مشاهدة النسخة كاملة : حدث في السنة الثانية من الهجرة (4)


حكاية ناي ♔
02-26-2024, 06:01 PM
10- وفي هذه السنة: فُرضَتْ زكاةُ الفطر، وفُرضَتْ الزكاة ذات النُصُب.

الشرح:

قال ابن كثير - رحمه الله -: وفيها - السنة الثانية - فرضت الزكاة ذات النُّصُب، وفرضت زكاة الفطر[1].



وزكاة الفطر هي الزكاة التي تجب بالفطر من رمضان وقد أوجبها النبي - صلى الله عليه وسلم - على كل مسلم.



عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعبد وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ[2].



وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، فمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ[3].



وأما زكاة النصب فهي زكاة المال، وتعريفها: أنها نصيب مقدر في مال معين، يصرف لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص.



﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 103].



والأموال التي تجب فيها الزكاة هي:

1- الأثمان:

وهي الذهب والفضة.



قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا كَانَتْ لَكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ - يَعْنِي: فِي الذَّهَبِ - حَتَّى يَكُونَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا، فَإِذَا كَانَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ"[4].



2- بهيمة الأنعام:

وهي الإبل، والبقر، ويشمل الجاموس، والغنم وتشمل المعز[5].



3- الخارج من الأرض:

أي: الزروع. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [البقرة: 267].



﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأنعام: 141].



وعَنْ ابن عمر قَالَ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ، أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ".



وعَنْ أبي سَعِيد الخدري - رضى الله عنه - قَالَ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ"[6].



4- عروض التجارة:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [البقرة: 267].



11- وفي مرجعهم من بدر توفيت رقية بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

الشرح:

خَلَّف النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عثمانَ بن عفان وأسامة بن زيد -رضي الله عنه- على رقية وهي مريضة، وخرج إلى بدر وهي وجعة، فماتت - رضى الله عنها - قبل رجوع النبي - صلى الله عليه وسلم - من بدر إلى المدينة، وقام بدفنها زوجها عثمان - رضى الله عنه - [7].



12- وفي رمضان من هذه السنة: قَتَلَ عميرُ بن عدي - رضى الله عنه - عصماءَ بنتَ مروان اليهودية بسبب أذاها للمسلمين.

الشرح:

خرج عمير بن عدي - رضى الله عنه - إلى عصماء بنت مروان من بني أمية بن زيد، لخمس ليالٍ بقين من شهر رمضان على رأس تسعة عشر شهرًا من مُهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانت عصماء عند يزيد بن زيد، وكانت تعيبُ الإسلام، وتؤذي النبي - صلى الله عليه وسلم - وتحرض عليه، وتقول الشعر، فجاءها عمير بن عدي في جوف الليل، حتى دخل عليها بيتها، وحولها نفر من ولدها نيام منهم من ترضعه في صدرها، فجسها بيده، وكان ضرير البصر، ونحّى الصبي عنها، ووضع سيفه على صدرها حتى أنفذه من ظهرها، ثم صلى الصبح مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أقتلتَ ابنة مرْوان؟" قال: نعم، فهل عليَّ في ذلك من شيء فقال: "لا ينتطحُ فيها عنزان" فكانت هذه الكلمة أول ما سُمِعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عُميرًا البصير[8].



13- وفي هذه السنة: خرج بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المصلى فصلى بهم صلاة العيد، وكان ذلك أول خَرْجة خرجها بالناس إلى المصلى لصلاة العيد.

الشرح:

وفي هذا العام سن الله للعالم الإسلامي سنة عظيمة، بها يتمكن أبناء البلد الواحد من المسلمين أن يُجددوا عهود الإخاء، ويقووا عروة الدين الوثقى، وهي الاجتماع في يومي عيد الفطر، وعيد الأضحى، وكان عليه الصلاة والسلام يجمع المسلمين في صعيد واحد، ويصلي بهم ركعتين تضرعًا إلى الله أن لا يفصم عُروتهم، وأن ينصرهم على عدوهم، ثم يخطبهم حاضًا لهم على الائتلاف، مذكرًا لهم ما يجب عليهم لأنفسهم، ثم يصافح المسلمون بعضهم بعضًا، وبعد ذلك يخرجون لأداء الصدقات للفقراء والمساكين، حتى يكون السرور عامًا لجميع المسلمين، فبعد الفطر زكاته، وبعد الأضحى تضحيته، نسأله تعالى أن يؤلف بين قلوبنا، ويوفقنا لأعمال سلفنا[9].



14- وفي شوال من هذه السنة: قتل سالم بن عمير - رضى الله عنه - أبا عَفَكٍ اليهودي لتحريضه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم.

الشرح:

ثم كانت سرية سالم بن عمير - رضى الله عنه - إلى أبي عَفَكٍ اليهودي في شوال على رأس عشرين شهرًا من مُهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان أبو عفك من بني عمرو بن عوف شيخًا كبيرًا قد بلغ عشرين ومائة سنة، وكان يهوديًا، وكان يُحرض على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقول الشعر، فقال سالم بن عمير -وهو أحد البكائين وممن شهد بدرًا- عليَّ نذرٌ أن أقتل أبا عفك أو أموت دونه، فأمهل يطلب له غِرَّة، حتى كانت ليلة صائفة، فنام أبو عفك بالفناء، وسمع به سالم بن عمير، فأقبل فوضع السيف على كبده، ثم اعتمد عليه حتى خشَّ في الفراش، وصاح عدو الله، فثاب إليه ناسٌ ممن هم على قوله، فأدخلوه منزله وقبروه.



فقالت أمامة الزيدية في ذلك:
تُكذِّب دين الله والمرءَ أحمدا
لَعمرُ الذي أمْناكَ أنْ بئس ما يُمني
حباك حَنيفٌ آخر الليل طعنةً
أبا عُفَكٍ خُذْها على كَبْرَةِ السِّنِّ[10]



15- وفي شوال من هذه السنة: غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنى سُليمٍ حتى بلغ الكُدْر.

الشرح:

قال ابنُ إسحاق - رحمه الله -: فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة - أيْ بعد بدر- لم يقم بها إلا سبع ليالٍ حتى غزا بنفسه يُريدُ بني سليم.



قال ابنُ هشام - رحمه الله -:

واستعمل على المدينة سباعَ بن عُرْفُطَة الغِفاريَّ، أو ابن أُمِّ مكتوم.



قال ابن إسحاق - رحمه الله -:

فبلغ ماءً من مياههم يُقالُ له الكُدْر فأقام عليه ثلاث ليالٍ، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدًا، فأقام بها بقية شوال وذا القعدة، وأُفْدي في إقامته تلك جُلُّ الأُسارى من قريش[11].



الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية في ترتيب أحداث السيرة النبوية)

مجنون بحبك
02-26-2024, 06:08 PM
جزاك الله خيـر
وبارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما