مشاهدة النسخة كاملة : البشارات المحمدية ( إن ملكوت الله ينزع منكم )


حكاية ناي ♔
01-30-2024, 02:43 PM
جاء في إنجيل متى الإصحاح (21) الأعداد (33 - 44):

"اسمعوا مثلاً آخَر: كان إنسانٌ ربُّ بيتٍ غرَسَ كرْمًا، وأحاطه بسياج، وحفَر فيه مَعصرةً، وبنى برجًا، وسلَّمه إلى كرَّامين وسافَرَ، ولما قرب وقت الإثمار أرسل عبيده إلى الكرَّامين ليأخذ أثماره، فأخَذ الكرَّامونَ عبيده وجلدوا بعضًا، وقتَلوا بعضًا، ورجَموا بعضًا، ثم أرسل أيضًا عبيدًا آخرينَ أكثرَ مِن الأوَّلينَ، ففعَلوا بهم كذلك، فأخيرًا أرسل إليهم ابنه قائلاً: يَهابون ابني، وأما الكرَّامون، فلمَّا رأوا الابن قالوا فيما بينهم: هذا هو الوارث، هلمُّوا نقتله ونأخذ ميراثه، فأخذوه وأخرَجوه خارج الكرم وقتلوه، فمتى جاء صاحب الكرم، ماذا يفعل بأولئك الكرامين؟ قالوا له: "أولئك الأردياءُ يُهلِكهم هلاكًا رديًّا، ويُسلِّم الكرم إلى كرَّامين آخرين يعطونه الأثمار في أوقاتها"، قال لهم يسوع: "أما قرأتم قطُّ في الكتب: الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأسَ الزاوية؟ من قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعينِنا؛ لذلك أقول لكم: إن ملكوتَ اللهِ يُنزَعُ منكم ويُعطى لأمة تعمل أثماره، ومن سقط على هذا الحجر يترضَّضُ، ومن سقط هو عليه يسحقه".


يَضرِبُ المسيح - عليه السلام - بحسب هذا النصِّ مثلاً لأمة اليهود الذين استَكبروا فعَصوا أنبياءَ الله وحارَبوهم وقتَلوهم.


قال الله تعالى: ﴿ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ﴾ [البقرة: 87].


فالكرَّامون في هذا المثل هم أمة اليهود، والعبيد الذين يُرسَلون لهم هم الأنبياء، والجزاء المُستحَقُّ لهؤلاء اليهود هو الهلاك وانتِزاعُ الملَكوت منهم، والمَقصود بهذا الملكوت هنا: النُّبوَّة التي تُنزَع من اليهود لتذهب إلى أمة أخرى؛ "لذلك أقول لكم: إن ملَكوت اللهِ يُنزَعُ منكم ويُعطى لأمة تعمَلُ أثماره".


فما الأمة التي ستُعطى هذا الملكوت وتنال تلك النبوة؟

إنها أمة الحجر الذي رفضَه البناؤون، كما جاء في النص: "أما قرأتُم قطُّ في الكتب: الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية؟ من قِبَلِ الرب كان هذا، وهو عجيب في أعيننا".


فما الحجر الذي رفضه البناؤون؟ إنه سيدنا إسماعيل - عليه السلام - ونسلُه؛ حيث رفض اليهود سيدنا إسماعيل وبَنيه؛ لأنه ابن جارية بزَعمِهم.


جاء في رسالة بولس إلى أهل غلاطية الإصحاح (4) الأعداد (21 - 31):

"قولوا لي، أنتم الذين تُريدون أن تَكونوا تحت الناموس: ألستُم تَسمعون الناموسَ؟ فإنه مكتوب أنه كان لإبراهيم ابنان، واحد من الجارية والآخر من الحُرَّة، لكن الذي من الجارية ولدَ حسب الجسد، وأما الذي مِن الحُرَّة فبالمَوعِد، وكل ذلك رمز؛ لأن هاتين هما العهدان، أحدهما من جبل سيناء، الوالد للعبودية، الذي هو هاجر؛ لأن هاجر جبل سيناء في العربية، ولكنه يُقابِلُ أورشليم الحاضرة، فإنها مُستعبَدة مع بنيها، وأما أورشليم العُليا، التي هي أمُّنا جميعًا، فهي حُرَّة؛ لأنه مكتوب: "افرَحي أيَّتها العاقر التي لم تلد، اهتفي واصرخي أيتها التي لم تتمخَّض؛ فإن أولاد الموحشة أكثر من التي لها زوج"، وأما نحن أيها الإخوة فنظير إسحاق، أولاد الموعد، ولكن كما كان حينئذٍ الذي ولد حسب الجسد يَضطهِد الذي حسب الروح، هكذا الآن أيضًا، لكن ماذا يقول الكتاب؟ "اطرد الجارية وابنَها؛ لأنه لا يرث ابن الجارية مع ابن الحُرة"؛ إذًا أيها الإخوة لسنا أولاد جارية؛ بل أولاد الحُرَّة".


فسيدنا إسماعيل - عليه السلام - تمَّ رفضُه هو ونسله؛ بحجة أن أمه هاجر - عليها السلام - جارية، وابن الجارية لا يرث كما جاء في النص.


فالحجر المرفوض الذي ستُنزع النبوة من بني إسرائيل وتعطى لأمته هو سيدنا إسماعيل ونسله، وبالتالي فإن هذه البشارة توضِّح أن النبوة من بعد المسيح ستكون لواحد من نسل إسماعيل - عليه السلام - ولم يأتِ نبيٌّ قط من وقتها من نسل إسماعيل إلا النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي يَنتسِب لنسل إسماعيل كما هو ثابت تاريخيًّا.


فنسب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى إسماعيل كالتالي: محمد بن عبدالله بن عبدالمُطَّلِبِ (شيبة) بن هاشم (عمرو) بن عبدِمناف (المغيرة) بن قُصيِّ (زيد) بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر (قيس) بن كنانة بن خزيمة بن مدركة، واسم مدركة (عامر) بن الياس بن مُضَر بن نزار بن معد بن عدنان بن أدد بن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب بن يَشجب بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم - عليهم السلام[1].


فحجر الزاوية هو النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - كما شبَّه هو نفسه في قوله: ((إن مَثَلي ومَثَل الأنبياء من قبلي كمَثل رجل بنى بيتًا، فأحسَنَه وأجمَلَه إلا موضع لبنةٍ من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويَعجبون له ويقولون: هلا وُضِعت هذه اللَّبِنة؛ فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين))[2].


من ناحية أخرى، فقد جاء في النص من صفات الأمة التي ستَكون فيها النبوة ما يلي: "ويُسلِّم الكَرْمَ إلى كرَّامينَ آخَرينَ يُعطونه الأثمار في أوقاتها)).


فهم يؤدُّون العبادات في أوقاتها، وهذا من شعارات هذه الأمة التي ارتبطت لديها جل العبادات بالأوقات:

فالصلاة لها مواقيت محدَّدة؛ كما قال الله - عز وجل -: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ [النساء: 103].


والصيام أيضًا له أيام معلومة، فقد قال الله - عز وجل -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 183، 184].


وكذلك الحج في وقت محدَّد؛ قال الله تعالى: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ﴾ [البقرة: 197].


والزكاة بكل أنواعِها مُرتبِطة بالمواقيت؛ مثل زكاة المال، والماشية، وعروض التجارة، التي تستحقُّ بمُرور حول بعد بلوغِ النِّصاب، أو زكاة الزروع التي تستحق وقت الحصاد؛ قال الله تعالى: ﴿ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾ [الأنعام: 141].


وممَّا سبَق يتَّضحُ أن هذه البشارة منطبقة على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - بشَكلٍ واضِح لا يُنكِره إلا جاحد، والحمد لله رب العالمين.

صمتي شموخي
01-30-2024, 02:49 PM
جزاك الله خيـر
وبارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما