مشاهدة النسخة كاملة : بين فئة قليلة وأمة كليلة


حكاية ناي ♔
01-22-2024, 04:18 PM
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد؛ فإن المتأمل لمشهد المدينة في اليوم التالي لغزوة (أُحد)، والناس بين جريح جرحًا ظاهرًا أصابه في بعض أعضاء جسده، أو جرحًا قلبيًّا أصابه بفقدان حبيب، وبما يشبه الهزيمة من بعض الجوانب، فالمتأمل لهذا المشهد يتوقف طويلاً، يُصيبه العجب والإعجاب بموقف رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ في هذه الظروف يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذِّنه أن ينادي في الناس: ((إنا خارجون في طلب العدو)).



إلى هنا يبدو أن العجب هو في خروج النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم التالي مباشرةً لغزوةٍ أصيب فيها أصحابه، وقتل منهم عدد كبير، فيما يشبه الهزيمة، ولا شكَّ أنه شيء يثير العجب، ويدل على حنكة وحكمة يُعدِّد بعضَ وجوهها بعضُ الأئمة؛ ومنهم ابن هشام - رحمه الله - إذ يقول: "وإنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مُرهِّبًا للعدو، وليُبلغهم أنه خرج في طلبهم ليظنوا به قوة، وأن الذي أصابهم لم يوهنهم عن عدوهم"؛ السيرة النبوية؛ لابن هشام (2 / 101).



هذه الحكم وغيرها الكثير يستطيع المتأمل أن يستخرجها، لكن العجيب - حقًّا - هو أمره صلى الله عليه وسلم المؤذنَ أن ينادي: ((أن لا يَخرجَنَّ معنا أحد إلا أحد حضر يومنا بالأمس))، ولم يأذن لأحد ممن لم يخرج بالأمس في الخروج إلا لجابر بن عبد الله رضي الله عنه؛ إذا أخبره جابر أن أباه - الذي استشهد بالأمس في الغزوة - كان قد خرج مكانه وأقعدَه لينظر أمر أخواته البنات الصغيرات، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج معهم، ولم يأذن لغيره.



عجيب جدًّا! إذا كان مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أن يُثبت للعدو أنهم لم يوهنوا قوة المسلمين، ولم يُلينوا عزيمتهم، ولم ينالوا من همَّتهم، فلماذا لا يستقوي بكل أحد يستطيع جمعه؟ لا سيما وأصحابه الذين حضروا معركة الأمس بعضهم جريح، وكلهم متعَب من معركة طاحنة انتهت منذ ساعات قلائل.



لكن المتأمل للموقف حق التأمل يرى عظمة القرار، وبُعد النظر، وحنكة القائد، يرى درسًا نبويًّا عظيمًا في صناعة الرجال وتمييزهم، ورصِّ الصفوف وتنقيتها، واختبار ثبات المنهج في القلوب، وترسيخ المبدأ في النفوس.



يرى كيف أن رسول الله أخرجهم ليرى الرجال الذين يؤسسهم منذ سنوات على المنهج الرباني، ذلك المنهج الذي يتلخص في تعبيد حياتهم كلها لله، كيف هو فيهم عند الشدائد؟



ليرى الرجال الذين علمهم أن يتحركوا في كبير أمورهم وصغيرها على وفاق منهج الله وشرعه، حتى كانوا يَسألون عن الحكم الشرعي لجليل أمورهم ودقيقها، واضحها وخفيها، يرى هل يلتزمون ذلك في هذه الشدة؟ أم يلقونه وراء ظهورهم، ويتعلَّلون بما هم فيه من كرب؟



يرى المتأمل ذلك، ويرى - أيضًا - كيف يعلِّمهم درسًا جديدًا من الدروس العظام في التجرد التام لهذا المنهج ولوازمه، وكأنه يقول: اخرج وأنت في هذه الحالة، وإن كنت مصابًا، وإن كنت للتوِّ خرجت من معركة شبه مهزوم، وإن كنت متعبًا، وإن كنت حزينًا لفقد حبيب.



اخرج الآن، في هذه الظروف وإن كان يمكن الانتظار لاستِجماع القوى وجمع الرجال، اخرج لتُثبت رسوخ العبودية في نفسك في كل الأحوال، اخرج لتُري الله منك أنك في سبيله لا ترى لبدنك حقًّا، ولا لبذلك حدودًا.



لكن ألا يخشى رسول الله أن يتذمَّروا، أو يتمردوا على هذا القرار، أو يَستنكروه؟ ألا يخشى أن تُحدِّثهم أنفسهم بعدم حنكة القيادة، وعدم إصابة قراراتها؟ ألا يخشى أن يمتنع بعضهم عن الامتثال فيقل العدد، وهو في أمَسِّ الحاجة للعدد؟



كلا، ليس هؤلاء الرجال الذين صنعهم هذا المنهج، ليس هؤلاء الرجال الذين تركوا ديارهم وأموالهم لأجله، بعدما اعتقدوه، وعملوا على وفاقه، فهو يجري في دمائهم علمًا وعملاً، ليس هؤلاء من يفعل ذلك، بل مثل هذه الأمور تليق بالمناهج الأرضية البشرية وأصحابها.



ومع هذه الاحتمالات لم يعبأ رسول الله إلا بالأهداف الأسمى، من اختبار المنهج في القلوب وترسيخ العقائد في النفوس، ونحو ذلك من الأهداف العليا.



إن رسول الله مبلِّغُ دينٍ رباني، ومرسِّخُ منهجٍ علوي، وهو بصدد صناعة حَمَلَةٍ لهذا المنهج، لا يهمُّه عددهم، ولا تشغله صورهم، وإنما يشغله كيف هذا المنهج فيهم؟ ويقدم ذلك على كل الأهداف السهلة التي تليق بالمناهج البشرية، التي يندفع فيها القادة وفق وجهات نظرهم البشرية القاصرة.



إنه يَعلَم ويُعلِّمنا أنه إذا صُنع رجال المبدأ على عين المنهج، فإن العدد والعدة والعتاد أمور ثانوية، لا تميِّزُ عنهم أيًّا من جيوش الأرض، بل يكونون هم متميزين عن الجميع، منصورين بأقل تجهيز.



فهذا هو المنهج الذي أسس له القرآن، ورسخته تطبيقات نبي الله في أصحابه، حَمَلة المنهج من بعده، ثلاثة عشر عامًا في مكة يربي أصحابه عليه، وقريبًا منها في المدينة يُسيرهم على وفاقه، لم نجده مرة يتنازل عن شيء من المبدأ، أو يساوم على جزء من المنهج، كما يَلزم كل من اهتم بجمع الأعداد من حوله دون نظر إلى رسوخ العقيدة الإيمانية، والتربية القرآنية، والأخلاق الربانية في نفوسهم، فيضطر للتنازل عما لا يعجبهم، ويسير على ما يرضيهم.



إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بدعًا في هذا الأمر، بل هو يسير على المنهج الرباني الذي سار عليه والتزمه أنبياء الله قبله، وكما سار عليه أولياؤه وحملة المنهج الرباني قبله وبعده، فها هو طالوت الذي ابتعثَه الله ملكًا قائدًا لبني إسرائيل، وقد بشَّرهم به نبيهم عندما دعوا الله أن يبعث لهم ملكًا يُقاتلون معه مَن استزلَّهم، وأخرجهم من ديارهم وأبنائهم، فلما كُتب عليهم القتال تولوا إلا قليلاً منهم.



تنبَّه! ﴿ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ﴾ [البقرة: 246]، يعني أن أغلب بني إسرائيل تولوا عن القتال وتركوه وخذلوه، وما بقي معه إلا قلة منهم، فهؤلاء القلة هم الذين اختُبروا بأمر الله بالقتال فاستجابوا، دون أكثر بني إسرائيل، فهل اكتفى طالوت بهذا الاختبار لهذه القلة حفاظًا على عددهم؟



كلا، ما كان ليفعل، بل أجرى لهم اختبارًا ليُميِّز طيبهم من خبيثهم؛ فقال لهذه القلة المتبقية: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ﴾ [البقرة: 249].



أكاد أَجْزِم وأُقْسِم أنه لو فعل ذلك في عصرنا لاتَّهمه بعض من صَدَّرُوا أنفسهم لقيادة الأمة - فضلاً عن أعدائها - بضعف العقل، ولرموه بقلة الحنكة، والجهل بإدارة المعارك، ولا حول ولا قوة إلا بالله.



فماذا كانت نتيجة هذا الاختبار؟

نتيجته: ﴿ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ﴾ [البقرة: 249]، فهؤلاء هم القليل المصطفون من القليل السابق، يعني أن أغلب القِلة السابقة قد خذلوه، وفشلوا في الاختبار، ولم يبق معه إلا القليل من هذه القلة.



بل وهذا القليل من القليل - أيضًا - لا يخلُص له، فعندما تجاوَزوا النهر واقتربوا من مكان عدوهم: ﴿ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ﴾.



هؤلاء هم صفوة الصفوة من بني إسرائيل، فما بالنا بمن دونهم؟ ماذا كان يكون حجم الكارثة لو خرج بهم جميعًا من البداية دون اختبار؟!



لكنه ما كان ليخرج بهم جميعًا دون اختبار وتصفية؛ لأنه يسير وفق منهج رباني، يعلم منه أن حملة الدين ورجال المنهج، ليسوا يَظهرون في الراحات، بل تظهرهم الشدائد.



إنها الفئة القليلة التي تحمل الدين حقًّا، ويُعتمد عليها في حمل مسؤولية تبليغه صدقًا.



وقد وجد بغيته أخيرًا، فقد ظهرت تلك الفئة القليلة التي كان يبحث عنها في هذه الشدة؛ ﴿ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 249].



هذه هي الفئة القليلة، وهذه هي صفتهم: ﴿ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ ﴾ فهم المؤمنون بالآخرة، المراقبون ربهم، المتقون ما يسخطه، المبتغون ما يرضيه، هؤلاء هم الذين يُعتمد عليهم في نشر العقائد، والعمل على وفاقها، وترسيخ المبادئ، ورفعة شأنها.



هم الذين يظهرون في مثل هذه المواقف دائمًا، فأيضًا في قصة موسى عليه السلام مع بني إسرائيل؛ إذ أبلغهم أمر الله لهم بدخول الأرض المقدسة، فأبوا - كعادتهم - وقالوا: ﴿ يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ ﴾ [المائدة: 22].



فظهرت هنا الفئة القليلة؛ ﴿ قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 23].



تأمَّل ما هي صفتهم: ﴿ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ ﴾، لم يقل: من الشجعان، ولم يقل: من أقوياء البُنيان، بل قال: من الذين يخافون، يخافون ربهم الذي يوحِّدونه ويعبدونه، الذي يقومون ويسجدون له، الذي لا يُحركهم إلا شرعه، الذي عبَّدوا له حياتهم كلها، ومن خاف الله لم يخف غيره.



ولذلك قالوا في هذا الموقف: ﴿ ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ﴾ [المائدة: 23]، ثم دلوا على سبب النصر: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 23].



انظر إلى فهمهم ووعيهم بأسباب النصر، ويقينهم بتعلُّقها كلها بالله - عز وجل - وبعبادته، إنهم حقًّا ﴿ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ﴾ [المائدة: 23]، فالفهم عن الله، وإدراك سننه في الأرض، والعمل على وفاقها، هي النعمة الحقيقية.



وهذا هو عين ما قالته الفئة القليلة من بني إسرائيل لطالوت: ﴿ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 249]، فهم يفهمون أن النصر بإذن الله، وأن القلة والكثرة ليست هي العوامل التي يعوَّل عليها، بل هي عوامل ثانوية تُطلب أخذًا بالأسباب فقط، وأما معية الله الذي بيده النصر فهي للمؤمنين الصابرين.



وأما التعويل على العدد وكثرته، فلم يكن يومًا من منهج أنبياء الله، ولا من منهج أتباعهم، بل يؤكد رسول الله على عدم الاعتماد على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الناس كالإبل المائة، لا تكاد تجد فيها راحلة))؛ صحيح البخاري (8 / 104)، ومسلم (4 / 1973).



قال ابن بطال: يريد صلى الله عليه وسلم أن الناس كثير، والمَرْضيَّ منهم قليل، كما أن المائة من الإبل لا تكاد تصاب فيها الراحلة الواحدة؛ شرح صحيح البخاري، لابن بطال (10 / 207).



وفي حديث ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تَداعى الأكلة إلى قصعتها))، فقال قائل: ومِن قلَّة نحن يومئذ؟ قال: ((بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفنَّ الله في قلوبكم الوهن))، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: ((حب الدنيا، وكراهية الموت))؛ سنن أبي داود (4 / 111).



إنما يؤثر العدد إذا كان عددًا قد تربَّى على المنهج الرباني؛ تربى على ألا يحرِّك ساكنًا، ولا يسكِّن متحركًا إلا وفق شرع الله، تربى على العبودية لله في كل شيء.



وأما العدد الذي لم يتربَّ على هذا المنهج، بل تربى على غيره من المناهج، بل على مناهج عدوه - إلا من رحم ربي - فليس هذا إلا عددًا أصابته الكِلّة - والكَلَّ: العيال والثقل؛ يقال: سيْف كليل: أي لَا حدَّ لَهُ، وذِئْب كليل: لا يَعدو على أحد، ومنه قول الله تعالى: ﴿ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلَاهُ ﴾؛ تهذيب اللغة (9 / 332)، ولسان العرب (11 /595).



وفي حديث حُنين: ((فَمَا زِلْتُ أَرى حَدَّهُمْ كَلِيلاً))؛ أي: شدتهم وقوتهم آلت إلى ضعف وفشل؛ مطالع الأنوار على صحاح الآثار (3 / 361).



إن مدار الأمر - إذًا - على المنهج، والتمسك به، والسير عليه، وصناعة الرجال على عينه، وليس على تجميع أكبر عدد كما يتصور البعض، بل كما يتصور بعض الذين كنا نراهم ذات يوم يُعلِّمون الناس أن العدد ليس هو المطلوب، بل المطلوب التركيز على المنهج، فإذا بنا نراهم مع الأحداث والوقائع تخلوا عن كل هذا، وذهبوا يلهثون وراء تجميع الناس، وليتهم يَجمعونهم على المنهج الرباني، بل على أمور زينها لهم الشيطان، وسولتها لهم أنفسهم، متنازلين في سبيل ذلك عن أمور كانوا يعلِّمون الناس أنها من أصول دين الله، فسبحان الذي قلوب العباد بين إصبعين من أصابعه - سبحانه - يصرفها كيف يشاء، ونسأله سبحانه الثبات، ونعوذ به من الحور بعد الكور.



إني لا أقول هذا بكاءً على اللبن المسكوب - كما يقال - فهذا لا يفيد، وليس هو الحل، بل أقوله لأن هذا هو الدرس العملي الذي يجب أن نتعلمه من مصير من تنكَّب الطريق، وظن أن في غيره النجاة والفلاح.



يجب أن نعلم ما هو المنهج الذي طبقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه رضوان الله عليهم، وهو الذي سجل لنا التاريخ علو شأن كل متمسك به، وضِعة كل متنازل عنه.



لا بد أن نعلم أن الله - عز وجل - لم يَكلْنا إلى أنفسنا في اختيار السبيل الذي نريده كي نكون حاملي دينه حقًّا، ومستحقين للتمكين في الأرض صدقًا، بل ذكر لنا في كتابه، وعلمنا في سيرة نبيه كيف السبيل.



لا بد أن نعلم أنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما صلح به أولها، فإذا أردنا الصلاح والفلاح والعودة للتمكن، وقيادة البشرية فعلينا أن نراجع حياتنا فنعيد تعبيدها لربها، لنكون سائرين على منهج الله الذي لا يقبل غيره، والذي هو مناط التمكين في الأرض؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 55].



إن الله قد هدانا النجدين، وبيَّن لنا الفرق بين المنهجين، فإما أن نعود إلى السير على ما ساروا عليه، وإما أن ننتظر مزيدًا من التدني والسقوط.



إما أن نلتزم سبيل الفئة القليلة، وإما أن نسقط في مصير الأمة الكليلة.



وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

احساس
01-22-2024, 04:21 PM
بارك الله فيك
وجزاك الفردوس الاعلى ان شاء الله
دمت بحفظ الله ورعايته