حكاية ناي ♔
03-07-2024, 12:29 PM
نفض التطور الرقمي الغبار عن الكتاب الصوتي، الذي ظل لسنوات طويلة على الهامش، فطالما اعتبر منتوجا ثانويا في عملية الإنتاج والنشر الثقافي، مقارنة بالكتاب الورقي. فبدايات الكتب المسموعة كانت في ثلاثينيات القرن الماضي، وتحديدا عام 1932 مع إنشاء المؤسسة الأمريكية للمكفوفين استوديو لتسجيل الكتب، على أسطوانات وأشرطة الكاسيت، من أجل مساعدة فاقدي البصر على القراءة السمعية. أعقبها، إقدام الكونجرس الأمريكي على تعديل قانوني يسمح لمكتبته بإنتاج الكتب الصوتية.
بداية الألفية الثالثة، بدأت تجربة الكتب الصوتية تشهد حضورا متزايدا على الساحة الثقافية، وتصنع لنفسها سوقا تجارية تتمدد، لتساير التقلبات التي أحدثتها التقنية في كثير من مناحي الحياة، وتستجيب للطلب الكثيف على المحتوى الإلكتروني والصوتي.
فمطالعة الكتب لم تعد مقرونة بالوجود في الخزانات أو زيارة المكتبات، إذ بمقدور المرء أن يحمل آلاف الكتب، في حاسوب أو لوح إلكتروني داخل الحقيبة أو حتى في الجيب على أحد تطبيقات الهواتف الذكية، ما يؤكد حدس مارشال ماكلوهان الفيلسوف الكندي بأن "العالم أصبح قرية صغيرة".
أفادت صحيفة لوبينيون (الرأي) الفرنسية بأن الكتب الصوتية أضحت خيارا جيدا للناشرين، فعقود المؤلفين الآن تنص على تسجيل الكتاب صوتيا، لانخفاض تكلفتها مقارنة بنظيرتها الورقية فيما يتعلق بالتصنيع والتوزيع، فلا حدود ولا رقابة يمكن أن تعوق وصوله إلى أي مكان في العالم، فهو لا يحتاج سوى لشبكة الإنترنت لعبور الحدود واختراق القارات، فضلا عن توقعات بمساهمة الذكاء الاصطناعي في ازدهار صناعة الكتاب الصوتي، مع تطوير أتمتة السرد السمعي، بظهور تقنيات تحويل النص إلى كلام مثل التسجيلات الصوتية الطبيعية.
ولم تكتشف شريحة من القراء الكتب الصوتية إلا في زمن الحجر الصحي، ما أسهم في انتعاشها، فالمحللون يقدرون أن يبلغ حجم السوق العالمية لهذه الكتب، بحلول عام 2028، نحو 20 مليار دولار أمريكي، بنسبة نمو سنوي تصل إلى 26 %.
تستند التوقعات إلى أرقام هذه الصناعة عالميا، ففي الولايات المتحدة الأمريكية، سجلت 1.9 مليار دولار أمريكي، عام 2019. ومثلت نسبة الكتب الصوتية 5 % من إجمالي مبيعات الكتب في كندا، فيما قدرت أرباحها في المملكة المتحدة بنحو 69 مليون جنيه استرليني.
على صعيد الإنتاج، تبقى شركة Audible التي اشترتها أمازون، عام 2008، بمبلغ 300 مليون دولار، من أكبر منتجي الكتب الصوتية في العالم، حيث تمتلك 1,6 مليون كتاب صوتي على موقعها، فيما استمتع "القراء" عبر تطبيقها بأزيد من 1,6 مليار ساعة من الكتب.
تتيح الكتب الصوتية خاصية الاستماع للنص بدل قراءته، فالأمر أشبه بقصص الأطفال عند النوم أو استماع أثير المذياع، ما يثير إشكالا حول فعل "القراءة"، هل المتلقي (من يُقرأ له) هنا قارئ؟ وأين حميمية الورق وتوقفات ما بين الصفحات التي تمنح العقل مساحة لاستيعاب وتخزين المعلومات؟ وكيف يستطيع "القارئ" تذكر كل ما أنصت إليه؟ وماذا عن كيفيات استخدامه واستثماره؟
تبقى هذه الأسئلة مشروعة إلى حد كبير، لكن لا ينبغي لها أن تحجب مميزات الكتاب الصوتي، الذي يتيح فرصة مثلى لتدبير الوقت، فأطول متوسط فترات الاستماع إلى الكتب الصوتية سجل في الولايات المتحدة والصين، وأغلبيتهم (74 %) أثناء قيادة السيارة.
فضلا عن إحياء الكتاب الصوتي ثقافة الأجداد، فالكتابة محدثة وطارئة في التاريخ، بخلاف الشفوية التي رافقت الإنسان منذ فجر الحضارة، فهل تعيد التقنية الإنسان الرقمي إلى تقاليد أجداده الأوائل؟
بداية الألفية الثالثة، بدأت تجربة الكتب الصوتية تشهد حضورا متزايدا على الساحة الثقافية، وتصنع لنفسها سوقا تجارية تتمدد، لتساير التقلبات التي أحدثتها التقنية في كثير من مناحي الحياة، وتستجيب للطلب الكثيف على المحتوى الإلكتروني والصوتي.
فمطالعة الكتب لم تعد مقرونة بالوجود في الخزانات أو زيارة المكتبات، إذ بمقدور المرء أن يحمل آلاف الكتب، في حاسوب أو لوح إلكتروني داخل الحقيبة أو حتى في الجيب على أحد تطبيقات الهواتف الذكية، ما يؤكد حدس مارشال ماكلوهان الفيلسوف الكندي بأن "العالم أصبح قرية صغيرة".
أفادت صحيفة لوبينيون (الرأي) الفرنسية بأن الكتب الصوتية أضحت خيارا جيدا للناشرين، فعقود المؤلفين الآن تنص على تسجيل الكتاب صوتيا، لانخفاض تكلفتها مقارنة بنظيرتها الورقية فيما يتعلق بالتصنيع والتوزيع، فلا حدود ولا رقابة يمكن أن تعوق وصوله إلى أي مكان في العالم، فهو لا يحتاج سوى لشبكة الإنترنت لعبور الحدود واختراق القارات، فضلا عن توقعات بمساهمة الذكاء الاصطناعي في ازدهار صناعة الكتاب الصوتي، مع تطوير أتمتة السرد السمعي، بظهور تقنيات تحويل النص إلى كلام مثل التسجيلات الصوتية الطبيعية.
ولم تكتشف شريحة من القراء الكتب الصوتية إلا في زمن الحجر الصحي، ما أسهم في انتعاشها، فالمحللون يقدرون أن يبلغ حجم السوق العالمية لهذه الكتب، بحلول عام 2028، نحو 20 مليار دولار أمريكي، بنسبة نمو سنوي تصل إلى 26 %.
تستند التوقعات إلى أرقام هذه الصناعة عالميا، ففي الولايات المتحدة الأمريكية، سجلت 1.9 مليار دولار أمريكي، عام 2019. ومثلت نسبة الكتب الصوتية 5 % من إجمالي مبيعات الكتب في كندا، فيما قدرت أرباحها في المملكة المتحدة بنحو 69 مليون جنيه استرليني.
على صعيد الإنتاج، تبقى شركة Audible التي اشترتها أمازون، عام 2008، بمبلغ 300 مليون دولار، من أكبر منتجي الكتب الصوتية في العالم، حيث تمتلك 1,6 مليون كتاب صوتي على موقعها، فيما استمتع "القراء" عبر تطبيقها بأزيد من 1,6 مليار ساعة من الكتب.
تتيح الكتب الصوتية خاصية الاستماع للنص بدل قراءته، فالأمر أشبه بقصص الأطفال عند النوم أو استماع أثير المذياع، ما يثير إشكالا حول فعل "القراءة"، هل المتلقي (من يُقرأ له) هنا قارئ؟ وأين حميمية الورق وتوقفات ما بين الصفحات التي تمنح العقل مساحة لاستيعاب وتخزين المعلومات؟ وكيف يستطيع "القارئ" تذكر كل ما أنصت إليه؟ وماذا عن كيفيات استخدامه واستثماره؟
تبقى هذه الأسئلة مشروعة إلى حد كبير، لكن لا ينبغي لها أن تحجب مميزات الكتاب الصوتي، الذي يتيح فرصة مثلى لتدبير الوقت، فأطول متوسط فترات الاستماع إلى الكتب الصوتية سجل في الولايات المتحدة والصين، وأغلبيتهم (74 %) أثناء قيادة السيارة.
فضلا عن إحياء الكتاب الصوتي ثقافة الأجداد، فالكتابة محدثة وطارئة في التاريخ، بخلاف الشفوية التي رافقت الإنسان منذ فجر الحضارة، فهل تعيد التقنية الإنسان الرقمي إلى تقاليد أجداده الأوائل؟