مشاهدة النسخة كاملة : فوائد وأحكام من قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَ


حكاية ناي ♔
12-21-2022, 10:38 AM
1- تصدير الخطاب بالنداء للتنبيه والعناية والاهتمام؛ لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾.

2- عموم رسالته صلى الله عليه وسلم لجميع الناس؛ لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾، وفي هذا رد على من ادعى من أهل الكتاب خصوص رسالته صلى الله عليه وسلم بالعرب.

3- أن الأصل فيما في الأرض، وفي الأشياء الحل والطيب حتى يرد دليل التحريم، أو الاستخباث؛ لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا ﴾.

قال السعدي[1]: «ففي هذه الآية دليلٌ على أن الأصل في الأعيان الإباحة؛ أكلاً وانتفاعاً، وأن المحرم نوعان: إما محرم لذاته وهو الخبيث الذي هو ضد الطيب، وإما محرم لما عرض له، وهو المحرم لتعلق حق الله، أو حق عباده به، وهو ضد الحلال».

4- فضل الله عز وجل على الناس ومنته عليهم حيث أباح لهم جميع ما في الأرض حلالاً طيباً؛ لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا ﴾؛ كما قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾ [البقرة: 29].

5- إباحة الأكل من الحلال الطيب والحث عليه، بل ذلك واجب بقدر ما يقيم البنية يأثم تاركه، والتحذير من أكل الحرام والخبيث.

عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال: «يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه أربعين يوماً، وأيما عبد نبت لحمه من سحت فالنار أولى به»[2].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [المؤمنون: 51]، وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ [البقرة: 172]، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء، يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأني يستجاب لذلك»[3].

6- أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة؛ لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا ﴾، وهذا يشمل جميع الناس بما فيهم الكفار، وفيه - مع الدلالة على إباحة ذلك وحله وطيبه - التوبيخ للمشركين في تحريم ذلك وترك أكله.

وهذا هو القول الصحيح أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة؛ ولهذا يعاقبون على تركها كما قال تعالى: ﴿ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ ﴾ [المدثر: 39 - 47].

7-النهي عن اتباع خطوات الشيطان وطرقه وعمله ووساوسه وتزيينه، وتحريم ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ﴾ [البقرة: 168].

8- تأكيد عداوة الشيطان البينة لبني آدم، والتحذير الشديد منه؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾.

9- تعليل أحكام الله عز وجل؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾، فنهانا عز وجل عن اتباع خطوات الشيطان؛ لأنه لنا عدو بيِّن العداوة.

10-أن الشيطان لا يأمر بالخير أبدًا، وإنما يأمر بالسوء والفحشاء والقول على الله بغير علم؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾؛ أي: لا يأمركم إلا بالسوء والفحشاء، والقول على الله ما لا تعلمون.

ولو أمر الشيطان بما ظاهره الخير فذلك لتفويت خير أعظم من ذلك، أو الوصول إلى شر أعظم من ذلك.

11- إن مما ابتلي به بنو آدم أن جعل الله للشيطان أمرًا وسلطانًا على الذين يتولونه منهم؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ ﴾ الآية، وكما قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ﴾ [النحل: 100]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴾ [الحجر: 42].

12- عظم القول على الله بلا علم وخطورته؛ لأن الله عطفه على «السوء والفحشاء»، وهو داخل فيهما من عطف الخاص على العام، وأعظم من ذلك أن يقول على الله ما يعلم أن الله قال خلافه، فيجعل الحق باطلًا والباطل حقًّا عن علم منه.

13- تحريم الفتوى بلا علم؛ لأنها من القول على الله بلا علم، كما قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 33].

14- تدرج الشيطان ببني آدم من الأمر بالسوء إلى الأمر بالفحشاء إلى القول على الله بلا علم، فيبدأ في إيقاعهم في الصغائر، ثم الكبائر، ثم الكفر بالقول على الله بلا علم، ولا يقتنع منهم بما دون الكفر.

15- ذم المشركين على تعصبهم لآبائهم وتقليدهم لهم على ما هم عليه من الضلال وعدم الرشد وبيان جهلهم؛ لقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ﴾ [البقرة: 170].
16- ذم التعصب الأعمى بلا حجة ولا برهان والتحذير منه؛ لأنه يمنع صاحبه من قبول الحق واتباعه، وكم هلك أقوام وضلوا بسبب ذلك.

17- وجوب اتباع ما أنزل الله؛ لأنه الحق؛ لقوله تعالى: اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ.
18- يجب قبول قول الآمر بالحق أيًّا كان؛ لقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ﴾، وهذا يعم أي قائل.

19- إثبات صفة العلو لله عز وجل؛ لقوله تعالى: ﴿ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﴾، والإنزال يكون من أعلى إلى أسفل.

20-إثبات أن القرآن منزل من عند الله غير مخلوق؛ لقوله تعالى: ﴿ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﴾، وفي هذا رد على المعتزلة في زعمهم أن القرآن مخلوق تعالى الله عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا.

21- أن العقل كل العقل، والهدى كل الهدى في اتباع ما أنزل الله تعالى، وأن من لم يهتد بهدى الله وما أنزله من الحق فهو ضال وليس بعاقل، وليس على هدى؛ لقوله تعالى: ﴿ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾.

22- أن مثل المتبعين لآبائهم فيما هم عليه من الكفر والمقلدين لهم تقليدًا أعمى مثل البهائم التي تتبع صوت دعاء ونداء الراعي، بلا وعي ولا عقل منها؛ حتى ولو كان يقودها، لحتفها؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 171].

وفي هذا من التحقير والتجهيل لهم والتحذير من مسلكهم ما لا يخفى.

23- تعطل وسائل وصول الحق إلى قلوب هؤلاء الكفار فهم صم عن سماع الحق، بكم عن النطق به، عمي عن رؤيته وإبصاره، فهم لا يعقلون؛ لقوله تعالى: ﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾.

24- بلوغ القرآن الغاية في البلاغة في تمثيله الذين كفروا في اتباعهم آبائهم بلا برهان بالذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاءً ونداءً.

اعشق ملامحك
12-21-2022, 10:41 AM
جزاك الله خير
وأحسن إليك فيما قدمت
دمت برضى الله وإحسانه وفضله

أمير المحبه
12-21-2022, 08:42 PM
جزاك الله خيرا
يعطيك العافيه يارب
اناار الله قلبكك بالايمــــــــان
وجعل ماقدمت في ميزان حسناتكـ
لكـ شكري وتقديري

حكاية ناي ♔
12-28-2022, 08:28 AM
اسعدني حضووركم

فتاة بلا قلب
01-04-2023, 08:06 AM
جزاكِ الله خيرًا
وجعله في ميزان حسناتكِ
ونفع بك