حكاية ناي ♔
01-26-2024, 01:36 PM
جيش أسامة بن زيد:
كان موقفُ أبي بكرٍ من إنْفاذ هذا الجيش إلى بلاد الشام التي يُسَيطرُ عليها الرُّوم - موقفًا مُسدَّدًا ومُوفَّقًا وقويًّا وثابتًا.
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد جهَّز جيشًا بقيادة أسامة بن زيد بن حارثة، وأمَرَه أنْ يذهَب إلى البلقاء وإلى غزَّة في فلسطين، وكان في عداد الجيش كبارُ الصحابة من المهاجرين الأوَّلين، ومنهم عمرُ بن الخطَّاب، وكان في الجيش الأنصارُ، وتُوفِّي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبلَ أنْ ينطلق الجيش، وبُويِعَ أبو بكر خليفةً على المسلمين، فجاء عمرُ بن الخطَّاب وقال لأبي بكر: يا خليفة رسول الله، إنَّ العرب قد ارتدَّت على أعقابها كفَّارًا، وأنت تريدُ أنْ تنفذ جيش أسامة، وفي جيش أسامةَ كبارُ القوم من ذوي الرأي، وفيه الأبطالُ الأشدَّاء، فلو حبست هؤلاء عندك تتقوَّى بهم على مَن ارتدَّ من العرَبِ!
فقال أبو بكر: ما أنا بفاعلٍ، والله لو علمتُ أنَّ السِّباع تجرُّ برجلي إنْ لم أردَّ الجيش ما ردَدتُه، ولا حَللتُ لواءً عقَدَه رسولُ الله.
فقال عمر: إنَّ الأنصار أمَرُوني أنْ أُبلِّغَك أنْ تُولِّي أمرَهم رجلاً أقدمَ سنًّا من أسامة، فوثَب أبو بكرٍ وكان جالسًا فأخَذ بلحية عُمَرَ، وقال: ثكلَتْك أمُّك يا ابن الخطَّاب، استعمَلَه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتأمُرُني أنْ أنزعَه!
ثم نادَى مُنادي أبي بكرٍ: ليتم بَعْثُ أسامة، ألا لا يبقينَّ بالمدينة أحدٌ من جُنْدِ أسامة إلا خرَج إلى عسكَرِه، ثم شيَّع الجيشَ وهو ماشٍ وأسامةُ راكبٌ، وعبدالرحمن يقودُ دابَّة أسامةَ.
فقال له أسامةُ: يا خليفة رسول الله، والله لتركبنَّ أو لأنزلنَّ.
قال أبو بكر: والله لا تنزل ولا أركب، وما عليَّ أنْ أُغبِّر قدميَّ في سبيل الله ساعةً، ثم قال لأسامة: إنْ رأيتَ أنْ تُعِينني بعُمَرَ فافعلْ، فأذن له، ثم قال أبو بكر:
أيها الناس، قِفُوا أُوصِكُم، فاحفَظُوا عنِّي هذه الوصيَّة:
لا تخونوا، ولا تغلُّوا، ولا تغدروا، ولا تُمثِّلوا، ولا تقتُلوا طفلاً صغيرًا، ولا شيخًا كبيرًا، ولا امرأةً، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرةً مثمرةً، ولا تذبحوا شاةً ولا بقرةً ولا بعيرًا إلا لمأكلةٍ، وسوف تمرُّون بأقوامٍ قد فرَّغوا أنفُسَهم في الصَّوامع، فدَعُوهم وما فرَّغوا أنفُسَهم له... إلى آخِر هذه الوصيَّة الرائعة.
فمضى أسامةُ، وانتهى إلى ما أمَرَه النبي -صلى الله عليه وسلم- فسَلِمَ وغَنِمَ، وجعَل لا يمرُّ بقبيلٍ يريدون الارتِدادَ إلا قالوا: لولا أنَّ لهؤلاء القوم قوَّةً ما خرج مثلُ هؤلاء من عندهم، فكان ذهابهم أربعين يومًا.
لقد كان خُروجُ هذا الجيش في ذلك الوقت من أكبر المصالح، ولَمَّا رجَعُوا جهَّزهم الصِّدِّيق لقتال المرتدَّة ومانِعِي الزكاة، فرَضِي الله عنه وأرضاه.
وقال الحافظ البيهقي بسنده إلى أبي هريرة - رضِي الله عنه - قال: والله الذي لا إله إلا هو، لولا أنَّ أبا بكرٍ استُخلِفَ ما عُبِدَ الله، ثم قال الثانية، ثم قال الثالثة، فقيل له: مَهْ يا أبا هريرة، فقال: إنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجَّه أسامةَ بن زيدٍ في سبعمائةٍ إلى الشام، فلمَّا نزل الجيش بذي خَشَبٍ قُبِضَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وارتدَّت العرب حول المدينة، فاجتمع إليه أصحابُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: يا أبا بكر، رُدَّ هؤلاء، تُوجِّه هؤلاء إلى الروم وقد ارتدَّت العرب من حول المدينة؟ فقال: والذي لا إلهَ غيره لو جرت الكلابُ بأرجل أزواج رسول الله ما ردَدتُ جيشًا وجَّهه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا حَللتُ لواءً عقَدَه رسولُ الله، فذهبوا فلقوا الروم فهزَمُوهم ورجَعُوا سالمين، فثبَتُوا على الإسلام؛ "البداية والنهاية" 6/ 305.
ثم وجَّه أبو بكرٍ - رضي الله عنه - أحدَ عشَرَ جيشًا إلى أهل الردَّة، وجعَل على كلِّ جيشٍ قائدًا من كبار القادة، وسأذكُر أسماءَ هؤلاء القادة، وهم:
1- خالد بن الوليد.
2- عكرمة بن أبي جهل.
3- شرحبيل بن حسنة.
4- المهاجر بن أبي أمية.
5- حذيفة بن محصن.
6- عَرفَجة بن هَرثَمة.
7- سُوَيْد بن مُقرِّن.
8- العلاء بن الحضرمي.
9- طَرِيفة بن حاجِز.
10- عمرو بن العاص.
11- خالد بن سعيد بن العاص.
وعادَتْ هذه الجيوش منتصرةً مظفَّرة، وعاد الناس إلى الإسلام، ثم انطلق المسلمون إلى الفتوح.
كان موقفُ أبي بكرٍ من إنْفاذ هذا الجيش إلى بلاد الشام التي يُسَيطرُ عليها الرُّوم - موقفًا مُسدَّدًا ومُوفَّقًا وقويًّا وثابتًا.
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد جهَّز جيشًا بقيادة أسامة بن زيد بن حارثة، وأمَرَه أنْ يذهَب إلى البلقاء وإلى غزَّة في فلسطين، وكان في عداد الجيش كبارُ الصحابة من المهاجرين الأوَّلين، ومنهم عمرُ بن الخطَّاب، وكان في الجيش الأنصارُ، وتُوفِّي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبلَ أنْ ينطلق الجيش، وبُويِعَ أبو بكر خليفةً على المسلمين، فجاء عمرُ بن الخطَّاب وقال لأبي بكر: يا خليفة رسول الله، إنَّ العرب قد ارتدَّت على أعقابها كفَّارًا، وأنت تريدُ أنْ تنفذ جيش أسامة، وفي جيش أسامةَ كبارُ القوم من ذوي الرأي، وفيه الأبطالُ الأشدَّاء، فلو حبست هؤلاء عندك تتقوَّى بهم على مَن ارتدَّ من العرَبِ!
فقال أبو بكر: ما أنا بفاعلٍ، والله لو علمتُ أنَّ السِّباع تجرُّ برجلي إنْ لم أردَّ الجيش ما ردَدتُه، ولا حَللتُ لواءً عقَدَه رسولُ الله.
فقال عمر: إنَّ الأنصار أمَرُوني أنْ أُبلِّغَك أنْ تُولِّي أمرَهم رجلاً أقدمَ سنًّا من أسامة، فوثَب أبو بكرٍ وكان جالسًا فأخَذ بلحية عُمَرَ، وقال: ثكلَتْك أمُّك يا ابن الخطَّاب، استعمَلَه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتأمُرُني أنْ أنزعَه!
ثم نادَى مُنادي أبي بكرٍ: ليتم بَعْثُ أسامة، ألا لا يبقينَّ بالمدينة أحدٌ من جُنْدِ أسامة إلا خرَج إلى عسكَرِه، ثم شيَّع الجيشَ وهو ماشٍ وأسامةُ راكبٌ، وعبدالرحمن يقودُ دابَّة أسامةَ.
فقال له أسامةُ: يا خليفة رسول الله، والله لتركبنَّ أو لأنزلنَّ.
قال أبو بكر: والله لا تنزل ولا أركب، وما عليَّ أنْ أُغبِّر قدميَّ في سبيل الله ساعةً، ثم قال لأسامة: إنْ رأيتَ أنْ تُعِينني بعُمَرَ فافعلْ، فأذن له، ثم قال أبو بكر:
أيها الناس، قِفُوا أُوصِكُم، فاحفَظُوا عنِّي هذه الوصيَّة:
لا تخونوا، ولا تغلُّوا، ولا تغدروا، ولا تُمثِّلوا، ولا تقتُلوا طفلاً صغيرًا، ولا شيخًا كبيرًا، ولا امرأةً، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرةً مثمرةً، ولا تذبحوا شاةً ولا بقرةً ولا بعيرًا إلا لمأكلةٍ، وسوف تمرُّون بأقوامٍ قد فرَّغوا أنفُسَهم في الصَّوامع، فدَعُوهم وما فرَّغوا أنفُسَهم له... إلى آخِر هذه الوصيَّة الرائعة.
فمضى أسامةُ، وانتهى إلى ما أمَرَه النبي -صلى الله عليه وسلم- فسَلِمَ وغَنِمَ، وجعَل لا يمرُّ بقبيلٍ يريدون الارتِدادَ إلا قالوا: لولا أنَّ لهؤلاء القوم قوَّةً ما خرج مثلُ هؤلاء من عندهم، فكان ذهابهم أربعين يومًا.
لقد كان خُروجُ هذا الجيش في ذلك الوقت من أكبر المصالح، ولَمَّا رجَعُوا جهَّزهم الصِّدِّيق لقتال المرتدَّة ومانِعِي الزكاة، فرَضِي الله عنه وأرضاه.
وقال الحافظ البيهقي بسنده إلى أبي هريرة - رضِي الله عنه - قال: والله الذي لا إله إلا هو، لولا أنَّ أبا بكرٍ استُخلِفَ ما عُبِدَ الله، ثم قال الثانية، ثم قال الثالثة، فقيل له: مَهْ يا أبا هريرة، فقال: إنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجَّه أسامةَ بن زيدٍ في سبعمائةٍ إلى الشام، فلمَّا نزل الجيش بذي خَشَبٍ قُبِضَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وارتدَّت العرب حول المدينة، فاجتمع إليه أصحابُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: يا أبا بكر، رُدَّ هؤلاء، تُوجِّه هؤلاء إلى الروم وقد ارتدَّت العرب من حول المدينة؟ فقال: والذي لا إلهَ غيره لو جرت الكلابُ بأرجل أزواج رسول الله ما ردَدتُ جيشًا وجَّهه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا حَللتُ لواءً عقَدَه رسولُ الله، فذهبوا فلقوا الروم فهزَمُوهم ورجَعُوا سالمين، فثبَتُوا على الإسلام؛ "البداية والنهاية" 6/ 305.
ثم وجَّه أبو بكرٍ - رضي الله عنه - أحدَ عشَرَ جيشًا إلى أهل الردَّة، وجعَل على كلِّ جيشٍ قائدًا من كبار القادة، وسأذكُر أسماءَ هؤلاء القادة، وهم:
1- خالد بن الوليد.
2- عكرمة بن أبي جهل.
3- شرحبيل بن حسنة.
4- المهاجر بن أبي أمية.
5- حذيفة بن محصن.
6- عَرفَجة بن هَرثَمة.
7- سُوَيْد بن مُقرِّن.
8- العلاء بن الحضرمي.
9- طَرِيفة بن حاجِز.
10- عمرو بن العاص.
11- خالد بن سعيد بن العاص.
وعادَتْ هذه الجيوش منتصرةً مظفَّرة، وعاد الناس إلى الإسلام، ثم انطلق المسلمون إلى الفتوح.