حكاية ناي ♔
01-27-2024, 03:55 PM
لا تنكر الصين أنها تواجه مشكلة اقتصادية، وقد تعهدت القيادة الصينية بالخروج من تلك الأزمة سريعا، إلا أن ذلك دفع بعديد من منافسيها للإعراب عن خشيتهم في أن يكون الحل الأسهل والأيسر الذي ستتبناه بكين يعتمد على إضعاف عملتها اليوان لزيادة صادراتها وإخراج الاقتصاد من مشكلته.
إضعاف أو خفض قيمة العملة الوطنية خاصة أمام الدولار الأمريكي، سيمثل وسيلة منطقية تجعل الاقتصاد الصيني يعتمد بشكل متزايد على الطلب العالمي لتعويض الطلب المحلي الضعيف.
ومنذ الحرب الروسية - الأوكرانية، انخفضت قيمة العملة الصينية في مواجهة الدولار بنسبة تقارب 14 في المائة، وخلال العام الماضي انخفضت 3 في المائة من قيمتها مقابل الدولار.
الخبير الاستثماري روبرت رولند، قال إن الشق الإيجابي للخطوة الصينية بإضعاف عملتها يكمن في انخفاض أسعار السلع المستوردة من الصين، وهذا يؤدي إلى انخفاض التضخم المرتفع في أغلب بلدان العالم، لكن من جانب آخر فإن ذلك يهدد القدرة التنافسية للصناعات المحلية في البلدان الأخرى، بما في ذلك الاقتصادات الناشئة والمتقدمة على حد سواء، وكذلك في الولايات المتحدة.
وأضاف في حديثه لـ"الاقتصادية" أن "انخفاض أسعار السلع الصينية يقوض الجهود الغربية للحد من اعتمادها على الواردات الصينية، خاصة مع إشارة الاتحاد الأوروبي أخيرا إلى أن السيارات الكهربائية الصينية الرخيصة قد تشكل خطرا على صناعة السيارات الأوروبية، كما سيحبط ذلك آمال عديد من الاقتصادات الناشئة على الاستحواذ على مزيد من فطيرة التصنيع العالمية، التي تحتكر الصين بما يراوح بين 25 - 26 في المائة منها منذ 2014".
سياسة نقدية متساهلة
مع هذا يرى بعض الخبراء أن الصين لا تحتاج إلى التدخل بشكل مباشر لخفض عملتها وتعزيز صادراتها، فالاقتصاد الصيني يمر بحالة من الضعف، وهذا في حد ذاته يفرض ضغطا هبوطيا على قيمة العملة، والمشكلة الأصعب التي تواجه البنك المركزي الصيني تكمن في محاولة الموازنة بين السعي لتعزيز النمو الاقتصادي المتباطئ مع الحفاظ على استقرار العملة في الوقت ذاته، خاصة أن أغلب التقديرات تشير إلى أن الاحتمال الأكبر أن يستمر الضغط على قيمة اليوان مع فشل القطاع العقاري في تحقيق الاستقرار المنشود، ما يؤثر في الاقتصاد العام والاستقرار المالي.
مع هذا يحمل بعض الخبراء المصرفيين القرارات المالية الغربية لمواجهة التضخم، المسؤولية في إضعاف اليوان الصيني ومن ثم زيادة قدرة الصين التصديرية.
وهنا قال لـ"الاقتصادية" وليام جورج الرئيس السابق لقسم المعاملات الدولية في مجموعة نت ويست المصرفية، إن "السياسة النقدية في الصين ظلت متساهلة في حين انتقل معظم الشركاء التجاريين وفي مقدمتهم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى دورة تشديد مالي حادة للسيطرة على التضخم".
وأضاف جورج "بينما خفض بنك الشعب الصيني "البنك المركزي" أسعار الفائدة إلى مستويات تاريخية في استجابة لضعف الطلب المحلي مع تعثر تعافي البلاد في مرحلة ما بعد كورونا، ارتفعت أسعار الفائدة في أماكن أخرى من العالم، وترجم ذلك إلى انخفاض قيمة العملة الصينية ليس فقط مقابل الدولار الأمريكي، لكن في مواجهة عملات معظم شركاء الصين التجاريين".
باختصار أصبحت العملة الصينية وصادراتها أرخص كثيرا وأكثر قدرة على المنافسة رغم الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد المحلي، والفضل في ذلك يعود إلى رغبة الاقتصادات الكبرى في السيطرة على معدلات التضخم لديها، والسياسات المالية الغربية التي تم تبنيها في العامين الماضيين.
وضع يزداد صعوبة
مع هذا يرى البعض أن وضع الصين الاقتصادي يزداد صعوبة، وضعف اليوان يحد من قدرة البنك المركزي على إجراء مزيد من التخفيضات في قيمة العملة لدعم الاقتصاد، إذ إن المستثمرين الأجانب يميلون إلى نقل أموالهم إلى البلدان التي يمكن أن يحصلوا فيها على أعلى العائدات، والارتفاع التاريخي لأسعار الفائدة في الولايات المتحدة في عامي 2022 و2023، يجذب الاستثمارات إليها ويقلصها في الصين.
لورين جوبتا، الباحثة في الاقتصاد الدولي تنتقد رؤية بعض الخبراء بأن الصين تتلاعب أو يمكن أن تتلاعب في قيمة عملتها الوطنية بشكل متعمد، وتعد أن تلك الرؤية تتناقض مع مصالح الصين على الأمد الطويل.
وذكرت لـ"الاقتصادية" أن "المخاوف الراهنة في بعض الاقتصادات الناشئة والغربية بشأن اليوان الصيني وانخفاض قيمته لا أساس لها من الصحة، وفي الواقع فإن البنك المركزي الصيني وغيره من البنوك المملوكة للدولة بدأت أخيرا في التدخل في أسواق العملة لدعم اليوان وليس لدفعه إلى الانخفاض في مقابل العملات الرئيسة الأخرى، فالخوف الأكبر لدى صانع القرار المالي في الصين أن يؤدي انخفاض اليوان بشكل حاد إلى عواقب مزعزعة للاستقرار كما حدث في 2015".
وأضافت "يبدو أن صناع السياسات في الصين يواجهون مأزقا في الوقت الراهن، فهم غير راغبين في المخاطرة بالسماح للعملة الوطنية بالانخفاض أكثر مما ينبغي لتعزيز الصادرات أو تشغيل التحفيز الاستهلاكي الضروري لدعم الطلب المحلي، وهذا لن يترك لهم سوى مسار واحد للتقدم إلى الامام عبر السماح بتكيف بطيء ومؤلم، فتخفيضات أسعار الفائدة ليست كافية لحل المشكلات الاقتصادية في الصين، وهناك حاجة ماسة لحزمة كبيرة من التحفيز المالي، لكن الحكومة تبدو مترددة حتى الآن في إنفاق مزيد لمساعدة الاقتصاد".
وتتفق وجهة النظر تلك مع شكوك عديد من الخبراء الاقتصاديين بإقدام الصين على التلاعب "عمدا" في قيمة عملتها الوطنية، فمثل تلك الخطوة تعد طعنة نجلاء لطموحاتها بتعزيز الاستخدام الدولي لعملتها في التجارة العالمية، حيث تعد رغبة الصين في جعل اليوان عملة دولية منافسة للدولار جزءا لا يتجزأ من استراتيجيتها العالمية بتبوء المركز الأول في الاقتصاد العالمي وقيادته.
إضعاف أو خفض قيمة العملة الوطنية خاصة أمام الدولار الأمريكي، سيمثل وسيلة منطقية تجعل الاقتصاد الصيني يعتمد بشكل متزايد على الطلب العالمي لتعويض الطلب المحلي الضعيف.
ومنذ الحرب الروسية - الأوكرانية، انخفضت قيمة العملة الصينية في مواجهة الدولار بنسبة تقارب 14 في المائة، وخلال العام الماضي انخفضت 3 في المائة من قيمتها مقابل الدولار.
الخبير الاستثماري روبرت رولند، قال إن الشق الإيجابي للخطوة الصينية بإضعاف عملتها يكمن في انخفاض أسعار السلع المستوردة من الصين، وهذا يؤدي إلى انخفاض التضخم المرتفع في أغلب بلدان العالم، لكن من جانب آخر فإن ذلك يهدد القدرة التنافسية للصناعات المحلية في البلدان الأخرى، بما في ذلك الاقتصادات الناشئة والمتقدمة على حد سواء، وكذلك في الولايات المتحدة.
وأضاف في حديثه لـ"الاقتصادية" أن "انخفاض أسعار السلع الصينية يقوض الجهود الغربية للحد من اعتمادها على الواردات الصينية، خاصة مع إشارة الاتحاد الأوروبي أخيرا إلى أن السيارات الكهربائية الصينية الرخيصة قد تشكل خطرا على صناعة السيارات الأوروبية، كما سيحبط ذلك آمال عديد من الاقتصادات الناشئة على الاستحواذ على مزيد من فطيرة التصنيع العالمية، التي تحتكر الصين بما يراوح بين 25 - 26 في المائة منها منذ 2014".
سياسة نقدية متساهلة
مع هذا يرى بعض الخبراء أن الصين لا تحتاج إلى التدخل بشكل مباشر لخفض عملتها وتعزيز صادراتها، فالاقتصاد الصيني يمر بحالة من الضعف، وهذا في حد ذاته يفرض ضغطا هبوطيا على قيمة العملة، والمشكلة الأصعب التي تواجه البنك المركزي الصيني تكمن في محاولة الموازنة بين السعي لتعزيز النمو الاقتصادي المتباطئ مع الحفاظ على استقرار العملة في الوقت ذاته، خاصة أن أغلب التقديرات تشير إلى أن الاحتمال الأكبر أن يستمر الضغط على قيمة اليوان مع فشل القطاع العقاري في تحقيق الاستقرار المنشود، ما يؤثر في الاقتصاد العام والاستقرار المالي.
مع هذا يحمل بعض الخبراء المصرفيين القرارات المالية الغربية لمواجهة التضخم، المسؤولية في إضعاف اليوان الصيني ومن ثم زيادة قدرة الصين التصديرية.
وهنا قال لـ"الاقتصادية" وليام جورج الرئيس السابق لقسم المعاملات الدولية في مجموعة نت ويست المصرفية، إن "السياسة النقدية في الصين ظلت متساهلة في حين انتقل معظم الشركاء التجاريين وفي مقدمتهم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى دورة تشديد مالي حادة للسيطرة على التضخم".
وأضاف جورج "بينما خفض بنك الشعب الصيني "البنك المركزي" أسعار الفائدة إلى مستويات تاريخية في استجابة لضعف الطلب المحلي مع تعثر تعافي البلاد في مرحلة ما بعد كورونا، ارتفعت أسعار الفائدة في أماكن أخرى من العالم، وترجم ذلك إلى انخفاض قيمة العملة الصينية ليس فقط مقابل الدولار الأمريكي، لكن في مواجهة عملات معظم شركاء الصين التجاريين".
باختصار أصبحت العملة الصينية وصادراتها أرخص كثيرا وأكثر قدرة على المنافسة رغم الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد المحلي، والفضل في ذلك يعود إلى رغبة الاقتصادات الكبرى في السيطرة على معدلات التضخم لديها، والسياسات المالية الغربية التي تم تبنيها في العامين الماضيين.
وضع يزداد صعوبة
مع هذا يرى البعض أن وضع الصين الاقتصادي يزداد صعوبة، وضعف اليوان يحد من قدرة البنك المركزي على إجراء مزيد من التخفيضات في قيمة العملة لدعم الاقتصاد، إذ إن المستثمرين الأجانب يميلون إلى نقل أموالهم إلى البلدان التي يمكن أن يحصلوا فيها على أعلى العائدات، والارتفاع التاريخي لأسعار الفائدة في الولايات المتحدة في عامي 2022 و2023، يجذب الاستثمارات إليها ويقلصها في الصين.
لورين جوبتا، الباحثة في الاقتصاد الدولي تنتقد رؤية بعض الخبراء بأن الصين تتلاعب أو يمكن أن تتلاعب في قيمة عملتها الوطنية بشكل متعمد، وتعد أن تلك الرؤية تتناقض مع مصالح الصين على الأمد الطويل.
وذكرت لـ"الاقتصادية" أن "المخاوف الراهنة في بعض الاقتصادات الناشئة والغربية بشأن اليوان الصيني وانخفاض قيمته لا أساس لها من الصحة، وفي الواقع فإن البنك المركزي الصيني وغيره من البنوك المملوكة للدولة بدأت أخيرا في التدخل في أسواق العملة لدعم اليوان وليس لدفعه إلى الانخفاض في مقابل العملات الرئيسة الأخرى، فالخوف الأكبر لدى صانع القرار المالي في الصين أن يؤدي انخفاض اليوان بشكل حاد إلى عواقب مزعزعة للاستقرار كما حدث في 2015".
وأضافت "يبدو أن صناع السياسات في الصين يواجهون مأزقا في الوقت الراهن، فهم غير راغبين في المخاطرة بالسماح للعملة الوطنية بالانخفاض أكثر مما ينبغي لتعزيز الصادرات أو تشغيل التحفيز الاستهلاكي الضروري لدعم الطلب المحلي، وهذا لن يترك لهم سوى مسار واحد للتقدم إلى الامام عبر السماح بتكيف بطيء ومؤلم، فتخفيضات أسعار الفائدة ليست كافية لحل المشكلات الاقتصادية في الصين، وهناك حاجة ماسة لحزمة كبيرة من التحفيز المالي، لكن الحكومة تبدو مترددة حتى الآن في إنفاق مزيد لمساعدة الاقتصاد".
وتتفق وجهة النظر تلك مع شكوك عديد من الخبراء الاقتصاديين بإقدام الصين على التلاعب "عمدا" في قيمة عملتها الوطنية، فمثل تلك الخطوة تعد طعنة نجلاء لطموحاتها بتعزيز الاستخدام الدولي لعملتها في التجارة العالمية، حيث تعد رغبة الصين في جعل اليوان عملة دولية منافسة للدولار جزءا لا يتجزأ من استراتيجيتها العالمية بتبوء المركز الأول في الاقتصاد العالمي وقيادته.