حكاية ناي ♔
01-30-2024, 02:46 PM
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فآل البيت هم صفوة اصطفاهم الله عز وجل، وفضَّلهم على كثير من خلقه؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله اصطفى كنانةَ من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم))؛ فهم أشراف الناس حسبًا ونسبًا، وجاء في فضلهم قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [الأحزاب: 33]، وفي كل تشهُّد صلاة نصلِّيها، فإننا نصلي عليهم مع النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرها من الأدلة التي جاءت في بيان فضلهم العام والخاص؛ كالواردة في علي والعباس وعبدالله بن عباس، وفاطمة وأزواجه أمهات المؤمنين، والمهدي، رضي الله عنهم أجمعين؛ ولذا اختصوا في شريعة الإسلام بحقوق لا يشاركهم فيها أحدٌ، وقد ألَّف أهل السنة والجماعة كتبًا في فضائلهم ومروياتهم، ومُلِئت كتبُ الفقه بآرائهم، وكل ذلك عملاً بوصية النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال: ((ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تاركٌ فيكم ثقلين، أولهما كتابُ الله، فيه الهدى والنور، فخُذوا بكتابِ الله واستمسِكوا به)) - فحثَّ على كتابِ الله ورغَّب فيه - ثم قال: ((وأهل بيتي أُذكِّرُكم اللهَ في أهل بيتي، أذكِّرُكم الله في أهل بيتي، أُذكِّركم اللهَ في أهل بيتي)).
وحقوق آل البيت الموحِّدين المتبعين للسنَّة هي:
أولاً: حق المحبة:
فإن كان هذا حقًّا لكل مسلم فإنه لآل البيت آكد، بل يستحقُّون زيادة في المحبة والمودة والموالاة والتوقير، والإجلال والتبجيل، وذِكرهم بالخير والدعاء لهم، ودفع كل ما يؤذيهم أو يسيء إليهم؛ ففي سنن الترمذي: أن العباس بن عبدالمطلب دخَل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضَبًا فقال صلى الله عليه وسلم: ((ما أغضبك؟))، قال: يا رسول الله، ما لنا ولقريش إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مبشرة، وإذا لقونا لقونا بغير ذلك، فغضِب رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلم حتى احمرَّ وجهُه، ثم قال: ((والذي نفسي بيده، لا يدخُلُ قلبَ رجلٍ الإيمانُ حتى يحبَّكم لله ولرسوله)).
وهذا أبو بكر رضي الله عنه يقول لعلي رضي الله عنه: والذي نفسي بيده، لَقَرابةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبُّ إليَّ أن أصلَ من قرابتي.
وقال عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه للعباس رضي الله عنه: يا عباس، لَإسلامُك يومَ أسلمتَ كان أحبَّ إليَّ من إسلام الخطاب، وما لي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحبَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطَّاب!
ولا ينبغي إسقاطُ هذا الحق بدعوى الحذر من الغلو في الصالحين، بل نعتقد فضل آل البيت، وأنهم بشرٌ غير معصومين، وأن تفضيلَهم لا يعني تفضيلهم على كل الأشخاص، بل قد يوجد مِن غيرهم مَن هو أفضل منهم، لكننا ننزلهم منازلهم اللائقة بهم من غير غلوٍّ ولا جفاء؛ فإن عمرَ بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما إذا مر العباس وهما راكبانِ نزلا حتى يجاوزَهما؛ إجلالاً لعمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثانيًا: حق مادي:
قال تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الأنفال: 41].
فلهم حقٌّ من المَغْنَمِ والفيء، واختلف أهلُ العلم في مقدار هذا النصيب، ولعله أرجح الأقوال - والله أعلم - من قال: إنه يرجع تقديره للإمام؛ لأن الله عز وجل جعل الخُمُس لخمسة مصارف، ولم يعين مقدارًا ما لكل مصرفٍ منه، كما قاله الطاهر بن عاشور رحمه الله، وحيث لا يُعمل بهذا في واقعنا اليوم، فإنهم أَوْلى وأحقُّ من غيرهم بالصلة والعطاء والإكرام من بيت المال، فإن عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه لَمَّا وضَع الديوان بدأ بأهل البيت.
وكل هذا فضلٌ من الله ونعمة امتنَّ بها على آل البيت، وليس سببًا للمفاخرة واحتقار غيرهم؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَن أبطأ به عمَلُه لم يُسرِعْ به نسَبُه)).
وأقترح بأن يكون لآل البيت جمعية خاصة بهم، مركزها مكة، تقوم على:
1- التعريف بهم وبحقوقهم، وإثبات النَّسَب الشريف لمن هم مِن آل البيت، وفضح المنتسبين لهم كذِبًا وزورًا لتحقيق مكاسبَ دُنيوية.
2- تنظيم حقوقهم المالية بالاتصال المباشر بوليِّ الأمر.
3- فضح المرتزقة الذين يتحدَّثون نيابة عن آل البيت ليأكلوا أموالَ الناس بالباطل.
وصلَّى الله وبارك على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فآل البيت هم صفوة اصطفاهم الله عز وجل، وفضَّلهم على كثير من خلقه؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله اصطفى كنانةَ من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم))؛ فهم أشراف الناس حسبًا ونسبًا، وجاء في فضلهم قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [الأحزاب: 33]، وفي كل تشهُّد صلاة نصلِّيها، فإننا نصلي عليهم مع النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرها من الأدلة التي جاءت في بيان فضلهم العام والخاص؛ كالواردة في علي والعباس وعبدالله بن عباس، وفاطمة وأزواجه أمهات المؤمنين، والمهدي، رضي الله عنهم أجمعين؛ ولذا اختصوا في شريعة الإسلام بحقوق لا يشاركهم فيها أحدٌ، وقد ألَّف أهل السنة والجماعة كتبًا في فضائلهم ومروياتهم، ومُلِئت كتبُ الفقه بآرائهم، وكل ذلك عملاً بوصية النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال: ((ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تاركٌ فيكم ثقلين، أولهما كتابُ الله، فيه الهدى والنور، فخُذوا بكتابِ الله واستمسِكوا به)) - فحثَّ على كتابِ الله ورغَّب فيه - ثم قال: ((وأهل بيتي أُذكِّرُكم اللهَ في أهل بيتي، أذكِّرُكم الله في أهل بيتي، أُذكِّركم اللهَ في أهل بيتي)).
وحقوق آل البيت الموحِّدين المتبعين للسنَّة هي:
أولاً: حق المحبة:
فإن كان هذا حقًّا لكل مسلم فإنه لآل البيت آكد، بل يستحقُّون زيادة في المحبة والمودة والموالاة والتوقير، والإجلال والتبجيل، وذِكرهم بالخير والدعاء لهم، ودفع كل ما يؤذيهم أو يسيء إليهم؛ ففي سنن الترمذي: أن العباس بن عبدالمطلب دخَل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضَبًا فقال صلى الله عليه وسلم: ((ما أغضبك؟))، قال: يا رسول الله، ما لنا ولقريش إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مبشرة، وإذا لقونا لقونا بغير ذلك، فغضِب رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلم حتى احمرَّ وجهُه، ثم قال: ((والذي نفسي بيده، لا يدخُلُ قلبَ رجلٍ الإيمانُ حتى يحبَّكم لله ولرسوله)).
وهذا أبو بكر رضي الله عنه يقول لعلي رضي الله عنه: والذي نفسي بيده، لَقَرابةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبُّ إليَّ أن أصلَ من قرابتي.
وقال عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه للعباس رضي الله عنه: يا عباس، لَإسلامُك يومَ أسلمتَ كان أحبَّ إليَّ من إسلام الخطاب، وما لي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحبَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطَّاب!
ولا ينبغي إسقاطُ هذا الحق بدعوى الحذر من الغلو في الصالحين، بل نعتقد فضل آل البيت، وأنهم بشرٌ غير معصومين، وأن تفضيلَهم لا يعني تفضيلهم على كل الأشخاص، بل قد يوجد مِن غيرهم مَن هو أفضل منهم، لكننا ننزلهم منازلهم اللائقة بهم من غير غلوٍّ ولا جفاء؛ فإن عمرَ بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما إذا مر العباس وهما راكبانِ نزلا حتى يجاوزَهما؛ إجلالاً لعمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثانيًا: حق مادي:
قال تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الأنفال: 41].
فلهم حقٌّ من المَغْنَمِ والفيء، واختلف أهلُ العلم في مقدار هذا النصيب، ولعله أرجح الأقوال - والله أعلم - من قال: إنه يرجع تقديره للإمام؛ لأن الله عز وجل جعل الخُمُس لخمسة مصارف، ولم يعين مقدارًا ما لكل مصرفٍ منه، كما قاله الطاهر بن عاشور رحمه الله، وحيث لا يُعمل بهذا في واقعنا اليوم، فإنهم أَوْلى وأحقُّ من غيرهم بالصلة والعطاء والإكرام من بيت المال، فإن عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه لَمَّا وضَع الديوان بدأ بأهل البيت.
وكل هذا فضلٌ من الله ونعمة امتنَّ بها على آل البيت، وليس سببًا للمفاخرة واحتقار غيرهم؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَن أبطأ به عمَلُه لم يُسرِعْ به نسَبُه)).
وأقترح بأن يكون لآل البيت جمعية خاصة بهم، مركزها مكة، تقوم على:
1- التعريف بهم وبحقوقهم، وإثبات النَّسَب الشريف لمن هم مِن آل البيت، وفضح المنتسبين لهم كذِبًا وزورًا لتحقيق مكاسبَ دُنيوية.
2- تنظيم حقوقهم المالية بالاتصال المباشر بوليِّ الأمر.
3- فضح المرتزقة الذين يتحدَّثون نيابة عن آل البيت ليأكلوا أموالَ الناس بالباطل.
وصلَّى الله وبارك على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.