء الملابس الغريبة والتى يحتكر بيعها رئيس الطائفة ومن معه ويبيعها بالطبع بأسعار تفوق الخيال وهو ما يتعارض مع قوله سبحانه :
" ولا تبذر تبذيرا"
الخامس تسمية مكان الاحتفال بالزريبة وهى تسمية صادقة لأن الرجال يركبون النساء للزنى كما يركب الذكور نسوة نوعه فى الزريبة ومن المؤكد أن رجال الفرقة ورأسهم يختارون نساء معينات لهم فى تلك الليلة والتى تكون ليلة سكر وعربدة فالبخور المنتشر يحتوى مواد مخدرة
وتناول الكاتب المعتقد الكناوى فى رموز ,الوان الجان حيث قال :
"ملوك الجن: رموز وألوان
تتجلى في الليلة الكناوية 7 ألوان موزعة على عشر مقامات أو "محلات"كمحلة الأبيض، الأسود، الأزرق، الأحمر، المبرقش، الأخضر، ثم الأبيض والأسود، و الأبيض و الأصفر حيث تتكرر بعض الألوان لكن داخل "محلات" مغايرة بفضائها الطقوسي وبنوع جذبتها، (النزول) يتم داخل ألوان سبعة رمز موقع السبع التي تقترن رمزيتها بالألوان السبعة لقوس قزح المنتظمة بين عالمين في شكل قنطرة أو جسر رمزي لعبور الكائنات السماوية نحو العالم الدنيوي والسفلي وتتمتع الأعداد الفردية في الثقافة الإسلامية سواء داخل النصوص الأساسية أو في الشروحات بنوع من القدسية: - الله وتر يحب الوتر- أسماءه 99 - الصلوات و الأركان 5 - السماوات7 ... الخ. المحلة الأولى لا تخصص لمناداة لاسم جن أو ملك أو إبرازه أو إظهاره، بل إنها تمهيد و تهيء بكل متطلبات التمهيد (بخور و إنشاد) (فاتحة المكان)، حيث يتمحور الكلام الطقوسي حول اسم الله المعظم و أسماء أولياءه الصالحين، ويمنح الهجهوج الليلة الكناوية نظاما مثلما يعكسها في صيغة طقس كامل مهمته الأساسية تحويل العدد إلى إيقاع، والإيقاع إلى لون واللون إلى ملك و الملك إلى اسم والاسم إلى جسد و الجسد إلى كتابة راقصة (جذبة).
- فمثل كل فاتحة قدسية تؤدي فاتحة الليلة الكناوية وظائف الوقاية لمن سيلج عالم الجذبة في المحلات القادمة، وتتوسط"المقدمة" أو (الطلاعة) الرحبة جلوساً و هي مكسوة بالأبيض مؤشرة بذلك على أن الجذبة ستكون جذبة أصحاب اللون الأبيض (محلة البويض) من ناحية، ومن ناحية أخرى على أن اللون المتوافق مع قدسية الفاتحة هو الأبيض.
- مع جذبة "المس" أو "التملك" تحضر محلة "الكوحل" (أصحاب اللون الأسود) بشكل فعلي ونقول بشكل فعلي لأن حضورها يبدأ داخل "فتيح الرحبة" فضمن هذه الأخيرة تتم المناداة على "بلال"رمز هذه المحلة الأكبر أو لنقل رمزها القدسي الديني وتعتبران (لالة ميمونة) و (سيدي ميمون) من أهم ملوك جذبة الكوحل بالرغم من أنهم ليسوا الملوك الوحيدين و يشتركان كونهما كائنين مختلطين.
بعد مرحلة "الكوحل" أو (الخدام الأربعة)، تستعد الرحبة لاستقبال محلة الزرق المميزة بلون السماء ولون البحر (السماويون والبحريون). ثم محلة الحمر (أولاد بلحمر) أو (أصحاب الكرنة) حيث تتم المناداة على الملوك الحمر مثل (سيدي حمو) و (حمودة)، يعتبر اللون الأحمر لون العنف الطقوسي، لذلك يرتبط حضوره بنشر وإسالة دم الأضحية سواء كانت قربانية (الهدايا القربانية) أو إبدالية (دم الفاعلين القربانية)، يقترن الملوك الحمر بالكرنة (مكان دبح الأضاحي) لدرجة ينعتون معها بأنهم (مالكين الكرنة) أصحابها وتتحول الرحبة إلى كرنة رمزية فالجذب يتم بخنجر أو كمية (سكين).
- بعد محلة "الحمر" يستمر النزول داخل الليلة الكناوية على أدراج محلات وألوان وملوك الخضر (أصحاب اللون الأخضر)، والزرق السماويون ثم "رجال الغابة" وهم صنف ضمن محلة اللون الأسود ليستقر مآل النزول عند محلة الملوك الإناث أو "العيالات" أو "البنات" المميزة بتربع اللون الأصفر على عرش محتلها.
- مع بروز ضوء النهار الصباحي تستقر "الدرديبة"، داخل محلة لالة ميرة (الأصفر)، وتحت ظلها يحظر ملوك أنثويين عديدين مثل (لالة مليكة) المعروفة بلونها القوقي (البنفسجي) و (لالة رقية) بلونها الأحمر، و (لالة عيشة) بلونها الأسود، و (لالة مريم/الشلحة) ولالة فاطمة.
الملكة "ميرة "
إن (الملكة ميرة) في معتقد العامة جنية من الملوك تصيب النساء بلوثة الغيرة والحسد، وبشكل خاص منهن الشابات المتزوجات حديثاً، واللواتي يغيظها جمالهن ولذلك فإن المرأة الجميلة التي لا تشعر بنفسها على ما يرام تعتبر أن أذى (ميرة) أصابها وتشجعها على الاعتقاد في ذلك (الشوافة) أو (الطلاعة) أو (العرافة) الكناوية في (ليلة الدردبة) وجميعها أسماء للساحرة الكناوية بحسب المناطق المغربية. ولا تعتبر الموسيقى التي تعزف في ليلة الدربة مجرد إيقاعات راقصة قوية كما قد يبدو لغير العارف بخبايا (كناوة) بل إن المقاطع الراقصة تتوزع وفق نسق يجعل الفرقة الكناوية تعزف تباعاً الإيقاعات الخاصة بملوك الجن السبعة الذين يقدسهم أفراد الطائفة، بحيث يستطيع الممسوسون من الجن أن يجدوا ضالتهم في أحدها، فإذا كانت إحداهن ممسوسة بأذى (الملكة ميرة) مثلاً، فان الفرقة ما أن تعزف لحن تلك الملكة حتى تنهض الممسوسة كما لو أنها مدفوعة من قوى خفية فتشرع في إطلاق ضحكات هستيرية مخيفة ثم تبدأ في الجذب المحموم مع الصراخ والتمرغ على الأرض وتطلب من المحيطين بها أن يعطوها «قاقة» التي تعني في لغة الأطفال الحلوى، فيسرعون مناولتها شيئاً حلواً، لان الملكة هي التي طلبت الحلوى (كما يعتقد) وبعد أن تسقط الممسوسة وهي تتلوى تسارع إليها معاونات العرافة لرمي غطاء من الثوب فوق جسمها المطروح أرضاً وينبغي أن يكون الثوب من اللون المفضل للملكة التي تكون آنذاك بين الحضور (بحسب المعتقد).
بذل الأضاحي لـ ميرة
ثمة مناسبات في يومية الطائفة تستغل لإستحضار الأرواح العليا لغرض توسل تدخلها لقضاء بعض المطالب ذات الطابع السحري، فخلال عيد الأضحى الذي يسميه المغاربة «العيد الكبير»، يعتقد كناوة في أن لدم أضحية العيد خصائص سحرية تجعلها قرباناً مقبولاً من (الملوك)، وتستغل الشوافة الكناوية (قارئة الحظ) المناسبة لأجل التقرب من ملكة الجن (لالة ميرة) كي تمنحها القدرة السحرية على النظر في عالم الغيب، فالجن بحسب المعتقد يطلعون على محتوى اللوح المحفوظ الذي دونت فيه مصائر البشر، وتقوم عملية التقرب من ملكة الجن على مجموعة من الطقوس فيتم تبخير مكان الذبح بالبخور السبعة التي تروق روائحها للملوك، ويعد طبق من عناصر سحرية متنوعة (مواد غذائية، حناء، ماء الورد، .. الخ) فبسحب اعتقادهم يقبل الملوك على أكلها بنهم، وبمجرد ذبح خروف العيد يقدم قليل منه حاراً للـ "شوافة" كي تشرب منه، ويمرر أحد شيوخ الطريقة الكناوية الدمع على جبهتها وهم جلوس."
وهذه الطقوس هى الأخرى مخالفة للٌسلام وهى :
الأول الاعتقاد فى قدرة الجن على غير ما يقدرون عليه من شفاء المرضى وغيره والشافى فى الإسلام هو الله عن طريق الأخذ بالأسباب ممثلى فى الطب كما قال إبراهيم (ص) :
"وإذا مرضت فهو يشفين"
الثانى الاعتقاد فى علم الجن بالغيب وهو ما بينه الله أنهم لا يعلمون الغيب من هلال قصة موت سليمان(ص) حيث قال :
" فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين"
الثالث شرب الدم المحرم كما قال سبحان :
حرمت عليكم الميتة والدم"
الرابع العمل على تخدير النساء وتغطيتهن وأخذهن لمكان اغتصاب رئيسهم ورجاله لتلك النساء المخدرات خارج الزريبة أو مكان الطقس وهو ما يعارض حرمة اشاعة الفاحشة كما قال سبحانه :
" إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة"
الخامس النصب باستحضار الأرواح والتى لا يمكن أن ترجع للدنيا الأرضية كما قال سبحانه :
" وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون"
الكاتب هو كمال غزال وموضوع البحث هو أن إحدى القبائل المغربية وهى كناوة تعتبر قبيلة غامضة حيث يشتهرون بممارسة السحر وممارسة عادات طقسية معينة مرتبطة بالجن وهو قوله حيث قال :
"تعتبر (كناوة) طائفة لها أهميتها الخاصة في المغرب من حيث ارتباطها بالمعتقدات السحرية ولممارسة أتباعها طقوس روحية احتفالية خلال مناسبات سنوية، و رغم أن المغرب يضم طوائف أخرى مثل عيساوة، وحمادشة، إلا أن تلك الطائفة تبقى الأهم من حيث عدد أتباعها المنتشرون بالآلاف عبر مدن وقرى المغرب، وتتميز طائفة كناوة بطقوس يمتزج فيها الإرث المحلي الصوفي مع ثقافة الزنوج لها علاقة وطيدة مع عالم الغيبيات والأرواح والجن وتأخذ طابعاً يمزج بين التراتيل الدينية التي تمتدح الله والرسول وبين الطقوس والتراتيل الخفية، والبعض يعتقد أنها طائفة ستظل رغم كل ما قيل وكتب عنها على مستوى كبير من الغموض."
وتناول تاريخ القبيلة المعروف حيث قال :
"نبذة تاريخية
ينحدر أتباع (كناوة) الحقيقيون في المغرب من سلالة العبيد الذين تم جلبهم خلال العصر الذهبي للإمبراطورية المغربية في أواخر القرن 16 الميلادي من (السوداء الغربية) التي كانت تسمى آنذاك السودان الغربي وتسمى حالياً دولة مالي على وجه خاص.
ويقول عالم الاجتماع الفرنسي (إميل درمنغن): " إن الوضعية القاسية لزنوج الشمال هي التي شجعت على ظهور زوايا خاصة بهم للحفاظ على طقوسهم السودانية الأصول (السودان الغربي الذي يعني دول الساحل الإفريقي الحالية)، واستمرار الأنشطة الطقوسية لتلك الزوايا هو الذي شجع على الحفاظ على الوعي العرقي بين الزنوج والتعاضد المتبادل بينهم ".لقد حمل العبيد الذين سيقوا إلى الشمال الإفريقي (إلى المغرب والجزائر خصوصاً) معتقداتهم الوثنية في آلهتهم وفي الأرواح البدائية التي لم تلبث أن امتزجت بغيرها من المعتقدات المحلية العربية الإسلامية والبربرية في مفهوم الجن بغية إبعاد كل شبهة قد تحوم بمعتقداتهم والتي قد تحسبهم خارج الملة الإسلامية لذلك انتسب كناوة (روحياً على الأقل) إلى واحد من أوائل معتنقي الدين الإسلامي وهو بلال الذي كان زنجياً مثلهم.
ورغم ممارستهم لطقوس غريبة فإن أتباع الطائفة الكناوية لا يعتبرون أنفسهم خارجين عن تعاليم الدين الحنيف بل إنهم على العكس من ذلك تماماً يبدأون طقوسهم ويختمونها بالصلاة على النبي وذكر الله في كل تراتيلهم. مع أن رجال الدين يعتبرونها "طائفة الشيطان"."
ومن الفقرة السابقة نجد أن الطائفة تنتمى للإسلام فى الظاهر ولكن الفقهاء يعتبرونهم كفرة بسبب طقوسهم المخالفة للإسلام
وتناول مرجه اسمهم وأنه غينيا أو كينيا حيث قال :
" ينطق حرف الكاف في كلمة (كناوة) في المغرب كما ينطق حرف الجيم في اللهجة المصرية المصري أي Gnawa و تسمية كناوة هي تحريف لحق بالاسم الأصلي الذي كان وهو (كينيا) أو (غينيا) التي تقع على الحدود الجنوبية لدولة مالي، أو عبيد غينيا كما كانوا دائماً يسمون قبل اندماجهم التام في المجتمع المغربي"
وتناول أنهم صنعوا طريقة صوفية تسمى الكناوية منتشرة فى نواحى مختلفة من المغرب حيث قال :
"وما تزال " الطريقة الكناوية " متواجدة في العديد من المدن والقرى المغربية، حتى اليوم خصوصاً في مدن مراكش و الصويرة و الرباط و مكناس وهي طقوس تمارس في إطار مغلق وترجع أصولها إلى بقايا من المعتقدات الوثنية الإفريقية التي تعبد الأرواح والبربرية التي امتزجت فيما بعد مع المعتقدات الإسلامية التي قدمت مع الفتوحات العربية لشمال إفريقيا."
وتناول مركزهم الرئيسى وهو بلدة الصويرة بالمغرب حيث يتواجد ضريح بلال وبلال ليس بن رباح ولكنه رجل مجهول يعتبرونه الأب الروحى للقبيلة
يقول الكاتب :
"وتحظى مدينة (الصويرة) بمقام المدينة الروحية للطائفة داخل المغرب، فقد كانت الميناء البحري منذ القرن 17 ومركزاً تجارياً مهما يطل على المحيط الأطلسي ونقطة تبادل تجاري مع (تمبكوتو) عاصمة السوداء المسلمة آنذاك وعاصمة مملكة قديمة في أرض (مالي)، ومنها كان يفد العبيد مع الذهب إلى المغرب.
ضريح بلال
يعتبر ضريح "سيدي بلال" الموجود غرب مدينة الصويرة المرجع الأعلى، ومقام (الأب الروحي) لـ كناوة، وداخل ضريح ذلك الولي الذي يحسب في عداد الأولياء مجهولي النسب والسيرة في المغرب، توجد زاوية تحتضن في 20 من شهر شعبان الهجري موسماً سنوياً للطائفة الكناوية وسط طقوس غريبة يتخللها الرقص الهائج المحموم لزمرة الأتباع القادمين من كل مكان داخل وخارج المغرب، وفي الجزائر أيضاً هناك ديوان (سيدي بلال) الذي يعد قبلة الطائفة هناك، وعلى إيقاع الموسيقى القوية والحارة للمجموعات المنتسبة إلي الطائفة، تخرج نخبة من الإتباع في جولات بين المدن لجمع الهبات والصدقات للزاوية بلباسها الفلكلوري المميز ذي الألوان الحية، خصوصاً الحمراء والزرقاء."
وتناول الكاتب طقس خاص بشهر شعبان له علاقة بالجن حيث قال :
"ليلة النصف من شعبان
إن اختيار شهر شعبان له علاقة بالاعتقاد في الجن الذي يشكل أساس طقوس ومعتقدات كناوة، فحسب المعتقد تتحدد مصائر الناس للعام الذي يلي ليلة منتصف شهر شعبان من كل عام إذ يلعب الجن دوراً مهماً (بحسب المعتقد) في تحديد مصائر البشر، ولذلك ينبغي التوسل من ملوكهم (ملوك الجن) لأجل تحقيق أمنيات العلاج وزوال الفأل السيء والنجاح في الأعمال وغيرها من الأغراض قبل أن يسجن الجن جميعهم طيلة النصف الثاني من شعبان، فكائنات الخفاء محكوم عليها (بحسب المعتقد) أن تقضي الفترة التي تسبق شهر الصيام محبوسة في معازلها الأسطورية ولن تعانق حريتها من جديد إلا في ليلة القدر."
والخرافات فى الكلام السابقة ههى :
ألأول أن الجن يتحكمون فى مصائر البشر وهو ما يخالف أن البشر والجن مخيرون كل منهم متحكم فى مصيرة كما قال سبحانه :
" فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر "
الثانى تصفيد الجن فى نصف شعبان الثانى ورمضان حتى ليلة القدر وهو كلام يتعارض مع ارتكاب المنتمين للإسلام الذنوب فى تلك المدة بدليل مثل :
أن المسلمين فى عهد الرسول كانوا يحسبون أنهم يخونون أنفسهم بجماع زوجاتهم فى الليل كما قال سبحانه :
"أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم"
وتناول الكاتب اشتهار القبيلة بموسيقاها حتى أن الدولة المغربية أقامت لهم مهرجان امعانا فى مخالفة الكل لحكم الله حيث قال:
"الحفل الطقسي
إن شهرة أتباع (كناوة) كموسيقيين تجاوزت الحدود المغربية، لتعانق العالمية منذ شرع في تنظيم مهرجان سنوي لـ (كناوة وموسيقى العالم) في مدينة الصويرة في شهر يونيو والسر يكمن في أنها ليست مجرد موسيقى عادية، بل هي موسيقى ذات إيقاعات قوية محملة بثقل الأساطير والمعتقدات الموغلة في القدم، ومشحونة بالإرث الحضاري الإفريقي والبربري والعربي. إنها تراث موسيقي يناجي الأرواح الخفية ويغازلها، سليل عذابات الزنوج العبيد في دهور القهر البائدة، ويُتوسل بالإيقاعات والألوان والقرابين وإحراق البخور وكل الوسائط الخفية الأخرى لكي تعالج الممسوسين بالجن وتعرف بأدوات خاصة، وهي الكنبري أو السنتير وهي عبارة عن آلة وترية من ثلاثة حبال تصنع من معي المعاز، والكنكة (الطبل)، والغيطة (المزمار) ثم القراقش أو القراقب (صنوج حديدية).
- والعزف الكناوي له هندامه الخاص، كما طقوسه المرافقة التي من دون توافرها لا يكون الحفل الطقوسي مكتمل الشروط والمقاصد، ومن أهم الشروط التي تتم مراعاتها احترام الألوان الخاصة بـ (الملوك)، أي ملوك الجان الذين يؤمن بهم كناوة وخصوصاً اللونين الأحمر والأزرق حتى لا يغضبوا ملوك الخفاء فيتحول الحفل الطقوسي مدعاة لانتقامهم الرهيب، فإغضاب (لالة ميرة) مثلاً التي تحسب في عداد (ملوكهم) المقدسين، يكون مدعاة للإصابة بالارتعاش والشحوب والجنون بحسب معتقداتهم."
بالطبع الموسيقى هى مجرد أصوات لا معنى لها ولكنها تكتسب المعانى من الكلمات التى تغنى معها أو من خلال ما يجرى معها من طقوس ومن ثم تظل الحرمة فى الصوت الموسيقى مرتبطة أولا فى كونه مزعج أو لا فالمزعج محرم وأما فى المرتبط به من كلمات فالكلام الحلال حلال والكلام الحرام حرام وأما الطقوس فغالبها محرم إن لم يكن كلها محرمة لأنها عبادة للجن
وتناول الكاتب الدردبة وهى طقوس الليلة الكناوية حيث قال :
الدردبة:
الليلة الكناويةالدردبة (الليلة بشكل مختصر) هي أهم طقوس كناوة على الإطلاق وهو الحفل الذي يقام على شرف بعض ملوك وملكات الجن حيث يحظى بعضاً منهم بالتقديس من قبل أتباع طائفة كناوة مثل سيدي شمهاروش، لالة ملكية، لالة ميرة، لالة جميلة، سيدس حمو، سيدي ميمون وتمثل الدردبة أيضاً قمة الاحتفال بجلالة ملوك الجن البيض أو كما يحلو للمغاربة أن يسميهم " مّالين لمكان "، وبحسب علماء الانثربولوجيا فان للدردبة شبها بـ حفلات الزار في مصر وببعض الاحتفالات الطقوسية لدى الفودو في البرازيل وجزر الانتيل بأميركا اللاتينية، ويجري تنظيم (الدردبة) داخل الدور السكنية الخاصة لبعض أعضاء الطائفة في مواعيد سنوية محددة غالباً ما تكون خلال النصف الثاني من شهر شعبان أو في أوقات أخرى من الأشهر القمرية، وتستخدم الليلة الكناوية عادة لأغراض استشفائية (أعراض المس مثلاً) أو احتفالاً بمناسبة دينية كـ "شهر شعبان المقدس".
مراحل الدردبة
تمر (الليلة) بـ 3 مراحل:
1 - مرحلة الطواف بالأضحية (القربان)
تنطلق ليلة الدردبة بعد منتصف الليل بتنسيق بين معلم كناوي يكون مصحوباً بفرقته و (شوافة كناوية) ومساعدتها، تسمى لدى الشوافة لدى كناوة الجزائريين (التي تأتي الكلام)، وغالباً ما تكون الأضحية عبارة عن تيس أسود وتسمى هذه المرحلة (العدة) وخلال الطواف بالقربان تنطلق الليلة على إيقاع دقات الطبول وأنغام المزامير والقراقب، ويبدو دور المعلم ضابطاً لإيقاع الحفل حيث يأتمر العازفون بتوجيهاته ويقومون خلال المرحلة الأولى باستعراض مهارتهم في الرقص الإيقاعي والحركات البهلوانية، فيبدون وكأن قوى خفية تحركهم. وتكون هذه المرحلة مفتوحة أي يسمح خلالها بالحضور لغير المنتسبين إلى الطريقة الكناوية.
وتبدأ هذه المرحلة كإعلان عام عن الشروع في إقامة الليلة حيث يطوف خلاله كناوة، في فترة بعد الزوال بمختلف الأزقة و الشوارع والساحات مرتدين "طاقيات" و"فوقيات" مختلفة الألوان مزدانة بالأصداف، مغتنمين الفرصة للرقص على إيقاعات دقات الطبول و"القراقب" حتى تحل فترة "الكويو" (أولاد بامبارا) وهي تعني في العرف الكناوي البدء في الحفل الرسمي لليلة الكناوية، حيث يستغنى فيها عن آلة الطبل لتعوض بـ "الكنبري أو الهجهوج"، ليشرع "المعلم" الذي عليه أن يكون ملما بجميع مراحل الليلة، بالعزف عليه يقوم أثناءه كناوة برقصات انفرادية باستثناء "وجبتين" يقوم فيها 4 كناويين برقص جماعي.
2 - مرحلة التصعيد الإيقاعي
في هذه المرحلة يأخذ الإيقاع في التصاعد تدريجياً، ويغادر الغرباء الفضوليون الحفل الطقسي ليتركوه لأهله فالمرحلة التالية سوف تشهد دخول كناوة في علاقة حميمة مع «ملوكهم» وقد يكون حضورهم خطراً عليهم بحسب ما يقولون، تكون هذه المرحلة تمهيداً للهياج الجماعي لحضور (الملوك) وهي مغلقة إذ لا يسمح خلالها بالحضور إلا لأتباع الطائفة.
وتسمى الطقس في هذه المرحلة بـ "النقشة" وتوظف فيه آلة "القراقب" إلى جانب الهجهوج ويكون فيه الرقص جماعياً، بعد (الكويو) وبعد استراحة لبضع دقائق تدخل الليلة الكناوية مرحلة (فتوح الرحبة) يعمل فيها كناوة على توضيب المكان الذي ستجري فيه المرحلة الأخيرة من الليلة لإضفاء طابع القدسية عليه، حيث يتم وضع (طبق) أمام المعلم تحتوي على مختلف أنواع البخور والأقمشة ذات الألوان المختلفة كل لون منها يرمز إلى "ملك" من (الملوك) وتصحب عملية التحضير أذكار وانشادات ذات دلالة ومعاني متعددة، ليتم الدخول مباشرة إلى القسم الأخير والأساسي من الاحتفال الكناوي والمسمى بـ "الملوك"، وهم في معجم كناوة (رجال الله) أي رجال ربانيون مؤمنون.
3 - حضور الملوك هي المرحلة الحاسمة في الليلة، يكون خلالها الهياج الجماعي قد بلغ أوجه، وتكون خلالها الملوك قد نزلت بين المحتفلين بها، يحدث ذلك عندما يصل إيقاع الحفل أوجه، وتعزف فرقة كناوة موسيقى الملوك، يبدأ الرقص الطقوسي طريق الصعود نحو مرحلة الهياج التي ستتوج، والحفل بـ «نزول الملوك» بين الراقصين، تكون البخور السبعة أطلقت سحائب شفافة من دخان له رائحة نفاذة وزكية ويشرع بعض أتباع (المعلم) في الطواف بين الراقصين برايات تحمل الألوان السبعة لـ (الملوك) من اجل دعوتها النزول بين المحتفلين بها وأثناء ذلك، يأتي الدور على العرافة التي يفترض أنها اقرب الحضور القوى الخفية المدعوة النزول.
ويرتدي المريدون في هذا الطقس لباساً ذا لون خاص يرمز إلى "ملك" خاص كاللون الأبيض الذي يرمز إلى "ملك" عبد القادر الجيلالي، والأحمر إلى سيدي حمو، والأسود إلى ميمونة، والأصفر إلى الأميرة، والأزرق إلى سيدي موسى كل ذلك استعدادا لدخول مرحلة الجذبة التي تكون مصحوبة بإيقاع صاخب ناتج عن آلات "القراقب" و "الهجهوج" و "الرش" (أي التصفيق بالأيدي).
تصل الأمور ببعض المريدين أثناءها إلى حد فقدان الوعي أو ضرب ذواتهم بأدوات حادة أو المشي فوق شظايا الزجاج .. وهو ما يعني أن (الجذاب) أو (الجذابة) وصل إلى أقصى درجات الانسجام والاندماج مع الإيقاع ومع الألوان وبالتالي دخل في عالم هو غير عالمه الحقيقي.
ويخضع المريد والتابع لشروط ولوج المحفل الكناوي منها:
- قبل الدخول إلى الفضاء الكناوي يشترط في المريد إزالة الحذاء ووضعه في مكان بعيد عن مكان "الزريبة"، التي قد تكون زاوية أو فيلا أو دار شعبية وذلك تفاديا لتلويث المكان مما علق بالحذاء.
- أن يجهر المريد بالتسليم لرجال الله وهو يقول: (التسليم لرجال الله، التسليم ليكم، التسليم، التسليم).
- يلزم على المريد تحية جميع الحاضرين في "الزريبة" فرداً فرداً أو جماعة بالتلويح بيده ومقامات الجذبة متعددة تبلغ أقصاها في مقام "عيشة قنديشة" والتي يجب تخليص الروح والجسد من شرها الأسود تحضر المرأة إلى جانب الرجل والجسد في الليلة الكناوية في الانجذاب الأقصى للروح الإنسانية اتجاه مجاهلها، تنجذب الروح للتخلص من الشرور والألم يحضر الجسد عبر رقصات تموجات، انفجار لكل الطاقات الجسدية والروحية يرفع المقام صوته بأغاني تذكر بالماضي البعيد.
- إن الليلة الكناوية بإيقاعاتها ومقاماتها الموسيقية وجذبتها تفريغ للطاقات الجنسية وتحريرها في نفس الوقت من اللعنة النفسية والخمول، إنها رياضة الجسد، حيث تتخذ الليلة الكناوية صيغة نزول أو هبوط متفاوت الإيقاع ومختلف الحركة ومتباين السرعة، نزول أو "درديبة" كما تسمى عند العارفين بأحوالها.
- يبدأ الطقس السحري باختلاج حاد يمتلك أطرافها كما لو كانت مصابة بالصرع فيفهم الحاضرون أن إحدى الملكات بدأت في الحلول في جسد الساحرة، فتزيد مساعدتها من البخور في المجامر كي لا ينقطع الدخان المحبب الرائحة لدى الملوك، في ملء الفضاء المسكون بروح الأسطورة ثم يقمن بتغطيتها بأثواب من مختلف الألوان: ثوب أسود، أصفر، أزرق إلى أن تهدأ الساحرة فيعرفن من خلال اللون الأخير هوية الملكة التي حلت في جسد الساحرة.
- وتبدأ العرافة الكناوية في «النطق» بنبؤاتها، فتنصح هذه بأن تلبس اللون الأحمر، لأن الملك الأحمر هو الذي يعاكس سعادتها وتنصح تلك الأخرى بأن تقيم حفل الحضرة على شرف الملكة «عيشة» أو «جميلة» إن هي أرادت أن تزوج ابنتها العانس أو أن تلد مولودا ذكراً ... الخ، ثم تنتهي عملية التنبؤ التي يعتقد في أن الملكة هي التي كانت توزعها بين الحاضرات على لسان العرافة.
وينتهي الحفل بذبح التيس أسود اللون قرباناً في ليلة الملوك، التيس الأسود وليس غيره من قرابين الدم الأخرى هو الذي ترضى بقبوله الملوك عن طائفة كناوة وقبل أن يُذبح يقوم المعاونون بتقديم الحليب للحيوان كي يشرب منه، ويرش بماء الورد قبل أن يقطع الجزار الكناوي حنجرته فتشرب العرافة من الدم الحار المنساب من القربان ومن ثم يغمس شيخ الطريقة الكناوية أصابع يده اليمنى ويطلي بالدم جبهتها ويحمل التيس المذبوح إلى بيت شيخ الطريقة الكناوية كي يطبخ في الصباح مع كسكس «مسوس» (بدون ملح)، وسيقدم فقط لحلقة ضيقة من المحظوظين والمحظوظات الذين سيناولون بركة الدردبة وطبعاً يطبخ القربان من غير ملح لأن الجن سيأكلون منه، إذ المعروف أن الجن لا تحب الملح في معتقد المغاربة وشعوب أخرى.
- وفي الساعات الأولى من الصباح تنسحب الملوك لمخابئها الأسطورية، وينسحب أتباع الطائفة طلباً للراحة بعد ليلة متعبة وينتظر الأوفر حظاً من بينهم أن يقاسموا ملوك الخفاء أكلة الكسكس، وفي ظنهم أنهم نالوا ما يكفي من الحماية من أذى عامة الجن بعد أن نالوا مباركة ملوكها السبعة."
كل هذه الطقوس مخالفة لكتاب الله ومنها :
الأول شرب الساحرة دم التيس وهو ما حرمه الله بقوله سبحانه:
" حرم عليكم الميتة والدم"
الثانى أكل أموال الناس بالباطل ممثل فى التيوس التى يتبرع بها المخدوعون والتى لا يأكلها إلا المخطوطون وهم دوما رئيس الطائفة والساحرة ومن يعملون فى الفرقة الموسيقية وأسرهم وفى هذا قال سبحانه :
" ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل "
وممثل فى الأموال التى يحصلون عليها لمعالجة المس الذى لا وجود له والأمراض
الثالث اختلاط الرجال بالنساء واكثار اطلاق البخور لتتم عمليات الجماع المحرمة بين المختلطين وهو زنى صريح
الرابع الإسراف الممثل فى شراء الملابس الغريبة والتى يحتكر بيعها رئيس الطائفة ومن معه ويبيعها بالطبع بأسعار تفوق الخيال وهو ما يتعارض مع قوله سبحانه :
" ولا تبذر تبذيرا"
الخامس تسمية مكان الاحتفال بالزريبة وهى تسمية صادقة لأن الرجال يركبون النساء للزنى كما يركب الذكور نسوة نوعه فى الزريبة ومن المؤكد أن رجال الفرقة ورأسهم يختارون نساء معينات لهم فى تلك الليلة والتى تكون ليلة سكر وعربدة فالبخور المنتشر يحتوى مواد مخدرة
وتناول الكاتب المعتقد الكناوى فى رموز ,الوان الجان حيث قال :
"ملوك الجن: رموز وألوان
تتجلى في الليلة الكناوية 7 ألوان موزعة على عشر مقامات أو "محلات"كمحلة الأبيض، الأسود، الأزرق، الأحمر، المبرقش، الأخضر، ثم الأبيض والأسود، و الأبيض و الأصفر حيث تتكرر بعض الألوان لكن داخل "محلات" مغايرة بفضائها الطقوسي وبنوع جذبتها، (النزول) يتم داخل ألوان سبعة رمز موقع السبع التي تقترن رمزيتها بالألوان السبعة لقوس قزح المنتظمة بين عالمين في شكل قنطرة أو جسر رمزي لعبور الكائنات السماوية نحو العالم الدنيوي والسفلي وتتمتع الأعداد الفردية في الثقافة الإسلامية سواء داخل النصوص الأساسية أو في الشروحات بنوع من القدسية: - الله وتر يحب الوتر- أسماءه 99 - الصلوات و الأركان 5 - السماوات7 ... الخ. المحلة الأولى لا تخصص لمناداة لاسم جن أو ملك أو إبرازه أو إظهاره، بل إنها تمهيد و تهيء بكل متطلبات التمهيد (بخور و إنشاد) (فاتحة المكان)، حيث يتمحور الكلام الطقوسي حول اسم الله المعظم و أسماء أولياءه الصالحين، ويمنح الهجهوج الليلة الكناوية نظاما مثلما يعكسها في صيغة طقس كامل مهمته الأساسية تحويل العدد إلى إيقاع، والإيقاع إلى لون واللون إلى ملك و الملك إلى اسم والاسم إلى جسد و الجسد إلى كتابة راقصة (جذبة).
- فمثل كل فاتحة قدسية تؤدي فاتحة الليلة الكناوية وظائف الوقاية لمن سيلج عالم الجذبة في المحلات القادمة، وتتوسط"المقدمة" أو (الطلاعة) الرحبة جلوساً و هي مكسوة بالأبيض مؤشرة بذلك على أن الجذبة ستكون جذبة أصحاب اللون الأبيض (محلة البويض) من ناحية، ومن ناحية أخرى على أن اللون المتوافق مع قدسية الفاتحة هو الأبيض.
- مع جذبة "المس" أو "التملك" تحضر محلة "الكوحل" (أصحاب اللون الأسود) بشكل فعلي ونقول بشكل فعلي لأن حضورها يبدأ داخل "فتيح الرحبة" فضمن هذه الأخيرة تتم المناداة على "بلال"رمز هذه المحلة الأكبر أو لنقل رمزها القدسي الديني وتعتبران (لالة ميمونة) و (سيدي ميمون) من أهم ملوك جذبة الكوحل بالرغم من أنهم ليسوا الملوك الوحيدين و يشتركان كونهما كائنين مختلطين.
بعد مرحلة "الكوحل" أو (الخدام الأربعة)، تستعد الرحبة لاستقبال محلة الزرق المميزة بلون السماء ولون البحر (السماويون والبحريون). ثم محلة الحمر (أولاد بلحمر) أو (أصحاب الكرنة) حيث تتم المناداة على الملوك الحمر مثل (سيدي حمو) و (حمودة)، يعتبر اللون الأحمر لون العنف الطقوسي، لذلك يرتبط حضوره بنشر وإسالة دم الأضحية سواء كانت قربانية (الهدايا القربانية) أو إبدالية (دم الفاعلين القربانية)، يقترن الملوك الحمر بالكرنة (مكان دبح الأضاحي) لدرجة ينعتون معها بأنهم (مالكين الكرنة) أصحابها وتتحول الرحبة إلى كرنة رمزية فالجذب يتم بخنجر أو كمية (سكين).
- بعد محلة "الحمر" يستمر النزول داخل الليلة الكناوية على أدراج محلات وألوان وملوك الخضر (أصحاب اللون الأخضر)، والزرق السماويون ثم "رجال الغابة" وهم صنف ضمن محلة اللون الأسود ليستقر مآل النزول عند محلة الملوك الإناث أو "العيالات" أو "البنات" المميزة بتربع اللون الأصفر على عرش محتلها.
- مع بروز ضوء النهار الصباحي تستقر "الدرديبة"، داخل محلة لالة ميرة (الأصفر)، وتحت ظلها يحظر ملوك أنثويين عديدين مثل (لالة مليكة) المعروفة بلونها القوقي (البنفسجي) و (لالة رقية) بلونها الأحمر، و (لالة عيشة) بلونها الأسود، و (لالة مريم/الشلحة) ولالة فاطمة.
الملكة "ميرة "
إن (الملكة ميرة) في معتقد العامة جنية من الملوك تصيب النساء بلوثة الغيرة والحسد، وبشكل خاص منهن الشابات المتزوجات حديثاً، واللواتي يغيظها جمالهن ولذلك فإن المرأة الجميلة التي لا تشعر بنفسها على ما يرام تعتبر أن أذى (ميرة) أصابها وتشجعها على الاعتقاد في ذلك (الشوافة) أو (الطلاعة) أو (العرافة) الكناوية في (ليلة الدردبة) وجميعها أسماء للساحرة الكناوية بحسب المناطق المغربية. ولا تعتبر الموسيقى التي تعزف في ليلة الدربة مجرد إيقاعات راقصة قوية كما قد يبدو لغير العارف بخبايا (كناوة) بل إن المقاطع الراقصة تتوزع وفق نسق يجعل الفرقة الكناوية تعزف تباعاً الإيقاعات الخاصة بملوك الجن السبعة الذين يقدسهم أفراد الطائفة، بحيث يستطيع الممسوسون من الجن أن يجدوا ضالتهم في أحدها، فإذا كانت إحداهن ممسوسة بأذى (الملكة ميرة) مثلاً، فان الفرقة ما أن تعزف لحن تلك الملكة حتى تنهض الممسوسة كما لو أنها مدفوعة من قوى خفية فتشرع في إطلاق ضحكات هستيرية مخيفة ثم تبدأ في الجذب المحموم مع الصراخ والتمرغ على الأرض وتطلب من المحيطين بها أن يعطوها «قاقة» التي تعني في لغة الأطفال الحلوى، فيسرعون مناولتها شيئاً حلواً، لان الملكة هي التي طلبت الحلوى (كما يعتقد) وبعد أن تسقط الممسوسة وهي تتلوى تسارع إليها معاونات العرافة لرمي غطاء من الثوب فوق جسمها المطروح أرضاً وينبغي أن يكون الثوب من اللون المفضل للملكة التي تكون آنذاك بين الحضور (بحسب المعتقد).
بذل الأضاحي لـ ميرة
ثمة مناسبات في يومية الطائفة تستغل لإستحضار الأرواح العليا لغرض توسل تدخلها لقضاء بعض المطالب ذات الطابع السحري، فخلال عيد الأضحى الذي يسميه المغاربة «العيد الكبير»، يعتقد كناوة في أن لدم أضحية العيد خصائص سحرية تجعلها قرباناً مقبولاً من (الملوك)، وتستغل الشوافة الكناوية (قارئة الحظ) المناسبة لأجل التقرب من ملكة الجن (لالة ميرة) كي تمنحها القدرة السحرية على النظر في عالم الغيب، فالجن بحسب المعتقد يطلعون على محتوى اللوح المحفوظ الذي دونت فيه مصائر البشر، وتقوم عملية التقرب من ملكة الجن على مجموعة من الطقوس فيتم تبخير مكان الذبح بالبخور السبعة التي تروق روائحها للملوك، ويعد طبق من عناصر سحرية متنوعة (مواد غذائية، حناء، ماء الورد، .. الخ) فبسحب اعتقادهم يقبل الملوك على أكلها بنهم، وبمجرد ذبح خروف العيد يقدم قليل منه حاراً للـ "شوافة" كي تشرب منه، ويمرر أحد شيوخ الطريقة الكناوية الدمع على جبهتها وهم جلوس."
وهذه الطقوس هى الأخرى مخالفة للٌسلام وهى :
الأول الاعتقاد فى قدرة الجن على غير ما يقدرون عليه من شفاء المرضى وغيره والشافى فى الإسلام هو الله عن طريق الأخذ بالأسباب ممثلى فى الطب كما قال إبراهيم (ص) :
"وإذا مرضت فهو يشفين"
الثانى الاعتقاد فى علم الجن بالغيب وهو ما بينه الله أنهم لا يعلمون الغيب من هلال قصة موت سليمان(ص) حيث قال :
" فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين"
الثالث شرب الدم المحرم كما قال سبحان :
حرمت عليكم الميتة والدم"
الرابع العمل على تخدير النساء وتغطيتهن وأخذهن لمكان اغتصاب رئيسهم ورجاله لتلك النساء المخدرات خارج الزريبة أو مكان الطقس وهو ما يعارض حرمة اشاعة الفاحشة كما قال سبحانه :
" إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة"
الخامس النصب باستحضار الأرواح والتى لا يمكن أن ترجع للدنيا الأرضية كما قال سبحانه :
" وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون"