حكاية ناي ♔
01-28-2024, 07:54 AM
الأهمية: قال الزهري: "ما فُتِح للمسلمين فَتْح قبله كان أعظم منه"، وقد نزلت سورة الفتح للحديث عن أحداثه.
المكان: الحديبية، وهو اسم بئر يقع على بُعد (22 كم) شمال غرب مكة.
الزمن: كان في شهر ذي القعدة آخر سنة ست للهجرة، وهو من الأشهر الحرم، وهو اختيار مقصود.
سببه المعلن: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعلن في المسلمين أنه متوجه إلى مكة معتمرًا، فتبعه جمع كبير من المهاجرين والأنصار، بلغ عددهم ألفًا وأربعمائة تقريبًا، وتخلف عنه كثير من أهل القبائل المحيطة بالمدينة (مُزَينة وجُهَينة وبني بكر) بعد أن ندبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للخروج معه، وأراد أن يكون معه زحف كبير، وقد نزل القرآن ليتحدث عنهم؛ قال تعالى: ﴿ سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا * بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا ﴾ [الفتح: 11، 12].
لقد كان الإعلان عن العمرة من النبي صلى الله عليه وسلم قرارًا شجاعًا منه صلى الله عليه وسلم، بينما نظر إليه كثير من الأعراب نظرةَ ارتياب وشك؛ ولهذا وقفوا منه هذا الموقف الذي حدثنا عنه الحقُّ تبارك وتعالى..
وفاتهم أن النبي عليه الصلاة والسلام لا يتخذ مثل هذا القرار إلا بعد أن يُهيِّئ له أسبابه، فما هي الخطوات التي اتخذها النبي صلى الله عليه وسلم قبل اتخاذه هذا القرار؟
إذا رجعنا إلى كتب السيرة سنجد أنه صلى الله عليه وسلم اتخذ خطواتٍ متعددة، لعل من أهمها:
أولاً: تطهير المدينة من المجموعات اليهودية الكبيرة بعد أن نقضوا العهود والمواثيق، في كل من غزوة بني قينقاع، وبني النضير، وقُريظة أخيرًا، في آخر السنة الخامسة.
ثانيًا: في الشمال ضرب القيادات اليهودية خارج المدينة، بعد أن ثبت تحالفهم مع قبيلة غطفان في سعيهم الدؤوب في إعلان الحرب على المسلمين، ومنهم:
1 - سلام بن أبي الحقيق:
تسلم قيادة اليهود في خيبر، وقد أراد أن يتفق مع غطفان وبعض القبائل للسير إلى المدينة ومحاربة النبي صلى الله عليه وسلم، وبعد تأكده صلى الله عليه وسلم من الخبر انتدب الخزرج للقيام بهذه المهمة، وأرسل سريةً بقيادة عبدالله بن عتيك، ومعه خمسة من الخزرج لقتل سلام، فقتلوه بعد خطة ذكية ورجعوا منتصرين.
2 - اليسير بن رزام:
تسلم قيادة اليهود بعد سلام، وأخذ أيضًا بجمع الجموع لحرب النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليه عليه الصلاة والسلام سرية بقيادة عبدالله بن رواحة من الأوس على رأس تسعة وعشرين رجلاً فقتلوه.
ثالثًا: في الجنوب، قال علماء السيرة: بعد قريظة تفرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاقبة مَن أبدى حربه واعتدى على المسلمين، ومن هؤلاء الذين عاقبهم:
1- بنو لِحيان:
وهم حي من هُذيل، اعتدوا على مجموعة من خِيرة أصحابه وغدروا بهم يوم الرَّجيع في السنة الثالثة من الهجرة، وفيهم: خُبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة.
وديار هؤلاء موغِلة في بلاد الحجاز إلى حدود مكة، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم بسرية في جمادى الأولى من السنة السادسة للانتقام منهم.
2- أرسل سرية بقيادة عمرو بن أمية الضمري رضي الله عه لاغتيال أبي سفيان، ولم تنجح المحاولة؛ لأن قريشًا فطنت للأمر، فانسحب راجعًا إلى المدينة..
3- غزوة بني المصطلق: وقد فصلت كتب السيرة النبوية أحداثها.
رابعًا: في الشرق، غزوة ذات الرقاع: على قول بعض أهل العلم بالسيرة، ومنهم ابن القيم قال: "ربما كانت بعد غزوة الخندق"[1]، وقد اتفق علماء السيرة على أنها قبل خيبر.
وهي غزوة كان سببها معاقبة بعض قبائل نجد، وهم قبائل بني سُليم، من عُصية ورِعل وذكوان، الذين غدروا بسبعين رجلاً من أصحابه صلى الله عليه وسلم القرَّاء عند بئر معونة في السنة الرابعة الهجرية، وقنَت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا يدعو عليهم.
وعسكر رسول الله في مكان بنجد من أرض غطفان يسمى "نخل"، ولكن الله تعالى قذف في قلوب تلك القبائل الرعبَ - وقد كانوا جموعًا كثيرة - ولم يقَعْ أي قتال.
وممن جزم بأنها كانت بعد غزوة الخندق وقريظة الحافظُ ابن حجر في فتح الباري[2].
نتائج صُلح الحديبية:
1- اعتراف قريش - وهي سيدة الجزيرة والمعترف بها دوليًّا - بقوة المسلمين وقيادتهم..
2- ذهاب هيبة قريش أمام القبائل العربية، مثال ذلك: إعلان قبيلة خزاعة دخولها علنًا في حِلف مع النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن كان هذا الحلف سرًّا.
3- أتاح الصلحُ للمسلمين التفرغ ليهود خيبر وتيماء وفَدَك القاطنين في شمال المدينة، وهو الطريق الطبيعي لانطلاق الدعوة إلى آفاق العالَم، والاتصال بالعالم الخارجي.
وقد تم ذلك فعلاً؛ فقد بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه من صلح الحديبية بمخاطبة ملوك وأمراء عصره ودعوتهم إلى الإسلام، وقد نجح في ذلك نجاحًا منقطع النظير.
4- مضاعفة الجهود لنشر الإسلام بعد أن وضعت الحربُ أوزارها، وقد دخل في الإسلام خلال سنتين عددٌ أكبر من الذي دخله في الفترة السابقة.
المكان: الحديبية، وهو اسم بئر يقع على بُعد (22 كم) شمال غرب مكة.
الزمن: كان في شهر ذي القعدة آخر سنة ست للهجرة، وهو من الأشهر الحرم، وهو اختيار مقصود.
سببه المعلن: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعلن في المسلمين أنه متوجه إلى مكة معتمرًا، فتبعه جمع كبير من المهاجرين والأنصار، بلغ عددهم ألفًا وأربعمائة تقريبًا، وتخلف عنه كثير من أهل القبائل المحيطة بالمدينة (مُزَينة وجُهَينة وبني بكر) بعد أن ندبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للخروج معه، وأراد أن يكون معه زحف كبير، وقد نزل القرآن ليتحدث عنهم؛ قال تعالى: ﴿ سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا * بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا ﴾ [الفتح: 11، 12].
لقد كان الإعلان عن العمرة من النبي صلى الله عليه وسلم قرارًا شجاعًا منه صلى الله عليه وسلم، بينما نظر إليه كثير من الأعراب نظرةَ ارتياب وشك؛ ولهذا وقفوا منه هذا الموقف الذي حدثنا عنه الحقُّ تبارك وتعالى..
وفاتهم أن النبي عليه الصلاة والسلام لا يتخذ مثل هذا القرار إلا بعد أن يُهيِّئ له أسبابه، فما هي الخطوات التي اتخذها النبي صلى الله عليه وسلم قبل اتخاذه هذا القرار؟
إذا رجعنا إلى كتب السيرة سنجد أنه صلى الله عليه وسلم اتخذ خطواتٍ متعددة، لعل من أهمها:
أولاً: تطهير المدينة من المجموعات اليهودية الكبيرة بعد أن نقضوا العهود والمواثيق، في كل من غزوة بني قينقاع، وبني النضير، وقُريظة أخيرًا، في آخر السنة الخامسة.
ثانيًا: في الشمال ضرب القيادات اليهودية خارج المدينة، بعد أن ثبت تحالفهم مع قبيلة غطفان في سعيهم الدؤوب في إعلان الحرب على المسلمين، ومنهم:
1 - سلام بن أبي الحقيق:
تسلم قيادة اليهود في خيبر، وقد أراد أن يتفق مع غطفان وبعض القبائل للسير إلى المدينة ومحاربة النبي صلى الله عليه وسلم، وبعد تأكده صلى الله عليه وسلم من الخبر انتدب الخزرج للقيام بهذه المهمة، وأرسل سريةً بقيادة عبدالله بن عتيك، ومعه خمسة من الخزرج لقتل سلام، فقتلوه بعد خطة ذكية ورجعوا منتصرين.
2 - اليسير بن رزام:
تسلم قيادة اليهود بعد سلام، وأخذ أيضًا بجمع الجموع لحرب النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليه عليه الصلاة والسلام سرية بقيادة عبدالله بن رواحة من الأوس على رأس تسعة وعشرين رجلاً فقتلوه.
ثالثًا: في الجنوب، قال علماء السيرة: بعد قريظة تفرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاقبة مَن أبدى حربه واعتدى على المسلمين، ومن هؤلاء الذين عاقبهم:
1- بنو لِحيان:
وهم حي من هُذيل، اعتدوا على مجموعة من خِيرة أصحابه وغدروا بهم يوم الرَّجيع في السنة الثالثة من الهجرة، وفيهم: خُبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة.
وديار هؤلاء موغِلة في بلاد الحجاز إلى حدود مكة، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم بسرية في جمادى الأولى من السنة السادسة للانتقام منهم.
2- أرسل سرية بقيادة عمرو بن أمية الضمري رضي الله عه لاغتيال أبي سفيان، ولم تنجح المحاولة؛ لأن قريشًا فطنت للأمر، فانسحب راجعًا إلى المدينة..
3- غزوة بني المصطلق: وقد فصلت كتب السيرة النبوية أحداثها.
رابعًا: في الشرق، غزوة ذات الرقاع: على قول بعض أهل العلم بالسيرة، ومنهم ابن القيم قال: "ربما كانت بعد غزوة الخندق"[1]، وقد اتفق علماء السيرة على أنها قبل خيبر.
وهي غزوة كان سببها معاقبة بعض قبائل نجد، وهم قبائل بني سُليم، من عُصية ورِعل وذكوان، الذين غدروا بسبعين رجلاً من أصحابه صلى الله عليه وسلم القرَّاء عند بئر معونة في السنة الرابعة الهجرية، وقنَت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا يدعو عليهم.
وعسكر رسول الله في مكان بنجد من أرض غطفان يسمى "نخل"، ولكن الله تعالى قذف في قلوب تلك القبائل الرعبَ - وقد كانوا جموعًا كثيرة - ولم يقَعْ أي قتال.
وممن جزم بأنها كانت بعد غزوة الخندق وقريظة الحافظُ ابن حجر في فتح الباري[2].
نتائج صُلح الحديبية:
1- اعتراف قريش - وهي سيدة الجزيرة والمعترف بها دوليًّا - بقوة المسلمين وقيادتهم..
2- ذهاب هيبة قريش أمام القبائل العربية، مثال ذلك: إعلان قبيلة خزاعة دخولها علنًا في حِلف مع النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن كان هذا الحلف سرًّا.
3- أتاح الصلحُ للمسلمين التفرغ ليهود خيبر وتيماء وفَدَك القاطنين في شمال المدينة، وهو الطريق الطبيعي لانطلاق الدعوة إلى آفاق العالَم، والاتصال بالعالم الخارجي.
وقد تم ذلك فعلاً؛ فقد بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه من صلح الحديبية بمخاطبة ملوك وأمراء عصره ودعوتهم إلى الإسلام، وقد نجح في ذلك نجاحًا منقطع النظير.
4- مضاعفة الجهود لنشر الإسلام بعد أن وضعت الحربُ أوزارها، وقد دخل في الإسلام خلال سنتين عددٌ أكبر من الذي دخله في الفترة السابقة.