حكاية ناي ♔
02-24-2024, 10:52 AM
فاروق الأول أو الملك فاروق (11 فبراير 1920 - 18 مارس 1965)، آخر ملوك المملكة المصرية وآخر من حكم مصر من الأسرة العلوية ذات الأصول الألبانية. استمر حكمه مدة ستة عشر عاما إلى أن أطاح به تنظيم الضباط الأحرار في ثورة 23 يوليو وأجبره على التنازل عن العرش لابنه الطفل أحمد فؤاد والذي كان عمره حينها ستة شهور والذي ما لبث أن عُزِل في 18 يونيو 1953 بتحويل مصر من ملكية إلى جمهورية.
بعد تنازله عن العرش أقام في منفاه بروما، وكان يزور منها سويسرا وفرنسا، إلى أن توفي في روما في 18 مارس 1965 ودفن أولا في مقابر إبراهيم باشا في منطقة الإمام الشافعي ثم نقلت رفاته في عهد الرئيس محمد أنور السادات إلى المقبرة الملكية بمسجد الرفاعي بالقاهرة تنفيذاً لوصيته.
ولادته ونشأته
ولد فاروق بن فؤاد بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد علي باشا في 11 فبراير سنة 1920. صدر بلاغ سلطاني يعلن فيه مجلس الوزراء عن ميلاد الأمير فاروق في قصر عابدين، فأطلقت 21 إطلاقة مدفع، ومنح موظفو الحكومة والبنوك إجازة.
كان فاروق الابن الأكبر لوالديه الملك فؤاد الأول والملكة نازلي وله أربعة شقيقات وهن:
الأميرة فوزية بنت فؤاد الأول
الأميرة فايزة بنت فؤاد الأول
الأميرة فائقة بنت فؤاد الأول
الأميرة فتحية بنت فؤاد الأول
كما كان له إخوة غير أشقاء من زوجة أبيه الأميرة شيوه كار التي طلقها الملك فؤاد في 1898 وهما:
الأمير إسماعيل بن فؤاد الأول (توفي في سنة 1897 وكان عمره وقت وفاته أقل من سنة).
الأميرة فوقية بنت فؤاد الأول
الملك فاروق في صغره
اهتم الملك فؤاد بتربية ابنه فاروق بدرجة مبالغ فيها من الحرص، فجعله محاصرًا بدائرة ضيقة من المتعاملين معه وكانت تلك الدائرة تضم أمه وأخواته الأميرات بالإضافة إلى المربية الإنجليزية (مس اينا تايلور)، كانت تلك المربية صارمة جدًا في التعامل مع الأمير الصغير، وكانت متسلطة لدرجة إنها كانت تعترض على تعليمات والدته الملكة نازلي فيما يختص بتربية فاروق.
لم يكن لفاروق في تلك المرحلة أية صداقات من أولاد الأمراء أو الباشوات، مما أعطى الفرصة لبعض المقيمين في القصر للتقرب من الأمير الصغير وكانوا لا يرفضون له طلبا بالإضافة إلى أنهم كانوا يفسدون ما تقوم به المربية الإنجليزية وما تصدره من تعليمات وتوجيهات تتعلق بالأمير الصغير.
أصبح فاروق وليا للعهد وهو صغير السن، وأطلق عليه الملك فؤاد لقب «أمير الصعيد» في 12 ديسمبر 1933.
كان الملك فؤاد الاول ينتهز أية فرصة ليقدم الأمير الصغير إلى الشعب الذي سيكون ملكا عليه، لذلك اصطحبه معه في عدة مناسبات أولها حفل المرشدات في النادي الأهلي في 7 أبريل سنة 1932 وعمر فاروق وقتها 12 عاما. كما أنابه - نظرا لظروف مرضه- في حضور حفلة رسمية كان قد أقامها سلاح الطيران البريطاني في 23 فبراير سنة 1934 وكذلك في افتتاح مؤتمر البريد الدولي في عام 1934، وقد أبلى الأمير فاروق وقتها بلاء حسنا في كافة المناسبات التي حضرها.
كانت بريطانيا تتابع الأمير الصغير وتطورات حياته، فهو ملك المستقبل الذي يحتك وبشكل مباشر بالثقافة الإيطالية من خلال والده ومن خلال الحاشية الإيطالية المقيمة بالقصر والمحيطة بالأمير الصغير والتي في نفس الوقت لها تأثير على الملك الاب، لا سيما رئيس الحاشية الإيطالية (ارنستو فيروتشي) وكبير مهندسي القصر. وعندما كبر الأمير فاروق قليلا بدأت بريطانيا تطلب أن يسافر إلى بريطانيا ليتعلم في كلية (ايتون) وهى أرقى كلية هناك، إلا أن صغر سن الأمير فاروق في ذلك الوقت ومعارضة الملكة نازلي كانت تعطل ذلك، فاستعيض عن ذلك بمدرسين إنجليز ومصريين، وقد كانت بريطانيا تهدف من وراء ذلك إلى إبعاد الأمير الصغير عن الثقافة الإيطالية التي كانت محيطة به بشكل دائم.
مرحلة الشباب
عندما بلغ الأمير فاروق سن الرابعة عشر كرر السير مايلز لامبسون طلبه على الملك فؤاد بضرورة سفر الأمير فاروق إلى بريطانيا بل وأصر على ذلك بشدة رافضاً أية محاولة من الملك فؤاد لتأجيل سفره حتى يبلغ سن السادسة عشر إلا أن الملك فؤاد لم يستطع أن يرفض هذه المرة فتقرر سفر فاروق إلى بريطانيا ولكن دون أن يلتحق بكلية إيتون بل تم إلحاقه بكلية وولتش للعلوم العسكرية ولكن نظراً لكون فاروق لم يكن قد بلغ الثامنة عشر وهو أحد شروط الالتحاق بتلك الكلية فقد تم الاتفاق على أن يكون تعليم الأمير الشاب خارج الكلية على يد مدرسين من نفس الكلية. وقد رافقت الأمير فاروق خلال سفره بعثة مرافقة له برئاسة أحمد حسنين باشا ليكون رائداً له -والذي كان له دور كبير في حياته بعد ذلك- بالإضافة إلى عزيز المصري الذي كان نائباً لرئيس البعثة وكبيراً للمعلمين بالإضافة إلى عمر فتحي حارسا للأمير وكبير الياوران فيما بعد وكذلك الدكتور عباس الكفراوي كطبيب خاص وصالح هاشم أستاذ اللغة العربية، بالإضافة إلى حسين باشا حسني كسكرتير خاص، وقد كان وجود أحمد باشا حسنين كمرافق للأمير في رحلته عاملاً مساعداً للأمير على الانطلاق، فقد شجعه على الذهاب إلى المسارح والسينما ومصاحبة النساء وكذلك لعب القمار، بينما كان عزيز المصري دائم الاعتراض على كل تلك التصرفات، وكان يحاول بكافة الطرق أن يجعل من فاروق رجلاً عسكرياً ناجحاً ومؤهلاً حتى يكون ملكاً قادراً على ممارسة دوره القادم كملك لمصر. وكان فاروق بالطبع بحكم ظروف نشأته القاسية والصارمة يميل إلى أحمد باشا حسنين ويرفض ويتمرد على تعليمات وأوامر عزيز المصري، وفي تلك الفترة وأثناء وجود الأمير فاروق في بريطانيا للدراسة كان المرض قد اشتد على الملك فؤاد وأصبح على فراش الموت وقد بدأت القوى السياسية تستشعر حالة الملك المريض وشرعت تستعد لما بعد ذلك، وبالطبع كانت بريطانيا من أكثر القوى السياسية قلقاً على الوضع فاقترحت تشكيل مجلس وصاية مكون من ثلاثة أعضاء: الأمير محمد علي توفيق وهو ابن عم الأمير فاروق وقد كان ذا ميول إنجليزية وكان يرى دائما أنه أحق بعرش مصر، والثاني هو محمد توفيق نسيم باشا رئيس الوزراء الأسبق وهو من رجال القصر، والثالث هو الإمام الأكبر الشيخ المراغي وعندما علم الأمير فاروق بشدة مرض والده الملك فؤاد ورغبته في أن يرى ابنه، طلب العودة إلى مصر لرؤية والده ووافقت بريطانيا بعد تردد على عودة فاروق إلى مصر في زيارة ليعود بعدها لاستكمال دراسته إلا أنه وقبل أن يسافر فاروق إلى مصر لرؤية والده كان والده الملك فؤاد الأول قد لقي ربه وذلك في 28 أبريل سنة 1936
توليه الحكم
الملك فاروق عام 1938
بوفاة الملك فؤاد انطوت صفحة هامة في تاريخ مصر الحديث لتبدأ بعدها صفحة جديدة من صفحات تاريخ أسرة محمد علي باشا مؤسس الأسرة العلوية، عاد الأمير فاروق إلى مصر في 6 مايو سنة 1936 وهو التاريخ الذي اتخذ فيما بعد التاريخ الرسمي لجلوسه على العرش، ونصب ملكا على البلاد خلفا لوالده الملك فؤاد الاول، وذلك وفقا لنظام توارث عرش المملكة المصرية في بيت محمد علي الذي وضعه الملك فؤاد بنفسه بالتفاهم مع الإنجليز.
كانت المادة الثامنة في نظام وراثة العرش تنص على أنه «يبلغ الملك سن الرشد إذا اكتمل له من العمر ثماني عشرة سنة هلالية»
كما نصت المادة التاسعة على أنه: يكون للملك القاصر هيئة وصاية للعرش لتولي سلطة الملك حتى يبلغ سن الرشد.
وقد حددت المادة العاشرة طريقة تشكيل مجلس الوصاية كما يلي: «تؤلف هيئة وصاية العرش من ثلاثة يختارهم الملك لولي العهد القاصر بوثيقة تحرر من أصلين يودع أحدهما بديوان الملك والآخر برئاسة مجلس الوزراء، وتحفظ الوثيقة في ظرف مختوم ولا يفتح الظرف ولا تعلن الوثيقة إلا بعد وفاته وأمام البرلمان» ويجب فيمن يعين في هيئة الوصاية أن يكون مصريا مسلما وأن يختار من الطبقات الآتي ذكرها:
أمراء الأسرة المالكة وأصهارهم الأقربون.
رؤساء مجلس النواب الحالي والسابقون.
الوزراء أو من تولوا مناصب الوزراء.
رئيس وأعضاء مجلس الأعيان وكذا رؤساؤه السابقون وهذا إذا نص الدستور على إنشاء مجلس أعيان.
على أن هذا الاختيار لا ينفذ إلا إذا وافق عليه البرلمان.
وعلى ذلك فقد تم إسناد مهام الملك إلى مجلس الوصاية الذي اختاره الملك فؤاد قبل وفاته، والذي كتب الملك فؤاد أسمائهم في وثيقة من نسختين طبق الأصل أودعت إحداهما في الديوان الملكي وأودعت الأخرى في البرلمان. وقد تم فتح الوثيقتين والتأكد من مطابقتهما في جلسة برلمانية في 8 مايو 1936 تم فيها تسمية مجلس الأوصياء على العرش وهم:
الأمير محمد علي توفيق أكبر أمراء الأسرة العلوية سنًا والذي أصبح وليا للعرش كذلك وظل يشغل هذا المنصب حتى ولادة ابن فاروق الأول أحمد فؤاد
شريف صبري باشا (شقيق الملكة نازلي أي خال الملك فاروق)
. عزيز عزت باشا (وزير الخارجية وقتها وكان أول سفير لمصر لدى المملكة المتحدة)
ومنذ توليه الحكم عين الدكتور حسين باشا حسني سكرتيرا خاصا له وحتى تنازله عن العرش.
واستمرت مدة الوصاية ما يقارب السنة وثلاثة شهور إذ أتم الملك فاروق 18 سنة هلالية في 21 جمادى الأول 1356 هـ الموافق 29 يوليو 1938م وعليه فقد تم تتويجه يومها رسميا كملك رسمى للبلاد وتولى العرش منفردا دون مجلس وصاية.
استقبل الشعب المصري كله الملك الشاب استقبالا رائعا نابعا من قلوب المصريين الذين أحبوا الملك الشاب وكانت القلوب كلها تعطف عليه لحداثة سنه ولوفاة أبيه وهو بعيد عنه وفي بلاد غريبة واستبشروا بقدومه خيرا بعد عهد أبيه الذي كان ينظر إليه على أنه ملك مستبد وموال للإنجليز.
محاولة استكمال الدراسة
الملك فاروق يفتتح البرلمان 1937
بعد عودة فاروق إلى مصر وتولي مجلس الوصاية القيام بوظائفه طلب الأمير محمد علي من أحمد حسنين (بك) إعداد برنامج دراسي للملك فاروق لكي يقوم باستكمال دراسته التي لم يستكملها بالخارج على أن يوافيه بعدها بتقارير دورية عن انتظام سير هذه الدراسة وطلب أحمد حسنين (بك) من حسين باشا حسني تولي هذه المسؤولية فشرع في وضع برنامج الدراسة المطلوب بالاشتراك مع أحمد حسنين (بك)، وكان السير (مايلز لامبسون) المندوب السامي البريطاني قد رشح شابا إنجليزيا واسمه مستر (فورد) لتدريس آداب اللغة الإنجليزية وكذلك لتدريب الأمير الشاب في بعض الألعاب الرياضية، إلا أن الأمير الشاب لم يكن مرحبا بذلك الرجل الإنجليزي لكونه كان مرشحا من المندوب البريطاني.
الاحتفال بتنصيب فاروق ملكا على مصر
عملة معدنية من فئة 1/2 مليم صدرت سنة 1938م يظهر الملك على وجهها الخلفي.
ويذكر الدكتور حسين حسني باشا السكرتير الخاص للملك فاروق في كتابه (سنوات مع الملك فاروق) عن الاحتفال بتنصيب الملك فاروق فيقول: (ولقد كانت حفلات تولية الملك عيدا بل مهرجانا متواصلا لم تر البلاد له مثيلا من قبل ولم يسبق أن زخرت العاصمة بمثل ما احتشد فيها خلالها من جموع الوافدين إليها من أقصى أنحاء البلاد ومن الخارج للمشاركة في الاحتفاء بالملك الشاب أو لمجرد رؤية موكبه للذهاب إلى البرلمان ولتأدية الصلاة أو لحضور العرض العسكري أو لاجتلاء الزينات التي أقيمت في الشوارع والميادين وعلى المباني العامة والخاصة، كما شهد القصر فيها ما لم يشهده من قبل من ازدحام فاضت به جوانبه وجوانب السرادق الكبير الذي أقيم في ساحته لاستقبال المهنئين يوم التشريفات التي امتدت ساعتين أطول مما كان مقدرا لها، وظل الملك خلالها واقفا على قدميه لمصافحة كل فرد من المهنئين مما جعله يطلب فترة قصيرة للراحة، وفضلا عن ذلك فإن ممثلي تلك الجموع من مختلف الفئات والهيئات دعوا إلى حفلة الشاي التي أقيمت بحديقة القصر في آخر أيام الحفلات، وأخذ الملك يتنقل بين الموائد المختلفة لتحية المدعوين قبل أن يأخذ مكانه على المائدة الكبرى وسطهم، وقد كان سعيدا كل السعادة بما تم على يده من فتح جديد في تقاليد القصر وما كان يحوطه به الشعب من مظاهر وتجاوب معه).
لقب ملك مصر والسودان
الشعار الملكي الخاص بالملك فاروق
تم إعلان انتهاء الحماية البريطانية على مصر إثر تصريح 28 فبراير 1922
فتحولت مصر إلى مملكة، وتم وضع أول دستور للبلاد عام 1923 على إثر ذلك الاستقلال، وعلى الرغم من إنهاء الحماية فقد احتفظت بريطانيا بأربع ميزات:
حق إنجلترا في تأمين مواصلات إمبراطوريتها في مصر
حق إنجلترا في الدفاع عن مصر ضد أي اعتداء أو تدخل أجنبي
حماية المصالح الأجنبية والأقليات
حق إنجلترا في التصرف في السودان
وضع السودان الخاص في قرار إنهاء الحماية البريطانية على مصر لم يسمح بتلقيب الملك فؤاد بلقب ملك مصر والسودان، إذ وضع نص صريح في الدستور في باب الأحكام الانتقالية يوضح أن لقب الملك فؤاد يتحدد حسبما ينتهي الإنجليز من تقرير وضع السودان. بعدها تلقب بحضرة صاحب الجلالة الملك فؤاد الأول - ملك مصر وسيد النوبة وكردفان ودارفور ودخلت الحكومات المصرية المتعاقبة في مفاوضات مع بريطانيا من أجل الجلاء. فبمقتضى الامتيازات السابقة كان الجيش البريطاني موجودا في العديد من أنحاء مصر والسودان. في عام 1936 وقعت مصر معاهدة الصداقة مع بريطانيا وتضمنت بنودها قصر وجود الجيش البريطاني على منطقة القناة فقط مع تقليص عدد الجنود إلى 10.000 جندي، وكذا حق الجيش البريطاني في الطيران فوق منطقة القناة وكذلك حق مصر في إنشاء جيش نظامي (وكان الجيش المصري قد تم تسريحه عام 1882 بقرار من الخديوي توفيق إثر الاحتلال البريطاني لمصر). نصت الإتفاقية أيضا على أن يتم مراجعة هذه الوضع بعد 20 سنة لبيان مدى قدرة الجيش المصري على الحفاظ على سلامة الملاحة في قناة السويس كما تضمنت المعاهدة بندا يقضي بإرجاع الجيش المصري للسودان والاعتراف بالإدارة المشتركة مع بريطانيا، وأعطت المعاهدة الحق لمصر في المطالبة بإلغاء الامتيازات الأجنبية وحريتها في عقد المعاهدات السياسة مع الدول الأجنبية وإلغاء تصريح 28 فبراير بتحفظاته الأربعة وتبادل السفراء مع بريطانيا العظمى، وبعد وفاة الملك فؤاد في عام 1936 تولى الملك فاروق عرش مصر، وكان لقبه حين تولى العرش ملك مصر وصاحب السودان وكردفان ودارفور وليس ملك مصر والسودان. أدت الحرب العالمية الثانية إلى تأخير تنفيذ بنود معاهدة 36. وبعد انتهائها بدأت القوات الإنجليزية في الانسحاب إلى مدن القناة بموجب الاتفاقية. وكان الشغل الشاغل للحكومات المصرية آنذاك تحقيق الجلاء التام الغير مشروط، فدخلت في سلسلة أخرى من المفاوضات بهدف تعديل بنود معاهدة 1936 وإضافة تحسينات إلى المكاسب التي حققتها. إلا أن المفاوضات فشلت إثر تمسك بريطانيا بإعطاء السودان حق تقرير المصير مقابل الجلاء عن مصر مما دفع حكومة مصطفى للنحاس باشا والبرلمان إلى إلغاء معاهدة 1936 في 15 أكتوبر 1951، وعلى إثر هذا الإلغاء تم إعلان حالة الكفاح المسلح ضد قوات الجيش البريطاني الموجودة في القناة، كما تم ضم السودان إلى السيادة المصرية وتلقيب الملك فاروق «ملك مصر والسودان». لم تعترف العديد من دول العالم بهذا اللقب وأشتعلت نيران الصراع مع إنجلترا ثم تصاعدت الأحداث داخليا إذ دخلت مصر بعد هذا الإعلان في موجة من الفوضى العارمة «مجهولة الفاعل» من فتنة طائفية إلى حرائق إلى مظاهرات إلى حظر تجوال وأحكام عرفية ثم تطورت الأحداث وبلغت ذروتها فقامت حركة الضباط الأحرار في 26 يوليو بتوجيه إنذار للملك فاروق تطلب منه مغادرة البلاد والتنازل عن عرشه لولي العهد الأمير أحمد فؤاد فسقط حكم الوفد والملك.
حادثة 4 فبراير 1942
صورة تجمع بين الملك فاروق ومصطفى النحاس.
في 4 فبراير 1942 قامت القوات البريطانية بمحاصرته بقصر عابدين، وأجبره السفير البريطاني في القاهرة السير مايلز لامبسون على التوقيع على قرار باستدعاء زعيم حزب الوفد مصطفى النحاس لتشكيل الحكومة بمفرده أو أن يتنازل عن العرش.
كانت تلك الحادثة قد حدثت أثناء الحرب العالمية الثانية، وكانت القوات الألمانية بقيادة إرفين رومل موجودة في العلمين، وكان الموقف العسكري مشحونًا بالاحتمالات الخطيرة على مصر ولاتباع التقليد الدستوري الخاص بتشكيل وزارة ترضى عنها غالبية الشعب وتستطيع إحكام قبضة الموقف الداخلي، فطلب السفير البريطاني منه تأليف وزارة تحرص على الولاء لمعاهدة 1936 نصًا وروحًا قادرة على تنفيذها وتحظى بتأييد غالبية الرأي العام، وأن يتم ذلك في موعد أقصاه 3 فبراير 1942، ولذلك قام الملك باستدعاء قادة الأحزاب السياسية في محاولة لتشكيل وزارة قومية أو ائتلافية، وكانوا جميعا عدا مصطفى النحاس مؤيدين لفكرة الوزارة الائتلافية برئاسته. فهي تحول دون انفراد حزب الوفد بالحكم خصوصًا أن لهم أغلبية بالبرلمان، فطلبت المملكة المتحدة من سفيرها السير مايلز لامبسون أن يلوح باستخدام القوة أمام الملك، وفي صباح يوم 4 فبراير 1942 طلب السفير مقابلة رئيس الديوان الملكي أحمد حسنين باشا وسلمه إنذارًا موجها للملك هدده فيه بأنه إذا لم يعلم قبل الساعة السادسة مساءً أنه قد تم تكليف مصطفى النحاس بتشكيل الحكومة فإنه يجب عليه أن يتحمل تبعات ما يحدث، وكان السفير جادًا في هذا الإنذار، وكان يعد من يحتل العرش مكانه، وهو ولي العهد الأمير محمد علي توفيق الذي ظل حلم اعتلائه للعرش يراوده لسنوات طويلة، كما أنه أكبر أفراد أسرة محمد علي سنًا، إلا أن زعيم حزب الوفد مصطفى النحاس رفض الإنذار. وعند مساء هذا اليوم 4 فبراير 1942 توجه السفير ومعه قائد القوات البريطانية في مصر «الجنرال ستون» ومعهما عدد من الضباط البريطانيين المسلحين بمحاصرة ساحة قصر عابدين بالدبابات والجنود البريطانيين ودخلا إلى مكتب الملك وكان معه رئيس الديوان أحمد حسنين باشا، ووضع أمامة وثيقة تنازله عن العرش، وقد كتب بالوثيقة:
فاروق الأول نحن فاروق الأول ملك مصر، تقديرًا منا لمصالح بلدنا فإننا هنا نتنازل عن العرش ونتخلى عن أي حق فيه لأنفسنا ولذريتنا، ونتنازل عن كل الحقوق والامتيازات والصلاحيات التي كانت عندنا بحكم الجلوس على العرش، ونحن هنا أيضًا نحل رعايانا من يمين الولاء لشخصنا.
صدر في قصر عابدين في هذا اليوم الرابع من فبراير 1942.
فاروق الأول
الملك فاروق مع إحدى الوزارات المشكلة
ويقول السير لامبسون إنه عندما وضع وثيقة التنازل أمام الملك تردد لثوان، وإنه أحس للحظة أن الملك سوف يأخذ القلم ويوقع، لكن رئيس الديوان الملكي أحمد حسنين باشا تدخل باللغة العربية وقال له شيئا ثم توقف الملك وطلب من «لامبسون» فرصة أخرى أخيرة ليستدعي مصطفى النحاس على الفور وفي وجوده إذا أراد وأن يكلفه على مسمع منه بتشكيل الوزارة، وسأله «لامبسون» إذا كان يفهم وبوضوح أنه يجب أن تكون الوزارة من اختيار النحاس وحده؟ فقال أنه يفهم، فقال له السير لامبسون إنه على استعداد لأن يعطيه فرصة أخيرة لأنه يريد أن يجنب مصر تعقيدات قد لا تكون سهلة في هذه الظروف، ولكن عليه أن يدرك أن تصرفه لا بد أن يكون فوريًا، فرد عليه مرة أخرى إنه يستوعب أن ضرورات محافظته على شرفه وعلى مصلحة بلاده تقتضي أن يستدعي النحاس فورًا.
حادث القصاصين
السيارة التي أهداها هتلر للملك فاروق بمناسبة زواجه
أصاب مصر الفزع والخوف عندما وقع حادث (عصر 15 نوفمبر 1943) وتعرض الملك فاروق لاصطدام سيارته التي كان يقودها بنفسه بسيارة مقطورة عسكرية إنجليزية، وكان عائدا من رحلة صيد بط قرب الإسماعيلية. ووقع الحادث أمام بوابة معسكر المنشآت الهندسية رقم 140، وكاد يودي بحياة الملك وكان يردد: يارب عفوك .. يارب عفوك. وتم نقله إلى داخل المعسكر لإسعافه ولكنه قال: لا أريد شيئا من هؤلاء (بعد انصراف الطبيب الإنجليزي) وفهم المرافقون مغزى كلام الملك وحملته السيارة الملكية إلى المستشفى العسكري القريب في القصاصين وقامت الطبيبة الإنجليزية بفحص الصدر والبطن وأشار الملك إلى موضع الألم وقال: عندي كسر في عظمة الحوض أسفل البطن ورغم ألمه الشديد كان سعيدا حينما شاهد ضباطاً وجنودا مصريين من الجيش المرابط في المنطقة وقد أسرعوا من تلقاء أنفسهم وأحاطوا بالمستشفى لحراسته وتم إبلاغ القصر الملكي وحضر الجراح علي إبراهيم باشا بالطائرة من القاهرة وكان أحد كبار الجراحين الإنجليز قد عرض إجراء العملية بصفة عاجلة ولكن الملك فضل انتظار الجراح المصري رغم خطورة إصابته، وكان الملك فاروق يقود السيارة التي أهداها له هتلر بسرعة كبيرة بجوار ترعة الإسماعيلية وفوجئ بالمقطورة الإنجليزية وكانت قادمة من بني غازي وقد انحرفت يسارا فجأة وسدت الطريق أمامه لكي تدخل المعسكر، وقام الملك بالانحراف لتفادي السقوط في الترعة، واصطدمت مقدمة المقطورة بسيارته وطارت عجلاتها الإمامية وحطمت الباب الأمامي ووقع الملك فاروق وسط الطريق. وسرعان ما انتشر الخبر في أرجاء مصر وزحفت الجماهير بالألوف وأحاطت بمستشفى القصاصين طوال إقامة الملك به بعد الجراحة الخطيرة التي ظل يعاني من آثارها، وسرت شائعات بأن الحادث كان مدبرا للتخلص من الملك فاروق بسبب تفاقم الخلاف الحاد بينه وبين السفير البريطاني (السير مايلز لامبسون) بعد حادث 4 فبراير وحصار الدبابات البريطانية لقصر عابدين ولكن الملك نجا بأعجوبة وتجلى مدى حب الشعب له وقتها.
شعار المملكة المصرية
ثورة 23 يوليو 1952 الضباط الأحرار ونهاية الحكم الملكي المصري
برواز محطم يحمل صورة الملك فاروق خلال الثورة
استمر حكم فاروق مدة ستة عشر سنة إلى أن أرغمته ثورة 23 يوليو 1952 على التنازل عن العرش لإبنه الطفل أحمد فؤاد والذي كان عمره حينها ستة أشهر وفي تمام الساعة السادسة والعشرون دقيقة مساء يوم 26 يوليو 1952 غادر الملك فاروق مصر على ظهر اليخت الملكي المحروسة (وهو نفس اليخت الذي غادر به جده الخديوي إسماعيل عند عزله عن الحكم). وأدى الضباط التحية العسكرية وأطلقت المدفعية إحدى وعشرون طلقة لتحية الملك فاروق عند وداعه، وكان في وداعه اللواء محمد نجيب وأعضاء حركة الضباط الأحرار والذين كانوا قد قرروا الاكتفاء بعزله ونفيه من مصر بينما أراد بعضهم محاكمته وإعدامه كما فعلت ثورات أخرى مع ملوكها.
نص الإنذار الموجه إليه
فاروق الأول من اللواء أركان حرب محمد نجيب باسم ضباط الجيش ورجاله
إلى الملك فاروق الأول
أنه نظرًا لما لاقته البلاد في العهد الأخير من فوضى شاملة عمت جميع المرافق نتيجة سوء تصرفكم وعبثكم بالدستور وامتهانكم لإرادة الشعب حتى أصبح كل فرد من أفراده لا يطمئن على حياته أو ماله أو كرامته. ولقد ساءت سمعة مصر بين شعوب العالم من تماديكم في هذا المسلك حتى أصبح الخونة والمرتشون يجدون في ظلكم الحماية والأمن والثراء الفاحش والإسراف الماجن على حساب الشعب الجائع الفقير، ولقد تجلت آية ذلك في حرب فلسطين وما تبعها من فضائح الأسلحة الفاسدة وما ترتب عليها من محاكمات تعرضت لتدخلكم السافر، مما أفسد الحقائق وزعزع الثقة في العدالة وساعد الخونة على ترسم هذا الخطأ فأثرى من أثرى وفجر من فجر وكيف لا والناس على دين ملوكهم.
لذلك قد فوضني الجيش الممثل لقوة الشعب أن أطلب من جلالتكم التنازل عن العرش لسمو ولي عهدكم الأمير أحمد فؤاد على أن يتم ذلك في موعد غايته الساعة الثانية عشرة من ظهر اليوم السبت الموافق 26 يوليو 1952 والرابع من ذي القعدة سنة 1371 ومغادرة البلاد قبل الساعة السادسة من مساء اليوم نفسه.
والجيش يحمل جلالتكم كل ما يترتب على عدم النزول على رغبة الشعب من نتائج.
فريق أركان حرب محمد نجيب
الإسكندرية في يوم السبت 4 من ذي القعدة 1371 هـ، 26 يوليو سنة 1952 ميلادية.
فاروق الأول
تنازله عن العرش
صورة من وثيقة تنازل الملك فاروق عن عرش مصر
الملك فاروق وابنه أحمد فؤاد والملكة ناريمان بعد وصلوهم إلى ميناء نابولي 28 يوليو 1952
طالب بأن يحافظ على كرامته في وثيقة التنازل عن العرش، فطمأنه علي ماهر باشا وذكر له أنها ستكون على مثال الوثيقة التي تنازل بها ملك بلجيكا عن عرشه، واتصل علي ماهر باشا بالدكتور عبد الرزاق السنهوري طالبًا منه تحرير وثيقة التنازل. فأعدت الوثيقة وعرضت على محمد نجيب فوافق عليها، واقترح جمال سالم إضافة عبارة (ونزولًا على إرادة الشعب) على صيغة الوثيقة وتم تكليف سليمان حافظ بحمل الوثيقة وتوقيعها من الملك، فاستقبله قرأها أكثر من مرة، وإطمأن للشكل القانوني لها وأراد إضافة كلمة (وإرادتنا) عقب عبارة ونزولًا على إرادة الشعب، لكنه أفهمه أن صياغة الوثيقة في صورة أمر ملكي تنطوي على هذا المعنى، وإنها تمت بصعوبة كبيرة ولا تسمح بإدخال أي تعديل، وكان وقتها في حالة عصبية سيئة.
نص التنازل عن العرش
فاروق الأول أمر ملكي رقم 65 لسنة 1952
نحن فاروق الأول ملك مصر والسودان
لما كنا نتطلب الخير دائما لأمتنا ونبتغي سعادتها ورقيها
ولما كنا نرغب رغبة أكيدة في تجنيب البلاد المصاعب التي تواجهها في هذه الظروف الدقيقة
ونزولا على إرادة الشعب
قررنا النزول عن العرش لولي عهدنا الأمير أحمد فؤاد وأصدرنا أمرنا بهذا إلى حضرة صاحب المقام الرفيع علي ماهر باشا رئيس مجلس الوزراء للعمل بمقتضاه.
صدر بقصر رأس التين في 4 ذي القعدة 1371 هـ الموافق 26 يوليو 1952
فاروق الأول
إنجازات عصر فاروق
إنجازات تمت في عام 1936
قرر الملك فاروق في عام 1936 إبعاد جميع العاملين الإنجليز في خدمة القصر بما فيهم سائقه الخصوصي والحرس الخاص للملك ولم يترك سوى الصيدلي الأول حتى نهاية عقده ومربيات شقيقاته الأميرات (ثم بناته).
طلب من الحكومة إلغاء الامتيازات التي كان يحصل عليها السفير البريطاني مثل (السماح بحراسة خاصة من الجيش الإنجليزي للسفارة، وفتح الباب الملكي بمحطة السكك الحديدية عند سفره أو قدومه وتخصيص قطار خاص له، والاستقبال الرسمي له عند قدومه وإحاطة سيارته بحرس خاص). وهي الامتيازات التي كان يتمتع بها المندوب السامي البريطاني قبل معاهدة 1936، والتي بموجبها زالت صفته كمندوب سام وأصبح سفيرا، ولكن حكومة الوفد رأت مجاملته بالإبقاء على هذه الامتيازات.
انجازات تمت في عام 1937
تبرع الملك فاروق في أغسطس 1937 بمبلغ 4325 جنيها للفقراء والجمعيات الخيرية، وقد شمل التبرع فقراء القاهرة والإسكندرية من خلال (الجمعية الخيرية الإسلامية بالقاهرة، جمعية المواساة الإسلامية بالإسكندرية، وجمعية الإسعاف، وجمعية التوفيق القبطية، والمستشفى الإسرائيلي).
كان الملك فاروق طوال فترة حكمه يتبرع من أمواله الخاصة للفقراء، ويأمر باستقدام الطلبة العرب والأفارقة للدراسة في الأزهر على نفقته الخاصة، وتبرعاته خلال زيارته للمساجد والمصانع يستحيل حصرها لكثرتها.
إنجازات تمت في عام 1938
حفلات وولائم الملك فاروق في رمضان
في عام 1938 أهدى الملك فاروق مسلمي الصين مئات من الكتب من المكتبة الملكية، وطلب أن توفد الصين 20 طالبا إلى مصر ليتعلموا على نفقته الخاصة.
إنشاء الكلية الجوية (مدرسة الطيران العالي بألماظة 1937 والتي تحولت إلى كلية الطيران الملكية عام 1948).
وضع حجر الأساس لمبنى نقابة المحامين، الذي افتُتح عام 1939.
تمصير قيادة الجيش.
توقيع اتفاقية مونتريه لإلغاء الامتيازات الأجنبية.
انضمام مصر إلى عصبة الأمم.
إنشاء خزان جبل الأولياء في السودان.
أول مؤتمر برلماني للبلاد العربية والإسلامية من أجل فلسطين (7-11 أكتوبر).
إنشاء جامعة فاروق الأول (الإسكندرية) والتي بدأت ببعض كليات تابعة لجامعة فؤاد الأول (القاهرة) في عام 1938، ثم أصبحت جامعة مستقلة في أغسطس 1942.
افتتاح متحف فؤاد الأول الزراعي.
إنجازات تمت في عام 1939
إنشاء وزارة الشؤون الاجتماعية، وكان أول وزير لها عبد السلام الشاذلى باشا، وهو اتجاه محمود للحكم أن يهتم بالشؤون الاجتماعية وينشئ لها وزارة من مجتمع طالما وصف بأنه مجتمع النصف في المائة.
إنشاء نقابة الصحفيين (موافقة مجلس الوزراء بتاريخ 7 نوفمبر 1939 وتأسست النقابة عام 1941).
إنشاء (الجيش المرابط)، وهي قوات شبه عسكرية لمعاونة الجيش في الدفاع عن البلاد حال تعرضها للخطر.
صدر قانون الضرائب على الأرباح التجارية والصناعية.
إنشاء قناطر الدلتا (محمد علي).
افتتاح قناطر أسيوط سنة 1939.
إنجازات تمت في عام 1940
الملك فاروق يستمع إلى آيات الذكر الحكيم التي كانت تذاع في ليالي رمضان من قصر عابدين بحضور الشيخ طه الفشني وفضيلة الشيخ مصطفى إسماعيل إمام المقرئين.
إنشاء وزارة التموين وكان أول وزير لها صليب باشا سامي.
إنجازات تمت في عام 1941
إفتتاح مستشفى صيدناوي.
إنشاء مطعم فاروق الخيري لصرف وجبات مجانية للفقراء من الخاصة الملكية.
افتتاح دار الحكمة.
إنجازات تمت في عام 1942
إنشاء ديوان المراقبة (المحاسبة ثم الجهاز المركزي للمحاسبات 1964).
إنشاء نقابة ممثلي المسرح والسينما (نقابة المهن التمثيلية).
تجديد مسجد المرسي أبو العباس بالإسكندرية.
صدور قانون إنصاف الموظفين لزيادة الأجور وتحسين مستوى المعيشة.
صدور قانون السلطة القضائية بشأن استقلال القضاء قانون رقم 66 لسنة 1943.
الدفاع عن استقلال سوريا ولبنان في مواجهة الاستعمار الفرنسي.
إنجازات تمت في عام 1944
إنشاء المعهد العالي للفنون المسرحية.
زيارة مصانع المحلة الكبرى وافتتاح مصنع الغزل والنسيج يوليو 1944، وزيارته لنادي العمال والتبرع له بألف جنيه، وأثناء الزيارة دعا بعض العمال للجلوس معه على المائدة لاستكمال الحديث، ثم أمر بركوب نقيب العمال معه في طريقه لزيارة نادي العمال.
إنشاء عيد العلم وتكريم الخريجين الذين بدأ بدعوتهم إلى مائدته للاحتفال بهم في القاهرة وفي الإسكندرية، في حالة وجوده بها.
توزيع جوائز فؤاد الأول وفاروق الأول العلمية (جوائز الدولة التقديرية والتشجيعية فيما بعد) على المتفوقين.
افتتاح مكتبة الأميرة فريال بمصر الجديدة.
توقيع بروتوكول جامعة الدول العربية.
إنجازات تمت في عام 1945
تأسيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية سنة 1945 للنهوض بالدراسات التاريخية ونشر الوعي التاريخي بين المواطنين، واتخذت مقرا مؤقتا بوزارة المعارف العمومية ثم انتقلت إلى جوار مقر الجمعية الزراعية الملكية، وظلت هناك حتى سنة 1958، ثم أنشئت هيئة المعارض مكانها، فتبرع حاكم الشارقه ب 600 متر في الحي الثامن بمدينة نصر وهو المقر الحالي.
إنشاء معهدي الدراسات الإسلامية بمدريد والجزائر.
صدور قانون حفظ الآثار وإنشاء معهد الوثائق والمكتبات.
افتتاح قناطر إسنا.
افتتاح المدينة الجامعية لجامعة فؤاد الأول (القاهرة) والتبرع بحوالي مائة وخمسين ألف جنيه لإتمامها.
انضمام مصر للأمم المتحدة.
إنجازات تمت في عام 1946
التبرع بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه لجامعتي فؤاد الأول وفاروق الأول لسداد مصروفات الطلبة غير القادرين.
معاهدة صدقي - بيفن والتي كانت ستتيح الجلاء خلال ثلاث سنوات وتعثرت بسبب رفض مصر التخلي عن السودان.
إنشاء مصلحة الشهر العقاري.
إنشاء مجلس الدولة.
إنشاء الكلية البحرية.
جلاء القوات البريطانية عن القاهرة.
إنشاء مجلس لمكافحة الفقر والجهل والمرض سنة 1946، وقد ذهب جلالته إلى مجلس الوزراء. وبادر الوزراء وهم وقوف لتحيته قائلا: لقد جئت لأطالبكم بحق الفقير في أن تحموه من الفقر والجهل والمرض. وتطرق الحديث معهم إلى الإصلاحات الاجتماعية التي بدأها جلالته في تفتيش انشاص وطلب الوزراء زيارتها للتعرف عليها وقال لهم: شرطي الوحيد أن يطبقها كل منكم في ملكه الخاص.
إسباغ الحماية على مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني.
إنجازات تمت في عام 1947
الملك فاروق مع عبد الرزاق السنهوري 1947
مشروع كهرباء خزان أسوان.
إنشاء مصلحة الأرصاد الجوية.
إنشاء مجمع محاكم الجلاء.
إنشاء سوق روض الفرج.
إسباغ الحماية على الأمير عبد الكريم الخطابي ومنحه حق اللجوء السياسي.
إرسال رسالة من القمح والأغذية لمواطني تونس مساعدة لهم في المحنة التي نزلت بهم .
نجاح الدكتور مهندس بحري فؤاد بهجت في تصميم وإنتاج أول غواصة صغيرة في العالم.
نجاح الدكتور فريد حسنى في عمل لفات مانجو (مثل قمر الدين) طويلة الصلاحية، وكذلك نجح في عمل مسحوق طماطم سريع الذوبان والذي طور فيما بعد لعمل القهوة سريعة الذوبان (مثل النيسكافيه).
إنجازات تمت في عام 1948
إنشاء مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.
افتتاح دار فاروق الأول لرعاية أطفال العمال بالمحلة الكبرى.
بدء مشروع الإصلاح الزراعي بتوزيع الملك الأرض على الفلاحين في قرية كفر سعد بدمياط حيث أُعطيت كل أسرة (600 أسرة) خمسة أفدنة من أراضي الدولة المستصلحة دون المساس بحقوق وملكيات ملاك الأراضي الآخرين.
صدور القانون المدني المصري.
إنجازات تمت في عام 1949
إنتهاء العمل بنظام المحاكم المختلطة طبقا لاتفاقية مونتريه، وتطبيق القانون المصري على جميع المقيمين على أرض مصر.
صدور قانون محاكمة الوزراء.
صدور قانون الكسب غير المشروع (من أين لك هذا).
توقيع إتفاق للوحدة مع سوريا.
نجاح تجربة إطلاق أول صاروخ مصري (بمساعدة الخبراء الألمان) لمدى كيلومتر.
الملك فاروق عام 1946
إنجازات تمت في عام 1950
إنشاء مصلحة ودار سك النقود.
إنشاء وزارة الشؤون البلدية والقروية (الإدارة المحلية).
إنشاء وزارة الاقتصاد.
إنشاء معهد فؤاد الأول لبحوث الصحراء.
إنشاء جامعة إبراهيم باشا (عين شمس) وتقرر إنشاء جامعة (محمد علي) في أسيوط.
بدء برنامج تطوير الجيش المصري.
تحويل نفقات احتفالات استقبال الملك بمناسبة عودته من أوروبا لأوجه البر.
إنجازات تمت في عام 1951
إنشاء مشروع فاروق لإسكان الفقراء.
بدء برنامج الصواريخ المصري وإنشاء المصانع الحربية (افتُتحت عام 1953).
مجانية التعليم قبل الجامعي.
إفتتاح نادي القضاة.
إفتتاح قناطر إدفينا.
إجراء التجارب الأولى لدخول التليفزيون.
إنشاء مجمع التحرير سنة 1951 وتكلف حوالي مليون ومائتي ألف جنيه.
إلغاء معاهدة 1936.
إنتاج أول طائرة تدريب مصرية بمحركات توربينية.
إنجازات تمت في عام 1952
إنشاء المجلس الأعلى للبحوث العلمية والصناعية (المركز القومى للبحوث فيما بعد).
إنشاء ديوان الموظفين (الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة فيما بعد).
إنشاء مدينة فاروق الأول للبحوث الإسلامية.
بدء حفر ترعة النوبارية.
افتتاح بنك القاهرة.
افتتاح مبنى الغرف التجارية للقطر المصري (اتحاد الغرف التجارية فيما بعد) في 15 مايو، وكان آخر مناسبة رسمية شارك فيها الملك قبل أن يغادر مصر.
التبرع كشخص مجهول للفدائيين الجامعيين لشراء الأسلحة اللازمة لحرب العصابات في منطقة القنال.
بعد تنازله عن العرش أقام في منفاه بروما، وكان يزور منها سويسرا وفرنسا، إلى أن توفي في روما في 18 مارس 1965 ودفن أولا في مقابر إبراهيم باشا في منطقة الإمام الشافعي ثم نقلت رفاته في عهد الرئيس محمد أنور السادات إلى المقبرة الملكية بمسجد الرفاعي بالقاهرة تنفيذاً لوصيته.
ولادته ونشأته
ولد فاروق بن فؤاد بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد علي باشا في 11 فبراير سنة 1920. صدر بلاغ سلطاني يعلن فيه مجلس الوزراء عن ميلاد الأمير فاروق في قصر عابدين، فأطلقت 21 إطلاقة مدفع، ومنح موظفو الحكومة والبنوك إجازة.
كان فاروق الابن الأكبر لوالديه الملك فؤاد الأول والملكة نازلي وله أربعة شقيقات وهن:
الأميرة فوزية بنت فؤاد الأول
الأميرة فايزة بنت فؤاد الأول
الأميرة فائقة بنت فؤاد الأول
الأميرة فتحية بنت فؤاد الأول
كما كان له إخوة غير أشقاء من زوجة أبيه الأميرة شيوه كار التي طلقها الملك فؤاد في 1898 وهما:
الأمير إسماعيل بن فؤاد الأول (توفي في سنة 1897 وكان عمره وقت وفاته أقل من سنة).
الأميرة فوقية بنت فؤاد الأول
الملك فاروق في صغره
اهتم الملك فؤاد بتربية ابنه فاروق بدرجة مبالغ فيها من الحرص، فجعله محاصرًا بدائرة ضيقة من المتعاملين معه وكانت تلك الدائرة تضم أمه وأخواته الأميرات بالإضافة إلى المربية الإنجليزية (مس اينا تايلور)، كانت تلك المربية صارمة جدًا في التعامل مع الأمير الصغير، وكانت متسلطة لدرجة إنها كانت تعترض على تعليمات والدته الملكة نازلي فيما يختص بتربية فاروق.
لم يكن لفاروق في تلك المرحلة أية صداقات من أولاد الأمراء أو الباشوات، مما أعطى الفرصة لبعض المقيمين في القصر للتقرب من الأمير الصغير وكانوا لا يرفضون له طلبا بالإضافة إلى أنهم كانوا يفسدون ما تقوم به المربية الإنجليزية وما تصدره من تعليمات وتوجيهات تتعلق بالأمير الصغير.
أصبح فاروق وليا للعهد وهو صغير السن، وأطلق عليه الملك فؤاد لقب «أمير الصعيد» في 12 ديسمبر 1933.
كان الملك فؤاد الاول ينتهز أية فرصة ليقدم الأمير الصغير إلى الشعب الذي سيكون ملكا عليه، لذلك اصطحبه معه في عدة مناسبات أولها حفل المرشدات في النادي الأهلي في 7 أبريل سنة 1932 وعمر فاروق وقتها 12 عاما. كما أنابه - نظرا لظروف مرضه- في حضور حفلة رسمية كان قد أقامها سلاح الطيران البريطاني في 23 فبراير سنة 1934 وكذلك في افتتاح مؤتمر البريد الدولي في عام 1934، وقد أبلى الأمير فاروق وقتها بلاء حسنا في كافة المناسبات التي حضرها.
كانت بريطانيا تتابع الأمير الصغير وتطورات حياته، فهو ملك المستقبل الذي يحتك وبشكل مباشر بالثقافة الإيطالية من خلال والده ومن خلال الحاشية الإيطالية المقيمة بالقصر والمحيطة بالأمير الصغير والتي في نفس الوقت لها تأثير على الملك الاب، لا سيما رئيس الحاشية الإيطالية (ارنستو فيروتشي) وكبير مهندسي القصر. وعندما كبر الأمير فاروق قليلا بدأت بريطانيا تطلب أن يسافر إلى بريطانيا ليتعلم في كلية (ايتون) وهى أرقى كلية هناك، إلا أن صغر سن الأمير فاروق في ذلك الوقت ومعارضة الملكة نازلي كانت تعطل ذلك، فاستعيض عن ذلك بمدرسين إنجليز ومصريين، وقد كانت بريطانيا تهدف من وراء ذلك إلى إبعاد الأمير الصغير عن الثقافة الإيطالية التي كانت محيطة به بشكل دائم.
مرحلة الشباب
عندما بلغ الأمير فاروق سن الرابعة عشر كرر السير مايلز لامبسون طلبه على الملك فؤاد بضرورة سفر الأمير فاروق إلى بريطانيا بل وأصر على ذلك بشدة رافضاً أية محاولة من الملك فؤاد لتأجيل سفره حتى يبلغ سن السادسة عشر إلا أن الملك فؤاد لم يستطع أن يرفض هذه المرة فتقرر سفر فاروق إلى بريطانيا ولكن دون أن يلتحق بكلية إيتون بل تم إلحاقه بكلية وولتش للعلوم العسكرية ولكن نظراً لكون فاروق لم يكن قد بلغ الثامنة عشر وهو أحد شروط الالتحاق بتلك الكلية فقد تم الاتفاق على أن يكون تعليم الأمير الشاب خارج الكلية على يد مدرسين من نفس الكلية. وقد رافقت الأمير فاروق خلال سفره بعثة مرافقة له برئاسة أحمد حسنين باشا ليكون رائداً له -والذي كان له دور كبير في حياته بعد ذلك- بالإضافة إلى عزيز المصري الذي كان نائباً لرئيس البعثة وكبيراً للمعلمين بالإضافة إلى عمر فتحي حارسا للأمير وكبير الياوران فيما بعد وكذلك الدكتور عباس الكفراوي كطبيب خاص وصالح هاشم أستاذ اللغة العربية، بالإضافة إلى حسين باشا حسني كسكرتير خاص، وقد كان وجود أحمد باشا حسنين كمرافق للأمير في رحلته عاملاً مساعداً للأمير على الانطلاق، فقد شجعه على الذهاب إلى المسارح والسينما ومصاحبة النساء وكذلك لعب القمار، بينما كان عزيز المصري دائم الاعتراض على كل تلك التصرفات، وكان يحاول بكافة الطرق أن يجعل من فاروق رجلاً عسكرياً ناجحاً ومؤهلاً حتى يكون ملكاً قادراً على ممارسة دوره القادم كملك لمصر. وكان فاروق بالطبع بحكم ظروف نشأته القاسية والصارمة يميل إلى أحمد باشا حسنين ويرفض ويتمرد على تعليمات وأوامر عزيز المصري، وفي تلك الفترة وأثناء وجود الأمير فاروق في بريطانيا للدراسة كان المرض قد اشتد على الملك فؤاد وأصبح على فراش الموت وقد بدأت القوى السياسية تستشعر حالة الملك المريض وشرعت تستعد لما بعد ذلك، وبالطبع كانت بريطانيا من أكثر القوى السياسية قلقاً على الوضع فاقترحت تشكيل مجلس وصاية مكون من ثلاثة أعضاء: الأمير محمد علي توفيق وهو ابن عم الأمير فاروق وقد كان ذا ميول إنجليزية وكان يرى دائما أنه أحق بعرش مصر، والثاني هو محمد توفيق نسيم باشا رئيس الوزراء الأسبق وهو من رجال القصر، والثالث هو الإمام الأكبر الشيخ المراغي وعندما علم الأمير فاروق بشدة مرض والده الملك فؤاد ورغبته في أن يرى ابنه، طلب العودة إلى مصر لرؤية والده ووافقت بريطانيا بعد تردد على عودة فاروق إلى مصر في زيارة ليعود بعدها لاستكمال دراسته إلا أنه وقبل أن يسافر فاروق إلى مصر لرؤية والده كان والده الملك فؤاد الأول قد لقي ربه وذلك في 28 أبريل سنة 1936
توليه الحكم
الملك فاروق عام 1938
بوفاة الملك فؤاد انطوت صفحة هامة في تاريخ مصر الحديث لتبدأ بعدها صفحة جديدة من صفحات تاريخ أسرة محمد علي باشا مؤسس الأسرة العلوية، عاد الأمير فاروق إلى مصر في 6 مايو سنة 1936 وهو التاريخ الذي اتخذ فيما بعد التاريخ الرسمي لجلوسه على العرش، ونصب ملكا على البلاد خلفا لوالده الملك فؤاد الاول، وذلك وفقا لنظام توارث عرش المملكة المصرية في بيت محمد علي الذي وضعه الملك فؤاد بنفسه بالتفاهم مع الإنجليز.
كانت المادة الثامنة في نظام وراثة العرش تنص على أنه «يبلغ الملك سن الرشد إذا اكتمل له من العمر ثماني عشرة سنة هلالية»
كما نصت المادة التاسعة على أنه: يكون للملك القاصر هيئة وصاية للعرش لتولي سلطة الملك حتى يبلغ سن الرشد.
وقد حددت المادة العاشرة طريقة تشكيل مجلس الوصاية كما يلي: «تؤلف هيئة وصاية العرش من ثلاثة يختارهم الملك لولي العهد القاصر بوثيقة تحرر من أصلين يودع أحدهما بديوان الملك والآخر برئاسة مجلس الوزراء، وتحفظ الوثيقة في ظرف مختوم ولا يفتح الظرف ولا تعلن الوثيقة إلا بعد وفاته وأمام البرلمان» ويجب فيمن يعين في هيئة الوصاية أن يكون مصريا مسلما وأن يختار من الطبقات الآتي ذكرها:
أمراء الأسرة المالكة وأصهارهم الأقربون.
رؤساء مجلس النواب الحالي والسابقون.
الوزراء أو من تولوا مناصب الوزراء.
رئيس وأعضاء مجلس الأعيان وكذا رؤساؤه السابقون وهذا إذا نص الدستور على إنشاء مجلس أعيان.
على أن هذا الاختيار لا ينفذ إلا إذا وافق عليه البرلمان.
وعلى ذلك فقد تم إسناد مهام الملك إلى مجلس الوصاية الذي اختاره الملك فؤاد قبل وفاته، والذي كتب الملك فؤاد أسمائهم في وثيقة من نسختين طبق الأصل أودعت إحداهما في الديوان الملكي وأودعت الأخرى في البرلمان. وقد تم فتح الوثيقتين والتأكد من مطابقتهما في جلسة برلمانية في 8 مايو 1936 تم فيها تسمية مجلس الأوصياء على العرش وهم:
الأمير محمد علي توفيق أكبر أمراء الأسرة العلوية سنًا والذي أصبح وليا للعرش كذلك وظل يشغل هذا المنصب حتى ولادة ابن فاروق الأول أحمد فؤاد
شريف صبري باشا (شقيق الملكة نازلي أي خال الملك فاروق)
. عزيز عزت باشا (وزير الخارجية وقتها وكان أول سفير لمصر لدى المملكة المتحدة)
ومنذ توليه الحكم عين الدكتور حسين باشا حسني سكرتيرا خاصا له وحتى تنازله عن العرش.
واستمرت مدة الوصاية ما يقارب السنة وثلاثة شهور إذ أتم الملك فاروق 18 سنة هلالية في 21 جمادى الأول 1356 هـ الموافق 29 يوليو 1938م وعليه فقد تم تتويجه يومها رسميا كملك رسمى للبلاد وتولى العرش منفردا دون مجلس وصاية.
استقبل الشعب المصري كله الملك الشاب استقبالا رائعا نابعا من قلوب المصريين الذين أحبوا الملك الشاب وكانت القلوب كلها تعطف عليه لحداثة سنه ولوفاة أبيه وهو بعيد عنه وفي بلاد غريبة واستبشروا بقدومه خيرا بعد عهد أبيه الذي كان ينظر إليه على أنه ملك مستبد وموال للإنجليز.
محاولة استكمال الدراسة
الملك فاروق يفتتح البرلمان 1937
بعد عودة فاروق إلى مصر وتولي مجلس الوصاية القيام بوظائفه طلب الأمير محمد علي من أحمد حسنين (بك) إعداد برنامج دراسي للملك فاروق لكي يقوم باستكمال دراسته التي لم يستكملها بالخارج على أن يوافيه بعدها بتقارير دورية عن انتظام سير هذه الدراسة وطلب أحمد حسنين (بك) من حسين باشا حسني تولي هذه المسؤولية فشرع في وضع برنامج الدراسة المطلوب بالاشتراك مع أحمد حسنين (بك)، وكان السير (مايلز لامبسون) المندوب السامي البريطاني قد رشح شابا إنجليزيا واسمه مستر (فورد) لتدريس آداب اللغة الإنجليزية وكذلك لتدريب الأمير الشاب في بعض الألعاب الرياضية، إلا أن الأمير الشاب لم يكن مرحبا بذلك الرجل الإنجليزي لكونه كان مرشحا من المندوب البريطاني.
الاحتفال بتنصيب فاروق ملكا على مصر
عملة معدنية من فئة 1/2 مليم صدرت سنة 1938م يظهر الملك على وجهها الخلفي.
ويذكر الدكتور حسين حسني باشا السكرتير الخاص للملك فاروق في كتابه (سنوات مع الملك فاروق) عن الاحتفال بتنصيب الملك فاروق فيقول: (ولقد كانت حفلات تولية الملك عيدا بل مهرجانا متواصلا لم تر البلاد له مثيلا من قبل ولم يسبق أن زخرت العاصمة بمثل ما احتشد فيها خلالها من جموع الوافدين إليها من أقصى أنحاء البلاد ومن الخارج للمشاركة في الاحتفاء بالملك الشاب أو لمجرد رؤية موكبه للذهاب إلى البرلمان ولتأدية الصلاة أو لحضور العرض العسكري أو لاجتلاء الزينات التي أقيمت في الشوارع والميادين وعلى المباني العامة والخاصة، كما شهد القصر فيها ما لم يشهده من قبل من ازدحام فاضت به جوانبه وجوانب السرادق الكبير الذي أقيم في ساحته لاستقبال المهنئين يوم التشريفات التي امتدت ساعتين أطول مما كان مقدرا لها، وظل الملك خلالها واقفا على قدميه لمصافحة كل فرد من المهنئين مما جعله يطلب فترة قصيرة للراحة، وفضلا عن ذلك فإن ممثلي تلك الجموع من مختلف الفئات والهيئات دعوا إلى حفلة الشاي التي أقيمت بحديقة القصر في آخر أيام الحفلات، وأخذ الملك يتنقل بين الموائد المختلفة لتحية المدعوين قبل أن يأخذ مكانه على المائدة الكبرى وسطهم، وقد كان سعيدا كل السعادة بما تم على يده من فتح جديد في تقاليد القصر وما كان يحوطه به الشعب من مظاهر وتجاوب معه).
لقب ملك مصر والسودان
الشعار الملكي الخاص بالملك فاروق
تم إعلان انتهاء الحماية البريطانية على مصر إثر تصريح 28 فبراير 1922
فتحولت مصر إلى مملكة، وتم وضع أول دستور للبلاد عام 1923 على إثر ذلك الاستقلال، وعلى الرغم من إنهاء الحماية فقد احتفظت بريطانيا بأربع ميزات:
حق إنجلترا في تأمين مواصلات إمبراطوريتها في مصر
حق إنجلترا في الدفاع عن مصر ضد أي اعتداء أو تدخل أجنبي
حماية المصالح الأجنبية والأقليات
حق إنجلترا في التصرف في السودان
وضع السودان الخاص في قرار إنهاء الحماية البريطانية على مصر لم يسمح بتلقيب الملك فؤاد بلقب ملك مصر والسودان، إذ وضع نص صريح في الدستور في باب الأحكام الانتقالية يوضح أن لقب الملك فؤاد يتحدد حسبما ينتهي الإنجليز من تقرير وضع السودان. بعدها تلقب بحضرة صاحب الجلالة الملك فؤاد الأول - ملك مصر وسيد النوبة وكردفان ودارفور ودخلت الحكومات المصرية المتعاقبة في مفاوضات مع بريطانيا من أجل الجلاء. فبمقتضى الامتيازات السابقة كان الجيش البريطاني موجودا في العديد من أنحاء مصر والسودان. في عام 1936 وقعت مصر معاهدة الصداقة مع بريطانيا وتضمنت بنودها قصر وجود الجيش البريطاني على منطقة القناة فقط مع تقليص عدد الجنود إلى 10.000 جندي، وكذا حق الجيش البريطاني في الطيران فوق منطقة القناة وكذلك حق مصر في إنشاء جيش نظامي (وكان الجيش المصري قد تم تسريحه عام 1882 بقرار من الخديوي توفيق إثر الاحتلال البريطاني لمصر). نصت الإتفاقية أيضا على أن يتم مراجعة هذه الوضع بعد 20 سنة لبيان مدى قدرة الجيش المصري على الحفاظ على سلامة الملاحة في قناة السويس كما تضمنت المعاهدة بندا يقضي بإرجاع الجيش المصري للسودان والاعتراف بالإدارة المشتركة مع بريطانيا، وأعطت المعاهدة الحق لمصر في المطالبة بإلغاء الامتيازات الأجنبية وحريتها في عقد المعاهدات السياسة مع الدول الأجنبية وإلغاء تصريح 28 فبراير بتحفظاته الأربعة وتبادل السفراء مع بريطانيا العظمى، وبعد وفاة الملك فؤاد في عام 1936 تولى الملك فاروق عرش مصر، وكان لقبه حين تولى العرش ملك مصر وصاحب السودان وكردفان ودارفور وليس ملك مصر والسودان. أدت الحرب العالمية الثانية إلى تأخير تنفيذ بنود معاهدة 36. وبعد انتهائها بدأت القوات الإنجليزية في الانسحاب إلى مدن القناة بموجب الاتفاقية. وكان الشغل الشاغل للحكومات المصرية آنذاك تحقيق الجلاء التام الغير مشروط، فدخلت في سلسلة أخرى من المفاوضات بهدف تعديل بنود معاهدة 1936 وإضافة تحسينات إلى المكاسب التي حققتها. إلا أن المفاوضات فشلت إثر تمسك بريطانيا بإعطاء السودان حق تقرير المصير مقابل الجلاء عن مصر مما دفع حكومة مصطفى للنحاس باشا والبرلمان إلى إلغاء معاهدة 1936 في 15 أكتوبر 1951، وعلى إثر هذا الإلغاء تم إعلان حالة الكفاح المسلح ضد قوات الجيش البريطاني الموجودة في القناة، كما تم ضم السودان إلى السيادة المصرية وتلقيب الملك فاروق «ملك مصر والسودان». لم تعترف العديد من دول العالم بهذا اللقب وأشتعلت نيران الصراع مع إنجلترا ثم تصاعدت الأحداث داخليا إذ دخلت مصر بعد هذا الإعلان في موجة من الفوضى العارمة «مجهولة الفاعل» من فتنة طائفية إلى حرائق إلى مظاهرات إلى حظر تجوال وأحكام عرفية ثم تطورت الأحداث وبلغت ذروتها فقامت حركة الضباط الأحرار في 26 يوليو بتوجيه إنذار للملك فاروق تطلب منه مغادرة البلاد والتنازل عن عرشه لولي العهد الأمير أحمد فؤاد فسقط حكم الوفد والملك.
حادثة 4 فبراير 1942
صورة تجمع بين الملك فاروق ومصطفى النحاس.
في 4 فبراير 1942 قامت القوات البريطانية بمحاصرته بقصر عابدين، وأجبره السفير البريطاني في القاهرة السير مايلز لامبسون على التوقيع على قرار باستدعاء زعيم حزب الوفد مصطفى النحاس لتشكيل الحكومة بمفرده أو أن يتنازل عن العرش.
كانت تلك الحادثة قد حدثت أثناء الحرب العالمية الثانية، وكانت القوات الألمانية بقيادة إرفين رومل موجودة في العلمين، وكان الموقف العسكري مشحونًا بالاحتمالات الخطيرة على مصر ولاتباع التقليد الدستوري الخاص بتشكيل وزارة ترضى عنها غالبية الشعب وتستطيع إحكام قبضة الموقف الداخلي، فطلب السفير البريطاني منه تأليف وزارة تحرص على الولاء لمعاهدة 1936 نصًا وروحًا قادرة على تنفيذها وتحظى بتأييد غالبية الرأي العام، وأن يتم ذلك في موعد أقصاه 3 فبراير 1942، ولذلك قام الملك باستدعاء قادة الأحزاب السياسية في محاولة لتشكيل وزارة قومية أو ائتلافية، وكانوا جميعا عدا مصطفى النحاس مؤيدين لفكرة الوزارة الائتلافية برئاسته. فهي تحول دون انفراد حزب الوفد بالحكم خصوصًا أن لهم أغلبية بالبرلمان، فطلبت المملكة المتحدة من سفيرها السير مايلز لامبسون أن يلوح باستخدام القوة أمام الملك، وفي صباح يوم 4 فبراير 1942 طلب السفير مقابلة رئيس الديوان الملكي أحمد حسنين باشا وسلمه إنذارًا موجها للملك هدده فيه بأنه إذا لم يعلم قبل الساعة السادسة مساءً أنه قد تم تكليف مصطفى النحاس بتشكيل الحكومة فإنه يجب عليه أن يتحمل تبعات ما يحدث، وكان السفير جادًا في هذا الإنذار، وكان يعد من يحتل العرش مكانه، وهو ولي العهد الأمير محمد علي توفيق الذي ظل حلم اعتلائه للعرش يراوده لسنوات طويلة، كما أنه أكبر أفراد أسرة محمد علي سنًا، إلا أن زعيم حزب الوفد مصطفى النحاس رفض الإنذار. وعند مساء هذا اليوم 4 فبراير 1942 توجه السفير ومعه قائد القوات البريطانية في مصر «الجنرال ستون» ومعهما عدد من الضباط البريطانيين المسلحين بمحاصرة ساحة قصر عابدين بالدبابات والجنود البريطانيين ودخلا إلى مكتب الملك وكان معه رئيس الديوان أحمد حسنين باشا، ووضع أمامة وثيقة تنازله عن العرش، وقد كتب بالوثيقة:
فاروق الأول نحن فاروق الأول ملك مصر، تقديرًا منا لمصالح بلدنا فإننا هنا نتنازل عن العرش ونتخلى عن أي حق فيه لأنفسنا ولذريتنا، ونتنازل عن كل الحقوق والامتيازات والصلاحيات التي كانت عندنا بحكم الجلوس على العرش، ونحن هنا أيضًا نحل رعايانا من يمين الولاء لشخصنا.
صدر في قصر عابدين في هذا اليوم الرابع من فبراير 1942.
فاروق الأول
الملك فاروق مع إحدى الوزارات المشكلة
ويقول السير لامبسون إنه عندما وضع وثيقة التنازل أمام الملك تردد لثوان، وإنه أحس للحظة أن الملك سوف يأخذ القلم ويوقع، لكن رئيس الديوان الملكي أحمد حسنين باشا تدخل باللغة العربية وقال له شيئا ثم توقف الملك وطلب من «لامبسون» فرصة أخرى أخيرة ليستدعي مصطفى النحاس على الفور وفي وجوده إذا أراد وأن يكلفه على مسمع منه بتشكيل الوزارة، وسأله «لامبسون» إذا كان يفهم وبوضوح أنه يجب أن تكون الوزارة من اختيار النحاس وحده؟ فقال أنه يفهم، فقال له السير لامبسون إنه على استعداد لأن يعطيه فرصة أخيرة لأنه يريد أن يجنب مصر تعقيدات قد لا تكون سهلة في هذه الظروف، ولكن عليه أن يدرك أن تصرفه لا بد أن يكون فوريًا، فرد عليه مرة أخرى إنه يستوعب أن ضرورات محافظته على شرفه وعلى مصلحة بلاده تقتضي أن يستدعي النحاس فورًا.
حادث القصاصين
السيارة التي أهداها هتلر للملك فاروق بمناسبة زواجه
أصاب مصر الفزع والخوف عندما وقع حادث (عصر 15 نوفمبر 1943) وتعرض الملك فاروق لاصطدام سيارته التي كان يقودها بنفسه بسيارة مقطورة عسكرية إنجليزية، وكان عائدا من رحلة صيد بط قرب الإسماعيلية. ووقع الحادث أمام بوابة معسكر المنشآت الهندسية رقم 140، وكاد يودي بحياة الملك وكان يردد: يارب عفوك .. يارب عفوك. وتم نقله إلى داخل المعسكر لإسعافه ولكنه قال: لا أريد شيئا من هؤلاء (بعد انصراف الطبيب الإنجليزي) وفهم المرافقون مغزى كلام الملك وحملته السيارة الملكية إلى المستشفى العسكري القريب في القصاصين وقامت الطبيبة الإنجليزية بفحص الصدر والبطن وأشار الملك إلى موضع الألم وقال: عندي كسر في عظمة الحوض أسفل البطن ورغم ألمه الشديد كان سعيدا حينما شاهد ضباطاً وجنودا مصريين من الجيش المرابط في المنطقة وقد أسرعوا من تلقاء أنفسهم وأحاطوا بالمستشفى لحراسته وتم إبلاغ القصر الملكي وحضر الجراح علي إبراهيم باشا بالطائرة من القاهرة وكان أحد كبار الجراحين الإنجليز قد عرض إجراء العملية بصفة عاجلة ولكن الملك فضل انتظار الجراح المصري رغم خطورة إصابته، وكان الملك فاروق يقود السيارة التي أهداها له هتلر بسرعة كبيرة بجوار ترعة الإسماعيلية وفوجئ بالمقطورة الإنجليزية وكانت قادمة من بني غازي وقد انحرفت يسارا فجأة وسدت الطريق أمامه لكي تدخل المعسكر، وقام الملك بالانحراف لتفادي السقوط في الترعة، واصطدمت مقدمة المقطورة بسيارته وطارت عجلاتها الإمامية وحطمت الباب الأمامي ووقع الملك فاروق وسط الطريق. وسرعان ما انتشر الخبر في أرجاء مصر وزحفت الجماهير بالألوف وأحاطت بمستشفى القصاصين طوال إقامة الملك به بعد الجراحة الخطيرة التي ظل يعاني من آثارها، وسرت شائعات بأن الحادث كان مدبرا للتخلص من الملك فاروق بسبب تفاقم الخلاف الحاد بينه وبين السفير البريطاني (السير مايلز لامبسون) بعد حادث 4 فبراير وحصار الدبابات البريطانية لقصر عابدين ولكن الملك نجا بأعجوبة وتجلى مدى حب الشعب له وقتها.
شعار المملكة المصرية
ثورة 23 يوليو 1952 الضباط الأحرار ونهاية الحكم الملكي المصري
برواز محطم يحمل صورة الملك فاروق خلال الثورة
استمر حكم فاروق مدة ستة عشر سنة إلى أن أرغمته ثورة 23 يوليو 1952 على التنازل عن العرش لإبنه الطفل أحمد فؤاد والذي كان عمره حينها ستة أشهر وفي تمام الساعة السادسة والعشرون دقيقة مساء يوم 26 يوليو 1952 غادر الملك فاروق مصر على ظهر اليخت الملكي المحروسة (وهو نفس اليخت الذي غادر به جده الخديوي إسماعيل عند عزله عن الحكم). وأدى الضباط التحية العسكرية وأطلقت المدفعية إحدى وعشرون طلقة لتحية الملك فاروق عند وداعه، وكان في وداعه اللواء محمد نجيب وأعضاء حركة الضباط الأحرار والذين كانوا قد قرروا الاكتفاء بعزله ونفيه من مصر بينما أراد بعضهم محاكمته وإعدامه كما فعلت ثورات أخرى مع ملوكها.
نص الإنذار الموجه إليه
فاروق الأول من اللواء أركان حرب محمد نجيب باسم ضباط الجيش ورجاله
إلى الملك فاروق الأول
أنه نظرًا لما لاقته البلاد في العهد الأخير من فوضى شاملة عمت جميع المرافق نتيجة سوء تصرفكم وعبثكم بالدستور وامتهانكم لإرادة الشعب حتى أصبح كل فرد من أفراده لا يطمئن على حياته أو ماله أو كرامته. ولقد ساءت سمعة مصر بين شعوب العالم من تماديكم في هذا المسلك حتى أصبح الخونة والمرتشون يجدون في ظلكم الحماية والأمن والثراء الفاحش والإسراف الماجن على حساب الشعب الجائع الفقير، ولقد تجلت آية ذلك في حرب فلسطين وما تبعها من فضائح الأسلحة الفاسدة وما ترتب عليها من محاكمات تعرضت لتدخلكم السافر، مما أفسد الحقائق وزعزع الثقة في العدالة وساعد الخونة على ترسم هذا الخطأ فأثرى من أثرى وفجر من فجر وكيف لا والناس على دين ملوكهم.
لذلك قد فوضني الجيش الممثل لقوة الشعب أن أطلب من جلالتكم التنازل عن العرش لسمو ولي عهدكم الأمير أحمد فؤاد على أن يتم ذلك في موعد غايته الساعة الثانية عشرة من ظهر اليوم السبت الموافق 26 يوليو 1952 والرابع من ذي القعدة سنة 1371 ومغادرة البلاد قبل الساعة السادسة من مساء اليوم نفسه.
والجيش يحمل جلالتكم كل ما يترتب على عدم النزول على رغبة الشعب من نتائج.
فريق أركان حرب محمد نجيب
الإسكندرية في يوم السبت 4 من ذي القعدة 1371 هـ، 26 يوليو سنة 1952 ميلادية.
فاروق الأول
تنازله عن العرش
صورة من وثيقة تنازل الملك فاروق عن عرش مصر
الملك فاروق وابنه أحمد فؤاد والملكة ناريمان بعد وصلوهم إلى ميناء نابولي 28 يوليو 1952
طالب بأن يحافظ على كرامته في وثيقة التنازل عن العرش، فطمأنه علي ماهر باشا وذكر له أنها ستكون على مثال الوثيقة التي تنازل بها ملك بلجيكا عن عرشه، واتصل علي ماهر باشا بالدكتور عبد الرزاق السنهوري طالبًا منه تحرير وثيقة التنازل. فأعدت الوثيقة وعرضت على محمد نجيب فوافق عليها، واقترح جمال سالم إضافة عبارة (ونزولًا على إرادة الشعب) على صيغة الوثيقة وتم تكليف سليمان حافظ بحمل الوثيقة وتوقيعها من الملك، فاستقبله قرأها أكثر من مرة، وإطمأن للشكل القانوني لها وأراد إضافة كلمة (وإرادتنا) عقب عبارة ونزولًا على إرادة الشعب، لكنه أفهمه أن صياغة الوثيقة في صورة أمر ملكي تنطوي على هذا المعنى، وإنها تمت بصعوبة كبيرة ولا تسمح بإدخال أي تعديل، وكان وقتها في حالة عصبية سيئة.
نص التنازل عن العرش
فاروق الأول أمر ملكي رقم 65 لسنة 1952
نحن فاروق الأول ملك مصر والسودان
لما كنا نتطلب الخير دائما لأمتنا ونبتغي سعادتها ورقيها
ولما كنا نرغب رغبة أكيدة في تجنيب البلاد المصاعب التي تواجهها في هذه الظروف الدقيقة
ونزولا على إرادة الشعب
قررنا النزول عن العرش لولي عهدنا الأمير أحمد فؤاد وأصدرنا أمرنا بهذا إلى حضرة صاحب المقام الرفيع علي ماهر باشا رئيس مجلس الوزراء للعمل بمقتضاه.
صدر بقصر رأس التين في 4 ذي القعدة 1371 هـ الموافق 26 يوليو 1952
فاروق الأول
إنجازات عصر فاروق
إنجازات تمت في عام 1936
قرر الملك فاروق في عام 1936 إبعاد جميع العاملين الإنجليز في خدمة القصر بما فيهم سائقه الخصوصي والحرس الخاص للملك ولم يترك سوى الصيدلي الأول حتى نهاية عقده ومربيات شقيقاته الأميرات (ثم بناته).
طلب من الحكومة إلغاء الامتيازات التي كان يحصل عليها السفير البريطاني مثل (السماح بحراسة خاصة من الجيش الإنجليزي للسفارة، وفتح الباب الملكي بمحطة السكك الحديدية عند سفره أو قدومه وتخصيص قطار خاص له، والاستقبال الرسمي له عند قدومه وإحاطة سيارته بحرس خاص). وهي الامتيازات التي كان يتمتع بها المندوب السامي البريطاني قبل معاهدة 1936، والتي بموجبها زالت صفته كمندوب سام وأصبح سفيرا، ولكن حكومة الوفد رأت مجاملته بالإبقاء على هذه الامتيازات.
انجازات تمت في عام 1937
تبرع الملك فاروق في أغسطس 1937 بمبلغ 4325 جنيها للفقراء والجمعيات الخيرية، وقد شمل التبرع فقراء القاهرة والإسكندرية من خلال (الجمعية الخيرية الإسلامية بالقاهرة، جمعية المواساة الإسلامية بالإسكندرية، وجمعية الإسعاف، وجمعية التوفيق القبطية، والمستشفى الإسرائيلي).
كان الملك فاروق طوال فترة حكمه يتبرع من أمواله الخاصة للفقراء، ويأمر باستقدام الطلبة العرب والأفارقة للدراسة في الأزهر على نفقته الخاصة، وتبرعاته خلال زيارته للمساجد والمصانع يستحيل حصرها لكثرتها.
إنجازات تمت في عام 1938
حفلات وولائم الملك فاروق في رمضان
في عام 1938 أهدى الملك فاروق مسلمي الصين مئات من الكتب من المكتبة الملكية، وطلب أن توفد الصين 20 طالبا إلى مصر ليتعلموا على نفقته الخاصة.
إنشاء الكلية الجوية (مدرسة الطيران العالي بألماظة 1937 والتي تحولت إلى كلية الطيران الملكية عام 1948).
وضع حجر الأساس لمبنى نقابة المحامين، الذي افتُتح عام 1939.
تمصير قيادة الجيش.
توقيع اتفاقية مونتريه لإلغاء الامتيازات الأجنبية.
انضمام مصر إلى عصبة الأمم.
إنشاء خزان جبل الأولياء في السودان.
أول مؤتمر برلماني للبلاد العربية والإسلامية من أجل فلسطين (7-11 أكتوبر).
إنشاء جامعة فاروق الأول (الإسكندرية) والتي بدأت ببعض كليات تابعة لجامعة فؤاد الأول (القاهرة) في عام 1938، ثم أصبحت جامعة مستقلة في أغسطس 1942.
افتتاح متحف فؤاد الأول الزراعي.
إنجازات تمت في عام 1939
إنشاء وزارة الشؤون الاجتماعية، وكان أول وزير لها عبد السلام الشاذلى باشا، وهو اتجاه محمود للحكم أن يهتم بالشؤون الاجتماعية وينشئ لها وزارة من مجتمع طالما وصف بأنه مجتمع النصف في المائة.
إنشاء نقابة الصحفيين (موافقة مجلس الوزراء بتاريخ 7 نوفمبر 1939 وتأسست النقابة عام 1941).
إنشاء (الجيش المرابط)، وهي قوات شبه عسكرية لمعاونة الجيش في الدفاع عن البلاد حال تعرضها للخطر.
صدر قانون الضرائب على الأرباح التجارية والصناعية.
إنشاء قناطر الدلتا (محمد علي).
افتتاح قناطر أسيوط سنة 1939.
إنجازات تمت في عام 1940
الملك فاروق يستمع إلى آيات الذكر الحكيم التي كانت تذاع في ليالي رمضان من قصر عابدين بحضور الشيخ طه الفشني وفضيلة الشيخ مصطفى إسماعيل إمام المقرئين.
إنشاء وزارة التموين وكان أول وزير لها صليب باشا سامي.
إنجازات تمت في عام 1941
إفتتاح مستشفى صيدناوي.
إنشاء مطعم فاروق الخيري لصرف وجبات مجانية للفقراء من الخاصة الملكية.
افتتاح دار الحكمة.
إنجازات تمت في عام 1942
إنشاء ديوان المراقبة (المحاسبة ثم الجهاز المركزي للمحاسبات 1964).
إنشاء نقابة ممثلي المسرح والسينما (نقابة المهن التمثيلية).
تجديد مسجد المرسي أبو العباس بالإسكندرية.
صدور قانون إنصاف الموظفين لزيادة الأجور وتحسين مستوى المعيشة.
صدور قانون السلطة القضائية بشأن استقلال القضاء قانون رقم 66 لسنة 1943.
الدفاع عن استقلال سوريا ولبنان في مواجهة الاستعمار الفرنسي.
إنجازات تمت في عام 1944
إنشاء المعهد العالي للفنون المسرحية.
زيارة مصانع المحلة الكبرى وافتتاح مصنع الغزل والنسيج يوليو 1944، وزيارته لنادي العمال والتبرع له بألف جنيه، وأثناء الزيارة دعا بعض العمال للجلوس معه على المائدة لاستكمال الحديث، ثم أمر بركوب نقيب العمال معه في طريقه لزيارة نادي العمال.
إنشاء عيد العلم وتكريم الخريجين الذين بدأ بدعوتهم إلى مائدته للاحتفال بهم في القاهرة وفي الإسكندرية، في حالة وجوده بها.
توزيع جوائز فؤاد الأول وفاروق الأول العلمية (جوائز الدولة التقديرية والتشجيعية فيما بعد) على المتفوقين.
افتتاح مكتبة الأميرة فريال بمصر الجديدة.
توقيع بروتوكول جامعة الدول العربية.
إنجازات تمت في عام 1945
تأسيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية سنة 1945 للنهوض بالدراسات التاريخية ونشر الوعي التاريخي بين المواطنين، واتخذت مقرا مؤقتا بوزارة المعارف العمومية ثم انتقلت إلى جوار مقر الجمعية الزراعية الملكية، وظلت هناك حتى سنة 1958، ثم أنشئت هيئة المعارض مكانها، فتبرع حاكم الشارقه ب 600 متر في الحي الثامن بمدينة نصر وهو المقر الحالي.
إنشاء معهدي الدراسات الإسلامية بمدريد والجزائر.
صدور قانون حفظ الآثار وإنشاء معهد الوثائق والمكتبات.
افتتاح قناطر إسنا.
افتتاح المدينة الجامعية لجامعة فؤاد الأول (القاهرة) والتبرع بحوالي مائة وخمسين ألف جنيه لإتمامها.
انضمام مصر للأمم المتحدة.
إنجازات تمت في عام 1946
التبرع بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه لجامعتي فؤاد الأول وفاروق الأول لسداد مصروفات الطلبة غير القادرين.
معاهدة صدقي - بيفن والتي كانت ستتيح الجلاء خلال ثلاث سنوات وتعثرت بسبب رفض مصر التخلي عن السودان.
إنشاء مصلحة الشهر العقاري.
إنشاء مجلس الدولة.
إنشاء الكلية البحرية.
جلاء القوات البريطانية عن القاهرة.
إنشاء مجلس لمكافحة الفقر والجهل والمرض سنة 1946، وقد ذهب جلالته إلى مجلس الوزراء. وبادر الوزراء وهم وقوف لتحيته قائلا: لقد جئت لأطالبكم بحق الفقير في أن تحموه من الفقر والجهل والمرض. وتطرق الحديث معهم إلى الإصلاحات الاجتماعية التي بدأها جلالته في تفتيش انشاص وطلب الوزراء زيارتها للتعرف عليها وقال لهم: شرطي الوحيد أن يطبقها كل منكم في ملكه الخاص.
إسباغ الحماية على مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني.
إنجازات تمت في عام 1947
الملك فاروق مع عبد الرزاق السنهوري 1947
مشروع كهرباء خزان أسوان.
إنشاء مصلحة الأرصاد الجوية.
إنشاء مجمع محاكم الجلاء.
إنشاء سوق روض الفرج.
إسباغ الحماية على الأمير عبد الكريم الخطابي ومنحه حق اللجوء السياسي.
إرسال رسالة من القمح والأغذية لمواطني تونس مساعدة لهم في المحنة التي نزلت بهم .
نجاح الدكتور مهندس بحري فؤاد بهجت في تصميم وإنتاج أول غواصة صغيرة في العالم.
نجاح الدكتور فريد حسنى في عمل لفات مانجو (مثل قمر الدين) طويلة الصلاحية، وكذلك نجح في عمل مسحوق طماطم سريع الذوبان والذي طور فيما بعد لعمل القهوة سريعة الذوبان (مثل النيسكافيه).
إنجازات تمت في عام 1948
إنشاء مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.
افتتاح دار فاروق الأول لرعاية أطفال العمال بالمحلة الكبرى.
بدء مشروع الإصلاح الزراعي بتوزيع الملك الأرض على الفلاحين في قرية كفر سعد بدمياط حيث أُعطيت كل أسرة (600 أسرة) خمسة أفدنة من أراضي الدولة المستصلحة دون المساس بحقوق وملكيات ملاك الأراضي الآخرين.
صدور القانون المدني المصري.
إنجازات تمت في عام 1949
إنتهاء العمل بنظام المحاكم المختلطة طبقا لاتفاقية مونتريه، وتطبيق القانون المصري على جميع المقيمين على أرض مصر.
صدور قانون محاكمة الوزراء.
صدور قانون الكسب غير المشروع (من أين لك هذا).
توقيع إتفاق للوحدة مع سوريا.
نجاح تجربة إطلاق أول صاروخ مصري (بمساعدة الخبراء الألمان) لمدى كيلومتر.
الملك فاروق عام 1946
إنجازات تمت في عام 1950
إنشاء مصلحة ودار سك النقود.
إنشاء وزارة الشؤون البلدية والقروية (الإدارة المحلية).
إنشاء وزارة الاقتصاد.
إنشاء معهد فؤاد الأول لبحوث الصحراء.
إنشاء جامعة إبراهيم باشا (عين شمس) وتقرر إنشاء جامعة (محمد علي) في أسيوط.
بدء برنامج تطوير الجيش المصري.
تحويل نفقات احتفالات استقبال الملك بمناسبة عودته من أوروبا لأوجه البر.
إنجازات تمت في عام 1951
إنشاء مشروع فاروق لإسكان الفقراء.
بدء برنامج الصواريخ المصري وإنشاء المصانع الحربية (افتُتحت عام 1953).
مجانية التعليم قبل الجامعي.
إفتتاح نادي القضاة.
إفتتاح قناطر إدفينا.
إجراء التجارب الأولى لدخول التليفزيون.
إنشاء مجمع التحرير سنة 1951 وتكلف حوالي مليون ومائتي ألف جنيه.
إلغاء معاهدة 1936.
إنتاج أول طائرة تدريب مصرية بمحركات توربينية.
إنجازات تمت في عام 1952
إنشاء المجلس الأعلى للبحوث العلمية والصناعية (المركز القومى للبحوث فيما بعد).
إنشاء ديوان الموظفين (الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة فيما بعد).
إنشاء مدينة فاروق الأول للبحوث الإسلامية.
بدء حفر ترعة النوبارية.
افتتاح بنك القاهرة.
افتتاح مبنى الغرف التجارية للقطر المصري (اتحاد الغرف التجارية فيما بعد) في 15 مايو، وكان آخر مناسبة رسمية شارك فيها الملك قبل أن يغادر مصر.
التبرع كشخص مجهول للفدائيين الجامعيين لشراء الأسلحة اللازمة لحرب العصابات في منطقة القنال.