مشاهدة النسخة كاملة : حدث في السنة الثامنة من الهجرة (13)


حكاية ناي ♔
02-03-2024, 12:57 PM
40- وفي ذي القعدة من هذه السنة: تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاطمة بنت الضَّحَّاك الكُلابية، فاستعاذت منه ففارقها، فكانت بعد ذلك تلقط البعر وتقول: أنا الشقية.

الشرح:

عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ الْكِلَابِيَّةَ لَمَّا دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ الْحَقِي بِأَهْلِكِ"[1].



41- وفي ذي الحجة من هذه السنة: وَلَدَتْ ماريةُ إبراهيم بن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

الشرح:

عَنْ أَنَسِ بن مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ غُلَامٌ فَسَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أبي إِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى أُمِّ سَيْفٍ، امْرَأَةِ قَيْنٍ[2] يُقَالُ لَهُ: أبو سَيْفٍ، فَانْطَلَقَ يَأْتِيهِ وَاتَّبَعْتُهُ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى أبي سَيْفٍ وَهُوَ يَنْفُخُ بِكِيرِهِ، قَدْ امْتَلَأَ الْبَيْتُ دُخَانًا، فَأَسْرَعْتُ الْمَشْيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَيْفٍ أَمْسِكْ، جَاءَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَأَمْسَكَ، فَدَعَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالصَّبِيِّ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، وَقَالَ: مَا شَاءَ الله أَنْ يَقُولَ [3].



وكان مولده - رضي الله عنه - في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة[4].



وعَنْ أَنَسٍ أيضا قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ مُسْتَرْضِعًا لَهُ فِي عَوَالِي الْمَدِينَةِ، فَكَانَ يَنْطَلِقُ وَنَحْنُ مَعَهُ، فَيَدْخُلُ الْبَيْتَ وَإِنَّهُ لَيُدَّخَنُ، وَكَانَ ظِئْرُهُ قَيْنًا، فَيَأْخُذُهُ فَيُقَبِّلُهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ[5].



42- وفي هذه السنة: ولَدَتْ زينب بنتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من أبي العاص بن الربيع ابنتها أُمامة التي كان يحملها النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة.

الشرح:

ذكر تاريخ ولادتها رضي الله عنه الذهبي - رحمه الله - في "مغازيه"[6].



وعَنْ أبي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بنتَ زَيْنَبَ بنتِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -.



وَلِأبي الْعَاصِ بن الربيع: فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا[7].



43- وفي هذه السنة: عُمِل منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فخطب عليه، فحنَّ إليه الجذع الذي كان يخطب عليه.

الشرح:

عَنْ جَابِرِ بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنهما - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى شَجَرَةٍ أَوْ نَخْلَةٍ، فَقَالَتْ: امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ أَوْ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله أَلَا نَجْعَلُ لَكَ مِنْبَرًا؟ قَالَ: "إِنْ شِئْتُمْ"، فَجَعَلُوا لَهُ مِنْبَرًا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ دُفِعَ إِلَى الْمِنْبَرِ، فَصَاحَتْ النَّخْلَةُ صِيَاحَ الصَّبِيِّ، ثُمَّ نَزَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّنُ، قَالَ: كَانَتْ تَبْكِي عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنْ الذِّكْرِ عِنْدَهَا[8]، وذكر ذلك التاريخ الذهبي في "مغازيه"[9].



44- وفي هذه السنة: وهبت سودة أم المؤمنين يومها لعائشة رضي الله عنه.

الشرح:

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنه قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ امْرَأَةً أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَكُونَ فِي مِسْلَاخِهَ[10]، مِنْ سَوْدَةَ بنتِ زَمْعَةَ، مِنْ امْرَأَةٍ فِيهَا حِدَّةٌ[11]، قَالَتْ عائشة: فَلَمَّا كَبِرَتْ جَعَلَتْ يَوْمَهَا مِنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لِعَائِشَةَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَدْ جَعَلْتُ يَوْمِي مِنْكَ لِعَائِشَةَ، فَكَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَوْمَيْنِ، يَوْمَهَا وَيَوْمَ سَوْدَةَ[12].



وذكر ذلك التاريخ الذهبي في "مغازيه"[13].



45- وفي ذي الحجة من هذه السنة: حجَّ بالناس عَتَّابُ بن أسيد - رضي الله عنه -، أمير مكَّة.

الشرح:

قال ابن إسحاق - رحمه الله -:

وحجَّ الناس في تلك السنة على ما كانت العربُ تحج عليه، وحج بالمسلمين تلك السنة عَتَّابُ بن أَسيد، وهي سنة ثمان[14].



46- وفي هذه السنة: تُوفّي مُغَفَّلُ بن عبد نَهْمٍ المزّنيُّ والدُ الصحابي عبد الله بن مَغَفَّلٍ، وله صُحْبة.

الشرح:

قال ابن عبد البر - رحمه الله -:

مُغَفَّل بن غَنَم، ويقال: ابن عبد نَهْم بن عفيف بن أُسَيْحم[15]، وكان بن الكلبي يقول في أسيحم: سُحيم بن ربيعة بن عدي المزني، وهو والد عبد الله بن مغفل، مات بطريق مكة قبل أن يدخلها، وذلك سنة ثمان من الهجرة، عام الفتح، وقبل الفتح بقليل، وذكر ذلك الطبري. اهـ[16].



47- وفي هذه السنة: أسلَم كَعْبُ بن زهير، وقال قصيدته المشهورة في مدح النبي - صلى الله عليه وسلم -: بانتَ سُعَادُ

الشرح:

عن عبدالرحمن بن كعب بن زهير قال: خرج كعب وبجير ابنا زهير حتى أتيا أبرق العزاف، فقال بجير لكعب: اثبت في عجل هذا المكان حتى آتي هذا الرجل، يعني رسول الله فأسمع ما يقول: فثبت كعب وخرج بجير فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعرض عليه الإسلام فأسلم فبلغ ذلك كعبًا فقال:
أَلا أَبلِغا عَنَي بُجَيراً رِسالَةً
عَلَى أَيِّ شَيءٍ وَيْحَ غَيْركَ دَلَّكا
عَلى خُلُقٍ لَم تُلفِ أُمّاً وَلا أَباً
عَلَيهِ وَلَم تُدرِك عَلَيه أَخاً لَكا
سَقَاكَ أبو بكرٍ بِكَأَسِ رَويِةٍ
وَأَنَهلكَ المَأَمورُ مَنْهَا وعَلَكَا



فلما بلغت الأبيات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهدر دمه، فقال: "من لقي كعبًا فليقتله" فكتب بذلك بجير إلى أخيه يذكر له أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أهدر دمه، ويقول له: النجا وما أراك تفلت ثم كتب إليه بعد ذلك: اعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يأتيه أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله إلا قَبِل ذلك، فإذا جاءك كتابي هذا فأسلم، وأقبل، فأسلم كعب وقال القصيدة التي يمدح فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم أقبل حتى أناخ راحلته بباب مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم دخل المسجد ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه والقوم متحلقون معه حلقة دون حلقة يلتفت إلى هؤلاء مرة فيحدثهم وإلى هؤلاء مرة فيحدثهم، قال كعب: فأنخت راحلتي بباب المسجد فعرفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصفة فتخطيت حتى جلست إليه فأسلمت، فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله الأمان يا رسول الله، قال: "ومن أنت؟"، قلت: أنا كعب بن زهير: قال: "أنت الذي تقول" ثم التفت إلى أبي بكر: "كيف قال يا أبا بكر" فأنشده أبو بكر - رضي الله عنه -:
سَقَاكَ أبو بكرٍ بِكَأَسِ رَويِةٍ
وَأَنَهلكَ المَأَمورُ مَنْهَا وعَلَكَا



قال: يا رسول الله ما قلت هكذا قال: "وكيف قلت؟" قال: إنما قلت:
سَقَاكَ أبو بكرٍ بِكَأَسِ رَويِةٍ
َأَنَهلكَ المَأَمونُ مَنْهَا وعَلَكَا



فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مأمون والله" ثم أنشده القصيدة كلها حتى أتى على آخرها. وأملاها على الحجاج بن ذي الرقيبة حتى أتى على آخرها:
بانَتْ سُعادُ فَقَلْبي اليَوْمَ مَتْبولُ
مُتَيَّمٌ إثْرَها لم يُفَدْ مَكْبولُ[17]

إلى آخر القصيدة.



48- وفي هذه السنة: تُوفِّيتْ زينبُ بنتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي أكبر أولاده، وغسَّلتها أمُّ عطية رضي الله عنه.

الشرح:

عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنه قَالَتْ: لما توفيت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي"، قالت: فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حقْوَهُ[18]، فَقَالَ: "أَشْعِرْنَهَا[19] إِيَّاهُ".



وفي رواية: قالت أم عطية: أنهن نقضن شعرها ثم غَسَلْنه، ثم جعلنه ثلاثة قرون، وألقيناها خلفها.



وفي رواية: عن أم عطية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أمرها أن تغسل ابنته قال لها: ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها[20].



قال ابن عبد البر - رحمه الله -:

كانت زينب أكبر بناته - صلى الله عليه وسلم - لا خلاف أعلمه في ذلك، إلاَّ ما لا يصح ولا يُلتفت إليه، وإنما الاختلاف بين زينب والقاسم أيها وُلد أولاً، وتُوفيِّت في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة ثمانٍ من الهجرة[21].



49- وفي هذه السنة: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن العاص إلى جَيْفَر وعمرو ابني الجَلَنْدي من الأَزْد، فأسلما.

الشرح:

بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن العاص في ذي القعدة سنة ثمان إلى جيفر وعبد[22] ابني الجلندى، وهما من الأزد والملك منهما جيفر، يدعوهما إلى الإسلام، وكتب معه إليهما كتابًا وختم الكتاب، قال عمرو: فلما قدمت عمان عمدت إلى عبد، وكان أحلم الرجلين وأسهلهما خلقًا، فقلت: إني رسولُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إليك وإلى أخيك، فقال: أخي المقدم عليَّ بالسن والملك وأنا أُوصلك إليه حتى يقرأ كتابك، فمكثت أياما ببابه، ثم إنه دعاني فدخلت عليه، فدفعت إليه الكتاب مختومًا ففض خاتمه وقرأه حتى انتهى إلى آخره ثم دفعه إلى أخيه فقرأه مثل قراءته، إلَّا أني رأيت أخاه أرقَّ منه، فقال: دعني يومي هذا وارجع إليَّ غدًا، فلما كان الغد رجعت إليه، قال: إني فكرت فيما دعوتني إليه، فإذا أنا أضعف العرب إذا ملَّكتُ رجلاً ما في يديَّ، قلتُ: فإني خارج غدًا، فلما أيقن بمخرجي أصبح فأرسل إليَّ، فدخلت عليه فأجاب إلى الإسلام هو وأخوه جميعًا وصدَّقا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وخلَّيا بيني وبين الصدقة وبين الحكم فيما بينهم، وكانا لي عونًا على من خالفني، فأخذت الصدقة من أغنيائهم فرددتها في فقرائهم، فلم أزل مقيمًا فيهم حتى بلغنا وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[23].



50- وفي هذه السنة: غلا السِّعر، فقالوا: يا رسول الله سَعِّر لنا، فقال: "إنَّ الله هو المسَّعِّرُ والقابض الباسط الرَّزَّاق".

الشرح:

عَنْ أَنَسِ بن مالك - رضي الله عنه - قَالَ: غَلَا السِّعْرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله سَعِّرْ لَنَا، فَقَالَ: "إِنَّ الله هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّزَّاقُ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى رَبِّي وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي بِمَظْلِمَةٍ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ"[24].



51- وفي هذه السنة: نزلت سورة النصر.

الشرح:

قال ابن إسحاق - رحمه الله -:

فلما افتُتحت مكة، ودانت لها قريش، ودوَّخها الإسلام، عرفت العرب أنه لا طاقة لهم بحرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا عدواته، فدخلوا في دين الله كما قال الله عز وجل: أفواجا يضربون إليه من كل وجه، يقول الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴾ [النصر: 1]. أي: فاحمد الله على ما أظهر من دينك، واستغفره إنه كان تواباً.اهـ[25].



52- وفي هذه السنة: جاء وفد ثعلبة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

الشرح:

عن رجل من بني ثعلبة، عن أبيه لما قدم رسول الله من الجعرانة سنة ثمان، قدمنا عليه أربعة نفر وقلنا: نحن رسل من خلفنا من قومنا، ونحن وهم مُقرُون بالإسلام، فأمر لنا بضيافة وأقمنا أيامًا[26].



53- وفي هذه السنة: جاء وفد سُلَيم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

الشرح:

قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل من بني سُلَيم يقال له: قيس بن نُسيبة، فسمع كلامه وسأله عن أشياء فأجابه، ووعى ذلك كله، ودعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام فأسلم، ورجع إلى قومه بني سُليم فقال: قد سمعت ترجمة الروم، وهينمة فارس، وأشعار العرب، وكهانة الكاهن، وكلام مقاول حمير، فما يشبه كلام محمد شيئًا من كلامهم، فأطيعوني وخذوا بنصيبكم منه فلما كان عام الفتح خرجت بنو سليم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلقوه بقُديد وهم تسعمائة، ويقال: كانوا ألفًا، فيهم العباس بن مرداس وأنس بن عياض بن رعل وراشد بن عبد ربه فأسلموا وقالوا: اجعلنا في مقدمتك، واجعل لواءنا أحمر، وشعارنا مقدم، ففعل ذلك بهم، فشهدوا معه الفتح والطائف وحنينًا[27].



54- وفي هذه السنة: جاء وفد ربيعة: عبد القيس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

الشرح:

عن عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: قدم وفد عبد القيس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "مرحبًا بالقوم غير خزايا ولا الندامى"، فقالوا: يا رسول الله إن بيننا وبينك المشركين من مضر، وإنا لا نَصِلُ إليك إلا في أشهر الحُرُم، حدثنا بِجُمَلٍ من الأمر إن عملنا بها دخلنا الجنة، وندعوا من وراءنا، قال: "آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع، الإيمان بالله، هل تدرون ما الإيمان بالله؟ شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تُعْطوا من المغنم الخمس، وأنهاكم عن أربع: ما انتبذ في الدُّبَّاء والنقير والمزفَّت"[28].



وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأشج عبد القيس: "إن فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة".



وعن أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيها وَعِنْدِها نِسْوَةٌ مِنْ بني حَرَامٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فصلى ركعتين، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الْخَادِمَة، فقلت: قُومِي إِلَى جَنْبِهِ فَقُولِي: تَقُولُ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ الله أَلَمْ أَسْمَعْكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ فَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا؟ فَأَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخَرَت عنه، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: "يَا بنتَ أبي أُمَيَّةَ سَأَلْتِ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، إِنَّهُ أَتَانِي أُنَاسٌ مِنْ عبد الْقَيْسِ بِالْإِسْلَامِ مِنْ قَوْمِهِمْ، فَشَغَلُونِي عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ"[29].



55- وفي هذه السنة: جاء وفد صُدَاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

الشرح:

لما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الجعرانة سنة ثمان بعث قيس بن سعد بن عبادة إلى ناحية اليمن وأمره أن يطأ صُدَاء فعسكر بناحية قناة في أربعمائة من المسلمين وقدم رجل من صداء فسأل عن ذلك البعث فَأُخْبر بهم فخرج سريعا حتى ورد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال جئتك وافدًا على من ورائي فاردد الجيش وأنا لك بقومي فردهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقدم منهم بعد ذلك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمسة عشر رجلاً فأسلموا وبايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على من وراءهم من قومهم ورجعوا إلى بلادهم ففشا فيهم الإسلام فوافى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مائةُ رجل منهم في حجة الوداع[30].



56- وفي هذه السنة: جاء وفد ثمالة والحُدَّان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

الشرح:

قدم عبدالله بن عَلَس الثُّمالي، ومُسيلمة بن هِزَّان الحُدَّاني على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رهط من قومهما بعد فتح مكة فأسلموا وبايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قومهم، وكتب لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابًا بما فُرض عليهم من الصدقة في أموالهم، كتبه ثابت بن قيس بن شماس، وشهد فيه سعد بن عبادة ومحمد بن مسلمة[31].


(الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية في ترتيب أحداث السيرة النبوية)

صمتي شموخي
02-03-2024, 12:59 PM
اسأل الله العظيم
أن يرزقك الفردوس الأعلى من الجنان.
وأن يثيبك البارئ خير الثواب .
دمت برضى الرحمن