حكاية ناي ♔
01-22-2024, 03:55 PM
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد:
الزِّنَا قَبِيحٌ شَرْعًا وعَقْلاً؛ قبلَ ورودِ النَّهْي وبعدَه. قال ابن القيم رحمه الله: (والزِّنَا يَجْمَعُ خِلالَ الشَّرِّ كُلِّها: مِنْ قِلَّةِ الدِّينِ، وذَهَابِ الوَرَعِ، وفَسَادِ المُروءةِ، وقِلَّةِ الغَيْرَةِ، فلا تَجِدُ زانِيًا معه ورَعٌ، ولا وفَاءٌ بِعَهْدٍ، ولا صِدْقٌ في حَدِيثٍ، ولا مُحافَظَةٌ على صَدِيقٍ، إذِ الغدرُ، والكذبُ، وقِلَّةُ الحياءِ، وعدَمُ المُراقبةِ، وذَهابُ الغَيرةِ مِنْ شُعَبِهِ، ومُوجِباتِهِ).
ومِنْ أدِلَّةِ قُبْحِ الزِّنا: قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 32]. فاللهُ تعالى سَمَّاه فاحِشَةً؛ لأنه يُسْتَفْحَشُ في الشَّرعِ والعَقْلِ والفِطَرِ؛ لِتَضَمُّنِهِ الجُرْأَةَ على الأَمُورِ المُحَرَّمَةِ في حَقِّ اللهِ تعالى، ثمَّ حَقِّ المرأةِ، وحَقِّ أهلِها، أو زَوجِها، وإِفْسَادِ الفِراشِ، واخْتِلاطِ الأَنْسَابِ، وغَيرِ ذلك من المَفاسِدِ.
ومِمَّا يدلُّ على قُبْحِ الزِّنا: أنَّ الطَّبائِعَ السَّليمةَ تَأْبَاهُ حتى قبلَ ورودِ النَّهي عنه؛ فهذا رسولُنا الكريمُ صلى الله عليه وسلم يقول: «خَرَجْتُ مِنْ نِكَاحٍ، وَلَمْ أَخْرُجْ مِنْ سِفَاحٍ، مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَى أَنْ وَلَدَنِي أَبِي وَأُمِّي؛ لَمْ يُصِبْنِي مِنْ سِفَاحِ الْجَاهِلِيَّةِ شَيْءٌ» حسن – رواه الطبراني في "الأوسط". وهذه هندُ بنتُ عُتْبَةَ تقولُ – وهي تُبايعُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مُسْتَنْكِرَةً مُتَعَجِّبَةً: (وَهَلْ تَزْنِي الْحُرّةُ؛ يَا رَسُولَ اللهِ!).
والزِّنَا مِنْ أكبرِ الكبائر، ومِنْ أعظَمِ الذُّنوب: قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ﴾ [الفرقان: 68].
قال السعدي رحمه الله: (نَصَّ – تعالى - على هذه الثلاثةِ؛ لأنَّها من أكبرِ الكبائر: فالشِّرْكُ فيه فَسادُ الأَدْيانِ، والقَتْلُ فيه فَسادُ الأَبْدانِ، والزِّنا فيه فَسادُ الأعراضِ).
وقال الإمام أحمدُ رحمه الله: (لَيْسَ بَعْدَ قَتْلِ النَّفْسِ أَعْظَمُ مِنْ الزِّنَا).
والزِّنا اعتداءٌ على الأعراضِ؛ كالاعتداءِ على الأموالِ بالسَّرِقة، وعلى الأنفسِ بالقتل، وكلُّ ذلك حرَّمَه الإسلامُ؛ «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ» رواه مسلم.
وقد أوجبَ الإسلامُ على الرِّجالِ أنْ يُحافِظوا على أعراضِ نسائِهم، حتى إنَّ مَنْ قُتِلَ مُدافِعًا عن عِرْضِ أهلِه فإنه يُعتبرُ شهيدًا؛ كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» صحيح – رواه الترمذي. وفيالمقابل:فإنَّ الدَّيُّوثَ - الذي يَرى السُّوءَ في أهلِه، ثم يَسكتُ ولا يُدافعه – لا يَدْخُلُ الجنةَ، ولا يَنْظُرُ اللهُ تعالى إليه يومَ القيامة. قال صلى الله عليه وسلم: «ثَلاَثٌ لاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، وَلاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ وَالِدَيْهِ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ الْمُتَشَبِّهَةُ بِالرِّجَالِ، وَالدَّيُّوثُ» صحيح – رواه أحمد.
ومِنْ أعظَمِ الآثارِ السَّيِّئةِ على الزُّناةِ في الدُّنيا والآخِرَةِ: خُروجُ الإيمانِ من الزَّاني حالَ ارتكابِه جريمةَ الزِّنا؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَزْنِي الْعَبْدُ حِينَ يَزْنِي وَهْوَ مُؤْمِنٌ». قَالَ عِكْرِمَةُ: قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: كَيْفَ يُنْزَعُ الإِيمَانُ مِنْهُ؟ قَالَ: هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ؛ ثُمَّ أَخْرَجَهَا، فَإِنْ تَابَ عَادَ إِلَيْهِ هَكَذَا؛ وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. رواه البخاري.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا؛ إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ، وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا» صحيح – رواه ابن ماجه.
قال ابن القيم رحمه الله: (الزِّنَا مِنْ أَسْبَابِ الْمَوْتِ الْعَامِّ، وَالطَّوَاعِينِ الْمُتَّصِلَةِ. وَلَمَّا اخْتَلَطَ الْبَغَايَا بِعَسْكَرِ مُوسَى عليه السلام، وَفَشَتْ فِيهِمْ الْفَاحِشَةُ: أَرْسَلَ اللَّهُ إلَيْهِمْ الطَّاعُونَ، فَمَاتَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ سَبْعُونَ أَلْفًا).
عِباد الله.. لقد جاءَت البُشْرَى – في القُرآنِ والسُّنةِ - لِلْحافِظِينَ فُرُوجَهم والحَافِظاتِ؛ ومن ذلك:
1- لَهُمُ الفَلَاحُ في الدُّنيا والآخِرَةِ: قال تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ وذَكَرَ من صِفاتِهم: ﴿ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾ [المؤمنون: 1-5]. فهذا تنويهٌ من الله، بِفلاحِ الحافِظِينَ فُروجَهم والحافِظاتِ، وسَعادتِهم، ونَجاحِهم في الدُّنيا، ونَجاتِهم في الآخِرةِ، وفيه الحَثُّ على الاتِّصافِ بِصِفاتِهم، والتَّرْغِيبِ فيها.
2- لَهُمُ البُشْرَى بإجَابَةِ الدُّعاءِ، وتَفْرِيجِ الكُرُبَاتِ: فمَنْ حَفِظَ فرجَه عن الحرام؛ فإنَّ اللهَ تعالى يُفَرِّجُ كَرْبَه، ويَسْتَجيبُ دُعاءَه عند الشَّدائِدِ، ويدلُّ عليه: قِصَّةُ أصحابِ الغارِ الثلاثة، والتَّوَسُّل بصالح الأعمال.
والشَّاهِدُ منه: قوله صلى الله عليه وسلم: «وَقَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَتْ لِيَ ابْنَةُ عَمٍّ، أَحْبَبْتُهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ، وَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا، فَأَبَتْ حَتَّى آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَتَعِبْتُ حَتَّى جَمَعْتُ مِائَةَ دِينَارٍ، فَجِئْتُهَا بِهَا، فَلَمَّا وَقَعْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا؛ قَالَتْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ! اتَّقِ اللَّهَ، وَلاَ تَفْتَحِ الْخَاتَمَ إِلاَّ بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ عَنْهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ؛ فَافْرُجْ لَنَا مِنْهَا فُرْجَةً، فَفَرَجَ لَهُمْ» رواه مسلم.
قال النووي رحمه الله: (يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْعُوَ فِي حَالِ كَرْبِهِ بِصَالِحِ عَمَلِهِ، وَيَتَوَسَّلُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِهِ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ فَعَلُوهُ، فَاسْتُجِيبَ لَهُمْ، وَذَكَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَعْرِضِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ، وَجَمِيلِ فَضَائِلِهِمْ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضْلُ الْعَفَافِ وَالِانْكِفَافِ عن المُحرَّمات، لاسيما بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَالْهَمِّ بِفِعْلِهَا، وَيُتْرَكُ لِلَّهِ تَعَالَى خَالِصًا).
واسْتَجابَ اللهُ تعالى دُعاءَ سَارَةَ زوجِ إبراهيم عليه السلام؛ حينما راوَدَها جَبَّارٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ عن نَفْسِها، فتَوَسَّلَـتْ إلى الله تعالى بالإيمانِ به، وحِفْظِ فَرْجِها؛ فنَجَّاهَا منه.
والشَّاهِدُ من الحديث: أنها: «قَامَتْ تَوَضَّأُ وَتُصَلِّي، فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ وَأَحْصَنْتُ فَرْجِي إِلاَّ عَلَى زَوْجِي؛ فَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيَّ الْكَافِرَ، فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ [أي: أُخِذَ بِمَجارِي نَفَسِه وخُنِقَ، حتى سُمِعَ له غَطِيطٌ، وضَرَبَ بِرِجْلِه]» رواه البخاري.
الخطبة الثانية
الحمد لله... أيها المسلمون.. ومِمَّا يُبَشَّرُ به الحافِظُون فُرُوجَهم والحافِظَاتُ:
3- يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ» وذَكَرَ منهم: «وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ؛ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ» متفق عيه. فقَلَّ مَنْ يَجْتَمِعُ فيها الجَاهُ والجَمَالُ من النِّساء، وهي الدَّاعِيَةُ له إلى الفاحشة، ومع ذلك لم يُجِبْها إلى ما دَعَتْهُ إليه؛ خوفًا من الله تعالى؛ فترتَّبَ على ذلك أنْ يُظِلَّه اللهُ في ظِلِّه يوم القيامة - إِذَا قَامَ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَدَنَتْ مِنْهُمُ الشَّمْسُ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِمْ حَرُّهَا.
4- لَهُمُ البُشْرَى بِالْمَغْفِرَةِ والأَجْرِ العَظِيمِ: قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ ﴾ ماذا أعدَّ اللهُ لهم؟ ﴿ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35]. ففي الآية تأكيدٌ على أنَّ حِفْظَ الفُروجِ لا يَخْتَصُّ به الرِّجالُ دون النِّساءِ، ولا العَكْس، وإنَّما الأمْر على السَّواء، وكذلك الجزاءُ والأَجْرُ على السَّواء، نسألُ اللهَ تعالى من فَضْلِه العَظِيمِ.
5- لَهُمُ البُشْرَى بِدُخولِ الجَنَّةِ: فقد أخبَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بأنَّ مَنْ يَحْفَظُ فرجَه فله الجنَّةُ: «مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ؛ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ» رواه البخاري. ففيه إشارةٌ إلى وجوب حِفْظِ اللِّسان والفَرْجِ. والمرادُ بالضَّمان هنا: تَرْكُ المعاصي بهما. وقال أيضاً: «اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ؛ أَضْمَنْ لَكُمُ الْجَنَّةَ: اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ، وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ، وَأَدُّوا إِذَا اؤْتُمِنْتُمْ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ» حسن – رواه أحمد. وقال عليه الصلاة والسلام: «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا؛ قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ» حسن لغيره – رواه أحمد.
وامتدحَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الشَّبابَ الحافظين لِفُروجِهِم، ووَعَدَهم الجنةَ؛ كما في قوله: «يَا شَبَابَ قُرَيْشٍ! احْفَظُوا فُرُوجَكُمْ، لاَ تَزْنُوا، أَلاَ مَنْ حَفِظَ فَرْجَهُ فَلَهُ الْجَنَّةُ» حسن - رواه الحاكم والبيهقي. ولَمَّا ذَكَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أهلَ الجَنَّةِ - ذَكَرَ منهم: «عَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ» رواه مسلم.
6- لَهُمُ البُشْرَى بِالْفِرْدَوسَ الأَعْلَى مِنَ الجَنَّةِ: قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿ أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 5-11]. وجاء في صِفَةِ الفِرْدَوسِ - الذي يَرِثُه الحافِظُون فروجَهم والحافِظاتُ – أنه أَعلى الجَنَّةِ؛ كما في الحديث: «إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ، فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ؛ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ، وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ» رواه البخاري.
الزِّنَا قَبِيحٌ شَرْعًا وعَقْلاً؛ قبلَ ورودِ النَّهْي وبعدَه. قال ابن القيم رحمه الله: (والزِّنَا يَجْمَعُ خِلالَ الشَّرِّ كُلِّها: مِنْ قِلَّةِ الدِّينِ، وذَهَابِ الوَرَعِ، وفَسَادِ المُروءةِ، وقِلَّةِ الغَيْرَةِ، فلا تَجِدُ زانِيًا معه ورَعٌ، ولا وفَاءٌ بِعَهْدٍ، ولا صِدْقٌ في حَدِيثٍ، ولا مُحافَظَةٌ على صَدِيقٍ، إذِ الغدرُ، والكذبُ، وقِلَّةُ الحياءِ، وعدَمُ المُراقبةِ، وذَهابُ الغَيرةِ مِنْ شُعَبِهِ، ومُوجِباتِهِ).
ومِنْ أدِلَّةِ قُبْحِ الزِّنا: قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 32]. فاللهُ تعالى سَمَّاه فاحِشَةً؛ لأنه يُسْتَفْحَشُ في الشَّرعِ والعَقْلِ والفِطَرِ؛ لِتَضَمُّنِهِ الجُرْأَةَ على الأَمُورِ المُحَرَّمَةِ في حَقِّ اللهِ تعالى، ثمَّ حَقِّ المرأةِ، وحَقِّ أهلِها، أو زَوجِها، وإِفْسَادِ الفِراشِ، واخْتِلاطِ الأَنْسَابِ، وغَيرِ ذلك من المَفاسِدِ.
ومِمَّا يدلُّ على قُبْحِ الزِّنا: أنَّ الطَّبائِعَ السَّليمةَ تَأْبَاهُ حتى قبلَ ورودِ النَّهي عنه؛ فهذا رسولُنا الكريمُ صلى الله عليه وسلم يقول: «خَرَجْتُ مِنْ نِكَاحٍ، وَلَمْ أَخْرُجْ مِنْ سِفَاحٍ، مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَى أَنْ وَلَدَنِي أَبِي وَأُمِّي؛ لَمْ يُصِبْنِي مِنْ سِفَاحِ الْجَاهِلِيَّةِ شَيْءٌ» حسن – رواه الطبراني في "الأوسط". وهذه هندُ بنتُ عُتْبَةَ تقولُ – وهي تُبايعُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مُسْتَنْكِرَةً مُتَعَجِّبَةً: (وَهَلْ تَزْنِي الْحُرّةُ؛ يَا رَسُولَ اللهِ!).
والزِّنَا مِنْ أكبرِ الكبائر، ومِنْ أعظَمِ الذُّنوب: قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ﴾ [الفرقان: 68].
قال السعدي رحمه الله: (نَصَّ – تعالى - على هذه الثلاثةِ؛ لأنَّها من أكبرِ الكبائر: فالشِّرْكُ فيه فَسادُ الأَدْيانِ، والقَتْلُ فيه فَسادُ الأَبْدانِ، والزِّنا فيه فَسادُ الأعراضِ).
وقال الإمام أحمدُ رحمه الله: (لَيْسَ بَعْدَ قَتْلِ النَّفْسِ أَعْظَمُ مِنْ الزِّنَا).
والزِّنا اعتداءٌ على الأعراضِ؛ كالاعتداءِ على الأموالِ بالسَّرِقة، وعلى الأنفسِ بالقتل، وكلُّ ذلك حرَّمَه الإسلامُ؛ «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ» رواه مسلم.
وقد أوجبَ الإسلامُ على الرِّجالِ أنْ يُحافِظوا على أعراضِ نسائِهم، حتى إنَّ مَنْ قُتِلَ مُدافِعًا عن عِرْضِ أهلِه فإنه يُعتبرُ شهيدًا؛ كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» صحيح – رواه الترمذي. وفيالمقابل:فإنَّ الدَّيُّوثَ - الذي يَرى السُّوءَ في أهلِه، ثم يَسكتُ ولا يُدافعه – لا يَدْخُلُ الجنةَ، ولا يَنْظُرُ اللهُ تعالى إليه يومَ القيامة. قال صلى الله عليه وسلم: «ثَلاَثٌ لاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، وَلاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ وَالِدَيْهِ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ الْمُتَشَبِّهَةُ بِالرِّجَالِ، وَالدَّيُّوثُ» صحيح – رواه أحمد.
ومِنْ أعظَمِ الآثارِ السَّيِّئةِ على الزُّناةِ في الدُّنيا والآخِرَةِ: خُروجُ الإيمانِ من الزَّاني حالَ ارتكابِه جريمةَ الزِّنا؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَزْنِي الْعَبْدُ حِينَ يَزْنِي وَهْوَ مُؤْمِنٌ». قَالَ عِكْرِمَةُ: قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: كَيْفَ يُنْزَعُ الإِيمَانُ مِنْهُ؟ قَالَ: هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ؛ ثُمَّ أَخْرَجَهَا، فَإِنْ تَابَ عَادَ إِلَيْهِ هَكَذَا؛ وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. رواه البخاري.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا؛ إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ، وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا» صحيح – رواه ابن ماجه.
قال ابن القيم رحمه الله: (الزِّنَا مِنْ أَسْبَابِ الْمَوْتِ الْعَامِّ، وَالطَّوَاعِينِ الْمُتَّصِلَةِ. وَلَمَّا اخْتَلَطَ الْبَغَايَا بِعَسْكَرِ مُوسَى عليه السلام، وَفَشَتْ فِيهِمْ الْفَاحِشَةُ: أَرْسَلَ اللَّهُ إلَيْهِمْ الطَّاعُونَ، فَمَاتَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ سَبْعُونَ أَلْفًا).
عِباد الله.. لقد جاءَت البُشْرَى – في القُرآنِ والسُّنةِ - لِلْحافِظِينَ فُرُوجَهم والحَافِظاتِ؛ ومن ذلك:
1- لَهُمُ الفَلَاحُ في الدُّنيا والآخِرَةِ: قال تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ وذَكَرَ من صِفاتِهم: ﴿ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾ [المؤمنون: 1-5]. فهذا تنويهٌ من الله، بِفلاحِ الحافِظِينَ فُروجَهم والحافِظاتِ، وسَعادتِهم، ونَجاحِهم في الدُّنيا، ونَجاتِهم في الآخِرةِ، وفيه الحَثُّ على الاتِّصافِ بِصِفاتِهم، والتَّرْغِيبِ فيها.
2- لَهُمُ البُشْرَى بإجَابَةِ الدُّعاءِ، وتَفْرِيجِ الكُرُبَاتِ: فمَنْ حَفِظَ فرجَه عن الحرام؛ فإنَّ اللهَ تعالى يُفَرِّجُ كَرْبَه، ويَسْتَجيبُ دُعاءَه عند الشَّدائِدِ، ويدلُّ عليه: قِصَّةُ أصحابِ الغارِ الثلاثة، والتَّوَسُّل بصالح الأعمال.
والشَّاهِدُ منه: قوله صلى الله عليه وسلم: «وَقَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَتْ لِيَ ابْنَةُ عَمٍّ، أَحْبَبْتُهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ، وَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا، فَأَبَتْ حَتَّى آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَتَعِبْتُ حَتَّى جَمَعْتُ مِائَةَ دِينَارٍ، فَجِئْتُهَا بِهَا، فَلَمَّا وَقَعْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا؛ قَالَتْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ! اتَّقِ اللَّهَ، وَلاَ تَفْتَحِ الْخَاتَمَ إِلاَّ بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ عَنْهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ؛ فَافْرُجْ لَنَا مِنْهَا فُرْجَةً، فَفَرَجَ لَهُمْ» رواه مسلم.
قال النووي رحمه الله: (يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْعُوَ فِي حَالِ كَرْبِهِ بِصَالِحِ عَمَلِهِ، وَيَتَوَسَّلُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِهِ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ فَعَلُوهُ، فَاسْتُجِيبَ لَهُمْ، وَذَكَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَعْرِضِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ، وَجَمِيلِ فَضَائِلِهِمْ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضْلُ الْعَفَافِ وَالِانْكِفَافِ عن المُحرَّمات، لاسيما بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَالْهَمِّ بِفِعْلِهَا، وَيُتْرَكُ لِلَّهِ تَعَالَى خَالِصًا).
واسْتَجابَ اللهُ تعالى دُعاءَ سَارَةَ زوجِ إبراهيم عليه السلام؛ حينما راوَدَها جَبَّارٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ عن نَفْسِها، فتَوَسَّلَـتْ إلى الله تعالى بالإيمانِ به، وحِفْظِ فَرْجِها؛ فنَجَّاهَا منه.
والشَّاهِدُ من الحديث: أنها: «قَامَتْ تَوَضَّأُ وَتُصَلِّي، فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ وَأَحْصَنْتُ فَرْجِي إِلاَّ عَلَى زَوْجِي؛ فَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيَّ الْكَافِرَ، فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ [أي: أُخِذَ بِمَجارِي نَفَسِه وخُنِقَ، حتى سُمِعَ له غَطِيطٌ، وضَرَبَ بِرِجْلِه]» رواه البخاري.
الخطبة الثانية
الحمد لله... أيها المسلمون.. ومِمَّا يُبَشَّرُ به الحافِظُون فُرُوجَهم والحافِظَاتُ:
3- يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ» وذَكَرَ منهم: «وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ؛ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ» متفق عيه. فقَلَّ مَنْ يَجْتَمِعُ فيها الجَاهُ والجَمَالُ من النِّساء، وهي الدَّاعِيَةُ له إلى الفاحشة، ومع ذلك لم يُجِبْها إلى ما دَعَتْهُ إليه؛ خوفًا من الله تعالى؛ فترتَّبَ على ذلك أنْ يُظِلَّه اللهُ في ظِلِّه يوم القيامة - إِذَا قَامَ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَدَنَتْ مِنْهُمُ الشَّمْسُ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِمْ حَرُّهَا.
4- لَهُمُ البُشْرَى بِالْمَغْفِرَةِ والأَجْرِ العَظِيمِ: قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ ﴾ ماذا أعدَّ اللهُ لهم؟ ﴿ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35]. ففي الآية تأكيدٌ على أنَّ حِفْظَ الفُروجِ لا يَخْتَصُّ به الرِّجالُ دون النِّساءِ، ولا العَكْس، وإنَّما الأمْر على السَّواء، وكذلك الجزاءُ والأَجْرُ على السَّواء، نسألُ اللهَ تعالى من فَضْلِه العَظِيمِ.
5- لَهُمُ البُشْرَى بِدُخولِ الجَنَّةِ: فقد أخبَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بأنَّ مَنْ يَحْفَظُ فرجَه فله الجنَّةُ: «مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ؛ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ» رواه البخاري. ففيه إشارةٌ إلى وجوب حِفْظِ اللِّسان والفَرْجِ. والمرادُ بالضَّمان هنا: تَرْكُ المعاصي بهما. وقال أيضاً: «اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ؛ أَضْمَنْ لَكُمُ الْجَنَّةَ: اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ، وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ، وَأَدُّوا إِذَا اؤْتُمِنْتُمْ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ» حسن – رواه أحمد. وقال عليه الصلاة والسلام: «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا؛ قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ» حسن لغيره – رواه أحمد.
وامتدحَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الشَّبابَ الحافظين لِفُروجِهِم، ووَعَدَهم الجنةَ؛ كما في قوله: «يَا شَبَابَ قُرَيْشٍ! احْفَظُوا فُرُوجَكُمْ، لاَ تَزْنُوا، أَلاَ مَنْ حَفِظَ فَرْجَهُ فَلَهُ الْجَنَّةُ» حسن - رواه الحاكم والبيهقي. ولَمَّا ذَكَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أهلَ الجَنَّةِ - ذَكَرَ منهم: «عَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ» رواه مسلم.
6- لَهُمُ البُشْرَى بِالْفِرْدَوسَ الأَعْلَى مِنَ الجَنَّةِ: قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿ أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 5-11]. وجاء في صِفَةِ الفِرْدَوسِ - الذي يَرِثُه الحافِظُون فروجَهم والحافِظاتُ – أنه أَعلى الجَنَّةِ؛ كما في الحديث: «إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ، فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ؛ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ، وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ» رواه البخاري.