مشاهدة النسخة كاملة : حدث في السنة العاشرة من الهجرة (3)


حكاية ناي ♔
01-30-2024, 02:50 PM
13- وفي ذي الحجة من هذه السنة: قدم عليُّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - من نجران إلى مكة ليحج مع النبي - صلى الله عليه وسلم -.

الشرح:

وقدم عليٌّ من سعايته من اليمن بِبُدْن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حلَّ: ترجلَّت[1]، ولبست ثيابًا صبغًا واكتحلت، فأنكر ذلك عليها، وقال: من أمرك بهذا؟! فقالت: إن أبي أمرني بهذا.



قال: فكان عليٌّ يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محرشًا على فاطمة للذي صنعت مُستفتيًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما ذكرت عنه، فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها، فقالت: أبي أمرني بهذا، فقال: "صَدَقَتْ، صَدَقَتْ، صَدَقَتْ، أنا أمرتها به".



قال جابر: وقال لعليٍّ: "ماذا قلت حين فرضت الحج؟" قال: قلت: اللهم إني أهل بما أهل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.



قال: "فإن معي الهدي فلا تحل، وامكث حرامًا كما أنت". قال: فكان جماعة الهدي الذي قدم به عليٌّ من اليمن، والذي أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة مائة بدنة[2].



14- وفي ذي الحجة من هذه السنة: نزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو واقف بعرفة يوم الجمعة ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].

الشرح:

عَنْ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ نزلت عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا، قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]. قَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ الجُمُعَة[3].



15- وفي ذي الحجة من هذه السنة: ادَّعى مُسَيلِمة الكذاب النبوة، فرأى النبي - صلى الله عليه وسلم - رؤيا فيه وفي الأسود العَنْسي، فتحقَّقتْ.

الشرح:

عَنْ أبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِخَزَائِنِ الْأَرْضِ، فَوُضِعَ فِي كَفِّي سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَكَبُرَا عَلَيَّ، فَأَوْحَى الله إِلَيَّ أَنْ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا، فَذَهَبَا، فَأَوَّلْتُهُمَا الْكَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا صَاحِبَ صَنْعَاءَ وَصَاحِبَ الْيَمَامَةِ[4].



وفي "البخاري" عن أبي هريرة أيضًا: أحدهما العنْسي والآخر مسيلمة[5].



16- وفي هذه السنة: قدم وفد الأَزْد بقيادة صُرَد بن عبد الله الأَزْدي - رضي الله عنه - على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

الشرح:

قدم صُرَد بن عبد الله الأزدي في بضعة عشر رجلاً من قومه، وفدًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنزلوا على فروة بن عمرو فحيَّاهم وأكرمهم، وأقاموا عنده عشرة أيام، وكان صُرَد أفضلهم، فأمَّره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على من أسلم من قومه، وأمره أن يجاهد بهم من يليه من أهل الشرك من قبائل اليمن، فقاتل بهم أهل جُرَش، فهزمهم[6].



17- وفي هذه السنة: قدم وفد زُبيد على النبي - صلى الله عليه وسلم -.

الشرح:

قدم عمر بن معد يكرب الزبيدي في عشرة نفر من زبيد المدينة، فقال: من سيِّد أهل هذه البحرة من بني عمرو بن عامر؟ فقيل له: سعد بن عبادة، فأقبل يقود راحلته حتى أناخ ببابه، فخرج إليه سعد فرحَّب به، وأمر رحله فُحُطَّ وأكرمه وحباه، ثم راح به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلم هو ومن معه، وأقام أيامًا، ثم أجازه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجائزة وانصرف إلى بلاده، وأقام مع قومه على الإسلام فلما تُوفِّي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ارتدَّ، ثم رجع إلى الإسلام، وأبلى يوم القادسية وغيرها[7].



18- وفي هذه السنة: قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَرْوُة بن مُسَيك المراديُّ، فأسلم، فولّاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على: مُراد، وزُبيد، ومُذْحج، وبعث معه خالد بن سعيد بن العاص على الصدقة.

الشرح:

قال ابن إسحاق - رحمه الله -:

وقدم فروة بن مُسَيك المرادي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مفارقًا لملوك كندة، ومباعدًا لهم، إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.



واستعمله النبي - صلى الله عليه وسلم - على مُراد، وزبيد، ومذحج كلها، وبعث معه خالد بن سعيد بن العاص على الصدقة، فكان معه في بلاده حتى تُوفِّي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [8].



19- وفي هذه السنة: قدم وفد عبد القيس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القَدْمَة الثانية، وفيهم الجارود بن المعلَّى، وكان نصرانيًا فأسلم.

الشرح:

قدم على رسول - صلى الله عليه وسلم - الجارود بن عمرو بن حَنَش أخو عبد القيس، وكان نصرانيًا، فلما انتهى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلَّمه فعرض عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإسلام، ودعاه إليه، ورغبه فيه، فخرج من عنده الجارود راجعًا إلى قومه، وكان حسن الإسلام، صُلبًا في دينه حتى هلك[9].



20- وفي هذه السنة: قدم وفد بني حنيفة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفيهم مُسيلمة الكذَّاب.

الشرح:

قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفد بني حنيفة، فيهم مسيلمة بن حبيب الحنفي الكذاب، فكان منزلتهم في دار بنت الحارث امرأة من الأنصار من بني النجار، فأتت به بنو حنيفة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تستره بالثياب، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس في أصحابه، معه عسيب من سَعَف النخل[10]، في رأسه خوصات، فلما انتهى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم يسترونه بالثياب، كلمة وسأله، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو سألتني هذا العسيب ما أعطيتكه[11].



عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَجَعَلَ يَقُولُ إِنْ جَعَلَ لِي مُحَمَّدٌ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ تَبِعْتُهُ وَقَدِمَهَا فِي بَشَرٍ كَثِيرٍ مِنْ قَوْمِهِ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ ثَابِتُ بن قَيْسِ بن شَمَّاسٍ، وَفِي يَدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قِطْعَةُ جَرِيدٍ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِي أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: "لَوْ سَأَلْتَنِي هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا، وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ الله فِيكَ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ الله، وَإِنِّي لَأَرَاكَ الَّذِي أُرِيتُ فِيهِ مَا رَأَيْتُ، وَهَذَا ثَابِتٌ يُجِيبُكَ عَنِّي ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ".[12].



21- وفي هذه السنة: قدم الشقيَّان: عامر بن الطفيل، وأَرْبَد بن قيس بن جَزْء على النبي - صلى الله عليه وسلم - للغدر به، فدعا عليهما، فُطعِن أحدهما، وصُعِق الآخر.

الشرح:

عن ابن عباس قال: قدم عامر بن الطفيل وأَرْبَد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله هذا عامر بن الطفيل قد أقبل نحوك، فقال: "دعه فإن يرد الله به خيرا يهده"، فأقبل حتى قام عليه، فقال: يا محمد مالي إن أسلمت؟ قال: "لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم"، قال: تجعل لي الأمر من بعدك؟ قال: "لا ليس ذلك إلي إنما ذلك إلى الله يجعله حيث يشاء"، قال: فتجعلني على الوبر وأنت على المدر؟، قال: "لا"، قال: فماذا تجعل لي؟ قال: "أجعل لك أَعنَّة الخيل تغزو عليها"، قال: أو ليس ذلك إلي اليوم؟ وكان أوصى إلى أَرْبَد بن ربيعة إذا رأيتني أكلمه فدر من خلفه واضربه بالسيف، فجعل يخاصم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويراجعه، فدار أَرْبَد خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - ليضربه، فاخترط من سيفه شبرًا ثم حبسه الله تعالى فلم يقدر على سلَّه، وجعل عامر يومئ إليه، فالتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأى أربد وما يصنع بسيفه، فقال: "اللهم اكفنيهما بما شئت"، فأرسل الله تعالى على أَرْبَد صاعقة في يوم صائف صاح فأحرقته، وولى عامر هاربًا وقال: يا محمد دعوت ربك فقتل أربد، والله لأملأنها عليك خيلا جردًا وفتيانًا مردًا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يمنعك الله تعالى من ذلك وابنا قيلة" – يريد الأوس والخزرج- فنـزل عامر بيت امرأة سلولية، فلما أصبح ضمّ عليه سلاحه، فخرج وهو يقول: واللات والعزى لئن أصحر محمد إليّ وصاحبه - يعني ملك الموت- لأنفذنّهما برمحي، فلما رأى تعالى ذلك منه أرسل ملكًا فلطمه بجناحيه فأذراه في التراب، وخرجت على ركبته غدة في الوقت عظيمة كغدة البعير، فعاد إلى بيت السلولية وهو يقول: غدّة كغدة البعير وموت في بيت السلولية، ثم مات على ظهر فرسه، وأنـزل الله تعالى فيه هذه القصة: ﴿ سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ... ﴾ حتى بلغ ﴿ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ﴾ [الرعد: 13- 14][13].



(الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية في ترتيب أحداث السيرة النبوية)

رحيق الورد
01-30-2024, 03:00 PM
جزاك الله خيرا
وجعلة فى ميزان حسناتك