حكاية ناي ♔
12-21-2022, 10:01 AM
1- دلت الآية على وجوب الوصية على مَن ترك مالًا كثيرًا للوالدين والأقربين؛ لقوله تعالى: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ﴾.
وقد أجمع أهل العلم على أن هذا الحكم ليس باقيًا على إطلاقه.
فذهب الجمهور منهم إلى أن هذه الآية منسوخة بآيات المواريث، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث»[1].
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الآية محكمة، خصصتها آيات المواريث في الوالدين غير الوارثين، لرق أو اختلاف دين، وبمن لا يرث من الأقربين، فيوصى لهم. وهذا هو الراجح.
وبناءً على هذا اختلفوا في حكم الوصية، فذهب جمهور أهل العلم إلى أن الوصية مستحبة لغير الوارثين، من الوالدين والأقربين وغيرهم.
وذهب طائفة من أهل العلم إلى أن الوصية واجبة للوالدين والأقربين غير الوارثين، أو لغيرهم، مستدلين بالآية.
والراجح أن الوصية غير واجبة إلا على من كان عليه حقوق، أو عنده أمانات يجب عليه الخروج منها وبيانها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: «ما حق امرئٍ مسلم له شيء يوصي به يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده»[2].
وقد حُكي الإجماع على هذا القول[3].
2- جواز الوصية ممن حضره الموت، لقوله تعالى: ﴿ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ ﴾.
والمراد- والله أعلم- حضور علاماته، من مرض لا يرجى برؤه، ونحو ذلك، وليس المراد بحضور الموت حالة الغرغرة، وبلوغ الروح الحلقوم، وغلبة المرء على نفسه؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ ﴾ [النساء: 18].
3- أن الموت حق، وهو مصير كل مخلوق.
4- أن الوصية إنما تجب على من ترك مالًا كثيرًا؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا ﴾.
أما من ترك مالًا قليلًا فلا تجب عليه الوصية، بل ولا تستحب منه، بل الأفضل في حقه تركها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما: «إنك أن تذر ورثتك أغنياءَ، خيرٌ من أن تذرهم عالة، يتكففون الناس»[4].
5- ظاهر الآية جواز الوصية بما شاء من المال، وقد قيَّدت السنة ذلك بالثلث فأقل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لسعد رضي الله عنهما: «الثلث والثلث كثير».
6- فضل الوالدين وشرفهم على غيرهم، وعظيم حقِّهم، من بين سائر القرابة؛ لأن الله قدَّمهم في الذكر في الآية على الأقربين.
7- عظم حق القرابة لهذا أمر عز وجل بالوصية للوالدين والأقربين.
8- أن الأَولى بالوصية الأقرب فالأقرب من الميت؛ لقوله تعالى: ﴿ والأقربين ﴾.
9- يجب أن تكون الوصية بالمعروف شرعًا، فلا يوصي لوارث، ولا لغيره بأكثر من الثلث، ولا يكون القصد من الوصية مضارة الورثة، ونحو ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿ بالمعروف ﴾.
10- تأكيد وجوب الوصية؛ لقوله تعالى: ﴿ حقًّا على المتقين ﴾، وفي هذا إشارة إلى أن من تقوى الله عز وجل الوصية لمن ذكروا، وأن المتقين هم الذين يمتثلون أوامر الله عز وجل دون من سواهم، وفي هذا إغراء بتقوى الله، وتشريف وتكريم لهم.
11- وجوب تنفيذ الوصية وَفْقَ نص الموصي، وتحريم تبديلها وتغييرها، والتحذير من ذلك، والوعيد لمن بدلها، بعد سماعه لها وعلمه بها، وبيان أنه ارتكب إثمًا عظيمًا؛ لقوله تعالى: ﴿ فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ﴾.
وذلك لتعديه على حق الموصي، ولما في ذلك من الإضرار، إما بالورثة، كما في حال الزيادة في الوصية، وإما بالموصى له كما في حال النقصان منها، أو تغيير مجراها، لكن لو بدلها جهلًا، أو أخطأ في التصرف فيها، عن غير علم، وعن غير قصد، فلا إثم عليه ولا ضمان، لكن يجب عليه إرجاع الوصية إلى ما كانت عليه، والتصرف فيها وفق نص الموصي.
12- لا إثم على الموصي إذا عدل في وصيته، وبدلت بعد وفاته، بل للموصي أجره وعلى المبدل وزره، وهكذا كل من أسس خيرًا فله أجره، وإن بُدِّل بعده.
13- إثبات أفعال العباد الاختيارية؛ لقوله تعالى: ﴿ فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ﴾، وفي هذا رد على الجبرية.
14- إثبات أنه عز وجل ذو السمع الواسع للدعاء ولجميع الأقوال والأصوات ومجيب الدعوات، وذو العلم الواسع المحيط بكل شيء؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾.
15- في ختام الآية بقوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ تأكيد للوعيد السابق لمن بدل، وغيَّر في الوصية، كما أن فيه وعدًا لمن عدل فيها وأنصف، ونفَّذها وفق نص الموصي.
16- إذا حصل من الموصي ميل عن الحق في الوصية عن قصد أو عن غير قصد وجب أن يُصْلَح ما فيها من فساد، وميل عن الصواب، ويُصْلَح ما حصل من شقاق بسبب ذلك، بين الموصي- إن كان ذلك في حال حياته، وبين الورثة، والموصى له، ولا يعد هذا من التبديل المتوعد عليه؛ لقوله تعالى: ﴿ فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾، بل إن المصلح لذلك مثاب مأجور، مغفور له، مرحوم بإذن الله عز وجل؛ لقوله تعالى في ختام الآية: ﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
17- أنه قد ينفى الإثم عن الشيء دفعًا لتوهُّمه، فلا ينافي ذلك كونه واجبًا، أو مندوبًا؛ لقوله تعالى: ﴿ فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾.
وهذا كقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا ﴾ [البقرة: 158].
18- إثبات صفة المغفرة التامة، والرحمة الواسعة لله عز وجل رحمة ذاتية ثابتة له عز وجل ورحمة فعلية، يوصلها من شاء من خلقه، رحمة عامة لجميع خلقه، ورحمة خاصة بالمؤمنين.
فهو غفور لذنوب عباده مما يتعلق بالوصية وغير ذلك، ورحيم بهم؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ .
19- أن التخلية قبل التحلية؛ لهذا قدَّم المغفرة على الرحمة؛ لأن بالمغفرة زوال المرهوب، وبالرحمة حصول المطلوب.
* * *
وقد أجمع أهل العلم على أن هذا الحكم ليس باقيًا على إطلاقه.
فذهب الجمهور منهم إلى أن هذه الآية منسوخة بآيات المواريث، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث»[1].
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الآية محكمة، خصصتها آيات المواريث في الوالدين غير الوارثين، لرق أو اختلاف دين، وبمن لا يرث من الأقربين، فيوصى لهم. وهذا هو الراجح.
وبناءً على هذا اختلفوا في حكم الوصية، فذهب جمهور أهل العلم إلى أن الوصية مستحبة لغير الوارثين، من الوالدين والأقربين وغيرهم.
وذهب طائفة من أهل العلم إلى أن الوصية واجبة للوالدين والأقربين غير الوارثين، أو لغيرهم، مستدلين بالآية.
والراجح أن الوصية غير واجبة إلا على من كان عليه حقوق، أو عنده أمانات يجب عليه الخروج منها وبيانها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: «ما حق امرئٍ مسلم له شيء يوصي به يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده»[2].
وقد حُكي الإجماع على هذا القول[3].
2- جواز الوصية ممن حضره الموت، لقوله تعالى: ﴿ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ ﴾.
والمراد- والله أعلم- حضور علاماته، من مرض لا يرجى برؤه، ونحو ذلك، وليس المراد بحضور الموت حالة الغرغرة، وبلوغ الروح الحلقوم، وغلبة المرء على نفسه؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ ﴾ [النساء: 18].
3- أن الموت حق، وهو مصير كل مخلوق.
4- أن الوصية إنما تجب على من ترك مالًا كثيرًا؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا ﴾.
أما من ترك مالًا قليلًا فلا تجب عليه الوصية، بل ولا تستحب منه، بل الأفضل في حقه تركها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما: «إنك أن تذر ورثتك أغنياءَ، خيرٌ من أن تذرهم عالة، يتكففون الناس»[4].
5- ظاهر الآية جواز الوصية بما شاء من المال، وقد قيَّدت السنة ذلك بالثلث فأقل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لسعد رضي الله عنهما: «الثلث والثلث كثير».
6- فضل الوالدين وشرفهم على غيرهم، وعظيم حقِّهم، من بين سائر القرابة؛ لأن الله قدَّمهم في الذكر في الآية على الأقربين.
7- عظم حق القرابة لهذا أمر عز وجل بالوصية للوالدين والأقربين.
8- أن الأَولى بالوصية الأقرب فالأقرب من الميت؛ لقوله تعالى: ﴿ والأقربين ﴾.
9- يجب أن تكون الوصية بالمعروف شرعًا، فلا يوصي لوارث، ولا لغيره بأكثر من الثلث، ولا يكون القصد من الوصية مضارة الورثة، ونحو ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿ بالمعروف ﴾.
10- تأكيد وجوب الوصية؛ لقوله تعالى: ﴿ حقًّا على المتقين ﴾، وفي هذا إشارة إلى أن من تقوى الله عز وجل الوصية لمن ذكروا، وأن المتقين هم الذين يمتثلون أوامر الله عز وجل دون من سواهم، وفي هذا إغراء بتقوى الله، وتشريف وتكريم لهم.
11- وجوب تنفيذ الوصية وَفْقَ نص الموصي، وتحريم تبديلها وتغييرها، والتحذير من ذلك، والوعيد لمن بدلها، بعد سماعه لها وعلمه بها، وبيان أنه ارتكب إثمًا عظيمًا؛ لقوله تعالى: ﴿ فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ﴾.
وذلك لتعديه على حق الموصي، ولما في ذلك من الإضرار، إما بالورثة، كما في حال الزيادة في الوصية، وإما بالموصى له كما في حال النقصان منها، أو تغيير مجراها، لكن لو بدلها جهلًا، أو أخطأ في التصرف فيها، عن غير علم، وعن غير قصد، فلا إثم عليه ولا ضمان، لكن يجب عليه إرجاع الوصية إلى ما كانت عليه، والتصرف فيها وفق نص الموصي.
12- لا إثم على الموصي إذا عدل في وصيته، وبدلت بعد وفاته، بل للموصي أجره وعلى المبدل وزره، وهكذا كل من أسس خيرًا فله أجره، وإن بُدِّل بعده.
13- إثبات أفعال العباد الاختيارية؛ لقوله تعالى: ﴿ فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ﴾، وفي هذا رد على الجبرية.
14- إثبات أنه عز وجل ذو السمع الواسع للدعاء ولجميع الأقوال والأصوات ومجيب الدعوات، وذو العلم الواسع المحيط بكل شيء؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾.
15- في ختام الآية بقوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ تأكيد للوعيد السابق لمن بدل، وغيَّر في الوصية، كما أن فيه وعدًا لمن عدل فيها وأنصف، ونفَّذها وفق نص الموصي.
16- إذا حصل من الموصي ميل عن الحق في الوصية عن قصد أو عن غير قصد وجب أن يُصْلَح ما فيها من فساد، وميل عن الصواب، ويُصْلَح ما حصل من شقاق بسبب ذلك، بين الموصي- إن كان ذلك في حال حياته، وبين الورثة، والموصى له، ولا يعد هذا من التبديل المتوعد عليه؛ لقوله تعالى: ﴿ فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾، بل إن المصلح لذلك مثاب مأجور، مغفور له، مرحوم بإذن الله عز وجل؛ لقوله تعالى في ختام الآية: ﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
17- أنه قد ينفى الإثم عن الشيء دفعًا لتوهُّمه، فلا ينافي ذلك كونه واجبًا، أو مندوبًا؛ لقوله تعالى: ﴿ فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾.
وهذا كقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا ﴾ [البقرة: 158].
18- إثبات صفة المغفرة التامة، والرحمة الواسعة لله عز وجل رحمة ذاتية ثابتة له عز وجل ورحمة فعلية، يوصلها من شاء من خلقه، رحمة عامة لجميع خلقه، ورحمة خاصة بالمؤمنين.
فهو غفور لذنوب عباده مما يتعلق بالوصية وغير ذلك، ورحيم بهم؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ .
19- أن التخلية قبل التحلية؛ لهذا قدَّم المغفرة على الرحمة؛ لأن بالمغفرة زوال المرهوب، وبالرحمة حصول المطلوب.
* * *