حكاية ناي ♔
01-08-2024, 08:53 AM
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنْ الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمْ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنفال: 70].
قال أبو جعفر في تفسيره: "يقول تعالى ذكره لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-: يا أيها النبي قل لمن في يديك، وفي يدي أصحابك من أسرى المشركين الذين أخذ منهم من الفداء ما أُخذ: ﴿ إنْ يَعْلَمْ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ ﴾ يقول: إن يعلم الله في قلوبكم إسلاماً يؤتكم خيراً مما أخذ منكم من الفداء ﴿ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾ يقول: ويصفح لكم عن عقوبة جرمكم الذي اجترمتموه، بقتالكم نبي الله وأصحابه، وكفركم بالله، ﴿ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾: لذنوب عباده إذا تابوا، رحيم بهم أن يعاقبهم عليها بعد التوبة.
وذكر ابن جرير أن العباس بن عبدالمطلب كان يقول: فيَّ نزلت هذه الآية[1].
روى البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك: أن رجالاً من الأنصار استأذنوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: ائذن لنا فلنترك لابن أختنا عباس فداءه. قال: "والله لا تذرون منه درهماً"[2].
قال ابن حجر - رحمه الله - "قيل والحكمة في ذلك أنه خشي أن يكون في ذلك محاباة له لكونه عمه، لا لكونه قريبهم من النساء فقط، وفيه إشارة إلى أن القريب لا ينبغي له أن يتظاهر بما يؤذي قريبه، وإن كان في الباطن يكره ما يؤذيه، ففي ترك قبول ما يتبرع له الأنصار به من الفداء تأديباً لمن يقع له مثل ذلك. [3] اهـ.
وقال في موضع آخر: "أم العباس ليست من الأنصار، بل جدته أم عبد المطلب هي الأنصارية، فأطلقوا على جدة العباس أختاً لكونها منهم، وعلى العباس ابنها لكونها جدته، وهي سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد من بني عدي بن النجار ثم من بني الخزرج، وأما أم العباس فهي نتيلة بنت جناب من ولد تيم اللات بن النمر بن قاسط، ووهم الكرماني فقال: أم العباس بن عبد المطلب كانت من الأنصار، وأخذ ذلك من ظاهر قول الأنصار ابن أختنا، وليس كما فهمه، بل فيه تجوز كما بينته"[4].اهـ.
وساق محمد بن إسحاق بسنده إلى عبد الله بن عباس، قال: لما أمسى القوم من يوم بدر، والأسارى محبوسون في الوثاق، بات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ساهراً أول ليلة، فقال له أصحابه: يا رسول الله، ما لك لا تنام! فقال: "سمعت تضور العباس في وثاقه"، قال: فقاموا إلى العباس فأطلقوه، فنام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-[5].
روى الطبراني في المعجم الكبير من حديث ابن عباس: ﴿ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنْ الأَسْرَى ﴾ [الأنفال: 70]، حتى بلغ ﴿ أُخِذَ مِنْكُمْ ﴾، قال: كان العباس يقول: فيّ والله أنزلت حين أخبرت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن إسلامي، وسألته أن يحاسبني بالعشرين الأوقية التي وجد معي، فأبى أن يحاسبني بها، فأعطاني الله بالعشرين أوقية عشرين عبداً كلهم تاجر بمالي في يده مع ما أرجو من مغفرة الله تعالى[6].
قال ابن إسحاق: وكان رجلاً موسراً ففادى نفسه بمائة أوقية من ذهب[7].
قال ابن كثير: وهذه المائة كانت عن نفسه، وعن ابني أخويه عقيل ونوفل، وعن حليفه عتبة بن عمرو أحد بني الحارث بن فهر، كما أمره بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين ادعى أنه كان قد أسلم، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أما ظاهرك فكان علينا، والله أعلم بإسلامك، وسيجزيك"، فادعى أنه لا مال عنده، قال: فأين المال الذي دفنته أنت وأم الفضل، وقلت لها: إن أصبت في سفري فهذا لبنيّ: الفضل وعبد الله، وقثم؟" فقال: والله إني لأعلم أنك رسول الله، إن هذا شيء ما علمه إلا أنا وأم الفضل[8].
وروى أبو نعيم في دلائل النبوة من حديث ابن عباس قال: لما كان يوم بدر أسر سبعون، فجعل عليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعين أوقية ذهباً، وجعل على عمه العباس مائة، وعلى عقيل ثمانين، فقال العباس: أللقرابة صنعت بي هذا؟ والذي يحلف به العباس، لقد تركتني فقير قريش ما بقيت. قال: "كيف تكون فقير قريش، وقد استودعت أم الفضل بنادق الذهب ثم أقبلت إلي، وقلت لها: إن قتلت تركتك غنية ما بقيت، وإن رجعت فلا يهمنك شيء". فقال: إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله، ما أخبرك بهذا إلا الله تعالى، فأنزل الله عز وجل﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنْ الأَسْرَى ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنفال: 70].
فقال حين نزلت: يا نبي الله! لوددت أنك كنت أخذت مني أضعافها فآتاني الله خيراً منه[9].
وروى البخاري في صحيحه من حديث أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتي بمال من البحرين فقال: "انثروه في المسجد"، فكان أكثر مالٍ أتي به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إذ جاءه العباس، فقال: يا رسول الله أعطني، إني فاديت نفسي، وفاديت عقيلاً. قال: "خذ"، فحثا في ثوبه ثم ذهب يقله فلم يستطع، فقال: أمِّر بعضهم يرفعه إلي. قال: "لا". قال: فارفعه أنت علي. قال: "لا". فنثر منه ثم ذهب يقله فلم يستطع. فقال: فمر بعضهم يرفعه علي. قال: "لا" فنثر منه، ثم احتمله على كاهله ثم انطلق، فما زال يتبعه بصره حتى خفي علينا، عجباً من حرصه، فما قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وثم منها درهم[10].
قال أبو جعفر في تفسيره: "يقول تعالى ذكره لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-: يا أيها النبي قل لمن في يديك، وفي يدي أصحابك من أسرى المشركين الذين أخذ منهم من الفداء ما أُخذ: ﴿ إنْ يَعْلَمْ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ ﴾ يقول: إن يعلم الله في قلوبكم إسلاماً يؤتكم خيراً مما أخذ منكم من الفداء ﴿ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾ يقول: ويصفح لكم عن عقوبة جرمكم الذي اجترمتموه، بقتالكم نبي الله وأصحابه، وكفركم بالله، ﴿ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾: لذنوب عباده إذا تابوا، رحيم بهم أن يعاقبهم عليها بعد التوبة.
وذكر ابن جرير أن العباس بن عبدالمطلب كان يقول: فيَّ نزلت هذه الآية[1].
روى البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك: أن رجالاً من الأنصار استأذنوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: ائذن لنا فلنترك لابن أختنا عباس فداءه. قال: "والله لا تذرون منه درهماً"[2].
قال ابن حجر - رحمه الله - "قيل والحكمة في ذلك أنه خشي أن يكون في ذلك محاباة له لكونه عمه، لا لكونه قريبهم من النساء فقط، وفيه إشارة إلى أن القريب لا ينبغي له أن يتظاهر بما يؤذي قريبه، وإن كان في الباطن يكره ما يؤذيه، ففي ترك قبول ما يتبرع له الأنصار به من الفداء تأديباً لمن يقع له مثل ذلك. [3] اهـ.
وقال في موضع آخر: "أم العباس ليست من الأنصار، بل جدته أم عبد المطلب هي الأنصارية، فأطلقوا على جدة العباس أختاً لكونها منهم، وعلى العباس ابنها لكونها جدته، وهي سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد من بني عدي بن النجار ثم من بني الخزرج، وأما أم العباس فهي نتيلة بنت جناب من ولد تيم اللات بن النمر بن قاسط، ووهم الكرماني فقال: أم العباس بن عبد المطلب كانت من الأنصار، وأخذ ذلك من ظاهر قول الأنصار ابن أختنا، وليس كما فهمه، بل فيه تجوز كما بينته"[4].اهـ.
وساق محمد بن إسحاق بسنده إلى عبد الله بن عباس، قال: لما أمسى القوم من يوم بدر، والأسارى محبوسون في الوثاق، بات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ساهراً أول ليلة، فقال له أصحابه: يا رسول الله، ما لك لا تنام! فقال: "سمعت تضور العباس في وثاقه"، قال: فقاموا إلى العباس فأطلقوه، فنام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-[5].
روى الطبراني في المعجم الكبير من حديث ابن عباس: ﴿ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنْ الأَسْرَى ﴾ [الأنفال: 70]، حتى بلغ ﴿ أُخِذَ مِنْكُمْ ﴾، قال: كان العباس يقول: فيّ والله أنزلت حين أخبرت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن إسلامي، وسألته أن يحاسبني بالعشرين الأوقية التي وجد معي، فأبى أن يحاسبني بها، فأعطاني الله بالعشرين أوقية عشرين عبداً كلهم تاجر بمالي في يده مع ما أرجو من مغفرة الله تعالى[6].
قال ابن إسحاق: وكان رجلاً موسراً ففادى نفسه بمائة أوقية من ذهب[7].
قال ابن كثير: وهذه المائة كانت عن نفسه، وعن ابني أخويه عقيل ونوفل، وعن حليفه عتبة بن عمرو أحد بني الحارث بن فهر، كما أمره بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين ادعى أنه كان قد أسلم، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أما ظاهرك فكان علينا، والله أعلم بإسلامك، وسيجزيك"، فادعى أنه لا مال عنده، قال: فأين المال الذي دفنته أنت وأم الفضل، وقلت لها: إن أصبت في سفري فهذا لبنيّ: الفضل وعبد الله، وقثم؟" فقال: والله إني لأعلم أنك رسول الله، إن هذا شيء ما علمه إلا أنا وأم الفضل[8].
وروى أبو نعيم في دلائل النبوة من حديث ابن عباس قال: لما كان يوم بدر أسر سبعون، فجعل عليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعين أوقية ذهباً، وجعل على عمه العباس مائة، وعلى عقيل ثمانين، فقال العباس: أللقرابة صنعت بي هذا؟ والذي يحلف به العباس، لقد تركتني فقير قريش ما بقيت. قال: "كيف تكون فقير قريش، وقد استودعت أم الفضل بنادق الذهب ثم أقبلت إلي، وقلت لها: إن قتلت تركتك غنية ما بقيت، وإن رجعت فلا يهمنك شيء". فقال: إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله، ما أخبرك بهذا إلا الله تعالى، فأنزل الله عز وجل﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنْ الأَسْرَى ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنفال: 70].
فقال حين نزلت: يا نبي الله! لوددت أنك كنت أخذت مني أضعافها فآتاني الله خيراً منه[9].
وروى البخاري في صحيحه من حديث أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتي بمال من البحرين فقال: "انثروه في المسجد"، فكان أكثر مالٍ أتي به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إذ جاءه العباس، فقال: يا رسول الله أعطني، إني فاديت نفسي، وفاديت عقيلاً. قال: "خذ"، فحثا في ثوبه ثم ذهب يقله فلم يستطع، فقال: أمِّر بعضهم يرفعه إلي. قال: "لا". قال: فارفعه أنت علي. قال: "لا". فنثر منه ثم ذهب يقله فلم يستطع. فقال: فمر بعضهم يرفعه علي. قال: "لا" فنثر منه، ثم احتمله على كاهله ثم انطلق، فما زال يتبعه بصره حتى خفي علينا، عجباً من حرصه، فما قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وثم منها درهم[10].