حكاية ناي ♔
01-22-2024, 04:05 PM
لما كان الإيمان بالنبوات عامة، وبنبوة محمد صلى الله عليه وسلم من أصول العقيدة، كان الاستدلال عليها عقلياً، وبراهينها من البراهين التي يمكن الاحتجاج بها على كل الناس، وليس على المؤمنين خاصة، وهناك طرق ومناهج يمكن اتباعها لبيان صدق محمد صلى الله عليه وسلم في دعوى النبوة.
ومن أهمها:
• دراسة أحوال النبي صلى الله عليه وسلم الشخصية من حيث النشأة.
• دراسة الوحي المنزل عليه (مضامينه ودلالاته).
• المعجزات التي ظهرت على يديه.
• شهادات الأفراد والكتب السماوية.
• دراسة أحوال النبي صلى الله عليه وسلم الشخصية:
إن الإنسان ابن بيئته، فهي التي تكون شخصيته الثقافية والاجتماعية، وتحدد سلوكه وتصرفاته، لقد عاش محمد صلى الله عليه وسلم في بيئة وثنية، تعبد الأصنام، وتعظم عادات الآباء وتقاليدهم، والموازين التي تقوم بها الأفراد والأشخاص مقياس الغنى والنسب والجاه، وكانت الانحرافات الخلقية منتشرة، فشرب الخمور والربا والزنا والاستقسام بالأزلام والميسر وغيرها هي المتبعة، إلا أن محمداً صلى الله عليه وسلم على الرغم من يتمه - والتيتم في العادة لا يجد الرعاية الكافية للحفاظ على المثل والقيم - لم يتدنس بأمور الجاهلية، فلم يسجد لصنم قط، ولم يقترف آثام أهل الآثام بل عاش حياة نزيهة عفيفة، كلها طهر ونقاء وصفاء والتزام بمكارم الأخلاق، حتى سماه قومه بالصادق الأمين.
كل ذلك يدل على أن العناية الربانية كانت تحوطه، وأدبه ربه فأحسن تأديبه وهيأه لحمل أعظم رسالة للعالمين كما قال الشاعر:
كفاك بالعلم في الأمي معجزة ** في الجاهلية والتأديب في اليتم
والقوم لم يستطيعوا أن ينسبوا إليه شيئاً يخدش مروءته، أو تلوث نقاء شخصيته وكان قائلهم يقول: (... ما جربنا عليك كذباً)[1].
وفي لحظات صدق وتفكير قال النضر بن الحارث - وكان من دهاة القوم ومحدثيهم -:
(... قد كان فيكم محمد غلاماً حدثاً، فكان أرضاكم فيكم، وكان أصدقكم حديثاً، وأعظمكم أمانة، حتى إذا رأيتم في صدغية الشيب، وجاءكم بما جاءكم، قلتم: ساحر، لا والله ما هو بساحر، لقد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم وقلتم: كاهن، لا والله ما هو بكاهن، قد رأينا الكهنة، وتخالجهم وسمعنا سجعهم، وقلتم: شاعر، لا والله ما هو بشاعر، قد رأينا الشعر، وسمعنا أصنافه كلها: هزجه ورجره، وقلتم: مجنون، لا والله ما هو بمجنون، لقد رأينا الجنون فما هو بخنقه، ولا وسوسته، ولا تخليطه، يا معشر قريش فانظروا في شأنكم فإنه والله لقد نزل بكم أمر عظيم)[2].
قال سبحانه وتعالى عنهم: ﴿ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ﴾ [الأنعام: 33]، ولقد دعا القرآن الكريم إلى هذا الأمر: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ [سـبأ: 46].
وفي التعبير القرآني بـ(صاحبكم) إشارة توبيخية لهم، فلقد صاحبوه فترة طويلة وعرفوا دقائق حياته، فكيف يتهمونه الآن بالنقائض فجأة.
وهذا ما استعمله هرقل كبير الروم عندما وصلته دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم للإسلام حيث دعا من كان هناك من العرب، فوجدوا أبا سفيان ومعه مجموعة خرجوا إلى بلاد الشام للتجارة، وكان ذلك بعد توقيع صلح الحديبية في السنة السادسة للهجرة، وكان أبو سفيان يومئذ على شركه: يقول أبو سفيان: كان أول ما سألني عنه أن قال: كيف نسبه فيكم؟ قلت: هو فينا ذو نسب.
• قال: فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟ قلت: لا.
• قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت: لا.
• قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ فقلت: بل ضعفاؤهم.
• قال أيزيدون أم ينقصون؟ قلت: بل يزيدون.
• قال: فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت: لا.
• قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا.
• قال: فهل يغدر؟ قلت: لا، ونحن في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها.
• قال: ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئاً غير هذه الكلمة.
• قال: فهل قاتلتموه؟ قلت: نعم؟
• قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قلت: الحرب بيننا وبينه سجال، ينال منا وننال منه.
• قال: ماذا يأمركم؟ قلت: يقول: اعبدوا الله وحده، ولا تشركوا به شيئاً واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق، والعفاف والصلة.
فقال للترجمان: قل له: سألتك عن نسبه، فذكرت أنه فيكم ذو نسب فكذلك الرسل تبعث في نسب قومها، وسألتك هل قال أحدكم منكم هذا القول؟ فذكرت أن لا، فقلت: لو كان أ حد قال هذا القول قبله، لقلت: رجل يأتسي بقول قبله، وسألتك هل كان من آبائه من ملك؟ فذكرت أن لا، قلت فلو كان من آبائه من ملك قلت رجل يطلب ملك أبيه، وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فذكرت أن لا، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله، وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه، وهم أتباع الرسل، وسألتك أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرت أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإيمان حتى يتم، سألتك أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرت أن لا وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب، وسألتك هل يغدر؟ فذكرت أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر، وسألتك بم يأمركم؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقاً فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج، لم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه[3].
إن دراسة واقع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقيم الحجة على كل منصف أنه الصادق في دعواه، المتمثل لدعوته في سلوكه، المترفع عن شهوات الدنيا و زخارفها.
ومن أهمها:
• دراسة أحوال النبي صلى الله عليه وسلم الشخصية من حيث النشأة.
• دراسة الوحي المنزل عليه (مضامينه ودلالاته).
• المعجزات التي ظهرت على يديه.
• شهادات الأفراد والكتب السماوية.
• دراسة أحوال النبي صلى الله عليه وسلم الشخصية:
إن الإنسان ابن بيئته، فهي التي تكون شخصيته الثقافية والاجتماعية، وتحدد سلوكه وتصرفاته، لقد عاش محمد صلى الله عليه وسلم في بيئة وثنية، تعبد الأصنام، وتعظم عادات الآباء وتقاليدهم، والموازين التي تقوم بها الأفراد والأشخاص مقياس الغنى والنسب والجاه، وكانت الانحرافات الخلقية منتشرة، فشرب الخمور والربا والزنا والاستقسام بالأزلام والميسر وغيرها هي المتبعة، إلا أن محمداً صلى الله عليه وسلم على الرغم من يتمه - والتيتم في العادة لا يجد الرعاية الكافية للحفاظ على المثل والقيم - لم يتدنس بأمور الجاهلية، فلم يسجد لصنم قط، ولم يقترف آثام أهل الآثام بل عاش حياة نزيهة عفيفة، كلها طهر ونقاء وصفاء والتزام بمكارم الأخلاق، حتى سماه قومه بالصادق الأمين.
كل ذلك يدل على أن العناية الربانية كانت تحوطه، وأدبه ربه فأحسن تأديبه وهيأه لحمل أعظم رسالة للعالمين كما قال الشاعر:
كفاك بالعلم في الأمي معجزة ** في الجاهلية والتأديب في اليتم
والقوم لم يستطيعوا أن ينسبوا إليه شيئاً يخدش مروءته، أو تلوث نقاء شخصيته وكان قائلهم يقول: (... ما جربنا عليك كذباً)[1].
وفي لحظات صدق وتفكير قال النضر بن الحارث - وكان من دهاة القوم ومحدثيهم -:
(... قد كان فيكم محمد غلاماً حدثاً، فكان أرضاكم فيكم، وكان أصدقكم حديثاً، وأعظمكم أمانة، حتى إذا رأيتم في صدغية الشيب، وجاءكم بما جاءكم، قلتم: ساحر، لا والله ما هو بساحر، لقد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم وقلتم: كاهن، لا والله ما هو بكاهن، قد رأينا الكهنة، وتخالجهم وسمعنا سجعهم، وقلتم: شاعر، لا والله ما هو بشاعر، قد رأينا الشعر، وسمعنا أصنافه كلها: هزجه ورجره، وقلتم: مجنون، لا والله ما هو بمجنون، لقد رأينا الجنون فما هو بخنقه، ولا وسوسته، ولا تخليطه، يا معشر قريش فانظروا في شأنكم فإنه والله لقد نزل بكم أمر عظيم)[2].
قال سبحانه وتعالى عنهم: ﴿ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ﴾ [الأنعام: 33]، ولقد دعا القرآن الكريم إلى هذا الأمر: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ [سـبأ: 46].
وفي التعبير القرآني بـ(صاحبكم) إشارة توبيخية لهم، فلقد صاحبوه فترة طويلة وعرفوا دقائق حياته، فكيف يتهمونه الآن بالنقائض فجأة.
وهذا ما استعمله هرقل كبير الروم عندما وصلته دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم للإسلام حيث دعا من كان هناك من العرب، فوجدوا أبا سفيان ومعه مجموعة خرجوا إلى بلاد الشام للتجارة، وكان ذلك بعد توقيع صلح الحديبية في السنة السادسة للهجرة، وكان أبو سفيان يومئذ على شركه: يقول أبو سفيان: كان أول ما سألني عنه أن قال: كيف نسبه فيكم؟ قلت: هو فينا ذو نسب.
• قال: فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟ قلت: لا.
• قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت: لا.
• قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ فقلت: بل ضعفاؤهم.
• قال أيزيدون أم ينقصون؟ قلت: بل يزيدون.
• قال: فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت: لا.
• قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا.
• قال: فهل يغدر؟ قلت: لا، ونحن في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها.
• قال: ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئاً غير هذه الكلمة.
• قال: فهل قاتلتموه؟ قلت: نعم؟
• قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قلت: الحرب بيننا وبينه سجال، ينال منا وننال منه.
• قال: ماذا يأمركم؟ قلت: يقول: اعبدوا الله وحده، ولا تشركوا به شيئاً واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق، والعفاف والصلة.
فقال للترجمان: قل له: سألتك عن نسبه، فذكرت أنه فيكم ذو نسب فكذلك الرسل تبعث في نسب قومها، وسألتك هل قال أحدكم منكم هذا القول؟ فذكرت أن لا، فقلت: لو كان أ حد قال هذا القول قبله، لقلت: رجل يأتسي بقول قبله، وسألتك هل كان من آبائه من ملك؟ فذكرت أن لا، قلت فلو كان من آبائه من ملك قلت رجل يطلب ملك أبيه، وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فذكرت أن لا، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله، وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه، وهم أتباع الرسل، وسألتك أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرت أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإيمان حتى يتم، سألتك أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرت أن لا وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب، وسألتك هل يغدر؟ فذكرت أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر، وسألتك بم يأمركم؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقاً فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج، لم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه[3].
إن دراسة واقع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقيم الحجة على كل منصف أنه الصادق في دعواه، المتمثل لدعوته في سلوكه، المترفع عن شهوات الدنيا و زخارفها.