حكاية ناي ♔
01-30-2024, 03:40 PM
إن الناس تسمع بأعينها قبل أن تسمع بآذانها. تسمع من الخطيب الخطب الرنّانة والعرض القوي.. لكنها مدركة أن هناك أمرًا أكثر من ذلك وهو رؤية الخطيب ملتزمًا بما يقول.. ودون ذلك فلا استماع ولا ثقة، إنه يكون كالإبرة تكسو الناس وهي عريانة، وكالشمعة تضيء للناس وهي تحترق. أو كالبخور ينفع غيره ويضر نفسه.
قال الله جل شأنه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ ﮣ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2-3] وقال سبحانه ذامًّا ما وقع فيه بنو إسرائيل بقوله: ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: 44].
بل جاء في سنة النبي -صلى الله عليه وسلم - ما يدل على خطورة ذلك حتى على الخطباء الذين يعتلون المنابر ويعظون الناس، فقد روى الإمام أحمد في مسنده وأبو نعيم في الحلية وأبو يعلى عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار، قال: قلت: منْ هؤلاء؟ قال: خطباء من أهل الدنيا، كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أُنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون؟» قال الهيثمي: «وأحد أسانيد أبي رجاله رجال الصحيح»[ انظر: مجمع الزوائد (7 / 276)].
قال النخعي –رحمه الله -: «ثلاث آيات منعتني أن أقص على الناس ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ ﴾ [البقرة:44]، ﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ﴾ [هود:88]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف:2]» [انظر: تفسير القرطبي (18 / 72)].
وقال الخطابي–رحمه الله -: « إن المتكلمين على الناس ثلاثة أصناف: مذكِّر، وواعظ، وقاصّ. فالمذكِّر: الذي يذكِّر الناس آلاء الله ومنته ونعماءه، ويبعثهم به على الشكر له، والواعظ: يخوفهم بالله وينذرهم عقوبته فيردعهم به عن المعاصي، والقاص: وهو الذي يروي لهم أخبار الماضين، ويسرد عليهم القصص، فلا يأمن أن يزيد فيها أو ينقص، والمذكِّر والواعظ مأمون عليهما هذا المعنى» [ انظر: معالم السنن (4/ 72)].
وقال أبو الدرداء -رضي الله عنه-: «إن علامة الجهل ثلاث: العجب، وكثرة المنطق فيما لا يعنيه، وأن ينهى عن شيء ويأتيه» [انظر: جامع بيان العلم وفضله (1 / 143)].
قال مالك بن دينار–رحمه الله -: «إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل القطر عن الصفا».
وقال جندب بن عبدالله البجلي –رحمه الله - عن حديث ذكره: «إن مثل الذي يعظ الناس وينسى نفسه كالمصباح يحرق نفسه ويضيء لغيره».
قال ابن عبد البر معلقًا على هذا الكلام: أخذه بعض الحكماء فقال:
وبخَّت غيرك بالعمى فأفدته
بصرًا وأنت محسِّنٌ لعماكا
كفتيلة المصباح تحرق نفسها
وتنير موقدها وأنت كذاكا
وقال أبو الدرداء-رضي الله عنه-: «ويل لمن يعلم ولم يعمل مرة، وويل لمن علم ولم يعمل سبعين مرة» [انظر: صيد الخاطر ص (50) إحياء علوم الدين (1 / 63).].
ومما لا شك فيه أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر إنما هو كالطبيب الذي يداوي الناس، فمن العيب أن يصف الطبيب للناس الدواء وطرق الوقاية ثم هو لا يفعل ذلك.
رحم الله الشاعر وهو يقول في هذا الشأن:
أيها العالم إياك الزلل
واحذر الهفوة، فالخطب جلل
هفوة العلم مستعظمة إن
هفا أصبح في الخلق مثل
لا تقل يستر علمي زلتي بل
بها يحصل في العلم الخلل
إن تكن عندك مستحقرة
فهي عند الله والناس جبل
ولقد أحسن أبو عثمان الحيري الزاهد حين قال:
وغير تقي يأمر الناس بالتقى *** طبيبٌ يداوي والطبيب مريض
وقد كان سفيان الثوري–رحمه الله - ينشد متمثلًا وهي لسابق البربري في شعر له مطول:
إذا العلم لم تعمل به كان حُجّةً
عليك ولم تعذر بما أنت جاهله
فإن كنت قد أوتيت علمًا فإنما
يصدق قول المرء ما هو فاعله
وقال أبو العتاهية:
يا واعظ الناس قد أصبحت متهما
إذ عبت منهم أمورًا أنت تأتيها
كملبس الثوب من عريٍّ وعورتُه
للناس بادية ما أن يواريها
وقال أيضًا:
وصفت التقى حتى كأنك ذو تقى *** وريح الخطايا من ثيابك تسطع
حين يقف خطيب الجمعة أمام الناس متحدثًا فهو يذكرهم ويعظهم، ويدلهم على ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، ويحذرهم مما يضرهم فيهما، والأصل أنه لا يبتغي من وراء ذلك جزاء دنيويًا، ولا شكورًا من الناس، إنْ هو إلا مصلح يرتسم خطى المرسلين- عليهم السلام- في دعواتهم، ويتأسى بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في دعوته، ويقتبس هدي الصالحين من هذه الأمة سلفها وخلفها في أقوالهم وأفعالهم وسمتهم.
ولما كانت الحكمة من مشروعية الخطبة نفع الناس بها كان الأولى أن ينتفع الخطيب بما ألقاه على الناس قبل أن يلقيه؛ لعلمه به وقناعته بمضمونه؛ فإنه ما نصح به الناس إلا وفيه خير لهم، وهو أولى بهذا الخير من غيره.
ولكن النفس البشرية مطبوعة على الظلم والجهل إلا أن يتعاهدها صاحبها بالإيمان والتقوى والتوبة والاستغفار. ودليل ذلك كثرة ما يقع ممن يتصدرون للكلام في شئون الناس الدينية والدنيوية من مخالفة أفعالهم أقوالَهم، وليس ذلك حكرًا على الخطباء والدعاة والعلماء فحسب، بل حتى أهل السياسة والاقتصاد والطب والفكر والإعلام وغيرهم يكثر فيهم مخالفة أقوالِهم أفعالَهم؛ فيوصون الناس بأشياء لا يفعلونها هم، ويحذرونهم من أشياء يقعون هم فيها، ولكن هؤلاء لا يؤاخذهم الناس كما يؤاخذون أهل العلم والدعوة والخطابة، لأن الناس وضعوا أهل العلم والدعوة والخطابة قدوة لهم، وهذا حق وشرف ومسئولية- فكانت مخالفة العالم أو الداعية أو الخطيب أقوالهم أفعالهم أشد على الناس من مخالفة غيرهم؛ ولهذا فإنه يجب على العالم والداعية والخطيب أن يراعوا هذه الخصوصية لهم، ويحافظوا على هذه المنزلة التي بوأهم الله تعالى إياها، ويحفظوا مكانتهم في قلوب الناس بإتباع العلم العمل، وعدم مخالفة القول الفعل؛ ليصدر الناس عنهم، ويقبل الناس منهم، ويكون لخطابهم وقع في القلوب، وتأثير في النفوس[مقال لإبراهيم الحقيل بتصرف].
تنبيه هام:
مما ينبغي التنبيه عليه في هذا الموضوع انه قد نجد بعض الخطباء من قد يتوقف عن أمر بمعروف معين، أو نهي عن منكر ٍمعين؛ لأنه لا يفعل الأول، أو أنه متلبس بالثاني، فلذلك يترك مثل هذا خشية أن يكون ممن يقول ما لا يفعل.
والجواب على لسان بعض أسلافنا:
قال سعيد بن جبير–رحمه الله -: «إن لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر إلا من يكون فيه شيء؛ لم يأمر أحد بشيء» [انظر: إحياء علوم الدين (2 / 313). تفسير القرطبي (1 / 411)].
ومنه قول الحسن البصري–رحمه الله - لمطرف بن عبدالله بن الشخير: يا مطرف، عظ أصحابك، فقال مطرف: إني أخاف أن أقول ما لا أفعل. فقال الحسن: «يرحمك الله! وأينا يفعل ما يقول؟ يودَّ الشيطان أنه ظفر بهذه منكم، فلم يأمر أحد بمعروف، ولم ينه عن منكر» [ انظر: تفسير القرطبي (1 / 410)].
ومن ذلك قول الحسن البصري–رحمه الله - أيضًا: «أيها الناس، إني أعظكم ولست بخيركم ولا أصلحكم، وإني لكثير الإسراف على نفسي، غير محكم لها ولا حاملها على الواجب في طاعة ربها، ولو كان المؤمن لا يعظ أخاه إلا بعد إحكام أمر نفسه لعدم الواعظون وقلَّ المذكرون... الخ»
قال الله جل شأنه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ ﮣ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2-3] وقال سبحانه ذامًّا ما وقع فيه بنو إسرائيل بقوله: ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: 44].
بل جاء في سنة النبي -صلى الله عليه وسلم - ما يدل على خطورة ذلك حتى على الخطباء الذين يعتلون المنابر ويعظون الناس، فقد روى الإمام أحمد في مسنده وأبو نعيم في الحلية وأبو يعلى عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار، قال: قلت: منْ هؤلاء؟ قال: خطباء من أهل الدنيا، كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أُنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون؟» قال الهيثمي: «وأحد أسانيد أبي رجاله رجال الصحيح»[ انظر: مجمع الزوائد (7 / 276)].
قال النخعي –رحمه الله -: «ثلاث آيات منعتني أن أقص على الناس ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ ﴾ [البقرة:44]، ﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ﴾ [هود:88]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف:2]» [انظر: تفسير القرطبي (18 / 72)].
وقال الخطابي–رحمه الله -: « إن المتكلمين على الناس ثلاثة أصناف: مذكِّر، وواعظ، وقاصّ. فالمذكِّر: الذي يذكِّر الناس آلاء الله ومنته ونعماءه، ويبعثهم به على الشكر له، والواعظ: يخوفهم بالله وينذرهم عقوبته فيردعهم به عن المعاصي، والقاص: وهو الذي يروي لهم أخبار الماضين، ويسرد عليهم القصص، فلا يأمن أن يزيد فيها أو ينقص، والمذكِّر والواعظ مأمون عليهما هذا المعنى» [ انظر: معالم السنن (4/ 72)].
وقال أبو الدرداء -رضي الله عنه-: «إن علامة الجهل ثلاث: العجب، وكثرة المنطق فيما لا يعنيه، وأن ينهى عن شيء ويأتيه» [انظر: جامع بيان العلم وفضله (1 / 143)].
قال مالك بن دينار–رحمه الله -: «إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل القطر عن الصفا».
وقال جندب بن عبدالله البجلي –رحمه الله - عن حديث ذكره: «إن مثل الذي يعظ الناس وينسى نفسه كالمصباح يحرق نفسه ويضيء لغيره».
قال ابن عبد البر معلقًا على هذا الكلام: أخذه بعض الحكماء فقال:
وبخَّت غيرك بالعمى فأفدته
بصرًا وأنت محسِّنٌ لعماكا
كفتيلة المصباح تحرق نفسها
وتنير موقدها وأنت كذاكا
وقال أبو الدرداء-رضي الله عنه-: «ويل لمن يعلم ولم يعمل مرة، وويل لمن علم ولم يعمل سبعين مرة» [انظر: صيد الخاطر ص (50) إحياء علوم الدين (1 / 63).].
ومما لا شك فيه أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر إنما هو كالطبيب الذي يداوي الناس، فمن العيب أن يصف الطبيب للناس الدواء وطرق الوقاية ثم هو لا يفعل ذلك.
رحم الله الشاعر وهو يقول في هذا الشأن:
أيها العالم إياك الزلل
واحذر الهفوة، فالخطب جلل
هفوة العلم مستعظمة إن
هفا أصبح في الخلق مثل
لا تقل يستر علمي زلتي بل
بها يحصل في العلم الخلل
إن تكن عندك مستحقرة
فهي عند الله والناس جبل
ولقد أحسن أبو عثمان الحيري الزاهد حين قال:
وغير تقي يأمر الناس بالتقى *** طبيبٌ يداوي والطبيب مريض
وقد كان سفيان الثوري–رحمه الله - ينشد متمثلًا وهي لسابق البربري في شعر له مطول:
إذا العلم لم تعمل به كان حُجّةً
عليك ولم تعذر بما أنت جاهله
فإن كنت قد أوتيت علمًا فإنما
يصدق قول المرء ما هو فاعله
وقال أبو العتاهية:
يا واعظ الناس قد أصبحت متهما
إذ عبت منهم أمورًا أنت تأتيها
كملبس الثوب من عريٍّ وعورتُه
للناس بادية ما أن يواريها
وقال أيضًا:
وصفت التقى حتى كأنك ذو تقى *** وريح الخطايا من ثيابك تسطع
حين يقف خطيب الجمعة أمام الناس متحدثًا فهو يذكرهم ويعظهم، ويدلهم على ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، ويحذرهم مما يضرهم فيهما، والأصل أنه لا يبتغي من وراء ذلك جزاء دنيويًا، ولا شكورًا من الناس، إنْ هو إلا مصلح يرتسم خطى المرسلين- عليهم السلام- في دعواتهم، ويتأسى بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في دعوته، ويقتبس هدي الصالحين من هذه الأمة سلفها وخلفها في أقوالهم وأفعالهم وسمتهم.
ولما كانت الحكمة من مشروعية الخطبة نفع الناس بها كان الأولى أن ينتفع الخطيب بما ألقاه على الناس قبل أن يلقيه؛ لعلمه به وقناعته بمضمونه؛ فإنه ما نصح به الناس إلا وفيه خير لهم، وهو أولى بهذا الخير من غيره.
ولكن النفس البشرية مطبوعة على الظلم والجهل إلا أن يتعاهدها صاحبها بالإيمان والتقوى والتوبة والاستغفار. ودليل ذلك كثرة ما يقع ممن يتصدرون للكلام في شئون الناس الدينية والدنيوية من مخالفة أفعالهم أقوالَهم، وليس ذلك حكرًا على الخطباء والدعاة والعلماء فحسب، بل حتى أهل السياسة والاقتصاد والطب والفكر والإعلام وغيرهم يكثر فيهم مخالفة أقوالِهم أفعالَهم؛ فيوصون الناس بأشياء لا يفعلونها هم، ويحذرونهم من أشياء يقعون هم فيها، ولكن هؤلاء لا يؤاخذهم الناس كما يؤاخذون أهل العلم والدعوة والخطابة، لأن الناس وضعوا أهل العلم والدعوة والخطابة قدوة لهم، وهذا حق وشرف ومسئولية- فكانت مخالفة العالم أو الداعية أو الخطيب أقوالهم أفعالهم أشد على الناس من مخالفة غيرهم؛ ولهذا فإنه يجب على العالم والداعية والخطيب أن يراعوا هذه الخصوصية لهم، ويحافظوا على هذه المنزلة التي بوأهم الله تعالى إياها، ويحفظوا مكانتهم في قلوب الناس بإتباع العلم العمل، وعدم مخالفة القول الفعل؛ ليصدر الناس عنهم، ويقبل الناس منهم، ويكون لخطابهم وقع في القلوب، وتأثير في النفوس[مقال لإبراهيم الحقيل بتصرف].
تنبيه هام:
مما ينبغي التنبيه عليه في هذا الموضوع انه قد نجد بعض الخطباء من قد يتوقف عن أمر بمعروف معين، أو نهي عن منكر ٍمعين؛ لأنه لا يفعل الأول، أو أنه متلبس بالثاني، فلذلك يترك مثل هذا خشية أن يكون ممن يقول ما لا يفعل.
والجواب على لسان بعض أسلافنا:
قال سعيد بن جبير–رحمه الله -: «إن لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر إلا من يكون فيه شيء؛ لم يأمر أحد بشيء» [انظر: إحياء علوم الدين (2 / 313). تفسير القرطبي (1 / 411)].
ومنه قول الحسن البصري–رحمه الله - لمطرف بن عبدالله بن الشخير: يا مطرف، عظ أصحابك، فقال مطرف: إني أخاف أن أقول ما لا أفعل. فقال الحسن: «يرحمك الله! وأينا يفعل ما يقول؟ يودَّ الشيطان أنه ظفر بهذه منكم، فلم يأمر أحد بمعروف، ولم ينه عن منكر» [ انظر: تفسير القرطبي (1 / 410)].
ومن ذلك قول الحسن البصري–رحمه الله - أيضًا: «أيها الناس، إني أعظكم ولست بخيركم ولا أصلحكم، وإني لكثير الإسراف على نفسي، غير محكم لها ولا حاملها على الواجب في طاعة ربها، ولو كان المؤمن لا يعظ أخاه إلا بعد إحكام أمر نفسه لعدم الواعظون وقلَّ المذكرون... الخ»