حكاية ناي ♔
02-28-2024, 10:03 AM
بفعل الحرب والانقسام الداخلي يعاني الاقتصاد السوداني من ضربات متلاحقة أدت إلى انهياره، مع استمرار إغلاق المصارف وتوقّف حركة الاستيراد والتصدير وانهيار قيمة العملة المحلية. واندلعت المعارك في البلاد في أبريل بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو وخلّفت الآف القتلى بينهم بين عشرة و15 ألف قتيل في مدينة واحدة في إقليم دارفور، وفق تقديرات خبراء من الأمم المتحدة. كما أدى القتال إلى نزوح أكثر من عشرة ملايين سوداني داخل البلاد وإلى دول الجوار. وقال رجل الأعمال السوداني أحمد الخير، الذي يعمل في تصدير الصمغ العربي إنه خزّن قبل الحرب، كمية كبيرة من الصمغ جنوب الخرطوم من أجل تصديرها. ويضيف لوكالة الأنباء الفرنسية «دفعت لإخراج كمية الصمغ من العاصمة أموالاًً كثيرة لأفراد من قوات الدعم السريع. وعند وصولي إلى منطقة سيطرة الحكومة طُلب مني دفع رسوم أخرى». وتحمّل أحمد الخير - وهو اسم مستعار - هذه الرسوم من أجل نقل بضاعته إلى مدينة بورتسودان في الشرق حيث الميناء الوحيد العامل في البلاد. ويقول «طلبت مني السلطات المحلية في بورتسودان رسوماً جديدة، كما تضاعف إيجار المخازن ستّ مرات». ويُستخلص الصمغ من عصارة صلبة مأخوذة من شجرة الأكاسيا، وهو مستحلب ذو أهمية كبيرة يُستخدم في صناعات شتى، من المشروبات الغازية إلى العلكة مروراً بالمستحضرات الصيدلانية. والسودان في صدارة البلدان المنتجة للصمغ، ويستحوذ على حوالى 70% من تجارته العالمية، بحسب الوكالة الفرنسية للتنمية. وعلى الرغم من كل هذه التكلفة وإيصال البضاعة إلى المدينة السودانية المطلة على البحر الأحمر، لم تكف أموال رجل الأعمال السوداني لإتمام عملية التصدير. ويقول «لم أستطع تصدير الصمغ حتى الآن». وأفاد تقرير لهيئة الموانئ السودانية عن تراجع حجم الصادرات والواردات في العام 2023 بنسبة 23% مقارنة بالعام السابق له. ولا تتوقف التعقيدات عند هذا الأمر، إذ زادت معاناة المصدّرين بشكل عام إثر قرار من وزارة المالية السودانية برفع قيمة «الدولار الجمركي»، أي مؤشر تعرفة الجمارك في حال تذبذب أسعار الصرف، ليسجل 950 جنيها بدلاً من 650 جنيها. ويقول الرئيس السابق للغرفة التجارية السودانية الصادق جلال «هذا القرار بمثابة تدمير للاقتصاد». وانخفضت قيمة العملة المحلية السودانية إزاء الدولار الأمريكي منذ اندلاع الحرب ليسجّل سعر صرف الدولار حالياً 1200 جنيه مقابل 600 جنيه في إبريل الماضي. كما أدت الحرب إلى توقف 70% من فروع المصارف في مناطق القتال، بحسب تقرير لبنك السودان المركزي، و»تمّ نهب ممتلكات وأصول وموجودات البنوك». ويقول المحلّل الاقتصادي السوداني محمد شيخون لفرانس برس «الحرب زادت من قتامة وضع القطاع المصرفي السوداني الذي يعاني بالفعل من مشكلات هيكلية». وللعام الثاني على التوالي، لا تقرّ موازنة الدولة في السودان. ويرى الخبير الاقتصادي هيثم فتحي أن ما يحدث «يعكس الغياب التام للدولة السودانية، ما يؤثّر على الاقتصاد بكل قطاعاته». وأفاد صندوق النقد الدولي في تقرير الشهر الماضي بأن «الصراع في السودان أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، كما توقّف النشاط الاقتصادي في أجزاء كبيرة من البلاد، ما ساهم في استمرار معدلات النمو السالبة (..) عقب الانكماش الحاد الذي شهده عام 2023».