مشاهدة النسخة كاملة : خاتم النبيين (8)


حكاية ناي ♔
12-19-2022, 12:00 PM
الإسراء والمعراج


بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين وأصلي وأسلم على من أُرسل رحمة للعالمين النبي المصطفى الكريم وعلى آله وصحبه والتابعين، أما بعد:
فسبَق معنا مستمعي الأكارم في الحلقة الماضية الكلام عن حِصار كفار قريش لبني هاشم في الشِّعب عدة سنوات، وأيضًا كذلك سبق معنا ما أُصيب به النبي صلى الله عليه وسلم من مصائب عظيمة في وفاة عمِّه أبي طالب الذي كان يدافع عنه، وأيضًا وفاة زوجته خديجة رضي الله عنها التي كانت تؤازره، وأيضًا في ذَهابه عليه الصلاة والسلام إلى ثقيف في الطائف، وكان يدعوهم إلى الله تبارك وتعالى، وما حصل له عليه الصلاة والسلام في رجوعه، هذا كله ما سبق معنا في الحلقة الماضية، ونحن الآن في هذه الحلقة بصدد الحديث عن حادثة الإسراء والمعراج.

جاءت تلك الحادثةُ العظيمة حادثة الإسراء والمعراج تثبيتًا للنبي صلى الله عليه وسلم وتسلية له بعد تلك السنين من الدعوة، وما لقِيهُ من الأذى عليه الصلاة والسلام فيها، وأيضًا لتكون معجزة له صلى الله عليه وسلم، ودليلًا على صحة نبوته، والمقصود بالإسراء هي تلك الرحلة العجيبة التي بدأت من مكة في المسجد الحرام إلى بيت المقدس في المسجد الأقصى؛ حيث يقول الله تبارك وتعالى عنها: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ﴾ [الإسراء: 1]، ويقصد بالمعراج أيضًا ما بعد تلك الرحلة من الصعود بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماوات العلا ولُقياه الأنبياء، وما حصل فيها من تشريع وآيات عظام ابتدأت تلك الرحلة من مكة مِن جوار الكعبة كما في الصحيحين، وقال بعضهم: إنه كان من بيت أم هانئ، ولكنه ضعَّفه جمعٌ من أهل العلم، فالذي ورد في الصحيحين أنه من الحِجر، وقد ذكر ذلك ابن كثير والذهبي وغيرهما، وكانت وسيلته البراق في حادثة الإسراء من مكة إلى بيت المقدس، وهذا البراق هو دابةٌ بيضاء طويل فوق الحمار ودون البغل، يضع حافره عند منتهى طرفهِ، كما عند البخاري ومسلم، وكان الإسراء والمعراج في ليلة واحدة وقد وقع مرة واحدة أيضًا فقط في مكة قبل الهجرة، وقال الواقدي رحمه الله: إنه قبل الهجرة بسنة في شهر ربيع الأول، وقال: هو رأي الكثيرين، وكان ذلك بجسده وروحه عليه الصلاة والسلام يقظةً لا منامًا، وقيل في تاريخ الإسراء أقوال أُخرى، ولكن المتفق عليه أنه بعد عودته من الطائف عليه الصلاة والسلام.

والحديث الوارد في قصة الإسراء والمعراج هو حديث طويل جدًّا، فيمكن الرجوع إليه في صحيح البخاري، ولقد كانت تلك الرحلة من دلائل نبوته عليه الصلاة والسلام ومن معجزاته أيضًا، حتى أثارت أفكار كفار قريش وأذهانهم، فذهب بعضهم إلى أبي بكر رضي الله عنه، وقالوا: إن صاحبك يزعُم أنه أُسري به الليلة إلى بيت المقدس، فقال أبو بكر رضي الله عنه: أهو قاله؟ قالوا: نعم، قال: إن كان قاله فقد صدق، ولهذا سُمي الصديق رضي الله عنه، وقال أيضًا: إني أصدقه بما هو أبعد من ذلك، إني أصدِّقهُ بخبر السماء في بُكْرَةً وَعَشِيًّا، وقد رأى عليه الصلاة والسلام في عروجه إلى السماوات شيئًا من آيات الله تعالى الكبرى والتقى بالأنبياء، ووصف هيئاتهم، ثم رُفع إلى سدرة المنتهى عليه الصلاة والسلام، ورأى أيضًا جبريل على هيئته التي خُلق عليها وقد رآهُ قبل ذلك عند بداية الوحي، وله ستمائة جناح، وكان موقف قريش من تلك الحادِثة هو التكذيب؛ حيث إنهم كفروا بنبوته عليه الصلاة والسلام، وأما السواد الأعظم من المسلمين، فزادتهم تلك الحادثة إيمانًا وتسليمًا، وقد تأثر بعضهم كما ذكره ابن هشام رحمه الله، ولقد بدأت قريش تسأل النبي صلى الله عليه وسلم عند الحجر عن بيت المقدس وعن أوصافه التي يعرفونها، فما سألوه إلا أجابهم عليه الصلاة والسلام حسب الواقع والحال؛ حيث ورد في الصحيحين أنه قال عليه الصلاة والسلام: (فجلَّى الله لي بيت المقدس، فطفِقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه)؛ رواه البخاري ومسلم.

وهذه معجزة أخرى له عليه الصلاة والسلام، وحال عروجه إلى السماوات كان يلتقي بنبي واحد أو أكثر، فيسلم عليه ويدعو له، وانطلق به جبريل إلى فوق السماوات السبع حتى بلغ سدرة المنتهى، ثم تأخر جبريل وعُرج به عليه الصلاة والسلام حتى سمع صريف الأقلام، وهنا جاءت فرضية الصلاة، فقال عليه الصلاة والسلام: فأوحى الله إليَّ ما أوحى، ففرض على خمسين صلاة في كل يوم وليلة، فرجعت فمررت على موسى عليه الصلاة والسلام، فقال: بِمَ أمرك؟ فقلت: فرض عليَّ خمسين في كل يوم، فقال موسى: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فإن أمتك لا يطيقون ذلك إلى آخر الحديث الطويل، وفيه: فلم أزل أرجع بين ربي تبارك وتعالى وبين موسى، حتى قال: يا محمد، إنهنَّ خمسُ صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر، فذلك خمسون صلاة، إلى أن قال في آخر الحديث: فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته، فقال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه؛ الحديث بطوله؛ رواه البخاري ومسلم، فليُرجع إليه.

وكانت الصلاة في أول فرضيتها ركعتين في كل وقت صلاة عدا المغرب ثلاث ركعات، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فُرضت أربعًا في الظهر والعصر والعشاء، وذلك في الحظر وأقرت ركعتين في السفر كما تقوله عائشة رضي الله عنها.

وكانت الصلاة في أول فرضيتها إلى بيت المقدس ستة عشر شهرًا، وقيل سبعة عشر شهرًا، وبعد هجرته عليه الصلاة والسلام إلى المدينة، صرفت القبلة إلى الكعبة، وقد كان تاريخ فرضية الصلاة هو تاريخ حادثة الإسراء والمعراج، وقد اختُلف فيها كما سبق، فقيل قبل الهجرة بسنة وقيل بثلاث سنوات، وقيل غير ذلك، لكنهم اتفقوا على أنها بعد رجوعه عليه الصلاة والسلام من الطائف، وما زال النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يدعو القبائل إلى الله تعالى، فهو ينتظر القبائل القادمة إلى مكة للحج وغيره، فيعرض عليهم الإسلام، وكان يقول في رسالته عليه الصلاة والسلام: يا أيها الناس، قولوا لا إله إلا الله، تُفلحوا وتملِكوا بها العرب، وتذل لكم بها العجم، وكان الحظ الأكبر في الدخول إلى الإسلام للأوس والخزرج رضي الله عنهم، فقد أمن عددٌ منهم، وقال بعضهم لبعض: والله إنه النبي الذي تعدكم به يهود، فلا تسبقوا إليه وانصرفوا إلى بلدهم المدينة، ودعوا أهلهم وقراباتهم، وأسلم بعض أهل المدينة، وفشا فيهم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك تمهيدًا لهجرته وانتشار الإسلام في المدينة.

ثم حصلت بعد ذلك بيعة العقبة الأولى؛ حيث إن النفر الذين أسلموا من الأوسِ والخزرج سابقًا دعوا قومهم في المدينة، فجاؤوا مرةً أخرى، ومعهم نفرٌ غيرهم ممن أسلم من أهل المدينة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا اثني عشر رجُلًا، فبايعوا النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام والإيمان، فقال لهم عليه الصلاة والسلام: إن وفيتم فلكم الجنة، وكانت تلك البيعة فتحت الباب واسعًا لإسلام أهل المدينة، وكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ابعَثْ لنا قارئًا يُقرئنا القرآن، فبعث إليهم مصعب بن عمير رضي الله عنه، فسُمي مقرئ المدينة، ورغم صغر سن مصعب إلا أنه كان له شأنٌ عظيم وأسلم على يديه الكثير من أهل المدينة، وكان منهم أسيد وسعد سيد بني عبد الأشهل، فلما أسلمَ هذان لم يبقَ أحدٌ في بني عبد الأشهل إلا أسلم، فيا بشرى مصعب بذلك، وكانت قريش تحذر جميع القادمين إلى مكة من الاستماع إلى محمد، فحذروا كثيرًا منهم.

وكنموذج من هؤلاء الذين حذروهم الطفيل بن عمرو الدوسي، فلما قدم مكة استقبلوه فحذروه أشد التحذير، حتى وضع على أذنيه الكرسف وهو القطن؛ حتى لا يسمع شيئًا من النبي عليه الصلاة والسلام، يقول الطفيل: فغدوت إلى المسجد، فإذا أنا قُرب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فسمعته صدفة يقول بعض الكلمات، فكان كلامًا حسنًا، فقلت في نفسي: إني لأعرف السحر والشعر، إن كلامه لحسن فما يمنعني أن أسمع منه، فتبعته عندما خرج من المسجد حتى دخل بيته ودخلت معه، وقلت له تحذير قريش لي من سماعي لك، فاعرِض عليَّ ما لديك، فعرضه وقرأ القرآن، ليقول الطفيل: فوالله ما سمعت قولًا أحسن منه ولا أعدل منه، فأسلمت في ساعتي وآمنت وشهدت شهادة الحق، فعاهدته على دعوة قومي إلى ذلك الدين.

أما الدروس المستفادة مما سبق عرضه فكثيرة، منها:
الدرس الأول: معجزاته عليه الصلاة والسلام ودلائل نبوته عندما يقرؤها المسلم، فإنه يزداد بذلك إيمانًا وثباتًا؛ لأن المعجزة هي أمر خارق للعادة، ودليلٌ على صدق من جرت على يده من الأنبياء، فكم نحن بحاجة يا إخواني وأخواتي الكرام؟ إلى الاطلاع على تلك المعجزات والدلائل، حتى نكسب من خلال ذلك الثبات وتقوية الإيمان، فإن الله عز وجل قد أيَّد أنبياءه ورسله بها لتكون دليلًا على صدقهم.

الدرس الثاني: إن المعجزة عندما تحصل على يد أحد الأنبياء والرسل، وتكون ثابتة، فإن موقف المسلم هو التسليم والإيمان بها، أما تكييف العقل لها، فهو غير لائقٍ؛ لأن العقل له حد محدود، كما أن للبصر حدًّا محدودًا، فاني العقل لا يعرف ما وراء ذلك الخارق، فإن المعجزة خارق على خلاف العادة وفوق مستوى العقل، فالإيمان والانقياد والتسليم لذلك هو الصحيح والأسلم.

الدرس الثالث: بعد حصول عددٍ من المصائب للنبي صلى الله عليه وسلم من حصاره في الشِّعب ووفاة عمه وزوجته خديجة، وما قابله به ثقيف في الطائف وكفار قريش من سوءٍ، وغير ذلك من المصائب جاءت حادثة الإسراء والمعراج إكرامًا للنبي عليه الصلاة والسلام، فيُطلعه الله تعالى على آيات كبرى، ويلتقي بالأنبياء، إن هذا لا شك أنه تقوية للنبي صلى الله عليه وسلم، وتأييد له وشرح لصدره، وإزالة لحزنه وارتباطٌ بربه وخالقه، فعلى المسلم إذا حلت عليه المصائب والأحزان والهموم أن يتجه إلى مولاه عز وجل بالدعاء والذكر والصلاة، فإن ذلك لا شك أنه يخفف، بل يزيل الإشكال؛ قال الله تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ﴾ [البقرة: 45].

الدرس الرابع: عظمة قدرة الله تعالى وهو الفعَّال لما يريد، فتأمل كيف تَم الإسراء من مكة إلى القدس، ثم المعراج إلى ما فوق السماء السابعة مع ما حصل من الآيات والتشريعات، ثم الرجوع إلى مكة من القدس، وكل ذلك بليلة واحدة، فإن الله على كل شيء قدير، وإذا أراد شيئًا فهو عليه قادرٌ وأمره، إذا أراد شيئًا قال له كن فيكون، فلا تستعظم شيئًا تسأله ربك، وثقْ به وظنَّ به الظن الحسن، واعلم أنه على كل شيء قدير، إن تأمُّلك لقدرة الله تبارك وتعالى يوجب تعظيمه في نفسك، وإذا عظَّمته أطعته ولم تعصه؛ لأنه عظيم، وهذا العظيم ثوابه جزيلٌ وعذابه أليم، وهو كما هو شديد العقاب، فهو أيضًا الغفور الرحيم.

الدرس الخامس: حين فرضت الصلاة كانت خمسين صلاة، ثم تسلسل التخفيف من الله تعالى على عباده إلى خمس صلوات رحمة بهم، وكل هذا التخفيف والمراجعة بين موسى وربه كله بقدر الله تعالى ورحمته، إن هذا التخفيف في الفعل لخمس مع بقاء الأجر لخمسين صلاة، هو رحمة من الله تعالى وفضل، وهذا يستوجب على العباد الشكر والثناء، والحمد لله رب العالمين، مع حسن الأداء لتلك الصلاة، والمحافظة عليها فإن الفرض استقرَّ في نهاية الأمر على العُشر مما فرض في أول الأمر، فالخمس هي عُشر الخمسين، فهي بفضل الله ورحمته خمس في الفعل وخمسون في الأجر، فلنحافظ عليها أشد المحافظة في أوقاتها وضوابطها قولًا وفعلًا، فما ظنكم يا كرام لو كانت خمسين صلاة، فماذا سيلحق من المشقة؟ لكن الغفور الحليم الرؤوف بعباده جعلها خمسًا فقط، فتأملوا تلك الرحمة الواسعة، وذلك الفضل العظيم، وقوموا بما أوجَب الله عليكم خيرَ قيامٍ، فالصلاة ستشفع لكم أو تخاصمكم حسب محافظتكم عليها، أو تضييعكم لها، فهي تقول: حفِظك الله كما حفظتني، أو تقول: ضيَّعك الله كما ضيعتني.

الدرس السادس: إن مصعب بن عمير رضي الله عنه لَما أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ليقرئهم، فهو نعمُ المعلم والداعية، فهو قدوة لنا بعد نبينا عليه الصلاة والسلام في تعليم الناس للخير ودعوتهم إليه، فاحرِص أخي الكريم أن يكون لك بصمة إيمانية، أو اجتماعية، أو تربوية، أو غيرها على غيرك في مجالسك ومحادثاتك ورحلاتك وسفراتك، ووسائل تواصلك.

إن تلك البصمة التي تجعلها في الناس هي صدقة جارية لك، وإليك ذلك الموقف يقول أحدهم: كنا في رحلة دورية مع بعض الزملاء، فتحدث أحدهم لمدة محدودة ثلاث دقائق عن فضيلة صيام الاثنين، فلما انتهينا وذهبت إلى زوجتي، أخبرتها بما سمعت، فعزمنا على صيام الاثنين من كل أسبوع، فما زلنا نصومه مدة تصل إلى ثلاثين عامًا، وما زلنا نصومه، فكان مجموع ما صامه هو وزوجته ثلاثة آلاف يوم، فهي في موازينهم ومثلها في موازين ذلك المتحدث في تلك الدقائق المحدودة، فأوصيك ألا تحضر مجلسًا إلا ويكون لك فيه بصمة خير على الجالسين، وهذا جانب كبير من الدعوة، كما كان يفعله مصعب ابن عمير رضي الله عنه وغيره من الصحابة.

الدرس السابع: إن المسلم عندما يتأمل ويتدبر القرآن، يزداد معرفة وإيمانًا ونقاوة، ويكسب معرفة الأحكام والحكم، ولذلك لما حذَّرت قريش الطفيل بن عمرو من سماع النبي صلى الله عليه وسلم، عزم هو على ذلك، لكنه سمع شيئًا من كلامه فتدبَّره وتأمَّله، فرآه حسنًا وجميلًا، فكان سببًا في إسلامه وإسلام من وراءه، فكان التدبر والتأمل للقرآن غاية في الأهمية، ولو كنا كذلك في قراءاتنا لاختفى كثيرٌ من السلوكيات السلبية القولية والفعلية، أرأيت من يغتاب الناس كمْ مرة قرأ قوله تعالى: ﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ﴾ [الحجرات: 12]، وهكذا سائر المخالفات من الربا والنظر المحرم، والسماع المحرم والسرقة وغير ذلك، فلنحاول تصحيح مسارنا من خلال تدبُّرنا وتأمُّلنا لنصوص الوحيين، ونفعل فعل الطفيل بن عمرو رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين.

الدرس الثامن: إذا أراد الله تعالى بعباده خيرًا ساقه إليهم وساقهم إليه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لَما كان يدعو الوافدين إلى مكة لم يستجب له الكثير، لكن لما أراد الله بالأوس والخزرج خيرًا، ساق إليهم اللقاء بالنبي صلى الله عليه وسلم، ووفَّقهم للإيمان به والدعوة إلى دينه، فبايعوه عليه الصلاة والسلام على الإيمان به والسمع في المنشط والمكره، وبلَّغوا من وراءهم ودعوهم إلى دين الله عز وجل، حتى دخل الأوس والخزرج في دين الله أفواجًا، وبَقِيَ ذكرهم غالبًا في المدينة عبر التاريخ.

الدرس التاسع: أننا حين ندرس السيرة ونعرف حال العهد الأول، وكيف وصِل إليهم هذا الدين بعد أنواع من الشرك، وكان هذا الدين الحنيف لم يطرق أسماعهم من قبلُ، فبعضهم أمن وبعضهم كفرٌ، وحصل القتال لهؤلاء الكفار، وحصلت المصائب العظيمة من الحصار والهجرة والأذى للمؤمنين من قريش أننا حينما نقرأ ذلك لنُدرك نعمة الله تبارك وتعالى علينا؛ حيث جاءنا هذا الدين صافيًا، وعلى فطرة سليمة، ولله الحمد والمنة، مما يجعلنا نلهج كثيرًا بالثناء على الله عز وجل وحمده على نعمة الإسلام، ونسأله الثبات عليها، فهذه نعمة عظيمة جديرة بالتأمل؛ لنعلمَ عِظَمَ نعمة الله تبارك وتعالى علينا، فالجيل الأول بذلوا جهودًا عظيمة في أموالهم وأنفسهم وأوقاتهم؛ ليوصلوا إلينا هذا الدين، فنحن بحمد الله تعالى نتفيأ ظلاله، فعلينا القيام بالواجب في نقله إلى من بعدنا، وتوعية بعضنا بعضًا بحكمه وأحكامه.

الدرس العاشر:إن حادثة الإسراء والمعراج تشهد ربطًا وثيقًا بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، فالمسجد الأقصى هو مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو القبلة الأولى للمسلمين، ففي عهد الصحابة وقع المسجد الأقصى تحت عهد الرومان، ثم حرَّره عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وبعد خمسة قرون عاث فيه الصليبيون فسادًا، فحرَّره صلاح الدين، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعيده في وقتنا الحاضر إلى حياض المسلمين؛ لينعموا بالصلاة فيه آمنين.

إن دراسة السيرة واستخراج الدروس والعبر مهم جدًّا للثبات على دين الله تبارك وتعالى، والتوعية بأمر هذا الدين، وكم هو جميل أن تعقد الأسرة مجلسًا ولو أسبوعيًّا لمدارسة ذلك ومعرفته، أرجو منك أخي الكريم تطبيق ذلك تفقهًا وتعبدًا وطلبًا للعلم، وتوعية للجميع، نسأل الله تبارك وتعالى السداد والرشادَ والهدى والتقى، وهذه جولة مختصرة حول الإسراء والمعراج والبيعة الأولى للعقبة، وبعض الدروس المستفادة منها، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

اعشق ملامحك
12-19-2022, 12:09 PM
اسأل الله العظيم
أن يرزقك الفردوس الأعلى من الجنان.
وأن يثيبك البارئ خير الثواب .
دمت برضى الرحمن

حكاية ناي ♔
12-21-2022, 09:12 AM
اسعدني حضوركم