مشاهدة النسخة كاملة : معادن الناس (4)


حكاية ناي ♔
01-30-2024, 03:18 PM
الحمد لله الرحيم الغفار مُقلِّب القلوب والأبصار، ومقدِّر الأمور كما يشاء ويختار، خلق الشمس والقمر بحسبان ومقدار، وجعلها مواقيت في هذه الدار، حكمةٌ بالغة من عليمٍ ذي اقتدار، أحمَده وأشكره، وفضله على من شكره مدرار، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له مُقدِّر الأقدار، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المصطفى المختار،صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأخيار.


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلعمران: 102]، أما بعد عباد الله:

فبعد أن وقفنا وتأمَّلنا المعادن الخبيثة والرديئة الهالكة في كتاب الله تعالى، نبدأ اليوم العيش مع المعادن الطيبة النفيسة، وهم على نوعين من الناس على تفاوت بينهما، حد أعلى وحد أدنى، وفي كل خير.


ففي المستوى الأول: قال الله تعالى: ﴿ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [البقرة: 207].



وهذه الآية تفيد المنزلة العالية والدرجة الرفيعة التي وصل إليها من خلُص معدنهم لله عز وجل، فباعوا كل ما عندهم ليشتروا ما عنده.


والمستوى الثاني: من هذا المعدن الطيب هو الذي جمع بين حسنة الدنيا وحسنة الآخرة، وسعى لمصالح الدنيا والآخرة، وجعل همه الأكبر أولًا وأخيرًا النجاة من النار، وتأمل هذا في قوله تعالى: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].


ومثل هذا التفاوت في المستوى تجده في قوله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوي خير واحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير).


وتأملوا عباد الله حديث أطيب الناس وأصدقهم وخيرهم وأحسنهم، فيما روي عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قيل يا رسول الله، أي الناس أفضل؟ قال: «كل مخموم القلب صدوق اللسان»، قالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال: «هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي، ولا غل، ولا حسد»؛ [ابن ماجه بإسناد صحيح].


وصاحب المعدن الطيب النفيس لا يُقاس ولا يوزن بالشكل والمظهر، وإنما بالجوهر والمخبر، وتأمل هذا في قوله صلى الله عليه وسلم: «رُب أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب، لو أقسم على الله لأبره»، [صحيح مسلم (2622)، سنن الترمذي (3854 )].


ولأن معدن الإيمان هو أنفس المعادن، فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم من يريد الزواج بأن يظفر بالمعدن الطيب المرأة ذات الدين، فقال: «تُنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك»؛ [أخرجه البخاري في النكاح [5090]، ومسلم في كتاب الرضاع [1466].


وأطيب الناس معدنًا هو محمد صلى الله عليه وسلم، ثم الأنبياء والرسل عليهم أفضل الصلاة وأزكى التسليم، ثم حواريهم وأنصارهم، ثم من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.


عباد الله، أصحاب المعادن الطيبة هم أنفس المعادن وأزكاها، ولذلك هم قليلون كما ذكرنا في الجمعة الماضية، وتأمل هذا في قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى يقول: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، فيقول: ابعث بعث النار، فيقول: وما بعث النار؟ فيقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار، وواحد إلى الجنة، فحينئذ يشب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها فيقال: إن فيكم أمتين، ما كانتا في شيء إلا كثرتاه، يأجوج ومأجوج »؛ [انظر صحيح البخاري مع الفتح 8 / 441 في تفسير سورة الحج، وصحيح مسلم في كتاب الإيمان، باب بعث النار].


وأصحاب المعادن الطيبة المباركة هم غرباء لقلتهم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: «بدأ الدين غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء»؛ [أخرجه مسلم في كتاب الإيمان [145] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].


وفي بعض الألفاظ: قيل: من الغرباء يا رسول الله؟ قال: « الذين يصلحون ما أفسد الناس، أو يصلحون إذا فسد الناس»؛ [هذا اللفظ أخرجه الآجري في صفة الغرباء من المؤمنين (ص19-20)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وفي سنده أبو إسحاق السبيعي وقد عنعن، ولكن له شواهد يتقوى بها، انظر: تخريج بدر البدر لصفة الغرباء.]


عباد الله، معادن أهل الإيمان والطهر والعفاف والإحسان، ما أوصافهم وأخلاقهم وأحوالهم؟

لقد شبههم النبي صلى الله عليه وسلم بستة أمثلة أو تزيد:

الأول: شبههم المصطفى كالذهب في الصفاء والجودة، كما في صحيح الجامع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم: «إن مثل المؤمن كمثل القطعة من الذهب نفخ فيها صاحبها فلم تتغير ولم تنقص»؛ [أخرجه أحمد « 2 / 199 »وهو في السلسلة الصحيحة" 5 / 360].


الله أكبر هكذا المؤمن لا تزيده الفتن والابتلاءات إلا صبرًا وثباتًا وبريقًا ولمعانًا.


ثانيًا: المؤمن كالنحلة قال صلى الله عليه وسلم: « والذي نفس محمدٍ بيده، إن مثل المؤمن مثل النحلة أكلت طيبًا ووضعت طيبًا، وان وقعت لم تكسر ولم تفسد»؛ [أخرجه أحمد « 2 / 199»، وهو في السلسلة الصحيحة " 5 / 360 ].


سبحان الله المؤمن حياته كلها طيبة، أكله طيب لسانه طيب، أعماله طيبة مَيتته طيبة.


ثالثًا: المؤمن كالجمل قال صلى الله عليه وسلم: «المؤمن كالجمل الأنف إذا انقيد انقاد، وإذا أنخته على صخرة استناخ»؛ [السلسلة الصحيحة 2 / 648]، فالفظاظة والغلظة والجفاء, لا تتناسب أبدًا مع خيرية المسلم, ولا مع طبيعة الإيمان.


والجمل معروف عنه أنه لا يأتي أُمه، ولا يجامع أنثاه أمام الناس كما تفعل الحيوانات الأخرى، وهذا من أنفَته.


والمؤمن عزيز أنف مستعلٍ بإيمانه، متواضع صبور ينقاد للخير وأهله، ويتحمل المشاق في مرضاة الخالق سبحانه، وفي نفع العباد.


رابعًا: المؤمن كالأترجة قال صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة، ريحها طيب وطعمها طيب»؛ [صحيح الجامع].


خامسًا: المؤمن خيرٌ من أكثر من مائة مثله، فالمؤمن في وزنه وفضله ومنزلته عند الله، خيرٌ من مائة من مثله؛ قال صلى الله عليه وسلم: «لا نعلم شيئًا خيرًا من مائة مثله إلا الرجل المؤمن»؛ [السلسلة الصحيحة].


سادسًا: المؤمن كالنخلة جاء في صحيح الجامع عن عمر بن رزين رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: «مثَل المؤمن مثل النخلة ما أخذت منها شيء نفعك»، وهكذا المؤمن أينما حل نفع، وقال: «إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المؤمن «قال هي النخلة».


والنخلة كلها منافع: ثمارها متنوعة، وجريدها يُصنع منه الحصير والحبال والليف، وغير ذلك، ومن جذوعها وسوقها أعمدة وسقوف للمباني.


تأمل قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [إبراهيم: 25].


عباد الله، تلك أمثالهم وأما أحوالهم فأربعةُ أحوال:

أولًا: مفاتيح للخير مغاليق للشر؛ قال صلى الله عليه وسلم: «إن من الناس ناسًا مفاتيح للخير ومغاليق للشر، وإن من الناس ناسًا مفاتيح للشر ومغاليق، فطوبى لعبد جعله الله عز وجل مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر، وويلٌ لعبد جعله الله مفتاحًا للشر مغلاقًا للخير»؛[رواه ابن ماجه وحسنه الألباني].


وقال صلى الله عليه وسلم: «خيرُكم من يُرجى خيره ويُؤمن شره، وشركم من لا يُرجى خيره ولا يؤمن شره»؛ [رواه احمد من حديث أبي هريرة].


ثانيًا: حُسْن أخلاقهم أخرج الإمام أحمد وأبو داود من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي قال صلى الله عليه وسلم: «إن المؤمن ليُدرك بحسن خلقه درجات الصائم والقائم»، وأخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن حسن الخلق أثقل ما يوضع في الميزان، وإن صاحبه أحب الناس إلى الله وأقربهم من النبيين مجلسًا».


وقال صلى الله عليه وسلم كما في سنن الترمذي: «خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره».


ثالثًا: صبرهم على البلاء؛ روى البخاري عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الرياح، تصرعها مرة وتعدلها مرة، حتى يأتيها الأجل، ومثل المنافق كمثل الأَرزةِ المجدية التي لا يُصيبها شيء، حتى يكون انجعافُها مرة واحدة».


رابعًا: صيتهم وذكرهم، روي في صحيح الجامع عن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: «ما من عبدٍ إلا وله صيتٌ في السماء، فإذا كان صيته في السماء حسنًا وضع في الأرض حسنًا، وإذا كان صيته في السماء سيئًا، وضع في الأرض سيئًا».


بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيمًا لشانه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه وعلى آله وأصحابه وجميع إخوانه، وبعد عباد الله:

فالمعادن الطيبة الزكية تلك أمثالهم وأحوالهم أما صفاتهم:

أولًا: كلامهم طيب وقولهم سديد، اسمعوا ماذا يقول الله عنه؛ قال تعالى: ﴿ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ ﴾ [الحج: 24]، وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴾ [المؤمنون: 3]، وقال تعالى: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا ﴾ [الفرقان: 63]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 70]، وقال تعالى: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾ [الإسراء: 53].


وقال صلى الله عليه وسلم: «ليس المؤمن باللعّان ولا بالطعّان ولا بالفاحش البذيء»؛ [رواه أحمد والترمذي وهو في السلسلة الصحيحة«320»].


ثانيًا: طابت أقوالهم وأعمالهم فطابت حياتهم؛ قال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].


ثالثًا: طابت معيشتهم وطابت أرزاقهم؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [البقرة: 172].


رابعًا: حياتهم الزوجية طيبة؛ قال تعالى: ﴿ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [النور: 26]، وقال تعالى: ﴿ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ﴾ [النساء: 3].


خامسًا: ذريَّتهم طيبة؛ فهذا نبي الله زكريا يدعو ربه أن يهب له ذرية طيبة؛ قال تعالى: ﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [آل عمران: 38].


سادسًا: إنفاقه طيب جاء من كسبٍ طيب؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [البقرة: 267].


سابعًا: تحيَّتهم طيبة، فهي السلام والله هو السلام، ومنه السلام، تبارك وتعالى ذو الجلال والإكرام.


قال تعالى: ﴿ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [النور: 61].


ثامنًا: صحبتهم ومجالسهم طيبة، مجالسهم يفوح منها المسك؛ لأنها معطرة بذكر الله والصلاة على رسول الله؛ قال صلى الله عليه وسلم: «مثلُ الجليس الصالح كمثل العطّار إن لم يعطك من عطره أصابك من ريحه»؛ [صحيح الجامع].


تاسعًا: يختارون أطايب الكلام؛ روى الإمام أحمد والطبراني بأسانيد صحيحة أن رسول الله قال صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس، اسمعوا واعقلوا واعلموا أن لله عز وجل عبادًا ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يَغبطهم النبيون والشهداء على منازلهم وقُربهم من الله»، فجثا رجل من الأعراب من قاصية القوم، وألوى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ناسٌ من المؤمنين ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء على مجالسهم وقربهم، انْعَتهم لنا يا رسول الله، فسُرَّ وجه الرسول بسؤاله، فقال: «هم أناسٌ من بلدان شتى ومن نوازع القبائل، لم تصل بينهم أرحام متقاربة، تحابوا في الله وتصافوا، يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسهم عليها، فيجعل وجوههم نورًا وثيابهم نورًا، يفزَع الناس ولا يفزعون، وهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون».


وفي رواية: "يجتمعون على ذكر الله ينتقون أطايب الكلام كما ينتقي آكل التمر أطايبه»، وعنأبيمالكالأشعريرضي الله عنه عنالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة غُرفًا يُرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدَّها الله لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلى بالليل والناس نيام»؛ [رواه أحمد «5 /343» والبيهقي في شعب الإيمان، وحسنه الألباني في صحيح الجامع رقم 2119].


اللهم طهِّر ألسنتنا من الكذب والغيبة والنميمة، وقلوبنا من النفاق والغل والغش، والحسد والكبر والعجب، وأعمالنا من الرياء والسمعة، وبطوننا من الحرام والشبهة، وأعيننا من الخيانة، فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.


هذا وصلوا عباد الله على رسول الهدى، فقد أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

بلسم الروح
01-30-2024, 04:41 PM
جزاك الله خيرا
وجعلة فى ميزان حسناتك