حكاية ناي ♔
04-17-2024, 07:16 PM
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل، فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:
فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأحسنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحْدَثاتُها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
حينما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وجد فيها أهل الكتاب، وخاصة من اليهود، كما قدِم عليه وفدُ نجرانَ من النصارى، فدعاهم جميعًا إلى الإسلام.
عباد الله: من المستفادات من هذه الدعوة لواقعنا ما يلي:
1- وجوب دعوة أهل الكتاب إلى الإسلام: فرسولنا رسول للعالمين، رسول إلى الإنس والجن، وأمره ربه أن يبلغ رسالته إلى أهل الكتاب؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 64]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي، ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسِلت به، إلا كان من أصحاب النار))[1]، فوجب على الدعاة اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم دعوةُ أهل الكتاب إلى الإسلام، كل من موقعه، وتعلُّم لغتهم كوسيلة للدعوة، وهذا من باب مراعاة المصلحة بتعلُّم لغة الأعداء، ومن يكون معهم معاملات ومصالح، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت أن يتعلم لغة اليهود فقال: ((أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم له كتاب يهود، قال: إني والله ما آمن يهود على كتابي، قال: فما مرَّ بي نصف شهر حتى تعلمته له، قال: فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم))[2]، وهي اللغة السريانية، وذلك أنهم كانوا أهل مكر وخداع وشرٍّ.
2- أعرض غالبية اليهود عن الإسلام وأسلم أفراد منهم: فاستحقوا غضب الله عليهم؛ لأنهم علموا الحق، وأن محمدًا رسول من عند الله فجحدوا نبوته، ولذلك ندعو دائمًا عند قراءة سورة الفاتحة ألَّا نسلك مسلكهم؛ قال تعالى: ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ﴾ [الفاتحة: 7]، وأعرضوا حسدًا من عند أنفسهم أن يكون النبي الخاتم من العرب، فاشتدت عداوتهم للمؤمنين؛ قال تعالى: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [المائدة: 82]، وبالمقابل أسلم أفراد منهم كعبدالله بن سلام؛ عن أنس رضي الله عنه، قال: ((بلغ عبدالله بن سلام مَقدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينةَ فأتاه، فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي، قال: ما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة؟ ومن أي شيء ينزِع الولد إلى أبيه؟ ومن أي شيء ينزع إلى أخواله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خبَّرني بهن آنفًا جبريلُ، قال: فقال عبدالله: ذاك عدو اليهود من الملائكة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أول أشراط الساعة فنارٌ تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حوت، وأما الشبه في الولد، فإن الرجل إذا غشِيَ المرأة فسبقها ماؤه، كان الشَّبَهُ له، وإذا سبق ماؤها، كان الشبه لها، قال: أشهد أنك رسول الله، ثم قال: يا رسول الله، إن اليهود قوم بُهُتٌ، إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم بَهَتُوني عندك، فجاءت اليهود ودخل عبدالله البيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي رجل فيكم عبدالله بن سلام؟ قالوا: أعلمُنا، وابنُ أعلمِنا، وأخيرُنا، وابنُ أخيرِنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفرأيتم إن أسلم عبدُالله، قالوا: أعاذه الله من ذلك، فخرج عبدالله إليهم فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله، فقالوا: شرُّنا، وابن شرنا، ووقعوا فيه))[3].
فاللهم اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، وصلى الله وسلم على عبده المصطفى وآله وصحبه، ومن اقتفى؛ أما بعد:
فمن الدروس المستفادة:
3- ضلال النصارى واعتقادهم في عيسى عليه السلام: وصفهم الله بالضلال، وندعو دائمًا أن يجنبنا الله مسلكهم؛ فنقول عند قراءة سورة الفاتحة: ﴿ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 7]، وقد جاء وفدُ نصارى نجران - التي تقع جنوب مكة في اتجاه اليمن - وكان هذا الوفد مؤلَّفًا من ستين رجلًا، بينهم العاقب، وهو أميرهم الذين يمتثلون رأيه، والسيد، وهو صاحب رحلتهم، فلما دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، وتلا عليهم القرآن، ((فقال لهما: أسلما، قالا: قد أسلمنا، قال: إنكما لم تسلما فأسلما، قالا: بلى، قد أسلمنا قبلك، قال: كذبتما، يمنعكما من الإسلام دعاؤكما لله ولدًا، وعبادتكما الصليب، وأكلكما الخنزير))[4]، فامتنعوا، وكثُر جدالهم في عيسى عليه السلام، يقولون: هو الله، ويقولون: هو ولد الله، ويقولون: هو ثالث ثلاثة، فدعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المباهلة؛ أي: الدعوة إلى أن يبتهل كل طرف إلى الله عز وجل أن يجعل لعنته على الطرف الكاذب، فخافوا وأبَوا، فأنزل الله سورة آل عمران إلى بضع وثماني آيةً منها؛ قال تعالى في الرد عليهم: ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [آل عمران: 59، 60]، وقال في المباهلة: ﴿ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴾ [آل عمران: 61].
فاللهم أرِنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعه، وأرِنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، آمين.
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل، فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:
فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأحسنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحْدَثاتُها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
حينما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وجد فيها أهل الكتاب، وخاصة من اليهود، كما قدِم عليه وفدُ نجرانَ من النصارى، فدعاهم جميعًا إلى الإسلام.
عباد الله: من المستفادات من هذه الدعوة لواقعنا ما يلي:
1- وجوب دعوة أهل الكتاب إلى الإسلام: فرسولنا رسول للعالمين، رسول إلى الإنس والجن، وأمره ربه أن يبلغ رسالته إلى أهل الكتاب؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 64]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي، ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسِلت به، إلا كان من أصحاب النار))[1]، فوجب على الدعاة اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم دعوةُ أهل الكتاب إلى الإسلام، كل من موقعه، وتعلُّم لغتهم كوسيلة للدعوة، وهذا من باب مراعاة المصلحة بتعلُّم لغة الأعداء، ومن يكون معهم معاملات ومصالح، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت أن يتعلم لغة اليهود فقال: ((أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم له كتاب يهود، قال: إني والله ما آمن يهود على كتابي، قال: فما مرَّ بي نصف شهر حتى تعلمته له، قال: فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم))[2]، وهي اللغة السريانية، وذلك أنهم كانوا أهل مكر وخداع وشرٍّ.
2- أعرض غالبية اليهود عن الإسلام وأسلم أفراد منهم: فاستحقوا غضب الله عليهم؛ لأنهم علموا الحق، وأن محمدًا رسول من عند الله فجحدوا نبوته، ولذلك ندعو دائمًا عند قراءة سورة الفاتحة ألَّا نسلك مسلكهم؛ قال تعالى: ﴿ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ﴾ [الفاتحة: 7]، وأعرضوا حسدًا من عند أنفسهم أن يكون النبي الخاتم من العرب، فاشتدت عداوتهم للمؤمنين؛ قال تعالى: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [المائدة: 82]، وبالمقابل أسلم أفراد منهم كعبدالله بن سلام؛ عن أنس رضي الله عنه، قال: ((بلغ عبدالله بن سلام مَقدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينةَ فأتاه، فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي، قال: ما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة؟ ومن أي شيء ينزِع الولد إلى أبيه؟ ومن أي شيء ينزع إلى أخواله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خبَّرني بهن آنفًا جبريلُ، قال: فقال عبدالله: ذاك عدو اليهود من الملائكة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أول أشراط الساعة فنارٌ تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حوت، وأما الشبه في الولد، فإن الرجل إذا غشِيَ المرأة فسبقها ماؤه، كان الشَّبَهُ له، وإذا سبق ماؤها، كان الشبه لها، قال: أشهد أنك رسول الله، ثم قال: يا رسول الله، إن اليهود قوم بُهُتٌ، إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم بَهَتُوني عندك، فجاءت اليهود ودخل عبدالله البيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي رجل فيكم عبدالله بن سلام؟ قالوا: أعلمُنا، وابنُ أعلمِنا، وأخيرُنا، وابنُ أخيرِنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفرأيتم إن أسلم عبدُالله، قالوا: أعاذه الله من ذلك، فخرج عبدالله إليهم فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله، فقالوا: شرُّنا، وابن شرنا، ووقعوا فيه))[3].
فاللهم اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، وصلى الله وسلم على عبده المصطفى وآله وصحبه، ومن اقتفى؛ أما بعد:
فمن الدروس المستفادة:
3- ضلال النصارى واعتقادهم في عيسى عليه السلام: وصفهم الله بالضلال، وندعو دائمًا أن يجنبنا الله مسلكهم؛ فنقول عند قراءة سورة الفاتحة: ﴿ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 7]، وقد جاء وفدُ نصارى نجران - التي تقع جنوب مكة في اتجاه اليمن - وكان هذا الوفد مؤلَّفًا من ستين رجلًا، بينهم العاقب، وهو أميرهم الذين يمتثلون رأيه، والسيد، وهو صاحب رحلتهم، فلما دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، وتلا عليهم القرآن، ((فقال لهما: أسلما، قالا: قد أسلمنا، قال: إنكما لم تسلما فأسلما، قالا: بلى، قد أسلمنا قبلك، قال: كذبتما، يمنعكما من الإسلام دعاؤكما لله ولدًا، وعبادتكما الصليب، وأكلكما الخنزير))[4]، فامتنعوا، وكثُر جدالهم في عيسى عليه السلام، يقولون: هو الله، ويقولون: هو ولد الله، ويقولون: هو ثالث ثلاثة، فدعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المباهلة؛ أي: الدعوة إلى أن يبتهل كل طرف إلى الله عز وجل أن يجعل لعنته على الطرف الكاذب، فخافوا وأبَوا، فأنزل الله سورة آل عمران إلى بضع وثماني آيةً منها؛ قال تعالى في الرد عليهم: ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [آل عمران: 59، 60]، وقال في المباهلة: ﴿ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴾ [آل عمران: 61].
فاللهم أرِنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعه، وأرِنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، آمين.