حكاية ناي ♔
01-22-2024, 03:45 PM
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد: الدُّعَاءُ عِبادَةٌ، والعِبادَةُ مَبْنَاها على التَّوْقِيفِ، لا على الابْتِداعِ والهَوَى، والذي يَنْفَعُ هو الدُّعَاءُ المَشْرُوعُ المَأْثُورُ؛ الذي جاء في الكتابِ والسُّنةِ، أو لم يَكُنْ فيه مُخَالَفَاتٌ شَرْعِيَّةٌ.
وبعضُ الناسِ ابْتَدَعَ أدعيةً مَا أنْزَلَ اللهُ بها من سُلطانٍ، يَتَقَرَّبون بها إلى الله، وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا، وهذه المُخالَفَاتُ داخِلَةٌ في بابِ الاعتداءِ في الدُّعاء؛ قال ابنُ القَيِّمِ رحمه الله: (كلُّ سُؤالٍ يُنَاقِضُ حِكْمَةَ اللهِ، أو يَتَضَمَّنُ مُنَاقَضَةَ شَرْعِهِ وأَمْرِهِ، أو يَتَضَمَّنُ خِلافَ ما أَخْبَرَ به؛ فهو اعْتِدَاءٌ لا يُحِبُّه اللهُ، ولا يُحِبُّ سَائِلَهُ).
ومِنْ أَهَمِّ المُخالَفاتِ الشَّرعيَّةِ فِي الدُّعَاءِ:
1- الدُّعَاءُ المَقْرونُ بِالتَّوَسُّلَاتِ الشِّرْكِيَّةِ: كَأَنْ يَدْعُو غيرَ اللهِ تعالى؛ من بَشَرٍ، أو حَجَرٍ، أو شَجَرٍ، أو جِنٍّ، أو غير ذلك، فهذا أقْبَحُ أنواعِ الاعتداءِ في الدُّعاء؛ لأنَّ صَرْفَ الدُّعاءِ لِغَيرِ اللهِ شِرْكٌ، والشِّرْكُ أعْظَمُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللهُ به.
2- الدُّعَاءُ المَقْرونُ بِالتَّوَسُّلَاتِ البِدْعِيَّةِ: كالتَّوَسُّلِ بِذَاتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أو جَاهِه؛ كَأَنْ يَقولُ: "اللهم إني أسأَلُكَ بِجَاهِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم"، أو "بِجَاهِ فُلانٍ من الأولياءِ والصَّالِحين"! فهذا تَوَسُّلٌ بِدْعِيٌّ. ولا ريبَ أنَّ رسولَنا الكريمَ صلى الله عليه وسلم له جَاهٌ عَظِيمٌ، وهو سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، ولكنَّ الجَاهَ مسألةٌ والتوسُّلُ به مسألةٌ أُخرى، فالدعاءُ عِبادَةٌ، والتَّوَسُّلُ بِالجَاهِ لم يَصِحَّ فيه حديثٌ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم. وأمَّا إنْ قال في دُعائِه: "اللهم إنِّي أسألُكَ وأتوَسَّلُ إليكَ بإيمانِي بِرَسُولِكَ صلى الله عليه وسلم"؛ فهذا جَائِزٌ، وهو من التَّوَسُّلِ المَشْرُوعِ بالعملِ الصَّالِحِ.
3- الدُّعَاءُ بِتَعْجِيلِ العُقُوبَةِ في الدُّنْيَا: عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَادَ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَفَتَ [أي: ضَعُفَ] فَصَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَلْ كُنْتَ تَدْعُو بِشَيْءٍ أَوْ تَسْأَلُهُ إِيَّاهُ؟» قَالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أَقُولُ: اللَّهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الآخِرَةِ فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سُبْحَانَ اللَّهِ لاَ تُطِيقُهُ، أَوْ لاَ تَسْتَطِيعُهُ، أَفَلاَ قُلْتَ: اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ؟ قَالَ: فَدَعَا اللَّهَ لَهُ فَشَفَاهُ» رواه مسلم.
4- الدُّعَاءُ عَلَى النَّفْسِ والأَهْلِ والأَمْوَالِ: قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ» رواه مسلم.
5- الدُّعَاءُ بِتَعْجِيلِ المَوْتِ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ مُتَمَنِّيًا فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي» رواه البخاري ومسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ، وَلاَ يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ؛ إِنَّهُ إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ، وَإِنَّهُ لاَ يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلاَّ خَيْرًا» رواه مسلم. وعَنْ قَيْسٍ قَالَ: أَتَيْتُ خَبَّابًا - وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعًا - قَالَ: «لَوْلاَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ [أي: مِنْ شِدَّةِ الأَلَمِ]» رواه مسلم.
6- الدُّعَاءُ بِإِثْمٍ أو قَطِيعَةِ رَحِمٍ: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ؛ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ» رواه مسلم. فالدُّعاءُ بِالإِثْمِ: كأنْ يَدْعُو على شخصٍ أَنْ يُمِيتَه اللهُ كافرًا، أو يُبْتَلَى بِالزِّنا، أو يكون مُدْمِنًا للخَمْرِ! والدُّعاءُ بِقَطِيعَةِ الرَّحِمِ: كأنْ يقول: اللهم فَرِّقْ بين فُلانٍ وأبيه، أو زوجَتِه، ونحو ذلك!
7- تَحْجِيرُ رَحْمَةِ اللهِ: كأن يقول: "اللهم ارْحَمْنِي وَلاَ تَرْحَمْ مَعِي أحدًا"، أو "اللهم أَنْزِلِ الغَيْثَ على بِلادِنَا فَحَسْبُ!" عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلاَةٍ وَقُمْنَا مَعَهُ، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ - وَهْوَ فِي الصَّلاَةِ: "اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلاَ تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا!" فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلأَعْرَابِيِّ: «لَقَدْ حَجَّرْتَ وَاسِعًا» رواه البخاري. يُرِيدُ رَحْمَةَ اللَّهِ، فإنَّ رَحْمَةَ اللهِ واسِعَةٌ.
8- الاعْتِدَاءُ فِي الدُّعَاءِ: وهو مُجَاوَزَةُ الحَدِّ، ومِنْ صُوَرِ ذلك:
أ- طَلَبُ مَا مَنَعَهُ اللهُ وحَرَّمَه عَلَى عِبَادِهِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا: كأنْ يَدْعُو بِأَنْ يُخَلَّدَ في الدُّنيا، أو يُعْطَى النُّبوةَ، أو يَسْأَلُ رُؤْيَةَ اللهِ في الدُّنيا، أو يَطلبُ الولدَ من دون زَواج!
ب- رَفْعُ الصَّوْتِ بِالدُّعَاءِ: قال تعالى: ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [الأعراف: 55]. وهذا مُنْتَشِرٌ – للأسف – في السَّعْيِ والطَّوافِ حَولَ البيت.
ج- التَّنَطُّعُ والتَّفْصِيلُ فِي الدُّعَاءِ: عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه أنه سَمِعَ ابْنَهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْقَصْرَ الأَبْيَضَ عَنْ يَمِينِ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلْتُهَا! فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ، سَلِ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَتَعَوَّذْ بِهِ مِنَ النَّارِ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الطُّهُورِ وَالدُّعَاءِ» صحيح – رواه أبو داود. والمُتَأَمِّلُ في أدعيةِ الكِتَابِ والسُّنةِ يجد أنها مشتملةٌ على جَوامِعِ الكَلِمِ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ» رواه مسلم.
9- الدُّعَاءُ الَّذِي فِيهِ سَجَعٌ مُتَكَلَّفٌ: وهذا يُنافِي الخُشوعَ المطلوبَ في الدُّعاءِ؛ يقول ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنها – في وَصِيَّتِهِ لِمَولاه عِكْرِمَةَ: «فَانْظُرِ السَّجْعَ مِنَ الدُّعَاءِ فَاجْتَنِبْهُ؛ فَإِنِّي عَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ لاَ يَفْعَلُونَ إِلاَّ ذَلِكَ؛ [يَعْنِي: لاَ يَفْعَلُونَ إِلاَّ ذَلِكَ الاِجْتِنَابَ]» رواه البخاري. فهَدْيُ السَّلَفِ الصَّالِحِ – في الدعاء: هو الابتعادُ عن السَّجَعِ المُتَكَلَّفِ. أمَّا إذا جاء بدون قَصْدٍ فلا بأسَ به، لا كما يفعله بعضُ الأئمة – في دُعاءِ القُنوتِ – يَتَرَنَّمُ في الدُّعاءِ ويَسْجَعُ، ويأتي به على وَزْنٍ واحِدٍ قاصِدًا ذلك، فهذا يُنافِي الخُشُوعَ والخُضُوعَ والتَّذَلُّلَ بين يَدَيِ اللهِ تعالى.
الخطبة الثانية
الحمد لله...
أيها المسلمون: ومِنْ المُخالَفاتِ الشَّرعيَّةِ فِي الدُّعَاءِ:
10- الدُّعَاءُ مَعَ غَفْلَةِ القَلْبِ، أو تَجْرِبَةُ الدُّعَاءِ: كأن يقول: "سَأُجَرِّبُ وأَدْعُو؛ لِأَرَى أَيُسْتَجَابُ لِي أمْ لا!" قال صلى الله عليه وسلم: «ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاَهٍ» حسن – رواه الترمذي.
11- طَلَبُ الدُّعَاءِ مِنَ الصَّالِحِينَ: فالبعضُ لا يدعو لِنَفْسِه؛ بِحُجَّةِ أنه مُذْنِبٌ، ويُلِحُّ على أهلِ الصَّلاحِ بالدُّعاء له. وهذا - وإنْ كان جائزًا في الأَصْلِ – فيه عِدَّةُ مَحاذِير، منها: أنَّ فيه نوعَ مسألةٍ، وهو مَدْعَاةٌ لتركِ الدُّعاءِ، والاعتمادِ على الآخَرِين، فعلى المُسلِمِ أنْ يُحْسِنَ الظنَّ بالله تعالى، ويَنْظُرَ إلى سَعَةِ رحمةِ الله، فهما ارتكب من ذنوب؛ فإنَّ رحمةَ اللهِ تَسَعُهُ. ولَمَّا جَاءَ رَجُلٌ إِلَى مَالِكِ بنِ دينارٍ رحمه الله فقال: أنا أسألُكَ باللهِ أَنْ تَدْعُوَ لِي فَأَنَا مُضْطَرٌّ، قَالَ: إِذًا فَاسْأَلْهُ؛ فَإِنَّهُ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ.
12- الْيَأْسُ مِنْ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ: بعض الناس – إذا أُصيبَ بمرضٍ عُضَالٍ، يغلب على الظنِّ أنه لا يبرأ منه – يَدَعُ الدُّعاءَ، ويتركُ اللُّجوءَ إلى الله تعالى؛ لِيَأْسِهِ، وقِلَّةِ يَقِينِه بأنَّ اللهَ قادِرٌ على تبديلِ الحال. وبعضُ الآباءِ والأُمَّهاتِ يَتركون الدُّعاءَ لأولادهم؛ يَأْسًا من صلاحِهم! أما عَلِمَ هؤلاء بأنَّ اللهَ تعالى على كلِّ شيءٍ قدير؟ وأنه يقول للشيء: "كُنْ" فيكون؟ وأنَّ الذي كَتَبَ الضُّرَّ قادِرٌ على كَشْفِهِ؟
13- تَرْكُ الدُّعَاءِ؛ اتِّكَالاً عَلَى أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ حَالَ العَبْدِ: وهذا يفعله كثير من المُبتَدِعةِ، يتركون الدُّعاءَ، ويقول أحدُهم: "هو أعلمُ بِحَالِي، وغَنِيٌّ عَنْ سُؤالِي!" واللهُ تعالى يأمر عِبادَه بالدعاء فيقول سبحانه: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]. والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ؛ يَغْضَبْ عَلَيْهِ» حسن – رواه الترمذي.
14- المُدَاوَمَةُ عَلَى الدُّعَاءِ بَعْدَ الانْتِهَاءِ مِنْ صَلَاةِ الفَرِيضَةِ: كَمْ مِنَ الناسِ مَنْ يَرْفَعُ يديه ويدعو بعدَ الفَراغِ من الفريضةِ مُباشرةً، مُخالِفًا هَدْيَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم. قال الشيخُ ابنُ بازٍ رحمه الله: (لَمْ يُحْفَظْ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابِه رضي الله عنهم – فيما نَعْلَمُ – أنهم كانوا يرفعون أيديهم بالدُّعاءِ بعد صَلاةِ الفريضة، وبذلك يُعْلَمُ أنه بِدْعَةٌ). وقال الشيخ ابنُ عُثَيمِين رحمه الله: (إنَّ المُحافَظَةَ على الدُّعاءِ بعدَ الفريضةِ والنَّافِلَةِ كِلْتَيْهِما، ليس بِسُنَّةٍ؛ بل هو بِدْعَةٌ؛ لأنَّ المُحافَظَةَ عليه يُلْحِقُه بالسُّنَّةِ الرَّاتبة، سواء كان قبلَ الأذكارِ الوارِدَةِ بعدَ الصلاةِ أَمْ بعدَها، وأمَّا فِعْلُه أحيانًا؛ فأَرْجُو ألاَّ يكونَ به بَأْسٌ، وإنْ كان الأَولَى تَرْكُهُ).
15- مَسْحُ الوَجْهِ بَعْدَ الفَرَاغِ مِنَ الدُّعَاءِ: بَعْضُهُمْ يَمْسَحُ وجْهَهُ وشَيْئًا من جِسْمِه إذا فَرَغَ من الدُّعاءِ! وهذه بِدْعَةٌ مُحْدَثَةٌ؛ لأنَّه لم يَصِحَّ فيه حديثٌ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال العِزُّ بنُ عَبْدِ السَّلامِ رحمه الله – في "فتاويه": (ولا يَمْسَحُ وجهَه بيدَيْهِ عَقِبَ الدُّعاءِ إلاَّ جاهِلٌ).
وبعضُ الناسِ ابْتَدَعَ أدعيةً مَا أنْزَلَ اللهُ بها من سُلطانٍ، يَتَقَرَّبون بها إلى الله، وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا، وهذه المُخالَفَاتُ داخِلَةٌ في بابِ الاعتداءِ في الدُّعاء؛ قال ابنُ القَيِّمِ رحمه الله: (كلُّ سُؤالٍ يُنَاقِضُ حِكْمَةَ اللهِ، أو يَتَضَمَّنُ مُنَاقَضَةَ شَرْعِهِ وأَمْرِهِ، أو يَتَضَمَّنُ خِلافَ ما أَخْبَرَ به؛ فهو اعْتِدَاءٌ لا يُحِبُّه اللهُ، ولا يُحِبُّ سَائِلَهُ).
ومِنْ أَهَمِّ المُخالَفاتِ الشَّرعيَّةِ فِي الدُّعَاءِ:
1- الدُّعَاءُ المَقْرونُ بِالتَّوَسُّلَاتِ الشِّرْكِيَّةِ: كَأَنْ يَدْعُو غيرَ اللهِ تعالى؛ من بَشَرٍ، أو حَجَرٍ، أو شَجَرٍ، أو جِنٍّ، أو غير ذلك، فهذا أقْبَحُ أنواعِ الاعتداءِ في الدُّعاء؛ لأنَّ صَرْفَ الدُّعاءِ لِغَيرِ اللهِ شِرْكٌ، والشِّرْكُ أعْظَمُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللهُ به.
2- الدُّعَاءُ المَقْرونُ بِالتَّوَسُّلَاتِ البِدْعِيَّةِ: كالتَّوَسُّلِ بِذَاتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أو جَاهِه؛ كَأَنْ يَقولُ: "اللهم إني أسأَلُكَ بِجَاهِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم"، أو "بِجَاهِ فُلانٍ من الأولياءِ والصَّالِحين"! فهذا تَوَسُّلٌ بِدْعِيٌّ. ولا ريبَ أنَّ رسولَنا الكريمَ صلى الله عليه وسلم له جَاهٌ عَظِيمٌ، وهو سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، ولكنَّ الجَاهَ مسألةٌ والتوسُّلُ به مسألةٌ أُخرى، فالدعاءُ عِبادَةٌ، والتَّوَسُّلُ بِالجَاهِ لم يَصِحَّ فيه حديثٌ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم. وأمَّا إنْ قال في دُعائِه: "اللهم إنِّي أسألُكَ وأتوَسَّلُ إليكَ بإيمانِي بِرَسُولِكَ صلى الله عليه وسلم"؛ فهذا جَائِزٌ، وهو من التَّوَسُّلِ المَشْرُوعِ بالعملِ الصَّالِحِ.
3- الدُّعَاءُ بِتَعْجِيلِ العُقُوبَةِ في الدُّنْيَا: عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَادَ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَفَتَ [أي: ضَعُفَ] فَصَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَلْ كُنْتَ تَدْعُو بِشَيْءٍ أَوْ تَسْأَلُهُ إِيَّاهُ؟» قَالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أَقُولُ: اللَّهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الآخِرَةِ فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سُبْحَانَ اللَّهِ لاَ تُطِيقُهُ، أَوْ لاَ تَسْتَطِيعُهُ، أَفَلاَ قُلْتَ: اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ؟ قَالَ: فَدَعَا اللَّهَ لَهُ فَشَفَاهُ» رواه مسلم.
4- الدُّعَاءُ عَلَى النَّفْسِ والأَهْلِ والأَمْوَالِ: قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ» رواه مسلم.
5- الدُّعَاءُ بِتَعْجِيلِ المَوْتِ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ مُتَمَنِّيًا فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي» رواه البخاري ومسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ، وَلاَ يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ؛ إِنَّهُ إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ، وَإِنَّهُ لاَ يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلاَّ خَيْرًا» رواه مسلم. وعَنْ قَيْسٍ قَالَ: أَتَيْتُ خَبَّابًا - وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعًا - قَالَ: «لَوْلاَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ [أي: مِنْ شِدَّةِ الأَلَمِ]» رواه مسلم.
6- الدُّعَاءُ بِإِثْمٍ أو قَطِيعَةِ رَحِمٍ: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ؛ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ» رواه مسلم. فالدُّعاءُ بِالإِثْمِ: كأنْ يَدْعُو على شخصٍ أَنْ يُمِيتَه اللهُ كافرًا، أو يُبْتَلَى بِالزِّنا، أو يكون مُدْمِنًا للخَمْرِ! والدُّعاءُ بِقَطِيعَةِ الرَّحِمِ: كأنْ يقول: اللهم فَرِّقْ بين فُلانٍ وأبيه، أو زوجَتِه، ونحو ذلك!
7- تَحْجِيرُ رَحْمَةِ اللهِ: كأن يقول: "اللهم ارْحَمْنِي وَلاَ تَرْحَمْ مَعِي أحدًا"، أو "اللهم أَنْزِلِ الغَيْثَ على بِلادِنَا فَحَسْبُ!" عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلاَةٍ وَقُمْنَا مَعَهُ، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ - وَهْوَ فِي الصَّلاَةِ: "اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلاَ تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا!" فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلأَعْرَابِيِّ: «لَقَدْ حَجَّرْتَ وَاسِعًا» رواه البخاري. يُرِيدُ رَحْمَةَ اللَّهِ، فإنَّ رَحْمَةَ اللهِ واسِعَةٌ.
8- الاعْتِدَاءُ فِي الدُّعَاءِ: وهو مُجَاوَزَةُ الحَدِّ، ومِنْ صُوَرِ ذلك:
أ- طَلَبُ مَا مَنَعَهُ اللهُ وحَرَّمَه عَلَى عِبَادِهِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا: كأنْ يَدْعُو بِأَنْ يُخَلَّدَ في الدُّنيا، أو يُعْطَى النُّبوةَ، أو يَسْأَلُ رُؤْيَةَ اللهِ في الدُّنيا، أو يَطلبُ الولدَ من دون زَواج!
ب- رَفْعُ الصَّوْتِ بِالدُّعَاءِ: قال تعالى: ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [الأعراف: 55]. وهذا مُنْتَشِرٌ – للأسف – في السَّعْيِ والطَّوافِ حَولَ البيت.
ج- التَّنَطُّعُ والتَّفْصِيلُ فِي الدُّعَاءِ: عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه أنه سَمِعَ ابْنَهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْقَصْرَ الأَبْيَضَ عَنْ يَمِينِ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلْتُهَا! فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ، سَلِ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَتَعَوَّذْ بِهِ مِنَ النَّارِ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الطُّهُورِ وَالدُّعَاءِ» صحيح – رواه أبو داود. والمُتَأَمِّلُ في أدعيةِ الكِتَابِ والسُّنةِ يجد أنها مشتملةٌ على جَوامِعِ الكَلِمِ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ» رواه مسلم.
9- الدُّعَاءُ الَّذِي فِيهِ سَجَعٌ مُتَكَلَّفٌ: وهذا يُنافِي الخُشوعَ المطلوبَ في الدُّعاءِ؛ يقول ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنها – في وَصِيَّتِهِ لِمَولاه عِكْرِمَةَ: «فَانْظُرِ السَّجْعَ مِنَ الدُّعَاءِ فَاجْتَنِبْهُ؛ فَإِنِّي عَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ لاَ يَفْعَلُونَ إِلاَّ ذَلِكَ؛ [يَعْنِي: لاَ يَفْعَلُونَ إِلاَّ ذَلِكَ الاِجْتِنَابَ]» رواه البخاري. فهَدْيُ السَّلَفِ الصَّالِحِ – في الدعاء: هو الابتعادُ عن السَّجَعِ المُتَكَلَّفِ. أمَّا إذا جاء بدون قَصْدٍ فلا بأسَ به، لا كما يفعله بعضُ الأئمة – في دُعاءِ القُنوتِ – يَتَرَنَّمُ في الدُّعاءِ ويَسْجَعُ، ويأتي به على وَزْنٍ واحِدٍ قاصِدًا ذلك، فهذا يُنافِي الخُشُوعَ والخُضُوعَ والتَّذَلُّلَ بين يَدَيِ اللهِ تعالى.
الخطبة الثانية
الحمد لله...
أيها المسلمون: ومِنْ المُخالَفاتِ الشَّرعيَّةِ فِي الدُّعَاءِ:
10- الدُّعَاءُ مَعَ غَفْلَةِ القَلْبِ، أو تَجْرِبَةُ الدُّعَاءِ: كأن يقول: "سَأُجَرِّبُ وأَدْعُو؛ لِأَرَى أَيُسْتَجَابُ لِي أمْ لا!" قال صلى الله عليه وسلم: «ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاَهٍ» حسن – رواه الترمذي.
11- طَلَبُ الدُّعَاءِ مِنَ الصَّالِحِينَ: فالبعضُ لا يدعو لِنَفْسِه؛ بِحُجَّةِ أنه مُذْنِبٌ، ويُلِحُّ على أهلِ الصَّلاحِ بالدُّعاء له. وهذا - وإنْ كان جائزًا في الأَصْلِ – فيه عِدَّةُ مَحاذِير، منها: أنَّ فيه نوعَ مسألةٍ، وهو مَدْعَاةٌ لتركِ الدُّعاءِ، والاعتمادِ على الآخَرِين، فعلى المُسلِمِ أنْ يُحْسِنَ الظنَّ بالله تعالى، ويَنْظُرَ إلى سَعَةِ رحمةِ الله، فهما ارتكب من ذنوب؛ فإنَّ رحمةَ اللهِ تَسَعُهُ. ولَمَّا جَاءَ رَجُلٌ إِلَى مَالِكِ بنِ دينارٍ رحمه الله فقال: أنا أسألُكَ باللهِ أَنْ تَدْعُوَ لِي فَأَنَا مُضْطَرٌّ، قَالَ: إِذًا فَاسْأَلْهُ؛ فَإِنَّهُ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ.
12- الْيَأْسُ مِنْ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ: بعض الناس – إذا أُصيبَ بمرضٍ عُضَالٍ، يغلب على الظنِّ أنه لا يبرأ منه – يَدَعُ الدُّعاءَ، ويتركُ اللُّجوءَ إلى الله تعالى؛ لِيَأْسِهِ، وقِلَّةِ يَقِينِه بأنَّ اللهَ قادِرٌ على تبديلِ الحال. وبعضُ الآباءِ والأُمَّهاتِ يَتركون الدُّعاءَ لأولادهم؛ يَأْسًا من صلاحِهم! أما عَلِمَ هؤلاء بأنَّ اللهَ تعالى على كلِّ شيءٍ قدير؟ وأنه يقول للشيء: "كُنْ" فيكون؟ وأنَّ الذي كَتَبَ الضُّرَّ قادِرٌ على كَشْفِهِ؟
13- تَرْكُ الدُّعَاءِ؛ اتِّكَالاً عَلَى أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ حَالَ العَبْدِ: وهذا يفعله كثير من المُبتَدِعةِ، يتركون الدُّعاءَ، ويقول أحدُهم: "هو أعلمُ بِحَالِي، وغَنِيٌّ عَنْ سُؤالِي!" واللهُ تعالى يأمر عِبادَه بالدعاء فيقول سبحانه: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]. والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ؛ يَغْضَبْ عَلَيْهِ» حسن – رواه الترمذي.
14- المُدَاوَمَةُ عَلَى الدُّعَاءِ بَعْدَ الانْتِهَاءِ مِنْ صَلَاةِ الفَرِيضَةِ: كَمْ مِنَ الناسِ مَنْ يَرْفَعُ يديه ويدعو بعدَ الفَراغِ من الفريضةِ مُباشرةً، مُخالِفًا هَدْيَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم. قال الشيخُ ابنُ بازٍ رحمه الله: (لَمْ يُحْفَظْ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابِه رضي الله عنهم – فيما نَعْلَمُ – أنهم كانوا يرفعون أيديهم بالدُّعاءِ بعد صَلاةِ الفريضة، وبذلك يُعْلَمُ أنه بِدْعَةٌ). وقال الشيخ ابنُ عُثَيمِين رحمه الله: (إنَّ المُحافَظَةَ على الدُّعاءِ بعدَ الفريضةِ والنَّافِلَةِ كِلْتَيْهِما، ليس بِسُنَّةٍ؛ بل هو بِدْعَةٌ؛ لأنَّ المُحافَظَةَ عليه يُلْحِقُه بالسُّنَّةِ الرَّاتبة، سواء كان قبلَ الأذكارِ الوارِدَةِ بعدَ الصلاةِ أَمْ بعدَها، وأمَّا فِعْلُه أحيانًا؛ فأَرْجُو ألاَّ يكونَ به بَأْسٌ، وإنْ كان الأَولَى تَرْكُهُ).
15- مَسْحُ الوَجْهِ بَعْدَ الفَرَاغِ مِنَ الدُّعَاءِ: بَعْضُهُمْ يَمْسَحُ وجْهَهُ وشَيْئًا من جِسْمِه إذا فَرَغَ من الدُّعاءِ! وهذه بِدْعَةٌ مُحْدَثَةٌ؛ لأنَّه لم يَصِحَّ فيه حديثٌ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال العِزُّ بنُ عَبْدِ السَّلامِ رحمه الله – في "فتاويه": (ولا يَمْسَحُ وجهَه بيدَيْهِ عَقِبَ الدُّعاءِ إلاَّ جاهِلٌ).