نور
03-07-2024, 05:00 AM
تسابيح التائبين
في ظلمات غامقة بلون العتامة من أن هنا الليل سيَنجلي رويدًا رويدًا، فيتطلَّع الفؤاد إلى فجر زاهٍ بأجنحة طيور كرام ترفرف: أنْ يا نائم الليل، انتهى الرقاد؛ فافتح عينيك إلى أمامك، ففيك الندم باقٍ بشَتات الفِكر، إن الوقت لا يزال أمامك لتستيقظ من سبات أنك في راحة.
تأمل بالمسِّ في جوف الليل كيف أن السكون أسكت فاك وأصم أذنك: أنْ لا حياة لمن تنادي، ففي الحياة سيرة أخرى لمن استقر بهم الخطأ في ظلمة الخوف، هو خوفك، في وحدة اللارفقة، هي وحدتك، لك أن تُترجم لي آهاتك دون أن تتكلم كثيرًا، لك أن تحكي لي قصتك مع الخطايا دون أن تفصح عن حقيقة سوداء، إن شئت لا تقل لي شيئًا، أعرف أنك ضعيف مثلي، لكني كنت أظن أنك تعشق الاطمئنان إلى الغد حينما تقرُّ بلسانك أنك تهتَ في بحر الضياع يومًا ما، ولم لا أيامًا وشهورًا وأعوامًا؟ ليس هنا العيب، إنما هناك حينما بدأت بالبكاء وحدك، فالشك خايَل ذاكرتك في أنك أخطأت دونما قصد، لكن الجمع تردَّد في أن يدفعك من عمق روحك بعد أن نسيتَ أنك راحل؛ لذلك ترنيمة التوبة تُطارِد تردُّدك فلا وقت لك ولا قوة عندك سوى أن تقرَّ بما في داخلك، لا تخشَ شيئًا؛ فلا أحد يراقب توبتك سوى الله.
فكم كان عدد تسبيحات يونس في بطن الحوت، حينما نادى ربه في الظلمات فاستجاب له ربه! فقال تعالى: ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنبياء: 87، 88].
فقد كان في التسبيح نجاة من المخاطر، فهل ترضى بالخطر يمرُّ حياتك حيث لا يوجد ما هو أغلى من حياتك؟ ﴿ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ﴾ [الصافات: 143 - 146].
فكم لي من إضاءة معك على رحلة التسابيح! وكم لي من غنَّة لسان على حرف تجويد الحق! فلسان الحال والمقال يكشف الضر والبلوى، فهل حنَّت دعوة يونس إلى العرش كما روى ابن جرير الطبري في تفسيره عن أبي هريرة أنه قال: "لما أراد الله حبس يونس في بطن الحوت، أوحى إلى الحوت أن لا يَخدِش له لحمًا ولا يَكسِر عظمًا، فأخذه فهوى به إلى مسكنه من البحر، فلما انتهى به إلى أسفل البحر سمع يونس حسًّا، فأوحى الله إليه أن هذا تسبيح دواب البحر، فسبَّح هو في بطن الحوت، فسمعت الملائكة تسبيحه، فقالوا: ربنا إنا سمعنا صوتًا ضعيفًا بأرض غريبة، فقال: ذلك عبدي يونس عصاني فحبستُه في بطن الحوت في البحر، قالوا: العبد الصالح الذي كان يَصعد إليك منه كل يوم وليلة عمل صالح؟ قال: نعم، قال فشفعوا له عند ذلك، فأمر الحوت فقذَفه في الساحل ﴿ وَهُوَ سَقِيمٌ ﴾"؛ أي: ضعيف الجسم.
وروي عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من دعا بدعاء يونس استُجيب له، ودعوته هي: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾، فيا عبد الله، أنت العبد، والله هو الله، فهل شقَّ عليك تسبيح مَن هو الله؟
إن كنت تفهم أنك العبد لله، فخذ من التسبيح تذللاً وتوبة؛ عسى الله أن ينفعك بها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فكم كانت للتسابيح ترانيم للتائبين خوفًا وطمعًا من جهنم والجنة ترتيبًا!
في ظلمات غامقة بلون العتامة من أن هنا الليل سيَنجلي رويدًا رويدًا، فيتطلَّع الفؤاد إلى فجر زاهٍ بأجنحة طيور كرام ترفرف: أنْ يا نائم الليل، انتهى الرقاد؛ فافتح عينيك إلى أمامك، ففيك الندم باقٍ بشَتات الفِكر، إن الوقت لا يزال أمامك لتستيقظ من سبات أنك في راحة.
تأمل بالمسِّ في جوف الليل كيف أن السكون أسكت فاك وأصم أذنك: أنْ لا حياة لمن تنادي، ففي الحياة سيرة أخرى لمن استقر بهم الخطأ في ظلمة الخوف، هو خوفك، في وحدة اللارفقة، هي وحدتك، لك أن تُترجم لي آهاتك دون أن تتكلم كثيرًا، لك أن تحكي لي قصتك مع الخطايا دون أن تفصح عن حقيقة سوداء، إن شئت لا تقل لي شيئًا، أعرف أنك ضعيف مثلي، لكني كنت أظن أنك تعشق الاطمئنان إلى الغد حينما تقرُّ بلسانك أنك تهتَ في بحر الضياع يومًا ما، ولم لا أيامًا وشهورًا وأعوامًا؟ ليس هنا العيب، إنما هناك حينما بدأت بالبكاء وحدك، فالشك خايَل ذاكرتك في أنك أخطأت دونما قصد، لكن الجمع تردَّد في أن يدفعك من عمق روحك بعد أن نسيتَ أنك راحل؛ لذلك ترنيمة التوبة تُطارِد تردُّدك فلا وقت لك ولا قوة عندك سوى أن تقرَّ بما في داخلك، لا تخشَ شيئًا؛ فلا أحد يراقب توبتك سوى الله.
فكم كان عدد تسبيحات يونس في بطن الحوت، حينما نادى ربه في الظلمات فاستجاب له ربه! فقال تعالى: ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنبياء: 87، 88].
فقد كان في التسبيح نجاة من المخاطر، فهل ترضى بالخطر يمرُّ حياتك حيث لا يوجد ما هو أغلى من حياتك؟ ﴿ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ﴾ [الصافات: 143 - 146].
فكم لي من إضاءة معك على رحلة التسابيح! وكم لي من غنَّة لسان على حرف تجويد الحق! فلسان الحال والمقال يكشف الضر والبلوى، فهل حنَّت دعوة يونس إلى العرش كما روى ابن جرير الطبري في تفسيره عن أبي هريرة أنه قال: "لما أراد الله حبس يونس في بطن الحوت، أوحى إلى الحوت أن لا يَخدِش له لحمًا ولا يَكسِر عظمًا، فأخذه فهوى به إلى مسكنه من البحر، فلما انتهى به إلى أسفل البحر سمع يونس حسًّا، فأوحى الله إليه أن هذا تسبيح دواب البحر، فسبَّح هو في بطن الحوت، فسمعت الملائكة تسبيحه، فقالوا: ربنا إنا سمعنا صوتًا ضعيفًا بأرض غريبة، فقال: ذلك عبدي يونس عصاني فحبستُه في بطن الحوت في البحر، قالوا: العبد الصالح الذي كان يَصعد إليك منه كل يوم وليلة عمل صالح؟ قال: نعم، قال فشفعوا له عند ذلك، فأمر الحوت فقذَفه في الساحل ﴿ وَهُوَ سَقِيمٌ ﴾"؛ أي: ضعيف الجسم.
وروي عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من دعا بدعاء يونس استُجيب له، ودعوته هي: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾، فيا عبد الله، أنت العبد، والله هو الله، فهل شقَّ عليك تسبيح مَن هو الله؟
إن كنت تفهم أنك العبد لله، فخذ من التسبيح تذللاً وتوبة؛ عسى الله أن ينفعك بها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فكم كانت للتسابيح ترانيم للتائبين خوفًا وطمعًا من جهنم والجنة ترتيبًا!